الذكاء وحده لا يكفي
أنت لست نابغة ، ولم تحصل على تقدير ممتاز عند التخرج ،
ولم يسكن اسمك قط في قائمة الموهوبين دراسياً ..؟؟
لا عليك .. أنا مثلك تماما يا صديقي !! .
وفوق هذا كنت وحتى وقت قريب أرى أن الأذكياء فقط هم السعداء ،
وأنهم لا غيرهم من يحق لهم الارتقاء الوظيفي ،
والحصول على السيارة الفارهة والمسكن الواسع ، والزوجة المخلصة الوفية !!
لكنني وبقليل تأمل وتدبر ، علمت كم كنت واهم مخدوع .
فكم من نابغة ضاع نبوغه أمام ضعف همته ، وكم من عبقري وأدت عبقريته خسة الطموح.
كثر هم الأذكياء الذين تحاصرهم التعاسة ، ويقوضهم الخوف والرهبة .
وكم من متواضع في الذكاء ، لكنه بارع في تواصله مع الناس ،
متميز في إقامة جسور المودة والحب مع الآخرين ،
يمتلك من الإصرار والعزيمة ما يجعله لا يهدأ باله إلا بعد أن يحقق ما يصبو إليه ،
وهؤلاء ـ لا غيرهم ـ هم الناجحون والسعداء حقا .
تأملت في سير الناجحين فوجدتهم مختلفين في القدرات العقلية ،
فهناك النابغة وهناك متواضع الذكاء ،
لكنهم يشتركون جميعا في مجموعة صفات أو عادات لا تتغير
وهي المثابرة والكفاح و العزيمة والإصرار وتنظيم الوقت .
حينها تأكدت أن النجاح ليس انعكاسا للموهية وإنما هو بالالتزام بمنظومة الصفات سالفة الذكر .
وما أكثر الموهوبين الفاشلين ، والأذكياء التعساء ـ على حد قول د. عبدالكريم بكار ـ ،
وتأملوا تروا كيف أن الذكاء لا ينفع من لا يملكون سواه ،
وتأملوا أكثر لتتأكدوا أن قليل من الذكاء مع كثير من الكفاح يساوي الكثير والكثير .
أديسون الذي أضاء العالم يوقظ كل خامل كسول بقوله
( النجاح ليس نتاج موهبة فذة ، إنه إن شئنا الدقة 99% عرق جبين ، و1% موهبة وإبداع ) ،
إن من يظنون أن الومضات الذهنية هي أصل النجاح والتفرد واهمون ،
والذين يُرجعون خيبتهم لتواضع ذكائهم
يلقون بفشلهم على صروف الدهر، ويهربون من العمل والجهد .
أضف إلى ذلك مسألة في غاية الأهمية وهي أن الدرجات التعليمية لم تعد تحدد مستقبل الإنسان ! ،
ففي دراسة قام بها هوارد جاردنر ـ من جامعة هارفارد الأمريكية ـ عارض فيها بشدة
أن يكون معامل الذكاء iq هو المؤشر المعتمد على نبوغ المرء وذكاءه ،
وقال بأن الذكاء الذي نعرفه هو نوع واحد فقط من منظومة أسماها ( الذكاء المتعدد)
والتي تحتوي على أحد عشر نوعاً من الذكاء منها
( البصري ـ الحركي ـ اللفظي ـ الاجتماعي ـ الجسماني .. )
وأكد على أن موزارت الموسيقي العبقري كان ضعيفاً من الناحية الأكاديمية
لكنه كان رائعا من الناحية الفنية ، فهل يمكننا أن ننعته بقلة الذكاء ! .
وفي دراسة جرت في الولايات المتحدة الأمريكية ثبت من خلالها أن الربح والفعالية
لا يتم تحصيلهم فقط من خلال الشهادات العلمية أو التميز الدراسي .
ذكر هذا الأمر بريان تراسي في كتابه ـ getting rich your own way ـ وقال :
لقد ثبت أن الذكاء الاجتماعي ـ وهو القدرة على التواصل الجيد مع الناس ـ هو
أكثر أنواع الذكاء تحقيقا للربح والفاعلية في الولايات المتحدة الأمريكية ،
يأتي بعده الذكاء التجاري ـ وهو القدرة على رؤية الفرص لخلق منتجات أو خدمات يريدها الناس
ويحتاجونها ويمكن أن يتم بيعها مع تحقيق ربح معين ـ
وهذان النوعان من الذكاء لا يمكن قياسهم عبر مختبر أو معامل الذكاء .
هذه الأبعاد والأطروحات الجديدة للذكاء أعطت المجال للمرء أن يفتش جيداً
عن مساحة من التفوق والتميز ، ليس فقط في المجال الدراسي أو العلمي
والذي عشنا ردحاً من الزمن نؤمن أنه فقط هو طريق النجاح ،
وإنما عن طريق طرق أخرى وآفاق جديدة .
لا تقل لست ذكيا ، ولا تتعلل بالشهادة العلمية ، أو المؤهل الدراسي .
فما دمت تمتلك الفكرة ، والعزيمة والإصرار اللا متناهي ، فأنت تمتلك الكثير ...
إشراقه :
الذكاء وحده لا يكفي، فإن إبليس كان ذكيا ولكن شهوته غلبته،
والله لا يقبل امرءا خسيسا مهما كان عقله . (محمد الغزالي)
منقولhg`;hx ,p]i gh d;td
المفضلات