صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12
 
  1. #1
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي تدوين الحديث النبوي الشريف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته


    أضع بين يديكم هذا البحث الذي كتبته حول الشبهات التي أثارها المبطلون حول تدوين الحديث
    تدوين الحديث الشريف على عهد النبي تدوين الحديث النبوي الشريف رسول وصحابته الكرام
    شبهات وردود
    بحث كتبه
    الدكتور محمود عيدان أحمد
    1426 2006
    مقدمة
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين
    وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى من تبعهم بإيمان وإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:
    فإن موضوع تدوين أو كتابة الحديث الشريف على عهد رسول الله تدوين الحديث النبوي الشريف رسول من الموضوعات التي تنوع النقل فيها بين المنع والإباحة عن رسول الله تدوين الحديث النبوي الشريف رسول ، وكان لهذا التنوع في النقل أسبابه ومبرراته ، غير أن هذه الأسباب والمبررات لم تكن بمعزل عن التأثير المباشر على مواقف الصحابة والتابعين من هذه المسألة،وربما وجد من يجد نفسه سعيدا وهو يتصيد في الماء العكر في هذه المواقف المتنوعة فرصة لبث سمومه،وصولا إلى التشكيك في السنة النبوية.

    لذا رأيت من المفيد أن تبسط المسألة على فراش البحث،وأن ننظر بعمق إلى موقف النبي تدوين الحديث النبوي الشريف رسول من مسألة تدوين الحديث ،ثم ننظر في انعكاسات هذا الموقف النبوي الى مواقف الصحابة رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم ، وبعدها ننظر في موقف علماء الأمة من هذه النصوص المتعارضة ، ونختم ذلك ببعض شبهات اولئك المشككين وتفنيدها بالحجة والبرهان ..... ومن الله التوفيق وهو الهادي الى سواء السبيل.

    .. يُتبع

    j],dk hgp]de hgkf,d hgavdt ugn ui] vs,g hggi wgn hggi ugdi ,sgl ,wphfji






  2. #2
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    تعريف التدوين:
    التدوين لغة:مشتق من الديوان وهو مجمع الصحف ، أو الكتاب ، كما جاء في القاموس المحيط.
    والتدوين على وزن تفعيل بمعنى جعل الشيء في الديوان

    أما في الاصطلاح .فالتدوين يتحدد معناه بما أضيف إليه،فتدوين القرآن هو غير تدوين السنة ،وهما غير تدوين العلوم الأخرى . وما يهم في هذه التوطئة هو تدوين القرآن والسنة . فنقول: إن كنا قد حملنا معنى الديوان على ( مجمع الصحف) فالتدوين هو جمع الصحف المكتوبة بعضها الى البعض الآخر ، وهو بهذا المعنى لم يتم في حياة النبي لا بالنسبة الى القرآن ولا بالنسبة الى السنة النبوية المطهرة .وإن كنا حملنا معنى الديوان على ( الكتاب) فالتدوين معناه الكتابة مطلقا ، سواء أجمعت هذه المكتوبات في مصحف واحد أم بقيت مفرقة ،وهو بهذا المعنى قد تم بالنسبة الى القران الكريم في حياة النبي بشكل نهائي لا غبار عليه،قال أبو الحارث المحاسبي (ت 243هـ)في كتاب فهم السنن كما نقله عنه الزركشي في البرهان:"كتابة القرآن لم تكن محدثة فإنه كان يأمر بكتابته ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب "
    وقال الإمام الطبري(ت 310هـ ) ولم يكن القرآن جمع في شيء ، وإن كان في الكرانيف والعسب"





  3. #3
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي



    المطلب الأول
    موقف النبي من التدوين

    لقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم مواقف مختلفة من قضية التدوين بحسب متعلق تلك القضية . فموقفه من تدوين القران يختلف عن موقفه من تدوين السنة بصورة عامة ، ثم إن موقفه من تدوين السنة في العهد الأول لرسالة الإسلام يختلف عن موقفه في السنوات الأخيرة من عمره الشريف ، وهذا التباين يحتم علينا أن نتناول هذا الموقف النبوي بحسب المسألة التي ورد بها الحديث ، وكما يأتي :

    أولا:الموقف النبوي من القرآن الكريم:
    وقف النبي موقفا واضحا وبينا من تدوين القران الكريم ، فلم يكتف بتوجيه عناية المسلمين الى القران الكريم دون السنة النبوية والإذن لهم بالكتابة من خلال الحديث الذي يرويه ابو سعيد ألخدري " لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن " ، بل لم يكتف بالأمر بتقييد القران بالكتابة بقوله من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص " قيدوا العلم بالكتاب" .
    بل إن النبي باشر بنفسه الإشراف على عملية تدوين القران فقد اتخذ جملة ممن يتقنون القراءة والكتابة كتابا للوحي يدونون القرآن عند نزوله بين يدي النبي ؛ اخرج الهيثمي في مجمع الزوائد عن عبدالله بن الزبير أن النبي استكتب عبد الله الأرقم ... واستكتب زيد بن ثابت ... وقد كتب له عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ،وعلي بن أبي طالب ، والمغيرة بن شعبة ، ومعاوية بن أبي سفيان وخالد بن سعيد بن العاص وغيرهم " ، وكان النبي يتعهد هؤلاء الكتاب بالعناية والمتابعة فيحدد لهم المكان الذي يضعون فيه الآيات الجديدة التي دونوها في مجلسه

    أخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف قوله لكتبة الوحي من أصحابه " ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وتنزل عليه الآيات فيقول ضعوا هذا في السورة التي فيها كذا وكذا " .
    وثبت عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قوله : " كنا عند رسول الله نؤلف القران في الرقاع ".

    وفوق ذلك كان النبي يسمع من كتبة الوحي ما دونوه في مجلسه من اجل إصلاح ما يمكن أن يقع من سقط أو خلل ، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه انه قال."كنت اكتب الوحي لرسول الله وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته بحاء شديدة وعرق عرقا شديدا مثل الجمان ن ثم سري عنه ، فكنت اخل عليه بقطعة الكتف أو كسرة فاكتب وهو يملي علي ، فما افرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القران ،حتى أقول لا امشي على رجلي أبدا فإذا فرغت قال اقرأ فاقرأ فان كان به سقط أقامه ثم اخرج به الى الناس " .

    ثانيا: الموقف النبوي من تدوين لسنة:
    اختلف النقل عن النبي في أمر كتابة السنة النبوية ، غير أننا نستطيع بصورة عامة أن نصنف الآثار الواردة عن النبي في هذه المسألة الى طائفتين وهما:
    أولا : الآثار التي تمنع أو تنهى عن تدوين السنة ، وتأمر بمحو ما سبق تدوينه.
    ثانيا: الآثار التي تبيح تدوين الحديث ، أو تدعو الى تدوينه.
    وسنعرض فيما يأتي من بحثنا الى ذكر طرف من هذه الآثار بقسميها محاولين الجمع بين هذه النصوص

    ومستعرضين لأبرز أقوال العلماء في ذلك وبالله التوفيق.





  4. #4
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    المطلب الثاني
    أولا :الآثار الدالة على منع كتابة الحديث
    • عن أبي سعيد ألخدري رضي الله عنه أن رسول الله قال : " لا تكتبوا عني ،ومن كتب عني غير القرآن فليمحه،وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" .
    • وعن أبي سعيد ألخدري أيضا قال : " جهدنا بالنبي أن يأذن لنا بالكتاب فأبى" .

    • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " خرج علينا رسول الله ونحن نكتب الأحاديث ، فقال : ما هذا الذي تكتبون؟ فقلنا أحاديث نسمعها منك ، فقال كتاب غير كتاب الله ؟أتدرون ما ضل الأمم قبلكم إلا بما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله تعالى" .
    • عن عبد الله بن حنطب قال : " دخل زيد بن ثابت على معاوية ، فسأله عن حديث فأمر أنسانا أن يكتبه ، فقال له زيد إن رسول الله أمرنا أن لا نكتب شيئا فمحاه " .
    • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " بلغ رسول الله أن أناسا قد كتبوا حديثه ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما هذه الكتب التي بلغني إنكم تكتبون ؟إنما أنا بشر من كان عنده منها شيء فليأت به ،فجمعناها فاحرقت فقلنا يارسول الله نتحدث عنك ؟ قال : تحدثوا ولا حرج ، ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".

    • واخرج الدارمي في سننه عن يحيى بن جــعدة قــال : " أتي النبي بكتف فيه كتاب ، فقال كفا بقوم ضلالا أن يرغبوا عما جاء به نبيهم الى ما جاء به غير نبيهم ، أو كتاب غير كتاب ربهم ، فانزل الله تعالى (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت:51) .

    لا بد من الإشارة الى أن هذا الحديث الذي ساقه الدرامي ضمن الأحاديث التي ساقها للدلالة على عدم جواز كتابة الحديث الشريف ليس فيه دلالة على ذلك ، وإنما الدلالة الواضحة في الحديث أن النبي أتي بما ليس من سنته ولا مما نزل عليه من القران ، بل مما كتبه بنو إسرائيل سواء كان من التوراة أو الإنجيل ،أو مما كتب علماؤهم ، بدلالة قوله " كفى بقوم ضلالا أن يرغبوا عما جاء به نبيهم " وهو كتاب الله وسنة نبيه ، وفي قوله " أو كتاب غير كتاب ربهم " إشارة الى التحريف الذي لحق كتب بني إسرائيل أو الى ما نقل عن علماء بني إسرائيل.

    لعل هذه الأحاديث التي أوردناها هي ابرز ما يذكر في هذا الباب ، وان كان هناك أحاديث أخرى في نفس المعنى ، أعرضنا عن ذكرها لسببين:
    الأول:أن القسم الأكبر منها يكاد يتطابق مع ما ذكرناه لفظا ومعنى، وإن اختلف طريق وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    الثاني : إن بعضا منها لا يسلم أمام النقد العلمي مما يؤدي الى الحكم بضعفها الأمر الذي يجعلنا في غنى عنها لثبوت أصل المسألة بالأحاديث التي ذكرناها .

    لكن يجب أن نعرف مسألة مهمة بعد هذه الأحاديث التي أوردناها ؛ هي انه لا مجال لرد هذه الأحاديث ، فان كان بالمكان أن نتكلم في الأثر الخامس المروي عن أبي هريرة بأنه مما انفرد بإخراجه الخطيب البغدادي في تقييد العلم ، ولم يشاركه احد فيه ، فان غيره من الأحاديث التي أوردناها ثابتة عن النبي لا مجال للطعن فيها .


    ثانيا : الآثار الدالة على إباحة الكتابة
    مثلما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث التي تدل صراحة على عدم الإذن في كتابة الحديث فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم من الأحاديث والنصوص التي مفادها الإذن بكتابة الحديث ما لا يمكن ردها هي الأخرى ، وسنستعرض فيما يأتي ابرز الأحاديث الدالة على ذلك :

    • عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: " كنت اكتب كل شيء اسمعه من رسول الله ، أريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا : تكتب كل شيء سمعته من رسول الله ورسول الله بشر يتكلم بالغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب ، فذكرت ذلك لرسول الله ، فأومأ بإصبعه الى فيه ، وقال:اكتب فوالذي نفسي بيده لا يخرج منه إلا الحق ".

    • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما فتح الله على رسوله ....وذكر في الحديث أن رجلا من أهل اليمن طلب من النبي أن يكتبوا له خطبة النبي في ذلك اليوم ، فاستأذنوا النبي في ذلك فقال : " اكتبوا لأبي شاه " .
    • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إن أنصاريا شكا الى النبي قلة حفظه فقال له النبي :"استعن بيمينك"
    • عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " قيدوا العلم بالكتاب " .

    • عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال قلت لرسول الله : إنا نسمع منك أشياء افنكتبها ؟ قال : " اكتبوا ولا حرج " .
    • عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال في مرضه الذي توفي فيه : "
    • ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا" .
    • ما ثبت من كتابة النبي الصدقات والديات والسنن لعمرو بن حزم رضي الله عنه .
    • عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : بينما نحن جلوس حول رسول الله نكتب إذ سئل رسول الله أي المدينتين تفتح أولا قسطنطينية أو رومية ؟ قال : " لا بل مدينة هرقل أولا" .
    • وعنه رضي الله عنه أنه أتى رسول الله ، فقال يا رسول الله إني أريد أن اروي من حديثك ، فأردت أن استعين بكتاب يدي مع قلبي إن رأيت ذلك ؟ فقال رسول الله : " إن كان حديثي ثم استعن بيدك مع قلبك " .


    فهذه ابرز الأحاديث التي وردت عن النبي في الإذن في الكتابة ،وسنعرض لأقوال العلماء في توجيه التعارض الذي يبدو بين هذه الأحاديث وتلك التي نقلناها في المطلب السابق وبالله التوفيق .


    ثالثا : موقف العلماء من أحاديث المنع والإباحة :
    بعد أن رأينا أن الأحاديث المنقولة عن النبي مختلفة وتبدو متعارضة في مسألة السماح في تدوين الحديث النبوي أو عدم ذلك ،كان لابد للعلماء من توجيه يجمعون به بين هذه الأحاديث ،خاصة إذا علمنا أن لا سبيل لترجيح كفة على أخرى من حيث الثبوت ، فكما أن أحاديث المنع عن الكتابة بمجموعها صحيحة وثابتة عن النبي ولا سبيل لردها ، كذلك لا سبيل للكلام في ثبوت الأحاديث التي تأذن في الكتابة ،لذا تعين البحث في الجمع بين هذه الأحاديث خارج دائرة ترجيح إحدى الكفتين على الأخرى ، لذا تعددت تخريجات العلماء لدفع هذا التعارض ، وهذا ما سنحاول التعرض له في الصفحات القادمة إن شاء الله .

    • ذهب كثير من العلماء الى أن النهي الوارد عن النبي إنا كان في بداية الدعوة الإسلامية كي لا يختلط الحديث بكتاب الله تعالى ، فلما زال هذا الاحتمال وامن اللبس أذن لهم النبي بالكتابة من دون حمل ذلك على النسخ ولا تصريح به ؛ يقول الإمام ابو سعيد السمعاني في أدب الإملاء والاستملاء بهذا الخصوص : " إن كراهة تدوين الحديث ، إنما كانت في الابتداء ، كي لا تختلط بكتاب الله ،فلما وقع الأمن عن الاختلاط جاز كتابته " .
    وممن ذهب الى هذا الرأي الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم فقال : " وقيل كان النهي أولا لما خيف اختلاطه بالقران ،والإذن بعده لما امن من ذلك " .

    ونقل صاحب عون المعبود عن الخطابي قوله في توجيه المسألة : " أن يكون النهي متقدما ، وآخر الأمرين الإباحة " .


    • ومن العلماء من صرح أن أحاديث الإباحة ناسخة لأحاديث المنع ، حكي ذلك ابن حجر في الفتح فقال: " أو أن النهي متقدم والاذن ناسخ له" . وقال السيوطي في الديباج:" هذا منسوخ بالأحاديث الواردة في الإذن بالكتابة ، وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن ، فلما امن ذلك إذن فيه" .

    • بينما ذهب فريق آخر من العلماء الى أن النهي خاص والإذن عام ؛ " والنهي متعلق بمن يخشى منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ ، والإذن لمن أذن منه ذلك " . قال السمعاني في هذا الخصوص : " وكانوا يكرهون الكتاب أيضا لكي لا يعتمد العالم على الكتاب بل يحفظه" . وقال النووي رحمه الله : " كان النهي لمن خيف اتكاله على الكتاب وتفريطه في الحفظ ،مع تمكنه منه والإذن لمن لا يتمكن من الحفظ" .

    • وذهب فريق خامس من العلماء الى أن النهي متوجه الى منع الجمع بين القران والسنة في صحيفة واحدة ، والإذن وارد في التفريق بينهما ؛ حكا هذا القول الإمام ابن حجر في الفتح فقال: " النهي خاص بكتابة غير القرآن مع القران في شيء واحد والإذن في تفريقهما" . وقال السيوطي :" وقيل النهي مخصوص بكتابة الحديث مع القران في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ" . ونقل الشيخ عبد العظيم آبادي في شرحه لسنن أبي داود عن الشيخ علي القارئ ما يؤيد هذا المعنى بقوله: " فأما أن يكون نفس الكتاب محظورا فلا وقد أمر الرسول أمته بالتبليغ وقال:"ليبلغ الشاهد الغائب" . فان لم يقيدوا ما يبلغونه تعذر التبليغ ، ولم يؤمن ذهاب العلم ، وان يسقط أكثر الحديث ،فلا يبلغ آخر القرون من الأمة ...فدل ذلك على جواز كتابة الحديث والله اعلم " ، ويشهد لهذا الرأي ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من الصحابة من الأمر بتجريد المصاحف وعدم إدخال شيء عليها ؛ يقول الإمام الزيلعي: " عن ابن مسعود أنه قال "جردوا القرآن"ويروى" جردوا المصاحف" قلت :رواه ابن أبي شيبة في مصنفه في الصلاة ، وفي فضائل القران ،...وفي مصنف عبد الرزاق "جردوا القران لا تلحقوا به ما ليس منه" .


    • وذهب بعض العلماء الى أن حديث أبي سعيد ألخدري لا يصح رفعه الى رسول الله وإنما يصح موقوفا على أبي سعيد ألخدري وهو لاشك ابرز الأحاديث في المسألة المطروحة وبالتالي فالحديث الموقوف لا يقوى على معارضة الأحاديث التي ثبت رفعها الى رسول الله فيكون الحكم لأحاديث الإذن وليس لأحاديث المنع ؛ ذكر هذا الرأي الإمام ابن حجر وعزاه الى الإمام البخاري فقال:" ومنهم من أعل حديث أبي سعيد وصحح وقفه عليه، قاله البخاري وغيره" .

    ومنهم من قال إن النهي مختص بزمن نزول الوحي والتخصيص في الكتاب يدخل مرحلة الإذن بعد انقطاع الوحي ،حكا هذا القول الإمام ابن حجر والمباركفوري ، وهو بعيد لأن تخصيص النصوص لا يملكها احد بعد رسول الله والله اعلم





  5. #5
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    المطلب الثالث
    موقف الصحابة رضي الله عنهم من التدوين:
    اختلف الصحابة رضي الله عنهم في موقفهم من التدوين الى مجيز ومانع ، وقد أنبنى موقفهم هذا على الاختلاف الوارد في النقل في هذه المسألة عن النبي ، بل إن الإختلاف في المواقف من هذه المسألة وصل الى الصحابي الواحد، فكم من الصحابة المبرزين نقل عنهم ما يدل على إباحة التدوين ، ونقل عنهم أنفسهم ما يفيد النهي عن التدوين ، كما سنرى في الصفحات القادمة ، فما سبب هذا التنوع في المواقف ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه بعد أن نستعرض طائفة من الآثار الدالة على حضر التدوين ثم طائفة من الآثار الدالة على منع التدوين ،ونرى بعد ذلك لمن تكون كفة الترجيح؟.

    أولا : الآثار المنقولة عن الصحابة رضي الله عنهم في كراهة التدوين
    نقلت عن الصحابة رضي الله عنهم مجموعة من الآثار تدل على كراهتهم لتدوين حديث الرسول منها:
    • عن أبي نضرة قال قلت لأبي سعيد:" ألا تكتبنا فانا لا نحفظ فقال:لا إنا لن نكتبكم ،ولن نجعله قرآنا ،ولكن أحفظوا عنا كما حفظــنا نحــــن عن رسول الله : .

    • عن القاسم بن محمد قال قالت عائشة :جمع أبي الحديث عن رسول اله ،فكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلة يتقلب كثيرا ،قالت فغمني ،فقلت:تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك ؟ ،فلما أصبح قال أي بنية :هلمي الاحاديث التي عندك،فدعا بنار فاحرقها فقال خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن قد حدثني ، فأكون قد تقلدت ذلك" .

    • عن عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يكتب السنن فاستشار أصحاب رسول الله ،فأشاروا عليه أن يكتبها فطفق يتخير الله فيها شهرا ، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له فقال :"إني كنت أريد أن اكتب السنن ،واني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا ، فاكبوا عليها ،وتركوا كتاب الله ، واني والله لا البس شيئا بكتاب الله أبدا" .
    • عن جابر بن عبد الله بن يسار قال سمعت عليا يقول:"اعزم على كل من كان عنده كتاب الا رجع فمحاه ، فإنما هلك الناس حيث يتبعون أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم " .
    • عن الاوزاعي قال سمعت أبا كثير يقول سمعت أبا هريرة يقول : "لا يكتب ولا يكتب " .
    • عن أبي بردة انه كان يكتب حديث أبيه فرآه ابو موسى( يعني الأشعري) فمحاه" .

    • واخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق ثلاثة أحاديث عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري تصرح بموقفه الرافض للتدوين نكتفي بذكر واحد منها: " عن أبي بردة كنت آتي أبي فكلما حدث بحديث عن النبي فكتبته ، فقمت فقال لي : أتكتب كل ما احدث به ؟ فقلت نعم ، فقال اذهب واتني بكتابك ،فجئته به فدعا بطست فغسل ما فيها " .

    • عن حصين بن مرة الهمداني قال جاء ابو مرة الكندي بكتاب من الشام فدفعه الى عبد الله بن مسعود ، فنظر فيه ، فدعا بطست ، ثم دعا بماء فمرسه فيه وقال : إنما هلك من كان قبلكم بإتباعهم الكتب وتركهم كتاب ربهم" .

    • عن ابراهيم التيمي قال :بلغ ابن مسعود أن عند ناس كتابا يعجبون به فلم يزل بهم حتى أتوه به فمحاه ثم قال: "انما هلك أهل الكتاب قبلكم أنهم اقبلوا على كتب علمائهم وتركوا كتاب ربهم " .

    • عن سعيد بن أبي الحسن قال : لم يكن احد من أصحاب رسول الله أكثر حديثا عنه من أبي هريرة رضي الله عنه ،وان مروان بعثه على المدينة ،وأراد حديثه،فقال ارو كما روينا ،فلما أبى عليه تغفله فاقعد له كاتبا ،فجعل ابو هريرة يحدث ويكتب الكاتب حتى استفرغ حديثه اجمع فقال مروان :تعلم أنا قد كتبنا حديثك اجمع؟ قال :أوقد فعلتم ؟ وان تعطني تمحه قال فمحاه" .


    ثانيا : الآثار المنقولة عن الصحابة رضي الله عنهم في إباحة التدوين
    مثلما نقل عن الصحابة رضي اله عنهم من الآثار التي لا يمكن الطعن في ثبوتها بخصوص كراهتهم لتدوين الحديث ، فقد نقل عنهم مثل ذلك من النصوص التي تبيح التدوين وهي من الكثرة والقوة الى الحد الذي لا يسمح بالحديث حول ثبوتها أو عدمه، فمن تلك الآثار:

    • ماروي عن انس بن مالك من أن أبا بكر رضي الله عنه كتب لهم( أي انس وقومه) ان هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله التي أمر الله عز وجل بها رسول الله فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها،ومن سئل فوق ذلك فلا يعطه ".
    • عن عاصم الأحول عن أبي عثمان قال : جاءنا كتاب عمر بن الخطاب ونحن بأذربيجان :"يا عتبة بن فرقد إياكم والتنعم وزى أهل الشرك ولبوس الحرير ،فان رسول الله نهانا عن لبوس الحرير وقال :إلا هكذا ورفع لنا رسول الله إصبعيه " .
    • عن عمرو بن سفيان انه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول :"قيدوا العلم بالكتاب " .

    • عن إبراهيم التميمي عن أبيه قال :خطبنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:"من زعم إن عندنا شيئا نقرأه غير كتاب الله ، وهذه الصحيفة ، قال وصحيفة معلقة في قراب سيفه ،فقد كذب ،فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات ،وفيها قال النبي المدينة حرم ما بين عير الى ثور ،فمن احدث فيها حدثا أو آوى محدثا ،فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا" .

    • عن ربيعة قال:اخبرني ابن لسعد بن عبادة قال : وجدنا في كتاب سعد إن النبي قضى باليمين والشاهد" .
    • عن انس بن مالك قال حدثني محمود بن ربيع عن عتبان بن مالك قال قدمت المدينة فلقيت عتبان فقلت حديث بلغني عنك ، قال أصابني في بصري بعض الشيء فبعثت الى رسول الله إني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي فاتخذه مصلى قال فأتى النبي ومن شاء الله من أصحابه فدخل وهو يصلي في منزلي وأصحابه يتحدثون بينهم ثم اسندوا عظم ذلك وكبره الى مالك بن دخشم قالوا ودوا انه دعا عليه فهلك ودوا انه أصابه شر، فقضى رسول الله الصلاة ،وقال :أليس يشهد أن لا اله إلا الله ،واني رسول الله ؟ قالوا انه يقول ذلك وما هو في قلبه ،قال: لا يشهد احد أن لا اله إلا الله واني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه ،قال انس فأعجبني هذا الحديث فقلت لابني اكتبه فكتبه" .

    وإذا أنعمنا النظر في الروايات التي أوردنا فيما سبق يظهر لنا ما يأتي :

    أولا: إن كثيرا ممن ورد عنهم النهي عن التدوين روي عنهم أنفسهم الإذن بكتابة الحديث ، كابي بكر وعمر وعلي وأبي هريرة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبي موسى الأشعري ، رضي الله عنهم جميعا، كما يبدو ذلك واضحا من الروايات التي نقلناها .

    ثانيا: إن الجمع بين هذه المنقولات المختلفة يجب أن يكون خارج منطقة القول بنسخ أحاديث الإذن لأحاديث المنع ، لان القول بالنسخ يصادر حق العودة الى القول بكراهة الكتابة بعد وفاته إذ لم يقل احد من العلماء إن لأي مسلم حق النسخ أو العودة الى المنسوخ سوى رسول الله .

    ثالثا : إن حمل هذا الاختلاف في الموقف من التدوين على تغير العلم الحاصل لدى كل صحابي بمعنى أنهم تبنوا المنع لجهلهم بأحاديث الإذن ثم تبنوا الإذن لما علموا بترخيص النبي أقول إن هذا بعيد لأنه لم يقم لواحد أو اثنين من الصحابة لنقول بإمكانية حمله على ذلك ،وإنما وقع هذا الأمر لأكثر الصحابة الذين عرف لهم موقف من التدوين فما هو السبب الحقيقي وراء هذا التنوع في المواقف من هذه المسألة ؟ .

    رابعا: إن السبب الذي نراه راجحا وراء هذا التنوع يمكن إجماله فيما يأتي :
    1. إن الصحابة رضي الله عنهم لم يحملوا النهي الوارد عن النبي على الحرمة، إذ لو كان هذا ماثلا في أذهانهم لما تجرأ احد من الصحابة الى تدوين شيء من الحديث أو الإذن فيه، وهم من هم في إتباعهم للنبي وإنما حملوا ذلك على الكراهة ، أو التخصيص .
    2. كذلك لم يحمل الصحابة تلك النصوص النبوية على النسخ ، لاستمرار القول بكراهة التدوين عند كثير من الصحابة بعد وفاته ،ومعلوم أن التمسك بالحكم المنسوخ يتنافى مع منهج الاقتداء المطلق برسول الله .
    3. إن الصحابة فهموا أن كراهة التدوين مرتبطة بعلة وهدف ؛ أما العلة فهي خشية اختلاطها بالقران ، وأما الهدف فهو المحافظة على توقد الذهن وسعة الحفظ ، فإذا زالت العلة وامن الاختلاط جاز القول بالتدوين ، بالقدر الذي لا يكون سببا في الاتكال على الكتاب دون الحفظ ، فأن جعل الكتاب وسيلة للحفظ وليس بديلا عنه قالوا به وإلا فلا ، يشهد لنا قول ابن عون " رأيت حمادا يكتب بين يدي ابراهيم ( النخعي) فقال له ابراهيم الم أنهك؟ قال : إنما هي إطراف" . فكتابة






  6. #6
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    المطلب الرابع

    الشبهات التي أثيرت حول تدوين الحديث ومناقشتها:


    لقد اثار المبطلون كثيرا من الشبهات حول مسألة تدوين الحديث على عهد رسول الله وصحابته الكرام رضي الله عنهم ، وقد جاءت هذه الشبهات في كثير من الأحيان تحمل عوارها بيدها وتدل على بطلانها بنفسها فكفتنا مئونة تفنيدها والرد عليها، وجاء بعضها الاخر وقد البس ثوب الحق من اجل تمريره على بسطاء الناس ، فرأيت لزاما أن نستعرض هذه الشبهات ونحاكمها أمام المنطق والعقل السوي ، وستكون طريقة عرضها اعتمادا على من تبناها وروج لها :






  7. #7
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي




    أولا شبهات الشيخ علي الكوراني والرد عليها:
    أثار الشيخ علي الكوراني جملة من الشبهات حول تدوين الحديث ، وموقف الصحابة رضي الله عنهم من ذلك في كتابه تدوين القران ، وسنكتفي بذكر ابرز هذه الشبهات فيما يأتي :

    1. الشبهة الأولى: حمل الكوراني في هذه الشبهة الأحاديث الواردة عن النبي في الإذن والمنع من الكتابة على التناقض متناسيا كل ما يمكن أن يعتمد عليه من الوسائل المعتبرة في الجمع بين النصوص المتعارضة ، وهو إنما حملها على التناقض من اجل الوصول الى مسالة خطيرة جدا لها مساس مباشر بعقيدة المسلمين، لان القول بالتناقض لا يخرج عن واحد من احتمالين : الأول: صحة الرواية بطرفيها عن النبي وهي متناقضة وهو لازم للكفر والعياذ بالله لان فيها اتهاما للنبي بالتناقض في التبليغ عن الله.

    والثاني: عدم صحة احد إطرافها وهو لازم لاتهام رواتها بالكذب ، وهو ما يريد الكوراني أن يسوق القارئ إليه بصورة غير مباشرة،فاستمع إليه وهو يقول :"وقد عقد (أي الهيثمي )في مجمع الزوائد بابا باسم" باب كتابة العلم " وروى فيه روايات متناقضة في تحريم التدوين ، وفي الحث علي التدوين" .


    2. الشبهة الثانية :
    محاولة خلط مفهوم التثبت بمفهوم المنع من انتشار السنة: بنا الكوراني هذه الشبهة على جملة من الأحاديث ساقها عن النبي كحديث " ليحدث الحاضر منكم الغائب" وحديث" نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني ، فرب حامل فقه غير فقيه ،ورب حامل فقه الى من هو افقه منه " . فقال بعد أن أورد هذه الأحاديث وأمثالها :" من المعلوم لمن عرف أسلوب النبي ولمح مقاصده الشريفة ،أن هدفه ..أن تصل أحاديثه وما أوحاه الله إليه الى أوسع نطاق ، الى الأمة والعالم ،وان يحفظ العلماء والطلبة هذه الأحاديث ويلقوها على الناس ،ويشرحوها ، سواء كان ذلك بتحفيظها أو تكتيبها أو تدوينها.. فهل ينسجم ذلك مع سياسة تغييب السنة ومنع تدوين الحديث والعقوبة عليهما " . والكوراني إن كان هنا يعرض بما نقل عن سيدنا عمر من كراهة التدوين ، فانه منقول كذلك عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما أثبتنا ذلك في الصفحات السابقة . وان كان يعرض بذلك عما روي عنه من استشهاده على من يحدثه بحديث الرسول الله بمن يشاركه في تلك الرواية عنه فان ذلك محمول على تثبته وحرصه على الأمانة في نقل السنة المطهرة، ويكفي للرد على الكوراني إن أهل السنة المتهمين عنده بالسعي من اجل منع انتشار سنة النبي هم أنفسهم الذين رووا تلك الأحاديث التي تحث على التبليغ عن النبي ولو أرادوا أن يكتموا شيئا من حديثه لكانت هذه الأحاديث أولى بالكتمان من غيرها لأنها تتقاطع مع منهجهم ألتكتمي ولأنها ستكون حجة في فم مخالفيهم.





  8. #8
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    3. الشبهة الثالثة:
    ادعاء الانتقائية في التدوين والرواية:يقول الشيخ علي الكوراني متحدثا عن النتائج التي برزت على الساحة الإسلامية من جراء السياسة العمرية المزعومة من منع التدوين والتحديث عن النبي :"وكانت النتيجة أن روايات السنة التي ارتضتها السلطة ، استثنيت من المنع ،وأخذت طريقها الى الرواية ، ثم الى التدوين ...وكانت النتيجة أن سنة النبي صارت سنتين ، سنة مسموحة متبناة من الدولة ،وترويجها في جماهير الأمة وعوامها...وسنة ممنوعة ترويها المعارضة على خوف ووجل وتكذيب ومطاردة" . ولست ادري أية سنة هذه التي ترويها المعارضة ؟هل هي الأحاديث الواردة في فضل علي رضي الله عنه وأهل بيته ؟ إن كان يقصد ذلك ،فلست ادري أين يذهب الكوراني بالأحاديث التي رواها أهل السنة بخصوص ذلك، ولو كلف نفسه الشيخ مئونة النظر في باب فضائل علي رضي الله عنه في كتاب فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل فقط لوجد أن كلامه عار عن الصحة ، وان أهل السنة نقلوا من الأحاديث في فضل علي وأهل بيته ما لم يرووه في حق أي صحابي آخر.

    الشبهة الثالثة :
    ثم تحدث الكوراني محاولا إثارة شبهة أخرى مستعينا في تحقيق ذلك بالتدليس وخلط المفاهيم على بسطاء الناس محاولا أن يصور إن تدوين الحديث إذن فيه بعد مئة سنة بشرط اقتران الأحاديث المروية عن رسول الله بما روي عن عمر رضي الله عنه فيقول:"وكانت النتيجة أن دولة عثمان وبني أمية بعد قرارات عمر وسياسته في منع الحديث والعقوبة عليه الى نهاية القرن الأول ...ثم أجازت تدوين الحديث المسموح به فقط للمسموح لهم فقط ،وبشرط أن تدون أحاديث النبي وأحاديث عمر رضي الله عنه " .

    فهو هنا يلمح بكتاب عمر بن عبد العزيز الى أبي بكر بن محمد عمرو بن حزم واليه على المدينة بخصوص تدوين الحديث ،وسننقل الرواية من كتب الامامية أنفسهم ثم نرى كيف حاول الكوراني تحريف النص ثم تحميله ما لم يحتمل ،يقول الميرزا ألنوري في مستدرك الوسائل :"فقد كتب الى عامله على المدينة لأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يأمره :إن انظر ما كان من حديث رسول الله ،أو سنة ماضية ، أو حديث عمرة ،فاكتبه،فاني قد خفت دروس العلم وذهاب أهله" .
    فهو قد حرف لفظة (حديث عمرة ) بعبارة ( حديث عمر) من اجل التلبيس على الناس وسياقاتهم الى قناعات وتصورات بعيدة عن الواقع.





  9. #9
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    4. الشبهة الرابعة:
    ادعاء الانتقائية في الرواة المسموح لهم بالرواية:
    ومن الشبه التي أثارها الكوراني حول مسألة تدوين الحديث وروايته ،ادعاءه أن الدولة الاسلامية أذنت لعدد قليل جدا من الرواة برواية الحديث وتدوينه ،ومنعت جماهير الصحابة عن ذلك فقال:"وكانت النتيجة أن كعب الأحبار وجماعته، وتميما الداري وجماعته،صدرت لهم إجازة رسمية بان يحدثوا الناس في مسجد النبي ومساجد بلاد المسلمين بأحاديث اليهود والنصارى ... بينما أمثال علي باب مدينة العلم ،وأبو ذر اصدق من عليها ،وحذيفة بن اليمان ،أمين سر رسول الله وصاحب سره ممنوعون من الرواية " .


    ولا ادري حقيقة الى أي درجة يؤمن الكوراني نفسه بهذا الكلام ؟ وهو يعلم أن ما أخرجه اهل السنة عن حذيفة بن اليمان أكثر مما أخرجه عنه الشيعة الأمامية إذا ما استثنينا الأحاديث المختلقة التي الصقها به الوضاعون من الرافضة، ولا ادري بعد ذلك عن ماهية تلك الإجازة الرسمية التي صدرت من الدولة الاسلامية للترويج لعقائد اليهود والنصارى ؟ إن هذا اتهام مباشر وخطير للأمة الاسلامية ممثلة بخلفائها وعلمائها بالنكوص عن الدين والانحدار الى هاوية الردة لان الذي يمنع حديث رسول الله ويسمح بحديث اليهود والنصارى لا يبقى من إسلامه شيء، ثم إن كان كلامه هذا صحيحا فمن الذي روى هذا الكم الهائل من أحاديث المصطفى وهم ممنوعون من الرواية.


    والشيخ الكوراني في سبيل الوصول الى ما يريد لا ما نع لديه من ركوب الصعب والسهل على حد سواء،فهو لكي يظهر عليا رضي الله عن بمظهر الحريص على نقل السنة - وهو كذلك بلا شك – يسوق من الأحاديث ما لا تقوم به الحجة ، غاضا نظره عما قال العلماء عن ذلك الحديث مع علمه بذلك ، فاستمع إليه وهو يقول :"وقف على عليه السلام ضد سياسة منع الحديث ،وكان يأمر من يطيعه بالتحديث والتدوين ،ويروي لهم أحاديث النبي بالتحديث عنه وتدوين حديثه الشريف ...روي في كنز العمال ج1 /262 ( عن علي قال : قال رسول الله اكتبوا هذا العلم فأنكم تنتفعون به إما في دنياكم وإما في آخرتكم وان العلم لا يضيع صاحبه " . وحذف الشيخ الكوراني أو غض نظره عن تعقيب المحقق على هذا الحديث مباشرة في نفس الطبعة التي اعتمد عليها الشيخ وهو قوله" وفيه محمد بن محمد بن علي بن الأشعث كذبوه" ، فالشيخ يبيح لنفسه أن ينقل من الأحاديث ما حكم العلماء عليه بالسقوط لا لشيء إلا لان هذا الحديث متفق مع القناعات التي يؤمن بها أو يريد إيصال الناس إليها، وإلا فان عليا رضي الله عن قد نقل عنه ما يخالف هذا الموقف تماما وهو الدعوة الى عدم التدوين حال غيره من كبار الصحابة في هذه المسألة .

    بل إن الشهيد الثاني وهو من علماء الشيعة المبرزين في علم الحديث ، كلامه مناقض لما رواه الكوراني فيقول:" إن تدوين الحديث لم يكن شائعا بين المحدثين الشيعة ،فلم تصلنا عن ابن عباس مثلا رغم كثرة رواياته إلا ما جمعه الفيروز آ بادي من رواياته في التفسير والتأويل، وظاهرة التدوين ظهرت أيام الإمام الباقر عليه السلام ،ونمت أيام الإمام الصادق عليه السلام " . فأين هذا الكلام من مقتضى تلك الرواية التي ساقها الشيخ الكوراني والتي اتهم رواتها بالكذب





  10. #10
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    ثانيا: من شبهات عبد الحسين شرف الدين الموسوي
    لقد حظي سيدنا عمر بن الخطاب بالحظ الأوفر من الطعون من قبل متطرفي الشيعة والنيل منه ، فأصبح كل ما يبدر عنه موضع تهمة ونقد كبير،حتى لكأنه الصحابي الوحيد الذي روي عنه المنع من التدوين في فترة من فترات حياته تمشيا مع المصلحة الراجحة في ذلك الوقت. متناسين كل ما روي عنه من جواز التدوين ،الأمر الذي يجعل أصابع الاتهام تتجه إليهم بالازدواجية في الرؤية وعدم الموضوعية في تناول المسائل المطروحة.


    ومن هؤلاء الذين أسرفوا على أنفسهم في حق خليفة المسلمين وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ،الشيخ عبد الحسين شرف الدين الموسوي فاستمع إليه وهو يتحدث عن عمر رضي الله عنه :"والأخبار متواترة في منعه الناس من تدوين العلم ، وردعه إياهم عن جمع السنن والآثار ،وربما حظر عليهم الحديث عن رسول الله مطلقا، وحبس أعلامهم في المدينة الطيبة لكي لا يذيعوا الأحاديث في الآفاق" .


    ولا يخفى على كل ذي عقل حصيف أن عمر بن الخطاب لم يبق كبار الصحابة في المدينة إلا لما في اجتماعهم فيها من خير عظيم يعود نفعه للأمة ،فلطالما جمع عمر رضي الله عنه الصحبة وهو يستشيرهم فيم يحزب من الأمور ، أو يسألهم إن كان عندهم علم عن النبي في مسألة بعينها.


    إما بالنسبة لادعاء الموسوي من أن عمر رضي الله عنه كان يمنع الصحابة من الحديث عن رسول الله فقد كفانا هو مئونة الرد عليه في نفس الكتاب الذي يتهم به عمر بذلك فقد جاء فيه ما يأتي :"عن عبد الرحمن بن عوف قال ما مات رسول الله حتى بعث الى أصحاب رسول الله فجمعهم من الآفاق :عبد الله بن حذيفة وأبي الدرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر ، فقال ما هذه الأحاديث التي افشيتم عن رسول الله قالوا: أتنهانا ؟ قال: لا أقيموا عندي ولا تفارقوني ما عشت" .


    ثالثا : شبهة السيد حسين الصدر ومن وافقه
    "ادعاء وقوع التحريف بسبب تطاول الأمد قبل التدوين"
    يرى الشيخ حسين الصدر ، والسيخ علي السيستاني إن نقطة الضعف الكبيرة التي لحقت بالحديث الشريف عند أهل السنة ،هي تأخر التدوين الرسمي للحديث الى نهاية القرن الأول بمعنى بقاء مدة الرواية الشفوية مئة عام ،وهذا في نظرهم علة تامة في وقوع التحريف المتعمد وغير المتعمد،يقول السيد علي السيستاني:"إن تدوين الحديث عند العامة قد تأخر عن عصر صاحب الرسالة بما يزيد على مئة عام،مما استتبع ذلك اتكاء رواياتهم على الحفظ في نقل الروايات،ومعلوم أن ذلك يفضي الى حالات كثيرة من إهمال خصوصيات الكلام،لان ذاكرة الرواة غير المعصومين لا تستوعب عادة جميع خصوصيات الرواية ، وملابساتها،وهذه العلة لا توجد في رواياتنا ،بالشكل الذي يوجد في روايات العامة ، لان رواياتنا متلقاة عن أئمة أهل البيت" .


    وكذلك يرى السيد حسين الصدر في كتابه نهاية الدراية،فيقول:"فمن منعهما(أي ابو بكر وعمر رضي الله عنهما)تدوين الحديث ،ومنعهما الإكثار من التحديث بالسنة ،اضر بهذا التراث المقدس ،واحدث فيه الثغرات العميقة ،وعرضه للتحريف المقصود وغير المقصود ،لان الاعتماد على حافظة الإنسان فقط دون تدوين ،مع ضخامة هذا التراث وانتشاره مظنة لحصول مثل ذلك ،ثم إن هناك حقائق تكوينية لا يمكن إنكارها ، كتعرض الإنسان لضعف ملكة الحفظ والنسيان كلما تقدم به العمر، أو تعرض لضعف التركيز لقساوة الظروف المعاشة ،أو لظروف الحرب الطويلة والمستمرة ،إضافة الى وفاة الرجال ،مما يعرض جمل من الأحاديث الى الانقراض ،لا سيما التي تفردوا بروايتها..وقد أكدت الإخبار والنصوص التاريخية حصول مثل ذلك وصدوره حتى من كبار الصحابة" .


    وهذا الكلام غير مسلم به لأمور منها:
    • إن هذه الشبهة ليست من بنات أفكارهم وإنما أثارها وروج لها قدماء المستشرقين في ظل حملاتهم المتواصلة في حربهم على الإسلام؛ ففي بحث للأستاذ احمد محمد بوقرين الأستاذ في قسم أصول الدين في الجامعة الأمريكية المفتوحة بخصوص شبهات المستشرقين حول السنة النبوية يقول:" من الشبهات التي ادعاها بعض غلاة المستشرقين من قديم،وقام بناؤها على وهم فاسد ،هي إن الحديث بقي مائتي سنة غير مكتوب ،ثم بعد هذه المدة الطويلة قرر المحدثون جمع الحديث،وقد ردد عدد من المستشرقين هذه الشبهة منهم:جولدزيهر ،وشبرنجر،ودوزي " .
    • إن هذا الكلام يلزم منه ان ترد كل المصنفات المؤلفة لنقل الآثار عمن توفي إن لم تكن معاصرة لمن الفت في حقه ، والسنة والشيعة على حد سواء في هذه المسألة إذ الغالب على المدونات الحديثية إنها كتبت في القرن الثالث الهجري وهذا يعني اعتمادها في مرحلة من مراحلها على النقل الشفوي . وبعبارة أخرى:فان الكافي الذي يعد عند الأمامية أهم مصنف يعتمد عليه في نقل الثار عن أئمتهم واقع تحت تأثير هذه الشبهة، لان الكليني مصنف الكافي متوفى سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، فلكي يحدث الكليني عن جعفر الصادق لا بد له من خمس طبقات من الرواة غير المعصومين الذين يعتمدون على حفظهم الذي يؤدي قطعا كما يقول السيد السيستاني الى إهمال خصوصيات الرواية فيقول مثلا: عن عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن الربيع بن محمد ألمسلمي عن محمد بن مروان قال سمعت أبا عبد الله يقول :" إن الإمام ليسمع في بطن أمه...الخ" . ولكي يحدث عن أبي عبد الله الحسين رضي الله عنه فانه يحتاج عشر طبقات من الرواة . وما يصدق على كتاب الكافي فانه يصدق على غيره من المصنفات الشيعية بسبب تأخر تصنيفها الى ما بعد الفترة التي صنف فيها الكليني كتابه .

    • إن علماء المتقدمين نصوا على إن تدوين الحديث قد تأخر عندهم الى ما بعد القرن الأول كما نقلنا ذلك عن الشهيد الثاني في شرح الروضة البهية ،وبالتالي فلا حجة لسيد حسين الصدر ولا السيد السيستاني فيما عده مثلبة على أهل السنة لوجود العلة بذاتها في الفريقين بل إن وجودها عند الشيعة آكد وأوسع .





 

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML