السلام عليكم



116 " إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول : من خلقك ? فيقول : الله , فيقول : فمن خلق

الله ?! فإذا وجد ذلك أحدكم فليقرأ : آمنت بالله و رسله , فإن ذلك يذهب عنه " .




قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 182 :



رواه أحمد ( 6 / 258 ) : حدثنا محمد بن إسماعيل قال : حدثنا الضحاك عن هشام

بن عروة عن أبيه عن # عائشة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



قلت : و هذا سند حسن , و هو على شرط مسلم , رجاله كلهم من رجاله الذين احتج بهم

في " صحيحه " , لكن الضحاك و هو ابن عثمان الأسدي الحزامي قد تكلم فيه بعض

الأئمة من قبل حفظه , لكن ذلك لا ينزل حديثه من رتبة الحسن إن شاء الله تعالى .



و قد تابعه سفيان الثوري و ليث بن سالم عند ابن السني ( 201 ) فالحديث صحيح .

و قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 266 ) :

" رواه أحمد بإسناد جيد , و أبو يعلى و البزار , و رواه الطبراني في الكبير

و الأوسط من حديث عبد الله بن عمرو , و رواه أحمد أيضا من حديث خزيمة بن ثابت

رضي الله عنه " .



و هذه شواهد يرقى بها الحديث إلى درجة الصحيح جدا .

و حديث ابن خزيمة عند أحمد ( 5 / 214 ) و رجاله ثقات إلا أن فيهم ابن لهيعة

و هو سيء الحفظ .



و حديث ابن عمرو قال الهيثمي ( 341 ) :

" و رجاله رجال الصحيح خلا أحمد بن نافع الطحان شيخ الطبراني " .

كذا قال , و لم يذكر من حاله شيئا , كأنه لم يقف له على ترجمة , و كذلك أنا فلم

أعرفه و هو مصري كما في " معجم الطبراني الصغير " ( ص 10 ) .



ثم إن الحديث رواه هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة أيضا مرفوعا مثله .

أخرجه مسلم ( 1 / 84 ) و أحمد ( 2 / 331 ) من طرق عن هشام به , دون قوله :

" فإن ذلك يذهب عنه " .



و أخرجه أبو داود ( 4121 ) إلى قوله : " آمنت بالله " , و هو رواية لمسلم .

117 " يأتي شيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ? من خلق كذا ? من خلق كذا ? حتى يقول :

من خلق ربك ?! فإذا بلغه فليستعذ بالله و لينته " .




قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 183 :



أخرجه البخاري ( 2 / 321 ) و مسلم و ابن السني .



و للحديث طريق أخرى عن أبي هريرة بلفظ :

" يوشك الناس يتساءلون بينهم حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق فمن

خلق الله عز و جل ? فإذا قالوا ذلك , فقولوا : ( الله أحد , الله الصمد ,

لم يلد , و لم يولد , و لم يكن له كفوا أحد ) ثم ليتفل أحدكم عن يساره ثلاثا ,

و ليستعذ من الشيطان " .

118 " يوشك الناس يتساءلون بينهم حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق فمن خلق

الله عز وجل ? فإذا قالوا ذلك , فقولوا : *( الله أحد , الله الصمد , لم يلد ,

و لم يولد , و لم يكن له كفوا أحد )* ثم ليتفل أحدكم عن يساره ثلاثا , و ليستعذ

من الشيطان " .




قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 184 :



( عن # أبي هريرة # ) :



أخرجه أبو داود ( 4732 ) و ابن السني ( 621 ) عن محمد بن إسحاق قال : حدثني

عتبة بن مسلم مولى بني تميم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه قال : سمعت

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .



قلت : و هذا سند حسن رجاله ثقات , و ابن إسحاق قد صرح بالتحديث فأمنا بذلك

تدليسه .



و رواه عمر بن أبي سلمة عن أبيه به إلى قوله : " فمن خلق الله عز و جل ? "

قال : فقال أبو هريرة : فو الله إني لجالس يوما إذ قال لي رجل من أهل العراق :

هذا الله خالقنا فمن خلق الله عز و جل ? قال أبو هريرة : فجعلت أصبعي في أذني

ثم صحت فقلت : صدق الله و رسوله ( الله الواحد الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن

له كفوا أحد ) .



أخرجه أحمد ( 2 / 387 ) و رجاله ثقات غير عمر هذا فإنه ضعيف .

و له عنده ( 2 / 539 ) طريق أخرى عن جعفر حدثنا يزيد بن الأصم عن أبي هريرة به

مرفوعا مثل الذي قبله , قال يزيد : فحدثني نجمة بن صبيغ السلمي أنه رأى ركبا

أتوا أبا هريرة , فسألوه عن ذلك , فقال : الله أكبر , ما حدثني خليلي بشيء إلا

و قد رأيته و أنا أنتظره . قال جعفر بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

إذا سألكم الناس عن هذا فقولوا : الله قبل كل شيء , و الله خلق كل شيء , و الله

كائن بعد كل شيء .



و إسناد المرفوع صحيح , و أما بلاغ جعفر و هو ابن برقان فمعضل .

و ما بينهما موقوف , لكن نجمة هذا لم أعرفه , و هكذا وقع في المسند " نجمة "

بالميم , و في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 509 ) : " نجبة " بالباء الموحدة

و قال :

" روى عن أبي هريرة , روى عنه يزيد بن الأصم , سمعت أبي يقول ذلك " و لم يزد !

و لم يورده الحافظ في " التعجيل " و هو على شرطه !



فقه الحديث :

-----------



دلت هذه الأحاديث الصحيحة على أنه يجب على من وسوس إليه الشيطان بقوله : من

خلق الله ? أن ينصرف عن مجادلته إلى إجابته بما جاء في الأحاديث المذكورة ,

و خلاصتها أن يقول :

" آمنت بالله و رسله , الله أحد , الله الصمد , لم يلد و لم يولد , و لم يكن له

كفوا أحد . ثم يتفل عن يساره ثلاثا , و يستعيذ بالله من الشيطان , ثم ينتهي عن

الانسياق مع الوسوسة .



و أعتقد أن من فعل ذلك طاعة لله و رسوله , مخلصا في ذلك أنه لابد أن تذهب

الوسوسة عنه , و يندحر شيطانه لقوله صلى الله عليه وسلم : " فإن ذلك يذهب عنه "

.

و هذا التعليم النبوي الكريم أنفع و أقطع للوسوسة من المجادلة العقلية في هذه

القضية , فإن المجادلة قلما تنفع في مثلها . و من المؤسف أن أكثر الناس في غفلة

عن هذا التعليم النبوي الكريم , فتنبهوا أيها المسلمون , و تعرفوا إلى سنة

نبيكم , و اعملوا بها , فإن فيها شفاءكم و عزكم .


119 " لا تقصوا الرؤيا إلا على عالم أو ناصح " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 186 :



أخرجه الترمذي ( 2 / 45 ) و الدارمي ( 2 / 126 ) عن يزيد بن زريع حدثنا سعيد

عن قتادة عن ابن سيرين عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان

يقول : فذكره .



و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .



قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين .

و تابعه هشام بن حسان عن ابن سيرين به .



أخرجه الطبراني في " الصغير " ( ص 187 ) و أبو الشيخ في " الطبقات " ( 281 )

عن إسماعيل بن عمرو البجلي حدثنا مبارك بن فضالة عن هشام بن حسان .



قلت : و هذا سند لا بأس به في المتابعات , فإن هشاما ثقة محتج به في الصحيحين

و من دونه فيهما ضعف .



و قد جاء الحديث من طريق أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم و فيه زيادة توضح

سبب هذا النهي و هو :

" إن الرؤيا تقع على ما تعبر , و مثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها

فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحا أو عالما " .

120 " إن الرؤيا تقع على ما تعبر و مثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها

فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحا أو عالما " .




قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 186 :



أخرجه الحاكم ( 4 / 391 ) من طريق عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة

عن # أنس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



و قال : " صحيح الإسناد " .



و وافقه الذهبي و حقهما أن يضيفا إلى ذلك " على شرط البخاري " , فإن رجاله كلهم

من رجال الشيخين سوى الراوي له عن عبد الرزاق و هو يحيى بن جعفر البخاري فمن

شيوخ البخاري وحده . على أن في النفس وقفة في تصحيحه , لأن أبا قلابة قد وصف

بالتدليس و قد عنعنه , فإن كان سمعه من أنس فهو صحيح الإسناد , و إلا فلا .

نعم الحديث صحيح , فقد تقدم له آنفا شاهد لشطره الأخير , و أما شطره الأول ,

فله شاهد بلفظ :

" و الرؤيا على رجل طائر , ما لم تعبر , فإذا عبرت وقعت , ( قال الراوي :

و أحسبه قال ) و لا يقصها إلا على واد أو ذي رأي " .



أخرجه البخاري في " التاريخ " ( 4 / 2 / 178 ) و أبو داود ( 5020 ) و الترمذي

( 2 / 45 ) و الدارمي ( 2 / 126 ) و ابن ماجه ( 3914 ) و الحاكم ( 4 / 390 )

و الطيالسي ( 1088 ) و أحمد ( 4 / 10 - 13 ) و ابن أبي شيبة ( 12 / 189 / 1 )

و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 295 ) و ابن عساكر ( 11 / 219 / 2 ) عن

يعلى بن عطاء سمعت وكيع بن عدس يحدث عن عمه أبي رزين العقيلي قال : قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .



و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي .

و نقل المناوي في " الفيض " عن صاحب " الاقتراح " أنه قال :

" إسناده على شرط مسلم " ! و كل ذلك وهم لاسيما القول الأخير منها فإن وكيع

ابن عدس لم يخرج له مسلم شيئا , ثم هو لم يوثقه أحد غير ابن حبان و لم يرو عنه

غير يعلى بن عطاء و لذلك قال ابن القطان : مجهول الحال .



و قال الذهبي : لا يعرف . و مع ذلك فحديثه كشاهد لا بأس به , و قد حسن سنده

الحافظ ( 12 / 377 ) .



و روى ابن أبي شيبة ( 12 / 193 / 1 ) و الواحدي في " الوسيط " ( 2 / 96 / 2 )

عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا بلفظ : " الرؤيا لأول عابر " .



قلت : و يزيد ضعيف .



( على رجل طائر ) أي أنها لا تستقر ما لم تعبر . كما قال الطحاوي و الخطابي

و غيرهما .



و الحديث صريح بأن الرؤيا تقع على مثل ما تعبر , و لذلك أرشدنا رسول الله

صلى الله عليه وسلم إلى أن لا نقصها إلا على ناصح أو عالم , لأن المفروض فيهما

أن يختارا أحسن المعاني في تأويلها فتقع على وفق ذلك , لكن مما لا ريب فيه أن

ذلك مقيد بما إذا كان التعبير مما تحتمله الرؤيا و لو على وجه , و ليس خطأ محضا

و إلا فلا تأثير له حينئذ و الله أعلم .



و قد أشار إلى هذا المعنى الإمام البخاري في " كتاب التعبير " من " صحيحه "

بقوله ( 4 / 362 ) :

" باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب " .



ثم ساق حديث الرجل الذي رأى في المنام ظلة و عبرها أبو بكر الصديق ثم قال :

فأخبرني يا رسول الله - بأبي أنت - أصبت أم أخطأت , قال النبي صلى الله عليه

وسلم : " أصبت بعضا , و أخطأت بعضا " .