يا إخوان للتعامل مع الأخبار التي تردكم من هنا و هناك أنقل لكم منهجية أهل السنة منهج أهل الحديث في تلقي الأخبار .
قال شيخنا الشيخ خالد بن عبد الرحمن عند كلامه عن منهجية التثبت من الأخبار و طرق التعامل معها :
(( نحن نعلم أن موقف أي إنسان من الخبر لا يخلو من ثلاث احتمالات:
فإما أن يصدق
وإما أن يكذب
وإما أن يشك
أولاً : الشك فنقول الشك هو حالة يكون فيها متلقي الخبر غير قادر على قبول ما جاء في الخبر -لسبب أو لآخر- مع عدم وجود ما يكذبه عنده..
والشك ينقسم إلى قسمين كما أشار أخي الكريم:
-شك نفسي
-وشك منهجي
أما الشك النفسي فهو الذي يخضع لهوى أو لعاطفة او ينطلق منهما كأن يشك إنسان في خبر هو لا يحب سماعه أو لا يحب أن يكون ما فيه متحققاً.. أو ربما لموقف نفسي -غير منهجي- من راوي الخبر .. فتجده يشكك في الخبر ولا يقبله..
وهذا النوع من الشك لا يقدم ولا يؤخر ولا قيمة له من الناحية العلمية أو المنهجية..
أما الشك المنهجي فهو مبني على العلم والمنهج كما هو واضح من تسميته.. فهو يقوم على تتبع حال الراوي وينتج عن قناعة منهجية قائمة على هذا التتبع يمنع من قبول الخبر..
وهذا الشك المنهجي هو الذي انتهجه علماء الحديث -رضوان الله عليهم- في التعامل مع الرواة والأخبار..
فعلماء الحديث يشككون في أي حديث يرويه الكذاب أو المتهم بالكذب أو الوضاع كما أنهم يشككون في أي حديث رواه من كثر وهمه أو ثبت اختلاطه...الخ..
ثانياً التصديق : فالتصديق هو شعور يكون صاحبه فيه مطمئناً إلى صحة الخبر ومطابقته للواقع..
والتصديق له أقسام ثلاثة:
1-التصديق الفطري أو الابتدائي.. وهو الذي يتعامل الناس كافة مع بعضهم على أساسه بحيث نرى تصديق أي إنسان للآخر حتى لو لم يكن يعرفه..
وهذا نشاهده من انفسنا ومن الناس كافة.. فلو التقى شخص بآخر ولم يكن رآه من قبل في حياته وسأله عن اسمه فأجابه فإنه يقبل منه فوراً ويصدقه فيما قال..
ومما شاهدناه ولا نزال نشاهده في مجالسنا جميعاً أنه إذا كان شخص يتحدث فإن الجميع يصدق ولا يجد في نفسه ما يدعوه لتكذيب الشخص.. بل لا يخطر احتمال كذبه بباله أصلاً!
ويعود هذا -والله أعلم- إلى أصل الفطرة فكل إنسان فطر على الصدق والكذب شيء دخيل ولذلك فإنك ترى كل إنسان يقيس الآخر على ما يجده في نفسه من الصدق..
ولذلك فقد اتفق العقلاء جميعاً على عدم الإنكار على من قابل الخبر بالتصديق ما لم يكن هناك ما يمنع من قبوله..
ومع ذلك فقد اتفق المسلمون على أن هذا التصديق لا يعني معاملة الخبر كما لوأنه من من الواقع المشاهد.. فلا يعتقد موجبه ولا يبنى عليه حكم.. وكأنه مشاهد في الواقع..
2-التصديق المنهجي: وهو التصديق القائم على الثقة بالراوي مع عدم وجود ما يمنع من قبول خبره..
أي أن هذا التصديق يقوم على ركنين:
-أولهما: الثقة بالراوي وهي تقوم بدورها على معرفة عين الراوي ومعرفة صدقه في الحديث وعدم العلم بصدور كذب منه ولو مرة في حياته أو ما يدل على مجازفته أو عدم شعوره بالمسؤولية..
وغني عن البيان أن هذا المنهج هو الذي ينتهجه أهل الحديث -رضوان الله عليهم- فهو يقوم على الثقة بالراوي مع عدم وجود ما يمنع من قبول خبره..
وقد اتفق المسلمون على أن هذا الخبر مقبول مطلقاً ويعتقد موجبه ويعمل بما جاء فيه مطلقاً.. ولا يلتفت إلى مجرد احتمال خطئه فهذا الاحتمال (لاشيء) عندهم بكل ما تحمل الكلمة من معنى!
3-التصديق العلمي: وهو أن يصدق الخبر بناءً على علم مشاهد محسوس سابق أو حاضر أو لاحق.. بحيث يطمئن إلى ما جاء في الخبر يقيناً بلا شك ولا احتمال..
ويكون هذا التصديق بالمشاهدة المباشرة أو باللوازم التي يلزم منها ما جاء في الخبر أو بالتواتر..
هذه هي أنواع التصديق باختصار غير مخل إن شاء الله..
ثالثاً التكذيب : والتكذيب هو نفي مقتضى الخبر بأن يثبت نقيضه أو أنه غير موجود أصلاً..
والتكذيب ينقسم إلى قسمين:
1-التكذيب المجازف: وهو الذي لا يقوم على أساس.. وهذا التكذيب لا يعجز عنه أحد..
وقد اتفقت كلمة المسلمين بل كل الناس على انه لا يعبأ بهذا التكذيب لأنه لا قيمة له ولا يقدم ولا يؤخر..
2-التكذيب العلمي: وهو القائم على العلم.. أي العلم بعدم وجود المخبر به.. أو العلم بوجود ضده أو نقيضه.. ولهذا سمي هذا التكذيب بالتكذيب العلمي.. لأنه قائم على العلم.. ولا يقبل تكذيب إنسان لخبر حتى يأتي بالدليل العلمي على عدم صحته..))
المفضلات