صفحة 11 من 39 الأولىالأولى ... 78910111213141521 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 110 من 390
 
  1. #101
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    اللـواء اليهـودي
    Jewish Brigade

    «اللواء اليهودي» وحدة عسكرية يهودية تُسمَّى بالعبرية «هاهايل». شُكِّلت بقرار من الحكومة البريطانية عام 1944 لتقاتل أثناء الحرب العالمية الثانية في صفوف قوات الحلفاء، إلا أن جذورها تعود إلى عام 1939 حينما رأى قادة التجمع الاستيطاني اليهودي في فلسطين أن هناك إمكانية لتحقيق الحلم الصهيوني المتمثل في إقامة الدولة عن طريق مساعدة الحلفاء أثناء الحرب. وقد تطوع في العام نفسه نحو 130.000من المستوطنين اليهود في فلسطين للقتال ضد دول المحور.

    وكان لجهود حاييم وايزمان في لندن، وموشى شرتوك (شاريت) في القـدس، دور مهم في إقناع بريطانيا بفكرة تكوين قوة مســلحة يهودية، فسمحت الحكومة البريطانية ليهود فلسطين عام 1940 بالانضمام إلى كتيبة كنت الشرقية، ومن ثم ظهرت 15 سرية يهودية خاصة نُظِّمت بين عامي 1942 و1943 في شكل ثلاث كتائب مشاة ليشـكلوا «الوحدة الفلسـطينية» التي تولت أعمال الحراســة في برقة ومصر. وقد استمرت عملية الضغط على الحكومة البريطــانية لتكوين القوة اليهــودية المســلحة. وفي الولايات المتحدة، تبنت المنظمة الحاخامية قرارات تدعو الرئيس روزفلت لإقناع بريطانيا بتحقيق هذا المطلب. ورداً على الحجة البريطانية بعدم كفاية الأسلحة، اقترح مجلس الطوارئ الصهيوني الأمريكي تسليح القوة اليهودية بأسلحة أمريكية طبقاً لقواعد الإعارة والتأجير.

    وبعد تأسيسه، أمضى اللواء اليهودي فترة تدريب في برج العرب القريبة من الإسكندرية في أكتوبر 1944، ثم انضم بعدها إلى الجيش الثامن البريطاني في إيطاليا حيث قاتل ضد قوات المحور. وقد أسهم اللواء اليهودي في تنظيم هجرة يهود أوربا إلى فلسطين. ومع انتهاء الحرب وتصاعُد الصدام بين بريطانيا من ناحية والمنظمات العسكرية الصهيونية من ناحية أخرى، وتشكيل هذه المنظمات لما عُرف باسم «حركة المقاومة العبرية»، بدأ اللواء اليهودي في إصدار نشرة نصف أسبوعية ثم أصدر نشرة أخرى يومية. وقد انتقدت هذه النشرات سياسة الانتداب البريطاني في فلسطين، وهو ما حدا ببريطانيا إلى اتخاذ قرار بحل اللواء اليهودي في صيف عام 1946 وإعادة رجاله إلى فلسطين حيث انضموا إلى التنظيمات العسكرية الصهيونية القائمة آنذاك. وقد ظهر من بين صفوف اللواء اليهودي عدد من القادة العسكريين في إسرائيل مثل مردخاي ماكليف وحاييم لاسكوف.





  2. #102
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    الصهـيونيــــة : إشـــكالية التعريــف
    Zionism: The Problem of Definition

    كلمة «صهيونية» يصـعب تعريفها بشـكل مبـاشر للأسـباب التالية:

    1 ـ التعريفات الشائعة في المعاجم الغربية تشير إلى "الأمل الصهيوني" وليس إلى الظاهرة الصهيونية، فتُعرَّف الصهيونية، على سبيل المثال بأنها "الحركة الرامية إلى عودة اليهود إلى وطن أجدادهم إرتس يسرائيل حسبما جاء في الوعد الإلهي والآمال المشيحانية لليهود!" وغني عن القول أن الأمل الصهيوني أو المتتالية المفترضة أو المتوقعة تختلف كثيراً عن الواقع الصهيوني أو المتتالية المتحققة.

    2 ـ تختلط التعريفات بالاعتذاريات والمنظورات المختلفة بحيث لا تمكن التفرقة بين الواحد والآخر، فالصهيونية قد تكون من منظور البعض هي تحقيق الآمال المشيحانية، ولكنها من منظور البعض الآخر مخطط استعماري استيطاني.

    3 ـ يشير المصطلح إلى نزعات وحركات ومنظمات سياسية غير متجانسـة، بل متناقضة أحياناً، في أهدافهـا ومصالحهـا ورؤيتها للتاريخ، أو في أصولها الإثنية أو الدينية أو الطبقية.

    4 ـ قد يُستخدَم المصطلح مع صفة تحدُّ من حقله الدلالي أو تُوسِّعه كأن نقول «الصهيونية العمالية» و«الصهيونية المسيحية». بل هناك أيضاً «صهاينة صهيون» وهم معارضو مشروع شرق أفريقيا باعتبار أن دعاة هذا المشروع هم صهاينة بدون صهيون (كما أشار بعض دعاة الصهيونية الإثنية العلمانية إلى صهيونية هرتزل باعتبارها «صهيون بلا صهيونية»).

    وإذا كانت الصهيونية تعني "تهجير بعض أعضاء الجماعات اليهودية إلى فلسطين وتوطينهم فيها"، فبأي معنى إذن يمكننا الحديث عن «صهيونية الدياسبورا» أو «الشتات» (الجماعات اليهودية في العالم)،أي صهيونية اليهودي الذي يرفض أن يشترك في عملية الاستيطان الصهيوني وإن كان في الوقت نفسه يرى أن هذا الاستيطان هو الحل الوحيد لمشاكل اليهود؟ ولعل هذا هو الذي حدا بالمفكر الصهيوني العمالي بوروخوف إلى أن ينحت مصطلحاً في غاية الأهمية اختفى من الأدبيات والتواريخ الصهيونية وهو «صهيونية الصالونات»، ويعني صهيونية الطبقة الوسطى التي تهتم بالجوانب الحضارية والثقافية والإثنية (أي ما يُسمَّى «الوعي اليهودي») ولا تهتم كثيراً بالاستيطان. كما نحت آخر (بعد تأسيس الدولة الصهيونية) مصطلح «صهيونية دفتر الشيكات» وهي صهيونية اليهودي الذي يُحدث أصواتاً صهيونية عالية ولكنه يكتفي بدفع مبلغ من المال للمنظمة الصهيونية. ولذا، فإن الصفة هنا في الواقع لا تُعدِّل دلالة المصطلح وحسب، وإنما تغير معناه تغييراً جوهرياً.

    5 ـ وهنا يجب أن نثير قضية تتصل بالمجال الدلالي. فإن قَبلنا بأن الصهيوني "هـو من يدعـو إلى تهجير اليهود إلى فلسـطين وتوطينهم فيها"، فهل يمكن أن نُطلق المصطلح على دعوة المعادين لليهود بطرد اليهود من أوطانهم وتوطينهم في فلسطين؟ بل هل يمكن أن نُطلق المصطلح على المشاريع النازية المختلفة للتخلص من اليهود؟ وهل يمكن الحديث عن النازيين كصهاينة؟ وعلى كل حال، فإن هذا ما فعله أدولف أيخمان أثناء محاكمته. فقد أشار إلى نفسه باعتباره صهيونياً يحاول أن يضع شيئاً من الأرض الراسخة تحت أقدام اليهود (باعتبار أن اليهود شعبٌ بلا أرض، أما الأرض الراسخة فهي فلسطين، أرض بلا شعب).





  3. #103
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    الصهـيونيــــة : تاريـــــخ المفهـــــوم والمصطــلح
    Zionism: The History of the Concept and the Term

    لم يُسك مصطلح «الصهيونية» إلا في القرن التاسع عشر، ولكنه مع هذا يُستخدَم للإشارة إلى بعض النزعات في التاريخ الغربي، بل داخل النسق الديني اليهودي قبل هذا التاريخ. وسنحاول فيما يلي أن نرصد بعض استخدامات المصطلح ونوردها ـ على قدر المستطاع ـ في تسلسلها التاريخي، مع العلم بأن كل دلالة جديدة لا تنسخ بالضرورة ما سبقها، وإنما تُضاف إلىها فتزيد المجال الدلالي اتساعاً وتناقضاً وتجعل المصطلح تركيباً جيولوجياً تراكمياً:

    1 ـ الصهيونية بالمعنى الديني: تشير كلمة «صهيون» في التراث الديني اليهودي إلى جبل صهيون والقدس، بل إلى الأرض المقدَّسة ككل، ويُشير اليهود إلى أنفسهم باعتبارهم «بنت صهيون». كما تُستخدَم الكلمة للإشارة إلى اليهود كجماعة دينية. والواقع أن العودة إلى صهيون فكرة محورية في النسق الديني اليهودي، إذ أن أتباع هذه العقيدة يؤمنون بأن الماشيح المخلِّص سيأتي في آخر الأيام ليقود شعبه إلى صهيون (الأرض ـ العاصمة) ويحكم العالم فيسود العدل والرخاء. ولكلمة «صهيون» إيحاءات شعرية دينية في الوجدان الديني اليهودي، فقد جاء في المزمور رقم 137/1 على لسان جماعة يسرائيل بعد تهجيرهم إلى بابل: "جلسنا على ضفاف أنهار بابل وذرفنا الدمع حينما تذكرنا صهيون". وقد وردت إشارات شتى في الكتاب المقدَّس إلى هذا الارتباط بصهيون الذي يُطلَق عليه عادةً «حب صهيون»، وهو حب يعبِّر عن نفسه من خلال الصلاة والتجارب والطقوس الدينية المختلفة، وفي أحيـان نادرة على شكل الذهاب إلى فلسطين للعيش فيها بغرض التعبد. ولذا، كان المهاجرون اليهود الذين يستقرون هناك لا يعملون ويعيشون على الصدقات التي يرسلها أعضاء الجماعات اليهودية في العالم. وقد كان العيـش في فلسـطين يُعَد عملاً من أعمال التقوى لا عمـلاً من أعمال الدنيا، وجزاؤه يكون في الآخرة أو في آخر الأيام، ولذا فإنه لا تربطه رابطة كبيرة بالاستيطان الصهيوني، وخصوصاً أن اليهودية الحاخامية (الأرثوذكسية) تُحرِّم محاولة العودة الجماعية الفعلية إلى فلسطين وتعتبرها تجديفاً وهرطقة ومن قبيل «دحيكات هاكتس» أي «التعجيل بالنهاية». فاليهودية تؤمن بأن العودة إلى أرض الميعاد ستتم في الوقت الذي يحدده الرب وبطريقته، وأنها ليست فعلاً بشرياً يتم على يد البشر. وهذه النزعة الصهيونية الدينية (التي تؤكد عنصر تجاوز المادة) لا علاقة لها بالاستيطان الصهيوني الفعلي والمادي في فلسطين ولا حتى بما يُسمَّى «الصهيونية الدينية» في الوقت الحالي.

    2 ـ يُطلَق اصطلاح «الصهيونية» أيضاً على نظرة محددة لليهود ظهرت في أوربا (وخصوصاً في الأوساط البروتستانتية في إنجلترا ابتداءً من أواخر القرن السادس عشر) وترى أن اليهود ليسوا جزءاً عضوياً من التشكيل الحضاري الغربي، لهم ما لبقية المواطنين وعليهم ما عليهم، وإنما تنظر إليهم باعتبارهم شعباً عضوياً مختاراً وطنه المقدَّس في فلسطين ولذا يجب أن يُهجَّر إليه. وقد استمر هذا التيار المنادي بتوطين اليهود في فلسطين حتى بعد أن خمد الحماس الديني الذي صاحب حركة الإصلاح الديني. ويُطلَق على هذه النزعة اسم «الصهيونية المسيحية»، وهي تمارس في الولايات المتحدة الآن بعثاً جديداً وخصوصاً في بعض الأوساط البروتستانتية (الأصولية) المتطرفة.

    3 ـ مع تَزايُد معدلات العلمنة في المجتمعات الغربية، ظهرت نزعات ومفاهيم صهيونية في أوساط الفلاسفة (ولا سيما الرومانسيين) والمفكرين السياسيين والأدباء، تنادي بإعادة توطين اليهود في فلسطين باعتبار أنهم شعب عضوي منبوذ تربطه علاقة عضوية بها استناداً لأسباب تاريخية وسياسية بل"علمية". ويُطلَق على هذا الضرب من الصهيونية «صهيونية غير اليهود» أو «صهيونية الأغيار».

    4 ـ يُلاحَظ حتى الآن أن مصطلح «صهيونية» نفسه لم يكن قد تم سكه بعد، ومع هذا كان مفهوم الصهيونية مفهوماً مُتداوَلاً على نطاق واسع بين الفلاسفة والمفكرين والشعراء والمهووسين الدينيين. ولكن مع تبلور الهجمة الإمبريالية الغربية على الشرق، وبخاصة الشرق الإسلامي، ومع تبلور الفكر المعادي لليهود في الغرب (بسبب ظهور الدولة العلمانية المركزية التي همَّشت اليهود كجماعة وظيفية)، ومع تصاعد معدلات العلمنة بدأ مفهوم الصهيونية نفسه في التبلور والتخلص من كثير من أبعاده الغيبية الدينية أو الرومانسية وانتقل إلى عالم السياسة والمنفعة المادية ومصالح الدول.

    5 ـ ليس من الغريب إذن أن نجد أن نابليون بونابرت أول غاز غربي للشرق الإسلامي في العصر الحديث وواحد من أهم المعادين لليهود في العالم الغربي (كما يدل على ذلك سجله في فرنسا) وواحد من أهم دعاة العلمانية الشاملة هو أيضاً صاحب أول مشروع صهيوني حقيقي، إذ دعا الصهاينة إلى الاستيطان في "بلاد أجدادهم"!

    6 ـ أصبح مفهوم الصهيونية مفهوماً أساسياً في الخطاب السياسي الغربي عام 1841 مع نجاح أوربا في بلورة مشروعها الاستعماري ضد العالم العربي والإسلامي الذي حقق أول نجاح حقيقي له في القضاء على مشروع محمد علي في تحديث مصر والدولة العثمانية، ومع تفاقم المسألة اليهودية التقت المسألة الشرقية بالمسألة اليهودية وساد التصوُّر القائل بإمكان حل المسألتين من خلال دمجهما.

    7 ـ تمت بلورة المفاهيم الصهيونية وملامح المشروع الصهيوني بشكل كامل في الفترة بين منتصف القرن التاسع عشر وعام 1880 على يد المفكـرين الصهاينة غــير اليهـود لورد شافتـسبري ولورانـس أوليفانت. وقد لخص شافتسبري التعريف الغربي لمفهوم الصهيونية في عبارة أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض (في كلمات تقترب كثيراً من الشعار الصهيوني)). وقد حاول أوليفانت أن يضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ.

    8 ـ يُلاحَظ أننا نضع تاريخ تطوُّر مفهوم الصهيونية في سياق التاريخ الفكري والسياسي والعسكري الغربي، ولا نعود إلى العهد القديم أو ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» (إلا في محاولة دراسة الديباجات). فحتى العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر لم يكن يربط اليهود أو اليهودية علاقة كبيرة بالصهيونية كفكرة أو مفهوم أو مشروع سياسي واقتصادي عسكري. وقد كان هذا هو الرأي السائد في الأوساط الصهيونية حتى عهد قريب. فأول تاريخ رسمي للصهيونية، كُتب بتكليف من المنظمة الصهيونية وكتبه ناحوم سوكولوف (الذي تولى رئاسة المنظمة الصهيونية بعض الوقت) مكوَّن من جزأين كرِّس معظمها لتاريخ الصهيونية بين غير اليهود.

    9 ـ بدأت النزعات الصهيونية تظهر بين اليهود أنفسهم في أواخر القرن التاسع عشر مع تفاقم المسألة اليهودية، وعبَّرت عن نفسها في بادئ الأمر عن طريق المساعدات التي كان أثرياء اليهود في الغرب يدفعونها للجمعيات التوطينية المختلفة التي كانت تهدف إلى توطين يهود شرق أوربا في أي بلد (ويشمل ذلك فلسطين) حتى لا يهاجروا إلى غربها فيعرِّضوا مكانتهم الاجتماعية وأوضاعهم الطبقية للخطر.

    10 ـ عبَّرت النزعة الصهيونية في شرق أوربا عن نفسها من خلال جماعات أحباء صهيون التي حاولت التسـلل إلى فلسـطين للاسـتيطان فيها. وتُوصَف هذه النزعات أيضاً بأنها «صهيونية» رغم اختلاف الدوافع بين الفريقين الأول والثاني.

    11 ـ وقد نحت المصطلح نفسه المفكر اليهودي النمساوي نيثان بيرنباوم في أبريل 1890 في مجلة الانعتاق الذاتي وشرح معناه في خطاب بتاريخ 6 نوفمبر 1891 قال فيه إن الصهيونية هي إقامة منظمة تضم الحزب القومي السياسي بالإضافة إلى الحزب ذي التوجه العملي (أحباء صهيون) الموجود حالياً. وفي مجال آخر (في المؤتمر الصهيوني الأول 1897 صرَّح بيرنباوم بأن الصهيونية ترى أن القومية والعرْق والشعب شيء واحد، وهكذا أعاد بيرنباوم تعريف دلالة مصطلح «الشعب اليهودي» الذي كان يشير فيما مضى إلى جماعة دينية إثنية، فأصبح يشير إلى جماعة عرْقية (بالمعنى السائد في ذلك الوقت)، وتم استبعاد الجانب الديني منه تماماً. وأصبحت الصهيونية الدعوة القومية اليهودية التي جعلت السمات العرْقية اليهودية (ثم السمات الإثنية في مرحلة لاحقة) قيمة نهائية مطلقة بدلاً من الدين اليهودي، وخلَّصت اليهودية من المعتقدات المشيحانية والعناصر العجائبية الأخروية، وهي الحركة التي تحاول أن تصل إلى أهدافها من خلال العمل السياسي المنظم لا من خلال الصدقات. ورغم أن بيرنباوم كان يهدف إلى الدعوة إلى ضرب جديد من التنظيم السياسي مقابل جهود أحباء صهيون التسللية، فإن المصطلح استُخدم للإشارة إلى الفريقين معاً.





  4. #104
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    الصهـيونيـة: تعريـف


    Zionism: Definition





    تتسم التعريفات الشائعة في المعاجم الغربية للصهيونية بضعف مقدرتها التفسيرية. فإن كانت الصهيونية هي حركة القومية اليهودية وعودة اليهود لأرض الأجداد (كما تقول بعض المعاجم)، فكيف نُفسِّر أن أغلبية هذا الشعب اليهودي الساحقة لا تزال تعيش في «المنفى» متمسكة به، تدافع عن حقوقها فيه؟ وكيف نُفسِّر امتلاء مخيمات اللاجئين بملايين الفلسطينيين؟ كيف نُفسِّر ما يقومون به من مقاومة؟ ولذا لابد من طرح تعريفات جديدة أكثر تركيبية وشمولاً وتفسيرية تتجاوز كل الاعتذاريات والديباجات (الصهيونية و######### لنصل إلى بعض الثوابت الكامنة. وسنحاول إنجاز هذا من خلال عملية تفكيك لما هو ظاهر واكتشاف لما هو كامن وبلورته ثم نعيد التركيب ونطرح تعريفاً جديداً، له مقدرة تفسيرية أعلى.




    ونحن نذهب إلى أن ثمة صيغة صهيونية أساسية شاملة تُشكل التعريف الحقيقي للصهيونية، وثمة عقد صامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية، كامن في هذه الصيغة، وثمة مادة بشرية مُستهدَفة (أعضـاء الجماعات اليهـودية خارج فلسطـين والعـرب الذين يعيشـون فيها).





  5. #105
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    المـادة البشـرية المستهـدفة
    Targeted Human Material

    «المادة البشرية المُستهدَفة» اصطلاح نستخدمه للإشارة إلى المادة البشرية اليهودية التي تشير إليها الصيغة الصهيونية الأساسية باعتبار أنها شعب عضوي منبوذ نافع سيتم نقله خارج أوربا لتوظيفه، أي أن المصطلح يشير إلى اليهود باعتبارهم جماعة وظيفية استيطانية. واصطلاح «المادة البشرية» ليس من ابتداعنا فقد ورد في كتابات هرتزل الزعيم الصهيوني وفي تصريحات أيخمان الموظف النازي.

    ويُلاحَظ وجود مادة بشرية أخرى مُستهدَفة هي «العرب». ولكن مع هذا لم يأت لهم ذكر في العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية، ومن ثم لا تشـير إليهم التعريفـات الصـهيونية من قريب أو بعيد، ولكن من المعروف أن السكان الأصليين المغيبين يكون مصيرهم، في المخططات الاستعمارية الغربية، هو عادةً الإبادة أو الطرد.





  6. #106
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة
    Underlying Zionist Premises

    «الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة» مصطلح قمنا بصكه للإشارة إلى الثوابت والمسلمات النهائية الكامنة في الاتجاهات الصهيونية كافة مهما اختلفت دوافعها وميولها ومقاصدها وطموحاتها وديباجاتها واعتذارياتها. ولا يمكن وصف أي قول أو اتجاه بأنه صهيوني إن لم يتضمن هذه المسلمات، فهي بمنزلة البنية العامة الكامنة وهي التي تُشـكِّل الأسـاس الكامـن للإجماع الصهيوني. ويمكن تلخيصها فيما يلي:

    أ) اليهود شعب عضوي منبوذ غير نافع، يجب نقله خارج أوربا ليتحوَّل إلى شعب عضوي نافع.

    ب) يُنقل هذا الشعب إلى أي بقعة خارج أوربا [استقر الرأي، في نهاية الأمر، على فلسطين بسبب أهميتها الإستراتيجية للحضارة الغربية وبسب مقدرتها التعبوية بالنسبة للمادة البشرية المستهدفة] ليُوطَّن فيها وليحل محل سكانها الأصليين، الذين لابد أن تتم إبادتهم أو طَرْدهم على الأقل [كما هو الحال مع التجارب الاستعمارية الاستيطانية الإحلالية المماثلة].

    جـ) يتم توظيف هذا الشعب لصالح العالم الغربي الذي سيقوم بدعمه وضمان بقائه واستمراره، داخل إطار الدولة الوظيفية في فلسطين.

    وهذه الصيغة الشاملة لم يُفصح عنها أحد بشكل مباشر، إلا بعض المتطرفين في بعض لحظات الصدق النماذجية النادرة. ولكن عدم الإفصاح عنها لا يعني غيابها، فهي تشكل هيكل المشروع الصهيوني والبنية الفكرية التي أدرك الصهاينة الواقع من خلالها.

    ويُلاحَظ أن كثيراً من الأُسس التي تستند إليها الصيغة الشاملة قد اختفى بفعل التطورات التاريخية. فيهود العالم الغربي قد تناقص عددهم واندمجوا بشكل شبه تام في مجتمعاتهم، ولم يَعُد هناك مجال للحديث عن "عدم نفعهم". كما أن عملية نَقْل اليهود ونفي العرب اكتملت معالمها إلى حدٍّ كبير، وخصوصاً أن الترانسفير بعد تأسيس الدولة أصبح عملية هجرة تتم في ظلال قانون العودة. أما بالنسبة للسكان الأصليين فقد تم نفي غالبيتهم عام 1948، ولكن بعد عام 1967 أصبح من الصعب التخلص منهم. وما تبقَّى من الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة هو دولة وظيفية يدعمها الغرب ويضمن بقاءها وتقوم هي على خدمته وعلى تجنيد يهود العالم وراءها لخدمتها وخدمة العالم الغربي، وهذا ما يُشكِّل أساس الإجماع الصهيوني.

    وعلى كلٍّ ما يتم الإفصاح عنه هو الصياغة المهوِّدة للصيغة الصهـيونية الأساسـية الشـاملة، فهي أكثر صـقلاً، وتبدو أكثر إنسانية، ولذا فإنها تحقق القبول الذي لا يمكن أن تحققه الصيغة غير المهودة بسبب إمبرياليتها وماديتها الشاملة.






  7. #107
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة: تاريخ
    Underlying Zionist Premises: History

    لم تظهر الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة كاملةً بين يوم وليلة، وإنما ظهرت بالتدريج، وكان يُضاف لكل مرحلة عنصر جديد إلى أن اكتملت مع صـدور وعـد بلفور وتحوَّلت إلى الصـيغة الصهيونية الأسـاسية الشاملة. والواضح أن الصيغة الصهيونية الأساسية تضرب بجذورها في الحضارة الغربية. وفيما يلي تاريخ موجز لمراحل تشكُّلها واكتمالها:

    1 ـ تضرب الصيغة بجذورها في موقف الحضارة الغربية من الجماعات اليهودية وفي وضعهم داخلها، وهو موقف صهيوني ومعاد لليهود في آن واحد؛ أو صهيوني لأنه معاد لليهود. فاليهود شعب مختار عضوي متماسك (شعب شاهد ـ جماعة وظيفية)، ووجوده في مجتمع ما ليس له أهمية في حد ذاته وإنما بمقدار ما يخدم الوظيفة الموكلة إليه. وحين يفقد الشعب وظيفته، لابد من التخلص منه عن طريق نَقْله (أو ربما إبادته). ومن هنا، فإن نقطة الانطلاق (الشعب العضوي المنبوذ) هي الرقعة المشتركة بين معاداة اليهود والصهيونية، وهي صيغة خروجية تصفوية إذ تطالب بإخراج اليهود من أوربا وتصفيتهم، فالعنصر الأول بشقيه هو جوهر عداء اليهود وهو أيضاً المقدمة الأساسية للصهيونية.

    2 ـ وأضيف لهذه الصيغة العنصر الثاني (الكامن تاريخياً وبنيوياً في العنصر الأول) وهو اكتشاف نفع اليهود، ومن ثم إمكانية توظيفهم خارج أوربا (وإصلاحهم). وقد اكتُشف هذا الجزء أو تم تأكيده ابتداءً من القرن السـابع عشـر، عصـر ظـهور الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية. ويُلاحَظ أن ما يميِّز الصهيونية عن معاداة اليهود هو هذا الجزء. فكلاهما يرى اليهود عنصراً غير نافع يوجد داخل الحضارة الغربية ولكنه لا ينتمي إليها ولا حل للمشكلة إلا بإخراج اليهود. وبينما يلجأ أعداء اليهود إلى إخراج اليهود بشكل عشوائي عن طريق طردهم أو إبادتهم دون تخطيط أو ترشيد، فإن الصهاينة يرشِّدون العملية كلها ويرون إمكانية إخراج اليهود بشكل منهجي وتحويلهم إلى عنصر نافع. كما يُلاحَظ أن مكـونات هـذين العنصرين (المنبوذين ـ النافعين الذين يمكن توظيفهم) هي ذاتها السمات الأساسية للجماعة الوظيفية. ومن ثم، فإن اكتشاف نفع اليهود كان أمراً متوقعاً، إذ أن ذلك لصيق ببنية الجماعة الوظيفية وهو سر وجودها وبقائها، إذ أنها لا يمكن أن يكتب لها البقاء في مجتمع إلا إذا كانت "نافعة" و"تلعب دوراً ضرورياً".

    3 ـ تظـل الصيغة الصهيونيـة حتى نهاية القرن التاسـع عشـر مجرد فكرة، ولكنها تتحول إلى حركة منظمة بعد مرحلة هرتزل وبلفور ومضمونها أن يتم التوظيف من خلال دولة وظيفية على أن تشرف على العملية إحدى الدول الاستعمارية الكبرى في الغرب التي تُؤمِّن للمستوطنين موطئ قدم وتضمن بقاء واستمرار الدولة الوظيفية الاستيطانية. ومع وعد بلفور، يصبح المكان الذي ستقام فيه الدولة الوظيفية هو فلسـطين وتتحـول الصيغة الأسـاسية إلى الصـيغة الشـاملة.

    ولنا أن نلاحظ أن المفهوم الكامن وراء الصيغة الأساسية الشاملة في الصهيونية الغربية مفهوم محوري في الحضارة الغربية، فلم يتم إدراك اليهود وحدهم من خلاله وإنما تم إدراك كل المنحرفين اجتماعياً، فمثلاً كان يتم نَقْل المساجين إلى أستراليا وتوظيفهم هناك بحيث يتحوَّلون إلى عناصر صالحة؛ أعضـاء في الحضـارة التي نبـذتهم ونقلتهم.

    والصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة محايدة تماماً، فهي صيغة علمانية نفعية مادية تماماً، رغم كل ما قد يحيط بها من ديباجات مسيحية أو رومانسية، فهي ترى اليهود، في نهاية الأمر وفي التحليل الأخير، باعتبارهم مادة نافعة لا قداسة لها. وهي تنظر لوجود اليهود في العالم الغربى نظرة سلبية لابد من وضع نهاية له. ولذا، فهي صيغة تدعو اليهود إلى إنهاء السلبية الدينية والعودة المادية العلمانية إلى فلسطين دون انتظار أي أمر إلهي (الأمر الذي يتنافى مع العقيدة المسيحية الكاثوليكية واليهودية الأرثوذكسية)

    والصيغة تُعلمن اليهود (فهم مادة نافعة تُنقَل)، كما تُعلمن المكان الذي سيُنقَلون إليه (فهو مجرد حيز)، وتُعلمن سكانه الأصليين (فمصيرهم إما النـقـل أو الإبـادة)، وتُعلمن وسـيلة النقـل (فهي الإمبريالية)

    والصيغة الأساسية الشاملة هي القاسم المشترك الأعظم بين كل الصهيونيات: صهيونية اليهود ـ صهيونية غير اليهود ـ صهيونية اليهود المتدينين ـ صهيونية اليهود العماليين ـ صهيونية اليهود المتمسكين بإثنيتهم ـ صهيونية اليهود غير اليهود، وذلك بغض النظر عن الديباجات والاعتذاريات وزوايا الرؤية. ولا شك في أنها تصلح أساساً تصنيفياً للتفرقة بين الصهيونية وغيرها من الحركات التي توجهت للقضايا نفسها.

    والصيغة الشـاملة تصلح أيضاً إطاراً لكتابة تاريخ عام للصهيونية، باعتبارها حركة فكرية سياسية اقتصادية اجتماعية في الحضارة الغربية (لا بين أعضاء الجماعات اليهودية وحسب)، بحيث لا يتم الفصل بين صهيونية اليهود وصهيونية غير اليهود كما هو مُتَّبع، وإنما يُنظَر إليهما كمراحل مترابطة في سياق تاريخي حضاري واحد.

    والصيغة الشاملة هي الأساس الذي يستند إليه ما نسميه «العقد الصهيوني الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية بشأن يهود الغرب»، فهذا العقد يتيح الفرصة أمام يهود الغرب لأن يحققوا من خـلال الخروج من العالم الغربي ما فشـلوا في تحقيقـه من خـلال البقاء فيه. وعلى المستوى السياسي، يمكن القول بأن الصيغة الشاملة تعني ربط حل المسألة اليهودية (المادة البشرية المستهدفة) بالمسألة الشرقية (المجال الذي ستُنقَل فيه لتُوظَّف لصالح الحضارة الغربية). وقد تم تهويد الصيغة الشاملة من خلال مجموعة من الديباجات بحيث أصبحت «الصيغة الشاملة المُهوَّدة»، وذلك حتى يتحقق لليهود استيطانها.

    ويُلاحَظ أنه في الوقت الحاضر بعد أن استقرت أوضاع الجماعات اليهودية في الغرب، وبعد دمجهم وتَناقُص أعدادهم أصبحت العناصر الأخيرة في الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة هي العنصر الأساسي (دولة وظيفية يدعمها الغرب ويضمن بقاءها وتقوم هي على خدمته وعلى تجنيد يهود العالم وراءها لخدمتها وخدمة العالم الغربي). وأصبح هــذا هو أسـاس الإجـماع الصهيوني.







  8. #108
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي




    الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة المهودة
    Underlying Judaized Zionist Premises

    «الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة المُهوَّدة» هي «الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة» بعد أن اكتسبت ديباجات ومسوغات يهودية جعل بإمكان المادة البشرية المستهدفة استبطانها. فالصيغة الشاملة تُعلمن اليهود تماماً وتُحوْسلهم إلى أقصى حد، وهي أيضاً تُعلمن الهدف من نقلهم والأرض التي سيُنقَلون إليها. وليس من السهل على المرء قبول أن يتحول إلى وسيلة وأن يُنقَل كما لو كان شيئاً لا قيمة له إلى أرض (أي أرض). ولذا، نجد أن المقدرة التعبوية للصيغة الشاملة تكاد تكون منعدمة، إذ أنها تفترض أن ينظر اليهود إلى أنفسهم بشكل براني، وهذا أمر مستحيل بطبيعة الحال.

    وقد طوَّر هرتزل الخطاب الصهيوني المراوغ الذي فتح الأبواب المغلقة أمام كل الديباجات اليهودية المتناقضة التي غطت، بسبب كثافتها، على الصيغة الأساسية الشاملة وأخفت إطارها المادي النفعي حتى حلَّت، بالنسبة لأعضاء الجماعات اليهودية في الغرب بل بالنسبة لمعظم قطاعات العالم الغربي، محل الصيغة الأساسية الشاملة.

    وقد تم إنجاز هذا بأن قامت الصهيونية الإثنية (الدينية والعلمانية) بإسقاط ديباجات الحلولية الكمونية (التي تلغي الحدود بين الإله والأرض والشعب وتخلع القداسة على كل ما هو يهودي) على الصيغة الشاملة بحيث يتحول اليهود من مادة نافعة إلى كيان مقدَّس له هدف وغاية ووسيلة ورسالة. وتجعل عملية نقله مسألة ذات أبعاد صوفية أو شبه صوفية نبيلة. لكل هذا أصبح من السهل على المادة البشرية أن تستبطن الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة وأصبح من السهل التحالف بين الدينيين والعلمانيين: الجميع يتفق على قداسة الشعب ورسالته (ومطلقيته) ويختلفون حول مصدر القداسة وتجلياتها. ورغم كثافة الديباجات وإغراقها في الحلولية، تظل الثوابت كما هي، وتظل الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة كما هي.

    وتذهب الصيغة المُهوَّدة إلى أن العالم هو «المنفى» وأن اليهود يشكلون «شعباً عضوياً واحداً» لابد أن يُنقَل من المنفى (فهو شعب عضوي منبوذ) إلى فلسطين «أرض الميعاد». ورغم هذا الاتفاق المبدئي إلا أن الديباجات تختلف، فالشعب العضوي المنبوذ لا يُنبَذ بسبب كونه جماعة وظيفية فقدت دورها أو لأنه قاتل المسيح، وإنما لعدد من الأسباب تتغيَّر بتغيُّر صاحب الديباجة منها أنه شعب مقدَّس مكروه من الأغيار في كل زمان ومكان بسبب قداسته (الصهيونية الإثنية الدينية) أو بسبب تركيبه الطبقي غير السوي (الصهيونية العمالية) أو لأن هويته الإثنية العضوية لا يمكن أن تتحقق إلا في أرضه (الصهيونية الإثنية العلمانية [الثقافية]) أو لأنه شعب ليبرالي عادي يود أن يكون مثل كل الشعوب، وخصوصاً الشعوب الغربية (الصهيونية السياسة). ومهما اختلفت الأسباب، فإن هذا الشعب ينظر إلى نفسه فيرى كياناً عضوياً مطلقاً له قيمة إيجابية ذاتية (بل يجد أنه المطلق وموضع الحلول والكمون).

    أما الهدف من النقل فليس التخلص من اليهود أو تأسيس دولة وظيفية تقوم على خدمة الغرب وإنما هو إصلاح الشخصية اليهودية وتطبيعها وتأسيس دولة اشتراكية تحقق مُثُل الاشتراكية (الصهيونية العمالية) أو الاستجابة للحلم الأزلي في العودة وتحقيق رسالة اليهود الإلهية وتأسيس دولة تستند إلى الشريعة اليهودية (الصهيونية الدينية) أو تحقيق الهوية اليهودية وتأسيس دولة يهودية بالمعنى العلماني تكون بمنزلة مركز روحي وثقافي ليهود العالم (الصهيونية الإثنية العلمانية) أو تحقيق مُثُل الحرية وتأسيس دولة ديموقراطية غربية (الصهيونية السياسية). كما اكتسب المكان الذي سيُنقل إليه الشعب معنى داخلياً إذ تصبح الأرض هي الأرض الوحيدة التي تَصلُح للخلاص (المشيحاني أو الاشـتراكي أو الليبرالي)، فهي «أرض الميعـاد» الإثنـية الدينية أو العلمانية، بل إن خلاص الشعب هو خلاص الأرض، وهو نفسه مشيئة الإله.

    وآليات الانتقال ليست الاستعمار الغربي أو العنف والإرهاب وإنما هي "القانون الدولي العام" متمثلاً في وعد بلفور (في الصياغة الصهيونية السياسية) أو "تنفيذاً للوعد الإلهي والميثاق مع الإله" (في الصياغة الدينية) أو بسبب قوة اليهود الذاتية (في الصياغة الصهيونية التصحيحية). كما أن النتيجة النهائية واحدة وهي تحويل اليهود إلى مسـتوطنين صهاينة وطرد الفلسـطينيين من وطـنهم وتحويلهم إلى مهاجرين. وعلى هذا، فإن عملية نقل اليهود من المنفى إلى فلسطين (سواء بسبب الوعد الإلهي أو بسبب وعد بلفور) تؤدي إلى نقل الفلسطينيين خارج وطنهم (إلى المنفى).

    ويُلاحَظ أن الصهيـونية التصحيحية هي أكثر التيارات الصهيونية صراحة، فهي تُفصح عن الارتبـاط بالاستعمار ووظيفـية الدولـة وضرورة اللجوء للعنف، فهـي تقـترب من الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة ولا تختفي إلا وراء الحد الأدنى من الديباجات.

    وقد اتجهت الصيغة المُهوَّدة لقضية يهود الغرب المندمجين في مجتمعاتهم والذين لا ينوون (لعدة أسباب خاصة بهم) الانتقال إلى أرض الميعاد الاشتراكية أو الرأسمالية أو اليهودية. فقبلت قرارهم هذا نظير تلقِّي دعمهم والتفافهم حولها على أن تلزم الحركة الصهيونية الصمت تجاه فضيحة الصهاينة الذين لا يهاجرون ومن هنا ولدت الصهيونيتان: الاستيطانية والتوطنيه.

    وقد تنبَّه كثير من المفكرين الصهاينة إلى وجود الصيغة الشاملة المُهـوَّدة أو اليهـودية من وجهـة نظـرهم (رغــم أن أحداً منهم لم يُسمِّها)، فيشير حاييم لانداو، على سبيل المثال، إلى أن البرنامج الصهيوني يدور حـول فكرة ثابـتة واحـدة "وكل القيم الأخرى إن هي إلا أداة في يد المطلق"، ثم يحدد هذا المطلق على أنه "الأمة". وقد وافقه موشيه ليلينبلوم، وكان ملحداً، على قوله هذا: "إن الأمة كلها أعز علينا من كل التقسيمات المتصلبة المتعلقة بالأمور الأرثوذكسية أو الليبرالية في الدين. فلا مؤمنين وكفار، فإن الجميع أبناء إبراهيم وإسحق ويعقوب... لأننا كلنا مقدَّسون سواء كنا غير مؤمنين أو كنا أرثوذكسيين". والمعنى أن الشعب كله هو مركز الحلول، تجري في عروقه هذه القداسة بشكل متوارث. أما كلاتزكين، فإنه يوضح القضية بما ينم عن الذكاء في مقاله «الحدود» حيث يبين أن اليهودية تعتمد على الشكل لا على المضمون (الشكل يعني في واقع الأمر بنية العلاقات الكامنة وليس الشكل بالمعنى الدارج للكلمة). وهذا الشكل الأسـاسي ـ كما يقول ـ هو تخليص "الشعب اليهودي" للأرض. أما المضامين الروحية أو الفكرية، فهي تختلف بشكل جذري، ولكن هذا لا يهم لأن مضمون الحياة نفسه (أي واقعها) سيصبح قومياً عندما تصبح أشكالها قومية. وقد تنبَّه هؤلاء المفكرون الصهاينة ـ وأولهم ديني متطرف في تَديُّنه والآخران علمانيان ـ إلى أن ثمـة فكـرة ثابتـة، جوهـراً ما، "مطلقـاً" على حـد قـول الأول، و"شكلاً أساسياً" أو "قداسة معيَّنة" على حد قول المفكرين الآخرين. كما تنبهوا إلى أن هذا الجوهر هو الثابت وأنه يُغيِّر ما عداه ويُحوِّره ويسمه بميسمه. وقد حددوه بأنه مفهوم الأمة اليهودية.





  9. #109
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    أرض بـــــلا شــــــعب لشــــــعب بــــــلا أرض
    A Land without a People for People without a Land

    شعار صهيوني يصعب معرفة تاريخ ظهوره. ولكن يمكن القول بأنه صياغة معلمنة للرؤية الإنجيلية القائلة بأن فلسطين هي أرض الميعاد والأرض المقدَّسة، وأن اليهود هم الشعب المقدَّس، ومن ثم فالشعب المقدَّس لابد أن يعود للأرض المقدَّسة، فهو صاحبها.

    ولعل أول من قام بعلمنة الصياغة هو اللورد شافتسبري الذي تحدث في منتصف القرن التاسع عشر عن "الأرض القديمة للشعب القديم". ثم اكتملت عملية العلمنة في الصياغة الحالية «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». ويبدو أن إسرائيل زانجويل هو صاحب الصياغة الأخيرة.

    ومهما كان الأمر فهذا الشعار السوقي الساذج هو إفراز طبيعي للخطاب الحضاري الغربي الحديث، الذي ينبع من الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية التي قامت بعلمنة الرؤى الإنجيلية وحولتها من صياغات مجازية تتحقق في آخر الأيام بمشيئة الإله إلى شعارات استيطانية حرفية تتحقق الآن وهنا بقوة السلاح. وهذه الرؤية للكون (الطبيعة والبشر) باعتباره مادة استعمالية، تضع الإنسان الغربي في المركز ومن ثم يصبح العالم كله فراغاً بلا تاريخ وبلا بشر، وإن وُجد بشر فهم مادة استعمالية عرضية لا قيمة لها، ومن ثم تصبح فلسطين أرضاً مأهولة بلا شعب. ويصبح الفلسطينيون مادة استعمالية لا قيمة لها في حد ذاتها.

    ويخضع أعضاء الجماعات اليهودية لنفس العملية فهم بدلاً من أن يكونوا الشعب المقدَّس بالمعنى المجازي يصبحون الشعب اليهودي بالمعنى الحرفي، وحيث إنهم شعب، فهم إذن لا ينتمون للحضارة الغربية التي لا تضم سوى الشعوب الغربية ومن ثم لا أرض لهم.

    لا يبقى بعد هذا إلا عملية الحوسلة والتوظيف التي تأخذ شكل ترانسفير مزدوج: تحريك اليهود من المنفى إلى الأرض، وتحريك السكان الأصليين من الأرض إلى المنفى، وكل هذا يتم تحت رعاية الحضارة الغربية ولخدمة مصالحها، وهذا هو المشروع الصهيوني.

    ويتسم شعار «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» بتناسقه اللفظي الساحر، فهو ينقسم إلى قسمين متساويين يستخدم كل قسم القدر نفسه من الكلمات. وكلمة «بلا» في القسمين هي المركز الثابت والعنصر المشترك، وما يتحرك هو كلمتا «الأرض» و«الشعب» فيتبادلان مواقعهما تماماً كما سيتبادل اليهود والعرب مواقعهم.

    ويتسم الشعار بالتماسك العضوي والوحدة الكاملة، فلا يوجد حرف زائد ولا توجد كلمة ليست في موضعها، وهو تعبير جيد عن الرؤية العضوية المغلقة التي تسم الخطاب الغربي الحديث، الذي يُفضِّل الصيغ الجميلة المتماسكة لفظياً، بحيث تصبح الصيغة مرجعية ذاتها مكتفية بذاتها كالأيقونة. وقد ينبهر المرء بجمال العبارة فينسى أنها عبارة إبادية، تعني اختفاء العرب وتغييبهم. والترجمة السياسية للعبارة في وعد بلفور هي الإشارة للعرب باعتبارهم «الجماعات غير اليهودية». وقد عبَّر الشعار عن نفسه فيما نسميه مقولة «العربي الغائب» في الخطاب الصهيوني العنصري. ونحن نذهب إلى أن إدراك العالم الغربي للفلسطينيين لا يزال يتحرك في إطار مقولة «أرض بلا شعب» ومن هنا سلوكه الذي قد يبدو لا عقلانياً بالنسبة لنا.

    والصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة هي تنويع تفصيلي على شعار أرض بلا شعب. فالشعب العضوي المنبوذ هو الشعب بلا أرض الذي سيُنقل لأرض يتم إبادة شعبها أو طردهم، وبذلك يصبح الشعب المنبوذ شعباً نافعاً داخل إطار الدولة الوظيفية.

    وغني عن القول أن هذه الصيغة الصهيونية السوقية التي تكشف المضمون الحقيقي للصهيونية وتبيِّن نزعتها العنصرية الإبادية الشرسة، قد اختفت تماماً من الخطاب الصهيوني، وحل محلها صيغ أكثر صقلاً وتركيباً، مثل «الحقوق المطلقة للشعب اليهودي» التي تعني في واقع الأمر أن حقوق الآخرين (العرب) نسبية عرضية ومن ثم يمكن تهميشها، وفي نهاية الأمر إلغاءها. كما أن الخطاب الصهيوني بعد عام 1967 وبعد ضم الأراضي الفلسطينية التي تحوي كثافة بشرية عالية اضطر أن يعترف بوجود شعب على الأرض، فلجأ لعملية تحايل كي يفرض الشعار القديم على الواقع. فمفهوم الحكم الذاتي الإسرائيلي يعني حقوق الفلسطينيين دون أن يكون لهم أي حقوق على الأرض (أي أن الفلسطينيين أصبحوا شعباً بلا أرض). كما أن الطرق الالتفافية هي تعبير عن اعتراف ضمني بوجود الشعب الفلسطيني الذي لا يملك المستعمرون إلا "الالتفاف" حوله.





  10. #110
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    الوطـن القـومي اليهودي
    Jewish National Home

    «الوطن القومي» مصطلح يتواتر في الكتابات الصهيونية والمعادية لليهود، ويعني أن اليهود لا ينتمون إلى أوطانهم وإنما إلى وطن قومي واحد هو فلسطين التي يُشار إلىها أيضاً باسم «إرتس يسرائيل»، أو «إسرائيل» أو «أرض الميعاد» أو «الأرض المقدَّسة» أو «الأرض» وحسب. كما يعني المصطلح أن البلاد التي يقيم اليهود فيها إنما هي منفى أو مَهْجَر أو بابل (بإيحاءات السبي البابلي) أو مصر (بإيحاءات العودة والخروج). ويعني المصطلح أيضاً أن اليهود في حالة شتات يشكلون دياسبورا، وهي حالة يشعرون بها منذ هَدْم الهيكل على يد تيتوس. وقد ورد المصطلح في وعد بلفور، رغم احتجاجات قيادة الجماعة اليهودية في إنجلترا، واكتسب شرعية سياسية منذ ذلك التاريخ.

    لكن مصطلح «الوطن القومي» مصطلح ليست له مقدرة تفسيرية عالية، إذ أن كثيراً من الوقائع التاريخية لا تسانده. ومن الثابت تاريخياً أن عدد اليهود خارج فلسطين فاق عددهم داخلها قبل هدم الهيكل. كما أن من الثابت أن أكبر الهـجرات في تواريخ الجماعـات اليهودية، والتي بدأت في أواخر القرن التاسع عشر، اتجهت إلى الولايات المتحدة (ولو كانت فلسطين وطن اليهود القومي لاتجهوا إليها). وقد بلغت نسبتهم نحو 80% من جملة المهاجرين اليهود، بل لم يَعُد يُشار في الأدبيات الصهيونية إلى الولايات المتحدة باعتبارها منفى وإنما أصبح يُشار إليها باعتبارها وطناً قومياً آخر لليهود، وباعتبارها أيضاً «البلد الذهبي» (باليديشية: جولدن مدينا) الذي يحقِّق تطلعات المهاجرين المادية. ولا ندري هل هي وطن قومي ثان أم هي وطن قومي أول بالنسبة إلى اليهود؟ ففي الخطاب السياسي يأتي مصطلح «الوطن القومي» دائماً في صيغة المفرد إذ لا معنى له في صيغة المثنى أو الجمع. وعلى كلٍّ، فقد حسم يهود الولايات المتحدة القضية بأن حوَّلوا إسرائيل (فلسطين) من وطن قومي إلى مسقط الرأس والوطن الأصلي السابق، أما الولايات المتحـدة فهي الوطـن القـومي الحالي الذي يعيشون فيه بالفعل، وبذا أصبح الأمريكيون اليهود أمريكيين يهوداً على غرار الأمريكيين العرب أو الأمريكيين الأيرلنديين. ولكن هذا يعني أن أسطورة الذات الجديدة تصفي الأسطورة الصهيونية، إذ أن مسقط الرأس (إسرائيل) هو البلد الذي يهاجر اليهودي منه لا إليه!





 

صفحة 11 من 39 الأولىالأولى ... 78910111213141521 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مجلة التاريخ الصهيوني / باللغتين العربية و الإنجليزية
    بواسطة نور القلب في المنتدى المكتبة الإسلامية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 2009-06-13, 07:44 AM
  2. وثيقة تاريخية بخط السلطان عبد الحميد الثاني
    بواسطة صفاء في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2008-05-18, 09:43 PM
  3. الهولوكست وجذورها
    بواسطة ذو الفقار في المنتدى ثمار النصرانية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 2008-03-29, 07:57 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML