أكمل ما بدأت فى الإجابة على استفسارات الضيفة الكريمة عن القرآن
فحضرتك تسألين بقولك
فلماذا عذبهم بعدما آمنوا ؟ و لو كان شاء أن يؤمن من في الأرض كلهم جميعاً فلماذا لم يشاء ؟ و لما كان النفس لا تستطيع أن تؤمن إلا باذن الله فلماذا لا يأذن لكل الضالين أن يؤمنوا و يهتدوا و يعيش العالم كله في أمان ؟
هنا يبيبن الله سبحانه و تعالى أن هناك كثير من القرى لم تؤمن إلا وقت نزول العذاب عليهم فلم ينفع أيا منهم هذا الإيمان أما قوم يونس فآمنوا قبل نزول العذاب عليهم
:"
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)" أى أن التوبة لا تكون عندما يشرف الإنسان على الموت ..كالذين يؤمنون بالله عندما يقع عليهم العذاب لأنهم آمنوا هنا من دون إختيار فلا اختيارات لهم .. و لكن التوبة المقبولة هى التى تكون نابعة من قلب الإنسان و يكون فى حل من أمره تماما و ليس مجبرا عليها .
و إليك هذه المقالة من كتاب منة الرحمن فى نصيحة الإخوان و هى تتحدث عن إرادة الله
يقول الشيخ ياسر برهامي:"والإرادة نوعان:
أ. إرادة كونية:
أي بها تكون الأشياء :"
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "[يس:82].
وهذه تشمل كل الموجودات, خيرها وشرها, ما أحب الله منها وما أبغضه, ما مدحه وما ذمه, فهو الذي أراد وجود إبليس, وأبي لهب, وفرعون، ووجود الشر, وهو يبغض كل ذلك, كما أنه الذي أراد وجود الملائكة, والأنبياء, والمؤمنين, وكل الخير, وهو يحب ذلك, وخلق كلاً لحكمة يعلمها، وقد يُطلع بعض خلقه على بعضها, كما قال:"
وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ" [آل عمران: من الآية140].
وقال النبي: "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم, ولجاء بقوم يذنبون, فيستغفرون الله فيَغفر لهم" .
ب. إرادة شرعية:
أي ما يأمر الله به من الطاعات, وما ينهى عنه من المعاصي:"
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ "[البقرة: من الآية185].
:"
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ" [النساء: من الآية27].
وهذه تشمل كل ما يحبه الله ويرضاه سواء وجد أو لم يوجد, والحساب, والثواب, والمدح, والذم, والحب، والبغض.
ودخول الجنة والنار بناء على هذه الإرادة، فمن وافقها وعمل بشرع الله كان من أهل الجنة ومن خالفها فهو من أهل النار.
والإرادة الشرعية والكونية يجتمعان في إيمان المؤمن: فهو مؤمن بتوفيق الله له ومشيئته له الإيمان، وهو يعمل بطاعة الله وما أراد الله منه.
ويفترقان في كفر الكافر: فهو كافر بمشيئة الله ليس قهراً على الله, وهو مخالف لما أراد الله منه (الإرادة الشرعية)."انتهى كلام الشيخ .
و الله سبحانه و تعالى خلقنا و ترك لنا طريقى الحق و الضلال
و لو خلق الله خلقه و أجبرهم على الخير لكان ذلك دليل على القدرة و ليس على المحبوبية .
و هذا يثبت محبوبية الله إن جاء إليه الإنس و الجن مؤمنين
و لمزيد من التفصيل
تفضلي بالضغط هنا
و نقول أن الله سبحانه وتعالى غني عن العالمين .. فإن استغنى بعض خلقه عن الإيمان واختاروا الكفر .. فإن الله يساعده على الاستغناء ولا يعينه على العودة إلي الإيمان .. ولذلك فإن الحق سبحانه وتعالى يقول في حديث قدسي:
"أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني .. فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن اقترب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة". رواه الإمام مسلم فى صحيحه فى كتاب الذكر والدعاء
وقد وضح الحديث القدسي أن الله تبارك وتعالى يعين المؤمنين على الإيمان، وأن الله جل جلاله كما يعين المؤمنين على الإيمان .. فإنه لا يهمه أن يأتي العبد إلي الإيمان أو لا يأتي .. ولذلك نجد القرآن دقيقا ومحكما بأن من كفروا قد اختاروا الكفر بإرادتهم. واختيارهم للكفر كان أولا قبل أن يختم الله على قلوبهم .. والخالق جل جلاله أغنى الشركاء عن الشرك .. ومن أشرك به فإنه في غنى عنه.
أن الذين كفروا .. أي ستروا الإيمان بالله ورسوله .. هؤلاء يختم الله بكفرهم على آلات الإدراك كلها .. القلب والسمع والبصر. والقلب أداة إدراك غير ظاهرة .. وقد قدم الله القلب على السمع والبصر في تلك الآية لأنه يريد أن يعلمنا منافذ الإدراك .. وفي القرآن الكريم يقول الحق تبارك وتعالى:
(
وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(78))
و ما كان من توفيق فمن الله و ما كان من سهو أو خطأ فمنى و من الشيطان و الله و رسوله منه براء
المفضلات