1051 - " من حمل سلعته فقد برىء من الكبر " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/158 ) :
موضوع .
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1/165 ) و القضاعي ( 32/2 ) عن مسلم بن
عيسى الصفار قال : أخبرنا أبي قال : أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر
مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، مسلم هذا قال الدارقطني : متروك . و اتهمه الذهبي
في " تلخيص المستدرك " بوضع الحديث .
و له شاهد لا يفرح به ، أخرجه ابن عدي في الكامل ( ق 240/2 ) من طريق عمر بن
موسى عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا .
أورده في ترجمة عمر بن موسى بن وجيه الوجيهي ، و روى عن يحيى أنه قال :
شامي و ليس بثقة .
و عن البخاري : منكر الحديث ، ثم ساق له أحاديث كثيرة ثم قال :
و له غير ما ذكرت من الحديث كثير ، و كل ما أمليت لا يتابعه الثقات عليه ،
و ما لم أذكره كذلك ، و هو بين الأمر في الضعفاء ، و هو في عداد من يضع الحديث
متنا و سندا .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " الشعب " عن
أبي أمامة ، و تعقبه المناوي بقوله :
قضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي و أقره ، و الأمر بخلافه ، بل تعقبه بقوله
: في إسناده ضعف ، و ذلك لأن فيه سويد بن سعيد ، و هو ضعيف عن بقية و هو مدلس
عن عمرو بن موسى الدمشقي ، قال في " الميزان " : لا يعتمد عليه و لا يعرف
و لعله الوجيهي .
قلت : و في هذا التعقب نظر من وجوه :
أولا : تعصيب الجناية بسويد بن سعيد أيضا لا وجه له ، لأنه قد تابعه يحيى بن
عثمان عند ابن عدي ، و هو الحمصي ، صدوق عابد .
ثانيا : قوله : " عمرو " بالواو لا وجود له في الرواة ، فلعل الواو زيادة من
قلم بعض النساخ أو الطابع .
ثالثا : ليس في " الميزان " عمر أو عمرو بن موسى الدمشقي موصوفا بقوله :
لا يعتمد عليه .. إلخ ، و إنما فيه : عمر بن موسى الأنصاري الكوفي ، قال
الدارقطني : متروك الحديث ، قلت : كأنه الوجيهي ، و قد قال في ترجمة الوجيهي
و وهم من عده كوفيا لأنه يروي أيضا عن الحكم بن عتيبة و قتادة .
رابعا : عمر بن موسى الدمشقي هو الوجيهي قطعا ، ففي ترجمته ذكر ابن عدي هذا
الحديث ، و وصفه يحيى بأنه شامي و في " الميزان " أنه دمشقي .
خامسا : قول البيهقي : " في إسناده ضعف " فيه تساهل كبير ، فإن مثل هذا إنما
يقال في إسناد حديث فيه راو غير متهم ، أما و هذا فيه ذلك الوجيهي الوضاع فلا
ينبغي تليين القول فيه ، كما لا يخفى على المحققين من أهل المعرفة بهذا العلم
الشريف .
ثم إن الطريق الأولى لهذا الحديث مما فات السيوطي فلم يخرجه ، و لا استدركه
عليه المناوي في شرحه ، مصداقا لقول القائل : كم ترك الأول للآخر ، و ردا على
بعض المغرورين القائلين : إن علم الحديث قد نضج بل و احترق ، هداهم الله سواء
السبيل ، ثم لعل ذلك الصفار المتهم بالوضع سرق هذا الحديث من الوجيهي و ركب
عليه إسنادا غير إسناده ! قاتل الله الوضاعين و قبح فعلهم .
(3/50)
________________________________________
1052 - " لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل ، فحزن حزنا شديدا حتى كان
يغدو إلى ( ثبير ) مرة ، و إلى ( حراء ) مرة ، يريد أن يلقي بنفسه منه ، فبينا
هو كذلك عامدا لبعض تلك الجبال ، إذ سمع صوتا من السماء فوقف صعقا للصوت ، ثم
رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء و الأرض متربعا عليه يقول : يا محمد
أنت رسول الله حقا ، و أنا جبريل ، قال : فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
و قد أقر الله عينه ، و ربط جأشه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/160 ) :
ضعيف .
رواه ابن سعد في " الطبقات " ( 1/1/130 ـ 131 ) : أخبرنا محمد بن عمر ; قال :
حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن
ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الوحي .. إلخ .
قلت : و هذا سند واه جدا ، محمد بن عمر هو الواقدي و هو متهم بالكذب على علمه
بالمغازي و السير <1> ، و شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي موسى لم أعرفه ، و لكني
أظن أن جده أبي موسى محرف من أبي يحيى ، فإن كان كذلك فهو معروف و لكن بالكذب ،
و هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق المدني ، كذبه جماعة .
و يرجح أنه هو ; كونه من هذه الطبقة و كون الواقدي الراوي عنه أسلميا مدنيا
أيضا ، و قد قال النسائي في آخر كتابه " الضعفاء و المتروكون " ( ص 57 ) :
" و الكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة :
1 - ابن أبي يحيى بالمدينة .
2 - و الواقدي ببغداد .
3 - و مقاتل بن سليمان بخراسان .
4 - و محمد بن سعيد بالشام ، يعرف بالمصلوب .
فهذا الإسناد من أسقط إسناد في الدنيا ، و لكن قد جاء الحديث من طريق أخرى من
حديث عائشة في صحيح البخاري و غيره ، بيد أن له علة خفية ، فلابد من بيانها
فأخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 22 ـ ترتيب الفارسي ) من طريق ابن
أبي السري :
حدثنا عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن الزهري : أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة
قالت : أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة
يراها في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب له الخلاء ،
فكان يأتي حراء فيتحنث فيه ... حتى فجأة الحق و هو في غار حراء ، فجاءه الملك
فيه فقال : اقرأ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقلت : ما أنا بقارىء
... الحديث إلى قوله : قال ( يعني ورقة ) : نعم لم يأت أحد قط بما جئت به إلا
عودي ، و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة أن توفي و فتر
الوحي فترة ، و زاد : حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا
لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها تبدى
له جبريل ، فقال له جبريل ، فقال له : يا محمد ! إنك رسول الله حقا ، فيسكن
لذلك جأشه و تقر نفسه فيرجع ، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا
أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل ، فيقول له مثل ذلك .
و ابن أبي السري هو محمد بن المتوكل و هو ضعيف حتى اتهمه بعضهم ، و قد خولف في
إسناده فقال الإمام أحمد في " مسنده " ( 6/232 ـ 233 ) : حدثنا عبد الرزاق به .
إلا أنه قال :
حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا خزنا غدا منه .. إلخ ، فزاد
هنا في قصة التردي قوله :
" فيما بلغنا " .
و هكذا أخرجه البخاري في أول " التعبير " من " صحيحه " ( 12/311 ـ 317 ) من
طريق عبد الله بن محمد و هو أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبد الرزاق به بهذه
الزيادة ، و أخرجه مسلم ( 1/97 ـ 98 ) من طريق محمد بن رافع : حدثنا عبد الرزاق
به ، إلا أنه لم يسق لفظه ، و إنما أحال فيه على لفظ قبله من رواية يونس عن ابن
شهاب ، و ليس فيه عنده قصة التردي مطلقا ، و هذه الرواية عند البخاري أيضا في
" التفسير " ( 8/549 ـ 554 ) ليس فيها القصة ، فعزو الحافظ ابن كثير في تفسيره
الحديث بهذه الزيادة للشيخين فيه نظر بين ، نعم قد جاءت القصة في الرواية
المذكورة عند أبي عوانة في " مستخرجه " ( 1/110 ـ 111 ) : حدثنا يونس بن
عبد الأعلى قال : أنبأنا ابن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد به ، و فيه قوله :
" فيما بلغنا " ، فهذه الرواية مثل رواية أحمد و ابن أبي شيبة عن عبد الرزاق
تؤكد أن إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله : " فيما بلغنا " خطأ منه ترتب
عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة ، فصارت بذلك موصولة ، و هي في
حقيقة الأمر معضلة ، لأنها من بلاغات الزهري ، فلا تصح شاهدا لحديث الترجمة
المذكورة أعلاه ، قال الحافظ ابن حجر بعد أن بين أن هذه الزيادة خاصة برواية
معمر ، و فاته أنها في رواية يونس بن يزيد أيضا عند أبي عوانة ، قال :
ثم إن القائل : " فيما بلغنا " هو الزهري ، و معنى الكلام أن في جملة ما وصل
إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة ، و هو من بلاغات
الزهري ، و ليس موصولا ، و قال الكرماني : هذا هو الظاهر و يحتمل أن يكون بلغه
بالإسناد المذكور ، و وقع عند ابن مردويه في " التفسير " من طريق محمد بن كثير
عن معمر بإسقاط قوله : " فيما بلغنا " ، و لفظه " فترة حزن النبي صلى الله عليه
وسلم منها حزنا غدا منه " إلخ ، فصار كله مدرجا على رواية الزهري و عن عروة عن
عائشة ، و الأول هو المعتمد .
و أشار إلى كلام الحافظ هذا الشيخ القسطلاني في شرحه على البخاري في " التفسير
" و اعتمده ، و محمد بن كثير هذا هو الصنعاني المصيصي قال الحافظ في " التقريب
" : صدوق كثير الغلط .
و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : ضعفه أحمد .
قلت : فمثله لا يحتج به ، إذا لم يخالف ، فكيف مع المخالفة ، فكيف و من خالفهم
ثقتان عبد الرزاق و يونس بن يزيد ، و معهما زيادة ؟ !
و خلاصة القول أن هذا الحديث ضعيف لا يصح لا عن ابن عباس و لا عن عائشة ،
و لذلك نبهت في تعليقي على كتابي " مختصر صحيح البخاري " ( 1/5 ) على أن بلاغ
الزهري هذا ليس على شرط البخاري كي لا يغتر أحد من القراء بصحته لكونه في "
الصحيح " . والله الموفق .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] انظر ترجمته بالتفصيل في " تاريخ الخطيب " ( 3/1 - 20 ) . اهـ .
(3/51)
________________________________________
1053 - " السجود على سبعة أعضاء : اليدين ، و القدمين ، و الركبتين و الجبهة ، و رفع
الأيدي إذا رأيت البيت ، و على الصفا و المروة ، و بعرفة ، و بجمع ، و عند رمي
الجمار ، و إذا أقيمت الصلاة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/163 ) :
منكر بذكر رفع الأيدي .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/155/1 ) : حدثنا أحمد بن شعيب
أبو عبد الرحمن النسائي : حدثنا عمرو بن يزيد أبو بريد الجرمي : أخبرنا سيف بن
عبيد الله : أخبرنا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
و عن الطبراني رواه الضياء في " المختارة " ( 61/249/2 ) .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و علته عطاء بن السائب و كان اختلط ، فلا يحتج بحديثه
إلا ما رواه الثقات عنه قبل اختلاطه و هم : سفيان الثوري ، و شعبة ، و زهير بن
معاوية ، و زائدة بن قدامة ، و حماد بن زيد ، و أيوب السختياني ، و وهيب ، كما
يستفاد من مجموع كلام الأئمة فيه على ما لخصه ابن حجر في " التهذيب " و فاته
وهيب فلم يذكره في جملة هؤلاء الثقات ! و على كل حال فليس منهم ورقاء و هو ابن
عمر راوي هذا الحديث عنه ، فيتوقف عن الاحتجاج بحديثه كما هو مقرر في " المصطلح
" و يعامل معاملة الحديث الضعيف حتى يثبت ، و هيهات ، فقد جاء الحديث من طريق
طاووس عن ابن عباس مرفوعا بالشطر الأول منه ، رواه الشيخان و غيرهما ، و هو
مخرج في " الإرواء " ( 310 ) .
فالشطر الثاني منكر عندي لتفرد عطاء به ، و قد أعله الهيثمي في " المجمع " فقال
( 3/238 ) :
و فيه عطاء بن السائب و قد اختلط .
و تعقبه المعلق على " نصب الراية " فقال ( 1/390 ) :
قلت : ورقاء من أقران شعبة ، و سماع شعبة عن عطاء بن السائب قديم صحيح على أنه
قال ابن حبان : اختلط بآخره ، و لم يفحش حتى يستحق أن يعدل به عن مسلك العدول .
قلت : و هذا التعقب لا غناء فيه ، لأنه لا يلزم من كون ورقاء من أقران شعبة أن
يكون سمع من عطاء قديما كما سمع منه شعبة ، ألا ترى أن في جملة من روى عن عطاء
إسماعيل بن أبي خالد و هو من طبقة عطاء نفسه ، بل أورده الحافظ ابن حجر في
الطبقة الرابعة من التابعين ، بينما ذكر ابن السائب في الطبقة الخامسة ، فهو
إذن من أقران عطاء و ليس من أقران شعبة ، و مع ذلك لم يذكروه فيمن روى عن عطاء
قبل الاختلاط ، و مثله سليمان التيمي ، فهذا يبين أن السماع من المختلط قبل
اختلاطه ليس لازما لكل من كان علاي الطبقة ، كما أن العكس ; و هو عدم السماع ;
ليس لازما لمن كان نازل الطبقة ، و إنما الأمر يعود إلى معرفة واقع الراوي هل
سمع منه قديما أم لا ، خلافا لما توهمه المعلق المشار إليه .
و مما يؤيد ذلك أن بعض الرواة يسمع من المختلط قبل الاختلاط و بعده و من هؤلاء
حماد بن سلمة ، فإنه سمع من عطاء في الحالتين كما استظهره الحافظ في " التهذيب
" ، و لذلك فلا يجوز الاحتجاج أيضا بحديثه عنه خلافا لبعض العلماء المحدثين
المعاصرين ، والله يغفر لنا و له .
و أما ما نقله ذلك المعلق عن ابن حبان ، فهو رأي لابن حبان خاصة دون سائر
الأئمة الذين حرصوا أشد الحرص على معرفة الرواة الذين سمعوا منه قبل الاختلاط ،
و الذين سمعوا منه بعده ، ليميزوا صحيح حديثه من سقيمه ، و إلا كان ذلك حرصا لا
طائل تحته ، إذا كان حديثه كله صحيحا ، أضف إلى ذلك أن في " المصطلح " نوعا
خاصا من علوم الحديث و هو " معرفة من اختلط في آخر عمره " و قد ذكروا منهم
جماعة أحدهم عطاء و قالوا فيهم :
فمن سمع من هؤلاء قبل اختلاطهم قبلت روايتهم ، و من سمع بعد ذلك أو شك في ذلك
لم تقبل <1> .
و الحديث رواه الطبراني أيضا في " الأوسط " ( 1678 ، 1679 ) و كذا في " حديثه
عن النسائي " ( ق 314/2 ) بسنده هذا ، و لكنه فصل بين الشطر الأول منه و الآخر
، جعلهما حديثين ثم قال :
لم يرو هذين الحديثين عن عطاء بن السائب إلا ورقاء ، و لا ورقاء إلا سيف تفرد
به أبو بريد .
و عمرو بن يزيد أبو بريد : صدوق ، و مثله سيف بن عبيد الله إلا إنه ربما خالف ،
كما في " التقريب " .
و قد خالفه ابن فضيل فقال : عن عطاء به موقوفا على ابن عباس و هذا أصح .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1/77/2 ) .
و الحديث بظاهره يدل على أن الأيدي لا ترفع في غير هذه المواطن ، و هذه الدلالة
غير معتبرة عند الحنفية لأنها بطريق المفهوم ، لكن قد روي الحديث بلفظ آخر يدل
بمنطوقه على ما دل عليه هذا بمفهومه ، فوجب علينا بيان حاله ، فأقول :
لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن : حين تفتتح الصلاة ، و حين يدخل المسجد
الحرام فينظر إلى البيت ، و حين يقوم على المروة ، و حين يقف مع الناس عشية
عرفة ، و بجمع ، و المقامين حين يرمي الجمرة .
*--------------------------------------------------------------------------*
[1] " اختصار علوم الحديث " للحافظ ابن كثير ( ص 274 ) . اهـ .
(3/52)
________________________________________
1054 - " لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن : حين تفتتح الصلاة ، و حين يدخل المسجد
الحرام فينظر إلى البيت ، و حين يقوم على المروة ، و حين يقف مع الناس عشية
عرفة ، و بجمع ، و المقامين حين يرمي الجمرة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/166 ) :
باطل بهذا اللفظ .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/146/2 ) : حدثنا محمد بن عثمان بن
أبي شيبة : نا محمد بن عمران بن أبي ليلى : حدثني أبي : نا ابن أبي ليلى عن
الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى و هو محمد بن عبد الرحمن ، فإنه سيىء
الحفظ ، و رواه البزار في " مسنده " ( رقم 519 ـ كشف الأستار ) من طريقه بلفظ :
" ترفع الأيدي .. " ، دون " لا " النافية و قال :
رواه جماعة فوقفوه ، و ابن أبي ليلى ليس بالحافظ ، إنما قال : " ترفع الأيدي "
، و لم يقل : لا ترفع إلا في هذه المواضع .
و أقره عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " ( ق 102/1 ) و قال :
رواه غير واحد موقوفا ، و ابن أبي ليلى لم يكن حافظا .
و قال الحافظ في ترجمته من " التقريب " :
صدوق سيىء الحفظ جدا .
و كذا قال الذهبي في " الضعفاء " ، إلا أنه لم يقل : " جدا " ، و ذلك لا يخرج
حديثه من رتبة الضعف المطلق ، و إنما من رتبة الضعف الشديد كما هو ظاهر ، و أما
قول الهيثمي في " المجمع " ( 3/238 ) :
في إسناده محمد بن أبي ليلى و هو سيىء الحفظ ، و حديثه حسن إن شاء الله تعالى .
فهو غير مستقيم ، لأن السيئ الحفظ حديثه من قسم المردود كما هو مقرر في
" المصطلح " و خصوصا في " شرح النخبة " للحافظ ابن حجر ، و هذا إن كان يعني
بقوله : حديثه جملة ، كما هو الظاهر ، و إن كان يعني هذا الحديث بخصوصه فما هو
الذي جعله حسنا ؟ و هو ليس له شاهد يقويه ، ثم إنه يستحيل أن يكون هذا الحديث
حسنا ، و قد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم رفعه يديه عند الركوع
و الرفع منه ، و رفع يديه في الدعاء في الاستسقاء و غيره ، و قد كفانا بسط
الكلام في رد هذا الحديث الحافظ الزيلعي الحنفي في " نصب الراية " ( 1/389 ـ
392 ) ، و بين أنه لا يصح مرفوعا و لا موقوفا ، فراجعه ، ثم إن في إسناد
الطبراني محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، و فيه كلام كثير ، فلا يحتج به عند
المخالفة على الأقل ، كما هو الشأن هنا ، إذ زاد ( لا ) في أوله خلافا لرواية
البزار ، و هي أصح ، إذ ليس فيها إلا ابن أبي ليلى ، و يؤيد ذلك أنه أخرجه
الشافعي ( 2/38/1023 ) من طريق سعيد بن سالم عن ابن جريج قال : حدثت عن مقسم به
بلفظ :
" ترفع الأيدي في الصلاة ... " فذكر هذه السبع و زاد : " و على الميت " .
بيد أنه سند ضعيف ، لانقطاعه بين ابن جريج و مقسم ، و لعل الواسطة بينهما هو
ابن أبي ليلى نفسه .
و سعيد بن سالم فيه ضعف من قبل حفظه ، لكنه قد توبع ، فقد أخرجه البيهقي في
" السنن " ( 5/72 ـ 73 ) من طريق الشافعي ، ثم قال :
و بمعناه رواه شعيب بن إسحاق عن ابن جريج عن مقسم ، و هو منقطع لم يسمع ابن
جريج من مقسم ، و رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن
عباس ، و عن نافع عن ابن عمر ، مرة موقوفا عليهما ، و مرة مرفوعا إلى النبي
صلى الله عليه وسلم دون ذكر الميت : و ابن أبي ليلى هذا غير قوي في الحديث .
(3/53)
________________________________________
1055 - " من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا ، و من تزوجها لمالها لم يزده الله
إلا فقرا ، و من تزوجها لحسنها لم يزده الله إلا دناءة ، و من تزوج امراة لم
يتزوجها إلا ليغض بصره أو ليحصن فرجه و يصل رحمه بارك الله له فيها ، و بارك
لها فيه " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/168 ) :
ضعيف جدا .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( رقم 2527 ) عن عبد السلام بن عبد القدوس عن
إبراهيم بن أبي عبلة قال : سمعت أنس بن مالك يقول : فذكره مرفوعا و قال :
لم يروه عن إبراهيم إلا عبد السلام .
قلت : و هو ضعيف جدا ضعفه أبو حاتم و قال أبو داود : عبد القدوس ليس بشيء
و ابنه شر منه ، و قال ابن حبان في " الضعفاء " ( 2/150 ـ 151 ) :
يروي الموضوعات ، و روى عن إبراهيم بن أبي عبلة .
قلت : فذكر هذا الحديث ، فاقتصار الهيثمي ( 4/254 ) على قوله : و هو ضعيف قصور
أو ذهول ، و كذلك أشار المنذري في " الترغيب " ( 3/70 ) إلى أنه ضعيف !
(3/54)
________________________________________
1056 - " من ترك الكذب و هو باطل بني له قصر في ربض الجنة ، و من ترك المراء و هو محق
بني له في وسطها ، و من حسن خلقه بني له في أعلاها " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/168 ) :
منكر بهذا السياق .
أخرجه الترمذي في " سننه " ( 1/359 ـ بولاق ) و ابن ماجه ( رقم 51 ) و الخرائطي
في " مكارم الأخلاق " ( ص 8 ) و ابن عدي ( 170/2 ) عن سلمة بن وردان الليثي عن
أنس بن مالك مرفوعا به ، و قال الترمذي :
هذا حديث حسن ، لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن وردان عن أنس .
قلت : و هو ضعيف عند جمهور الأئمة ، و لذلك جزم بضعفه الحافظ في " التقريب "
و أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال :
ضعفه الدارقطني و غيره .
قلت : و ممن ضعفه الحاكم فقال : حديثه عن أنس مناكير أكثرها .
قلت : فأنى لحديثه هذا الحسن و هو عن أنس ، و قد تفرد به كما يشير إلى ذلك
الترمذي نفسه ، لا سيما و قد روي الحديث عن أبي أمامة و معاذ بن جبل بسندين
يقوي أحدهما الآخر بلفظ مغاير لهذا الحديث في فقرته الأولى و الثانية ، مما يدل
على أن سلمة قد انقلب عليه الحديث ، فراجع بيان ذلك في " سلسلة الأحاديث
الصحيحة " ( رقم ـ 273 ) .
و من المهم هنا التنبيه على أوهام وقعت للحافظ المنذري في هذا الحديث فقال في
" الترغيب " ( 1/80 ) :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من
ترك المراء و هو مبطل بني له بيت في ربض الجنة ، و من تركه و هو محق بني له في
وسطها .. " رواه أبو داود و الترمذي و اللفظ له و ابن ماجه و البيهقي ، و قال
الترمذي : حديث حسن .
و الأوهام التي فيه :
أولا : أن الحديث بهذا السياق ليس من حديث أبي أمامة ، و إنما من حديث أنس .
ثانيا : أنه ليس عند أبي داود من حديث أنس ، و إنما من حديث أبي أمامة ، و قد
ذكره المنذري في مكان آخر من كتابه ( 3/257 ـ 258 ) على الصواب .
ثالثا : ليس في حديث أنس ذكر " المراء " في الفقرة الأولى منه ، بل فيه " الكذب
" ، و إنما هو في الفقرة الثانية منه كما رأيت ، بخلاف حديث أبي أمامة فهو على
العكس من ذلك بلفظ :
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا ، و بيت في وسط
الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا .. " .
و توضيح ذلك في المكان المشار إليه من " الأحاديث الصحيحة " .
فكأن الحافظ المنذري رحمه الله اختلط عليه حديث أنس بحديث أبي أمامة فكان من
ذلك حديث آخر لا وجود له في الدنيا ! و المعصوم من عصمه الله تعالى .
(3/55)
________________________________________
1057 - " رخص في الشرب من أفواه الأداوي " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/170 ) :
منكر .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3/139/1 ) قال : حدثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي : أخبرنا عبد الله بن يحيى بن الربيع بن أبي راشد : أخبرنا أبو معاوية
عن هشام ابن حسان عن ابن عباس قال : فذكره .
قلت : و هذا سند ضعيف ، رجاله كلهم ثقات معروفون غير عبد الله بن يحيى بن
الربيع بن أبي راشد فلم أجد له ترجمة ، و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5/78 ) :
رواه الطبراني ، و فيه محمد بن عبد الله بن يحيى بن أبي راشد و لم أعرفه ،
و بقية رجاله رجال الصحيح ، هكذا وقع في النسخة محمد بن عبد الله ، و أظنه خطأ
من الهيثمي انتقل نظره حين النقل من عبد الله بن يحيى إلى الراوي عنه محمد فكتب
: محمد بن عبد الله ، والله أعلم .
و مما يؤيد ضعف هذا الحديث أنه ثبت من رواية خالد الحذاء عن ابن عباس قال : "
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء " .
أخرجه البخاري ( 4/37 ـ طبع أوربا ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 142/1 ) و غيرهما .
و أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة أيضا و أبي سعيد الخدري .
فلا يجوز الشرب من فم السقاء كما لا يجوز الشرب قائما ، إلا لعذر كما في حديث
كبشة قالت :
" دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائما ، فقمت
إلى فيها فقطعته " .
أخرجه الترمذي ( 1/345 ) و قال :
حديث حسن صحيح .
فهذا و نحوه محمول على العذر .
(3/56)
________________________________________
1058 - " كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بيده اليمنى ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله
الرحمن الرحيم ، اللهم أذهب عني الهم و الحزن " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/171 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه ابن السني في " اليوم و الليلة " ( رقم 110 ) و ابن سمعون في " الأمالي "
( ق 176/2 ) عن سلام المدائني عن زيد العمي عن معاوية عن قرة عن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال : فذكره مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، و المتهم به سلام المدائني و هو الطويل و هو كذاب
كما تقدم مرارا ، و زيد العمي ضعيف .
و له عن أنس طريق أخرى : عن جبارة : حدثنا عن أنس مرفوعا .
أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 275/1 ) في جملة أحاديث لكثير هذا و هو ابن
سليم و قال :
و هذه الروايات عن أنس ، عامتها غير محفوظة .
قلت : و كثير ضعيف و مثله جبارة و هو ابن المغلس ، بل لعله أشد ضعفا منه ، فقد
رماه بعضهم بالكذب .
و بالجملة فالحديث ضعيف جدا .
تنبيه : تقدم الحديث برقم ( 660 ) ، فهممت بحذفه من هنا اكتفاء بما مضى ،
و لكني وجدت فيه فوائد أخرى لم تذكر هناك ، فأبقيت عليه .
و قد روي بلفظ أتم منه و هو :
" كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بكفه اليمنى ثم أمرها على وجهه حتى يأتي بها على
لحيته و يقول : بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن
الرحيم ، اللهم أذهب عني الغم و الحزن و الهم ، اللهم بحمدك انصرفت ، و بذنبي
اعترفت ، أعوذ لك من شر ما اقترفت ، و أعوذ بك من جهد بلاء الدنيا ، و من عذاب
الآخرة " .
(3/57)
________________________________________
1059 - " كان إذا قضى صلاته مسح جبهته بكفه اليمنى ثم أمرها على وجهه حتى يأتي بها على
لحيته و يقول : بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن
الرحيم ، اللهم أذهب عني الغم و الحزن و الهم ، اللهم بحمدك انصرفت ، و بذنبي
اعترفت ، أعوذ لك من شر ما اقترفت ، و أعوذ بك من جهد بلاء الدنيا ، و من عذاب
الآخرة " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/172 ) :
موضوع .
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/104 ) عن داود بن المحبر : حدثنا العباس
ابن رزين السلمي عن خلاس بن عمرو عن ثابت البناني عن أنس بن مالك مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد موضوع ، المتهم به داود هذا و هو صاحب كتاب " العقل " و هو
كذاب كما تقدم غير مرة فانظر الحديث ( 1 و 224 ) .
و العباس بن رزين السلمي لم أعرفه .
(3/58)
________________________________________
1060 - " لا تزوجوا النساء لحسنهن ، فعسى حسنهن أن يرديهن ، و لا تزوجوهن لأموالهن أن
تطغيهن ، و لن تزوجوهن على الدين ، و لأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل " .
قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 3/172 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 1859 ) و البيهقي ( 7/80 ) عن الإفريقي عن عبد الله بن يزيد
عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف من الإفريقي ، و قد مضى في أول السلسلة ، و قال
البوصيري في " الزوائد " ( ق 117/1 ) ما ملخصه :
هذا إسناد ضعيف ، فيه الإفريقي و اسمه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني
و هو ضعيف ، و عنه رواه ابن أبي عمر و عبد بن حميد في " مسنديهما " ، و كذا
رواه سعيد بن منصور ، و له شاهد في " الصحيحين " و غيرهما من حديث أبي هريرة
و أما ما نقله السندي في " حاشيته " ، و تبعه محمد فؤاد عبد الباقي عن
" الزوائد " أنه قال بعد تضعيفه للإفريقي :
و الحديث رواه ابن حبان في " صحيحه " بإسناد آخر .
فهذا ليس في نسختنا من " الزوائد " ، و هو يوهم أن الحديث بهذا المتن عند ابن
حبان و عن ابن عمرو ، و ليس كذلك ، و إنما عنده حديث أبي سعيد الخدري : " تنكح
المرأة على مالها ... " الحديث نحو حديث أبي هريرة الذي اعتبره البوصيري شاهدا
لهذا و ليس كذلك ، لأنه لا يشهد إلا لجملة التزوج على الدين ، فإنه بلفظ :
" تنكح المرأة لأربع : لمالها و لحسبها ، و لجمالها ، و لدينها ، فاظفر بذات
الدين تربت يداك " .
أخرجه الشيخان و أصحاب السنن إلا الترمذي و البيهقي و غيرهم ، و هو مخرج في
" الإرواء " ( 1783 ) ، و " غاية المرام " ( 222 ) .
و في حديث أبي سعيد : " و خلقها " بدل الحسب ، و قال :
" فعليك بذات الدين و الخلق تربت يمينك " .
أخرجه ابن حبان ( 1231 ) و الحاكم ( 2/161 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف "
( 7/49/2 ) و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي ، و إنما هو حسن فقط .
(3/59)
***********************************
يتبع ان شاء الله ...
المفضلات