بسم الله والصلاة والسلام على رسول الأمة كلها القائل : "ما تركتُ شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به"
فضحنا كذب الصوفي الضال حين نسب إلى الإمام الشافعي مالم يقل .. فلما فاحت رائحة تدليسه وكذبه لم يجد ردأ على الفضيحة إلا الاستشهاد بأقوال السيوطي الشافعي ..
واخذ ينعق ويصرخ ويسب ويتّهم ويقذف هنا وهناك ، ويتسائل ويستهجن في محاولة منه لاستدراج التعاطف ، بلا فائدة .
الحق أن مداخلة عبده قبل الأخيرة مصيبة من مصايب الزمن ، فقد جمعت جهلا ، وتدليساً ، وفكاهة ، وخيبة أمل راكبة جمل .. في عدة أسطر قليلة ..
مش هتكلم كتير لان المداخلة طويلة .. خلونا نبدأ ..
يقول عبد قطب الوقت المبتدع الضال الذي يعبد رجلا يكذب على رسول الله بلا حياء . - نقلا عن الإمام السيوطي - :
الجواب-عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف ، هل المؤلف ليس بشافعي لماذا لا تذكره يا مداهن.
نعم نعم بالطبع يا عبد قطب الوقت المؤلف شافعي وقد قال السيوطي هذا الكلام والواضح أنه ينتصر للمولد وقد قرأت الحاوي للفتاوي كله ، وعنوان الرسالة "حسن المقصد في عمل المولد" تنطق بفحوى الرسالة .
ولكن للأسف يا عزيزي ، فكلام السيوطي في هذه المسألة مردود عليه لعدم ورود دليل عليه من الكتاب ولا من السنة .. وهي من عجائب مذهبه وغرائبه .
إنها كقوله في "الحاوي" أيضاً : "يستحب إكثار الصلاة على النبي عند أكل الرز لأنه كان جوهراً أودع فيه نور محمد فلما خرج النور منه تفتت وصار حباً" (الحاوي للفتاوي 41).
وكقوله : أن محمداً كان نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بألفي عام، يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه عليه الصلاة والسلام، ثم ألقى الله ذلك النور في صلب آدم" (المقامة السندسية في النسبة المصطفوية 113).
وأيضا كزعمه بأن من خصائص النبي أنه لولاه ما خلق الله آدم. (المقامة السندسية 112).
وكمجاهدته في تحسين حديث "أن الله أحيا لي أمي فآمنت بي" (المقامة السندسية 141).
وكقوله بأن النبي قد بشر بالإمام أبي حنيفة، في حديث "لو كان العلم بالثريا" (تبييض الصحيفة في مناقب أبي حنيفة 294 ).
وكزعمه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر" وهي مذكورة في (الحاوي للفتاوي 41).
وكقوله : "نزل جبريل بطبق تفاح وقد كتب في جانبه: بسم الله الرحمن الرحيم: هذه هدية من الله لأبي بكر الصديق، وعلى الجانب الآخر: من أبغض الصديق فهو زنديق" (الحاوي للفتاوي 2/45).
وقد زعم أن كعب الأحبار وجد اسم محمد مكتوب في الجنة في كل مكان. قال: ولقد رأيت اسم محمد مكتوباً على نحور الحور العين في الجنة" (الحاوي للفتاوي 2/144)
فليس من الطعن وصف ما عند السيوطي بالعجائب وتفردات الأقوال وقد حكى ذلك جمع من أهل العلم كالشيخ ملا علي قاري وغيره.
فأين الدليل على صحة كلامه يا عبد قطب الوقت ؟
الدليل هو قرآن وسنّة ... لازم تتعلم النقطة دي كويس جداً .. حتى تتعرف على أنواع البدع والخرافات التي أنت عليها الآن .
يقول الشيخ عبد الرحمن الدمشقية - حفظه الله - "وأما الاحتجاج بتأليف السيوطي كتاباً بعنوان « حسن المقصد في عمل المولد ». فالسيوطي كغيره من البشر غير معصوم يخطئ ويصيب، وهو مع جلالته وتبحره في العلم فإنه لا يخلو من غرائب انتقده عليها كثيرون أبرزهم الشيخ ملا علي قاري.
وقد انتقده الغماري في (المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير ص 6) فقال: « يورد – أي السيوطي – الحديث الموضوع الذي في نفس متنه ما يدل دلالة واضحة على وضعه...» كما فعل في حديث جابر « أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر » انتهى.
ويأتي بغرائب كقوله: « قد بشر النبي بالإمام أبي حنيفة »، في حديث « لو كان العلم بالثريا » وزعم فيما حكاه عن ابن المبارك أن أبا حنيفة صلى خمساً وأربعين سنة على وضوء واحد وكان يجمع القرآن في ركعتين في ليلة [تبييض الصحيفة في مناقب أبي حنيفة 294 (ضمن الرسائل التسع)].
فأما عن سؤالك لي : لماذا لم أذكر كلام السيوطي في حكم الاحتفال بالمولد النبوي ، فإنني لم أذكره لأنني لا أحب أقف موقف الطاعن في كلام العلماء والقادح في أحكامهم - فغفر الله لهم قد أفضوا إلى ما قدّموا - كما أنني لست المطالب بذكر كلام من رأى جواز الاحتفال بالمولد النبوي يا شاطر ، بل أنت المطالب بذلك ، ومطالب بعد ذلك بإثبات صحّته .. (إنت عاوزني أحاور نفسي؟) ..
عندك دليل من القرآن او من السنة على صحة ما جاء به السيوطي ؟ أم أنك تعبد السيوطي أيضا ؟ (هل تُشرك السيوطي مع قطب الوقت في العبادة ؟ هذا شرك أكبر يا عزيزي ، ولن يرضى عنك قطب الوقت بعد اليوم).
فأما عدم فهمك لكلام الإمام الشافعي في تقسيم البدعة لحسنة وقبيحة فنابع من عدم فهمك لمداخلاتي السابقة ولإيمانك المطلق بعصمة من تحب من العلماء كالسيوطي الذي تنقل عنه ولعدم استماعك للشريط الذي وضعته لك الأخت أمة الله في مداخلة سابقة .. وأنا لا أحب التكرار . فارجع إلى ما سبق .. فقد علم كل القراء بأن البدعة الحسنة هي التي كان لها أصل في الدين .. وليس للاحتفال بالمولد شيئ من ذلك .
فاما قوله - رحمه الله وعفى عنه - "وأول من أحدث فعل ذلك صاحب اربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبرى"
فهو حجّة عليه واعتراف يؤخد عليه ونشكره على ذلك الاعتراف .. ذلك لأن المظفر ملك إربل عمل المولد لما رأى النصارى يحتفلون بعيد ميلاد المسيح فعمل المولد شكراً لله على ولادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على الرغم من أننا مأمورون بمخالفة أهل الكتاب ..
وبهذا يتبين لنا أن فعله هذا جاء مصداقاً لقول النبي "لتتَّبِعُنَّ سنن من كان قبلكم" قالوا: « اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال فمن ؟». أي : من غيرهم؟.
فاقتباس مولدنا من ميلادهم مذمة لهذا الملك وليس مدحاً له. ولو كان مدحاً لوجب ذم من قبله (من الصحابة والتابعين) لأنهم لم يعبئوا بأمر المولد.
وأمامنا واحدة من اثنتين: إما أن نقول إنهم (الصحابة والتابعون) لم يجعلوا ليوم مولده عيداً لأنهم أقل حباً للأنبياء من أصحاب الطرق الصوفية والملة النصرانية، أو نقول إنهم لم يفعلوه لأن رسول الله لم يشرعه لهم. و"لو كان خيراً لسبقونا إليه".
ثم من هو الملك المظفّر أصلا حتى يبتدع في دين الله ماليس منه ثم يتبعه أحد ؟
ذكر ياقوت الحموي في (معجم البلدان 138) أن طباع هذا الملك « مختلفة متضادة، فإنه كثير الظلم عسوف بالرعية راغب في الأموال من غير وجهها وهو مع ذلك مفضل على القراء كثير الصدقات على الغرباء... وفي ذلك يقول الشاعر:
كساعية للخير من كسب فرجها لك الويل لا تزني ولا تتصدقي" أ. ه
وحكى عنه الشيخ محمد بخيت المطيعي "مفتي الديارالمصرية" .. قائلا : "كان ينصب قباباً من الخشب كل أربع أو خمس طبقات ويعمل مقدار عشرين قبة، فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة وقعد في كل طبقة جوق من الأغاني وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي ولم يتركوا طبقة من تلك الطباق حتى زينوا فيها جوقاً وتُعطل معايشَ الناس في تلك المدة وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم... ويسمع غناهم...
وكان يعمل المولد سنة في ثامن الشهر وسنة في ثاني عشرة لأجل الاختلاف الذي فيه. فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً زائداً عن الوصف وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي حتى يأتي بها إلى الميدان. ثم يشرعون في نحرها وينصبون القدور ويطبخون الألوان المختلفة. فإذا كان ليلة المولد عمل السماعات ثم ينزل وبين يديه من الشموع المشتعلة شيء كثير [وهل هذا إلا تقليد النصارى في طقوسهم؟ ألم تر النصارى كيف يحملون الشموع في احتفالاتهم في الكنائس؟]... تحمل كل واحدة منها على بغل ومن ورائها رجل يسندها وهي مربوطة على ظهر البغل..."
فأما قولك نقلا عن السيوطي : "وقد صنف الشيخ أبو الخطاب بن دحية له - أي الملك المظفّر - مجلدا في المولد النبوي سماه (التنوير في مولد البشير النذير) فأجازه على ذلك بألف دينار، "
لقد ذكرتَ ذلك مرتين يا عبده .. مرة في المداخلة رقم 131 ، ومرة في مداخلتك قبل الأخيرة .
وانا أشهد بغباءك ..
فكلامك باعث على الضحك حتى البكاء .. وهو دليل فاضح على تخبّطك يمنة ويسرة يا مسكين في بحثك عن قشّة تتعلق بها في محاولاتك اليائسة للنجاة من عذاب السعير الذي ينتظرك .. (فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) .
تحتج بكتاب ألّفه أبو الخطاب بن دحية وتصفه بأنه شيخ وعالم ومتديّن ، بينما يصفه شيخك وقدوتك السبكي بأنه كذاب ؟
ألم تقل في مداخلتك رقم 131 بأن السبكي من مشايخك وأعلامك وأقطابك ؟
اما اعلامنا لا تحصى اذكر لك ما تيسر الجنيدي ابو حامد الغزالي ابو العباس ابن عطاء الله ابن عبد السلام الشاذلي ابن مشيش ابن الملقن السبكي ابن ابي منصور القورنوي الاملي .
مش ده كلامك ؟
اقرأ إذن ما قاله شيخك السبكي في ابن دحية ..
لقد حكى شيخكم السبكي إجماع أهل العلم على الطعن في ابن دحية ورميه بالكذب وعظائم الأمور. وأنه كذاب لا تقبل روايته [انظر طبقات السبكي 5/189 محققة].
وقال الذهبي: « كان معروفاً بالمجازفة والدعاوى العريضة.
وقال الحافظ الضياء: لقيته ولم تعجبني حاله، كان كثير الوقيعة في الأئمة.
وقال ابن النجار « كثير الوقيعة في السلف الصالح خبيث اللسان أحمق شديد الكبر قليل النظر في أمور الدين متهاوناً... رأيت الناس مجتمعين على كذبه وضعفه وادعائه سماع ما لم يسمع » وقال في العبر: « ليس بالقوي ضعفه جماعة وله تصانيف ودعاوٍ مدحضة وعبارات مقعرة مبغضة » [ميزان الاعتدال 3/188 تذكرة الحفاظ 4/1421 العبر في خبر من غبر 3/217].
وقال الحافظ ابن حجر عن ابن النجار: « أنه لما دخل ابن دحية أكرمه ملكها فوضع سجادة للصلاة وقبّلها وقال: صليت على هذه السجادة كذا وكذا ألف ركعة وختمت القرآن في جوف الكعبة مرات. وفي آخر النهار جاء رجل فسأل عن ابن دحية وأخبرهم أنه – أي ابن دحية – قد اشترى منه السجادة أول هذا النهار. فسقط من أعين الناس » انتهى.
وقال ابن خلكان: صنف لملك إربل كتاباً في المولد ومدحه بقصيدة ثم تبين أنها في ديوان الأسعد بن مماتي.
وقال ابن نقطة: « كان يدعي أشياء لا حقيقة لها ». ونقل عن أبي القاسم بن عبد السلام قال: « أقام عندنا ابن دحية فكان يقول: أحفظ صحيح مسلم والترمذي. قال: فأخذت خمسة أحاديث من الترمذي وخمسة من المسند وخمسة من الموضوعات فجعلتها في جزء فعرضت عليه حديثاً من الترمذي فقال: ليس بصحيح. وآخر فقال لا أعرفه. ولم يعرف منها شيئاً » كذلك وصفه السيوطي بأنه « كان مجازفاً في النقل مع الدعاوى العريضة » [وانظر ترجمة الحافظ ابن حجر له في لسان الميزان 4/336 – 342 ترجمة رقم 1686/6037 طبقات الحفاظ 501 ترجمة رقم (1102)
وقال لحافظ ابن كثير: « تكلم الناس فيه بأنواع من الكلام ونسبه بعضهم إلى وضع حديث في قصر صلاة المغرب » [البداية والنهاءة 13/144-145 وفيات الأعيان 1/69
فأين أمانتك العلمية يا صوفي ؟ لماذا تغش الناس في دينهم وترفع من شأن كذاب شهد عليه شيوخك ونقاد الحديث وأصحاب الجرح والتعديل بالكذب وخبث اللسان وسوء الحال؟ أكلّ ذلك التشغيب والتشويش منك لنشر بدعك التي تدافع عنها.
اهلككم الله وأراحنا منكم وجعل كيدكم في نحوركم ..
الإمام أبو حفص تاج الدين الفاكهاني المالكي [شهد أئمة أهل العلم بفضله ومنهم السيوطي نفسه فقال السيوطي في حسن المحضرة (1/195) وابن فرحون في الديباج المذهب في معرفة علماء المذهب (186) "كان فقيهاً فاضلاً متفنناً في الحديث والفقه والأصول والعربية والأدب، صالحاً عظيماً" وأثنى عليه الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة (3/254) وأثنى عليه الحافظ ابن كثير في البداية والنهاءة (14/153)]..
يقول هذا الرجل العظيم في بدعة المولد النبوي : « لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ولا يُنقل عملُهُ عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين: بل هو بدعة أحدثها البطالون... وهو ليس بواجب إجماعاً ولا مندوباً لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه، وهذا لم يأذن فيه الشرع، ولا فعله الصحابة ولا التابعون فيما علمت، وهذا جوابي عنه بين يدي الله تعالى إن سُئلتُ عنه » [المورد في عمل المولد 20 – 22 ط: مكتبة المعارف.
وقد نقل هذه الفتوى الشيخ عدوي المالكي في حاشيته على مختصر الشيخ خليل المالكي (8/168) حيث قال في مبحث الوصية: « أما الوصية على المولد الشريف فذكر الفاكهاني في عمل المولد أن عمل المولد مكروه » وتلقاه عن العدوي بالقبول الشيخ محمد عليش في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (1/171) .
ونقل محمد الصالحي الشامي – تلميذ السيوطي – عن السخاوي في فتاويه « عمل المولد لم ينقل عن أحد من السلف في القرون الثلاثة الفاضلة وإنما حدث بعد » [سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 1/439].
ومع اعتراف السيوطي بأن المولد بدعة إلا أنه يراه بدعة حسنة لاشتماله على أشياء حسنة. ولكننا نسأل السيوطي: كيف فاتت هذه الحسنة سلفنا الذين كانوا أسبق إلى الخير وأكثر توفيقاً إليه منا؟!
فأما عن أبي عبد الله بن الحاج المالكي الذي تستشهد بكلامه في "المدخل" فقد رأى أن الاحتفال بدعة مخالفة للسلف بالرغم من هذه الأشياء الحسنة فقال في المدخل (2/11) : "هو بدعة في الدين وزيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين واتباع السلف أولى بل أوجب... لأنهم أشد الناس اتباعاً لسنة رسول الله ونحن لهم تبع فيسعنا ما وسعهم".
وقال ابن الحاج في المدخل أيضاً : « العجب العجيب كيف يعملون بالمغاني والفرح والسرور لأجل مولده في هذا الشهر الكريم وهو عليه الصلاة والسلام فيه انتقل إلى كرامة ربه وفجعت الأمة وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب، فعلى هذا كان يتعين البكاء والحزن الكثير... فانظر في هذا الشهر الكريم والحالة هذه كيف يلعبون فيه ويرقصون ولا يبكون ولا يحزنون... مع أنهم لو فعلوا ذلك والتزموه لكان أيضاً بدعة وإن كان الحزن عليه واجب على كل مسلم... إنما وقع الذكر لهذا الفصل لكونهم فعلوا الطرب الذي للنفوس راحة وهو اللعب والرقص والدف والشبابة... ولو قال قائل أنا أعمل المولد للفرح والسرور ولولادته ثم أعمل يوماً آخر للمأتم والحزن والبكاء عليه فالجواب أن من عمل طعاماً بنية المولد ليس إلا، وجمع الأخوان فإن ذلك بدعة، هذا: وهو فعل واحد. فكيف إذا كرر ذلك مرتين: مرة للفرح ومرة للحزن فتزيد به البدع ويكثر اللوم عليه من جهة الشرع - (المدخل لابن الحاد 2/ 16 – 17)
وذكر ابن الحاج « أنه لو خلا المولد وسلم من كل المفاسد المركبة فهو بدعة بنفس نيته لأن ذلك زيادة في الدين وليس من عمل السلف الماضين واتباع السلف أولى، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ونحن تبع: فيسعنا ما وسعهم ».
ولكن السيوطي نقل فتوى ابن الحاج في كتابه الحاوي للفتاوي (1/193-195) ثم قال عفا الله عنه أن ابن الحاج « لم يذم المولد ولكنه ما يحتوي عليه من المحرمات » والجملة الأخيرة من ابن الحاج تأبى ما قاله السيوطي رحمه الله. وهو جملة من عجائب السيوطي وغرائب مذاهبه.
فاما زعم ابن حجر الهيتمي بأنه قد وجد للمولد دليلاً من السنة وهو أمر النبي بصيام عاشوراء شكراً لله على نجاة موسى. فياليته أجابنا كيف فات الصحابة هذا الاستدلال والاستنباط؟ فلم يهتدوا إلى شكر الله على ولادة النبي ؟ هل اليهود أحرص على شكر الله من الصحابة؟
وأما استشهاد السيوطي بصيام يوم الإثنين على جواز الاحتفال بالمولد النبوي فأبسط رد يمكن أن يقال فيه بأن الصوفية الجهلاء لو صاموا يوم مولده ولم يتخذوه عيداً لكان أقرب إلى سنته - علماً بأن القياس في العبادات لا يصح أصلا وعلى ذلك جمهور أهل العلم - ولكنهم - أي الصوفية - منعوا صيام يوم المولد واستقبحوه لأنه عيد عندهم ويوم العيد لا صيام فيه [انظر مواهب الجليل شرح مختصر خليل 2/406] - والسؤال : لقد صام النبي يوم الإثنين من كل أسبوع لأنه يوم ولد فيه ، فهل يقع يوم المولد من كل عام في يوم الإثنين ؟ هل يصومه الصوفية ؟ (فما وجه المقارنة إذن ؟).
ومن القواعد التي قررها السادة الحنفية أنه أذا تردد الأمر بين كونه سنة و بين كونه بدعة فتركه واجب .
والقاعدة الأصولية أنه إذا تعارض الحاظر والمبيح قدمنا الحاظر .
الحاصل أن الملك المظفر ليس أول الشاكرين لله على إبراز سيدنا محمد فقد شكره السلف من قبل. ليس على طريقة هذا الملك وإنما بإحياء سنته واتباع هديه من غير أن يقيموا له مولداً، فإنهم كانوا أكثر حباً لرسول الله من ملك إربل.
وإنه لمن الضلالة أن نضرب هدي الصحابة بهدي ملك إربل فإنه ليس بأحسن هدياً منهم. وإلا فلماذا لم يحتفل الصحابة بمولده شكراً لله؟ فإن قيل إن الصحابة رأوه وسعدوا به فماذا يقول في التابعين وهم لم يروه وكانوا أكثر حباً له وأحسن هدياً من هذا الملك ومن رعاع الصوفية أجمعين ؟
المفضلات