بسم الله اللرحمن الرحيم
أشكر الضيف على ما أتى به من تفسير الإمام الحافظ ابن كثير
و هذا ما قاله الشيخ أكيد حضرتك خبرتك فى علم الحديث ضعيفة جدا لذلك سأحاول أن أخبرك ما جاء به المفسر
المفسر قال :"قَدْ ذَكَرَ كَثِير مِنْ الْمُفَسِّرِينَ هَهُنَا قِصَّة الْغَرَانِيق وَمَا كَانَ مِنْ رُجُوع كَثِير مِنْ الْمُهَاجِرَة إِلَى أَرْض الْحَبَشَة ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ مُشْرِكِي قُرَيْش قَدْ أَسْلَمُوا وَلَكِنَّهَا مِنْ طُرُق لَهَا مُرْسَلَة وَلَمْ أَرَهَا مُسْنَدَة مِنْ وَجْه صَحِيح "
أى أن المفسر أورد القصة و قال إنها ليست مسندة من وجه صحيح
و لنظر إلى أقوال بعض العلماء فى تلك القصة
وممن أورد هذه القصة ابن إسحاق في سيرته، مع اعتقاده ببطلانها، وعنه نقلها من نقل، يقول أبو حيان: "سئل عنها الإمام محمد بن إسحاق جامع السيرة النبوية ، فقال: هذا من وضع الزنادقة ، وصنف في ذلك كتاباً" ، فإيراده رحمه الله هذه الروايات في كتابه ليس توثيقاً لها، بل هو على عادة قصاص السير في ترك التحري في أخبار السير وقصصها.
وإن قصة الغرانيق من أضعف ما رواه المفسـرون في تفاسيرهم ، فجميع أسانيدها ضعيفة أو منقطعة، وهي في جملتها موقوفة على جماعة من التابعين الذين لم يشهدوا القصة، ولم يرووها عمن حضـرها من الصحابة، فهي موقوفة على التابعين سعيد بن جبير وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وأبي العالية.
ولم تتصل أسانيد هذه القصة إلى الصحابة إلا فيما رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وما رواه البزار من طريق أمية بن خالد بإسناده إلى ابن عباس مع تنبيهه إلى شك الراوي في رفعها إلى ابن عباس، فقال: "عن ابن عباس فيما أحسب"، وهذا كما قال البزار: "هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي بإسناد متصل يجوز ذكره إلا هذا، ولم يسنده عن شعبة إلا أمية بن خالد، وغيره يرسله عن سعيد بن جبير". فهذا يؤكد الشك في الرواية المرفوعة المسندة بإسناد مقبول.
ويجدر بالذكر أن البخاري ذكر في صحيحه من رواية ابن عباس قصة سجود المشركين ولم يذكر شيئاً عن موضوع الغرانيق، ومثله في رواية أبي داود عن ابن مسعود، وكذلك رواية أحمد عن المطلب بن أبي وداعة السهمي، وكان ممن حضر يومئذ مع المشركين .
وقد رد المحققون من أهل العلم قصة الغرانيق، وبالغوا في التحذير من روايتها وبيان ضعفها، قال ابن كثير: "لم أرها مسندة من وجه صحيح"، وقال: "وقد ذكرها محمد بن إسحاق في السيرة بنحو من هذا، وكلها مرسلات ومنقطعات ".
وقال ابن خزيمة: "إنها من وضع الزنادقة".
وقال أبو حيان الأندلسي: "قال البيهقي: هي غير ثابتة من جهة النقل، وقال ما معناه : إن رواتها مطعون عليهم وليس في الصحاح ولا في التصانيف الحديثة شيء مما ذكروه فوجب اطّراحه. ولذلك نزهت كتابي عن ذكره فيه".
وأما القرطبي فقال: "وضعف الحديث مُغنٍ عن كل تأويل".
وكذلك ضعفها ابن حزم بقوله: "والحديث الذي فيه: وإنهن الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترجى. فكذب بحت لم يصلح من طريق النقل، ولا معنى للاشتغال به ، إذ وضع الكذب لا يعجز عنه أحد" .
وقال القاضي عياض: " هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم"
قال الرازي: "وأما أهل التحقيق فقد قالوا : هذه الرواية باطلة وموضوعة، واحتجوا عليه بالقرآن والسنة والمعقول".
و فى النهاية أجيب عن سؤالك الأخير
قال الرازي بعد أن ذكر ارتباط معنى التمني بالتلاوة بسبب روايات الغرانيق الباطلة: "وأما إذا فسـرناها [أي قوله: ﴿إِذَا تَمَنَّى ﴾] بالخاطر وتمني القلب؛ فالمعنى أن النبي متى تمنى بعض ما يتمناه من الأمور؛ يوسوس الشيطان إليه بالباطل ويدعوه إلى ما لا ينبغي؛ ثم إن الله تعالى ينسخ ذلك ويبطله ويهديه إلى ترك الالتفات إلى وسوسته"
هل أبدأ فى الرد على نبوة إشعيا أم أنتظر ؟
المفضلات