الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ...
فنكمل إن شاء الله .
انتقل المصنف رحمه الله بعد ذلك لنوع من أنواع الضعيف وهو " المرسل " :
وهو ما سقط من آخر إسناده مَن بعد التابعي .
أو :
هو ما رواه التابعي عن رسول الله دون ذكر الواسطة بينهما .
قد يسأل سائل : لمَ هذا النوع من أنواع الضعيف , أليس التابعي يروي عن الصحابي , والصحابة كلهم عدول , إذا فلا يلزمنا معرفة الصحابي ؟؟
والجواب : أننا لو أمنا أن هذا التابعي قد أخذ الحديث عن الصحابي مباشرة لسلمنا بهذا , لكنك تجد التابعيين يروي بعضهم عن بعض في كثير من الأحاديث , مثال ذلك ما رواه مسلم في صحيحه قال :
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ - وَاللَّفْظُ مُتَقَارِبٌ - أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلاً مِنَ الْكُفَّارِ فَقَاتَلَنِى فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَىَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا. ثُمَّ لاَذَ مِنِّى بِشَجَرَةٍ فَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ. أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَقْتُلْهُ ». قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ قَطَعَ يَدِى ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَطَعَهَا أَفَأَقْتُلُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِى قَالَ ».
فابن شهاب وعطاء وعبيدالله ثلاثتهم من التابعين , يروي بعدهم عن بعض , بل آتيك بما هو أعجب , روى مسلم أيضا في صحيحه قال :
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنِ الصُّنَابِحِىِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِى الْمَوْتِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ مَهْلاً لِمَ تَبْكِى فَوَاللَّهِ لَئِنِ اسْتُشْهِدْتُ لأَشْهَدَنَّ لَكَ وَلَئِنْ شُفِّعْتُ لأَشْفَعَنَّ لَكَ وَلَئِنِ اسْتَطَعْتُ لأَنْفَعَنَّكَ ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلاَّ حَدَّثْتُكُمُوهُ إِلاَّ حَدِيثًا وَاحِدًا وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْمَ وَقَدْ أُحِيطَ بِنَفْسِى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ ».
وهؤلاء الأربعة تابعيون يروي بعضهم عن بعض " ابن عجلان , ابن حبان , ابن محيريز , الصنابحي "
وخذ أيضا , روى مسلم في صحيحه قال :
حَدَّثَنِى أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِىُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ح وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى مُرَاوِحٍ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ « الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِى سَبِيلِهِ ». قَالَ قُلْتُ أَىُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ « أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا ». قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ « تُعِينُ صَانِعًا أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ قَالَ « تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ ».
ثم قال :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ عَبْدٌ أَخْبَرَنَا وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِى مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- بِنَحْوِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ « فَتُعِينُ الصَّانِعَ أَوْ تَصْنَعُ لأَخْرَقَ ».
وهؤلاء الأربعة تابعيون يروي بعضهم عن بعض .
ثم اعلم أن هذين المثالين الأخيرين من اللطائف المستطرفة في الإسناد فعض عليها بالنواجذ ..
فالتابعي قد يروي عن تابعي مثله , وقد يكون هذا التابعي ضعيف , لذا جعل قسم المرسل من أنواع الضعيف .
وقد اعتبر جماعة من العلماء بمراسيل كبار التابعين مثل عبيدالله بن عدي بن الخيار وسعيد بن المسيب وأمثالهم لأن جل روايتهم عن الصحابة .
وهذا كلام أنقله من الكتاب بتمامه فهو نفيث : "وأما الشافعي فنص على أن مرسلات سعيد بن المسيب: حسان، قالوا: لأنه تتبعها فوجدها مسندة. والله أعلم.
والذي عول عليه كلامه في الرسالة " أن مراسيل كبار التابعين حجة، إن جاءت من وجه آخر ولو مرسلة، أو اعتضدت بقول صحابي أو أكثر العلماء، أو كان المرسل لو سمى لا يسمي إلا ثقة، فحينئذ يكون مرسله حجة، ولا ينتهض إلى رتبة المتصل " .
قال الشافعي، وأما مراسيل غير كبار التابعين فلا أعلم أحد أقبلها.
قال ابن الصلاح: وأما مراسيل الصحابة، كابن عباس وأمثاله، ففي حكم الموصول، لأنهم إنما يروون عن الصحابة، كلهم عدول، فجهالتهم لا تضر. والله أعلم. "
إذن فمرسل الصحابي مقبول , أما مرسل التابعي صغيرا كان أو كبيرا فغير مقبول - مع قبول جماعة من العلماء مراسيل كبار التابعين إن توافرت فيها الشروط .
وشاهده من الألفية :
[poem=font="simplified arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/27.gif" border="ridge,6,orange" type=2 line=0 align=center use=sp num="0,black"]
138-الْمُرْسَلُ الْمَرْفُوعُ بِالتَّابِعِ، أَوْ=ذِي كِبَرٍ،أَوْ سَقْطُ رَاوٍ قَدْ حَكَوْا
139-أَشْهَرُهَا الأَوَّلُ ، ثُمَّ الْحُجَّةُ=بِهِ رَأَى الأَئِمَّةُ الثَّلاثَةُ
140-وَرَدُّهُ الأَقْوَى ، وَقَوْلُ الأَكْثَرُ=كَالشَّافِعِيْ ، وَأَهْلِ عِلْمِ الْخَبَرِ
141-نَعَمْ بِهِ يُحْتَجُّ إِنْ يَعْتَضِدِ=بِمُرْسَلٍ آخَرَ أَوْ بِمُسْنَدِ
142-أَوْ قَوْلِ صَاحِبٍ أَوْالْجُمْهُورِ أَوْ= قَيْسٍ وَمِنْ شُرُوطِهِ كَمَا رَأَوْا
143-كَوْنُ الَّذِي أَرْسَلَ مِنْ كِبَارِ=وَإِنْ مَشَى مَعْ حَافِظٍ يُجَارِي
144-وَلَيْسَ مِنْ شُيُوخِهِ مَنْ ضُعَّفَا=كَنَهْيِّ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالأَصْلِ وَفَا
145-وَمُرْسَلُ الصَّاحِبِ وَصْلٌ فِي الأَصَحْ=كَسَامِعٍ فِي كُفْرِهِ ثُمَّ اتَّضَحْ
146-إِسْلامُهُ بَعْدَ وَفَاةٍ ، وَالَّذِي=رَآهُ لا مُمَيِّزًا لاَ تَحْتَ ذِي
147-وَقَوْلُهُمْ : عَنْ رَجُلٍ مُتَّصِلُ=وَقِيلَ : بَلْ مُنْقَطِعٌ أَوْ مُرْسَلُ
148-كَذَّاكَ فِي الأَرْجَحِ كُتْبٌ لَمْ يُسَمْ=حَامِلُهَا أَوْ لَيْسَ يُدْرَى مَا اتَّسَمْ
149-وَرَجُلٌ مِنَ الصِّحَابِ ، وَأَبَى=الصَّيْرَفِيْ مُعَنْعَنًا ، وَلْيُجْتَبَى
150-وَقَدِّمِ الرَّفْعَ كَالاْتِّصَالِ=مِنْ ثِقَةٍ لِلْوَقْفِ وَالإِرْسَالِ
151-وَقِيلَ: عَكْسُهُ ، وَقِيلَ: الأَكْثَرُ=،وَقِيلَ : قَدِّمْ أَحْفَظًا. وَالأَشْهَرُ
152-عَلَيْهِ لا يَقْدَحُ هَذَا مِنْهُ فِي=أَهْلِيَةِ الْوَاصِلِ وَالَّذِي يَفِي
153-وَإِنْ يَكُنْ مِنْ وَاحِدٍ تَعَارَضَا=فَاحْكُمْ لَهُ بِالْمُرْتَضَى بِمَامَضَى[/poem]
والسؤال :
اذكر مثالين للحديث المرسل ؟؟؟
المفضلات