وقد تَجلَّى هذا النموذج من خلال كتابات كثير من الفلاسفة الغربيين لعل أولهم ديكارت (رغم تأرجحه بين النموذج المتمركز حول الطبيعة/المادة والنموذج المتمركز حول الإنسان) والذي أكد وجود أفكار كامنة في عقل الإنسان. وقد كان الفيلسوف الإيطالي جان باتيستا فيكو (1668 ـ 1744) من أهم المدافعين عن المقدرة التوليدية للعقل البشري. وتدور فلسفة كانط حول الأفكار المفطورة في عقل الإنسان (مقولات الزمان والمكان والحس الخلقي والحس الجمالي). كما تَجلَّى النموذج في فكر حركة العداء للاستنارة (الفكر الرومانسي) وكل الفلسفات التي ترفض الرؤية التجريبية والفلسفة الوضعية التي تركز على محاولة اكتشاف بنَى العقل والوعي العميق مثل الفلسفة الفينومينولوجية والوجودية والبنيوية وعلم نفس الجشطالت وعلم النفس عند يونج وبياجيه وعلم اللغة عند تشومسكي. ويشترك كل هؤلاء في أنهم يؤمنون بوجود جوانب في الفكر الإنساني لا يمكن تفسيرها على أساس النموذج التراكمي (الموضوعي المادي)، وهو ما يدل على أنها ليست نتاج التجربة أو تراكم المعطيات الحسية، وأنها تضرب بجذورها في المقدرات الكامنة في عقل الإنسان ومقدرته على إعادة صياغة ما يتلقاه من معطيات مادية من الواقع. وقد أعطى كل مفكر اسماً مختلفاً لهذه المقدرة: الوعي الجمعي بما يحويه من رموز عند يونج ـ النمو حسب بنية كامنة عند بياجيه ـ المقدرة اللغوية عند تشومسكي ـ البنية عند البنيويين. فتشومسكي، على سبيل المثال، وجد أن الطفل الإنساني لو تعلَّم اللغة عن طريق اكتسابها من العالم المادي لاحتاج لسنوات طويلة من حياته. كما لاحظ أن الطفل يستخدم بعض قواعد القياس ويقوم بعمليات تجريد لم يعلِّمها له أحد، ولا يمكنه اكتسابها بشكل تدريجي عن طريق التعلم، ولذا طرح رؤيته عن العقل التوليدي.
المفضلات