صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 12 من 12
 
  1. #11

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    انا قرات عنها من قبل فى مجله كويتيه عن المورسكيون وهم مسلمون اجبروا ع المسيحيه
    عن طريق التعذيب بوضعهم احياء فى الافران
    مشكور اخى الكريم











  2. #12

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    ممكن اضافه
    بعد اذنك

    وحشية محاكم التفتيش
    بقلم: الدكتور عادل زيتون
    يرى معظم المؤرخين أن (محاكم التفتيش) تعد صفحة سوداء في التاريخ الأوربي, وذلك نتيجة لما قامت به من أعمال اتسمت, في معظمها, بالقسوة والوحشية. وعلى الرغم من أن الأهداف المعلنة لهذه المحاكم كانت حماية المسيحية الكاثوليكية وأتباعها من الهرطقات التي انتشرت في المجتمع الغربي في العصور الوسطى, فإن الأساليب التي استخدمتها كانت تتناقض مع روح المسيحية ورسالتها القائمة على المحبة والسلام.
    عرف التاريخ الأوربي ثلاثة أنواع من (محاكم التفتيش), الأول منها, (محاكم التفتيش البابوية) التي أسسها البابا جريجوري التاسع نحو عام 1231م, والتي استمرت حتى بدايات العصر الحديث, وكانت قد استهدفت ملاحقة المهرطقين, ومن ثم السحرة والمشعوذين وغيرهم بغية محاكمتهم ومعاقبتهم. والنوع الثاني هو ما عرف بـ(محاكم التفتيش الإسبانية) التي كان قد رخص لها البابا سيكستوس الرابع عام 1478م, والتي استهدفت, بشكل رئيس, ملاحقة المسلمين واليهود, الذين يعيشون في إسبانيا. أما النوع الثالث من هذه المحاكم فهو ما عرف بـ(محاكم التفتيش الرومانية) أو (الديوان المقدس), والتي أسسها البابا بولس الثالث نحو عام 1542م, والتي كان من أهدافها ملاحقة العلماء ورجال الفكر ومؤلفاتهم. ومقالنا هذا يستهدف إلقاء بعض الضوء على النوع الأول أي (محاكم التفتيش البابوية) وكيف أدى نهجها في معالجة الهرطقة إلى ممارسة الاضطهاد وتمزيق الوحدة الدينية في الغرب.
    تأسست (محاكم التفتيش البابوية), كما أشرنا,. في بابوية جريجوري التاسع, وذلك عام 1231م. وكان الهدف الرئيس من تأسيسها هو تنظيم عملية تصيّد المهرطقين ومحاكمتهم. وكانت الهرطقة تعني, في الغرب الأوربي, آنذاك (التخلي عن مبادئ العقيدة المسيحية الكاثوليكية, كليا أو جزئيا وتبنّي عقائد أو مبادئ مغايرة لها). ولكن الهرطقة لم تكن ظاهرة جديدة في تاريخ المسيحية, وإنما انتشرت بأشكال مختلفة, وبدرجات متفاوتة, قبل تأسيس محاكم التفتيش هذه بزمن طويل, بل شكلت الهرطقة مشكلة للكنيسة منذ القرون الأولى من تاريخ المسيحية. والسؤال الذي ينبغي أن يطرح هنا: كيف عالجت الكنيسة مشكلة الهرطقة قبل ظهور محاكم التفتيش هذه?
    لقد أثبتت الدراسات العلمية أن الكنيسة كانت قد عالجت في عصورها الأولى المنازعات الدينية, بالحكمة والحوار والتسامح. فعندما نشب النزاع بين اثنين من قساوسة الإسكندرية, وهما آريوس وأثاناسيوس, حول طبيعة السيد المسيح, دعا الإمبراطور قسطنطين الكبير (ت337 م) إلى عقد مجمع ديني لتسوية هذا النزاع. وبالفعل عقد هذا المجمع في مدينة نيقية بآسيا الصغرى عام 325م, وحضره ما يزيد على ثلاثمائة من علماء اللاهوت ورجال الدين والعلمانيين, كما حضره بطبيعة الحال آريوس وخصومه. وبعد مناقشات مطولة قرر المجمع بالأكثرية, حرمان آريوس وتحريم تعاليمه ونفيه. كما سارت المجامع المسكونية التالية, في تسوية المنازعات الدينية, على نهج مجمع نيقيه. فلم يدر في خلد الذين حضروا هذه المجامع من رجال دين وعلمانيين فرض عقوبة الموت أو الحرق على أصحاب الآراء المخالفة. ولم تأخذ هذه المجامع أحدا بالشبهة أو الظن, ولم تعتمد على المخبرين والجواسيس لملاحقة المخالفين, ولم تستخدم التعذيب لانتزاع الاعترافات من المتهمين, ولم تحرم أحدا من الدفاع عن رأيه,.... إلخ. وكانت العقوبات التي فرضتها تلك المجامع يتراوح معظمها ما بين الحرمان الكنسي أو النفي أو كليهما معا.
    حركات مناهضة
    ولكن منذ أواسط القرن الحادي عشر الميلادي ازدهرت الهرطقات والحركات المناهضة للبابوية في الغرب الأوربي, نتيجة جملة من العوامل, السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية, الداخلية منها والخارجية والتي لامجال لعرضها في هذه المقالة. وقد تميزت هذه الحركات عن سابقتها بأنها استهدفت تطهير الكنيسة الغربية من الأمراض التي استشرت فيها مثل المتاجرة في المناصب الكنسية والانحلال الخلقي والدنيوية وغيرها من المفاسد التي انتشرت بين رجالها, والتي أفاضت بذكرها المصادر التاريخية الغربية. كما أن بعض الحركات والهرطقات الجديدة استهدف تغيير النظم السياسية والاجتماعية السائدة في الغرب آنذاك, فالطبقات الفقيرة, من فلاحين وأقنان وغيرهم, لم تجد وسيلة للتخلص من اضطهاد الملوك والأمراء الإقطاعيين, المتحالفين مع القيادات الكنسية, سوى الانخراط في إحدى تلك الحركات أملا في التخلص من الاضطهاد الطبقي القائم, وهذا يعد أحد الأسباب التي دفعت السلطات السياسية للتعاون مع السلطات الدينية ضدها.
    ومن الحركات التي استهدفت الحد من النفوذ السياسي للبابوية وتطهير النظام الكنسي من المفاسد, نذكر على سبيل المثال, تلك الحركة التي قادها القس الإيطالي أرنولد البريشي. الذي هاجم مفاسد رجال الكنيسة وانهماكهم في حياة الترف والدنيوية, والتفّ حوله الفقراء, وأعلن الثورة في مدينة روما ونجح في تحويلها إلى جمهورية مستقلة عام 1145م, بحيث لم يعد للبابا سوى القيام بالواجبات الروحية. وفي عام1154م استنجدت البابوية بالملك الألماني فريدريك بربروسّا ووعدته بتتويجه إمبراطورا إذا قضى على جمهورية البريشي. وبالفعل زحف بربروسا إلى روما على رأس جيشه عام 1155م, وألقى القبض على البريشي وشنقه ثم حرقه حيا بوصفه مهرطقا وألقى رماده في نهر التيبر بأمر من البابا, وقام الأخير بتتويج بربروسا إمبراطورا في كنيسة القديس بطرس في روما مكافأة له على عمله.
    ومن الحركات التي استهدفت إصلاح الكنيسة والعودة إلى المسيحية الأولى التي تتسم بالصفاء الروحي والبساطة والزهد, نذكر مثلا, حركة الوالديين التي ظهرت عام 1170م تحت قيادة زعيمها بطرس والدو. وتعد هذه الحركة, حركة صوفية, حيث تخلى مؤسسها عن ثروته وعاش وأتباعه حياة متواضعة تتسم بالبساطة والفقر تيمنا بحياة القديسين الأوائل. ويبدو أن هذه الحركة جاءت ردا على انغماس رجال الكنيسة في شئون الدنيا والترف والملذات, كما طالب رجال هذه الحركة أن يكون الكتاب المقدس هو المصدر الرئيس والحكم الوحيد في شئون العقيدة المسيحية. وانتشرت هذه الحركة في جنوب فرنسا وشمال إيطاليا. وقد سارعت البابوية إلى إدانتها بوصفها حركة هرطقية ومن ثم غدا أتباعها هدفا لرجال محاكم التفتيش.
    تعصب وجهل
    ولكن من أخطر حركات الهرطقة التي أقضت مضاجع الدوائر الدينية والسياسية في الغرب هي الحركة المعروفة باسم الكاثارية أو الإلبية. والكاثارية كلمة إغريقية تعني (الطاهر), أما الإلبية فهي نسبة إلى بلدة (إلبي) في فرنسا والتي كانت معقلا حصينا لهذه الحركة. وكانت الكاثارية متأثرة بالفكر المانوي القائم على أن العالم يحكمه الصراع بين الخير والشر. وقد انتشرت هذه الحركة, منذ أوائل القرن الحادي عشر, انتشارا واسعا في كثير من الأقاليم الأوربية ولاسيما في فرنسا وإيطاليا.
    والواقع أنه لم تستخدم الكنيسة الغربية, في تعاملها مع هذه الحركات والهرطقات الجديدة, النهج الذي اعتمدته في العصور الباكرة من تاريخها, والقائم على الحكمة والحوار, وبدلا من أن تبحث البابوية عن جذور تلك الحركات وتتفهم دوافعها, السياسية والاجتماعية والدينية, قامت بإدانتها جميعا بوصفها هرطقات تشكل خطرا على المسيحية ووحدة العالم الكاثوليكي, ودون تمييز بين دعاة الإصلاح والغيورين على المسيحية وبين المهرطقين. كما قامت بتعبئة الرأي العام في الغرب, الذي كان يتسم بالجهل والتعصب الأعمى, ضد هذه الحركات, ونجحت في إقناع فئات كبيرة منه, وبخاصة جماهير العامة, بأن كل هجوم على رجال الكنيسة هو عدوان على السيد المسيح, وأن كل هجوم على نظم الكنيسة وتقاليدها هو هجوم على الكتاب المقدس, وأن المناوئين للكنيسة هم (مهرطقون) وأداة بيد الشيطان وأعداء المجتمع المسيحي, وبالتالي فإن محاربة المهرطقين واجب مقدس على كل المسيحيين في الغرب.
    وقد كلفت البابوية في البداية المحاكم الكنسية في الأقاليم بمحاكمة الكاثاريين وغيرهم من أصحاب البدع, وكان يرأس هذه المحكمة عادة أحد الكهنة الذين يعملون في الكنيسة. ولكن سرعان ما فشل هذا الأسلوب لأن الهرطقات كانت بازدياد مستمر من ناحية, كما لم يكن لدى الكهنة الوقت الكافي لاصطياد المهرطقين من ناحية أخرى. وبناء على ذلك عمدت البابوية منذ عام 1184م إلى تكليف الأساقفة بالقيام بأنفسهم بجولات دورية في المناطق التابعة لهم بحثا عن المهرطقين ومحاكمة المشتبه فيهم. ولكن هذا الأسلوب, بدوره, لم يؤد إلى نتائج فعّالة لانشغال الأساقفة بمهامهم الكنسية. ثم اعتمدت البابوية نهجا آخر في علاج المسألة وهو إرسال موفدين من طرفها لإقناع المهرطقين بالعودة إلى العقيدة المسيحية الكاثوليكية, ولكن كان عليهم, إذا فشلوا في ذلك, أن يقوموا عليهم ويحاكموهم. ولعل أهم الأحداث التي وقعت آنذاك هي أن البابا إنوسنت الثالث (ت 1216م) كان قد أرسل موفدا من طرفه إلى مدينة تولوز للطلب من أميرها ريموند استئصال الكاثاريين من إقليمه, ولكن ريموند لم يكترث بطلب البابا, فقام الأخير بحرمان ريموند وبلاده من الكنيسة. وإزاء ذلك قام رجال ريموند باغتيال الموفد البابوي في تولوز, فاستشاط البابا إنوسنت الثالث غضبا ودعا إلى (حملة صليبية) ضد سكان جنوب فرنسا المسيحيين الذين انتشرت بينهم الكاثارية. وبالفعل قامت هذه الحملة عام 1209م بقيادة أكبر أمراء شمال فرنسا سيمون مونتفرات. واستمر القتال نحو عشرين عاما (1209-1229م), وكان قتالا وحشيا ومليئا بالأحقاد. ولم تلحق هذه الحملة خسائر اقتصادية وعمرانية في جنوب فرنسا فحسب, وإنما أحدثت مذبحة حقيقية أثارت هلع العالم المسيحي في الشرق والغرب على السواء.
    وعلى الرغم من أن هذه الحملة الصليبية قد نجحت في القضاء على الكاثاريين في جنوب فرنسا, لكنها لم تقض على أفكارهم التي زاد انتشارها في الأقاليم الأوربية الأخرى, وهذا يعني أن جميع الوسائل التي استخدمت خلال القرنين الماضيين لاستئصال الهرطقة قد فشلت فشلا ذريعا. ومن هنا ولدت في عقل البابا جريجوري التاسع عام 1231م فكرة تأسيس (محكمة التفتيش البابوية) لتكون هيئة دائمة ومنظمة ومتفرغة مهمتها ملاحقة المهرطقين ومحاكمتهم. واسم (محكمة التفتيش) مشتق من أسلوب عملها الذي يقوم أساسا على (التفتيش) أو (البحث) عن المهرطقين في كل مكان والتحقيق معهم وفرض العقوبة عليهم. وكان المفتشون, في بداية تأسيس المحاكم, يجوبون الأقاليم بحثا عن المهرطقين والسحرة والمشعوذين, ولكنهم حصلوا فيما بعد على موافقة البابوية على حق استدعاء المتهمين بالهرطقة من مناطقهم إلى مراكز المحكمة التي كانت غالبا ما تكون في المدن الرئيسة. وعلى الرغم من أن الميدان الرئيس لعمل هذه المحاكم كان جنوب فرنسا وشمال إيطاليا, فإنها سرعان ما انتشرت في معظم البلدان الغربية التابعة للسلطة البابوية. ولقد تقرر منذ البداية أن تكون محاكم التفتيش مرتبطة بالبابوية في روما ارتباطا مباشرا, ولقد عين البابا معظم أعضاء (محكمة التفتيش) من الرهبان, وبخاصة الرهبان الدومي###ان (نسبة إلى القديس الإسباني دومي### ت 1221م), وذلك لأن هؤلاء كانوا يظهرون الكثير من التقوى والنشاط والثقافة. وعلى الرغم من أنه كان ينضم إلى هيئة المحكمة بعض المندوبين البابويين والأساقفة المحليين, فإن الرهبان هم أصحاب القرار الفصل في كل ما كان يصدر عن هذه المحاكم.
    صفات عضو المحكمة
    وقد ألفّ أحد الرهبان الدومي###ان, واسمه برنارد جوي, كتابا تناول فيه الصفات التي ينبغي أن تتوافر في عضو محكمة التفتيش, وتأتي أهمية هذا الكتاب من أن برنارد نفسه كان قد عمل في إحدى محاكم التفتيش في بعض البلاد الأوربية ما بين عام 1307 وعام 1324. ومن أهم الصفات التي أكد عليها المؤلف هي أن المفتش يجب أن يكون متقدا حماسة للكاثوليكية واستئصال الهرطقة, وأن يحتفظ بالهدوء ورباطة الجأش مهما واجه في عمله من صعوبات, وأن يتمتع بقلب متحجر وفؤاد قاس بحيث لا يضعف أمام التوسلات والتضرعات التي يظهرها بعض المتهمين بالهرطقة, وأن يكون حذرا وألا يصدق بسهولة ما يبدو له ممكنا لأن أكثر الأشياء التي تبدو مستحيلة قد تكون أكثر الأشياء الممكنة.
    أما الخطوات التي كانت تتبعها محكمة التفتيش في مقاضاة المهرطقين فيمكن تلخيصها على النحو التالي: 1- عندما كان يصل أعضاء المحكمة إلى بلد ما يمنح أهله (فترة عفو) تتراوح ما بين 30 و40 يوما. فمن يعترف بآثامه أمام المحكمة خلال هذه المدة يعفى من كل العقوبات أو ربما تفرض عليه (كفارة) خفيفة. 2- وبعد انتهاء الفترة السابقة تبدأ المحكمة بتسلم الاتهامات ومن ثم تستدعي المتهمين بالهرطقة, الواحد تلو الآخر. 3- تطلب المحكمة من المتهم أن يقسم على الأناجيل بأن يقول الحقيقة. 4- تقرأ المحكمة أمام المتهم موجزا إجماليا بالآثام والذنوب التي ارتكبها. 5- إذا استطاع المتهم دفع التهم عنه وتبرئة نفسه يطلق سراحه. 6- إذا اعترف المتهم اعترافا طوعيا بآثامه كان عليه أن يعلن توبته أمام المحكمة, حيث يجثو على ركبتيه ويضع إحدى يديه على الكتاب المقدس الذي يحمله أحد المفتشين بيده. وكانت العقوبات التي تفرض على التائب كثيرة وأهمها: مصادرة ممتلكاته والسجن مدى الحياة, (ولكن العقوبة الأخيرة كانت عادة تخفف تدريجيا). 7- إذا رفض المتهم الاعتراف فيخضع للتعذيب لدفعه إلى الاعتراف, أما إذا رفض الاعتراف, على الرغم من التعذيب, فتفرض عليه عقوبة الإعدام. وكان الحكم النهائي يعلن أمام حشد كبير من الناس يوم الأحد عادة في بهو الكنيسة أو في مكان عام. وبعد ذلك يسلم المحكوم إلى السلطة المدنية, أي إلى الحاكم القائم في المنطقة, ملكا كان أو أميرا, ليتولى رجاله تنفيذ عقوبة الإعدام, أي حرق المحكوم حيا, وعلى مرأى ومسمع من الناس, وكانت هذه العقوبة, أي الحرق, تطبق أيضا بالمهرطقين الذين تابوا ثم ارتدوا إلى الهرطقة, ومن أشهر قصص محاكم التفتيش محاكمة الفتاة الفرنسية جان دارك, والتي أحرقت في ساحة السوق في مدينة روان الفرنسية عام 1431م.
    تعاون السلطتين
    ومما يلفت النظر في تاريخ (محاكم التفتيش البابوية) التعاون الذي تم بين السلطة الدينية والسلطة السياسية في الغرب الأوربي ضد المهرطقين. فعلى الرغم من الصراع المزمن بين هاتين السلطتين, فقد دعم حكام الغرب هذه المحاكم للأسباب التالية: أولا- رغبة هؤلاء الحكام في التظاهر أمام رعاياهم بالتقوى والحرص على حماية المسيحية من ناحية وخوفا من غضب البابوية أو بالأحرى قطع الطريق على البابوات في التشكيك بمسيحيتهم فيما لو قصروا في التعاون معهم ضد المهرطقين من ناحية أخرى. ثانيا-رغبة هؤلاء الحكام في الحصول على نصيبهم من ممتلكات المهرطقين المصادرة, حيث كانت هذه الممتلكات توزع عادة بين الحكام والكنيسة, ولكن في بعض البلدان, مثل فرنسا, كان الملك يستحوذ على كل المصادرات ولا يترك للكنيسة شيئا. وهذا يفسر لنا حماس التاج الفرنسي لمحاكم التفتيش. ثالثا- خوف الحكام من أن تكون وراء حركات الهرطقة هذه أهداف سياسية تهدد أمن بلادهم ومستقبلهم السياسي, أي أن تكون الهرطقة قناعا يخفي خلفه المهرطقون مطامح سياسية.
    مظاهر الاضطهاد
    إن معظم معلوماتنا عن (محاكم التفتيش البابوية) تعكس رأي أعضائها, أما وجهة نظر الضحايا, فقد ذهبت مع رمادهم أو دفنت في مقابرهم, ولكن على الرغم من ذلك, يمكننا تلمس بعض مظاهر الاضطهاد الذي مارسته هذه المحاكم ضد المسيحيين في العصور الوسطى: 1-إن أول مظاهر هذا الاضطهاد هو أنها كانت - في معظم الأحيان - حكما على المهرطق بناء على الشبهة ودون توافر البيّنة أو الأدلة القاطعة. وكان شعارها أن كل متهم مدان حتى تثبت براءته وليس كل متهم بريئا حتى تثبت إدانته. وبناء على هذا النهج, فقد أزهقت أرواح المئات, بل الألوف, من الأبرياء الذين كانوا ضحايا لخصومات شخصية أو عائلية أو سياسية... بل غدت تهمة الهرطقة في ذلك العصر (تقليدا شائعا), وإحدى الأدوات التي استخدمتها الدوائر الحاكمة, السياسية والدينية للتخلص من خصومها. 2- ومن مظاهر هذا الاضطهاد, أن المتهم بالهرطقة كان محروما من كل الوسائل التي ربما تساعده في تبرئة نفسه أو دفع التهم الموجهة إليه. فمثلا لم يكن يحق له مواجهة الذين اتهموه بالهرطقة وجها لوجه أو التعرف إليهم. وفي الوقت الذي كانت فيه هذه المحكمة تقبل شهادة زوجة المتهم وأولاده ضده, فإنها لا تقبل شهادتهم لتبرئته, بل لا يحق للمتهم طلب الشهادة أو المساعدة من أحد, كما لم يكن يحق له الاحتجاج على قرار المحكمة لأي سلطة كانت بما في ذلك سلطة البابوات أو الملوك. 3- كانت محاكم التفتيش تقبل كل المعلومات التي تصل إليها عن أي شخص دون التحقق من مصداقية المصادر التي تنقلها. والدليل على ذلك أن هذه المحاكم كانت تقبل شهادة أناس محرومين من الكنيسة وشهادة مهرطقين سابقين وحاليين ضد أحد المتهمين, كما استخدمت المحاكم المخبرين السريين للحصول على معلومات عن مهرطقين. وقد ظلت أسماء هؤلاء المخبرين سرية خوفا من انتقام المتهمين بالهرطقة أو أقاربهم. وكانت أعداد هؤلاء المخبرين في ازدياد مستمر, لاسيما أن قوانين بعض البلاد الأوربية, مثل إيطاليا, كانت تمنح المخبر السري هذا ثلث ممتلكات المهرطق الذي يبلغ عنه المحكمة بعد صدور الحكم بمصادرتها. 4- كان التعذيب الذي استخدمته محاكم التفتيش, أثناء التحقيق مع المتهم, من أبرز صور الاضطهاد. وعلى الرغم من عدم وجود نصوص صريحة في القانون الكنسي تسمح بالتعذيب, ومع أن آباء الكنيسة الأوائل حرموا تعذيب المتهمين بالهرطقة, فقد بدأت محاكم التفتيش باستخدام التعذيب في حال الاشتباه بالهرطقة منذ عام 1252م بأمر من البابا أنوسنت الرابع. وقد تنوعت أشكال التعذيب ومنها: الجلد علنا, والكي بالنار, وحرق الأقدام بالفحم المشتعل, وربط أطراف المتهم في إطار مثلث الشكل, والتجويع التدريجي... إلخ. 5- لقد كانت مصادرة ممتلكات المهرطق من أقسى أنواع العقوبات بالنسبة إلى ذريته حيث تؤخذ الزوجة والأولاد والأحفاد بجريرته. فيحرم هؤلاء من وراثة هذه الممتلكات ويعيشون حياة الفقر والتشرد. بل ويضطرون إلى التسول وربما الدعارة بحثا عن لقمة العيش. وكانت هذه الممتلكات المصادرة تقسم عادة بين الكنيسة والدولة والمخبرين. 6- لقد كانت طريقة تعامل معظم المفتشين مع المتهمين بالهرطقة تتسم بالقسوة والوحشية. فلم ينظر هؤلاء إلى أنفسهم كقضاة يبحثون عن الحقيقة, وإنما كمحاربين يطاردون أعداء المسيحية. وقد بلغت قسوة أحد المفتشين مع الهراطقة في منطقة الراين عام 1233م, أن هاج الناس ضده وقاموا بقتله. ولعل أقسى أشكال العنف مع المتهمين هي التي صدرت من المفتشين الذين كانوا أصلا من المهرطقين ومن ثم تابوا وترهبنوا وانخرطوا في سلك محكمة التفتيش. ومن هؤلاء المفتش روبرت الذي كان مهرطقا سابقا وعينه البابا جريجوري التاسع في محكمة التفتيش في جنوب فرنسا. وقد قام هذا المفتش عام 1239 م بحرق 180 متهما بالهرطقة في يوم واحد.إذا كانت محاكم التفتيش البابوية قد استهدفت حماية المسيحية ووحدة العالم الكاثوليكي من الهرطقات, فإن الأساليب التي استخدمتها غدت شكلا من أشكال الاضطهاد, ومهّدت لتمزق الوحدة الدينية في الغرب. وسواء نظرنا إلى هذه المحاكم في ضوء الأفكار الحديثة المتعلقة بحقوق الإنسان والعدالة الإنسانية, أو حكمنا عليها في ضوء مفاهيم العصور الوسطى, فإنها تعد مظهرا من مظاهر الإخفاق في تسوية المنازعات الدينية وفقا لروح المسيحية القائمة على المحبة والسلام. وإذا كانت هذه المحاكم قد نجحت في فرض السلام الديني في الغرب الأوربي فترة من الزمن, فإنه كان سلاما سطحيا, لم يلبث أن تحطم مع انطلاق حركات الإصلاح الديني في مستهل العصر الحديث. ومهما يكن من أمر, فإن هذه المحاكم كانت إحدى الأدوات التي استخدمتها البابوية للاحتفاظ ببعض من سلطتها في الغرب, ولاسيما بعد فشل مشروع الحروب الصليبية في إنجاز حلمها التاريخي وهو السيادة على الشرق. إن المؤرخ الشريف لابد أن يقف مذهولا أمام ما قامت به هذه المحاكم من تعذيب وسجن ومصادرة وحرق, وما ترتب على ذلك كله من مآس نفسية وعقلية وأخلاقية.

    منقول: مجلة العربي الكويتى












 

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. بالصور :إتفرج على((بايبل 333))و هو يتحدى بأن المسلمين يعبدوا اكثر من رب!!!
    بواسطة د. نيو في المنتدى كشف تدليس مواقع النصارى
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 2014-11-08, 10:43 PM
  2. مسألة تكفير القذافي إمام المسلمين
    بواسطة مسلم مسلم في المنتدى العقـيدة الإسلامية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2011-10-05, 05:13 AM
  3. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 2011-09-11, 09:43 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML