الحمد لله رب العالمين ..
شكر الله لإخوتي الكرام مجهودهم .. وهذه بعض الملاحظات :
أولاً :
كان ينبغي على الأخت السائلة - وفقها الله - ألا تنقل الشبهة بألفاظ النصارى القبيحة ، إذ ليس في إيذاء مشاعر إخوتها المسلمين مكسب، وهي لاترضى بهذا إن شاء الله . فكان الأولى نقل موطن الشبهة بلفظ مناسب. والله يغفر لنا ولها.
ثانيـًا :
رد بعض الإخوة الشبهة بالتفرقة بين الملة والدين. وهذا جواب فيه تكلف. فمع أن الفارق موجود لغويـًا إلا أنه غير مؤثر هنا. فملة اليهود هي دينهم بالرغم من كل شيء. ودين اليهود من سنتهم وطريقتهم، فلا ينافي هذا تفسير الملة بالسنة والطريق.
ولذلك قال شيخ المفسرين : (( وأما"الملة" فإنها الدين ، وجمعها الملل. )).
فالمقصود من اتباع الملة أي الإقرار بشرعهم وطريقتهم وليس اعتناق دينهم
لفظ الآية "تتبع ملتهم" ، والاتباع لا يعني مجرد الإقرار فقط وإنما الاعتناق بالفعل.
وقد نقلوا - من لسان العرب - عن بعض العلماء قولهم : (( المِلة في اللغة سُنَّتُهم وطريقهم )) .. وهذا لا يخرج الدين من معنى الملة .. ولذلك كان ينبغي أن ينقلوا أيضـًا من نفس المصدر في نفس المادة : (( المِلَّة : الدين ، كملَّةِ الإِسلام والنَّصرانية واليهودية . وقيل هي مُعْظم الدين وجملة ما يجيء به الرسل )).
وهذا الرابط مفيد في المسألة بإذن الله :
http://www.islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-88038.htm
الفرق بين "الملة" وبين "الدين"
د.سعيد بن ناصر الغامدي - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز
أنقل منه ما يلي :
(( لفظ "الملة" و"الدين" لفظان متقاربان في المعنى، ..... وقد وردت كلتا العبارتين في القرآن العظيم، كما في قوله تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) [البقرة:120]، ..... إذا وجد أحد اللفظين دل على الآخر، وإذا اجتمعا معاً في سياق واحد فإن الملة هي معظم الدين وجملة ما يجيء به الرسل، ..... )).
وفي (التفسير الميسر) : (( ولن ترضى عنك -أيها الرسول- اليهود ولا النصارى إلا إذا تركت دينك واتبعتَ دينهم )).
وفي تفسير الآلوسي : (( والدين يرادفها [أي الملة] صدقاً ، لكنه باعتبار قبول المأمورين ... ولاتحاد ماصدقهما
: { دِينًا قِيَمًا مّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } [الأنغام 161] )).
ثالثـًا :
نقول في جواب الشبهة :
المقدمة الأولى غير صحيحة ..
فقولهم : (( لا يجوز لمسلم أو نصراني دخول اليهودية )) قول غير صحيح.
وحتى لو سلمنا بأن دين اليهود يمنع اليهود من دعوة غيرهم إلى اليهودية ، فمن قال إن اليهود التزموا بهذا ؟!
ولا نريد في هذا المقام الدخول في مسألة : هل يسمح دين اليهود بدخول غير بني إسرائيل في اليهودية أم لا ؟ .. لا نريد الدخول في هذه المسألة لأن جواب الشبهة يتم بدونها بفضل الله .. دعك من أن اليهود أنفسهم مختلفين في جواب المسألة .. وأكثر يهود على جواز دخول غير اليهود في اليهودية وإن كان أكثر هؤلاء يعترف بأنهم سيكونون أدنى منزلة .. وكثير من اليهود الذين يمنعون أن يدعو اليهودي لدينه ، لا يمنعون دخول غير اليهودي في اليهودية إذا "اهتدى" إليها من نفسه ، فالأمران غير متلازمين عندهم .. وبعضهم يقول أقوالاً أخرى في المسألة ، لا حاجة لنا بعرضها وتوثيقها في هذا المقام، لأن غرضنا يتم بأهون من هذا بفضل الله.
فنقول للنصارى : ليس لكم إلا الاعتراف بأن اليهود قد يدعون الناس إلى اتباع دينهم ، وإلا طعنتم في أناجيلكم !
ففي (متى 23/ 15) نجد قول المسيح عليه السلام : (( ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراءون لأنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا دخيلا واحدا ومتى حصل تصنعونه ابنا لجهنم أكثر منكم مضاعفا )).
ها هو المسيح يثبت على أحبار اليهود أنهم يجتهدون غاية الاجتهاد في الدعوة إلى دينهم ولو لكسب فرد واحد. بصرف النظر عن مدى "شرعية" هذا في دينهم.
مثير هذه الشبهة ، ليس فقط يجهل حال اليهود وأقوالهم في المسألة ، بل هو جاهل أيضـًا بما قاله معبوده وروته كتبه التي يزعم قدسيتها !
والحمد لله وحده.
المفضلات