صفحة 2 من 124 الأولىالأولى 123456123272102 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 1236
 
  1. #11
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    11 " إذا تبايعتم بالعينة و أخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع و تركتم الجهاد
    سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 15 :


    و هو حديث صحيح لمجموع طرقه , و قد وقفت على ثلاث منها كلها عن # ابن عمر #
    رضي الله عنه مرفوعا :
    الأولى : عن إسحاق أبي عبد الرحمن أن عطاء الخراساني حدثه أن نافعا حدثه عن
    ابن عمر قال : فذكره .
    أخرجه أبو داود ( رقم 3462 ) و الدولابي في " الكنى " ( 2 / 65 ) و ابن عدي في
    " الكامل " ( 256 / 2 ) و البيهقي في " السنن الكبرى " ( 5 / 316 ) .
    و تابعه فضالة بن حصين عن أيوب عن نافع به .
    رواه ابن شاهين في جزء من " الأفراد " ( 1 / 1 ) و قال " تفرد به فضالة "
    و قال البيهقي : " روي ذلك من وجهين عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر " .
    يشير بذلك إلى تقوية الحديث , و قد وقفت على أحد الوجهين المشار إليهما و هو
    الطريق :
    الثانية : عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر .
    أخرجه أحمد ( رقم 4825 ) و في " الزهد " ( 20 / 84 / 1 - 2 ) , و الطبراني
    في " الكبير " ( 3 / 207 / 1 ) و أبو أمية الطرسوسي في " مسند ابن عمر "
    ( 202 / 1 ) .
    و الوجه الثاني أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 107 / 1 ) عن ليث عن
    عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء .
    و أخرجه ابن أبي الدنيا في " العقوبات " ( 79 / 1 ) . و الروياني في " مسنده "
    ( 247 / 2 ) من وجه آخر عن ليث عن عطاء , أسقط من بينهما ابن أبي سليمان ,
    و كذا رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 313 - 314 ) .
    الثالثة : عن شهر بن حوشب عن ابن عمر . رواه أحمد ( رقم 5007 ) .
    ثم وجدت له شاهدا من رواية بشير بن زياد الخراساني : حدثنا ابن جريج عن عطاء
    عن جابر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
    أخرجه ابن عدي في ترجمة بشير هذا من " الكامل " و قال : " و هو غير معروف ,
    في حديثه بعض النكرة " . و قال الذهبي : " و لم يترك " .
    فتأمل كيف بين هذا الحديث ما أجمل في حديث أبي أمامة المتقدمة قبله , فذكر
    أن تسليط الذل ليس هو لمجرد الزرع و الحرث بل لما اقترن به من الإخلاد إليه
    و الانشغال به عن الجهاد في سبيل الله , فهذا هو المراد بالحديث , و أما الزرع
    الذي لم يقترن به شيء من ذلك فهو المراد بالأحاديث المرغبة في الحرث فلا تعارض
    بينها و لا إشكال .
    _______________________________________


    12 قوله صلى الله عليه وسلم :
    " لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 17 :

    رواه الترمذي ( 4 / 264 ) و أبو الشيخ في " الطبقات " ( 298 ) و أبو يعلى في
    " مسنده " ( 251 / 1 ) و الحاكم ( 4 / 222 ) و أحمد ( رقم 2589 , 4047 )
    و الخطيب ( 1 / 18 ) عن شمر بن عطية عن مغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه عن
    # ابن مسعود # مرفوعا .
    و حسنه الترمذي , و قال الحاكم " صحيح الإسناد " , و وافقه الذهبي .
    ثم رواه أحمد ( رقم 4181 , 4174 ) من طريق أبي التياح عن ابن الأخرم رجل من طيء
    عن ابن مسعود مرفوعا بلفظ : " نهى عن التبقر في الأهل و المال " .
    و تابعه أبو حمزة قال :
    سمعت رجلا من طيىء يحدث عن أبيه عن عبد الله مرفوعا به .
    رواه البغوي في " حديث علي بن الجعد " ( ج 6 / 20 / 2 ) فزاد في السند عن أبيه
    و هو الصواب لرواية شمر كذلك .
    و له شاهد من رواية ليث عن نافع عن ابن عمر مرفوعا باللفظ الأول .
    أخرجه المحاملي في " الأمالي " ( 69 / 2 ) , و سنده حسن في الشواهد .
    و أورده الحافظ باللفظ الأول مجزوما به في شرح حديث أنس المتقدم في المقال
    السابق ثم قال :
    " قال القرطبي : يجمع بينه و بين حديث الباب بحمله على الاستكثار و الاشتغال
    به عن أمر الدين , و حمل حديث الباب على اتخاذها للكفاف أو لنفع المسلمين بها
    و تحصيل توابعها " .
    قلت : و مما يؤيد هذا الجمع اللفظ الثاني من حديث ابن مسعود , فإن ( التبقر )
    التكثر و التوسع . و الله أعلم .
    و اعلم أن هذا التكثر المفضي إلى الانصراف عن القيام بالواجبات التي منها
    الجهاد في سبيل الله هو المراد بالتهلكة المذكورة في قوله تعالى ( و لا تلقوا
    بأيديكم إلى التهلكة ) و في ذلك نزلت الآية خلافا لما يظن كثير من الناس ! فقد
    قال أسلم أبو عمران :
    " غزونا من المدينة , نريد القسطنطينية , ( و على أهل مصر عقبة بن عامر ) و على
    الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد , و الروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة ,
    فحمل رجل ( منا ) على العدو , فقال الناس : مه مه ! لا إله إلا الله ! يلقي
    بيديه إلى التهلكة ! فقال أبو أيوب الأنصاري : ( إنما تأولون هذه الآية هكذا
    أن حمل رجل يقاتل يلتمس الشهادة , أو يبلي من نفسه ! ) إنما نزلت هذه الآية
    فينا معشر الأنصار , لما نصر الله نبيه و أظهر الإسلام قلنا ( بيننا خفيا من
    رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : هلم نقيم في أموالنا و نصلحها , فأنزل الله
    تعالى ( و أنفقوا في سبيل الله و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) فالإلقاء
    بالأيدي إلى التهلكة : أن نقيم في أموالنا و نصلحها و ندع الجهاد .
    قال أبو عمران :
    " فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية " .

    _______________________________________



    13 " غزونا من المدينة نريد القسطنطينية ( و على أهل مصر عقبة بن عامر ) و على
    الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد و الروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة
    فحمل رجل ( منا ) على العدو , فقال الناس : مه مه ! لا إله إلا الله ! يلقي
    بيديه إلى التهلكة ! فقال أبو أيوب الأنصاري : ( إنما تأولون هذه الآية هكذا
    أن حمل رجل يقاتل يلتمس الشهادة أو يبلي من نفسه ! ) إنما نزلت هذه الآية فينا
    معشر الأنصار لما نصر الله نبيه و أظهر الإسلام قلنا ( بيننا خفيا من رسول الله
    صلى الله عليه وسلم ) : هلم نقيم في أموالنا و نصلحها , فأنزل الله تعالى ( و
    أنفقوا في سبيل الله و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) فالإلقاء بالأيدي إلى
    التهلكة : أن نقيم في أموالنا و نصلحها و ندع الجهاد .
    قال أبو عمران : فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 19 :

    عن ( # أسلم أبو عمران # ) :
    رواه أبو داود ( 1 / 393 ) و ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 1 / 10 / 2 )
    و الحاكم ( 2 / 275 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي ,
    و قد وهما , فإن الشيخين لم يخرجا لأسلم هذا , فالحديث صحيح فقط .
    14 عن قزعة قال :
    أرسلني ابن عمر في حاجة , فقال : تعال حتى أودعك كما ودعني رسول الله
    صلى الله عليه وسلم و أرسلني في حاجة له فقال :
    " أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك " .
    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 19 :
    من أدبه صلى الله عليه وسلم عند التوديع :
    --------------------------------------
    فيه ثلاثة أحاديث : الأول عن ابن عمر , و له عنه طرق :
    أ - عن قزعة قال :
    أرسلني #‎ابن عمر # في حاجة , فقال : تعال حتى أودعك كما ودعني رسول الله
    صلى الله عليه وسلم و أرسلني في حاجة له فقال :
    " أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك " .
    رواه أبو داود ( رقم 2600 ) و الحاكم ( 2 / 97 ) و أحمد ( 2 / 25 و 38 و 136 )
    و ابن عساكر ( 14 / 290 / 2 و 15 / 469 / 1 ) عن عبد العزيز بن عمر ابن عبد
    العزيز عنه .
    و رجاله ثقات , لكن اختلف فيه على عبد العزيز , فرواه بعضهم هكذا , و أدخل
    بعضهم بينه و بين قزعة رجلا سماه بعضهم " إسماعيل بن جرير " و سماه آخرون
    " يحيى بن إسماعيل بن جرير " , و قد ساق الحافظ ابن عساكر الروايات المختلفة
    في ذلك .
    و قال الحافظ في " التقريب " إن الصواب قول من قال : " يحيى بن إسماعيل " .
    قلت : و هو ضعيف , لكن يتقوى الحديث بالطرق الأخرى , و في رواية لابن عساكر :
    " كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأخذ بيدي يصافحني , ثم قال : "
    فذكره .
    ب - عن سالم أن ابن عمر كان يقول للرجل إذا أراد سفرا : ادن مني أودعك كما
    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيقول : فذكره .
    أخرجه الترمذي ( 2 / 255 طبع بولاق ) و أحمد ( 2 / 7 ) و عبد الغني المقدسي
    في " الجزء الثالث و الستون ( 41 / 1 ) " عن سعيد بن خثيم عن حنظلة عنه .
    و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث سالم " .
    قلت : و هو على شرط مسلم غير أن سعيدا قد خولف في سنده , فرواه الحاكم
    ( 1 / 442 و 2 / 97 ) عن إسحاق بن سليمان و الوليد بن مسلم عن حنظلة بن
    أبي سفيان عن القاسم بن محمد قال :
    كنت عند ابن عمر فجاءه رجل فقال : أردت سفرا , فقال : انتظر حتى أودعك :
    فذكره , و قال :
    " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي و هو كما قالا .
    و لعل الترمذي إنما استغربه من حديث سالم من أجل مخالفة هذين الثقتين : إسحاق
    ابن سليمان و الوليد بن مسلم لابن خثيم حيث جعله من رواية حنظلة عن سالم ,
    و جعلاه من رواية حنظلة عن القاسم بن محمد عنه . و لعله أصح .
    و أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 270 / 2 ) من طريق الوليد بن مسلم وحده .
    ج - عن مجاهد قال :
    " خرجت إلى العراق أنا و رجل معي , فشيعنا عبد الله بن عمر , فلما أراد أن
    يفارقنا قال : إنه ليس معي ما أعطيكما ( كذا الأصل , و لعله : أعظكما ) ,
    و لكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا استودع الله شيئا حفظه ,
    و إني أستودع الله دينكما و أمانتكما , و خواتيم عملكما " .
    أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2376 ) بسند صحيح .
    هـ - عن نافع عنه قال :
    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلا أخذ بيده فلا يدعها حتى يكون
    الرجل هو يدع يد النبي صلى الله عليه وسلم و يقول : فذكره .
    رواه الترمذي ( 2 / 255 طبع بولاق ) و قال : " حديث غريب من هذا الوجه " .
    قلت : يعني أنه ضعيف لخصوص هذه الطريق , و ذلك لأنها من رواية إبراهيم
    ابن عبد الرحمن بن زيد بن أمية عن نافع و هو أعني إبراهيم هذا مجهول .
    لكنه لم ينفرد به , فقد رواه ابن ماجه ( 2 / 943 رقم 2826 ) عن ابن أبي ليلى
    عنه . و ابن أبي ليلى سيء الحفظ و اسمه محمد بن عبد الرحمن , و لم يذكر قصة
    الأخذ باليد .

    _______________________________________


    15 عن عبد الله الخطمي قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يستودع
    الجيش , قال :
    " أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 21 :

    ( عن # عبد الله الخطمي # ) قال :
    كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يستودع الجيش , قال : فذكره .
    رواه أبو داود و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 498 ) بإسناد صحيح
    على شرط مسلم .
    _______________________________________


    16 عن أبى هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ودع أحدا قال :
    " أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 22 :

    أخرجه أحمد ( 2 / 358 ) عن ابن لهيعة عن الحسن بن ثوبان عن موسى ابن وردان عنه
    قلت : و رجاله موثقون , غير أن ابن لهيعة سيء الحفظ و قد خالفه في متنه الليث
    ابن سعد و سعيد بن أبي أيوب عن الحسن بن ثوبان به بلفظ :
    " أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه " .
    و هذا عن # أبي هريرة # أصح و سنده جيد , رواه أحمد ( 1 / 403 ) .
    ثم رأيت ابن لهيعة قد رواه بهذا اللفظ أيضا عند ابن السني رقم ( 501 ) .
    و ابن ماجه ( 2 / 943 رقم 2825 ) فتأكدنا من خطئه في اللفظ الأول .
    من فوائد الحديث :
    -----------------
    يستفاد من هذا الحديث الصحيح جملة فوائد :
    الأولى : مشروعية التوديع بالقول الوارد فيه " أستودع الله دينك و أمانتك
    و خواتيم عملك " أو يقول : " أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه " .
    الثانية : الأخذ باليد الواحدة في المصافحة , و قد جاء ذكرها في أحاديث كثيرة ,
    و على ما دل عليه هذا الحديث يدل اشتقاق هذه اللفظة في اللغة .
    ففي " لسان العرب " : " و المصافحة : الأخذ باليد , و التصافح مثله , و الرجل
    يصافح الرجل : إذا وضع صفح كفه في صفح كفه , و صفحا كفيهما : وجهاهما , و منه
    حديث المصافحة عند اللقاء , و هي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف و إقبال الوجه
    على الوجه " .
    قلت : و في بعض الأحاديث المشار إليها ما يفيد هذا المعنى أيضا , كحديث حذيفة
    مرفوعا : " إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه و أخذ بيده فصافحه تناثرت
    خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر " .
    قال المنذري ( 3 / 270 ) :
    " رواه الطبراني في " الأوسط " و رواته لا أعلم فيهم مجروحا " .
    قلت : و له شواهد يرقى بها إلى الصحة , منها : عن أنس عند الضياء المقدسي
    في " المختارة " ( ق 240 / 1 - 2 ) و عزاه المنذري لأحمد و غيره .
    فهذه الأحاديث كلها تدل على أن السنة في المصافحة : الأخذ باليد الواحدة فما
    يفعله بعض المشايخ من التصافح باليدين كلتيهما خلاف السنة , فليعلم هذا .
    الفائدة الثالثة : أن المصافحة تشرع عند المفارقة أيضا و يؤيده عموم قوله
    صلى الله عليه وسلم " من تمام التحية المصافحة " و هو حديث جيد باعتبار طرقه
    و لعلنا نفرد له فصلا خاصا إن شاء الله تعالى , ثم تتبعت طرقه , فتبين لي
    أنها شديدة الضعف , لا تلصح للاعتبار و تقوية الحديث بها , و لذلك أوردته في
    " السلسلة الأخرى " ( 1288 ) . و وجه الاستدلال بل الاستشهاد به إنما يظهر
    باستحضار مشروعية السلام عند المفارقة أيضا لقوله صلى الله عليه وسلم :
    " إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم , و إذا خرج فليسلم , فليست الأولى بأحق من
    الأخرى " . رواه أبو داود و الترمذي و غيرهما بسند حسن .
    فقول بعضهم : إن المصافحة عند المفارقة بدعة مما لا وجه له , نعم إن الواقف
    على الأحاديث الواردة في المصافحة عند الملاقاة يجدها أكثر و أقوى من الأحاديث
    الواردة في المصافحة عند المفارقة , و من كان فقيه النفس يستنتج من ذلك أن
    المصافحة الثانية ليست مشروعيتها كالأولى في الرتبة , فالأولى سنة , و الأخرى
    مستحبة , و أما أنها بدعة فلا , للدليل الذي ذكرنا .
    و أما المصافحة عقب الصلوات فبدعة لا شك فيها إلا أن تكون بين اثنين لم يكونا
    قد تلاقيا قبل ذلك فهي سنة كما علمت .
    _______________________________________

    17 " إن نبي الله أيوب صلى الله عليه وسلم لبث به بلاؤه ثمان عشرة سنة فرفضه
    القريب و البعيد إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه و يروحان , فقال أحدهما
    لصاحبه ذات يوم : تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين فقال
    له صاحبه : و ما ذاك ? قال : منذ ثمان عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به فلما
    راحا إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له , فقال أيوب : لا أدري ما تقولان
    غير أن الله تعالى يعلم أني كنت أمر بالرجلين يتنازعان , فيذكران الله فأرجع
    إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق , قال : و كان يخرج إلى
    حاجته فإذا قضى حاجته أمسكته امرأته بيده حتى يبلغ , فلما كان ذات يوم أبطأ
    عليها و أوحي إلى أيوب أن *( اركض برجلك هذا مغتسل بارد و شراب )* فاستبطأته
    فتلقته تنظر و قد أقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء و هو أحسن ما كان
    فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى , والله على
    ذلك ما رأيت أشبه منك إذ كان صحيحا , فقال : فإني أنا هو , و كان له أندران
    ( أي بيدران ) : أندر للقمح و أندر للشعير , فبعث الله سحابتين , فلما كانت
    إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض و أفرغت الأخرى في أندر الشعير
    الورق حتى فاض " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 25 :

    رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 176 / 1 - 177 / 1 ) و أبو نعيم في " الحلية "
    ( 3 / 374 - 375 ) من طريقين عن سعيد بن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد أخبرني
    عقيل عن ابن شهاب عن # أنس بن مالك # مرفوعا و قال :
    " غريب من حديث الزهري لم يروه عنه إلا عقيل و رواته متفق على عدالتهم تفرد
    به نافع " .
    قلت : و هو ثقة كما قال , أخرج له مسلم و بقية رجاله رجال الشيخين .
    فالحديث صحيح . و قد صححه الضياء المقدسي فأخرجه في " المختارة "
    ( 220 / 2 - 221 / 2 ) من هذا الوجه . و رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 2091 )
    عن ابن وهيب أنبأنا نافع بن يزيد .
    و هذا الحديث مما يدل على بطلان الحديث الذي في " الجامع الصغير " بلفظ :
    " أبى الله أن يجعل للبلاء سلطانا على عبده المؤمن " .
    و سيأتي تحقيق الكلام عليه في " الأحاديث الضعيفة " إن شاء الله تعالى .
    _______________________________________

    18 " حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 25 :

    رواه الطبراني ( 1 / 19 / 1) حدثنا علي بن عبد العزيز أنبأنا محمد بن أبي نعيم
    الواسطي أنبأنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن # عامر بن سعد عن أبيه # قال :
    جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي كان يصل الرحم و كان
    و كان فأين هو ? قال : في النار , فكأن الأعرابي وجد من ذلك فقال : يا رسول
    الله فأين أبوك ? قال : فذكره .
    قال : فأسلم الأعرابي بعد ذلك , فقال : لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم
    تعبا : ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار .
    قلت : و هذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون , و طرح ابن معين لمحمد
    ابن أبي نعيم لا يتلفت إليه بعد توثيق أحمد و أبي حاتم إياه , لاسيما و قد
    توبع في إسناده , أخرجه الضياء في " المختارة " ( 1 / 333 ) من طريقين عن زيد
    بن أخزم حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا إبراهيم بن سعد به و قال :
    " سئل الدارقطني عنه فقال : يرويه محمد بن أبي نعيم و الوليد بن عطاء بن الأغر
    عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد , و غيره يرويه عن إبراهيم بن سعد
    عن الزهري مرسلا , و هو الصواب .
    قلت : و هذه الرواية التي رويناها تقوي المتصل " .
    قلت : و زيد بن أخزم ثقة حافظ و كذلك شيخه يزيد بن هارون , فهي متابعة قوية
    لابن أبي نعيم الواسطي تشهد لصدقه و ضبطه , لكن قد خولف زيد بن أخزم في إسناده
    فقال ابن ماجه ( رقم 1573 ) : حدثنا محمد بن إسماعيل بن البختري الواسطي :
    حدثنا يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم عن أبيه قال : جاء
    أعرابي . الحديث بتمامه .
    و هذا ظاهره الصحة , و لذلك قال في " الزوائد " ( ق 97 / 2 ) : " إسناده صحيح
    رجاله ثقات , محمد بن إسماعيل وثقه ابن حبان و الدارقطني و الذهبي , و باقي
    رجال الإسناد على شرط الشيخين " .
    قلت : لكن قال الذهبي فيه : " لكنه غلط غلطة ضخمة " . ثم ساق له حديثا صحيحا
    زاد فيه " الرمي عن النساء " و هي زيادة منكرة و قد رواه غيره من الثقات فلم
    يذكر فيه هذه الزيادة . و أقره الحافظ ابن حجر على ذلك .
    قلت : فالظاهر أنه أخطأ في إسناد هذا الحديث أيضا فقال فيه .. عن سالم عن أبيه
    و الصواب عن عامر بن سعد عن أبيه كما في رواية ابن أخزم و غيره , و قد قال
    الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 117 - 118 ) بعد أن ساقه من حديث سعد :
    " رواه البزار و الطبراني في " الكبير " و رجاله رجال الصحيح " .
    من فقه الحديث :
    ---------------
    و في هذا الحديث فائدة هامة أغفلتها عامة كتب الفقه , ألا و هي مشروعية تبشير
    الكافر بالنار إذا مر بقبره . و لا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظ المؤمن
    و تذكيره بخطورة جرم هذا الكافر حيث ارتكب ذنبا عظيما تهون ذنوب الدنيا كلها
    تجاهه و لو اجتمعت , و هو الكفر بالله عز و جل و الإشراك به الذي أبان الله
    تعالى عن شدة مقته إياه حين استثناه من المغفرة فقال : ( إن الله لا يغفر أن
    يشرك به , و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) , و لهذا قال صلى الله عليه وسلم :
    " أكبر الكبائر أن تجعل لله ندا و قد خلقك " متفق عليه .
    و إن الجهل بهذه الفائدة مما أودى ببعض المسلمين إلى الوقوع في خلاف ما أراد
    الشارع الحكيم منها , فإننا نعلم أن كثيرا من المسلمين يأتون بلاد الكفر لقضاء
    بعض المصالح الخاصة أو العامة , فلا يكتفون بذلك حتى يقصدوا زيارة بعض قبور من
    يسمونهم بعظماء الرجال من الكفار و يضعون على قبورهم الأزهار و الأكاليل
    و يقفون أمامها خاشعين محزونين , مما يشعر برضاهم عنهم و عدم مقتهم إياهم ,
    مع أن الأسوة الحسنة بالأنبياء عليهم السلام تقضي خلاف ذلك كما في هذا الحديث
    الصحيح و اسمع قول الله عز و جل : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم و الذين
    معه إذ قالوا لقومهم إنا برءآؤ منكم و مما تعبدون من دون الله كفرنا بكم و بدا
    بيننا و بينكم العداوة و البغضاء أبدا ) الآية , هذا موقفهم منهم و هم أحياء
    فكيف و هم أموات ) ?!
    و روى البخاري ( 1 / 120 طبع أوربا ) و مسلم ( 8 / 221 ) عن ابن عمر أنه
    صلى الله عليه وسلم قال لهم لما مر بالحجر :
    " لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين , إلا أن تكونوا باكين , فإن لم تكونوا
    باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم ما أصابهم " .
    _______________________________________


    19 " لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين , فإن لم تكونوا
    باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم ما أصابهم " .
    ( و تقنع بردائه و هو على الرحل ) .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 27 :

    ( عن # ابن عمر # ) :
    و رواه أحمد ( 2 / 9 , 58 , 66 , 72 , 74 , 91 , 96 , 113 , 137 ) و الزيادة
    له .
    و قد ترجم لهذا الحديث صديق خان في " نزل الأبرار " ( ص 293 ) بـ " باب البكاء
    و الخوف عند المرور بقبور الظالمين و بمصارعهم و إظهار الافتقار إلى الله تعالى
    و التحذير من الغفلة عن ذلك " .
    أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا و أن يلهمنا العمل به إنه سميع مجيب .


    20 " أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ?! فإنه شكا إلي أنك
    تجيعه و تدئبه " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 28 :

    رواه أبو داود ( 1 / 400 ) و الحاكم ( 2 / 99 - 100 ) و أحمد ( 1 / 204 - 205 )
    و أبو يعلى في " مسنده " ( 318 / 1 ) و البيهقي في " دلائل النبوة " ( ج 2 باب
    ذكر المعجزات الثلاث ) و ابن عساكر في " تاريخه " ( ج 9 / 28 / 1 ) .
    و الضياء في " الأحاديث المختارة " ( 124 - 125 ) من طريق محمد بن عبد الله
    ابن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي عن # عبد الله بن جعفر #
    قال : أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم , فأسر إلي حديثا لا
    أحدث به أحدا من الناس , و كان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم
    لحاجته هدف أو حائش النخل , فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل , ( فلما رأى
    النبي صلى الله عليه وسلم حن و ذرفت عيناه , فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم
    فمسح سراته إلى سنامه و ذفراه فسكن ) فقال : من رب هذا الجمل ? لمن هذا الجمل ?
    فجاء فتى من الأنصار فقال : لي يا رسول الله , فقال : فذكر الحديث .
    و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي و هو كما قالا , بل إنهما قد
    قصرا فإنه صحيح على شرط مسلم , فقد أخرجه في " صحيحه " ( 1 / 184 - 185 ) بهذا
    الإسناد دون قصة الجمل , و ذكر النووي في " رياض الصالحين " ( ص 378 ) أن
    البرقاني رواه بإسناد مسلم بتمامه و كأنه لهذا قال ابن عساكر عقبه :
    " رواه مسلم " . يعني أصله لا بتمامه .
    و الزيادة التي بين القوسين لابن عساكر و الضياء .
    _______________________________________


    يتبع ان شاء الله





  2. #12
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    21 " اركبوا هذه الدواب سالمة و ايتدعوها سالمة و لا تتخذوها كراسي " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 29 :

    أخرجه الحاكم ( 1 / 444 و 2 / 100 ) و البيهقي ( 5 / 225 ) و أحمد ( 3 / 440 ,
    4 / 234 ) و ابن عساكر ( 3 / 91 / 1 ) عن الليث بن سعد عن يزيد بن حبيب عن
    # سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه # - و كانت له صحبة - مرفوعا .
    و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي و هو كما قالا فإن رجاله كلهم
    ثقات , و سهل بن معاذ لا بأس به في غير رواية زبان عنه , و هذه ليست منها .
    و قد أخرجه أحمد ( 3 / 439 , 340 ) من طريق ابن لهيعة حدثنا زبان عن سهل به
    و زاد " فرب مركوبة خير من راكبها , و أكثر ذكرا لله منه " .
    و هذه الزيادة ضعيفة لما عرفت من حال رواية زبان عن سهل , لاسيما و فيه
    ابن لهيعة و هو ضعيف أيضا , و لا تغتر بقول الهيثمي ( 8 / 107 ) عقب هذه
    الرواية بهذه الزيادة :
    " رواه أحمد و الطبراني و أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سهل بن معاذ
    ابن أنس وثقه ابن حبان و فيه ضعف " .
    فإن السند الذي ينطبق عليه هذا الكلام إنما هو سند الرواية الأولى التي ليس
    فيها هذه الزيادة , فتنبه .

    _______________________________________

    22 " إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر , فإن الله تعالى إنما سخرها لكم لتبلغكم
    إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس , و جعل لكم الأرض فعليها فاقضوا
    حاجاتكم " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 30 :

    رواه أبو داود ( رقم 2567 ) و عنه البيهقي ( 5 / 255 ) و أبو القاسم السمرقندي
    في " المجلس 128 من الأمالي " و عنه ابن عساكر ( 19 / 85 / 1 ) من طريقين عن
    يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبي مريم عن # أبي هريرة # مرفوعا .
    قلت : و هذا سند صحيح , يحيى بن أبي عمرو السيباني - بفتح المهملة و سكون
    التحتانية بعدها موحدة , و هو ثقة , و وقع في ترجمة أبي مريم من " التهذيب "
    " الشيباني " بالشين المعجمة و هو تصحيف .
    و أبو مريم قال العجلي في " الثقات " ( ص 94 من ترتيب السبكي ) : " أبو مريم
    مولى أبي هريرة شامي تابعي ثقة " .
    و اعتمده الحافظ فقال في " التقريب " : " ثقة " .
    و منه تعلم أن قول ابن القطان المذكور في " فيض القدير " :
    " ليس مثل هذا الحديث يصح لأن فيه أبا مريم مولى أبي هريرة و لا يعرف له حال ,
    ثم قيل : هو رجل واحد , و قيل : رجلان , و كيفما كان فحاله أو حالهما مجهول
    فمثله لا يصح " .
    فمردود بتوثيق العجلي له , و قد روى عنه جماعة كما في " التهذيب "
    و بقول أحمد : " رأيت أهل حمص يحسنون الثناء عليه " و في رواية عنه :
    " هو صالح معروف عندنا , قيل له : هذا الذي يروي عن أبي هريرة ? قال : نعم " .
    ذكره ابن عساكر .
    ( تنبيه ) :
    -------------
    و قع في نسخة " سنن أبي داود " التي قام على تصحيحها الشيخ محمد محي الدين
    عبد الحميد ( ابن أبي مريم ) و الصواب ( أبي مريم ) كما ذكرنا .

    _______________________________________

    23 " اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة , فاركبوها صالحة و كلوها صالحة " .
    قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 31 :
    رواه أبو داود ( رقم 2448 ) من طريق محمد بن مهاجر عن ربيعة بن زيد عن أبي كبشة
    السلولي عن # سهل بن الحنظلية # قال :
    " مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه , فقال : " فذكره .
    قلت : و سنده صحيح كما قال النووي في " الرياض " و أقره المناوي .
    و قد تابعه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : حدثني ربيعة بن يزيد به أتم منه
    و لفظه :
    " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فمر ببعير مناخ على باب المسجد
    من أول النهار , ثم مر به آخر النهار و هو على حاله , فقال : أين صاحب هذا
    البعير ? ! فابتغي فلم يوجد , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا
    الله في هذه البهائم , ثم اركبوها صحاحا , و اركبوها سمانا ) كالمتسخط آنفا " .
    رواه ابن حبان ( 844 ) و أحمد ( 4 / 180 - 181 ) و سنده صحيح على شرط البخاري .
    ( تنبيه ) :
    -------------
    قوله ( كلوها ) قيدوها بضم الكاف من الأكل و عليه جرى المناوي في شرح هذه
    الكلمة , فإذا صحت الرواية بذلك فلا كلام , و إلا فالأقرب عندي أنها ( كلوها )
    بكسر الكاف من وكل يكل كل أي اتركووها , هذا هو المتبادر من سياق الحديث .
    و يؤيده الحديث المتقدم ( رقم 22 ) بلفظ " اركبوا هذه الدواب سالمة ,
    و ايتدعوها سالمة ... " , أي اتركوها سالمة و الله أعلم .
    ( المعجمة ) : أي التي لا تقدر على النطق فتشكو ما أصابها من جوع أو عطش ,
    و أصل الأعجم : الذي لا يفصح بالعربية و لا يجيد التكلم بها عجميا كان أو عربيا
    سمي به لعجمة لسانه , و التباس كلامه .
    24 " أفلا قبل هذا !‎أتريد أن تميتها موتتين ?! " .



    قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 32 :


    رواه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 140 / 1 ) و " الأوسط " ( 1 / 31 / 1 من
    زوائده ) و البيهقي ( 9 / 280 ) عن يوسف بن عدي حدثنا عبد الرحيم بن سليمان
    الرازي عن عاصم الأحول عن عكرمة عن # ابن عباس # قال :
    " مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة , و هو يحد
    شفرته و هي تلحظ إليه ببصرها , فقال : " فذكره .
    و قال الطبراني :
    " لم يصله بهذا الإسناد إلا عبد الرحيم بن سليمان تفرد به يوسف " .
    قلت : و هما ثقتان من رجال البخاري و كذلك سائر الرواة فالحديث صحيح الإسناد ,
    و قال الهيثمي ( 5 / 33 ) :
    " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " و رجاله رجال الصحيح " .
    و في نفي الطبراني المذكور نظر بين , فقد أخرجه الحاكم ( 4 / 231 و 233 ) من
    طريق عبد الرحمن بن المبارك حدثنا حماد بن زيد عن عاصم به و لفظه :
    ( أتريد أن تميتها موتات ?‎!‎هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها ?‎)
    و قال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " و وافقه الذهبي .
    و قال في الموضع الآخر " على شرط الشيخين " .

    _______________________________________

    25
    " من فجع هذه بولدها ?! ردوا ولدها إليها " .

    قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 33 :

    رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 382 ) و أبو داود ( رقم 2675 )
    و الحاكم ( 4 / 239 ) عن # عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه # قال :
    " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر , فانطلق لحاجة , فرأينا حمرة
    معها فرخان , فأخذنا فرخيها , فجاءت الحمرة فجعلت تفرش , فجاء النبي صلى الله
    عليه وسلم فقال : " فذكره .
    و السياق لأبي داود و زاد : " و رأى قرية نمل قد حرقناها , فقال :
    من حرق هذه ? قلنا : نحن , قال : إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار " .
    و سنده صحيح , و قال الحاكم " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .
    و سيأتي بزيادة في التخريج , و شاهد لبعضه ( 481 - 482 ) .
    ( الحمرة ) : بضم الحاء و فتح الميم المشددة : طائر صغير كالعصفور أحمر اللون .
    ( تفرش ) : بحذف إحدى التاءين كـ ( تذكر ) أي ترفرف بجناحيها و تقترب من الأرض
    . _______________________________________

    26 " و الشاة إن رحمتها رحمك الله " .

    قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 33 :

    رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 373 ) و الطبراني في " المعجم الصغير "
    ( ص 60 ) و في " الأوسط " ( ج 1 / 121 / 1 من زوائده ) و كذا أحمد ( 3 / 436 ,
    5 / 34 ) و الحاكم ( 3 / 586 ) و ابن عدي في الكامل ( ق 259 / 2 ) و أبو نعيم
    في " الحلية " ( 2 / 302 و 6 / 343 ) و ابن عساكر ( 6 / 257 / 1 ) من طرق عن #
    معاوية بن قرة عن أبيه # قال :
    " قال رجل : يا رسول الله إني لأذبح الشاة فأرحمها , قال ... " فذكره و زاد
    البخاري " مرتين " .
    و سنده صحيح . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 33 ) :
    " رواه أحمد و البزار و الطبراني في " الكبير " و " الصغير " , و له ألفاظ
    كثيرة و رجاله ثقات " .
    _______________________________________

    27 " من رحم و لو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 34 :

    رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 371 ) و تمام في " الفوائد "
    ( ق 194 / 1 ) عن القاسم بن عبد الرحمن عن # أبي أمامة # مرفوعا .
    قلت : و سنده حسن , و قال الهيثمي ( 4 / 33 ) : " رواه الطبراني في " الكبير "
    و رجاله ثقات " .
    و رواه الضياء المقدسي في " المختارة " كما في " الجامع الصغير " للسيوطي .
    _______________________________________

    28 " عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت , فدخلت فيها النار , لا هي أطعمتها
    و سقتها إذ حبستها و لا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 34 :

    رواه البخاري في " صحيحه " ( 2 / 78 طبع أوربا ) و في " الأدب المفرد "
    ( رقم 379 ) و مسلم ( 7 / 43 ) من حديث نافع عن # عبد الله بن عمر # مرفوعا .
    و مسلم و أحمد ( 2 / 507 ) من طرق عن أبي هريرة مرفوعا نحوه .
    ( خشاش الأرض ) هي الحشرات و الهوام .
    _______________________________________

    29 " بينما رجل يمشي بطريق , إذ اشتد عليه العطش , فوجد بئرا فنزل فيها فشرب و خرج
    فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش , فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش
    مثل الذي بلغ مني , فنزل البئر فملأ خفه , ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب
    فشكر الله له , فغفر له , فقالوا : يا رسول الله و إن لنا في البهائم لأجرا ?
    فقال : في كل ذات كبد رطبة أجر " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 35 :

    رواه مالك في " الموطأ " ( ص 929 - 930 ) و عنه البخاري في " صحيحه " ( 2 / 77
    - 78 , 103 , 4 / 117 طبع أوربا ) , و في " الأدب المفرد " ( رقم 378 ) و مسلم
    ( 7 / 44 ) و أبو داود ( رقم 2550 ) و أحمد ( 2 / 375 , 517 ) كلهم عن مالك عن
    سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن # أبي هريرة # مرفوعا .
    و رواه أحمد ( 2 / 521 ) من طريق أخرى عن أبي صالح به مختصرا .

    _______________________________________

    30 " بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش , إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل
    فنزعت موقها , فاستقت له به فسقته إياه , فغفر لها به " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 35 :

    رواه البخاري ( 2 / 376 طبع أوربا ) و مسلم ( 7 / 45 ) و أحمد ( 2 / 507 )
    من حديث محمد بن سيرين عن # أبي هريرة # مرفوعا .
    و تابعه أنس بن سيرين عن أبي هريرة نحوه .
    و رواه أحمد ( 2 / 510 ) و سنده صحيح أيضا .
    ( الركية ) : بئر لم تطو أو طويت .
    و من الآثار في الرفق بالحيوان :
    ---------------------------------
    أ - عن المسيب بن دار قال :
    رأيت عمر بن الخطاب ضرب جمالا , و قال : لم تحمل على بعيرك مالا يطيق ? !
    رواه ابن سعد في " الطبقات " ( 7 / 127 ) و سنده صحيح إلى المسيب ابن دار ,
    و لكني لم أعرف المسيب هذا .
    ثم تبين لي أن الصواب في اسم أبيه ( دارم ) , هكذا ورد في سند هذا الأثر عند
    أبي الحسن الأخميمي في " حديثه " ( ق 62 / 2 ) , و هكذا أورده ابن أبي حاتم
    في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 / 294 ) و قال : " مات سنة ست و ثمانين " و لم
    يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 1 / 227 )
    و كناه بأبي صالح .
    ب - عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب :
    أن رجلا حد شفرة و أخذ شاة ليذبحها , فضربه عمر بالدرة و قال أتعذب الروح ?!ألا
    فعلت هذا قبل أن تأخذها ? ! رواه البيهقي ( 9 / 280 - 281 ) .
    ج - عن محمد بن سيرين :
    أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا يجر شاة ليذبحها فضربه بالدرة و قال : سقها - لا
    أم لك - إلى الموت سوقا جميلا .
    رواه البيهقي أيضا .
    د - عن وهب بن كيسان :
    أن ابن عمر رأى راعي غنم في مكان قبيح , و قد رأى ابن عمر مكانا أمثل منه ,
    فقال ابن عمر : ويحك يا راعي حولها , فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
    يقول : " كل راع مسؤول عن رعيته " .
    رواه أحمد ( رقم 5869 ) و سنده حسن .
    هـ - عن معاوية بن قرة قال :
    كان لأبي الدرداء جمل يقال له : ( دمون ) , فكان إذا استعاروه منه قال : لا
    تحملوا عليه إلا كذا و كذا , فإنه لا يطيق أكثر من ذلك , فلما حضرته الوفاة
    قال : يا دمون لا تخاصمني غدا عند ربي , فإني لم أكن أحمل عليك إلا ما تطيق .
    رواه أبو الحسن الأخميمي في " حديثه " ( 63 / 1 ) .
    و - عن أبي عثمان الثقفي قال :
    كان لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه غلام يعمل على بغل له يأتيه بدرهم كل يوم
    فجاء يوما بدرهم و نصف , فقال : أما بدا لك ? قال : نفقت السوق , قال :
    لا و لكنك أتعبت البغل ! أجمه ثلاثة أيام .
    رواه أحمد في " الزهد " ( 19 / 59 / 1 ) بسند صحيح إلى أبي عثمان , و أما هذا
    فلم أجد له ترجمة .
    تلك هي بعض الآثار التي وقفت عليها حتى الآن , و هي تدل على مبلغ تأثر المسلمين
    الأولين بتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في الرفق بالحيوان , و هي في
    الحقيقة قل من جل و نقطة من بحر , و في ذلك بيان واضح أن الإسلام هو الذى وضع
    للناس مبدأ ( الرفق بالحيوان ) , خلافا لما يظنه بعض الجهال بالإسلام أنه من
    وضع الكفار الأوربيين , بل ذلك من الآداب التي تلقوها عن المسلمين الأولين , ثم
    توسعوا فيها , و نظموها تنظيما دقيقا , و تبنتها دولهم حتى صار الرفق بالحيوان
    من مزاياهم اليوم , حتى توهم الجهال أنه من خصوصياتهم ! و غرهم في ذلك أنه لا
    يكاد يرى هذا النظام مطبقا في دولة من دول الإسلام , و كانوا هم أحق بها
    و أهلها !
    و لقد بلغ الرفق بالحيوان في بعض البلاد الأوربية درجة لا تخلو من المغالاة ,
    و من الأمثلة على ذلك ما قرأته في " مجلة الهلال " ( مجلد 27 ج 9 ص 126 ) تحت
    عنوان : " الحيوان و الإنسان " :
    " إن محطة السكك الحديدية في كوبنهاجن كان يتعشعش فيها الخفاش زهاء نصف قرن ,
    فلما تقرر هدمها و إعادة بنائها أنشأت البلدية برجا كلفته عشرات الألوف من
    الجنيهات , منعا من تشرد الخفاش " .
    و حدث منذ ثلاث سنوات أن سقط كلب صغير في شق صغير بين صخرتين في إحدى قرى
    إنكلترا , فجند له أولو الأمر مائة من رجال المطافئ لقطع الصخور و إنقاذ
    الكلب ! و ثار الرأي العام في بعض البلاد أخيرا عندما اتخذ الحيوان وسيلة
    لدراسة الظواهر الطبيعية , حين أرسلت روسيا كلبا في صاروخها , و أرسلت أمريكا
    قردا .

    ********************
    يتبع ان شاء الله





  3. #13

    عضو ماسي

    الصورة الرمزية عزتي بديني
    عزتي بديني غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 104
    تاريخ التسجيل : 10 - 1 - 2008
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 3,031
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : في رحمة الله
    الوظيفة : "من كان يطلب العزة فليطلبها بطاعة الله بالكلم الطيب والعمل الصالح". ابن القيم
    معدل تقييم المستوى : 20

    افتراضي







  4. #14
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي


    31 " أقيموا صفوفكم و تراصوا , فإني أراكم من وراء ظهري " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 39 :

    رواه البخاري ( 2 / 176 بشرح " الفتح " طبع بولاق ) و أحمد ( 3 / 182 , 263 )
    و المخلص في " الفوائد " ( ج 1 / 10 / 2 ) من طرق عن حميد الطويل , حدثنا
    # أنس بن مالك # قال :
    " أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال : " .
    فذكره .
    زاد البخاري في رواية : " قبل أن يكبر " و زاد أيضا فى آخره : " و كان أحدنا
    يلزق منكبه بمنكب صاحبه . و قدمه بقدمه " .
    و هي عند المخلص بلفظ :
    قال أنس : " فلقد رأيت أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه , و قدمه بقدمه " .
    فلو ذهبت تفعل هذا اليوم لنفر أحدكم كأنه بغل شموس .
    و سنده صحيح أيضا على شرط الشيخين و عزاها الحافظ لسعيد بن منصور و الإسماعيلي
    و ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله :
    " باب إلزاق المنكب بالمنكب , و القدم بالقدم في الصف " .
    و أما حديث النعمان فهو :
    " أقيموا صفوفكم ثلاثا , و الله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم " .
    _______________________________________

    32 " أقيموا صفوفكم ثلاثا , والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 39 :

    أخرجه أبو داود ( رقم 662 ) , و ابن حبان ( 396 ) , و أحمد ( 4 / 276 ) ,
    و الدولابي في " الكنى " ( 2 / 86 ) عن أبي القاسم الجدلي حسين بن الحارث ,
    قال : سمعت # النعمان بن بشير # يقول :
    " أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال : ...‎" فذكره ,
    قال : " فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه , و ركبته بركبة صاحبه , و كعبه
    بكعبه " .
    قلت : و سنده صحيح , و علقه البخاري مجزوما به , و وصله ابن خزيمة أيضا في
    " صحيحه " كما في " الترغيب " ( 1 / 176 ) و " الفتح " ( 2 / 176 ) .
    ثم رواه الدولابي من طريق بقية بن الوليد , حدثنا حريز قال : سمعت غيلان
    المقرىء يحدث عن أبي قتيلة مرثد بن وداعة ( قال : سمعت ) النعمان بن بشير
    يقول : فذكره .
    و هذا سند لا بأس به في المتابعات , و رجاله ثقات غير غيلان المقرىء ,
    و لعله غيلان بن أنس الكلبي مولاهم الدمشقي , فإن يكن هو , فهو مجهول الحال ,
    روى عنه جماعة , و قال الحافظ : إنه مقبول .
    فقه الحديث :
    ------------
    و في هذين الحديثين فوائد هامة :
    الأولى : وجوب إقامة الصفوف و تسويتها و التراص فيها , للأمر بذلك , و الأصل
    فيه الوجوب إلا لقرينة , كما هو مقرر في الأصول , و القرينة هنا تؤكد الوجوب
    و هو قوله صلى الله عليه وسلم : " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " . فإن مثل هذا
    التهديد لا يقال فيما ليس بواجب , كما لا يخفى .
    الثانية : أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب , و حافة القدم
    بالقدم , لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم حين أمروا بإقامة الصفوف
    و لهذا قال الحافظ في " الفتح " بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث
    الأول من قول أنس :
    " و أفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ,
    و بهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف و تسويته " .
    و من المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون , بل أضاعوها إلا
    القليل منهم , فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث , فإني رأيتهم في
    مكة سنة ( 1368 ) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة
    و السلام بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة
    - فقد صارت هذه السنة عندهم نسيا منسيا , بل إنهم تتابعوا على هجرها و الإعراض
    عنها , ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين
    بقدر أربع أصابع , فإن زاد كره , كما جاء مفصلا في " الفقه على المذاهب الأربعة
    " ( 1 / 207 ) , و التقدير المذكور لا أصل له في السنة , و إنما هو مجرد رأي ,
    و لو صح لوجب تقييده بالإمام و المنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة ,
    كما تقتضيه القواعد الأصولية .
    و خلاصة القول : إنني أهيب بالمسلمين - و خاصة أئمة المساجد - الحريصين على
    اتباعه صلى الله عليه وسلم و اكتساب فضيلة إحياء سنته صلى الله عليه وسلم أن
    يعملوا بهذه السنة و يحرصوا عليها , و يدعوا الناس , إليها حتى يجتمعوا عليها
    جميعا . و بذلك ينجون من تهديد " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " .
    الثالثة : في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم , و هي رؤيته
    صلى الله عليه وسلم من ورائه , و لكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه صلى
    الله عليه وسلم في الصلاة , إذ لم يرد في شيء من السنة , أنه كان يرى كذلك خارج
    الصلاة أيضا . و الله أعلم .
    الرابعة : في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس , و إن كان
    صار معروفا في علم النفس , و هو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن , و العكس
    بالعكس , و في هذا المعنى أحاديث كثيرة , لعلنا نتعرض لجمعها و تخريجها في
    مناسبة أخرى إن شاء الله تعالي .
    الخامسة : أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن " قد قامت الصلاة "
    بدعة , لمخالفتها للسنة الصحيحة كما يدل على ذلك هذان الحديثان , لاسيما الأول
    منهما , فإنهما يفيدان أن على الإمام بعد إقامة الصلاة واجبا ينبغي عليه القيام
    به , و هو أمر الناس بالتسوية مذكرا لهم بها , فإنه مسؤول عنهم : " كلكم راع
    و كلكم مسؤول عن رعيته ... " .
    _______________________________________

    33 " يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه , و ينسى الجذع أو الجدل في عينه معترضا " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 42 :

    رواه ابن صاعد في " زوائد " الزهد " لابن المبارك " ( ق 165 / 1 من " الكواكب "
    575 ) و ابن حبان في " صحيحه ( 1848 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 99 )
    و القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 51 / 1 ) من طرق عن محمد ابن حمير قال :
    حدثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن # أبي هريرة # مرفوعا .
    و قال أبو نعيم :
    " غريب من حديث يزيد تفرد به محمد بن حمير عن جعفر " .
    قلت : و رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح , و لا علة فيه , فهو حديث صحيح , و لا
    ينافيه قوله " غريب " لأن الغرابة قد تجامع الصحة كما هو مقرر في " مصطلح
    الحديث " .
    و الحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لأبي نعيم فقط ! و قال المناوي :
    " قال العامري : حسن " .
    و رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( 592 ) من طريق مسكين بن بكير الحذاء
    الحراني عن جعفر بن برقان به موقوفا على أبي هريرة .
    و مسكين هذا صدوق يخطىء , فرواية ابن حمير المرفوعة أرجح , لأنه لم يوصف بالخطأ
    و كلاهما من رجال البخاري .
    _______________________________________

    34 " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا , و إذا ذكر النجوم فأمسكوا , و إذا ذكر القدر

    فأمسكوا " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 42 :

    روي من حديث # ابن مسعود , و ثوبان , و ابن عمر , و طاووس # مرسلا , و كلها
    ضعيفة الأسانيد , و لكن بعضها يشد بعضا .
    أما حديث ابن مسعود , فأخرجه الطبراني في " الكبير " ( 2 / 78 / 2 ) و أبو نعيم
    في " الحلية " ( 4 / 108 ) من طريق الحسن بن علي الفسوي أنبأنا سعيد ابن سليمان
    أنبأنا مسهر بن عبد الملك بن سلع الهمداني عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله
    مرفوعا .
    و قال أبو نعيم : " غريب من حديث الأعمش , تفرد به عنه مسهر " .
    قلت : و هو ضعيف , قال البخاري : " فيه بعض النظر " كذا رواه عنه ابن عدي
    ( 343 / 1 ) و كذلك هو في " التهذيب " و في " الميزان " :
    " قال البخاري : فيه نظر " بإسقاط لفظة " بعض " و لعله سهو من الذهبي
    أو الناسخ .
    و قال النسائي " ليس بالقوي " . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ! و قال
    الحافظ في " التقريب " " لين الحديث " .
    و بقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين غير الفسوي هذا , ترجمه الخطيب
    ( 7 / 372 ) و روى عن الدارقطني أنه قال : " لا بأس به " .
    و سعيد بن سليمان هو الضبي الواسطي , ثقة حافظ من رجال الشيخين .
    و من هذا البيان تعلم خطأ قول الهيثمي ( 7 / 202 ) .
    " رواه الطبراني و فيه مسهر بن عبد الملك وثقه ابن حبان و غيره , و فيه خلاف ,
    و بقية رجاله رجال الصحيح " .
    فإن الفسوي هذا ليس من رجال الصحيح بل و لا من رجال سائر الستة !
    و قال الحافظ العراقي في " تخريج الأحياء " ( 1 / 50 طبع الثقافة الإسلامية ) :
    " رواه الطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد حسن " .
    و له عن ابن مسعود طريق آخر , رواه اللالكائي في " شرح أصول السنة "
    ( 239 / 1 من " الكواكب " 576 ) و ابن عساكر ( 14 / 155 / 2 ) عن النضر
    أبي قحذم عن أبي قلابة عن ابن مسعود مرفوعا .
    و هذا سند ضعيف و فيه علتان :
    الأولى : الانقطاع بين أبي قلابة - و اسمه عبد الله بن زيد الجرمي - و ابن
    مسعود , فإن بين وفاتيهما نحو ( 75 ) سنة , و قد ذكروا أنه لم يسمع من جماعة
    من الصحابة منهم علي بن أبي طالب , و قد مات بعد ابن مسعود بثمان سنين .
    الثانية : النضر أبو قحذم و هو ابن معبد , ضعيف جدا , قال ابن معين : " ليس
    بشيء " , و قال أبو حاتم : " يكتب حديثه " , و قال النسائي : " ليس بثقة " .
    و أما حديث ثوبان فأخرجه أبو طاهر الزيادي في " ثلاثة مجالس من الأمالي "
    ( 191 / 2 ) الطبراني في " الكبير " ( 1 / 71 / 2 ) عن يزيد بن ربيعة قال :
    سمعت أبا الأشعث الصنعاني يحدث عن ثوبان به مرفوعا .
    قلت . و هذا سند ضعيف جدا , يزيد بن ربيعة هو الرحبي الدمشقي و هو متروك ,
    كما قال النسائي و العقيلي و الدارقطني , و قال أبو حاتم . " كان في بدء أمره
    مستويا , ثم اختلط قبل موته , قيل له فما تقول فيه ? فقال : ليس بشيء , و أنكر
    أحاديثه عن أبي الأشعث " .
    و قال الجوزجاني : " أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة " .و أما ابن عدي فقال : "
    أرجو أنه لا بأس به " !
    و أما حديث ابن عمر , فأخرجه ابن عدي ( 295 / 1 ) و عنه السهمي في " تاريخ
    جرجان " ( 315 ) من طريق محمد بن فضل عن كرز بن وبرة عن عطاء عنه مرفوعا به
    دون ذكر النجوم .
    و قال ابن عدي : " محمد بن فضل عامة حديثه مما لا يتابعه الثقات عليه " .
    قلت : و هو ابن عطية , قال الفلاس : كذاب .
    و ضعفه البخاري جدا فقال : " سكتوا عنه " .
    و كرز بن وبرة , ترجم له السهمي ترجمة طويلة ( 295 - 316 ) و ساق له أحاديث
    كثيرة من روايته عن عبد الله بن عمر , و الربيع بن خيثم , و طاووس , و نعيم
    ابن أبي هند , و عطاء بن أبي رباح , و مجاهد , و أبي أيوب , و قال :
    " إنه كان معروفا بالزهد و العبادة " . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
    طريق ثان عن ابن عمر : أخرجه السهمي ( 254 - 255 ) من طريق محمد بن عمر الرومي
    حدثنا الفرات بن السائب حدثنا ميمون بن مهران عنه مرفوعا بتمامه .
    و هذا سند ضعيف جدا , الفرات هذا قال الدارقطني و غيره : " متروك " .
    و قال البخاري : " منكر الحديث " . و قال أحمد : " قريب من محمد بن زياد الطحان
    في ميمون , يتهم بما يتهم به ذاك " .
    و قال ابن عدي ( 314 / 2 ) : " و عامة أحاديثه خاصة عن ميمون بن مهران مناكير
    " .
    و محمد بن عمر الرومي لين الحديث .‎كما في " التقريب " .
    و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني عن ابن مسعود ,
    و ابن عدي عنه و عن ثوبان , و ابن عدي عن عمر . و قال المناوي في شرحه :
    " قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف , و قال الهيثمي : فيه يزيد بن ربيعة ضعيف .
    و قال ابن رجب , روي من وجوه في أسانيدها كلها مقال . و به يعرف ما في رمز
    المؤلف لحسنه تبعا لابن صرصري , و لعله اعتضد " .
    قلت : قد عرفت أن طرقه كلها ما عدا الأول ضعيفة جدا , فلا يتقوى الحديث بها كما
    تقرر في علم أصول الحديث . و الله أعلم .
    ثم إن السيوطي عزاه لابن عدي عن عمر , و لم أره عنده عن عمر , بل عن ابنه
    عبد الله بن عمر , فلعله سقط من قلم السيوطي أو بعض النساخ كلمة ( ابن )
    و الله أعلم .
    ثم وجدت للحديث شاهدا مرسلا , أخرجه عبد الرزاق في " الأمالي " ( 2 / 39 / 1 )
    حدثنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه مرفوعا به .
    قلت : و هذا سند صحيح لولا إرساله , و لكنه مع ذلك شاهد قوي لما قبله من
    الشواهد و الطرق , و خاصة الطريق الأول , فيقوى الحديث به . والله أعلم .
    _______________________________________

    35 " إن الله استقبل بي الشام , و ولى ظهري اليمن , ثم قال لي : يا محمد إني قد
    جعلت لك ما تجاهك غنيمة و رزقا , و ما خلف ظهرك مددا , و لا يزال الله يزيد
    أو قال يعز الإسلام و أهله , و ينقص الشرك و أهله , حتى يسير الراكب بين كذا
    - يعني البحرين - لا يخشى إلا جورا , و ليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 46 :

    رواه أبو نعيم ( 6 / 107 - 108 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 1 / 377 -
    378 ط ) عن ضمرة عن السيباني عن عمرو بن عبد الله الحضرمي عن # أبي أمامة #
    مرفوعا . و قال :
    " غريب من حديث السيباني تفرد به ضمرة بن ربيعة " .
    قلت : و هو ثقة و كذا السيباني و هو بفتح المهملة و وقع في " الحلية "
    و " التاريخ " في مواطن عدة ( الشيباني ) بالمعجمة و هو تصحيف , و اسمه يحيى
    ابن أبي عمرو .
    و أما الحضرمي هذا فوثقه العجلي و ابن حبان , لكن قال الذهبي :
    " ما علمت روى عنه سوى يحيى " .
    قلت : و لشطره الثاني شواهد تقدم أحدها في المقال الأول ( رقم 3 ) .
    و قد تابعه عبد الله بن هانىء عند ابن عساكر , و لم أعرفه .
    و الحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " ( 1 / 141 / 1 ) للطبراني في
    " الكبير " أيضا و ابن عساكر .
    _______________________________________

    36 " الأذنان من الرأس " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 47 :

    حديث صحيح له طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة منهم # أبو أمامة , و أبو هريرة ,
    و ابن عمرو , و ابن عباس , و عائشة , و أبو موسى , و أنس , و سمرة بن جندب ,
    و عبد الله بن زيد # .
    1 - أما حديث أبي أمامة , فله عنه ثلاثة طرق :
    الأول : عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة مرفوعا .
    رواه أبو داود , و الترمذي , و ابن ماجه , و الدارقطني , و البيهقي , و كذا
    أحمد ( 5 / 285 / 268 ) و الطحاوي كلهم عن حماد بن زيد عن سنان به .
    و هذا سند حسن لا بأس به في الشواهد , و في سنان و شهر ضعف معروف لكنهما غير
    متهمان , و الحديث عندهم عن جماعة عن حماد به . و خالفهم سليمان ابن حرب ,
    فرواه عنه به موقوفا .
    و رواية الجماعة أولى كما بينته في " صحيح سنن أبي داود " ( رقم 123 ) .
    و ذكرت هناك من قواه من الأئمة و العلماء كالترمذي , فإنه حسنه في بعض نسخ
    كتابه , و كالمنذري و ابن دقيق العيد و ابن التركماني و الزيلعي , و أشار
    إلى تقويته الإمام أحمد , فقال الأثرم في " سننه " ( ق 213 / 1 ) بعد أن ساق
    الحديث :
    " سمعت أبا عبد الله يسأل : الأذنان من الرأس ? قال : نعم " .
    الثاني : عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة به .
    أخرجه الدارقطني ( ص 38 - 39 ) و قال :
    " جعفر بن الزبير متروك " .
    قلت : قد تابعه أبو معاذ الألهاني .
    أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " ( 246 / 1 ) من طريق عثمان بن فائد حدثنا
    أبو معاذ به .
    و الألهاني هذا لم أجد من ذكره , و عثمان بن فائد ضعيف .
    الثالث : عن أبي بكر بن أبي مريم قال : سمعت راشد بن سعد عن أبي أمامة به .
    أخرجه الدارقطني و قال " أبو بكر بن أبي مريم ضعيف " .
    2 - و أما حديث أبي هريرة , فله أربعة طرق :
    الأول : أخرجه الدارقطني ( 37 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 298 / 1 ) عن
    إسماعيل بن مسلم عن عطاء عنه مرفوعا . و قال : " لا يصح " .
    قلت : و علته إسماعيل هذا و هو المكي ضعيف , و قد اختلف عليه في إسناده كما
    سيأتي في حديث ابن عباس .
    الثاني : عن عمرو بن الحصين حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة عن عبد الكريم
    الجزري عن سعيد بن المسيب عنه .
    رواه ابن ماجه ( رقم 445 ) و الدارقطني ( ص 38 ) و قال :
    " عمرو بن الحصين و ابن علاثة ضعيفان " .
    قلت : و الأول أشد ضعفا .
    الثالث : عن البختري بن عبيد عن أبيه عنه .
    رواه الدارقطني و قال " البختري بن عبيد ضعيف و أبوه مجهول " .
    الرابع : عن علي بن عاصم عن ابن جريج , عن سليمان بن موسى , عن أبي هريرة .
    أخرجه الدارقطني ( 37 ) و عنه ابن الجوزي في " التحقيق " ( 1 / 29 / 1 )
    و قال الدارقطني :
    " وهم علي بن عاصم في قوله : عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
    و الذي قبله أصح عن ابن جريج " قلت : يعني عن سليمان بن موسى مرسلا و سيأتي
    ص 51 .
    و أجاب ابن الجوزي بما خلاصته :
    أن زيادة الثقة مقبولة . يعني أن علي بن عاصم زاد في السند أبا هريرة فهي زيادة
    مقبولة . لكن هذا لا يتمشى هنا , فإن ابن عاصم هذا صدوق يخطىء و يصر .
    3 - و أما ابن عمر , فله عنه طرق أيضا :
    الأول : قال المخلص في " الفوائد المنتقاة " في " الثاني من السادس منها "
    ( ق 190 / 1 ) : حدثنا يحيى ( يعني ابن صاعد ) قال : حدثنا الجراح بن مخلد
    قال : حدثنا يحيى بن العريان الهروي قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة
    بن زيد عن نافع عنه .
    و بهذا السند رواه الدارقطني ( 36 ) و عنه ابن الجوزي , و رواه الخطيب في
    " الموضح " ( 1 / 111 ) عن ابن صاعد , و في " التاريخ " ( 14 / 161 ) من طريقين
    آخرين عن الجراح بن مخلد به .
    و هذا سند حسن عندي , فإن رجاله كلهم ثقات معروفون غير الهروي هذا فقد ترجمه
    الخطيب و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , غير أنه وصفه بأنه كان محدثا .
    و أما الدارقطني فقد أعله بقوله : " كذا قال , و هو وهم , و الصواب عن أسامة
    بن زيد , عن هلال بن أسامة الفهري , عن ابن عمر موقوفا " .
    و رده ابن الجوزي بقوله : " قلنا : الذي يرفعه يذكر زيادة , و الزيادة من الثقة
    مقبولة , و الصحابي قد يروى الشيء مرفوعا , و قد يقوله على سبيل الفتوى " .
    قلت : هذا كلام صحيح لو كان رجال السند كلهم ثقات , و قد علمت ما فيه , على أن
    أسامة بن زيد فيه ضعف يسير , و قد اختلف عليه فيه , فرواه حاتم ابن إسماعيل عنه
    مرفوعا , كما رأيت . و خالفه وكيع فقال عنه به موقوفا على ابن عمر .
    أخرجه الخطيب في " الموضح " و قال : " و هو الصواب " .
    و تابعه في رفعه عبيد الله عن نافع .
    أخرجه الدارقطني و تمام في " الفوائد " ( 104 / 1 ) من طريق محمد بن أبي السري
    حدثنا عبد الرزاق عن عبيد الله به .
    و قال الدارقطني : " رفعه وهم " .
    قلت : و علته ابن أبي السري و هو متهم .
    و تابعه يحيى بن سعيد عن نافع به .
    أخرجه الدارقطني و ابن عدي " في الكامل " ( 11 / 1 ) عن إسماعيل بن عياش عن
    يحيى به .
    و قال ابن عدي :
    " لا يحدث به عن يحيى غير ابن عياش " .
    قلت : و ابن عياش ضعيف في الحجازيين و هذا منها .
    الطريق الثاني : عن محمد بن الفضل , عن زيد , عن مجاهد , عن ابن عمر مرفوعا .
    رواه الدارقطني و قال : " محمد بن الفضل هو ابن عطية , متروك الحديث " .
    ثم رواه هو و الدولابي في " الكنى " ( 2 / 137 ) , من طرق عن ابن عمر موقوفا .
    4 - و أما حديث ابن عباس , فله عنه طرق أيضا :
    الأول : عن أبي كامل الجحدري , أنبأنا غندر محمد بن جعفر , عن ابن جريج عن عطاء
    عنه مرفوعا .
    أخرجه ابن عدي ( 218 / 1 - 2 ) و أبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد "
    ( 91 / 1 ) , و الدارقطني ( 36 ) و قال :
    " تفرد به أبو كامل عن غندر , و هو وهم , تابعه الربيع بن بدر , و هو متروك ,
    عن ابن جريج , و الصواب : عن ابن جريج , عن سليمان بن موسى , عن النبي صلى الله
    عليه وسلم مرسلا " .
    و تعقبه ابن الجوزي في " التحقيق " ( 1 / 29 / 1 ) بقوله :
    " قلنا : أبو كامل لا نعلم أحدا طعن فيه , و الرفع زيادة , و الزيادة من الثقة
    مقبولة , كيف و وافقه غيره , فإن لم يعتد برواية الموافق اعتبر بها . و من عادة
    المحدثين أنهم إذا رأوا من أوقف الحديث , و من رفعه , وقفوا مع الواقف احتياطا
    و ليس هذا مذهب الفقهاء , و من الممكن أن يكون ابن جريج سمعه من عطاء مرفوعا
    رواه له سليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مسند " .
    قلت : و الحق أن هذا الإسناد صحيح , لأن أبا كامل ثقة , حافظ , احتج به مسلم ,
    فزيادته مقبولة , إلا أن ابن جريج مدلس و قد عنعنه . فإن كان سمعه من سليمان
    فلا محيد من القول بصحته , و قد صرح بالتحديث في رواية له من الوجه المرسل عند
    الدارقطني, لكن في الطريق إليه العباس بن يزيد و هو البحراني , و هو ثقة ,
    و لكن ضعفه بعضهم , و وصف بأنه يخطىء , فلا تطمئن النفس لزيادته لاسيما
    و الطريق كلها عن ابن جريج معنعنة , ثم رأيت الزيلعي نقل في " نصب الراية "
    ( 1 / 19 ) , عن ابن القطان أنه قال : " إسناده صحيح لاتصاله و ثقة رواته " .
    ثم رد على الدارقطني بنحو ما فعل ابن الجوزي , و تبعه عبد الحق على ذلك كما في
    " تنقيح التحقيق " لابن عبد الهادي ( 241 / 1 ) .
    ثم رأيت في ترجمة ابن جريج من " التهذيب " أنه قال : " إذا قلت : قال عطاء :
    فأنا سمعته منه , و إن لم أقل : سمعت " , فهذه فائدة هامة , و لكن ابن جريج لم
    يقل هنا : " قال عطاء " , و إنما قال : " عن عطاء " . فهل حكمهما واحد , أم
    يختلف ? الظاهر عندي الأول . و الله أعلم .
    و له طريق آخر عن عطاء رواه القاسم بن غصن عن إسماعيل بن مسلم عنه .
    رواه الخطيب في " التاريخ " ( 6 / 384 ) , و الدارقطني و قال : " إسماعيل
    بن مسلم ضعيف , و القاسم بن غصن مثله , خالفه علي بن هاشم فرواه عن إسماعيل
    بن مسلم المكي , عن عطاء , عن أبي هريرة , و لا يصح أيضا " .
    و تابعه جابر الجعفي عن عطاء عن ابن عباس .
    أخرجه المخلص في " الثاني من السادس من الفوائد المنتقاة " ( 190 / 1 ) ,
    و الدارقطني , و قال :
    " جابر ضعيف و قد اختلف عنه , فأرسله الحكم بن عبد الله أبو مطيع عن إبراهيم
    بن طهمان , عن جابر عن عطاء , و هو أشبه بالصواب " .
    الثاني : عن محمد بن زياد اليشكري حدثنا ميمون بن مهران عنه .
    رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 379 ) , و الدارقطني , و قال :
    " محمد بن زياد متروك الحديث " , و رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس موقوفا .
    ثم ساقه من طريق علي بن زيد عنه . و ابن زيد فيه ضعف .
    الثالث : عن قارظ بن شيبة , عن أبي غطفان عنه .
    رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 98 / 1 ) : حدثنا عبد الله بن أحمد
    ابن حنبل , حدثني أبي أنبأنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن قارظ بن شيبة به .
    قلت : و هذا سند صحيح و رجاله كلهم ثقات , و لا أعلم له علة , و من الغرائب
    أن هذه الطريق مع صحتها أغفلها كل من خرج الحديث من المتأخرين كالزيلعي ,
    و ابن حجر , و غيرهما ممن ليس مختصا في التخريج , بل أغفله أيضا الحافظ الهيثمي
    فلم يورده في " مجمع الزوائد " مع أنه على شرطه ! و هذا كله مصداق قول القائل :
    " كم ترك الأول للآخر " . و هو دليل واضح على أهمية الرجوع إلى الأمهات عند
    إرادة التحقيق في حديث ما , فإنه سيجد فيها ما يجعل بحثه أقرب ما يكون نضجا
    و صوابا . و الله تعالى هو الموفق .
    و إذا عرفت هذا فلا تغتر بقول الحافظ ابن حجر في " الدراية " ( ص 7 ) في حديث
    ابن عباس هذا :
    " أخرجه الدارقطني و اختلف في وصله و إرساله و الراجح إرساله " .
    فإنه يعني الطريق الأولى , و قد عرفت أن الصواب وصله , و أنه صحيح لولا عنعنة
    ابن جريج , على أنه قد عرفت الجواب عنها .
    5 - و أما حديث عائشة , فأخرجه الدارقطني ( ص 37 ) عن محمد بن الأزهر الجوزجاني
    أنبأنا الفضل بن موسى السيناني , عن ابن جريج , عن سليمان بن موسى , عن الزهري
    عن عروة عنها . و قال : " كذا قال , و المرسل أصح " .
    يعني ابن جريج عن سليمان مرسلا كما تقدم في الطريق الأولى عن ابن عباس , و محمد
    بن الأزهر قال الحافظ في " التلخيص " ( 33 ) : " كذبه أحمد " .
    6 - و أما حديث أبي موسى , فأخرجه الطبراني في " الأوسط "
    ( 1 / 4 / 1 من زوائده ) , و ابن عدي ( 23 / 1 ) , و الدارقطني ( 38 ) من طرق
    عن أشعث عن الحسن عنه . و قال الطبراني :
    " لا يروى عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد " .
    و كذا رواه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 9 ) عن أشعث به و قال :
    " لا يتابع عليه , و الأسانيد في هذا الباب لينة " .
    و قال الدارقطني : " الصواب موقوف , و الحسن لم يسمع من أبي موسى " .
    7 - و أما حديث أنس , فأخرجه ابن عدي ( 24 / 1 ) و أبو الحسن الحمامي في
    " الفوائد المنتقاة " ( 9 / 1 / 2 ) , و الدارقطني ( 39 ) من طرق عن عبد الحكم
    عنه .
    و قال الدارقطني : " عبد الحكم لا يحتج به " .
    8 - و أما حديث سمرة بن جندب , فرواه تمام الرازي في " مسند المقلين من
    الأمراء و السلاطين " ( رقم 3 - نسختي ) , و عنه ابن عساكر في " تاريخه "
    ( 14 / 387 / 1 ) : حدثني أبو علي محمد بن هارون بن شعيب , حدثنا محمد بن عثمان
    ابن أبي سويد البصري , حدثنا هدبة بن خالد , حدثنا همام عن سعيد بن أبي عروبة
    قال : كنت عند منبر الحجاج بن يوسف فسمعته يقول : حدثني سمرة بن جندب أن رسول
    الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
    و أبو علي هذا هو الأنصاري و هو ضعيف جدا , و لكنه لم يتفرد به , فقد أخرجه
    تمام ( رقم 4 ) من طريق أخرى عن أحمد بن سعيد الطبري , حدثنا هدبة ابن خالد به
    و هدبة و من فوقه ثقات غير الحجاج و هو الأمير المشهور بالظلم .
    9 - و أما حديث عبد الله بن زيد , فأخرجه بن ماجة ( رقم 443 ) : حدثنا سويد
    ابن سعيد حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة , عن شعبة عن حبيب ابن زيد ,
    عن عباد بن تميم , عن عبد الله بن زيد مرفوعا .
    قال الزيلعي ( 1 / 19 ) : " و هذا أمثل إسناد في الباب لاتصاله وثقة رجاله ,
    فابن أبي زائدة و شعبة و عباد احتج بهم الشيخان , و حبيب ذكره ابن حبان في
    " الثقات " في أتباع التابعين , و سويد بن سعيد احتج به مسلم " .
    و تعقبه الحافظ في " الدراية " ( ص 7 ) بأن سويدا هذا قد اختلط .
    و قال في " التقريب " : " صدوق في نفسه إلا أنه عمي , فصار يتلقن ما ليس من
    حديثه , و أفحش فيه ابن معين القول " .
    و لهذا قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 33 / 2 ) :
    " هذا إسناد حسن إذا كان سويد بن سعيد حفظه " .
    أقول : و لكن ذلك لا يمنع أن يكون حسنا لغيره ما دام أن الرجال كلهم ثقات
    ليس فيهم متهم . و إذا ضم إليه طريق ابن عباس الصحيح و طريقه الآخر الذي صححه
    ابن القطان , و ابن الجوزي , و الزيلعي و غيرهم , فلا شك حينئذ في ثبوت الحديث
    و صحته , و إذا ضم إلى ذلك الطريق الأخرى عن الصحابة الآخرين , ازداد قوة ,
    بل إنه ليرتقي إلى درجة المتواتر عند بعض العلماء .
    فقه الحديث :
    ------------
    و إذ قد صح الحديث , فهو يدل على مسألتين من مسائل الفقه , اختلفت أنظار
    العلماء فيها .
    أما المسألة الأولى فهي : أن مسح الأذنين هل هو فرض أم سنة ? ذهب إلي الأول
    الحنابلة . و حجتهم هذا الحديث , فإنه صريح في إلحاقهما بالرأس , و ما ذلك إلا
    لبيان أن حكمهما في المسح كحكم الرأس فيه . و ذهب الجمهور إلي أن مسحهما سنة
    فقط , كما في الفقه على المذاهب الأربعة ( 1 / 56 ) . و لم نجد لهم حجة يجوز
    التمسك بها في مخالفة هذا الحديث إلا قول النووي في " المجموع " ( 1 / 415 )
    إنه ضعيف من جميع طرقه ! و إذا علمت أن الأمر ليس كذلك , و أن بعض طرقه صحيح لم
    يطلع عليه النووي . و البعض الآخر صحيح لغيره , استطعت أن تعرف ضعف هذه الحجة
    و وجوب التمسك بما دل عليه الحديث من وجوب مسح الأذنين و أنهما في ذلك كالرأس ,
    و حسبك قدوة في هذا المذهب إمام السنة أبو عبد الله أحمد بن حنبل , و سلفه في
    ذلك جماعة من الصحابة , تقدم تسمية بعضهم في أثناء تخريج الحديث , و قد عزاه
    النووي ( 1 / 413 ) إلى الأكثرين من السلف .
    و أما المسألة الأخرى فهي : هل يكفي في مسح الأذنين ماء الرأس , أم لابد لذلك
    من جديد ? ذهب إلى الأول الأئمة الثلاثة كما في " فيض القدير " للمناوي فقال في
    شرح الحديث :
    " ( الأذنان من الرأس ) لا من الوجه و لا مستقلتان , يعني فلا حاجة إلى أخذ ماء
    جديد منفرد لهما غير ماء الرأس في الوضوء , بل يجزىء مسحهما ببلل ماء الرأس ,
    و إلا لكان بيانا للخلقة فقط , و المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يبعث لذلك ,
    و به قال الأئمة الثلاثة " .
    و خالف في ذلك الشافعية , فذهبوا إلى أنه يسن تجديد الماء للأذنين و مسحهما على
    الانفراد , و لا يجب , و احتج النووي لهم بحديث عبد الله بن زيد أن رسول الله
    صلى الله عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذ لرأسه .
    قال النووي في " المجموع " ( 1 / 412 ) :
    " حديث حسن , رواه البيهقي , و قال : إسناده صحيح " .
    و قال في مكان آخر ( 1 / 414 ) :
    " و هو حديث صحيح كما سبق بيانه قريبا , فهذا صريح في أنهما ليستا من الرأس ,
    إذ لو كانتا منه لما أخذ لهما ماء جديدا كسائر أجزاء الرأس , و هو صريح في أخذ
    ماء جديد " .
    قلت : و لا حجة فيه على ما قالوا , إذ غاية ما فيه مشروعية أخذ الماء لهما ,
    و هذا لا ينافي جواز الاكتفاء بماء الرأس , كما دل عليه هذا الحديث , فاتفقا
    و لم يتعارضا , و يؤيد ما ذكرت أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم :
    " أنه مسح برأسه من فضل ماء كان في يده " .
    رواه أبو داود في " سننه " بسند حسن كما بينته في " صحيح سننه " ( رقم 121 )
    و له شاهد من حديث ابن عباس في " المستدرك " ( 1 / 147 ) بسند حسن أيضا ,
    و رواه غيره . فانظر " تلخيص الحبير " ( ص 33 ) .
    و هذا كله يقال على فرض التسليم بصحة حديث عبد الله بن زيد , و لكنه غير ثابت ,
    بل هو شاذ كما ذكرت في " صحيح سنن أبي داود " ( رقم 111 ) و بينته في " سلسلة
    الأحاديث الضعيفة " تحت رقم ( 997 ) .
    و جملة القول , فإن أسعد الناس بهذا الحديث من بين الأئمة الأربعة أحمد بن حنبل
    رضي الله عنهم أجمعين , فقد أخذ بما دل عليه الحديث في المسألتين , و لم يأخذ
    به في الواحدة دون الأخرى كما صنع غيره .
    _______________________________________


    37 " غطوا الإناء و أوكوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء
    ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء
    "

    .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 57 :


    رواه مسلم ( 6 / 105 ) و أحمد ( 3 / 355 ) من طريق القعقاع بن حكيم عن
    # جابر بن عبد الله # مرفوعا .
    ( أوكوا ) أي شدوا رءوسها بالوكاء و هو الخيط الذي تشد به القربة و نحوها .
    و في رواية لمسلم و غيره :
    ( غطوا الإناء , و أوكوا السقاء , و أغلقوا الباب , و أطفئوا السراج , فإن
    الشيطان لا يحل سقاء , و لا يفتح بابا , و لا يكشف إناء , فإن لم يجد أحدكم إلا
    أن يعرض على إنائه عودا و يذكر اسم الله فليفعل , فإن الفويسقة ( يعني الفأرة )
    تضرم على أهل البيت بيتهم ) .
    و للحديث طرق و ألفاظ أخرى , و قد سقتها في " إرواء الغليل في تخريج أحاديث
    منار السبيل " رقم ( 38 ) و سيطبع قريبا إن شاء الله تعالى .
    _______________________________________



    38 " إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ( كله ) ثم لينتزعه , فإن في إحدى
    جناحيه داء و في الأخرى شفاء " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 58 :

    ورد من حديث # أبي هريرة , و أبي سعيد الخدري , و أنس بن مالك # .
    1 - أما حديث أبي هريرة فله عنه طرق :
    الأول : عن عبيد بن حنين قال : سمعت أبا هريرة يقول , فذكره .
    أخرجه البخاري ( 2 / 329 و 4 / 71 - 72 ) , و الدارمي ( 2 / 99 ) , و ابن ماجه
    ( 3505 ) , و أحمد ( 2 / 398 ) , و ما بين المربعين زيادة له , و هي للبخاري
    في رواية له .
    الثاني : عن سعيد بن أبي سعيد عنه .
    رواه أبو داود ( 3844 ) من طريق أحمد , و هذا في " المسند " ( 3 / 229 , 246 )
    و الحسن بن عرفة في " جزئه " ( ق 91 / 1 ) من طريق محمد بن عجلان عنه به
    و زاد : " و إنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء , فليغمسه كله " . و إسناده حسن .
    و قد تابعه إبراهيم بن الفضل عن سعيد به .
    أخرجه أحمد ( 2 / 443 ) , و إبراهيم هذا هو المخزومي المدني و هو ضعيف .
    الثالث : عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عنه به .
    أخرجه الدارمي و أحمد ( 2 / 263 , 355 , 388 ) , و سنده صحيح على شرط مسلم .
    الرابع : عن محمد بن سيرين عنه به .
    رواه أحمد ( 2 / 355 , 388 ) , و سنده صحيح أيضا .
    الخامس : عن أبي صالح عنه .
    رواه أحمد ( 2 / 340 ) , و الفاكهي في " حديثه " ( 2 / 50 / 2 ) , بسند حسن .
    2 - و أما حديث أبي سعيد الخدري فلفظه :
    " إن أحد جناحي الذباب سم و الآخر شفاء , فإذا وقع في الطعام , فاملقوه , فإنه
    يقدم السم , و يؤخر الشفاء " .
    _______________________________________

    39 " إن أحد جناحي الذباب سم و الآخر شفاء , فإذا وقع في الطعام فامقلوه , فإنه
    يقدم السم و يؤخر الشفاء "
    .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 59 :

    رواه أحمد ( 3 / 67 ) : حدثنا يزيد قال : حدثنا ابن أبي ذئب , عن سعيد بن خالد
    قال : دخلت على أبي سلمة فأتانا بزبد و كتلة , فأسقط ذباب في الطعام , فجعل
    أبو سلمة يمقله بأصبعه فيه , فقلت : يا خال ! ما تصنع ? فقال :
    إن # أبا سعيد الخدري # حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
    و رواه ابن ماجه ( 3504 ) :
    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة , حدثنا يزيد بن هارون به مرفوعا دون القصة .
    و رواه الطيالسي في " مسنده " ( 2188 ) :
    حدثنا ابن أبي ذئب به , و عنه رواه النسائي ( 2 / 193 ) , و أبو يعلى في
    " مسنده " ( ق 65 / 2 ) و ابن حبان في " الثقات " ( 2 / 102 ) .
    قلت : و هذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن خالد و هو القارظي
    و هو صدوق كما قال الذهبي و العسقلاني .
    3 - و أما حديث أنس :
    فرواه البزار و رجاله رجال الصحيح .
    رواه الطبراني في " الأوسط " كما في " مجمع الزوائد " ( 5 / 38 ) ,
    و ابن أبي خيثمة في " تاريخه الكبير " .
    قال الحافظ : و إسناده صحيح , كما في " نيل الأوطار " ( 1 / 55 ) .
    أما بعد , فقد ثبت الحديث بهذه الأسانيد الصحيحة , عن هؤلاء الصحابة الثلاثة
    أبي هريرة و أبي سعيد و أنس , ثبوتا لا مجال لرده و لا للتشكيك فيه , كما ثبت
    صدق أبي هريرة رضي الله عنه في روايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
    خلافا لبعض غلاة الشيعة من المعاصرين , و من تبعه من الزائغين , حيث طعنوا فيه
    رضي الله عنه لروايته إياه , و اتهموه بأنه يكذب فيه على رسول الله صلى الله
    عليه وسلم , و حاشاه من ذلك , فهذا هو التحقيق العلمي يثبت أنه بريء من كل ذلك
    و أن الطاعن فيه هو الحقيق بالطعن فيه , لأنهم رموا صحابيا بالبهت , و ردوا
    حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة !
    و قد رواه عنه جماعة من الصحابة كما علمت , و ليت شعري هل علم هؤلاء بعدم تفرد
    أبي هريرة بالحديث , و هو حجة و لو تفرد , أم جهلوا ذلك , فإن كان الأول فلماذا
    يتعللون برواية أبي هريرة إياه , و يوهمون الناس أنه لم يتابعه أحد من الأصحاب
    الكرام ? ! و إن كان الآخر فهلا سألوا أهل الاختصاص و العلم بالحديث الشريف ?
    و ما أحسن ما قيل :
    فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة و إن كنت تدري فالمصيبة أعظم
    ثم إن كثيرا من الناس يتوهمون أن هذا الحديث يخالف ما يقرره الأطباء و هو أن
    الذباب يحمل بأطرافه الجراثيم , فإذا وقع في الطعام أو في الشراب علقت به تلك
    الجراثيم , و الحقيقة أن الحديث لا يخالف الأطباء في ذلك , بل هو يؤيدهم إذ
    يخبر أن في أحد جناحيه داء , و لكنه يزيد عليهم فيقول : " و في الآخر شفاء "
    فهذا مما لم يحيطوا بعلمه , فوجب عليهم الإيمان به إن كانوا مسلمين , و إلا
    فالتوقف إذا كانوا من غيرهم إن كانوا عقلاء علماء ! ذلك لأن العلم الصحيح يشهد
    أن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه .
    نقول ذلك على افتراض أن الطب الحديث لم يشهد لهذا الحديث بالصحة , و قد اختلفت
    آراء الأطباء حوله , و قرأت مقالات كثيرة في مجلات مختلفة كل يؤيد ما ذهب إليه
    تأييدا أو ردا , و نحن بصفتنا مؤمنين بصحة الحديث و أن النبي صلى الله عليه
    وسلم ( ما ينطق عن الهوى , إن هو إلا وحي يوحى ) , لا يهمنا كثيرا ثبوت الحديث
    من وجهة نظر الطب , لأن الحديث برهان قائم في نفسه لا يحتاج إلى دعم خارجي
    و مع ذلك فإن النفس تزداد إيمانا حين ترى الحديث الصحيح يوافقه العلم الصحيح ,
    و لذلك فلا يخلو من فائدة أن أنقل إلى القراء خلاصة محاضرة ألقاها أحد الأطباء
    في جمعية الهداية الإسلامية في مصر حول هذا الحديث قال :
    " يقع الذباب على المواد القذرة المملؤة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض
    المختلفة , فينقل بعضها بأطرافه , و يأكل بعضا , فيتكون في جسمه من ذلك مادة
    سامة يسميها علماء الطب بـ " مبعد البيكتريا " , و هي تقتل كثيرا من جراثيم
    الأمراض , و لا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية أو يكون لها تأثير في جسم
    الإنسان في حال وجود مبعد البكتريا . و أن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب ,
    هي أنه يحول البكتريا إلى ناحيته , و على هذا فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام
    و ألقي الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب , فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم
    و أول واق منها هو مبعد البكتريا الذي يحمله الذباب في جوفه قريبا من أحد
    جناحيه , فإذا كان هناك داء فدواؤه قريب منه , و غمس الذباب كله و طرحه كاف
    لقتل الجراثيم التي كانت عالقة , و كاف في إبطال عملها " .
    و قد قرأت قديما في هذه المجلة بحثا ضافيا في هذا المعنى للطبيب الأستاذ سعيد
    السيوطي ( مجلد العام الأول ) و قرأت كلمة في مجلد العام الفائت ( ص 503 ) كلمة
    للطبيبين محمود كمال و محمد عبد المنعم حسين نقلا عن مجلة الأزهر .
    ثم وقفت على العدد ( 82 ) من " مجلة العربي " الكويتية ص 144 تحت عنوان :
    " أنت تسأل , و نحن نجيب " بقلم المدعو عبد الوارث كبير , جوابا له على سؤال
    عما لهذا الحديث من الصحة و الضعف ? فقال :
    " أما حديث الذباب , و ما في جناحيه من داء و شفاء , فحديث ضعيف , بل هو عقلا
    حديث مفترى , فمن المسلم به أن الذباب يحمل من الجراثيم و الأقذار ...
    و لم يقل أحد قط أن في جناحي الذبابة داء و في الآخر شفاء , إلا من وضع هذا
    الحديث أو افتراه , و لو صح ذلك لكشف عنه العلم الحديث الذي يقطع بمضار الذباب
    و يحض على مكافحته " .
    و في الكلام على اختصاره من الدس و الجهل ما لابد من الكشف عنه دفاعا عن حديث
    رسول الله صلى الله عليه وسلم , و صيانة له أن يكفر به من قد يغتر بزخرف
    القول ! فأقول :
    أولا : لقد زعم أن الحديث ضعيف , يعني من الناحية العلمية الحديثية بدليل
    قوله : " بل هو عقلا حديث مفترى " .
    و هذا الزعم واضح البطلان , تعرف ذلك مما سبق من تخريج الحديث من طرق ثلاث عن
    رسول الله صلى الله عليه وسلم , و كلها صحيحة . و حسبك دليلا على ذلك أن أحدا
    من أهل العلم لم يقل بضعف الحديث كما فعل هذا الكاتب الجريء !
    ثانيا : لقد زعم أنه حديث مفترى عقلا .
    و هذا الزعم ليس وضوح بطلانه بأقل من سابقه , لأنه مجرد دعوى لم يسق دليلا
    يؤيده به سوى الجهل بالعلم الذي لا يمكن الإحاطة به , ألست تراه يقول :
    " و لم يقل أحد ... , و لو صح لكشف عنه العلم الحديث ... " .
    فهل العلم الحديث - أيها المسكين - قد أحاط بكل شيء علما , أم أن أهله الذين لم
    يصابوا بالغرور - كما أصيب من يقلدهم منا - يقولون : إننا كلما ازددنا علما بما
    في الكون و أسراره , ازددنا معرفة بجهلنا ! و أن الأمر بحق كما قال الله تبارك
    و تعالى : ( و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) .
    و أما قوله : " إن العلم يقطع بمضار الذباب و يحض على مكافحته " !
    فمغالطة مكشوفة , لأننا نقول : إن الحديث لم يقل نقيض هذا , و إنما تحدث عن
    قضية أخرى لم يكن العلم يعرف معالجتها , فإذا قال الحديث :
    " إذا وقع الذباب .. " فلا أحد يفهم , لا من العرب و لا من العجم , اللهم إلا
    العجم في عقولهم و إفهامهم أن الشرع يبارك في الذباب و لا يكافحه ?
    ثالثا : قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم , من أن الذباب يحمل في جوفه
    ما سموه بـ " مبعد البكتريا " القاتل للجراثيم . و هذا و إن لم يكن موافقا لما
    في الحديث على وجه التفصيل , فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المشار
    إليه و أمثاله من اجتماع الداء و الدواء في الذباب , و لا يبعد أن يأتي يوم
    تنجلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثبوت التفاصيل المشار إليها
    علميا , ( و لتعلمن نبأه , بعد حين ) .
    و إن من عجيب أمر هذا الكاتب و تناقضه , أنه في الوقت الذي ذهب فيه إلى تضعيف
    هذا الحديث , ذهب إلى تصحيح حديث " طهور الإناء الذي يلغ فيه الكلب أن يغسل سبع
    مرات : إحداهن بالتراب " فقال :
    " حديث صحيح متفق عليه " فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين
    على صحته , فالحديث الأول أيضا صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم , فكيف جاز له
    تضعيف هذا و تصحيح ذاك ?‎!‎ثم تأويله تأويلا باطلا يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح
    عنده في معناه , لأنه ذكر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة , و أن المقصود من
    التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر !
    و هذا تأويل باطل , بين البطلان و إن كان عزاه للشيخ محمود شلتوت عفا الله عنه
    .
    فلا أدري أي خطأيه أعظم , أهو تضعيفه للحديث الأول و هو صحيح , أم تأويله
    للحديث الآخر و هو تأويل باطل ! .
    و بهذه المناسبة , فإني أنصح القراء الكرام بأن لا يثقوا بكل ما يكتب اليوم في
    بعض المجلات السائرة , أو الكتب الذائعة , من البحوث الإسلامية , و خصوصا ما
    كان منها في علم الحديث , إلا إذا كانت بقلم من يوثق بدينه أولا , ثم بعلمه
    و اختصاصه فيه ثانيا , فقد غلب الغرور على كثير من كتاب العصر الحاضر , و خصوصا
    من يحمل منهم لقب " الدكتور " ! . فإنهم يكتبون فيما ليس من اختصاصهم , و ما لا
    علم لهم به , و إني لأعرف واحدا من هؤلاء , أخرج حديثا إلى الناس كتابا جله في
    الحديث و السيرة , و زعم فيه أنه اعتمد فيه على ما صح من الأحاديث و الأخبار في
    كتب السنة و السيرة ! ثم هو أورد فيه من الروايات و الأحاديث ما تفرد به
    الضعفاء و المتروكون و المتهمون بالكذب من الرواة كالواقدي و غيره , بل أورد
    فيه حديث : " نحن نحكم بالظاهر , و الله يتولى السرائر " , و جزم بنسبته إلى
    النبي صلى الله عليه وسلم , مع أنه مما لا أصل له عنه بهذا اللفظ , كما نبه
    عليه حفاظ الحديث كالسخاوي و غيره , فاحذروا أيها القراء أمثال هؤلاء .
    و الله المستع

    40 " إذا كان جنح الليل , فكفوا صبيانكم , فإن الشياطين تنتشر حينئذ , فإذا ذهبت
    ساعة من العشاء فخلوهم " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 65 :

    أخرجه البخاري ( 2 / 322 , 4 / 36 - 37 ) , و مسلم ( 6 / 106 ) , و أبو داود
    ( 3733 ) من طريق عطاء بن أبي رباح عن # جابر بن عبد الله # مرفوعا .
    و رواه أحمد ( 3 / 388 ) بنحوه و زاد :
    " فإن للجن انتشارا و خطفة " و سنده صحيح .
    ( جنح الليل ) أي : إذا أقبل ظلامه , قال الطيبي : " جنح الليل " : طائفة منه ,
    و أراد به هنا الطائفة الأولى منه , عند امتداد فحمة العشاء .


    ********************
    يتبع ان شاء الله





  5. #15
    مراقبة الأقسام العامة
    أمـــة الله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 15
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 14,900
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 32

    افتراضي



    41 " يعجب ربكم من راعي غنم في رأس شظية بجبل يؤذن بالصلاة و يصلي فيقول الله
    عز و جل : انظروا إلى عبدي هذا يؤذن و يقيم الصلاة يخاف مني , فقد غفرت لعبدي
    و أدخلته الجنة " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 65 :

    رواه أبو داود في " صلاة السفر " رقم ( 1203 ) , و النسائي في " الأذان "
    ( 1 / 108 ) و ابن حبان ( 260 ) من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن
    أبا عشانة حدثه عن #‏عقبة بن عامر # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
    يقول : فذكره .
    قلت : و هذا إسناد مصري صحيح , رجاله كلهم ثقات , و أبو عشانة اسمه حي بن يؤمن
    و هو ثقة .
    ( الشظية ) : قطعة من رأس الجبل مرتفعة .
    و في الحديث من الفقه استحباب الأذان لمن يصلي وحده , و بذلك ترجم له النسائي ,
    و قد جاء الأمر به و بالإقامة أيضا في بعض طرق حديث المسيء صلاته , فلا ينبغي
    التساهل بهما .
    _______________________________________



    42 " من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة و كتب له بتأذينه في كل مرة ستون حسنة
    و بإقامته ثلاثون حسنة " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 66 :

    رواه ابن ماجه ( رقم 728 ) , و الحاكم ( 1 / 205 ) , و عنه البيهقي ( 1 / 433 )
    و ابن عدي ( 220 / 1 ) , و البغوي في " شرح السنة " ( 1 / 58 / 1 - 2 )
    و الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 32 / 1 ) , كلهم عن عبد الله
    بن صالح حدثنا يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن نافع عن # ابن عمر # مرفوعا .
    و قال الحاكم :
    " صحيح على شرط البخاري " و وافقه الذهبي !
    و قال المنذري ( 1 / 111 ) :
    " و هو كما قال , فإن عبد الله بن صالح كاتب الليث , و إن كان فيه كلام فقد روى
    عنه البخاري في ( الصحيح ) . و هذا من المنذري أولى من موافقة الذهبي المطلقة
    على تصحيح الحديث لاسيما و هو قد أورده في ترجمة عبد الله بن صالح هذا في جملة
    ما أنكر عليه من الأحاديث .
    و قال ابن عدي عقب الحديث :
    " لا أعلم من روى بهذا الإسناد عن ابن وهب ( كذا و لعله ابن أيوب ) غير أن
    أبي صالح , و هو عندي مستقيم الحديث , إلا أنه يقع في حديثه في أسانيده و متونه
    غلط , و لا يتعمد الكذب " .
    و قال البغوي :
    " عبد الله بن صالح كاتب الليث صدوق , غير أنه وقع في حديثه مناكير " .
    و لذلك قال البوصيري في " الزوائد " ( ق 48 / 2 ) :
    " إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن صالح " .
    و للحديث علة أخرى و هي : عنعنة ابن جريج .
    و قد قال البيهقي عقبه :
    " و قد رواه يحيى بن المتوكل , عن ابن جريج عمن حدثه , عن نافع . قال البخاري :
    و هذا أشبه " .
    قلت : فتبين أن هذا الإسناد لا تقوم به حجة , لكن ذكر له الحاكم شاهدا من طريق
    ابن وهب , أخبرني ابن لهيعة , عن عبد الله بن أبي جعفر , عن نافع به .
    و هذا سند صحيح , رجاله كلهم ثقات , و ابن لهيعة و إن كان فيه كلام من قبل حفظه
    فذلك خاص بما إذا كان من غير رواية العبادلة عنه , و ابن وهب أحدهم .
    قال عبد الغني بن سعيد الأزدي و الساجي و غيرهما :
    " إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح : ابن المبارك و ابن وهب و المقريء "
    .
    و بذلك يصير الحديث صحيحا . و الحمد لله على توفيقه .
    و في هذا الحديث فضل ظاهر للمؤذن المثابر على أذانه هذه المدة المذكورة فيه
    و لا يخفى أن ذلك مشروط بمن أذن خالصا لوجه الله تعالى , لا يبتغي من ورائه
    رزقا , و لا رياء , و لا سمعة , للأدلة الكثيرة الثابتة في الكتاب و السنة ,
    التي تفيد أن الله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له .
    ( راجع كتاب الرياء في أول " الترغيب و الترهيب " للمنذري ) .
    و قد ثبت أن رجلا جاء إلى ابن عمر فقال : إني أحبك في الله , قال : فاشهد علي
    أني أبغضك في الله ! قال : و لم ? قال : لأنك تلحن في أذانك , و تأخذ عليه
    أجرا !
    و إن مما يؤسف له حقا أن هذه العبادة العظيمة , و الشعيرة الإسلامية , قد انصرف
    أكثر علماء المسلمين عنها في بلادنا , فلا تكاد ترى أحدا منهم يؤذن في مسجد ما
    إلا ما شاء الله , بل ربما خجلوا من القيام بها , بينما تراهم يتهافتون على
    الإمامة , بل و يتخاصمون ! فإلى الله المشتكى من غربة هذا الزمان .

    _______________________________________


    43 " يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بشرك و ليس عندي من النفقة ما يقوي على
    بنائه لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله و لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض ثم
    لبنيتها على أساس إبراهيم و جعلت لها بابين بابا شرقيا يدخل الناس منه و بابا
    غربيا يخرجون منه و ألزقتها بالأرض و زدت فيها ستة أذرع من الحجر .
    ( و في رواية : و لأدخلت فيها الحجر ) فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة , فإن
    بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوه منه , فأراها قريبا من سبعة
    أذرع " .
    و في رواية عنها قالت :
    " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجدر ( أي الحجر ) , أمن البيت هو ?
    قال : نعم , قلت : فلم لم يدخلوه في البيت ? قال : إن قومك قصرت بهم النفقة ,
    قلت : فما شأن بابه مرتفعا ? قال : فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا و يمنعوا من
    شاءوا , ( و في رواية : تعززا أن لا يدخلها إلا من أرادوا , فكان الرجل إذا
    أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط ) و لولا أن قومك
    حديث عهدهم في الجاهلية , فأخاف أن تنكر قلوبهم , لنظرت أن أدخل الجدر في البيت
    و أن ألزق بابه بالأرض .
    فلما ملك ابن الزبير هدمها و جعل لها بابين .
    ( و في رواية فذلك الذي حمل ابن الزبير على هدمه , قال يزيد بن رومان : و قد
    شهدت ابن الزبير حين هدمه و بناه و أدخل فيه الحجر , و قد رأيت أساس إبراهيم
    عليه السلام حجارة متلاحمة كأسنمة الإبل متلاحكة ) " .



    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 69 :

    ( عن # عائشة # ) :
    رواه البخاري ( 1 / 44 , 491 , 3 / 197 , 4 / 412 ) , و مسلم ( 4 / 99 - 100 )
    و أبو نعيم في " المستخرج " ( ق 174 / 2 ) , و النسائي ( 2 / 34 - 35 ) ,
    و الترمذي ( 1 / 166 ) و صححه , و الدارمي ( 1 / 53 - 54 ) و ابن ماجه ( 2955 )
    و مالك ( 1 / 363 ) , و الأزرقي في " أخبار مكة " ( ص 114 - 115 , 218 - 219 )
    و أحمد ( 6 / 57 , 67 , 92 , 102 , 113 , 136 , 176 , 179 , 239 , 247 , 253 ,
    262 ) من طرق عنها .
    من فقه الحديث :
    --------------
    يدل هذا الحديث على أمرين :
    الأول : أن القيام بالإصلاح إذا ترتب عليه مفسدة أكبر منه وجب تأجيله , و منه
    أخذ الفقهاء قاعدتهم المشهورة " دفع المفسدة , قبل جلب المصلحة " .
    الثاني : أن الكعبة المشرفة بحاجة الآن إلى الإصلاحات التي تضمنها الحديث لزوال
    السبب الذي من أجله ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك , و هو أن تنفر قلوب
    من كان حديث عهد بشرك في عهده صلى الله عليه وسلم , و قد نقل ابن بطال عن بعض
    العلماء " أن النفرة التي خشيها صلى الله عليه وسلم , أن ينسبوه إلى الانفراد
    بالفخر دونهم " .
    و يمكن حصر تلك الإصلاحات فيما يلي :
    1 - توسيع الكعبة و بناؤها على أساس إبراهيم عليه عليه الصلاة و السلام , و ذلك
    بضم نحو ستة أذرع من الحجر .
    2 - تسوية أرضها بأرض الحرم .
    3 - فتح باب آخر لها من الجهة الغربية .
    4 - جعل البابين منخفضين مع الأرض لتنظيم و تيسير الدخول إليها و الخروج منها
    لكل من شاء .
    و لقد كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قد قام بتحقيق هذا الإصلاح
    بكامله إبان حكمه في مكة , و لكن السياسة الجائرة أعادت الكعبة بعده إلى وضعها
    السابق ! و هاك تفصيل ذلك كما رواه مسلم , و أبو نعيم , بسندهما الصحيح عن عطاء
    قال :
    " لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام , فكان من أمره ما
    كان , تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم , يريد أن يجرئهم أو يحربهم على
    أهل الشام , فلما صدر الناس قال : يا أيها الناس , أشيروا على في الكعبة أنقضها
    ثم أبني بناءها , أو أصلح ما وهي منها ? قال ابن عباس : فإني قد فرق لي رأي
    فيها : أرى أن تصلح ما وهي منها , و تدع بيتا أسلم الناس عليه , و أحجارا أسلم
    الناس عليها , و بعث عليها النبي صلى الله عليه وسلم , فقال ابن الزبير : لو
    كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده , فكيف بيت ربكم ?! إني مستخير ربي ثلاثا
    ثم عازم على أمري , فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها , فتحاماه الناس ,
    أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء ! حتى صعده رجل فألقى منه حجارة ,
    فلما لم يره الناس أصابه شيء , تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض , فجعل ابن
    الزبير أعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه .
    و قال ابن الزبير : إني سمعت عائشة تقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
    ( فذكر الحديث بالزيادة الأولى ثم قال ) : فأنا اليوم أجد ما أنفق و لست أخاف
    الناس , فزاد فيه خمس أذرع من الحجر حتى أبدى أسا نظر الناس إليه , فبنى عليه
    البناء و كان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعا , فلما زاد فيه استقصره فزاد في طوله
    عشر أذرع , و جعل له بابين أحدهما يدخل منه , و الآخر يخرج منه , فلما قتل
    ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك , و يخبره أن ابن
    الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة , فكتب إليه
    عبد الملك : إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء , أما ما زاد في طوله فأقره
    و أما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه , و سد الباب الذي فتحه , فنقضه ,
    و أعاده إلى بنائه " .
    ذلك ما فعله الحجاج الظالم بأمر عبد الملك الخاطئ , و ما أظن أنه يبرر له خطأه
    ندمه فيما بعد .
    فقد روى مسلم و أبو نعيم أيضا عن عبد الله بن عبيد قال :
    " وفد الحارث بن عبد الله على عبد الملك بن مروان في خلافته , فقال عبد الملك :
    ما أظن أبا حبيب ( يعني : ابن الزبير ) سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها
    قال الحارث : بلى أنا سمعته منها , قال : سمعتها تقول ماذا ? قال : قالت : قال
    رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قلت : فذكر الحديث ) قال عبد الملك للحارث :
    أنت سمعتها تقول هذا ? قال : نعم , قال : فنكث ساعة بعصاه ثم قال : وددت أني
    تركته و ما تحمل " .
    و في رواية لهما عن أبي قزعة :
    " أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت إذ قال : قاتل الله ابن الزبير
    حيث يكذب على أم المؤمنين يقول : سمعتها تقول : ( فذكر الحديث ) .
    فقال الحارث بن عبد الله بن ربيعة : لا تقل هذا يا أمير المؤمنين , فأنا سمعت
    أم المؤمنين تحدث هذا , قال : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى
    ابن الزبير " .
    أقول : كان عليه أن يتثبت قبل الهدم فيسأل عن ذلك أهل العلم , إن كان يجوز له
    الطعن في عبد الله بن الزبير , و اتهامه بالكذب على رسول الله صلى الله عليه
    وسلم .
    و قد تبين لعبد الملك صدقه رضي الله عنه بمتابعة الحارث إياه , كما تابعه جماعة
    كثيرة عن عائشة رضي الله عنها , و قد جمعت رواياتهم بعضها إلى بعض في هذا
    الحديث , فالحديث مستفيض عن عائشة , و لذلك فإني أخشى أن يكون عبد الملك على
    علم سابق بالحديث قبل أن يهدم البيت , و لكنه تظاهر بأنه لم يسمع به إلا من
    طريق ابن الزبير , فلما جابهه الحارث بن عبد الله بأنه سمعه من عائشة أيضا أظهر
    الندم على ما فعل , ولات حين مندم .
    هذا , و قد بلغنا أن هناك فكرة أو مشروعا لتوسيع المطاف حول الكعبة و نقل مقام
    إبراهيم عليه الصلاة و السلام إلى مكان آخر , فأقترح بهذه المناسبة على
    المسؤولين أن يبادروا إلى توسيع الكعبة قبل كل شيء و إعادة بنائها على أساس
    إبراهيم عليه السلام تحقيقا للرغبة النبوية الكريمة المتجلية في هذا الحديث ,
    و إنقاذا للناس من مشاكل الزحام على باب الكعبة الذي يشاهد في كل عام , و من
    سيطرة الحارس على الباب الذي يمنع من الدخول من شاء و يسمح لمن شاء , من أجل
    دريهمات معدودات !

    _______________________________________


    44 " خياركم من أطعم الطعام " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 73 :

    رواه لوين في " أحاديثه " ( 25 / 2 ) : حدثنا عبيد الله بن عمر عن عبد الله
    بن محمد بن عقيل عن # حمزة بن صهيب عن أبيه # قال :
    قال عمر لصهيب : أي رجل أنت , لولا خصال ثلاث فيك ! قال : و ما هن ? قال :
    اكتنيت و ليس لك ولد , و انتميت إلى العرب و أنت من الروم , و فيك سرف في
    الطعام . قال : أما قولك : اكتنيت و لم يولد لك , فإن رسول الله صلى الله عليه
    وسلم كناني أبا يحيى , و أما قولك : انتميت إلى العرب و لست منهم , و أنت رجل
    من الروم . فإني رجل من النمر بن قاسط فسبتني الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام
    عرفت نسبي , و أما قولك : فيك سرف في الطعام , فإني سمعت رسول الله صلى الله
    عليه وسلم يقول : فذكره .
    و هكذا أخرجه ابن عساكر ( 8 / 194 - 195 ) و الضياء المقدسي في " الأحاديث
    المختارة " ( 16 / 1 ) و الحافظ ابن حجر في " الأحاديث العاليات " ( رقم 25 )
    و قال :
    " حديث حسن رواه ابن ماجه و أبو يعلى و الطبراني " .
    قلت : و له شواهد من حديث جابر و غيره , عند ابن عساكر , يرتقي بها الحديث إلى
    درجة الصحة . أما ابن ماجه فروى ( 3737 ) قصة الكنية فقط .
    و قال البوصيري في " الزوائد " : " إسناده حسن " .
    و رواه أحمد ( 6 / 16 ) بتمامه و زاد : " و رد السلام " .
    و إسناده حسن , و هو و إن كان فيه زهير و هو ابن محمد التميمي الخراساني فإنه
    من رواية غير الشاميين عنه و هي مستقيمة .
    ثم رواه أحمد ( 6 / 333 ) من طريق زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال لصهيب :
    فذكره نحوه . و رجاله ثقات لكنه منقطع بين زيد و عمر .
    و له شاهد عند لوين من حديث أبي هريرة مرفوعا .
    و رجاله ثقات غير أبي عبيد مولى عبد الرحمن الراوي له عن أبي هريرة فلم أجد له
    ترجمة .
    من فوائد الحديث
    ---------------
    و في هذا الحديث فوائد :
    الأولى : مشروعية الاكتناء , لمن لم يكن له ولد , بل قد صح في البخاري و غيره
    أن النبي صلى الله عليه وسلم كنى طفلة صغيرة حينما كساها ثوبا جميلا فقال لها :
    هذا سنا يا أم خالد , هذا سنا يا أم خالد " . و قد هجر المسلمون لاسيما الأعاجم
    منهم هذه السنة العربية الإسلامية , فقلما تجد من يكتني منهم و لو كان له طائفة
    من الأولاد , فكيف من لا ولد له ? و أقاموا مقام هذه السنة ألقابا مبتدعة ,
    مثل : الأفندي , و البيك , و الباشا , ثم السيد , أو الأستاذ , و نحو ذلك مما
    يدخل بعضه أو كله في باب التزكية المنهي عنها في أحاديث كثيرة . فليتنبه لهذا .
    الثانية : فضل إطعام الطعام , و هو من العادات الجميلة التي امتاز بها العرب
    على غيرهم من الأمم , ثم جاء الإسلام و أكد ذلك أيما توكيد كما في هذا الحديث
    الشريف , بينما لا تعرف ذلك أوربا , و لا تستذوقه , اللهم إلا من دان بالإسلام
    منها كالألبان و نحوهم , و إن مما يؤسف له أن قومنا بدؤوا يتأثرون بأوربا في
    طريقة حياتها , ما وافق الإسلام منها و ما خالف , فأخذوا لا يهتمون بالضيافة
    و لا يلقون لها بالا , اللهم إلا ما كان منها في المناسبات الرسمية , و لسنا
    نريد هذا بل إذا جاءنا أي صديق مسلم وجب علينا أن نفتح له دورنا , و أن نعرض
    عليه ضيافتنا , فذلك حق له علينا ثلاثة أيام , كما جاء في الأحاديث الصحيحة ,
    و إن من العجائب التي يسمعها المسلم في هذا العصر الاعتزاز بالعربية , ممن لا
    يقدرها قدرها الصحيح , إذ لا نجد في كثير من دعاتها اللفظيين من تتمثل فيه
    الأخلاق العربية , كالكرم , و الغيرة , و العزة , و غيرها من الأخلاق الكريمة
    التي هي من مقومات الأمم , و رحم الله من قال :
    و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا و أحسن منه قول
    رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    " إنما بعثت لأتمم مكارم ( و في رواية صالح ) الأخلاق " .

    45 " إنما بعثت لأتمم مكارم ( و في رواية صالح ) الأخلاق " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 75 :

    رواه البخاري في " الأدب المفرد " رقم ( 273 ) , و ابن سعد في " الطبقات "
    ( 1 / 192 ) , و الحاكم ( 2 / 613 ) , و أحمد ( 2 / 318 ) , و ابن عساكر في
    " تاريخ دمشق " ( 6 / 267 / 1 ) من طريق ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن
    أبي صالح عن # أبي هريرة # مرفوعا .
    و هذا إسناد حسن , و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " , و وافقه الذهبي !
    و ابن عجلان , إنما أخرج له مسلم مقرونا بغيره .
    و له شاهد , أخرجه ابن وهب في " الجامع " ( ص 75 ) :
    أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم مرفوعا به .
    و هذا مرسل حسن الإسناد , فالحديث صحيح . و قد رواه مالك في " الموطأ "
    ( 2 / 904 / 8 ) بلاغا .
    و قال ابن عبد البر :
    " هو حديث صحيح متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة و غيره " .
    _______________________________________


    46 " هؤلاء لهذه و هؤلاء لهذه " .

    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 76 :

    رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( ج 1 / 34 / 2 ) , و الطبراني في
    " المعجم الصغير " ( ص 73 ) من حديث # ابن عمر # مرفوعا بزيادة :
    " فتفرق الناس , و هم لا يختلفون في القدر " .
    و إسناده صحيح .
    _______________________________________


    47 " إن الله عز و جل قبض قبضة فقال : في الجنة برحمتي , و قبض قبضة فقال : في
    النار و لا أبالي " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 76 :

    رواه أبو يعلى في " مسنده " ( 171 / 2 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 93 )
    و ابن عدي في " الكامل " ( 66 / 2 ) , و الدولابي في " الأسماء و الكنى "
    ( 2 / 48 ) من حديث الحكم بن سنان , عن ثابت , عن # أنس # مرفوعا .
    و قال ابن عدي :
    " الحكم بن سنان بعض ما يرويه مما لا يتابع عليه " .
    و نحوه قال العقيلي .
    قلت : قد توبع عليه فالحديث صحيح , و قد أشار إلي ذلك العقيلي بقوله :
    " و قد روي في القبضتين أحاديث بأسانيد صالحة " .
    قلت : و ها نحن موردوها إن شاء الله تعالى .
    _______________________________________



    48 " إن الله عز وجل خلق آدم , ثم أخذ الخلق من ظهره و قال : هؤلاء إلى الجنة
    و لا أبالي و هؤلاء إلى النار و لا أبالي , فقال قائل : يا رسول الله فعلى ماذا
    نعمل ? قال : على مواقع القدر " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 77 :

    رواه أحمد ( 4 / 186 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 30 , 7 / 417 ) ,
    و ابن حبان في " صحيحه " ( 1806 ) , و الحاكم ( 1 / 31 ) و الحافظ عبد الغني
    المقدسي في ( الثالث و التسعين من " تخريجه " 41 / 2 ) من طريق أحمد عن
    # عبد الرحمن بن قتادة السلمي # , و كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
    مرفوعا .
    و قال الحاكم : " صحيح " .
    و وافقه الذهبي , و هو كما قالا .

    _______________________________________


    49 " خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى , فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر ,
    و ضرب كتفه اليسرى , فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم , فقال للذي في يمينه :
    إلى الجنة و لا أبالي و قال للذي في كتفه اليسرى : إلى النار و لا أبالي " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 77 :

    رواه أحمد و ابنه في زوائد " المسند " ( 6 / 441 ) و ابن عساكر في
    " تاريخ دمشق " ( ج 15 / 136 / 1 ) .
    قلت : و إسناده صحيح .

    _______________________________________


    50 " إن الله تبارك و تعالى قبض قبضة بيمينه فقال : هذه لهذه و لا أبالي و قبض
    قبضة أخرى , يعني : بيده الأخرى , فقال : هذه لهذه و لا أبالي " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 78 :

    رواه أحمد ( 55 / 68 ) عن # أبي نضرة # قال :
    " مرض رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فدخل عليه أصحابه يعودونه ,
    فبكى , فقيل له : ما يبكيك يا عبد الله ! ألم يقل لك رسول الله صلى الله عليه
    وسلم : خذ من شاربك ثم أقره حتى تلقاني ? قال : بلى , و لكني سمعت رسول الله
    صلى الله عليه وسلم يقول : ( فذكره , و قال في آخره : ) فلا أدري في أي
    القبضتين أنا " .
    و إسناده صحيح .
    و في الباب عن أبي موسى و أبي سعيد و غيرهما فليراجعها من شاء في " مجمع
    الزوائد " ( 6 / 186 - 187 ) .
    و حديث أبي موسى في " حديث لوين " ( 26 / 1 ) و فيه روح بن المسيب و هو صويلح
    كما قال ابن معين .
    و اعلم أن الباعث على تخريج هذا الحديث و ذكر طرقه أمران :
    الأول : أن أحد أهل العلم و هو الشيخ محمد طاهر الفتني الهندي أورده في كتابه
    " تذكرة الموضوعات " ( ص 12 ) و قال فيه : " مضطرب الإسناد " ! و لا أدري ما
    وجه ذلك فالحديث صحيح من طرق كما رأيت , و لا اضطراب فيه , إلا أن يكون اشتبه
    عليه بحديث آخر مضطرب أو عنى طريقا أخرى من طرقه , ثم لم يتتبع هذه الطرق
    الصحيحة له . و الله أعلم .
    و الثاني : أن كثيرا من الناس يتوهمون أن هذه الأحاديث - و نحوها أحاديث كثيرة
    - تفيد أن الإنسان مجبور على أعماله الاختيارية , ما دام أنه حكم عليه منذ
    القديم و قبل أن يخلق بالجنة أو النار , و قد يتوهم آخرون أن الأمر فوضى أو حظ
    فمن وقع في القبضة اليمنى كان من أهل السعادة , و من كان من القبضة الأخرى كان
    من أهل الشقاوة , فيجب أن يعلم هؤلاء جميعا أن الله ( ليس كمثله شيء ) لا في
    ذاته و لا في صفاته , فإذا قبض قبضة فهي بعلمه و عدله و حكمته , فهو تعالى قبض
    باليمنى على من علم أنه سيطيعه حين يؤمر بطاعته , و قبض بالأخرى على من سبق في
    علمه تعالى أنه سيعصيه حين يؤمر بطاعته , و يستحيل على عدل الله تعالى أن يقبض
    باليمنى على من هو مستحق أن يكون من أهل القبضة الأخرى , و العكس بالعكس , كيف
    و الله عز و جل يقول : ( أفنجعل المسلمين . كالمجرمين . ما لكم كيف تحكمون ) .
    ثم إن كلا من القبضتين ليس فيها إجبار لأصحابهما أن يكونوا من أهل الجنة أو من
    أهل النار , بل هو حكم من الله تبارك و تعالى عليهم بما سيصدر منهم من إيمان
    يستلزم الجنة , أو كفر يقتضي النار و العياذ بالله تعالى منها , و كل من
    الإيمان أو الكفر أمران اختياريان , لا يكره الله تبارك و تعالى أحدا من خلقه
    على واحد منهما ( فمن شاء فليؤمن , و من شاء فليكفر ) , و هذا مشاهد معلوم
    بالضرورة , و لولا ذلك لكان الثواب و العقاب عبثا , و الله منزه عن ذلك .
    و من المؤسف حقا أن نسمع من كثير من الناس حتى من بعض المشايخ التصريح بأن
    الإنسان مجبور لا إرادة له ! و بذلك يلزمون أنفسهم القول بأن الله يجوز له أن
    يظلم الناس ! مع تصريحه تعالى بأنه لا يظلمهم مثقال ذرة , و إعلانه بأنه قادر
    على الظلم و لكنه نزه نفسه عنه كما في الحديث القدسي المشهور :
    " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ... " و إذا جوبهوا بهذه الحقيقة , بادروا
    إلى الاحتجاج بقوله تعالى : ( لا يسأل عما يفعل ) , مصرين بذلك على أن الله
    تعالى قد يظلم و لكنه لا يسأل عن ذلك ! تعالى الله عما يقول الظالمون علوا
    كبيرا , و فاتهم أن الآية حجة عليهم لأن المراد بها - كما حققه العلامة
    ابن القيم و غيره - أن الله تعالى لحكمته و عدله في حكمه ليس لأحد أن يسأله عما
    يفعل , لأن كل أحكامه تعالى عدل واضح فلا داعي للسؤال .
    و للشيخ يوسف الدجوي رسالة مفيدة في تفسير هذه الآية لعله أخذ مادتها من
    ابن القيم فلتراجع .
    هذه كلمة سريعة حول الأحاديث المتقدمة حاولنا فيها إزالة شبهة بعض الناس حولها
    فإن وفقت لذلك فبها و نعمت , و إلا فإني أحيل القارىء إلي المطولات في هذا
    البحث الخطير , مثل كتاب ابن القيم السابق , و كتب شيخه ابن تيمية الشاملة
    لمواضيع هامة هذه أحدها .

    ********************
    ......يُتبع ان شاء الله





  6. #16
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم


    51 " أيما أهل بيت من العرب و العجم أراد الله بهم خيرا أدخل عليهم الإسلام , ثم

    تقع الفتن كأنها الظلل " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 80 :



    رواه أحمد ( 3 / 477 ) , و الحاكم ( 1 / 34 ) , و البيهقي أيضا في " الأسماء "

    ( ص 117 ) , و ابن الأعرابي في " حديث سعدان بن نصر " ( 1 / 4 / 1 ) .



    و قال الحاكم : " صحيح و ليس له علة " .

    و أقره الذهبي و هو كما قالا .



    و روى الحاكم ( 1 / 61 - 62 ) من طريق ابن شهاب قال :

    " خرج عمر بن الخطاب إلى الشام و معنا أبو عبيدة بن الجراح , فأتوا على مخاضة

    و عمر على ناقة , فنزل عنها و خلع خفيه فوضعهما على عاتقه , و أخذ بزمام ناقته

    فخاض بها المخاضة , فقال أبو عبيدة : يا أمير المؤمنين , أأنت تفعل هذا ?! تخلع

    خفيك و تضعهما على عاتقك , و تأخذ بزمام ناقتك و تخوض بها المخاضة ?!‎

    ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك ! فقال عمر : أوه لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة

    جعلته نكالا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ! إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله

    بالإسلام , فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله " .

    و قال الحاكم :

    " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا .

    و في رواية له :

    " يا أمير المؤمنين , تلقاك الجنود و بطارقة الشام و أنت على حالك هذه ?

    فقال عمر : إنا قوم أعزنا الله بالإسلام , فلن نبتغي العز بغيره " .



    ( الظلل ) : هي كل ما أظلك , واحدتها ظلة , أراد كأنها الجبال و السحب .

    ******************

    52 " إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا و ابتغي به وجهه " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 81 :



    و سببه كما رواه # أبو أمامة # رضي الله عنه قال :

    " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر

    و الذكر ماله ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له , فأعادها ثلاث

    مرات , يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا شيء له . ثم قال .... "

    فذكره .



    رواه النسائي في " الجهاد " ( 2 / 59 ) و إسناده حسن كما قال الحافظ العراقي

    في " تخريج الإحياء " ( 4 / 328 ) .



    و الأحاديث بمعناه كثيرة تجدها في أول كتاب " الترغيب " للحافظ المنذري .

    فهذا الحديث و غيره يدل على أن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به

    وجه الله عز و جل , و في ذلك يقول تعالى : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا

    صالحا , و لا يشرك بعبادة ربه أحدا ) . فإذا كان هذا شأن المؤمن فماذا يكون حال

    الكافر بربه إذا لم يخلص له في عمله ? الجواب في قول الله تبارك و تعالى :

    ( و قدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) .



    و على افتراض أن بعض الكفار يقصدون بعملهم الصالح وجه الله على كفرهم , فإن

    الله تعالى لا يضيع ذلك عليهم , بل يجازيهم عليها في الدنيا , و بذلك جاء النص

    الصحيح الصريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو :

    " إن الله لا يظلم مؤمنا حسنته , يعطى بها ( و في رواية : يثاب عليها الرزق في

    الدنيا ) و يجزى بها في الآخرة , و أما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في

    الدنيا , حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها " .

    *******************

    53 " إن الله لا يظلم مؤمنا حسنته يعطى بها ( و في رواية : يثاب عليها الرزق في

    الدينا ) و يجزى بها في الآخرة و أما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في

    الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 82 :



    أخرجه مسلم ( 8 / 135 ) , و أحمد ( 3 / 125 ) , و لتمام في " الفوائد "

    ( 879 ) الشطر الأول .



    تلك هي القاعدة في هذه المسألة : أن الكافر يجازى على عمله الصالح شرعا في

    الدنيا , فلا تنفعه حسناته في الآخرة , و لا يخفف عنه العذاب بسببها فضلا عن

    أن ينجو منه .



    و قد يظن بعض الناس أن في السنة ما ينافي القاعدة المذكورة من مثل الحديث

    الآتى :

    عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب ,

    فقال : " لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار , يبلغ كعبيه ,

    يغلي منه دماغه " .

    **********************

    54 عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب ,

    فقال : " لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي

    منه دماغه " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 83 :



    عن # أبي سعيد الخدري # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب

    فقال :



    رواه مسلم ( 1 / 135 ) , و أحمد ( 3 / 50 - 55 ) , و ابن عساكر ( 19 / 51 / 1 )

    و أبو يعلى في " مسنده " ( ق 86 / 2 ) .



    و جوابنا على ذلك من وجهين أيضا :



    الأول : أننا لا نجد في الحديث ما يعارض القاعدة المشار إليها , إذ ليس فيه أن

    عمل أبي طالب هو السبب في تخفيف العذاب عنه , بل السبب شفاعته صلى الله عليه

    وسلم , فهي التي تنفعه . و يؤيد هذا , الحديث التالي :

    عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله , هل نفعت أبا طالب بشيء ,

    فإنه كان يحوطك و يغضب لك ? قال : " نعم , هو في ضحضاح من نار , و لولا أنا

    ( أي شفاعته ) لكان في الدرك الأسفل من النار " .

    ********************

    55 عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله , هل نفعت أبا طالب بشيء

    فإنه كان يحوطك و يغضب لك ? قال : " نعم هو في ضحضاح من نار و لولا أنا ( أي

    شفاعته ) لكان في الدرك الأسفل من النار " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 83 :



    ( عن # العباس بن عبد المطلب # ) :



    رواه مسلم ( 1 / 134 - 135 ) , و أحمد ( 1 / 206 , 207 , 210 ) . و أبو يعلى

    ( 213 / 2 و 313 / 2 ) , و ابن عساكر ( 19 / 51 / 1 ) و استقصى طرقه و ألفاظه .



    فهذا الحديث نص في أن السبب في التخفيف إنما هو النبي عليه السلام , أي شفاعته

    - كما في الحديث قبله - و ليس هو عمل أبي طالب , فلا تعارض حينئذ بين الحديث

    و بين القاعدة السابقة , و يعود أمر الحديث أخيرا إلى أنه خصوصية للرسول صلى

    الله عليه وسلم , و كرامة أكرمه الله تبارك و تعالى بها حيث قبل شفاعته في عمه

    و قد مات على الشرك , مع أن القاعدة في المشركين أنهم كما قال عز و جل :

    ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) , و لكن الله تبارك و تعالى يخص بتفضله من شاء ,

    و من أحق بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنبياء ? عليهم جميعا

    صلوات الله .



    و الجواب الثاني : أننا لو سلمنا جدلا أن سبب تخفيف العذاب عن أبي طالب هو

    انتصاره للنبي صلى الله عليه وسلم مع كفره به , فذلك مستثنى من القاعدة و لا

    يجوز ضربها بهذا الحديث كما هو مقرر في علم أصول الفقه , و لكن الذي نعتمده في

    الجواب إنما هو الأول لوضوحه . و الله أعلم .

    ******************

    56 " كان يأكل القثاء بالرطب " .



    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 84 :



    رواه البخاري ( 2 / 506 ) , و مسلم ( 6 / 122 ) , و أبو داود ( رقم 3835 )

    و الترمذي ( 1 / 339 ) , و الدارمي ( 2 / 103 ) , و ابن ماجه ( 3325 ) و أحمد (

    1 / 203 ) , و أبو الحسن أحمد بن محمد المعروف بابن الجندي في " الفوائد الحسان

    " ( ق 2 / 1 ) , من حديث # عبد الله بن جعفر # مرفوعا ,



    و اللفظ لأبي داود , و الترمذي , و قال الآخرون : " رأيت " , بدل : " كان " .

    و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .

    و في رواية لأحمد ( 1 / 204 ) بلفظ :

    " إن آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى يديه رطبات , و في

    الأخرى قثاء , و هو يأكل من هذه , و بعض من هذه " .



    و في إسناده نصر بن باب و هو واه . و عزاه الهيثمي في " مجمع الزوائد "

    ( 5 / 38 ) للطبراني في " الأوسط " في حديث طويل , و قال :

    " و فيه أصرم بن حوشب و هو متروك " .



    و كذلك عزاه إليه فقط الحافظ في " الفتح " ( 9 / 496 ) و قال :

    " في سنده ضعف " .

    و فاتهما أنه في " المسند " أيضا كما ذكرنا , و في عبارة الحافظ تهوين ضعف

    إسناده مع أنه شديد كما يشير إلى ذلك قول الهيثمي في رواية : " و هو متروك " .



    و لذلك أقول : إن الحديث بهذه الزيادة ضعيف , و لا يتقوى أحد الإسنادين بالآخر

    لشدة ضعفهما , نعم له شاهد من حديث أنس بن مالك بلفظ :

    " كان يأخذ الرطب بيمينه و البطيخ بيساره , فيأكل الرطب بالبطيخ , و كان أحب

    الفاكهة إليه " .

    و لكنه ضعيف أيضا شديد الضعف , فقال الهيثمي :

    " رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه يوسف بن عطية الصفار , و هو متروك " .

    و من طريقه أخرجه الحاكم ( 4 / 121 ) , و ذكر أنه تفرد به يوسف هذا .

    قال الذهبي : " و هو واه " .



    و قول الحافظ فيه : " و سنده ضعيف , فيه ما قلناه آنفا في قوله المتقدم في حديث

    ابن جعفر .



    و هو مع الضعف المذكور فقد ذكر " البطيخ " بدل القثاء . لكن لهذا أصل عن جماعة

    من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أنس رضي الله عنه و يأتي بعد هذا .



    و أخرج أبو داود ( 3903 ) و ابن ماجه ( 3324 ) عن عائشة قالت :

    " كانت أمي تعالجني للسمنة , تريد أن تدخلني على رسول الله صلى الله عليه وسلم

    فما استقام لها ذلك حتى أكلت القثاء بالرطب , فسمنت كأحسن سمنة " .

    و إسناده صحيح . و عزاه الحافظ لابن ماجه و النسائي , و كأنه يعني في " السنن

    الكبرى " . قال :

    " و عند أبي نعيم في " الطب " من وجه آخر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم

    أمر أبويها بذلك " .



    قلت : و ينظر في إسناده .

    ***********************

    57 كان يأكل البطيخ بالرطب فيقول : " نكسر حر هذا ببرد هذا و برد هذا بحر هذا " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 86 :



    رواه الحميدي في " مسنده " ( 42 / 1 ) , و أبو داود ( 3835 ) , و الترمذي

    ( 1 / 338 ) و أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري في " الفوائد " ( ق 144 / 1 )

    و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 103 ) , و كذا أبو جعفر البحتري في

    " الفوائد " ( 4 / 77 / 2 ) , و أبو بكر بن أبي داود في " مسند عائشة "

    ( 54 / 2 ) من حديث # عائشة # رضي الله عنها .



    و قال الترمذي :‎" حديث حسن غريب " .



    قلت : و إسناد الحميدي صحيح على شرط الشيخين , و إسناد أبي داود حسن ,

    و الزيادة له ,‎و عزاه الحافظ ( 9 / 496 ) للنسائي بدونها و قال :

    " سنده صحيح " .



    و له شاهد من حديث أنس مثل رواية النسائي أخرجه ابن الضريسي في " أحاديث مسلم

    بن إبراهيم الأزدي " ( 5 / 1 ) بسند رجاله ثقات .



    و رواه ابن ماجه ( 3326 ) من حديث سهل بن سعد , لكن إسناده واه جدا , فيه يعقوب

    بن الوليد كذبه أحمد و غيره . ففي حديث عائشة غنية .



    قال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 3 / 175 ) بعد أن ذكره بالزيادة :

    " و في البطيخ عدة أحاديث , لا يصح منها شيء غير هذا الحديث الواحد , و المراد

    به الأخضر و هو بارد رطب , و فيه جلاء , و هو أسرع انحدارا عن المعدة من القثاء

    و الخيار , و هو سريع الاستحالة إلى أي خلط كان صادفه في المعدة , و إذا كان

    آكله محرورا انتفع به جدا , و إن كان مبرودا دفع ضرره بيسير من الزنجبيل و نحوه

    و ينبغي أكله قبل الطعام , و يتبع به , و إلا غثى و قيأ .

    و قال بعض الأطباء :

    إنه قبل الطعام يغسل البطن غسلا , و يذهب الداء أصلا " .



    و هذا الذي عزاه لبعض الأطباء قد روي مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

    و لكنه لا يصح , و قد سبق الكلام عليه في " الأحاديث الضعيفة " ( رقم 144 ) ,

    فليراجعه من شاء .



    و قوله : " المراد به الأخضر " , هو الظاهر من الحديث . و لكن الحافظ رده في

    " الفتح " و ذكر أن المراد به الأصفر , و احتج بالحديث الآتي , و يأتي الجواب

    عنه فيه . و هو :

    " كان يأكل الرطب مع الخربز يعني البطيخ " .

    ****************

    58 " كان يأكل الرطب مع الخربز . يعني البطيخ " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 87 :



    رواه أحمد ( 3 / 142 , 143 ) و أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 105 / 2 )

    و الضياء في " المختارة " ( 86 / 2 ) عن جرير بن حازم عن حميد عن # أنس #

    مرفوعا .



    ثم رواه الضياء من طريق أحمد حدثنا وهب بن جرير حدثني أبي به نحوه ثم قال :

    " و روي عن مهنا صاحب أحمد بن حنبل عنه أنه قال : ليس هو صحيحا , ليس يعرف من

    حديث حميد و لا من غير حديث حميد , و لا يعرف إلا من قبل عبد الله بن جعفر .



    قلت : - و الله أعلم - رواية أحمد له في " المسند " يوهن هذا القول أو ( يؤيد )

    رجوعه عنه بروايته له و تركه في كتابه و حديث عبد الله بن جعفر في " الصحيحين "

    .

    قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب " .



    قلت : و إسناده صحيح , و لا علة قادحة فيه , و جرير بن حازم و إن كان اختلط

    فإنه لم يحدث في اختلاطه كما قال الحافظ في " التقريب " , و لذلك صحح إسناده

    في " الفتح " ( 9 / 496 ) بعد أن عزاه للنسائي . يعني في الكبرى . ثم قال :

    " و ( الخربز ) و هو بكسر الخاء المعجمة و سكون الراء و كسر الموحدة بعدها زاي

    نوع من البطيخ الأصفر , و قد تكبر القثاء فتصفر من شدة الحر فتصير كالخربز كما

    شاهدته كذلك بالحجاز , و في هذا تعقب على من زعم أن المراد بالبطيخ في الحديث

    الأخضر و اعتل بأن في الأصفر حرارة كما في الرطب , و قد ورد التعليل بأن أحدهما

    يطفئ حرارة الآخر .

    و الجواب عن ذلك بأن في الأصفر بالنسبة للرطب برودة , و إن كان فيه لحلاوته طرف

    حرارة . و الله أعلم " .



    أقول : و في هذا التعقب نظر عندي , ذلك لأن الحديثين مختلفا المخرج , فالأول

    من حديث عائشة , و هذا من حديث أنس فلا يلزم تفسير أحدهما بالآخر , لاحتمال

    التعدد و المغايرة " لاسيما و في الأول تلك الزيادة " نكسر حر هذا ببرد هذا ...

    " و لا يظهر هذا المعنى تمام الظهور بالنسبة إلى الخربز , ما دام أنه يشابه

    الرطب في الحرارة . والله أعلم .



    من فوائد الحديث

    ---------------

    قال الخطيب في " الفقيه و المتفقه " ( 79 / 1 - 2 ) بعد أن ساق إسناده إلى

    عبد الله بن جعفر :

    " في هذا الحديث من الفوائد أن قوما ممن سلك طريق الصلاح و التزهد قالوا : لا

    يحل الأكل تلذذا , و لا على سبيل التشهي و الإعجاب , و لا يأكل إلا ما لابد منه

    لإقامة الرمق , فلما جاء هذا الحديث سقط قول هذه الطائفة , و صلح أن يأكل الأكل

    تشهيا و تفكها و تلذذا . و قالت طائفة من هؤلاء : إنه ليس لأحد أن يجمع بين

    شيئين من الطعام , و لا بين أدمين على خوان . فهذا الحديث أيضا يرد على صاحب

    هذا القول و يبيح أن يجمع الإنسان بين لونين و بين أدمين فأكثر " .



    قلت : و لا يعدم هؤلاء بعض أحاديث يستدلون بها لقولهم , و لكنها أحاديث واهية ,

    و قد ذكرت طائفة منها في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " , فانظر( رقم 241 , 257 )

    .

    ***********************

    59 " يا علي أصب من هذا فهو أنفع لك " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 89 :



    رواه أبو داود ( 3856 ) و الترمذي ( 2 / 2 , 3 ) و ابن ماجه ( 2442 ) و أحمد

    ( 6 / 364 ) و الخطيب في " الفقيه و المتفقه " ( 225 / 2 ) من طريق فليح

    ابن سليمان عن أيوب بن عبد الرحمن بن صعصعة الأنصاري عن يعقوب بن أبي يعقوب

    عن # أم المنذر بنت قيس الأنصارية # قالت :



    " دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم و معه علي عليه السلام , و علي ناقه

    و لنا دوالي معلقة , فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها , و قام علي

    ليأكل , فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي : مه إنك ناقه , حتى كف

    علي عليه السلام , قالت : و صنعت شعيرا و سلقا , فجئت به , فقال رسول الله

    صلى الله عليه وسلم : فذكره " .



    و قال الترمذي :

    " حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث فليح " .



    قلت : و هو مختلف فيه و قد ضعفه جماعة , و مشاه بعضهم و احتج به الشيخان في

    " صحيحيهما " , و الراجح عندنا أنه صدوق في نفسه و أنه يخطىء أحيانا فمثله حسن

    الحديث إن شاء الله تعالى إذا لم يتبين خطؤه . و قد أخرج حديثه هذا الحاكم في

    " المستدرك " ( 4 / 407 ) و قال :

    " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و إنما هو حسن فقط كما قال الترمذي .

    و الله أعلم .



    قال ابن القيم رحمه الله في " زاد المعاد " ( 3 / 97 ) بعد أن ساق الحديث :

    " و اعلم أن في منع النبي صلى الله عليه وسلم لعلي من الأكل من الدوالي و هو

    ناقه أحسن التدبير , فإن الدوالي أقناء من الرطب تعلق في البيت للأكل بمنزلة

    عناقيد العنب , و الفاكهة تضر بالناقه من المرض لسرعة استحالتها و ضعف الطبيعة

    عن دفعها , فإنها بعد لم تتمكن قوتها , و هي مشغولة بدفع آثار العلة و إزالتها

    من البدن , و في الرطب خاصة نوع ثقل على المعدة , فتشتغل بمعالجته و إصلاحه عما

    هي بصدده من إزالة بقية المرض و آثاره , فإما أن تقف تلك البقية , و إما أن

    تتزايد . فلما وضع بين يديه السلق و الشعير أمره أن يصيب منه , فإنه من أنفع

    الأغذية للناقه , و لاسيما إذا طبخ بأصول السلق , فهذا من أوفق الغذاء لمن في

    معدته ضعف , و لا يتولد عنه من الأخلاط ما يخاف منه " .

    *******************

    60 " نهى عن الوحدة : أن يبيت الرجل وحده , أو يسافر وحده " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 90 :



    رواه أحمد ( 2 / 91 ) عن عاصم بن محمد عن أبيه عن # ابن عمر # مرفوعا .



    قلت : و هذا إسناد صحيح , و هو على شرط البخاري , رجاله كلهم من رجال الشيخين ,

    غير أبي عبيدة الحداد و اسمه عبد الواحد بن واصل فمن رجال البخاري وحده و هو

    ثقة . و عاصم بن محمد هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري و قد روى

    عن العبادلة الأربعة و منهم جده عبد الله بن عمر .



    و الحديث أورده في " المجمع " ( 8 / 104 ) و قال : " رواه أحمد و رجاله رجال

    الصحيح " .



    و قد رواه جماعة عن عاصم بلفظ آخر , و هو :

    " لو يعلم الناس في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده ( أبدا ) " .



    يتبع باذن الله





    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  7. #17
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم



    61 " لو يعلم الناس في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده ( أبدا ) " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 91 :



    رواه البخاري ( 2 / 247 ) و الترمذي ( 1 / 314 ) و الدارمي ( 2 / 289 )

    و ابن ماجه ( 3768 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1970 - موارد ) و الحاكم

    ( 2 / 101 ) و أحمد ( 2 / 23 و 24 , 86 , 120 ) و البيهقي ( 5 / 257 )

    و ابن عساكر ( 18 / 89 / 2 ) من طرق عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله

    بن عمر عن أبيه عن # ابن عمر # مرفوعا .



    و قال الحاكم :

    " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



    و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث عاصم " .



    قلت : قد تابعه أخوه عمر بن محمد فقال أحمد ( 2 / 111 - 112 ) : حدثنا مؤمل

    حدثنا عمر بن محمد به , و حدثنا مؤمل مرة أخرى و لم يقل : " عن ابن عمر " .



    و للحديث شاهد من حديث جابر بزيادة :

    " و لا نام رجل في بيت وحده " .



    قال الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 104 ) :

    " رواه الطبراني في الأوسط " و فيه محمد بن القاسم الأسدي وثقه ابن معين ,

    و ضعفه أحمد و غيره , و بقية رجاله ثقات " .



    قلت : الأسدي هذا قال الحافظ في " التقريب " : " كذبوه " فلا يستشهد به .

    و هذه الزيادة و ردت في بعض طرق حديث ابن عمر و هو قبل هذا الحديث , فعليه

    الاعتماد فيها .

    *****************

    62 " الراكب شيطان و الراكبان شيطانان و الثلاثة ركب ".


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 92 :



    مالك ( 2 / 978 / 35 ) , و عنه أبو داود ( 2607 ) , و كذا الترمذي ( 1 / 314 )

    و الحاكم ( 2 / 102 ) , و البيهقي ( 5 / 267 ) , و أحمد ( 2 / 186 , 214 ) من

    طريق # عمرو بن شعيب , عن أبيه , عن جده # مرفوعا .



    و سببه كما في " المستدرك " و البيهقي :

    " أن رجلا قدم من سفر , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صحبت ? فقال :

    ما صحبت أحدا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فذكره .



    و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



    و قال الترمذي : " حديث حسن " .



    قلت : و إسناده حسن , للخلاف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . و المتقرر فيه

    أنه حسن كما فصلت القول فيه في " صحيح أبي داود " ( رقم 124 ) .



    و في هذه الأحاديث تحريم سفر المسلم وحده و كذا لو كان معه آخر , لظاهر النهي

    في الحديث الذي قبل هذا , و لقوله فيه : " شيطان " أي عاص , كقوله تعالى

    ( شياطين الإنس و الجن ) فإن معناه : عصاتهم كما قال المنذري .



    و قال الطبري : " هذا زجر أدب و إرشاد لما يخاف على الواحد من الوحشة , و ليس

    بحرام , فالسائر وحده بفلاة , و البائت في بيت وحده لا يأمن من الاستيحاش ,

    لاسيما إن كان ذا فكرة رديئة أو قلب ضعيف . و الحق أن الناس يتفاوتون في ذلك ,

    فوقع الزجر لحسم المادة فيكره الانفراد سدا للباب , و الكراهة في الاثنين أخف

    منها في الواحد " .

    ذكره المناوي في " الفيض " .



    قلت : و لعل الحديث أراد السفر في الصحارى و الفلوات التي قلما يرى المسافر

    فيها أحدا من الناس , فلا يدخل فيها السفر اليوم في الطرق المعبدة الكثيرة

    المواصلات . و الله أعلم .



    ثم إن فيه ردا صريحا على خروج بعض الصوفية إلى الفلاة وحده للسياحة و تهذيب

    النفس , زعموا ! و كثيرا ما تعرضوا في أثناء ذلك للموت عطشا و جوعا , أو لتكفف

    أيدي الناس , كما ذكروا ذلك في الحكايات عنهم . و خير الهدي هدي محمد صلى الله

    عليه و آله وسلم .

    *******************

    63 " تبايعوني على السمع و الطاعة في النشاط و الكسل و النفقة في العسر و اليسر و

    على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أن تقولوا في الله لا تخافون في الله

    لومة لائم و على أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم و

    أزواجكم و أبناءكم و لكم الجنة " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 93 :



    رواه أحمد ( 3 / 322 , 323 - 339 ) من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن

    أبي الزبير محمد بن مسلم أنه حدثه عن # جابر # قال :



    " مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين , يتبع الناس في منازلهم

    بعكاظ و مجنة , و في المواسم بمنى يقول : من يؤويني ? من ينصرني حتى أبلغ رسالة

    ربي و له الجنة ? حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر - كذا قال - فيأتيه

    قومه فيقولون : احذر غلام قريش لا يفتنك , و يمشي بين رحالهم و هم يشيرون إليه

    بالأصابع , حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه و صدقناه , فيخرج الرجل منا

    فيؤمن به , و يقرئه القرآن , فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه , حتى لم يبق دار

    من دور الأنصار إلا و فيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام , ثم ائتمروا جميعا

    فقلنا : حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة و يخاف ?

    فرحل إليه منا سبعون رجلا حتى قدموا عليه في الموسم , فواعدناه شعب العقبة

    فاجتمعنا عليه من رجل و رجلين حتى توافينا , فقلنا : يا رسول الله نبايعك ?

    قال : ( فذكر الحديث ) , قال : فقمنا إليه فبايعناه , و أخذ بيده ابن زرارة

    و هو من أصغرهم - فقال : رويدا يا أهل يثرب , فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا

    و نحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم و أن إخراجه اليوم مفارقة العرب

    كافة , و قتل خياركم , و أن تعضكم السيوف , فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك

    و أجركم على الله , و إما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جبينة فبينوا ذلك , فهو

    عذر لكم عند الله . قالوا : أمط عنا يا سعد ! فو الله لا ندع هذه البيعة أبدا

    و لا نسلبها أبدا . قال : فقمنا إليه فبايعناه , فأخذ علينا و شرط : و يعطينا

    على ذلك الجنة " .



    قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و قد صرح أبو الزبير بالتحديث في بعض

    الطرق عنه , و قال الحافظ ابن كثير في تاريخه " البداية و النهاية "

    ( 3 / 159 - 160 ) :

    " رواه أحمد و البيهقي , و هذا إسناد جيد على شرط مسلم , و لم يخرجوه " .

    ثم رأيته في " المستدرك " ( 2 / 624 - 625 ) من الوجه المذكور , و قال :

    " صحيح الإسناد , جامع لبيعة العقبة " . و وافقه الذهبي . ثم روى قطعة يسيرة

    و أقره الذهبي . من آخره من طريق أخرى عن جابر به . و قال :

    " صحيح على شرط مسلم " .

    ***************

    64 " من قال : سبحان الله العظيم و بحمده غرست له نخلة في الجنة " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 95 :



    رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 12 / 125 / 2 ) و الترمذي ( 2 / 258 / 259 )

    و ابن حبان ( ) , و الحاكم ( 1 / 501 - 502 ) من طريق أبي الزبير عن

    # جابر # مرفوعا .



    و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .



    و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي .

    لكن وقع في النسخة المطبوعة من " التلخيص " أنه قال : على شرط ( خ ) . و هو

    تحريف , فإن أبا الزبير إنما احتج به مسلم فقط . و لكنه مدلس و قد عنعنه فإن

    كان سمعه من جابر فالحديث صحيح .



    ثم وجدت ما يشهد له . و هو ما أخرجه ابن أبي شيبة ( 12 / 127 / 1 ) , عن عمرو

    ابن شعيب عن عبد الله بن عمرو قال :

    " من قال : سبحان الله العظيم و بحمده , غرس له بها نخلة في الجنة " .



    و رجاله ثقات , إلا أنه منقطع بين عمرو و جده ابن عمرو , و هو و إن كان موقوفا

    فله حكم المرفوع إذ أنه لا يقال بمجرد الرأي .



    و له شاهد مرفوع من حديث معاذ بن سهل بلفظ :

    " من قال : سبحان الله العظيم نبت له غرس في الجنة " .

    رواه أحمد ( 3 / 440 ) , و إسناده ضعيف , لكن يستشهد به لأنه ليس شديد الضعف .

    *****************

    65 " لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره , و لأن يسرق

    الرجل من عشر أبيات أيسر عليه من يسرق من جاره " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 96 :



    رواه أحمد ( 6 / 8 ) , و البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 103 ) ,

    و الطبراني في " الكبير " ( مجموع 6 / 80 / 2 ) عن محمد بن سعد الأنصاري

    قال : سمعت أبا ظبية الكلاعي يقول : سمعت # المقداد بن الأسود # قال :

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :

    " ما تقولون في الزنا ? قالوا : حرمه الله و رسوله , فهو حرام إلى يوم القيامة

    قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فذكر الشطر الأول من الحديث ثم

    سألهم عن السرقة , فأجابوا بنحو ما أجابوا عن الزنا , ثم ذكر صلى الله عليه

    وسلم الشطر الثاني منه .



    قلت : و هذا إسناد جيد , و رجاله كلهم ثقات , و قول الحافظ في الكلاعي هذا

    " مقبول " , يعني عند المتابعة فقط , ليس بمقبول , فقد وثقه ابن معين .

    و قال الدارقطني : " ليس به بأس " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 270 )

    فهو حجة .

    و قال المنذري ( 3 / 195 ) , و الهيثمي ( 8 / 168 ) :

    " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط و رجاله ثقات " .




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  8. #18
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم



    66 " إذا أدرك أحدكم ( أول ) سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته

    و إذا أدرك ( أول ) سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 97 :



    أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 1 / 148 ) : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا شيبان

    عن يحيى عن أبي سلمة عن # أبي هريرة # مرفوعا به , دون الزيادتين , و هما عند

    النسائي و البيهقي و غيرهما , فقال النسائي ( 1 / 90 ) : أخبرنا عمرو بن منصور

    قال حدثنا الفضل بن دكين به .



    و هذا سند صحيح , فإن عمرا هذا ثقة ثبت كما في " التقريب " و باقي الرجال

    معروفون , و الفضل بن دكين هو أبو نعيم شيخ البخاري فيه و قد توبع هو و الراوي

    عنه على الزيادتين .



    أما عمرو فتابعه محمد بن الحسين بن أبي الحنين عند البيهقي ( 1 / 368 ) و قال :

    " رواه البخاري في " الصحيح " عن أبي نعيم الفضل بن دكين " .

    و يعني أصل الحديث كما هي عادته , و إلا فالزيادتان ليستا عند البخاري كما عرفت



    و أما أبو نعيم فتابعه حسين بن محمد أبو أحمد المروذي : حدثنا شيبان به .

    أخرجه السراج في "‎مسنده " ( ق 95 / 1 ) . و حسين هذا هو ابن بهرام التميمي ,

    و هو ثقة محتج به في " الصحيحين " .



    و للحديث عن أبي هريرة ستة طرق و قد خرجتها في كتابي : " إرواء الغليل في تخريج

    أحاديث منار السبيل " الذي أنا في صدد تأليفه , يسر الله إتمامه ثم طبعه .

    انظر ( رقم 250 منه ) .



    و إنما آثرت الكلام على هذه الطريق لورود الزيادتين المذكورتين فيها , فإنهما

    تحددان بدقة المعنى المراد من لفظ " الركعة " الوارد في طرق الحديث و هو إدراك

    الركوع و السجدة الأولى معا , فمن لم يدرك السجدة لم يدرك الركعة , و من لم

    يدرك الركعة لم يدرك الصلاة .



    من فوائد الحديث :

    ------------------

    و من ذلك يتبين أن الحديث يعطينا فوائد هامة :



    الأولى : إبطال قول بعض المذاهب أن من طلعت عليه الشمس و هو في الركعة الثانية

    من صلاة الفجر بطلت صلاته ! و كذلك قالوا فيمن غربت عليه الشمس و هو في آخر

    ركعة من صلاة العصر ! و هذا مذهب ظاهر البطلان لمعارضته لنص الحديث كما صرح

    بذلك الإمام النووي و غيره . و لا يجوز معارضة الحديث بأحاديث النهي عن الصلاة

    في وقت الشروق و الغروب لأنها عامة و هذا خاص , و الخاص يقضي على العام كما هو

    مقرر في علم الأصول .



    و إن من عجائب التعصب للمذهب ضد الحديث أن يستدل البعض به لمذهبه في مسألة ,

    و يخالفه في هذه المسألة التي نتكلم فيها ! و أن يستشكله آخر من أجلها !

    فإلى الله المشتكى مما جره التعصب على أهله من المخالفات للسنة الصحيحة !

    قال الزيلعي في " نصب الراية " ( 1 / 229 ) بعد أن ساق حديث أبي هريرة هذا و

    غيره مما في معناه :

    " و هذه الأحاديث أيضا مشكلة عند مذهبنا في القول ببطلان صلاة الصبح إذا طلعت

    عليها الشمس , و المصنف استدل به على أن آخر وقت العصر ما لم تغرب الشمس " . !

    فيا أيها المتعصبون ! هل المشكلة مخالفة الحديث الصحيح لمذهبكم , أم العكس هو

    الصواب ! .



    الفائدة الثانية : الرد على من يقول : إن الإدراك يحصل بمجرد إدراك أي جزء من

    أجزاء الصلاة و لو بتكبيرة الإحرام و هذا خلاف ظاهر للحديث , و قد حكاه في

    " منار السبيل " قولا للشافعي , و إنما هو وجه في مذهبه كما في " المجموع "

    للنووي ( 3 / 63 ) و هو مذهب الحنابلة مع أنهم نقلوا عن الإمام أحمد أنه قال :

    لا تدرك الصلاة إلا بركعة . فهو أسعد الناس بالحديث . و الله أعلم .



    قال عبد الله بن أحمد في مسائله ( ص 46 ) :

    " سألت أبي عن رجل يصلي الغداة , فلما صلى ركعة قام في الثانية طلعت الشمس

    قال : يتم الصلاة , هي جائزة . قلت لأبي : فمن زعم أن ذلك لا يجزئه ? فقال :

    قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أدرك من صلاة الغداة ركعة قبل أن تطلع الشمس

    فقد أدرك " .



    ثم رأيت ابن نجيح البزاز روى في " حديثه " ( ق 111 / 1 ) بسند صحيح عن سعيد

    ابن المسيب أنه قال : " إذا رفع رأسه من آخر سجدة فقد تمت صلاته " .

    و لعله يعني آخر سجدة من الركعة الأولى , فيكون قولا آخر في المسألة .

    و الله أعلم .



    الفائدة الثالثة : و اعلم أن الحديث إنما هو في المتعمد تأخير الصلاة إلى هذا

    الوقت الضيق , فهو على هذا آثم بالتأخير , و إن أدرك الصلاة , لقوله صلى الله

    عليه وسلم " تلك صلاة المنافق , يجلس يرقب الشمس , حتى إذا كانت بين قرني

    الشيطان , قام فنقرها أربعا , لا يذكر الله فيها إلا قليلا " . رواه مسلم

    ( 2 / 110 ) و غيره من حديث أنس رضي الله عنه . و أما غير المتعمد , و ليس هو

    إلا النائم و الساهي , فله حكم آخر , و هو أنه يصليها متى تذكرها و لو عند طلوع

    الشمس و غروبها , لقوله صلى الله عليه وسلم " من نسي صلاة ( أو نام عنها )

    فليصلها إذا ذكرها , لا كفارة لها إلا ذلك , فإن الله تعالى يقول : ( أقم

    الصلاة لذكري ) " .



    أخرجه مسلم أيضا ( 2 / 142 ) عنه , و كذا البخاري .



    فإذن هنا أمران : الادراك و الإثم :



    و الأول : هو الذي سيق الحديث لبيانه , فلا يتوهمن أحد من سكوته عن الأمر الآخر

    أنه لا إثم عليه بالتأخير كلا , بل هو آثم على كل حال , أدرك الصلاة , أو لم

    يدرك , غاية ما فيه أنه اعتبره مدركا للصلاة بإدراك الركعة , و غير مدرك لها

    إذا لم يدركها , ففي الصورة الأولى صلاته صحيحة مع الإثم , و في الصورة الأخرى

    صلاته غير صحيحة مع الإثم أيضا , بل هو به أولى و أحرى , كما لا يخفى على أولي

    النهى .



    الفائدة الرابعة : و معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " فليتم صلاته " , أي لأنه

    أدركها في وقتها , و صلاها صحيحة , و بذلك برئت ذمته . و أنه إذا لم يدرك

    الركعة فلا يتمها . لأنها ليست صحيحة , بسبب خروج وقتها , فليست مبرئة للذمة .

    و لا يخفى أن مثله و أولى منه من لم يدرك من صلاته شيئا قبل خروج الوقت , أنه

    لا صلاة له , و لا هي مبرئة لذمته . أي أنه إذا كان الذي لم يدرك الركعة لا

    يؤمر بإتمام الصلاة , فالذي لم يدركها إطلاقا أولى أن لا يؤمر بها , و ليس ذلك

    إلا من باب الزجر و الردع له عن إضاعة الصلاة , فلم يجعل الشارع الحكيم لمثله

    كفارة كي لا يعود إلى إضاعتها مرة أخرى , متعللا بأنه يمكنه أن يقضيها بعد

    وقتها , كلا , فلا قضاء للمتعمد كما أفاده هذا الحديث الشريف و حديث أنس

    السابق : " لا كفارة لها إلا ذلك " .



    و من ذلك يتبين لكل من أوتي شيئا من العلم و الفقه في الدين أن قول بعض

    المتأخرين " و إذا كان النائم و الناسى للصلاة - و هما معذوران - يقضيانها بعد

    خروج وقتها , كان المتعمد لتركها أولى " , أنه قياس خاطئ بل لعله من أفسد قياس

    على وجه الأرض , لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه , و هو فاسد بداهة , إذ كيف

    يصح قياس غير المعذور على المعذور و المتعمد على الساهي .



    و من لم يجعل الله له كفارة , على من جعل الله له كفارة !‎! و ما سبب ذلك إلا

    من الغفلة عن المعنى المراد من هذا الحديث الشريف , و قد وفقنا الله تعالى

    لبيانه , و الحمد لله تعالى على توفيقه .



    و للعلامة ابن القيم رحمه الله تعالى بحث هام مفصل في هذه المسألة , أظن أنه لم

    يسبق إلى مثله في الإفادة و التحقيق , و أرى من تمام هذا البحث أن أنقل منه

    فصلين أحدهما في إبطال هذا القياس . و الآخر في الرد على من استدل بهذا الحديث

    على نقيض ما بينا .



    قال رحمه الله تعالى بعد أن ذكر القول المتقدم :

    " فجوابه من وجوه : أحدها المعارضة بما هو أصح منه أو مثله , و هو أن يقال :

    لا يلزم من صحة القضاء بعد الوقت من المعذور - المطيع لله و رسوله الذي لم يكن

    منه تفريط في فعل ما أمر به و قبوله منه - صحته و قبوله من متعد لحدود الله ,

    مضيع لأمره , تارك لحقه عمدا و عدوانا . فقياس هذا على هذا في صحة العبادة ,

    و قبولها منه , و براءة الذمة بها من أفسد القياس " .



    الوجه الثاني : أن المعذور بنوم أو نسيان لم يصل الصلاة في غير وقتها , بل في

    نفس وقتها الذي وقته الله له , فإن الوقت في حق هذا حين يستيقظ و يذكر , كما

    قال صلى الله عليه وسلم : " من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها " رواه البيهقي

    و الدارقطني .

    فالوقت وقتان : وقت اختيار , و وقت عذر , فوقت المعذور بنوم أو سهو , هو وقت

    ذكره و استيقاظه , فهذا لم يصل الصلاة إلا في وقتها , فكيف يقاس عليه من صلاها

    في غير وقتها عمدا و عدوانا ?‎!‎



    الثالث : أن الشريعة قد فرقت في مواردها و مصادرها بين العامد و الناسي , و بين

    المعذور و غيره , و هذا مما لا خفاء به . فإلحاق أحد النوعين بالآخر غير جائز .

    الرابع : أنا لم نسقطها عن العامد المفرط و نأمر بها المعذور , حتى يكون ما

    ذكرتم حجة علينا , بل ألزمنا بها المفرط المتعدي على وجه لا سبيل له إلى

    استدراكها تغليظا عليه , و جوزنا للمعذور غير المفرط .



    ( فصل ) :

    -------



    و أما استدلالكم بقوله صلى الله عليه وسلم : " من أدرك ركعة من العصر قبل أن

    تغرب الشمس فقد أدرك " فما أصحه من حديث . و ما أراه على مقتضى قولكم ! فإنكم

    تقولون : هو مدرك للعصر , و لو لم يدرك من وقتها شيئا البتة .

    بمعنى أنه مدرك لفعلها صحيحة منه , مبرئة لذمته , فلو كانت تصح بعد خروج وقتها

    و تقبل منه , لم يتعلق إدراكها بركعة , و معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم

    يرد أن من أدرك ركعة من العصر صحت صلاته بلا إثم بل هو آثم بتعمد ذلك اتفاقا .



    فإنه أمر أن يوقع جميعها في وقتها , فعلم أن هذا الادراك لا يرفع الإثم , بل هو

    مدرك آثم , فلو كانت تصح بعد الغروب , لم يكن فرق بين أن يدرك ركعة من الوقت ,

    أو لا يدرك منها شيئا .



    فإن قلتم : إذا أخرها إلى بعد الغروب كان أعظم إثما .

    قيل لكم : النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين إدراك الركعة و عدمها في كثرة

    الإثم و خفته , و إنما فرق بينهما في الإدراك و عدمه . و لا ريب أن المفوت

    لمجموعها في الوقت أعظم من المفوت لأكثرها , و المفوت لأكثرها فيه , أعظم من

    المفوت لركعة منها .



    فنحن نسألكم و نقول : ما هذا الإدراك الحاصل بركعة ? أهذا إدراك يرفع الإثم ?

    فهذا لا يقوله أحد ! أو إدراك يقتضي الصحة , فلا فرق فيه بين أن يفوتها بالكلية

    أو يفوتها إلا ركعة منها " .

    67 " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه , فقال عمر : سيدنا الله عز وجل , قال : أنزلوه ,

    فأنزلوه " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 103 :



    أخرجه الإمام أحمد ( 6 / 141 - 142 ) عن محمد بن عمرو عن أبيه عن علقمة

    ابن وقاص , قال : أخبرتني #‏عائشة #‏قالت :



    " خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس , قالت : فسمعت وئيد الأرض ورائي , يعني حس

    الأرض , قالت : فالتفت , فإذا أنا بسعد بن معاذ و معه ابن أخيه الحارث بن أوس

    يحمل مجنه , قالت : فجلست إلى الأرض , فمر سعد و عليه درع من حديد قد خرجت منها

    أطرافه , فأنا أتخوف على أطراف سعد , قالت : فمر و هو يرتجز و يقول :

    ليت قليلا يدرك الهيجا جمل ما أحسن الموت إذا حان الأجل قالت : فقمت فاقتحمت

    حديقة , فإذا فيها نفر من المسلمين , و إذا فيهم عمر ابن الخطاب , و فيهم رجل

    عليه سبغة له , يعني : مغفرا , فقال عمر : ما جاء بك ? لعمري و الله إنك لجريئة

    ! و ما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تحوز ? قالت : فمازال يلومني حتى تمنيت أن

    الأرض انشقت لي ساعتئذ فدخلت فيها ! قالت : فرفع الرجل السبغة عن وجهه فإذا

    طلحة بن عبيد الله , فقال : يا عمر إنك قد أكثرت منذ اليوم , و أين التحوز

    أو الفرار إلا إلى الله عز و جل ? قالت : و يرمي سعدا رجل من المشركين من قريش

    يقال له : ابن العرقة بسهم له , فقال له : خذها و أنا ابن العرقة , فأصاب أكحله

    فقطعه , فدعا الله عز و جل سعد فقال : اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من قريظة ,

    قالت : و كانوا حلفاء مواليه في الجاهلية , قالت : فرقى كلمه , ( أي جرحه )

    و بعث الله عز و جل الريح على المشركين , فكفى الله المؤمنين القتال و كان الله

    قويا عزيزا , فلحق أبو سفيان و من معه بتهامة , و لحق عيينة بن بدر و من معه

    بنجد , و رجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم , و رجع رسول الله صلى الله عليه

    وسلم إلى المدينة , فوضع السلاح و أمر بقبة من أدم فضربت على سعد في المسجد ,

    قالت : فجاء جبريل عليه السلام و إن على ثناياه لنقع الغبار فقال : أو قد وضعت

    السلاح ? والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح , اخرج إلى بني قريظة فقاتلهم .

    قالت : فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته و أذن في الناس بالرحيل أن

    يخرجوا . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر على بني غنم , و هم جيران

    المسجد حوله , فقال : من مر بكم ? قالوا : مر بنا دحية الكلبي , و كان دحية

    الكلبي تشبه لحيته و سنه و وجهه جبريل عليه السلام , فقالت : فأتاهم رسول الله

    صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمسا و عشرين ليلة , فلما اشتد حصرهم , و اشتد

    البلاء قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فاستشاروا

    أبا لبابة بن عبد المنذر فأشار إليهم أنه الذبح , قالوا : ننزل على حكم سعد

    بن معاذ , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انزلوا على حكم سعد بن معاذ ,

    فنزلوا , و بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ , فأتي به على

    حمار عليه أكاف من ليف , و قد حمل عليه , و حف به قومه فقالوا : يا أبا عمرو

    حلفاؤك و مواليك و أهل النكاية و من قد علمت , فلم يرجع إليهم شيئا و لا يلتفت

    إليهم , حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال : قد آن أن لا أبالي في الله

    لومة لائم , قال : قال أبو سعيد : فلما طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

    قوموا إلى سيدكم ... الحديث , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احكم فيهم ,

    قال سعد : فإني أحكم أن تقتل مقاتلهم , و تسبى ذراريهم , و تقسم أموالهم . فقال

    رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد حكمت بحكم الله عز وجل و حكم رسوله , قالت

    : ثم دعا سعد , قال : اللهم إن كنت أبقيت على نبيك صلى الله عليه وسلم من حرب

    قريش شيئا فأبقني لها , و إن كنت قطعت الحرب بينه و بينهم فاقبضني إليك , قالت

    : فانفجر كلمه , و كان قد برئ حتى ما يرى منه إلا مثل الخرص و رجع إلى قبته

    التي ضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم , قالت عائشة : فحضره رسول الله

    صلى الله عليه وسلم و أبو بكر و عمر , قالت :

    فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر و أنا في حجرتى ,

    و كانوا كما قال الله عز و جل : ( رحماء بينهم ) قال علقمة : قلت : أي أمه فكيف

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ? قالت : كانت عينه لا تدمع على أحد

    و لكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته " .



    قلت : و هذا إسناد حسن . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 6 / 128 ) :

    " رواه أحمد و فيه محمد بن عمرو بن علقمة و هو حسن الحديث , و بقية رجاله

    ثقات " .



    و قال الحافظ في " الفتح " ( 11 / 43 ) : " و سنده حسن " .



    قلت : و أخرجه البخاري ( 4 / 175 ) , و أبو داود ( 5215 ) , و أحمد ( 2 / 22 , ,

    71 ) , و أبو يعلى في " مسنده " ( ق 77 / 2 ) , من حديث أبي سعيد الخدري :

    " أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد , فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه ,

    فجاء , فقال : قوموا إلى سيدكم , أو قال : خيركم , فقعد عند النبي صلى الله

    عليه وسلم , فقال : هؤلاء نزلوا على حكمك , قال : فإني أحكم أن تقتل مقاتلهم ,

    و تسبى ذراريهم , فقال : لقد حكمت بما حكم به الملك " .



    فائدتان

    -------



    1ـ اشتهر رواية هذا الحديث بلفظ : " لسيدكم " , و الرواية في الحديثين كما

    رأيت : " إلى سيدكم " , و لا أعلم للفظ الأول أصلا , و قد نتج منه خطأ فقهي

    و هو الاستدلال به على استحباب القيام للقادم كما فعل ابن بطال و غيره , قال

    الحافظ محمد بن ناصر أبو الفضل في " التنبيه على الألفاظ التي وقع في نقلها

    و ضبطها تصحيف و خطأ في تفسيرها و معانيها و تحريف في كتاب الغريبين عن أبي

    عبيد الهروي " ( ق 17 / 2 ) :

    و من ذلك ما ذكره في هذا الباب من ذكر السيد , و قال كقوله لسعد حين قال :

    " قوموا لسيدكم " . أراد أفضلكم رجلا .



    قلت : و المعروف أنه قال : " قوموا إلى سيدكم " . قاله صلى الله عليه وسلم

    لجماعة من الأنصار لما جاء سعد بن معاذ محمولا على حمار و هو جريح ... أي

    أنزلوه و حملوه , لا قوموا له , من القيام له فإنه أراد بالسيد : الرئيس و

    المتقدم عليهم , و إن كان غيره أفضل منه " .



    2 - اشتهر الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية القيام للداخل , و أنت إذا تأملت

    في سياق القصة يتبين لك أنه استدلال ساقط من وجوه كثيرة أقواها قوله صلى الله

    عليه وسلم " فأنزلوه " فهو نص قاطع على أن الأمر بالقيام إلى سعد إنما كان

    لإنزاله من أجل كونه مريضا , و لذلك قال الحافظ : " و هذه الزيادة تخدش في

    الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه . و قد احتج به النووي

    في ( كتاب القيام ) ... " .

    68 " لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها و لم يتفكر فيها : ( إن في خلق

    السموات و الأرض ) الآية " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 106 :



    رواه أبو الشيخ ابن حبان في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( 200 - 201 )

    و ابن حبان في " صحيحه " ( 523 - الموارد ) عن يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن

    سويد النخعي أنبأنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال :



    " دخلت أنا و عبيد بن عمير على # عائشة # رضي الله عنها , فقال عبد الله

    ابن عمير : حدثينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    فبكت , و قالت :

    " قام ليلة من الليالي فقال : يا عائشة ذريني أتعبد لربي , قالت : قلت : والله

    إني لأحب قربك , و أحب ما يسرك , قالت : فقام فتطهر , ثم قام يصلي , فلم يزل

    يبكي حتى بل حجره , ثم بكى . فلم يزل يبكي حتى بل الأرض , و جاء بلال يؤذن

    بالصلاة , فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله تبكي و قد غفر الله لك ما تقدم من

    ذنبك و ما تأخر ? قال : أفلا أكون عبدا شكورا ? لقد نزل " الحديث .



    قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات غير يحيى بن زكريا قال ابن أبي حاتم

    ( 4 / 2 / 145 ) . " سألت أبي عنه ? قال : ليس به بأس , هو صالح الحديث " ?

    و الحديث عزاه المنذري في " الترغيب " ( 2 / 220 ) لابن حبان في " صحيحه " .

    و له طريق أخرى عن عطاء .



    أخرجها أبو الشيخ أيضا ( 190 - 191 ) و رجالها ثقات أيضا , غير أبي جناب الكلبي

    و اسمه يحيى بن أبي حية , قال الحافظ في " التقريب " :

    " ضعفوه لكثرة تدليسه " .



    قلت : و قد صرح هنا بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه .



    فقه الحديث :

    ------------



    فيه فضل النبي صلى الله عليه وسلم , و كثرة خشيته , و خوفه من ربه , و إكثاره

    من عبادته , مع أنه تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر , فهو المنتهى

    في الكمال البشري . و لا جرم في ذلك فهو سيد البشر صلى الله عليه وسلم .

    لكن ليس فيه ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم قام الليل كله , لأنه لم يقع

    فيه بيان أن النبي صلى الله عليه و سلم , ابتدأ القيام من بعد العشاء أو قريبا

    من ذلك , بل إن قوله : " قام ليلة من الليالي فقال ... " الظاهر أن معناه " قام

    من نومه ....‎" " أي نام أوله ثم قام , فهو على هذا بمعنى حديثها الآخر " كان

    ينام أول الليل , و يحي آخره ... " .



    أخرجه مسلم ( 2 / 167 ) .



    و إذا تبين هذا فلا يصح حينئذ الاستدلال بالحديث على مشروعية إحياء الليل كله ,

    كما فعل الشيخ عبد الحي اللكنوي في " إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس

    بدعة " , قال ( ص 13 ) : فدل ذلك على أن نفي عائشة قيام الليل كله محمول على

    غالب أوقاته صلى الله عليه وسلم " .



    قلت : يشير بـ " نفي عائشة " إلى حديثها الآخر :

    " و لم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة يتمها إلى الصباح , و لم يقرأ

    القرآن في ليلة قط " .



    أخرجه مسلم ( 2 / 169 - 170 ) و أبو داود ( 1342 ) و اللفظ له .



    قلت : فهذا نص في النفي المذكور لا يقبل التأويل , و حمله على غالب الأوقات

    إنما يستقيم لو كان حديث الباب صريح الدلالة على أنه صلى الله عليه وسلم قام

    تلك الليله بتمامها , أما و هو ليس كذلك كما بينا , فالحمل المذكور مردود ,

    و يبقى النفي المذكور سالما من التقييد . و بالتالي تبقى دلالته على عدم

    مشروعية قيام الليل كله قائمة , خلافا لما ذهب إليه الشيخ عبد الحي في كتابه

    المذكور . و فيه كثير من المؤاخذات التي لا مجال لذكرها الآن .



    و إنما أقول : إن طابعه تساهل في سرد الروايات المؤيدة لوجهة نظره , من أحاديث

    مرفوعة , و آثار موقوفة , و حسبك مثالا على هذا أنه ذهب إلى تحسين حديث "

    أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " تقليدا منه لبعض المتأخرين .

    دون أن ينظر في دعواهم , هل هي تطابق الحقيقة , و توافق القواعد العلمية ?

    مع ما في التحسين المذكور من المخالفة لنصوص الأئمة المتقدمين كما بينته في

    " الأحاديث الضعيفة " ( 52 ) فراجعه لتزداد بصيرة بما ذكرنا .


    69 " مثل القائم على حدود الله و الواقع ( و في رواية : و الراتع ) فيها

    و المدهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر فأصاب بعضهم أعلاها

    و أصاب بعضهم أسفلها ( و أوعرها ) فكان الذي ( و في رواية : الذين ) في أسفلها

    إذا استقوا من الماء فمروا على من فوقهم فتأذوا به ( و في رواية : فكان الذين

    في أسفلها يصعدون فيستقون الماء فيصبون على الذين في أعلاه فقال الذين في

    أعلاها : لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا ) , فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا

    فاستقينا منه و لم نؤذ من فوقنا ( و في رواية : و لم نمر على أصحابنا فنؤذيهم )

    فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة , فأتوه فقالوا : مالك ? قال : تأذيتم بي و

    لابد لي من الماء . فإن تركوهم و ما أرادوا هلكوا جميعا و إن أخذوا على أيديهم

    نجوا و أنجوا جميعا " .



    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 109 :



    رواه البخاري ( 2 / 111 , 164 ) و الترمذي ( 2 / 26 ) و البيهقي ( 10 / 288 )

    و أحمد ( 4 / 268 , 270 , 273 ) من طريق زكريا بن أبي زائدة و الأعمش عن الشعبي

    عن # النعمان بن بشير # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



    و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .



    و قد تابعهما مجالد بن سعيد عند أحمد ( 4 / 273 ) و هو ضعيف و في سياقه زيادة

    " ... مثل ثلاثة ركبوا في سفينة فصار لأحدهم أسفلها و أوعرها ... " .



    و تابعهما غيره فقال ابن المبارك في " الزاهد " ( ق 219 / 2 ) : أنا الأجلح عن

    الشعبي به و لفظه :

    " إن قوما ركبوا سفينة فاقتسموها , فأصاب كل رجل منهم مكانا , فأخذ رجل منهم

    الفأس فنقر مكانه , قالوا : ما تصنع ? فقال مكاني أصنع به ما شئت ! فإن أخذوا

    على يديه نجوا و نجا , و إن تركوه غرق و غرقوا , فخذوا على أيدي سفهائكم قبل

    أن تهلكوا " .



    و أخرجه ابن المبارك في " حديثه " أيضا ( ج 2 / 107 / 2 ) و من طريقه ابن أبي

    الدنيا في " الأمر بالمعروف " ( ق 27 / 2 ) .



    لكن الأجلح هذا - و هو ابن عبد الله أبو حجية الكندي - فيه ضعف , لاسيما عن

    الشعبي , قال العقيلي : " روى عن الشعبي أحاديث مضطربة لا يتابع عليها " .



    قلت : و هذا اللفظ هو الذي شاع في هذا الزمان عند بعض الكتاب و المؤلفين فأحببت

    أن أنبه على ضعفه , و أن أرشد إلى أن اللفظ الأول هو الصحيح المعتمد , و قد

    ضممت إليه ما وقفت عليه من الزيادات الصحيحة . و الله الموفق .


    70 " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدلع لسانه للحسن بن علي فيرى الصبي حمرة

    لسانه فيبهش إليه " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 110 :



    رواه أبو الشيخ ابن حبان في " كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم و آدابه "

    ( ص 90 ) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن # أبي هريرة # به .



    قلت : و هذا إسناد حسن .



    ( قوله ) فيبهش . أي يسرع . في " النهاية " :

    " يقال للإنسان إذا نظر إلى الشيء فأعجبه و اشتهاه و أسرع إليه : قد بهش إليه "

    .




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  9. #19
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم



    71 " كان إذا قرب إليه الطعام يقول : بسم الله , فإذا فرغ قال : اللهم أطعمت

    و أسقيت و أقنيت و هديت و أحييت , فلله الحمد على ما أعطيت " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 111 :



    رواه أحمد ( 4 / 62 , 5 / 375 ) و أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه

    وسلم ( ص 238 ) عن بكر بن عمرو عن عبد الله بن هبيرة السبائي عن # عبد الرحمن

    ابن جبير أنه حدثه رجل خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين # أنه كان

    يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرب " . الحديث .



    قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم .



    ( أقنيت ) أي ملكت المال و غيره .



    و في هذا الحديث أن التسمية في أول الطعام بلفظ " بسم الله " لا زيادة فيها ,

    و كل الأحاديث الصحيحة التي وردت في الباب كهذا الحديث ليس فيها الزيادة , و لا

    أعلمها وردت في حديث , فهي بدعة عند الفقهاء بمعنى البدعة , و أما المقلدون

    فجوابهم معروف : " شو فيها ?‎!‎" .



    فنقول : فيها كل شيء و هو الاستدراك على الشارع الحكيم الذي ما ترك شيئا يقربنا

    إلى الله إلا أمرنا به و شرعه لنا , فلو كان ذلك مشروعا ليس فيه شيء لفعله و لو

    مرة واحدة , و هل هذه الزيادة إلا كزيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

    من العاطس بعد الحمد .



    و قد أنكرها عبد الله بن عمر رضي الله عنه كما في " مستدرك الحاكم " , و جزم

    السيوطي في " الحاوي للفتاوي " ( 1 / 338 ) بأنها بدعة مذمومة , فهل يستطيع

    المقلدون الإجابة عن السبب الذي حمل السيوطي على الجزم بذلك !! قد يبادر بعض

    المغفلين منهم فيتهمه - كما هي عادتهم - بأنه وهابي ! مع أن وفاته كانت قبل

    وفاة محمد بن عبد الوهاب بنحو ثلاثمائة سنة ! ! و يذكرني هذا بقصة طريفة في بعض

    المدارس في دمشق , فقد كان أحد الأساتذة المشهورين من النصارى يتكلم عن حركة

    محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية , و محاربتها للشرك و البدع و الخرافات

    و يظهر أنه أطرى في ذلك فقال بعض تلامذته : يظهر أن الأستاذ وهابي !‎!

    و قد يسارع آخرون إلى تخطئة السيوطي , و لكن أين الدليل ?‎!‎و الدليل معه و هو

    قوله صلى الله عليه وسلم :

    " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " . متفق عليه .



    و في الباب غيره مما سنجمعه في كتابنا الخاص بالبدعة , نسأل الله تعالى أن ييسر

    لنا إتمامه بمنه و فضله .


    72 " أحب للناس ما تحب لنفسك " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 112 :



    رواه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 4 / 317 / 3155 ) و عبد بن حميد

    في " المنتخب من المسند " ( 53 / 2 ) و ابن سعد ( 7 / 428 ) و القطيعي في

    " الجزء المعروف بالألف دينار " ( 29 / 2 )‏عن سيار عن # خالد بن عبد الله

    القسري عن أبيه # :



    " أن النبي صلى الله عليه وسلم , قال لجده يزيد بن أسيد .... " فذكره .



    و رواه عن روح بن عطاء بن أبي ميمونة , قال , حدثنا سيار به إلا أنه قال :

    حدثني أبي عن جدي قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :

    أتحب الجنة ? و قال فأحب .. " الحديث .



    رواه بن عساكر ( 5 / 242 ) عن القطيعي من الوجه الثاني و الحاكم ( 4 / 168 )

    و قال : " صحيح الإسناد " , و وافقه الذهبي .



    قلت : و خالد بن عبد الله القسري هو الدمشقي الأمير قال الذهبي في " الميزان "

    " صدوق , لكنه ناصبي بغيض ظلوم , قال بن معين : رجل سوء يقع في علي رضى الله

    عنه " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 2 / 72 ) .

    و أبوه عبد الله بن يزيد أورده ابن أبي حاتم ( 2 / 2 / 197 ) و لم يذكر فيه

    جرحا و لا تعديلا . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 123 ) .

    و الحديث قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 8 / 186 ) !

    " رواه عبد الله و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " بنحوه و رجاله ثقات " .



    و للحديث شاهد من حديث أبي هريرة بلفظ :

    " و أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا " . الحديث .

    أخرجه الترمذي ( 2 / 50 ) و أحمد ( 2 / 310 ) .



    و قال الترمذي : " حديث غريب , و الحسن لم يسمع من أبي هريرة " .



    قلت : و راويه عن الحسن - و هو البصري - أبو طارق و هو مجهول كما في " التقريب

    "

    و مما يشهد له أيضا :

    " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ( من الخير ) " .


    73 " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ( من الخير ) " .


    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 113 :



    أخرجه البخاري ( 1 / 11 ) , و مسلم ( 1 / 49 ) , و أبو عوانة في " صحيحه "

    ( 1 / 33 ) , و النسائي ( 2 / 271 , 274 ) , و الترمذي ( 2 / 84 ) , و الدارمي

    ( 2 / 307 ) , و ابن ماجه ( رقم 66 ) , و الطيالسي ( رقم 2004 ) , و أحمد

    ( 3 / 177 , 207 , 275 , 278 ) من حديث # أنس بن مالك # مرفوعا .



    و قال الترمذي : " حديث صحيح " .

    و الزيادة لأبي عوانة و النسائي و أحمد في رواية لهم و إسنادها صحيح .



    و للحديث شاهد من حديث علي مرفوعا بلفظ :

    " للمسلم على المسلم ست .... و يحب له ما يحب لنفسه , و ينصح له بالغيب " .

    أخرجه الدارمي ( 2 / 275 - 276 ) , و ابن ماجه ( 1433 ) , و أحمد ( 1 / 89 )

    بسند ضعيف .



    و اعلم أن هذه الزيادة " من الخير " زيادة هامة تحدد المعنى المراد من الحديث

    بدقة , إذ أن كلمة ( الخير ) كلمة جامعة تعم الطاعات و المباحات الدنيوية

    و الأخروية و تخرج المنهيات , لأن اسم الخير لا يتناولها , كما هو واضح . فمن

    كمال خلق المسلم أن يحب لأخيه المسلم من الخير مثلما يحب لنفسه . و كذلك أن

    يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر , و هذا و إن لم يذكره في الحديث , فهو من

    مضمونه , لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه , فترك التنصيص عليه اكتفاء كما قال

    الكرماني و نقله الحافظ في " فتح الباري " ( 1 / 54 ) و أقره .


    74 " ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه و لم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة

    فإن شاء عذبهم و إن شاء غفر لهم " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 114 :



    أخرجه الترمذي ( 2 / 242 ) , و الحاكم ( 1 / 496 ) , و إسماعيل القاضي في

    " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ( رقم 54 طبع المكتب الإسلامي ) ,

    و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 443 ) , و أحمد ( 2 / 446 , 453 ,

    481 , 484 , 495 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 130 ) عن سفيان الثوري عن

    صالح مولى التوأمة عن # أبي هريرة # مرفوعا .



    و قال الترمذي :

    " حديث حسن صحيح , و قد روي من غير وجه عن أبي هريرة مرفوعا " .



    ثم رواه من طريق أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة و أبي سعيد معا

    مرفوعا قال : " مثله " , و لم يسق لفظه .



    كذا قال : " مثله " , و عندي وقفة في كون حديث الأغر مثله , فقد أخرجه مسلم

    ( 8 / 72 ) و ابن ماجه ( 2 / 418 ) بلفظ :

    " ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله فيه , إلا حفتهم الملائكة , و تغشتهم الرحمة ,

    و نزلت عليهم السكينة , و ذكرهم الله فيمن عنده " .


    75 " ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة و تغشتهم الرحمة و نزلت

    عليهم السكينة و ذكرهم الله فيمن عنده " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 115 :



    و السياق لابن ماجه , و رواه الترمذي قبل حديث الباب بحديثين و قال :

    " حسن صحيح " . , و قوله : " مثله " . فالله أعلم .



    فإني في شك من ثبوت ذلك عن الترمذي و إن كان ورد ذلك في بعض نسخ كتابه .

    فقد أورد السيوطي في " الجامع الصغير " هذا الحديث من رواية الترمذي ,

    و ابن ماجه عن # أبي هريرة و أبي سعيد # معا .



    و في عزوه لابن ماجه نظر أيضا , فإني لم أجد عنده إلا اللفظ الثاني الذي رواه

    مسلم . و العلم عند الله تعالى .

    و لم يقع في نسخة " السنن " التي عليها شرح " تحفة الأحوذي " سوق هذا الإسناد

    الثاني عقب حديث الباب .



    و لهذا اللفظ عنده طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :

    " .... و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله , و يتدارسونه

    بينهم , إلا نزلت عليهم السكينة ...‎" و الباقي مثله .



    و صالح مولى التوأمة الذي في اللفظ الأول ضعيف لاختلاطه , و لكنه لم يتفرد به

    بل تابعه جماعة منهم : أبو صالح السمان ذكوان بلفظ :

    " ما قعد قوم مقعدا لم يذكروا فيه الله عز و جل , و يصلوا على النبي صلى الله

    عليه وسلم , إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة , و إن دخلوا الجنة للثواب " .




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





  10. #20
    الإشراف العام
    الهزبر غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 7,445
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : أرض مسلمة
    الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
    الوظيفة : مدرّس لغة عربية
    معدل تقييم المستوى : 25

    افتراضي


    السلام عليكم



    75 " ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة و تغشتهم الرحمة و نزلت

    عليهم السكينة و ذكرهم الله فيمن عنده " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 115 :



    و السياق لابن ماجه , و رواه الترمذي قبل حديث الباب بحديثين و قال :

    " حسن صحيح " . , و قوله : " مثله " . فالله أعلم .



    فإني في شك من ثبوت ذلك عن الترمذي و إن كان ورد ذلك في بعض نسخ كتابه .

    فقد أورد السيوطي في " الجامع الصغير " هذا الحديث من رواية الترمذي ,

    و ابن ماجه عن # أبي هريرة و أبي سعيد # معا .



    و في عزوه لابن ماجه نظر أيضا , فإني لم أجد عنده إلا اللفظ الثاني الذي رواه

    مسلم . و العلم عند الله تعالى .

    و لم يقع في نسخة " السنن " التي عليها شرح " تحفة الأحوذي " سوق هذا الإسناد

    الثاني عقب حديث الباب .



    و لهذا اللفظ عنده طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :

    " .... و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله , و يتدارسونه

    بينهم , إلا نزلت عليهم السكينة ...‎" و الباقي مثله .



    و صالح مولى التوأمة الذي في اللفظ الأول ضعيف لاختلاطه , و لكنه لم يتفرد به

    بل تابعه جماعة منهم : أبو صالح السمان ذكوان بلفظ :

    " ما قعد قوم مقعدا لم يذكروا فيه الله عز و جل , و يصلوا على النبي صلى الله

    عليه وسلم , إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة , و إن دخلوا الجنة للثواب " .

    76 " ما قعد قوم مقعدا لم يذكروا فيه الله عز وجل و يصلوا على النبي صلى الله

    عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة و إن دخلوا الجنة للثواب " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 116 :



    رواه أحمد ( 2 / 463 ) , و ابن حبان في " صحيحه " ( 2322 - موارد ) , و الحاكم

    ( 1 / 492 ) , و الخطيب في " الفقيه و المتفقه " ( 237 / 1 ) , من طريق الأعمش

    عن أبي صالح عن # أبي هريرة # مرفوعا .



    و إسناده صحيح . و قال الهيثمي ( 10 / 79 ) :

    " رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح " .



    و أخرجه ابن الجوزي في " منهاج القاصدين " ( 1 / 72 / 2 ) لكن وقع عنده عن أبي

    سعيد الخدري , بدل " أبي هريرة " , فلعله وهم من بعض رواته .



    قلت : و رواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه بلفظ :

    " ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه , إلا قاموا على مثل جيفة حمار

    و كان عليهم حسرة يوم القيامة " .

    77 " ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا على مثل جيفة حمار

    و كان عليهم حسرة يوم القيامة " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1/116:



    ( عن # سهيل بن أبي صالح عن أبيه # ) :



    رواه أبو داود ( 4855 ) , و الطحاوي ( 2 / 367 ) , و أبو الشيخ في " طبقات

    الأصبهانيين " ( 229 ) , و ابن بشران في " الأمالي " ( 30 / 6 / 1 عام 3927 ) ,

    و ابن السني ( 439 ) , و الحاكم ( 1 / 492 ) , و أبو نعيم ( 7 / 207 ) و أحمد

    ( 2 / 389 , 515 , 527 ) .



    و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا .



    و منهم سعيد بن أبي سعيد المقبري و لفظه :

    " من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه , كانت عليه من الله ترة , و من اضطجع مضجعا

    لا يذكر الله فيه , كانت عليه من الله ترة "‎.

    78 " من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة و من اضطجع مضجعا

    لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة "‎.




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 117 :



    رواه أبو داود ( 4856 , 5059 ) . و الحميدي في " مسنده " ( 1158 ) الشطر الأول

    و ابن السني ( 743 ) الشطر الثاني فقط من طريق محمد بن عجلان عنه .



    قلت : و هذا إسناد حسن .



    و عزاه المنذري في " الترغيب " ( 2 / 235 ) لأبي داود بهذا اللفظ و بزيادة :

    " و ما مشى أحد ممشى لم يذكر الله فيه , إلا كان عليه من الله ترة " ,



    ثم قال : " و رواه أحمد و ابن أبي الدنيا و النسائي و ابن حبان في " صحيحه "

    كلهم بنحو أبي داود " .



    و لي عليه ملاحظتان :



    الأولى : أن الزيادة المذكورة ليست عند أبي داود في الموضعين المشار إليهما من

    كتابه و إنما هي عند ابن حبان ( 2321 ) : و عنده بدل قضية الاضطجاع :

    " و ما أوى أحد إلى فراشه و لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترة " .



    ( ترة ) أي نقصا , و الهاء فيه عوض من الواو المحذوفة .



    الثانية : أن أحمد لم يروه من هذا الطريق باللفظ المذكور , و إنما رواه من طريق

    أخرى باللفظ الآتي :

    و منهم أبو إسحاق مولى الحارث و لفظه :

    " ما جلس قوم مجلسا فلم يذكروا الله فيه , إلا كان عليهم ترة , و ما من رجل مشى

    طريقا فلم يذكر الله عز و جل , إلا كان عليه ترة , و ما من رجل أوى إلى فراشه

    فلم يذكر الله , إلا كان عليه ترة " .

    79 " ما جلس قوم مجلسا فلم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم ترة و ما من رجل مشى

    طريقا فلم يذكر الله عز و جل إلا كان عليه ترة و ما من رجل أوى إلى فراشه

    فلم يذكر الله إلا كان عليه ترة " .




    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 118 :



    رواه أحمد ( 2 / 432 ) , و ابن السني ( 375 ) , و الحاكم ( 1 / 550 ) عن سعيد

    بن أبي سعيد عن # أبي إسحاق # به .



    و قال أحمد : " عن إسحاق " و قال الحاكم : " عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث "

    و قال : " صحيح على شرط البخاري " . و قال الذهبي : " على شرط مسلم " .



    قلت : و في كل ذلك نظر , فإن إسحاق هذا إن كان ابن عبد الله بن الحارث كما

    وقع لدى الحاكم فليس من رجال البخاري و لا مسلم و لكنه ثقة روى عنه جماعة .

    و إن كان أبا إسحاق مولى الحارث فلا يعرف كما قال الذهبي , و إن كان إسحاق

    غير منسوب فلم أعرفه .



    و في " المجمع " ( 10 / 80 ) : " رواه أحمد و أبو إسحاق مولى عبد الله بن

    الحارث بن نوفل لم يوثقه أحد , و لم يجرحه أحد و بقية رجال أحد إسنادي أحمد

    رجال الصحيح " .



    و له شاهد من حديث ابن عمرو بلفظ :

    " ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله فيه , إلا رأوه حسرة يوم القيامة " .

    80 " ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله فيه إلا رأوه حسرة يوم القيامة " .



    قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 118 :



    (‏عن # ابن عمرو # ) :



    أخرجه أحمد ( 2 / 124 ) بإسناد حسن .



    و قال الهيثمي : " رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح " .



    شاهد ثان : أخرجه الطيالسي ( 1756 ) عن جابر بسند على شرط مسلم .



    و له شاهد آخر عن عبد الله بن مغفل مثله .



    أخرجه ابن الضريسي في " أحاديث مسلم بن إبراهيم الفراهيدي " ( 8 / 1 - 2 ) بسند

    لا بأس به في المتابعات و الشواهد , رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "

    و رجالهما رجال الصحيح و البيهقي كما في " الترغيب " ( 2 / 236 ) .



    فقه الحديث :

    ------------

    لقد دل هذا الحديث الشريف و ما في معناه على وجوب ذكر الله سبحانه و كذا الصلاة

    على النبي صلى الله عليه وسلم في كل مجلس , و دلالة الحديث على ذلك من وجوه :



    أولا - قوله : " فإن شاء عذبهم , و إن شاء غفر لهم " فإن هذا لا يقال إلا فيما

    كان فعله واجبا و تركه معصية .



    ثانيا - قوله : " و إن دخلوا الجنة للثواب " .

    فإنه ظاهر في كون تارك الذكر و الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم , يستحق دخول

    النار , و إن كان مصيره إلى الجنة ثوابا على إيمانه .



    ثالثا : قوله : " و إلا قاموا على مثل جيفة حمار " .

    فإن هذا التشبيه يقتضي تقبيح عملهم كل التقبيح , و ما يكون ذلك - إن شاء الله

    تعالى - إلا فيما هو حرام ظاهر التحريم . و الله أعلم .

    فعلى كل مسلم أن يتنبه لذلك , و لا يغفل عن ذكر الله عز و جل , و الصلاة على

    نبيه صلى الله عليه وسلم , في كل مجلس يقعده , و إلا كان عليه ترة و حسرة يوم

    القيامة .



    قال المناوي في " فيض القدير " :

    " فيتأكد ذكر الله , و الصلاة على رسوله عند إرادة القيام من المجلس , و تحصل

    السنة في الذكر و الصلاة بأي لفظ كان , لكن الأكمل في الذكر " سبحانك اللهم

    و بحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك و أتوب إليك , و في الصلاة على

    النبي صلى الله عليه وسلم ما في آخر التشهد " .



    قلت : و الذكر المشار إليه هو المعروف بكفارة المجلس , و قد جاء فيه عدة أحاديث

    أذكر واحدا منها هو أتمها : و هو كفارة المجلس :

    " من قال : سبحان الله و بحمده , سبحانك اللهم و بحمدك , أشهد أن لا إله إلا

    أنت , أستغفرك و أتوب إليك , فقالها في مجلس ذكر , كانت كالطابع يطبع عليه ,

    و من قالها في مجلس لغو كانت كفارة له " .




    [SIZE=6]
    [FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
    /*/*/*/
    لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
    كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا





 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 10 (0 من الأعضاء و 10 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ما حكم من يطعن في صدق الاحاديث الصحيحة
    بواسطة خلود20 في المنتدى الفقه وأصوله
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 2010-10-01, 12:04 PM
  2. من هم الزيدية الشيعة
    بواسطة جمال المر في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 2010-09-22, 02:35 PM
  3. العقيدة الصحيحة
    بواسطة نورعمر في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 2010-08-05, 04:03 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML