عفوا للتطويل عليكم ولكنه أمر مثير للشفقة عليهم والله
أكثـــــــــــر من الضحــِـــــــك،،،فمن ناحية أخرى رأى الأوروبيون
-حكاماً ومحكومين- الحياة الكريمة التي يعيشها الشرق الإسلامي
، حيث لا كهنوت ولا طغيان ولا احتكار، فهزت هذه الرؤية أنفسهم،
وبهرت عيونهم لدرجة أن صكوك الغفران ووعود الكنيسة بالملكوت
أصبحت بالنسبة لهم هراءً لا طائل تحته وعبثاً يبعث على الاشمئزاز والاستخفاف.
تلك صورة مجملة لبعض النتائج التي ترتبت على بدعة صكوك
الغفران وملابساتها بالنسبة للكنيسة خاصة، أما بالنسبة
للوضع الاجتماعي والديني بصفة عامة، فقد كانت صكوك
الغفران سبباً مباشراً في انبعاث الشرارة الأولى التي اندلعت
نيرانها فيما بعد، فالتهمت الأوضاع الاجتماعية وأودت بالتعاليم
الكنسية والتقاليد الدينية كافة، ولا يشك أي منصف في أن للإسلام
تأثيراً مباشراً على الثورة العارمة ضد الكنيسة، وإن كان دعاتها
ومؤيدوها يكنون له أشد العداوة والحقد، على أن ما يهمنا الآن
هو أن مهزلة صكوك الغفران قد ساعدت بصفة مباشرة على هدم
التعاليم الدينية من أساسها، والاستهتار بكل المعتقدات والأصول
الإيمانية بجملتها، وأسهمت في انتشار فكرة إنكار
الآخرة والجنة والنار التي لا يقوم دين بغيرها.
:36_1_30::36_1_30::36_1_30:
وما زالت إلى الآن شاهداً قوياً ومستنداً قاطعاً لكل أعداء
الدين في الغرب، حيث نشأ عن الكفر برجل الدين وتصرفاته
كفر بالدين ذاته وما يتصل به من سلوك وخلق.
وكان الخيار الصعب الذي وضعه أعداء الدين -لا سيما اليهود- أمام
الإنسان الأوروبي هو: إما أن يؤمن بصكوك الغفران، فيحكم على
نفسه تلقائياً بالجمود والغباء والرجعية المتناهية، وإما أن يكفر
بها فيلزمه الكفر بالإطار الذي يحويها بكامله، إطار الدين والغيبيات، لا سيما الآخرة.
لذلك نجد الفيلسوف اليهودي الوجودي "جان بول سارتر " يجسد هذا الخيار في إحدى رواياته المشهورة "الشيطان والرحمن "5 هذا مع
أن الكنيسة في عصرنا الحاضر لا تصدر صكوك غفران،
بل تستحي من ذكرها، وتخجل كلما دار الحديث عنها.
المفضلات