جاء شهر الإحسان جاء شهر الإيمان .. فالحمد لله الذي أبلغنا رمضان .. فما رأيكم أن نعود فنتدبر القرآن ..
قال البعض إن في القرآن أخطاء في اللغة وأخذ هؤلاء المحرومون ( من تذوق حلاوة القرآن ) يبحثون فيه وهم يحملون قلوب لا يفقهون بها وأعين لا يبصرون بها إلا ما يمثله لهم شيطانهم
فقال بعضهم كيف يتم الحديث بصيغة المثنى ثم الجمع في نفس الجملة مثلا "هذان خصمان اختصموا في ربهم " فكيف يكون ذلك وقد جاء الرد على ما قالوا بأكثر من طريقة ولكني قمت بجمعها وكتابة التالي
المثنى يأتي على نوعان
الأول مثنى حقيقي ( أي لفظاً ومعنى )
مثل ذلك حينما نقرأ قوله سبحانه ( قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ) هنا المثنى حقيقي لفظاً ومعنى رجلان فقط فقيل (عليهما)
أو مثل آخر
ما نقرأ في قوله سبحانه في سورة المائدة ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) ..
هنا لما تكلم اليهود عن موسى وربه فإنما كانا يتكلمان حقيقة ويقصدان اثنان لفظاً ومعنى فقيل (فقاتلا)
الثاني : مثنى غير حقيقي
يجوز أن يراعى فيه جانب اللفظ أو جانب المعنى.. و فيه يأتي المثنى لفظاً على جماعة من الناس أو الأشياء تكون مصنفة أو مقسمة أزواجاً...
كأن أقول ( قسموا أنفسكم لمجموعتان الأولى من الأولاد والثانية من البنات ثم تنافسوا فيما بينكم ولنرى أيكما ينهي المهمة الموكلة إليه أولاً ) هنا بدأ الحديث عن مجموعتان كل مجموعة بها عدد من الأفراد فلما جاء الأمر فيما سوف تفعلا جاء ذلك بصيغة الجمع لأن المتنافسون مجموعة من الأفراد في الأساس ... ثم لما عدنا للحديث عن إحدى المجموعات أو التي سوف تفوز منهما فعدنا لصيغة المثنى مرة أخرى فقلنا ( أيكما )
* ومثل ذلك أيضاً ما جاء في سورة الحجرات "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا"
هنا تم التقسيم لطائفتان بصيغة المثنى ولكن حينما جاء الكلام عما سوف يحدث فيما بينهما وهو القتال جاء ذلك بصيغة الجمع (اقتتلوا) لأن كل مجموعة مكونة من عدة أفراد
* وفي مثالنا هذا ( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) قال البخاري أن هذه الآية نزلت في أصحاب بدر .. ثبت في الصحيحين ، من حديث أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن أبي ذر; أنه كان يقسم قسما أن هذه الآية : ( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) نزلت في حمزة وصاحبيه ، وعتبة وصاحبيه ، يوم برزوا في بدر .
لفظ البخاري عند تفسيرها ، ثم قال البخاري :
حدثنا الحجاج بن منهال ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، سمعت أبي ، حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد ، عن علي بن أبي طالب أنه قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة . قال قيس : وفيهم نزلت : ( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) ، قال : هم الذين بارزوا يوم بدر : علي وحمزة وعبيدة ، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة . انفرد به البخاري .
فهنا كان القتال بين ثلاثة مجموعات كل منها بها اثنان يقتتلان.. فلما تحدث القرآن عن حال كل مجموعة قال ( هذان خصمان ) ولما جاء الحديث عما سيدور فيما بينهم جميعاً جاء الحديث على الجمع ( اختصموا) لأن هذا حال كل أفراد المجموعات الثلاث..
وقيل في معنى الآية أنهما صنفان مؤمنين وكفار وكل صنف تحته جماعة كبيرة من البشر فكان ما تقدم من الجمع
* ومثال آخر في سورة السجدة - أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون ..
ولم يقل لا يستويان وذلك لأن الكلام عن كل الناس من كان منهم مؤمناً ومن كان منهم فاسقاً فكل المؤمنين وكل الفاسقين ( لا يستوون )
* ويوجد مثال آخر ولكن العكس جاء تقديم الجمع ثم التثنية مثل (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون)
هنا تم الحديث عن 4 أصناف ولكن تم تقسيمهم لمجموعتان ( أعمى وأصم ) ( بصير سميع) أو ( أعمى وبصير) ( أصم وسميع) ... فحينما جاء السؤال جاء بصيغة المثنى ( هل يستويان)
فسبحان الله الذي أعجز كلامه فصحاء العرب فما استطاعوا أن يأتوا بسورة من مثله.. و قالوا ساحر وتارة قالوا شاعر وتارة قالوا مجنون ... فما وجدوه شعرا ولا سحرا وما هو بمجنون.. إن هو إلا وحي وكلمات رب العالمين..
المراجع
- http://www.burhanukum.com/article1637.html
تفسير البغوي – صفحة 470
المفضلات