وايضا فان الذمي لم يعاهد على اظهار السب بالاجماع ولهذا اذا اظهره فانه يعاقب عليه باجماع المسلمين اما بالقتل او بالتعزير وهو لايعاقب على فعل شيء مما عوهد عليه وان كان كافرا غليظا ولا يجوز ان يعاقب على فعل شيء قد عوهدعلى فعله واذا لم يكن العهد مسوغا لفعله وقد ثبت ان النبي امر بقتل لاجله فيكون قد فعل ما يقتل لاجله وهو غير مقر عليه بالعهد ومثل هذا يجب قتله بلا تردد # وهذا التوجيه يقتضي قتله سواء قدر انه نقض العهد او لم ينقضه لان موجبات القتل التي لم نقره على فعلها يقتل بها وان قيل لا ينتقض عهده كالزنى بذمية وكقطع الطريق على ذمي وكقتل ذمي وكما لو فعل هذه الاشياء مع المسلمين وقلنا ان عهده لا ينتقض فانه يقتل # وايضا فان المسلم قدامتنع من السب بما اظهره من الايمان والذمي قد امتنع منه بما اظهره من الذمة والتزام الصغار ولو لم يكن ممتنعا منه بالصغار لما جاز عقوبته بتعزيز ولا غيره اذا فعله فاذا قتل لاجل السب الكافر الذي يستحله ظاهرا وباطنا ولم يعاهدنا عهدا يقتضي تركه فلان يقتل لاجله من التزم ان لا يظهره وعاهدنا على ذلك اولى واحرى # وايضا فقد تبين بما ذكرناه من هذه الاحاديث ان الساب يجب قتله فان النبي امر بقتل الساب في مواضع والامر يقضي
الوجوب ولم يبلغه عن أحد السب الا ندر دمه وكذلك اصحابه هذا مع ما قد كان يمكنه من العفو عنه فحيث لايمكنه العفو عنه يجب ان يكون قتل الساب اوكد والحرص عليه اشد وهذا الفعل منه هو نوع من الجهاد والاغلاظ على الكافرين والمنافقين واظهار دين الله واعلاء كلمته ومعلوم ان هذا واجب فعلم ان قتل الساب واجب في الجملة وحيث جاز العفو له فانما هو فيمن كان مقدورا عليه من مظهر الإسلام مطيع له او ممن جاءه مستسلما اما الممتنعون فلم يعف عن أحد منهم ولا يرد على هذا ان بعض الصحابة امن احدى القينتين وبعضهم امن ابن أبي سرح لان هذين كانا مستسلمين مريدين للإسلام والتوبة ومن كان كذلك فقد كان النبي له ان يعفو عنه فلم يتعين قتله فاذا ثبت ان الساب كان قتله واجبا والكافر الحربي الذي لم يسب لايجب قتله بل يجوز قتله فمعلوم ان الذمة لاتعصم دم من يجب قتله وانما تعصم دم من يجوز قتله الا ترى ان المرتد لا ذمة له وان القاطع والزاني لما وجب قتلهما لم تمنع الذمة قتلهما # وايضا فلا مزية للذمي على الحربي الا بالعهد والعهد لم يبح له اظهار السب بالاجماع فيكون الذمي قد شرك الحربي في اظهار السب الموجب للقتل وما اختص به من العهد لم يبح له إظهاره السب فيكون قد اتى بما يوجب القتل وهو لم يقر عليه فيجب قتله بالضرورة
- وايضا فان النبي امر بقتل من كان يسبه مع امانه لمن كان يحاربه بنفسه وماله فعلم ان السب اشد من المحاربة او مثلها والذمي اذا حارب قتل فاذا سب قتل بطريق الاولى # وايضا فان الذمي وان كان معصوما بالعهد فهو ممنوع بهذا العهد من اظهار السب والحربي ليس له عهد يعصمه ولا يمنعه فيكون الذمي من جهة كونه ممنوعا اسوا حالا من الحربي واشد عداوة واعظم جرما واولى بالنكال والعقوبة التي يعاقب بها الحربي على السب والعهد الذي عصمه لم يف بموجبه فلا ينفعه لانا انما نستقيم له ما استقام لنا وهو لم يستقم بالاتفاق وكذلك يعاقب والعهد يعصم دمه وبشره الا بحق فلما جازت عقوبته بالاتفاق علم انه قد اتى ما يوجب العقوبة # وقد ثبت بالسنة ان عقوبة هذا الذنب القتل وسر الاستدلال بهذه الاحاديث انه لا يقتل الذمي لمجرد كون عهده قد انتقض فان مجرد نقض العهد يجعله ككافر لا عهد له وقد ثبت بهذه السنن ان النبي لم يامر بقتل الساب لمجرد كونه كافرا غير معاهد وانما قتله لاجل السب مع كون السب مستلزما للكفر والعداوة والمحاربة وهذا القدر موجب للقتل حيث كان وسياتي الكلام ان شاء الله على تعين قتله
السنة الثالثة عشرة ما رويناه من حديث أبي القاسم عبد الله ابن محمد البغوي ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا علي بن مسهر عن صالح بن حيان عن ابن
بريدة عن ابيه قال جاء رجل إلى قوم في جانب المدينة فقال ان رسول الله امرني ان احكم فيكم برايي وفي اموالكم وفي كذا وفي كذا وكان خطب امراة منهم في الجاهلية فابوا ان يزوجوه ثم ذهب حتى نزل على المراة فبعث القوم إلى رسول الله فقال كذب عدو الله ثم ارسل رجلا فقال ان وجدته حيا فاقتله وان انت وجدته ميتا فحرقه بالنار فانطلق فوجده قد لدغ فمات فحرقه بالنار فعند ذلك قال رسول الله من كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار # ورواه أبو احمد بن عدي في كتابه الكامل قال ثنا الحسن
ابن محمد بن عنبر ثنا حجاج بن يوسف الشاعر ثنا زكريا بن عدي ثنا علي بن مسهر عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن ابيه قال كان حي من بني ليث من المدينة على ميلين وكان رجل قد خطب منهم في الجاهلية فلم يوجوه فاتاهم وعليه حلة فقال ان رسول الله كساني هذه الحلة وامرني ان احكم في اموالكم ودمائكم ثم انطلق فنزل على تلك المراة التي كان يحبها فارسل القوم إلى رسول الله فقال كذب عدو الله ثم ارسل رجلا فقال ان وجدته حيا وما اراك تجده حيا فاضرب عنقه وان وجدته ميتا فاحرقه بالنار قال فذلك قول رسول الله من كذب علي متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار هذا اسناد صحيح على شرط الصحيح لانعلم له علة # وله شاهد من وجه اخر رواه المعافى بن زكريا الجريري في كتاب الجليس قال ثنا أبو حامد الحضرمي ثنا السري ابن
مزيد الخراساني ثنا أبو جعفر محمد بن علي الفزاري ثنا داود ابن الزبرقان قال اخبرني عطاء بن السائب عن عبد الله بن الزبير قال يوما لاصحابه اتدرون ما تاويل هذا الحديث من كذب علي متعمدا فليتبوا مقعده من النار قال كان رجل عشق امراة فاتى اهلها مساء فقال ان رسول الله بعثني اليكم ان اتضيف في اي بيوتكم شئت قال وكان ينتظر بيتوتية المساء قال فاتى رجل منهم النبي فقال ان فلانا اتانا يزعم انك امرته ان يبيت في اي بيوتنا شاء فقال كذب يا فلان انطلق معه فان امكنك الله منه فاضرب عنقه واحرقه بالنار ولا اراك الا قد كفيته فلما خرج
الرسول قال رسول الله ادعوه فلما جاء قال اني كنت امرتك ان تضرب عنقه وان تحرقه بالنار فان امكنك الله منه فاضرب عنقه ولا تحرقه بالنار فانه لايعذب بالنار الا رب النار ولا اراك الا قد كفيته فجاءت السماء بصيب فخرج الرجل ليتوضا فلسعته افعى فلما بلغ ذلك النبي قال هو في النار # وقد روى أبو بكر بن مردويه من حديث الوازع عن أبي سلمة عن أسامة قال قال رسول الله من يقل علي ما لم اقل فليتبوا مقعده من النار وذلك انه بعث رجلا فكذب عليه فوجد ميتا قد انشق بطنه ولم تقبله الارض # وروي ان رجلا كذب عليه فبعث عليا والزبير اليه ليقتلاه وللناس في هذا الحديث قولان # احدهما الاخذ بظاهرة في قتل من تعمد الكذب على رسول الله
ومن هؤلاء من قال يكفر بذلك قاله جماعة منهم أبو محمد الجويني حتى قال ابن عقيل عن شيخه أبي الفضل الهمداني مبتدعة الإسلام والكذابون والواضعون للحديث اشد من الملحدين لان الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل فهم كاهل بلد سعوا في فساد احواله والملحدون كالمحاصرون من خارج فالدخلاء يفتحون الحصن فهم شر على الإسلام من غير الملابسين له # ووجه هذا القول ان الكذب عليه كذب على الله ولهذا قال ان كذبا علي ليس ككذب على احدكم فان ما امر به الرسول فقد
امر الله به يجب اتباعه كوجوب اتباع امر الله وما اخبر به وجب تصديقه كما يجب تصديق ما اخبر الله به # ومن كذبه في خبره او امتنع من التزام امره فهو كمن كذب خبر الله وامتنع من التزام امره ومعلوم ان من كذب على الله بان زعم انه رسول الله او نبيه او اخبر عن الله خبرا كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوهما من المتنبئين فانه كافر حلال الدم فكذلك من تعمد الكذب على رسول الله # يبين ذلك ان الكذب عليه بمنزلة التكذيب له ولهذا جمع الله بينهما بقوله تعالى ^ ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب بالحق لما جاء ^ بل ربما كان الكاذب عليه أعظم اثما من المكذب له ولهذا بدا الله به كما ان الصادق عليه أعظم درجة من المصدق بخبره فاذا كان الكاذب مثل المكذب او أعظم والكاذب على الله كالمكذب له فالكاذب على الرسول كالمكذب له # يوضح ذلك ان تكذيبه نوع من الكذب فان مضمون تكذيبه الاخبار عن خبره انه ليس بصدق وذلك ابطال لدين الله ولا فرق بين تكذيبه في خبر واحد او في جميع الاخبار وانما صار كافرا لما تضمنه من ابطال رسالة الله ودينه والكاذب عليه يدخل في دينه ما ليس منه عمدا ويزعم انه يجب على الامة التصديق بهذا الخبر وامتثال هذا الامر لانه دين الله مع العلم بانه ليس لله بدين
- والزيادة في الدين كالنقص منه ولا فرق بين من يكذب باية من القران او يضيف كلاما يزعم انه سورة من القران عامدا لذلك # وايضا فان تعمد الكذب عليه استهزاء به واستخفاف لانه يزعم انه امر باشياء ليست مما امر به بل وقد لا يجوز الامر بها وهذه نسبة له إلى السفه او انه يخبر باشياء باطلة وهذه نسبة له إلى الكذب وهو كفر صريح # وايضا فانه لو زعم زاعم ان الله فرض صوم شهر اخر غير رمضان او صلاة سادسة زائدة ونحو ذلك او انه حرم الخبز واللحم عالما بكذب نفسه كفر بالاتفاق # فمن زعم ان النبي اوجب شيئا لم يوجبه او حرم شيئا لم يحرمه فقد كذب على الله كما كذب عليه الاول وزاد عليه بان صرح بان الرسول قال ذلك وانه افتى القائل لم يقله اجتهادا واستنباطا # وبالجملة فمن تعمد الكذب الصريح على الله فهو كالمتعمد لتكذيب الله واسوا حالا ولا يخفى ان من كذب على من يجب تعظيمه فانه مستخف به مستهين بحرمته # وايضا فان الكاذب عليه لابد ان يشينه بالكذب عليه وتنقصه بذلك ومعلوم انه لو كذب عليه كما كذب عليه ابن أبي سرح في قوله كان يتعلم مني او رماه ببعض الفواحش الموبقة او الاقوال الخبيثة كفر
بذلك فكذلك الكاذب عليه لانه اما ان ياثر عنه امرا او خبرا او فعلا فان اثر عنه امرا لم يامر به فقد زاد في شريعته وذلك الفعل لا يجوز ان يكون مما يامر به لانه لو كان كذلك لامر به لقوله ما تركت من شئ يقربكم إلى الجنة الا امرتكم به ولا من شئ يبعدكم عن النار الا نهيتكم عنه فاذا لم يامر به فالامر به غير جائز منه فمن روى عنه انه قد امر به فقد نسبه إلى الامر بما لايجوز له الامر به وذلك نسبة له إلى السفه # وكذلك ان يقل عنه خبرا فلو كان ذلك الخبر مما ينبغي له الاخبار به لاخبر به لان الله تعالى قد اكمل الدين فاذا لم يخبر به فليس هو مما ينبغي له ان يخبر به وكذلك الفعل الذي ينقله عنه كاذبا فيه لو كان مما ينبغي فعله وترجع لفعله فاذا لم يفعله فتركه اولى # فحاصله ان الرسول اكمل البشر في جميع احواله فما تركه من القول والفعل فتركه اولى من فعله وما فعله ففعله اكمل من تركه فاذا
كذب الرجل عليه متعمدا او اخبر عنه بما لم يكن فذلك الذي اخبر به عنه نقص بالنسبة اليه اذ لو كان كمالا لوجد منه ومن انتقص الرسول فقد كفر # واعلم ان هذا القول في غاية القوة كما تراه لكن يتوجه ان يفرق بين الذي يكذب عليه مشافهة وبين الذي يكذب عليه بواسطة مثل ان يقول حدثني فلان بن فلان عنه بكذا فان هذا انما كذب علي ذلك الرجل ونسب اليه ذلك الحديث فاما ان قال هذا حديث صحيح او ثبت عنه انه قال ذلك عالما بانه كذب فهذا قد كذب عليه واما اذا افتراه ورواه رواية ساذجة ففيه نظر لاسيما والصحابة عدول بتعديل الله لهم # فالكذب لو وقع من أحد ممن يدخل فيهم لعظم ضرره في الدين فاراد قتل من كذب عليه وعجل عقوبته ليكون ذلك عاصما من ان يدخل في العدول من ليس منهم المنافقين ونحوهم # واما من روى حديثا يعلم انه كذب فهذا حرام كما صح عنه انه قال من روى عني حديثا يعلم انه كذب فهو احد
الكاذبين لكن لا يكفر الا ان ينضم إلى روايته ما يوجب الكفر لانه صادق في ان شيخه حدثه به لكن لعلمه بان شيخه كذب فيه لم تكن تحل له الرواية فصار بمنزلة ان يشهد على اقرار او شهادة او عقد وهو يعلم ان ذلك باطل فهذه الشهادة حرام لكنه ليس بشاهد زور # وعلى هذا القول فمن سبه فهو اولى بالقتل ممن كذب عليه فان الكاذب عليه قد زاد في الدين ما ليس منه وهذا قد طعن في الدين بالكلية وحينئذ فالنبي قد امر بقتل الذي كذب عليه من غير استتابه فكذلك الساب له اولى # فان قيل الكذب عليه فيه مفسدة وهو ان يصدق في خبره فيزاد في الدين ما ليس منه او ينتقص منه ما هو منه والطاعن عليه قد علم بطلان كلامه بما اظهر الله من ايات النبوة
- قيل والمحدث عنه لايقبل خبره ان لم يكن عدلا ضابطا فليس كل من حدث عنه قبل خبره لكن قد يظن عدلا وليس كذلك والطاعن عليه قد يؤثر طعنه في نفوس كثير من الناس ويسقط حرمته من كثير من القلوب فهو اوكد على ان الحديث عنه له دلائل يميز بها بين الكذب والصدق # القول الثاني ان الكاذب عليه تغلظ عقوبته لكن لايكفر ولايجوز قتله لان موجبات الكفر والقتل معلومة وليس هذا منها فلا يجوز ان يثبت مالا اصل له ومن قال هذا فلابد ان يقيد قوله بان لم يكن الكذب عليه متضمنا لعيب ظاهر فاما ان اخبر انه سمعه يقول كلاما يدل على نقصه وعيبه دلالة ظاهرا مثل حديث عرق الخيل ونحوه من الترهات فهذا مستهزئ به استهزاء ظاهر ولا ريب انه كافر حلال الدم # وقد اجاب من ذهب إلى هذا القول عن الحديث بان النبي علم انه كان منافقا فقتله لذلك لا للكذب # وهذا الجواب ليس بشئ لان النبي لم يكن من سننه انه يقتل
احد من المنافقين الذين اخببر الثقة عنهم بالنفاق اوالذين نزل القران بنفاقهم فكيف يقتل رجلا بمجرد علمه بنفاقه ثم انه سمى خلقا من المنافقين لحذيفة وغيره ولم يقتل منهم احدا # وايضا فالسبب المذكور في الحديث انما هو كذبة على النبي كذبا له فيه غرض وعليه رتب القتل فلا يجوز اضافة القتل إلى سبب اخر وايضا فان الرجل انما قصد بالكذب نيل شهوته ومثل هذا قد يصدر من الفساق كما يصدر من الكفار # وايضا فاما ان يكون نفاقه لهذه االكذبة او لسبب ماض فان كان لهذه فقد ثبت ان الكذب عليه نفاق والمنافق كافر وان كان النفاق متقدما وهو المقتضي للقتل لا غيره فعلام تاخير الامر بقتله إلى هذا الحين وعلام لم يؤاخذه الله بذلك النفاق حتى فعل ما فعل # وايضا فان القوم اخبروا رسول الله بقوله فقال كذب عدو الله ثم امر بقتله ان وجده حيا وقال ما اراك تجده حيا لعلمه بان ذنبه يوجب تعجيل العقوبة
- والنبي اذا امر بالقتل او غيره من العقوبات والكفارات عقب فعل وصف له صالح لترتب ذلك الجزاء عليه كان ذلك الفعل هو المقتضي لذلك الجزاء ولا غيره كما ان الاعرابي لما وصف له الجماع في رمضان امره بالكفارة ولما اقر عنده ماعز والغامدية وغيرهما بالزنى امر بالرجم وهذا مما لا خلاف فيه بين الناس نعلمه نعم قد يختلفون في
نفس الموجب هل هو مجموع تلك الاوصاف او بعضها وهو نوع من تنقيح المناط فاما ان يجعل ذلك الفعل عديم التاثير والموجب لتلك العقوبة غيره الذي لم يذكر وهذا فاسد بالضرورة لكن يمكن ان يقال فيه ما هو اقرب من هذا وهو ان هذا الرجل كذب على النبي كذبا يتضمن انتقاصه وعيبه لانه زعم ان النبي حكمه في دمائهم واموالهم واذن له ان يبيت حيث شاء من بيوتهم ومقصوده بذلك ان يبيت عند تلك المراة ليفجر بها ولا يمكنهم الانكار عليه اذا كان محكما في الدماء والاموال # ومعلوم ان النبي لا يحلل الحرام ومن زعم انه احل المحرمات من الدماء والاموال والفواحش فقد انتقصه وعابه ونسبه النبي إلى انه ياذن له ان يبيت عند امراة اجنبية خاليا بها او انه يحكم بما شاء في قوم مسلمين طعن على النبي وعيب له وعلى هذا التقدير فقد امر بقتل من عابه وطعن عليه من غير استتابه وهو المقصود في هذا المكان فثبت ان الحديث نص في قتل الطاعن عليه من غير استتابه على كلا القولين # ومما يؤيد القول الاول ان القوم لو ظهر لهم ان هذا الكلام سب وطعن لبادروا إلى الانكار عليه ويمكن ان يقال رابهم امره فتوقفوا حتى استثبتوا ذلك من النبي لما تعارض وجوب طاعة
الرسول وعظم ما اتاهم به هذا اللعين ومن نصر القول الاول قال كل كذب عليه فانه متضمن للطعن عليه كما تقدم ثم ان هذا الرجل لم يذكر في الحديث انه قصد الطعن والازراء وانما قصد تحصيل شهوته بالكذب عليه وهذا شان كل من تعمد الكذب عليه فانه انما يقصد تحصيل غرض له ان لم يقصد الاستهزاء به والاغراض في الغالب اما مال او شرف كما ان المتنبي انما يقصد اذا لم يقصد مجرد الاضلال اما الرياسة بنفاذ الامر وحصول التعظيم او تحصيل الشهوات الظاهرة وبالجملة فمن قال او فعل ما هو كفر كفر بذلك وان لم يقصد ان يكون كافرا اذ لا يكاد يقصد الكفر أحد الا ما شاء الله # السنة الرابعة عشرة حديث الاعرابي الذي قال للنبي لما اعطاه ما احسنت ولا اجملت فاراد المسلمون قتله ثم قال النبي لو تركتكم حين قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار وسياتي ذكره في ضمن الاحاديث المتضمنة لعفوه عمن اذاه فان هذا الحديث يدل على ان من اذاه اذا قتل دخل النار وذلك على كفره وجواز قتله والا كان يكون شهيدا وكان قاتله من اهل النار وانما
عفا النبي عنه ثم استرضاه بعد ذلك حتى رضي لانه كان له ان يعفو عمن اذاه كما سياتي ان شاء الله # ومن هذا الباب ان الرجل الذي قاله له لما قسم غنائم حنين ان هذه لقسمة ما اريد بها وجه الله فقال عمر دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال معاذ الله ان يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه ثم اخبر انه يخرج من ضئضئة اقوام يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم وذكر حديث الخوارج رواه مسلم فأن النبي لم يمنع عمر من قتله الا لئلا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه ولم يمنعه لكونه في نفسه معصوما كما قال في حديث حاطب بن أبي بلتعة فأنه لما قال ما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا
بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله انه قد صدقكم فقال عمر دعني اضرب عنق هذا المنافق فقال انه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فبين انه باق على ايمانه وانه صدر منه ما يغفر له به الذنوب فعلم ان دمه معصوم وهنا علل بمفسدة زالت # فعلم ان قتل مثل هذا القائل اذا امنت هذه المفسدة جائز ولذلك لما امنت هذه المفسدة النزل الله قوله ^ جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ^ بعد ان كان قد قال له ^ ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع اذاهم ^ قال زيد بن اسلم قوله ^ جاهد الكفار والمنافقين ^ نسخت ما كان قبلها # وما يشبه هذا ان عبد الله بن أبي لما قال ^ لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل وقال ^ لا تنفقوا على من
عند رسول الله حتى ينفضوا ^ استامر عمر في قتله فقال اذن ترعد له انوف كثيرة بالمدينة وقال لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه والقصة مشهورة وهي في الصحيحين وستاتي ان شاء الله تعالى # فعلم ان من آذى النبي بمثل هذا الكلام جاز قتله لذلك مع القدرة وانما ترك النبي قتله لما خيف في قتله من نفور الناس عن الإسلام لما كان ضعيفا # ومن هذا الباب ان النبي لما قال من يعذرني في رجل بلغني اذاه في اهلي قال له سعد بن معاذ انا اعذرك ان كان من الاوس ضربت عنقه والقصة مشهورة فلما لم ينكر عليه ذلك دل على ان من اذى النبي وتنقصه يجوز ضرب عنقه والفرق بين ابن
ابي وغيره ممن تكلم في شان عائشة انه كان يقصد بالكلام فيها عيب رسول الله والطعن عليه والحاق العار به ويتكلم بكلام ينتقصه به فلذلك قالوا نقتله بخلاف حسان ومسطح وحمنة فانهم لم يقصدوا ذلك ولم يتكلموا بما يدل على ذلك ولهذا انما استعذر النبي من ابن أبي دون غيره ولاجله خطب الناس حتى كاد الحيان يقتتلون # الحديث الخامس عشر قال سعيد بن يحيى بن سعيد الاموي في مغازيه حدثني أبي عن المجالد بن سعيد عن الشعبي قال لما افتتح رسول الله مكة دعا بمال العزى فنثره بين يديه ثم دعا رجلا قد سماه فأعطاه منها ثم دعا أبا سفيان بن حرب فأعطاه منها ثم دعا سعيد بن الحارث فأعطاه منها ثم دعا رهطا من قريش فأعطاهم فجعل يعطي الرجل القطعه من الذهب فيها خمسون مثقالاوسبعون مثقالا
ونحو ذلك فقام رجل فقال انك لبصير حيث تضع التبر ثم قام الثانية فقال مثل ذلك فأعرض عنه النبي ثم قام الثالثة فقال انك لتحكم وما نرى عدلا قال ويحك اذا لا يعدل أحد بعدي ثم دعا نبي الله أبا بكر فقال اذهب فاقتله فذهب فلم يجده فقال لو قتلته لرجوت ان يكون اولهم واخرهم # فهذا الحديث نص في قتل مثل هذا الطاعن على رسول الله من غير استتابه وليست هي قصة قصمغنائم حنين ولا قسم التبر الذي بعث به علي من اليمن بل هذه القصة قبل ذلك في قسم مال العزى وكان هدم العزى قبل الفتح في اواخر شهر رمضان سنة ثمان وغنائم حنين قسمت بعد ذلك بالجعرانة في ذي القعدة وحديث علي في سنة عشر # وهذا الحديث مرسل ومخرجه عن مجالد وفيه لين لكن له ما يؤيد معناه فانه قد تقدم ان عمر قتل الرجل الذي لم يرض بحكم النبي ونزل القرآن باقراره على ذلك وجرعه أسهل من جرم هذا
وايضا فان في الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي في حديث الذي لمزه في قسمة الذهيبة التي ارسل بها علي من اليمن وقال يا رسول الله اتق الله انه قال انه يخرج من ضئضى هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلون اهل الإسلام ويدعون اهل الاوثان لئن ادركتهم لاقتلنهم قتل عاد # وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول سيخرج قوم في اخر الزمان حداث الاسنان سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز ايمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فاينما لقيتموهم فاقتلوهم فان في قتلهم اجرا لمن قتلهم يوم القيامة
وروى النسائي عن أبي برزة قال اتي رسول الله بمال فقسمه فاعطى من عن يمينه ومن عن شماله ولم يعط من ورائه شيئا فقام رجل من وراءه فقال يا محمد ما عدلت في القسمة رجل اسود مطموم الشعر عليه ثوبان ابيضان فغضب رسول الله غضببا شديدا وقال والله لا تجدون بعدي رجلا هو اعدل مني ثم قال يخرج في اخر الزمان قوم كان هذا منهم يقرؤون القرن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية سيماهم التحليق لا يزالون يخرجون حتى يخرج اخرهم مع المسيح الدجال فاذا لقيتموهم فاقتلوهم هم شر الخلق والخليقة # فهذه الاحاديث كلها دليل على ان النبي امر بقتل طائفة هذا الرجل العائب عليه واخبر ان في قتلهم اجرا لمن قتلهم وقال لئن ادركتم لاقتلنهم قتل عاد وذكر انهم شر الخلق والخليقة # وفيما رواه الترميذي وغيره عن أبي إمامة انه قال هم شر قتلى تحت اديم السماء خير قتلى من قتلوه وذكر انه سمع النبي يقول ذلك مرات متعددة وتلا فيهم قوله تعالى ^ يوم تبيض وجوه
وتسود وجوه فاما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم ^ وقال هؤلاء الذين كفروا بعد ايمانهم وتلا فيهم قوله تعالى ^ فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ^ وقال زاغوا فزيغ بهم ولا يجوز ان يكون امر بقتلهم لمجرد قتالهم الناس كما يقاتل الصائل من قاطع الطريق ونحوه وكما يقاتل البغاة لان اولئك انما يشرع قتالهم حتى تنكسر شوكتهم وكفوا عن الفساد ويدخلوا في الطاعة ولا يقتلون اينما لقوا ولا يقتلون قتل عاد وليسوا شر قتلى تحت اديم السماء ولا يؤمر بقتلهم وانما يؤمر في اخر الامر بقتالهم فعلم ان هؤلاء اوجب قتلهم مروقهم من الدين لما غلوا فيه حتى مرقوا منه كما دل عليه قوله في حديث علي يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميه فاينما لقيتموهم فاقتلوهم فرتب الامر بالقتل على مروقهم فعلم انه الموجب له ولهذا وصف النبي الطائفه الخارجة
وقال ولو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم علي لسان محمد لنكلوا عن العمل واية ذلك ان فيهم رجلا له عضد ليس له ذراع على راس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعيرات بيض وقال انهم يخرجون علي خير فرقة من الناس يقتلهم ادنى الطائفتين إلى الحق وهذا كله في الصحيح فثبت ان قتلهم لخصوص صفتهم لا لعموم كونهم بغاة او محاربين وهذا القدر موجود في الواحد منهم كوجوده في العدد منهم وانما لم يقتلهم علي رضي الله عنه أول ما ظهروا لانه لم يتبين له انهم الطائفة المنعوته حتى سفكوا دم ابن خباب واغاروا على سرح الناس فظهر فيهم قوله ^ يقتلون
اهل الإسلام ويدعون اهل الاوثان فعلم انهم المارقون ولانه لو قتلهم قبل المحاربة له لربما غضبت لهم قبائلهم وتفرقوا على علي رضي الله عنه وقد كان حاله في حاجته إلى مداراة عسكره واستئلافهم كحال النبي في حاجته في أول الامر إلى استئلاف المنافقين # وايضا فان القوم لم يعترضوا لرسول الله بل كانوا يعظمونه ويعظمون أبا بكر وعمر ولكن غلوا في الدين غلوا جازوا به حده لنقص عقولهم وعملهم فصاروا كما تاوله علي فيهم من قوله عز وجل ^ قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ^ # واوجب ذلك لهم عقائد فاسدة ترتب عليها افعال منكرة كفرهم بها كثير من الامة وتوقف فيها اخرون فلما راى النبي الرجل
الطاعن عليه في القسمة الناسب له عدم العدل بجهله وغلوه وظنه ان العدل هو ما يعتقده من التسوية بين جميع الناس دون النظر إلى ما في تخصيص بعض الناس وتفضيله من مصلحة التاليف وغيرها من المصالح علم ان هذا أول اولئك فانه اذا طعن عليه في وجهه فهو على سنته بعد موته وعلى خلفائه اشد طعنا # وقد حكى ارباب المقالات عن الخوارج انهم يجوزون على الانبياء الكبائرولهذا لايلتفتون إلى السنة المخالفة في رايهم لظاهر القران وان كانت متواترة فلا يرجمون الزاني ويقطعون يد السارق فيما قل او كثر زعما منهم على ماقيل ان لاحجة الا القران وان السنة الصادرة عن الرسول ليست حجة بناء على ذلك الاصل الفاسد # قال من حكى ذلك عنهم انهم لايطعنون في النقل لتواتر ذلك وانما يبنونه على هذا الاصل ولهذا قال النبي في صفتهم انهم يقرؤون القران لا يجاوز حناجرهم يتاولونه برايهم من غير
استدلال على معانيه بالسنه وهم لا يفهمونه بقلوبهم انما يتلونه بالسنتهم والتحقيق انهم اصناف مختلفه فهذا راي طائفة منهم وطائفة قد يكذبون النقلة وطائفة لم يسمعوا ذلك ولم يطلبوا علمه وطائفة يزعمون ان ماليس له ذكر في القران بصريحه ليس حجة على الخلق اما لكونه منسوخا او مخصوصا بالرسول او غير ذلك وكذلك ما ذكر من تجويزهم الكبائر فاظنه والله اعلم قول طائفة منهم وعلى كل حال فمن كان يعتقد ان النبي جائر في قسمه يقول انه يفعلها بامر الله فهو مكذب له ومن زعم ان يجوز في حكمه او قسمه فقد زعم انه خائن وان اتباعه لايجب وهو مناقض لما تضمنه الرسالة من امانته ووجوب طاعته وزوال الحرج عن النفس من قضائه بقوله وفعله فانه قد بلغ عن الله انه اوجب طاعته والانقياد لحكمه ولانه لايحيف على أحد فم طعن في هذا فقدطعن في صحة تبليغه وذلك طعن في نفس الرسالة وبهذا يتبين صحة رواية من روى الحديث ومن يعدل اذا لم اعدل لقد خبت وخسرت ان لم اكن اعدل لان هذا الطاعن يقول انه رسول الله وانه يجب عليه تصديقه وطاعته فاذا قال انه لم يعدل فقد لزم انه
صدق غير عدل ولا امين ومن اتبع مثل ذلك فهو خائب خاسر كما وصفهم الله تعالى بانهم من الاخسرين اعمالا وان حسبوا انهم يحسنون صنعا ولانه من لم يؤتمن على المال يؤتمن على ماهو أعظم منه ولهذا قال الا تامنون وانا امين من في السماء ياتيني خبر السماء صباحا ومساء وقال لما قال له اتق الله اولست احق اهل الارض ان يتق الله وذلك لان الله قال فيما بلغه اليهم الرسول ^ وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ^ بعد قوله ^ ما افاء الله على رسوله من اهل القرى فلله وللرسول ^ الاية فبين سبحانه انه ما نهى عنه من مال الفيء فعلينا ان ننتهي عنه فيجب ان يكون احق اهل الارض ان يتق الله اذ لولا ذلك لكانت الطاعة له ولغيره ان تساويا او لغيره دونه ان كان دونه وهذا كفر بما جاء به وهذا ظاهر # وقوله شر الخلق والخليقة وقوله شر قتلى تحت اديم السماء نص في انهم من المنافقين لان المنافقين اسوا حالا من الكفار
كما ذكر ان قوله تعالى ^ ومنهم من يلمزك في الصدقات ^ نزلت فيهم # وكذلك في حديث أبي إمامة ان قوله تعالى ^ اكفرتم بعد ايمانكم ^ نزلت فيهم وهذا مما لاخلاف فيه اذا صرحوا بالطعن في الرسول والعيب عليه كفعل اولئك اللامريين له # فاذا ثبت بهذه الاحاديث الصحيحة انه امر بقتل من كان من جنس ذلك الرجل الذي لمزه اينما لقوا واخبر انهم شر الخليقة وثبت انهم من المنافقين كان ذلك دليلا على صحة معنى حديث الشعبي في استحقاق اصلهم للقتل # يبقى ان يقال ففي الحديث الصحيح انه نهى عن قتل ذلك اللامز # فنقول حديث الشعبي هو أول ظهور هؤلاء كما تقدم فيشير والله اعلم ان يكون امر بقتله اولا طمعا في انقطاع امرهم وان كان قد كان يعفو عن أكثر المنافقين لانه خاف من هذا انتشار الفساد من بعده على الامة ولهذا قال لو قتلته لرجوت ان يكون اولهم واخرهم وكان ما يحصل بقتله من المصلحة العظيمة أعظم مما يخاف من
نفور بعض الناس بقتله فلما لم يوجد وتعذر قتله ومع النبي بما اوحاه الله اليه من العلم مافضله الله به فكانه علم انه لابد من خروجهم انه لامطمع في استئصالهم كما انه لما علم ان الدجال خارج لامحالة نهى عمر عن قتل ابن صياد وقال ان يكنه فلن تسلط عليه وان لا يكنه فلا خير لك في قتله فكان هذا مما اوجب نهيه بعد ذلك عن قتل ذي الخويصرة لما لمزه في غنائم حنين وكذلك لما قال عمر ائذن لي فاضرب عنقه قال دعه فان له اصحابا يحقر احدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية إلى قوله يخرجون على حين فرقة من الناس فامر بتركه لاجل ان له اصحابا خارجين بعد ذلك فظهر ان
علمه بانهم لابد ان يخرجوا منعه من ان يقتل منهم احدا فيتحدث الناس بان محمدا يقتل اصحابه الذين يصلون معه وتنفر بذلك عن الإسلام قلوب كثير من غير مصلحة تغمر هذه المفسدة هذا مع انه كان له ان يعفو عمن اذاه مطلقا بابي هو وامي # وبهذا يتبين سبب كونه في بعض الحديث يعلل بانه يصلي وفي بعضه بان لا يتحدث الناس او محمدا يقتل اصحابه وفي بعضه بان له اصحابا سيخرجون وسياتي ان شاء الله ذكر بعض هذه الاحاديث وان كان هذا الموضع خليقا بها ايضا # فثبت ان كل من لمز النبي في حكمه او قسمه فانه يجب قتله كما امر به في حياته وبعد موته وانه انما عفا عن ذلك اللامز في حياته كما قد كان يعفو عمن يؤذيه من المنافقين لما علم انهم خارجون في الامة لا محالة وان ليس في قتل ذلك الرجل كثير فائده بل فيه من المفسدة مافي قتل سائر المنافقين واشد # ومما يشهد لمعنى هذا الحديث قول أبو بكر رضي الله عنه في الحديث المشهور لما اراد أبو برزة ان يقتل الرجل الذي اغلظ لابي بكر وتغيظ عليه أبو بكر وقال له أبو برزة اقتله فقال أبو بكر ماكانت لاحد بعد رسول الله # فان هذا كما تقدم من دليل على ان الصديق علم ان النبي يطاع امره في قتل من امر بقتله ممن اغضب النبي
المفضلات