العلامة الحبر أبو شعيب الدكالي
الشيخ أبو شعيب بن عبد الرحمان الدكالي الصديقي،وزير من العلماء الادباء . (ولد عام 1295 هجرية موافق ل 1878م - توفي 1356 هجرية محدث مغربي, من آخر حفاظ المغرب ومحدثيه. تولى بعض الوظائف الدينية، كالخطابة في الحرم المكي، والإفتاء في المذاهب الأربعة، وألقى دروسا بالأزهر بمصروبجامع الزيتونة بتونس. تتلمذ على يديه جيل من العلماء والمفكرين المغاربة الذين أسهموا في بناء المغرب الحديث. نظرا لهذه الدرجة العلمية العالية أحرز الرياسة العلمية في الدروس السلطانية بالقصر الملكي على عهد السلطان مولاي عبد الحفيظ، والسلطان المولى يوسف، والعاهل محمد الخامس الذي ظل في كنفه إلى أن وافته المنية سنة 1937.
مسيرته
تلقى أبو شعيب الدكالي تعليمه الأولي بمسقط رأسه، على يد شيوخ وعلماء القبيلة وعلمائها من أمثال العلامة ابن عزوز، والعلامة محمد الصديقي، ومحمد الطاهر الصديقي وغيرهم. انتقل إلى الريف حيث زاول بها دروس الفقه والحديث والقراءات. وفي سنة 1315 هجرية رحل إلى مصر فمكث بها مدة طويلة وأخذ فيها العلم عن علماء الأزهر مثل: شيخ الإسلامسليم البشرى، والعلامة الشيخ محمد بخيت، والشيخ محمد محمود الشنجيطي اللغوي الشهير، والشيخ أحمد الرفاعي وغيرهم كثير. وبعد ذلك قصد مكة المكرمة طلبا للعلم والمعرفة، ودرس على يد جل علمائه، وأجازه عدد كبير من شيوخ العلم من البلاد العربية كاليمن والعراق والشام إضافة إلى بعض علماء الهند. حظي عند أمير مكة، خلال هذه الفترة، بالحظوة الحسنة فأكرمه وبالغ في احترامه وتعظيمه، وقدمه في مجالس العلماء، وولاه بعض الوظائف الدينية، كالخطابة في الحرم المكي، والإفتاء في المذاهب الأربعة.
في سنة 1325 هجرية 1907 م عاد إلى أرض الوطن واستقر بمدينة فاس، وقربه السلطان مولاي عبد الحفيظ، وتهافت عليه علماء فاس وطلبتها وأعيانها. في هذه الفترة أعلن مواجهته البدع ومقاومة الخرافات ونصر السنة. في سنة 1328 هجرية أرسله المولى عبد الحفيظ إلى الحجاز لاقتناء أملاك تحبس على الحرمين ثم عاد إلى المغرب في السنة الموالية 1329 هـ وقد بزغ نجمه وذاع صيته في كل البلاد العربية، فولاه قضاء مراكش، واشتهر بالنزاهة والعدل. في سنة 1330 هجرية تم تعيينه وزيرا للعدل والمعارف. وفي سنة 1342 هجريةـ 1923 م قدم استعفاءه لأسباب صحية فمنح إذ ذاك اعترافا له بالجهود التي بذلها في مهامه؛ لقب "وزير شرفي".
قال عنه ابن سودة: (آخر من رأينا على طريق الحفاظ المتقدمين,الذين بلغنا وصفهم، و لولا أني رأيته يملي، لداخلني الشك في وصفهم
من أشهر تلاميذته
محمد بن العربي العلويّ، وعبدالحفيظ الفاسيّ، ومحمد السايح، وعبدالله كنون، والمكي بن أحمد بربيش، ومحمد المكي الناصري
أبو شعيب الدكّاليّ -درر من أقوال العلماء المغاربة ومواقفهم
العزيز لمسلك
أبو شعيب الدكّاليّ (1356 هـ)
من أعظم الجنايات سدل أردية النسيان على أخبار وآثار السادة العلماء الأحرار؛ الذين لو استُنطِق التاريخ لنطق بمفاخرهم وبطولاتهم في باب الدعوة والإصلاح؛ ومن هؤلاء الجهابذة الحافظ الكبير والمحدث الشهير أبو شعيب بن عبدالرحمن الدكالي رحمه الله.
من أشهر تلاميذه: محمد بن العربي العلويّ، وعبدالحفيظ الفاسيّ، ومحمد السايح، وعبدالله كنون، والمكي بن أحمد بربيش، ومحمد المكي الناصري.
رحل إلى القاهرة سنة أربع عشرة وثلاثمائة وألف للهجرة، ومكث بها نحو ست سنوات، ثم رحل إلى مكة فأقام بها مدة، ولاّه أمير مكة الشريف عون الرفيق الخطابة في الحرم المكي والإفتاء على المذاهب الأربعة. كما درَّس أيضا بجامع الأزهر بمصر، والزيتونة بتونس.
عُيّن قاضياً بمراكش ووزيراً للعدليّة والمعارف فيما بعد، ثم رئيساً للاستيناف الشرعيّ.
- قال عنه عبدالسلام بن سودة: "الشيخ الإمام علم الأعلام، المحدّث المفسّر الرّاوية على طريق أيمة الاجتهاد، آخر الحفاظ بالديار المغربية ومحدثها ومفسرها من غير منازع ولا معارض." ‘سلّ النصال (ص82)’
- قال عبدالحفيظ الفاسي: "إمام في علوم الحديث والسنة… متظاهر بالعمل بالحديث والتمذهب به قولاً وعملاً داعية إليه ناصر له." ‘رياض الجنة (2/142)’
توفي سنة ست وخمسين وثلاثمائة وألف للهجرة.
- قال عبدالله الجراري: ففي سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وألف للهجرة قدم إلى المغرب ويمم فاس، وحظي بالتجلة والإكرام عند السلطان المرحوم المولى عبد الحفيظ ، وقد حصل له من الشفوف والحظوة لديه ما عزّ نظيره، وتهافت عليه علماء فاس وطلبتها وأعيانها، وأقبلوا عليه باعتناء كبير، في هذا الظرف شمّر عن ساعد الجدّ لمحاربة البدع ونصر السنة، ومقاومة الخرافات والأباطيل. ‘المحدث الحافظ (ص9-10)’
- وقال: "كان ينادي بردّ الناس إلى الكتاب والسنة، ويحضّهم على اتباع مذهب السلف الصالح ونبذ ما يؤدّي إلى الخلاف وما ينشأ عنه من الحيرة والدوران في منعرجات الطرق؛ لأن الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه ولا أمتاً؛ هو طريق السنة والكتاب." ‘المحدث الحافظ (ص80)’
- قال عبدالله كنون: "قام الشيخ أبوشعيب الدكالي بدعوته التي كان لها غايتان شريفتان: الأولى إحياء علم الحديث ونشره على نطاق واسع .. والثانية -وهي بيت القصيد- الأخذ بالسنة والعلم بها في العقائد والعبادات؛ فقد جهر في ذلك بدعوة الحق، ودل على النهج القويم، والصراط المستقيم، بالبرهان الساطع والحجة الناصعة، وندد بالخرافات والأوهام، وأطاح بالدعاوي الباطلة والأقوال الواهية، وبين وجه الصواب في كل مسألة مسألة من مسائل الخلاف الفقهي، وأقنع خصوم الدعوة قبل أنصارها بما لم يجدوا فيه دفعا ولا له ردا، وهكذا حدث تحول كبير في مفهوم الاجتهاد والتقليد بالنسبة إلى أدلة الفقه، وتخفف العلماء من التقيد بالنصوص المذهبية، ومالوا إلى الترجيح والعمل بالسنة عند ثبوتها ونبذ ما خالفها. وكذلك ضعف الاعتقاد في المشايخ وتقديس الأموات، والغلو في الطرقية، والتعلق بتعاليمها التي ما أنزل الله بها من سلطان." ‘مجلة دعوة الحق التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب العدد 7 سنة 1969م (ص8-9)’
- قال محمد السائح عن الشيخ أبي شعيب : "وقد اتصل صدى حركة الإصلاح التي كان يقوم بها الشيخ بالقصر؛ فصدرت بها ظهائر شريفة تؤيد تلك الحركة، منها ظهير في منع ما يقوم به بعض أرباب الزوايا مما يعد قذى في عين الدين وبهقا في غرة محاسنه." ‘مجلة دعوة الحق العدد 2 سنة 1969م (ص39)’
قلت: لو وجدت بعض الأقطار عشر معشار أبي شعيب الدكالي في العِلم والجَلَد والتضحية، لما وسعها إلا أن تعتني به غاية العناية في حياته، وترعى ما كان يدعوا إليه بعد وفاته، وفاء منها لوفائه.
- قال الرحالي الفاروقي: "فقد كان هذا الشيخ رحمه الله علماً من أعلام المغرب الشاهقة، وفذاً من الأفذاذ الذين يفتخر بهم في ميادين المعرفة والإصلاح، وفي خدمة الكتاب والسنة ورفع رايتهما ونشر معانيهما وإقامة أحكامهما؛ بل كان يعتبر من الرعيل الأول في المغرب الذين أخذوا على أنفسهم إحياء العقيدة السلفية وبعث الروح الإسلامية الصحيحة في النفوس باعتماد وحي الكتاب العزيز ووحي سنة الذي لا ينطق عن الهوى، ونبذ ما سوى ذلك من الأقوال الموهومة والعقائد المشبوهة والخرافات المدسوسة التي أخرت سير المسلمين وشوهت سمعة الإسلام. (شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي في رحاب مدينة مراكش الفيحاء لمحمد رياض (ص51-52).
- قال عبدالله الجراري: "ومن نماذج انتصاره للسنة وتحرره من التعصب المذهبي أن علماء فاس طلبوا من السلطان عبدالحفيظ أن يسدل الشيخ يديه في الصلاة، فقال الأمير للشيخ: العلماء طلبوا مني أن تسدل، فأجابه بقوله: أطلب منك أن تطلب منهم أن يطلبوا منك أن عسكرك يصلي، ومسألة السدل والقبض تعد من المسائل المفروغ منها، والمؤلف فيها تآليف ما بين محبذ للأول ورادّ للثاني والعكس، والمعوّل عليه في السنة هو القبض الذي وردت في شأنه أحاديث وثبتت طرقها -التي أنافت على الثلاثين طريقاً- في غير ما مسند من المساند فلا أطيل بجلبها.
ومما ذكره لنا الشيخ الدكالي في أحد مجالسه الحديثية أنطالباً طرح عليه سؤالاً في الموضوع قائلاً: إن السدل وارد في السنة، أجابه الشيخ قائلاً: إن وجدت السدل في السنة فسأكافئك على ذلك، وللحين ذهب الطالب للبحث في كتب السنة يتصفح أبوابها، وبينما هو كذلك إذ فاجأه باب نصه (باب السدل)، وعن عجل طوى الكتاب وأسرع يريد الشيخ، وبعد الاتصال به ذكر له أن السدل موجود وهاهو ذا في الكتاب، فقال له: اقرأ عليّ، ففتح الكتاب وأخذ يقرأ، فإذا بلفظ النص (باب سدل الثوب) وسُقِطَ في يد الطالب الذي ذهب حلمه أدراج الرياح." (المحدث الحافظ (ص33-34).
قلت: ما أكثر هؤلاء المدعين الذين يزعمون أن السدل أيضا وارد في السنة، ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. فنقول لهم: "هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"، هاتوا لنا دليلا واحد فحسب يدل على صدق دعواكم.
- قال عبدالله الجراري: "والشيخ الدكالي رحمة الله عليه عمد إلى شجرة كانت بباب لبيبة جوار ضريح سيدي المنكود المجاور للسور الأندلسيّ، وقطعها إذ كان النساء يعقدن بها تمائم وحروزاً وشعوراً وخرقاً كتبرك رجاء دفع ما كان يجول في خواطرهن من هواجس وأوهام سببها الجهل، ولا غرابة، ما دام الشيخ من رواد السلفيّة الصادقة ومحاربة كل ما يمت بصلة إلى الخرف والشعوذة تنقية للأفكار وتطهيرها من آثار الخرافات والوثنية. (المحدث الحافظ (ص30-31).
- وقال عبدالكبير الزمراني: "ولن ننسى قضية (لاَلَّة خضراء) وهي صخرة ذات شكل هندسيّ افتَتـن به النساء بمراكش، وكنّ يقربن لها القرابين، ويقدمن لها النذور ويقمن لها موسماً سنوياً إلى أن سمع بخبرها الشيخ رحمه الله فلم يتردد في تغيير هذه البدعة، والقيام بنفسه على إزالتها، ومن الغريب أنه كلما دعا عاملاً لكسرها امتنع من ذلك لما علق بذهنه من الأوهام حولها؛ إذ ذاك رأى نفسه مضطرا لكسرها بيده، وفعلاً أخذ الفأس وكسرها، ثم وزّع أشلاءها خارج البلد." (شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي في رحاب مدينة مراكش الفيحاء (ص58-59).
قلت: قارن مواقف أبي شعيب الدكالي رحمه الله، بمواقف من يسعى اليوم حثيثا لإحياء القبورية من جديد، وإحياء المواسم البدعية. فنقول لهؤلاء: هاتوا من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسنته ما يؤيد ما أنتم عليه. ودونكم خرط القتاد
د. جمال بامي./ ....... وشخصية شيخ الإسلام أبي شعيب الدكالي تستحق أقصى درجات التقدير ووجب على المغاربة استدعاء نموذجه و استلهامه وتمثله، وذلك للتميز الذي طبع حياته من بدايتها إلى نهايتها..
مقالات لمفتي الحرمين ومجدد التوحيد بالمغرب الأقصى ابي شعيب الدكالي
المفضلات