صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 17 من 17
 
  1. #11
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية ABO FARES
    ABO FARES غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4248
    تاريخ التسجيل : 15 - 6 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 42
    المشاركات : 1,333
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر - الاسكندرية
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    الحديث السابع: النصيحة عماد الدين

    عن أبي رُقَيَّةَ تَميمِ بنِ أوْسٍ الدَّاريِّ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ). قُلْنَا: لِمَنْ؟ قالَ: {للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ} رواه ومسلمٌ.

    شرح الحديث السابع من أحاديث الأربعين النووية

    للشيخ محمد صالح العثيمين غفر الله له

    عَنْ أَبِيْ رُقَيَّةَ تَمِيْم بْنِ أَوْسٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ يَارَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: للهِ،ولكتابه، ولِرَسُوْلِهِ، وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَعَامَّتِهِمْ)[73] رواه مسلم

    الشرح

    قوله: عَنْ أَبِيْ رُقَيَّةَ هذه كنية بأنثى، والغالب أن الكنية تكون بذكر، لكن قد تكون بأنثى لا سيما إذا اشتهر، وقد تكون بغير الإنسان كأبي هريرة مثلاً، فأبو هريرة رضي الله عنه اشتهر بهذه الكنية من أجل أنه كان معه هرة ألفها وألفته فكنّي أبا هريرة. الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ الدين: مبتدأ والنصيحة خبر، وكلٌّ من المبتدأ والخبر معرفة. وعلماء البلاغة يقولون: إذا كان المبتدأ معرفة والخبر معرفة كان ذلك من طرق الحصر.

    فقوله: الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ مثل قوله: ما الدين إلا النصيحة، فإذا كان طرفا الجملة معرفتين كان ذلك من باب الحصر.

    وقوله: الدِّيْنُ يعني بذلك دين العمل، لأن الدين ينقسم إلى قسمين:دين عمل ودين جزاء. فقوله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(الفاتحة:4)

    المراد به: دين الجزاء، وقوله تعالى: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً )(المائدة: الآية3) المراد به: دين العمل.

    وقوله هنا: الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ المراد به دين العمل، والنصيحة بمعنى إخلاص الشيء.

    وأبهم النبي صلى الله عليه وسلم لمن تكون النصيحة من أجل أن يستفهم الصحابة رضي الله عنهم عن ذلك، لأن وقوع الشيء مجملاً ثم مفصلاً من أسباب رسوخ العلم،لأنه إذا أتى مجملاً تطلعت النفس إلى بيان هذا المجمل، فيأتي البيان والنفس متطلعة إلى ذلك متشوفة له،فيرسخ في الذهن أكثر مما لوجاء البيان من أول مرة.

    و في بعض ألفاظه: الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ ثَلاثَاً يعني قالها ثلاثاً الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة

    قُلْنَا:لِمَنْ يَارَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: للهِ،ولكتابه،ولِرَسُوْلِهِ، وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَعَامَّتِهِمْ

    * النصيحة لله تتضمن أمرين:

    الأول:إخلاص العبادة له.

    الثاني: الشهادة له بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته.

    * والنصيحة لكتابه تتضمن أموراً منها:

    الأول: الذبّ عنه، بأن يذب الإنسان عنه تحريف المبطلين، ويبيّن بطلان تحريف من حرّف.

    الثاني: تصديق خبره تصديقاً جازماً لا مرية فيه، فلو كذب خبراً من أخبار الكتاب لم يكن ناصحاً، ومن شك فيه وتردد لم يكن ناصحاً.

    الثالث: امتثال أوامره فما ورد في كتاب الله من أمر فامتثله، فإن لم تمتثل لم تكن ناصحاً له.

    الرابع: اجتناب ما نهى عنه، فإن لم تفعل لم تكن ناصحاً.

    الخامس: أن تؤمن بأن ما تضمنه من الأحكام هو خير الأحكام، وأنه لا حكم أحسن من أحكام القرآن الكريم.

    السادس: أن تؤمن بأن هذا القرآن كلام الله عزّ وجل حروفه ومعناه، تكلم به حقيقة، وتلقاه جبريل من الله عزّ وجل ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين.

    * والنصيحة لرسوله تكون بأمور منها:

    الأول: تجريد المتابعة له، وأن لا تتبع غيره،لقول الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)

    الثاني: الإيمان بأنه رسول الله حقاً، لم يَكذِب، ولم يُكذَب، فهو رسول صادق مصدوق.

    الثالث: أن تؤمن بكل ما أخبر به من الأخبار الماضية والحاضرة والمستقبلة.

    الرابع: أن تمتثل أمره.

    الخامس: أن تجتنب نهيه.

    السادس: أن تذبّ عن شريعته.

    السابع: أن تعتقد أن ما جاء عن رسول الله فهو كما جاء عن الله تعالى في لزوم العمل به، لأن ما ثبت في السنة فهو كالذي جاء في القرآن . قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ )(النساء: الآية59) و (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)(النساء: الآية80) و: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (الحشر: الآية7).

    الثامن: نصرة النبي صلى الله عليه وسلم إن كان حياً فمعه وإلىجانبه، وإن كان ميتاً فنصرة سنته صلى الله عليه وسلم.

    وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْن أئمة جمع إمام، والإمام: القدوة كما : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ)(النحل: الآية120) أي قدوة، ومنه قول عباد الرحمن: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)(الفرقان: الآية74)

    وأئمة المسلمين صنفان من الناس:

    الأول: العلماء، والمراد بهم العلماء الربانيون الذين ورثوا النبي صلى الله عليه وسلم علماً وعبادة وأخلاقاً ودعوة، وهؤلاء هم أولو الأمر حقيقة، لأن هؤلاء يباشرون العامة، ويباشرون الأمراء، ويبينون دين الله ويدعون إليه

    الصنف الثاني: من أئمة المسلمين: الأمراء المنفذون لشريعة الله، ولهذا نقول: العلماء مبينون، والأمراء منفذون يجب عليهم أن ينفذوا شريعة الله عزّ وجل في أنفسهم وفي عباد الله.

    * والنصيحة للعلماء تكون بأمورٍ منها:

    الأول: محبتهم، لأنك إذا لم تحب أحداً فإنك لن تتأسّى به.

    الثاني: معونتهم ومساعدتهم في بيان الحق، فتنشر كتبهم بالوسائل الإعلامية المتنوعة التي تختلف في كل زمان ومكان.

    الثالث: الذبّ عن أعراضهم، بمعنى أن لا تقرّ أحداً على غيبتهم والوقوع في أعراضهم،وإذا نسب إلى أحدٍ من العلماء الربانيين شيء يُستنكر فعليك أن تتخذ هذه المراحل:

    المرحلة الأولى: أن تتثبت من نسبتهِ إليه، فكم من أشياء نسبت إلى عالم وهي كذب، فلابد أن تتأكد، فإذا تأكدت من نسبة الكلام إليه فانتقل إلى المرحلة الثانية وهي:

    أن تتأمل هل هذا محل انتقاد أم لا؟ لأنه قد يبدو للإنسان في أول وهلة أن القول منتقد، وعند التأمل يرى أنه حق، فلابد أن تتأمل حتى تنظر هل هو منتقد أو لا؟

    المرحلة الثالثة: إذا تبيّن أنه ليس بمنتقد فالواجب أن تذبّ عنه وتنشر هذا بين الناس، وتبين أن ما قاله هذا العالم فهو حق وإن خالف ما عليه الناس.

    المرحلة الرابعة: إذا تبين لك حسب رأيك أن ما نسب إلى العالم وصحت نسبته إليه ليس بحق،فالواجب أن تتصل بهذا العالم بأدب ووقار،وتقول: سمعت عنك كذا وكذا،وأحب أن تبين لي وجه ذلك، لأنك أعلم مني،فإذا بيّن لك هذا فلك حق المناقشة،لكن بأدب واحترام وتعظيم له بحسب مكانته وبحسب ما يليق به.

    أما مايفعله بعض الجهلة الذين يأتون إلى العالم الذي رأى بخلاف مايرون، يأتون إليه بعنف وشدة،وربما نفضوا أيديهم في وجه العالم،وقالوا له:ما هذا القول الذي أحدثته؟ ما هذا القول المنكر؟ وأنت لا تخاف الله ، وبعد التأمل تجد العالم موافقاً للحديث وهم المخالفون له، وغالب ما يؤتى هؤلاء من إعجابهم بأنفسهم، وظنهم أنهم هم أهل السنة وأنهم هم الذين على طريق السلف، وهم أبعد ما يكون عن طريق السلف وعن السنة.

    فالإنسان إذا أعجب بنفسه - نسأل الله السلامة - رأى غيره كالذر، فاحذر هذا.

    الأمر الرابع من النصيحة للعلماء: أنك إذا رأيت منهم خطأ فلا تسكت وتقول: هذا أعلم مني، بل تناقش بأدب واحترام، لأنه أحياناً يخفى على الإنسان الحكم فينبهه من هو دونه في العلم فيتنبه وهذا من النصيحة للعلماء.

    الخامس : أن تدلهم على خير ما يكون في دعوة الناس، فإذا رأيت هذا العالم محباً لنشر العلم ويتكلم في كل مكان وترى الناس يتثاقلونه ويقولون هذا أثقل علينا، كلما جلسنا قام يحدّث،فمن النصيحة لهذا العالم أن تشير عليه أن لا يتكلم إلا فيما يناسب المقام، لاتقل:إني إذا قلت ذلك منعته من نشر العلم، بل هذا في الواقع من حفظ العلم، لأن الناس إذا ملّوا سئموا من العالم ومن حديثه.

    ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة، يعني لا يكثر الوعظ عليهم مع أن كلامه صلى الله عليه وسلم محبوب إلى النفوس لكن خشية السآمة، والإنسان يجب أن يكون مع الناس كالراعي يختار ما هو أنفع وأجدى.

    * والنصيحة للأمراء تكون بأمور منها:

    أولاً: اعتقاد إمامتهم وإمرتهم، فمن لم يعتقد أنهم أمراء فإنه لم ينصح لهم، لأنه إذا لم يعتقد أنهم أمراء فلن يمتثل أمرهم ولن ينتهي عما نهوا عنه، فلا بد أن تعتقد أنه إمام أو أنه أمير، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، ومن تولى أمر المسلمين ولو بالغلبة فهو إمام،سواء كان من قريش أومن غير قريش.

    ثانياً: نشر محاسنهم في الرعية، لأن ذلك يؤدي إلى محبة الناس لهم، وإذا أحبهم الناس سهل انقيادهم لأوامرهم .

    وهذا عكس ما يفعله بعض الناس حيث ينشر المعايب ويخفي الحسنات، فإن هذا جورٌ وظلم.

    فمثلاً يذكر خصلة واحدة مما يُعيب به على الأمراء وينسى خصالاً كثيرة مما قاموا به من الخير، وهذا هو الجور بعينه.

    ثالثاً: امتثال ما أمروا به وما نهوا عنه، إلا إذا كان في معصية الله عزّ وجل لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وامتثال طاعتهم عبادة وليست مجرد سياسة، بدليل أن الله تعالى أمر بها فقال عزّ وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأولي الأمر منكم) [النساء:59] فجعل ذلك من مأموراته عزّ وجل، وما أمر الله تعالى به فهو عبادة.

    ولا يشترط في طاعتهم ألاّ يعصوا الله،فأطعهم فيما أمروا به وإن عصوا الله، لأنك مأمور بطاعتهم وإن عصوا الله في أنفسهم.

    رابعاً: ستر معايبهم مهما أمكن، وجه هذا: أنه ليس من النصيحة أن تقوم بنشر معايبهم، لما في ذلك من ملئ القلوب غيظاً وحقداً وحنقاً على ولاة الأمور، وإذا امتلأت القلوب من ذلك حصل التمرّد وربما يحصل الخروج على الأمراء فيحصل بذلك من الشر والفساد ما الله به عليم.

    وليس معنى قولنا: ستر المعايب أن نسكت عن المعايب، بل ننصح الأمير مباشرة إن تمكنا،وإلا فبواسطة من يتصل به من العلماء وأهل الفضل. ولهذا أنكر أسامة بن زيد رضي الله عنه على قوم يقولون: أنت لم تفعل ولم تقل لفلان ولفلان يعنون الخليفة، فقال كلاماً معناه: (أتريدون أن أحدثكم بكل ما أحدث به الخليفة) فهذا لا يمكن.

    فلا يمكن للإنسان أن يحدث بكل ما قال للأمير، لأنه إذا حدث بهذا فإما أن يكون الأمير نفذ ما قال، فيقول الناس: الأمير خضع وذل، وإما أن لا ينفذ فيقول الناس: عصى وتمرّد.

    ولذلك من الحكمة إذا نصحت ولاة الأمور أن لا تبين ذلك للناس،لأن في ذلك ضرراً عظيماً.

    خامساً: عدم الخروج عليهم، وعدم المنابذة لهم، ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم في منابذتهم إلا كما قال:

    أَنْ تَرَوا أي رؤية عين، أو رؤية علم متيقنة.

    كُفْرَاً بَوَاحَاً أي واضحاً بيّناً.

    عِنْدَكُمْ فِيْهِ مِنَ اللهِ بُرْهَانٌ [74]أي دليل قاطع.

    ثم إذا جاز الخروج عليهم بهذه الشروط فهل يعني ذلك أن يخرج عليهم ؟ لأن هناك فرقاً بين جواز الخروج، وبين وجوب الخروج.

    والجواب: لا نخرج حتى ولو رأينا كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان،إلا حيث يكون الخروج مصلحة،وليس من المصلحة أن تقوم فئة قليلة سلاحها قليل في وجه دولة بقوتها وسلاحها، لأن هذا يترتب عليه إراقة الدماء واستحلال الحرام دون ارتفاع المحذور الذي انتقدوا به الأمراء،كما هو مشاهد من عهد خروج الخوارج في زمن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم إلى يومنا هذا،حيث يحصل من الشر والمفاسد ما لا يعلمه إلاربُّ العباد.

    لكن بعض الناس تتوقد نار الغيرة في قلوبهم ثم يحدثون ما لا يحمد عقباه، وهذا غلط عظيم.

    ثم إنا نقول: ما ميزان الكفر؟ فقد يرى البعض هذا كفراً و البعض لايراه كفراً، ولهذا قيد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله كُفْرَاً بَوَاحَاً ليس فيه احتمال،كما لو رأيته يسجد للصنم، أو سمعته يسب الله، أو رسوله أو ما أشبه ذلك.

    قال: وَعَامَّتُهُمْ أي عوام المسلمين، والنصح لعامة المسلمين بأن تبدي لهم المحبة، وبشاشة الوجه، وإلقاء السلام، والنصيحة، والمساعدة ، وغير ذلك مما هو جالب للمصالح دافعٌ للمفاسد.

    واعلم أن خطابك للواحد من العامة ليس كخطابك للواحد من الأمراء، وأن خطابك للمعاند ليس كخطابك للجاهل، فلكل مقام مقال، فانصح لعامة المسلمين ما استطعت.

    وبهذا نعرف أن هذا الحديث على اختصاره جامع لمصالح الدنيا والآخرة.

    من فوائد هذا الحديث:

    .1أهمية النصيحة في هذه المواضع، وجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها الدين فقال: الدِّيْنُ النَّصِيْحةُ

    .2حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يذكر الشيء مجملاً ثم يفصّله، لقوله: الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ.

    .3حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم، وأنهم لن يدعوا شيئاً يحتاج الناس إلى فهمه إلا سألوا عنه، ومن ذلك لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدّجّال يمكث في الأرض أربعين يوماً، اليوم الأول كسنة قالوا يارسول الله: هذا اليوم الذي يبدو كسنة تكفينا فيه صلاة واحدة؟[75] فسألوا، ويتفرع على هذا : أن ما لم يسأل عنه الصحابة رضي الله عنهم من أمور الدين فلا نسأل عنه لاسيما فيما يتعلّق بأسماء الله وصفاته، ولهذا عد الإمام مالك - رحمه الله - من سأل عن كيفية الاستواء، مبتدعاً، لأنه ابتدع سؤالاً لم يسأل عنه الصحابة رضي الله عنهم .

    .4 البداءة بالأهم فالأهم، حيث بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالنصيحة لله، ثم للكتاب، ثم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم لأئمة المسلمين، ثم عامتهم.

    وإنما قدم الكتاب على الرسول لأن الكتاب يبقى، والرسول يموت، على أن النصيحة للكتاب وللرسول متلازمان، فإذا نصح للكتاب نصح للرسول ، وإذا نصح للرسول نصح للكتاب.

    .5 وجوب النصيحة لأئمة المسلمين، وذلك بما ذكرناه من الوجوه بالنسبة للأمراء، وبالنسبة للعلماء.

    .6الإشارة إلى أن المجتمع الإسلامي لابد له من إمام، والإمامة قد تكون عامة، وقد تكون خاصة.

    فإمام المسجد إمام في مسجده، ولهذا قال أهل العلم: لا يجوز أن تقام الجماعة التي لها إمام راتب بدون إذن الإمام الراتب، لأن ذلك عدوان على حقه.

    ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسافرين إذا كانوا ثلاثة أن يؤمّروا أحدهم[76] لئلا يكون أمرهم فوضى.

    وهذا الأمير الذي يؤمّرونه تجب طاعته فيما يتعلق بأحكام السفر، لأنهم جعلوه أميراً، فإذا تأمر على قومه في السفر وقال: يا فلان قم أصلح كذا، وهو يتعلق بالسفر وجب عليه أن يطيع، وإلا فلا فائدة في الإمرة.

    أما لو قال الأمير لأحد رفقائه: يا فلان قدم لي نعالي، فلا يلزمه أن يطيع، لأنهم جعلوه أميراً فيما يتعلق بأمور السفر، وهذا لا يتعلق بأمور السفر.

    ولو قال لأحدهم: يا فلان جهّز لنا الغداء، فإنه يلزمه لأن هذا يتعلق بالسفر.

    ولو قال لهم: الآن ننزل في هذا المكان حتى يبرد الوقت فإنه يلزمهم، وهكذا ، وعليه فلابد للأمة الإسلامية من إمام . والله الموفق .

    إعراب الحديث :

    { عن أبي رقيه تميم بن أوس الداري } : { عن } : حرف جر ، { أبي }: اسم مجرور بعن وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف . { رقية } : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث . {تميم } : بدل من أبي مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف . { ابن } : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف . { أوس } : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة . { الداري } : صفة لتميم مجرورة وعلامة جرها الكسرة . { رضي الله عنه } : { رضي } : فعل ماضٍ مبني على الفتح . { الله } : لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره . { عنه } : عن حرف جر والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر والجار والمجرور متعلقان برضي . { أن النبي صلى الله عليه وسلم } : أن : حرف توكيد ونصب . {النبي } : اسمها منصوب وعلامة نصبه الفتحة . { صلى } : فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر منع من ظهورها التعذر . { الله }: لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره . { عليه }: على حرف جر الهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر والجار والمجرور متعلقان بصلى . { وسلم } : الواو حرف عطف . {سلم}: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل مستتر جوازاً تقديره هو . { قال } : فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة والفاعل مستتر جوازاً تقديره هو.
    { الدين النصيحة } : { الدين } : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره . { النصيحة } : خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره . { قلنا لمن } : قال فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بناء الفاعلــين . { نا }: ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل . {لمن} : اللام حرف جر . { من } : اسم استفهام مبني على السكون في محل جر وجملة لمن في محل نصب مقول القول . {قال : لله } : قال فعل ماضٍ مبني على الفتح . { لله } : جار ومجرور متعلقان بقال . {ولكتابه } : الواو حرف عطف . اللام حرف جر . { كتابه } : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير مبني على الكسر في محل جر . {ولرسوله} : تعرب إعراب ولكتابه . {ولأئمة المسلمين } : الواو حرف عطف . { اللام } حرف جر . { أئمة } : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف . {المسلمين} : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء .
    { وعامتهم } : { الواو } حرف عطف . { عامتهم } : { عامة } اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف . { هم } : ضمير مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه . والميم للجمع . وجملة { لله } وما بعدها في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره النصيحة . أي النصيحة { لله } . . . إلخ .




    [SIGPIC][/SIGPIC]


  2. #12

    عضو مجتهد

    عاشقة الرحمن غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 7073
    تاريخ التسجيل : 24 - 6 - 2012
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    العمر: 25
    المشاركات : 139
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : الامارات
    الاهتمام : القراءة و الكتابة
    الوظيفة : طالبة
    معدل تقييم المستوى : 13

    افتراضي


    شكراً جعله في ميزان حسناتك

    ننتظر شرح الحديث الثامن

    تحياتي





  3. #13
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية ABO FARES
    ABO FARES غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4248
    تاريخ التسجيل : 15 - 6 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 42
    المشاركات : 1,333
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر - الاسكندرية
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    الحديث الثامن: حرمة دم المسلم وماله

    عن ابنِ عُمَرَ رَضِي اللهُ عَنْهُما أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: {أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى} رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

    شرح الحديث الثامن من أحاديث الأربعين النووية

    للشيخ محمد صالح العثيمين غفر الله له

    أُمِرْتُ بالبناء لما لم يسمّ فاعلهُ، لأن الفاعل معلوم و هو الله عزّ وجل، وإبهام المعلوم سائغ لغة واستعمالاً سواء: في الأمور الكونية. أو في الأمور الشرعية.

    - في الأمور الكونية: قال الله عزّ وجل: (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً)(النساء: الآية28) والخالق هو الله عزّ وجل.

    - وفي الأمور الشرعية: كهذا الحديث: أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ وكقوله صلى الله عليه وسلم : أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاء[78]

    وقوله: أُمِرْتُ أي أمرني ربي.

    والأمرُ: طلب الفعل على وجه الاستعلاء، أي أن الآمر أو طالب الفعل يرى أنه في منزلة فوق منزلة المأمور، لأنه لو أمر من يساويه سمي عندهم التماساً، ولو طلب ممن فوقه سمي دعاءً وسؤالاً.

    وقوله: أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ هذا المأمور به.

    والمقاتلة غير القتل.

    - فالمقاتلة: أن يسعى في جهاد الأعداء حتى تكون كلمة الله هي العليا.

    -والقتل: أن يقتل شخصاً بعينه، ولهذا نقول: ليس كل ما جازت المقاتلة جاز القتل، فالقتل أضيق ولا يجوز إلا بشروط معروفة، والمقاتلة أوسع، قال الله تبارك وتعالى: ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه)(الحجرات: الآية9) فأمر بقتالها وهي مؤمنة لايحل قتلها ولا يباح دمها لكن من أجل الإصلاح.

    ولذلك أمرت الأمة أن توافق الإمام في قتال أهل البغي الذين يخرجون على الإمام بشبهة، قالوا: فإذا قرر الإمام أن يقاتلهم وجب على الرعيّة طاعته وموافقته دفعاً للشر والفساد، وهنا نقاتل مسلمين لأجل إقامة العدل وإزالة الفوضى. وقاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة ولكن لايقتلهم، بل قاتلهم حتى يذعنوا للحق . حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله (حتى) هل هي للتعليل بمعنى أن أقاتل ليشهدوا، أو هي للغاية بمعنى أقاتلهم إلى أن يشهدوا؟

    والجواب: هي تحتمل أن تكون للتعليل ولكن الثاني أظهر، يعني أقاتلهم إلى أن يشهدوا.

    و(حتى) تأتي للتعليل وتأتي للغاية، فقوله تعالى: ( قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى)(طـه:91)

    فهذه للغاية ولا تصح للتعليل، لأن بقاءهم عاكفين علىالعجل لا يستلزم حضور موسى عليه السلام

    وقوله عزّ وجل عن المنافقين: (لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا )(المنافقون: الآية7) فحتى هنا للتعليل، يعني لا تنفقوا لأجل أن ينفضوا عن رسول الله، وليس المعنى لا تنفقوا حتى ينفضّوا، فإذا انفضّوا أنفقوا.

    حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أي حتى يشهدوا بألسنتهم وبقلوبهم، لكن من شهد بلسانه عصم دمه وماله، وقلبه إلى الله عزّ وجل.

    أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أي لا معبود حقّ إلا الله عزّ وجل، فهو الذي عبادته حقّ، وما سواه فعبادته باطلة.

    وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ محمد: هوابن عبد الله، وأبرز اسمه ولم يقل: وأني رسول الله للتفخيم والتعظيم. ورسول الله: يعني مرسله.

    وَيُقِيْمُوا الصَّلاةَ أي يفعلوها قائمة وقويمة على ماجاءت به الشريعة. والصلاة هنا عامة، لكن المراد بها الخاص، وهي الصلوات الخمس، ولهذا لو تركوا النوافل فلا يقاتلون .

    وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ أي يعطوها مستحقّها. والزكاة: هي النصيب المفروض في الأموال الزكوية. ففي الذهب مثلاً والفضة وعروض التجارة: ربع العشر، أي واحد من أربعين. وفيما يخرج من الأرض مما فيه الزكاة: نصف العشر إذا كان يسقى بمؤونة، والعشر كاملاً إذا كان يسقى بلا مؤونة. وفي الماشية: كما هو في السُّنة.

    فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أي شهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة.

    عَصَمُوا أي منعوا.

    مِنِّي دِمَاءهَم وَأَمْوَالَهُم أي فلا يحل أن أقاتلهم وأستبيح دماءهم، ولا أن أغنم أموالهم، لأنهم دخلوا في الإسلام.

    إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ هذا استثناء لكنه استثناء عام، يعني: إلا أن تباح دماؤهم وأموالهم بحق الإسلام، مثل: زنا الثيّب، والقصاص وما أشبه ذلك، يعني: إلا بحق يوجبه الإسلام.

    وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى أي محاسبتهم على الأعمال على الله تعالى، أما النبي صلى الله عليه وسلم فليس عليه إلا البلاغ.

    فهذا الحديث أصلٌ وقاعدةٌ في جواز مقاتلة الناس،وأنه لايجوز مقاتلتهم إلا بهذا السبب.

    من فوائد هذا الحديث:

    .1أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد مأمور يوجه إليه الأمر كما يوجّه إلى غيره لقوله: أُمِرْتُ.

    .2جواز إبهام المعلوم إذا كان المخاطب يعلمه، لقوله: أُمِرْتُ فأبهم الآمر لأن المخاطب يعلم ذلك.

    .3وجوب مقاتلة الناس حتى يقوموا بهذه الأعمال.

    فإذا قال قائل: لماذا لا يكون الأمر للاستحباب؟

    والجواب: لا يكون للاستحباب،لأن هذا فيه استباحة محرّم، واستباحة المحرّم لاتكون إلا لإقامة واجب.

    ولهذا استدل بعض الفقهاء - رحمهم الله - على وجوب الختان بأن الختان قطع شيء من الإنسان محترم، والأصل التحريم فلا يجوز قطع أي عضو أوجلدة من بدنك، فلما استبيح هذا القطع دلّ على وجوب الختان، إذ لا يستباح المحرّم إلا لأداء واجب وعلى هذا فنقول: الأمر هنا للوجوب.

    فرضية الجهاد:الجهاد قد يكون فرض كفاية، وقد يكون فرض عين، ولا يمكن أن يكون فرض عين على جميع الناس لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا )(التوبة:122)

    أي القاعدون ( فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ )[التوبة:122].

    .4وجوب شهادة أن لا إله إلا الله بالقلب واللسان، فإن أبداها بلسانه ولاندري عما في قلبه أخذنا بظاهره ووكلنا سريرته إلى الله عزّ وجل ووجب الكفّ عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك، ولا يجوز أن نتهمه ونقول: هذا الرجل قالها كاذباً، أو خوفاً من قتل أو أسر،لأننا لا ننقب عن قلوب الناس.

    .5أنه لابد أن يعتقد الإنسان أن لا معبود حق إلا الله، فلا يكفي أن يعتقد أن الله معبود بحق، لأنه إذا شهدأن الله تعالى معبود بحق لم يمنع أن غيره يعبد بحق أيضاً. فلا يكون التوحيد إلا بنفي وإثبات: لا إله إلا الله، نفي الألوهية عما سوى الله وإثباتها لله عزّ وجل.

    .6أن المقاتلة لا ترتفع إلا بشهادة أن محمداً رسول الله، وأما الدخول في الإسلام فيكون بشهادة أن لا إله إلا الله، لكن لو شهدت طائفة أن لا إله إلا الله وأبت أن تشهد أن محمداً رسول الله فإنها تقاتل.

    وشهادة أن محمداً رسول الله تستلزم: تجريد المتابعة له، وأن لايتبع من سواه، وتصديقه فيما أخبر واجتناب ماعنه نهى وزجر، وأن لايعبد الله إلا بما شرع.

    .7 وجوب إقامة الصلاة، لأنه إذا لم يقمها فإنه لا يمتنع قتاله، بل قد قال الفقهاء - رحمهم الله - يُقاتَل أهل بلد تركوا الأذان والإقامة وإن صلوا، لأن الأذان والإقامة من شعائر الدين الظاهرة، فإذا قال قوم: نحن لا نؤذن ولانقيم ولكن نصلي، وجب أن يقاتلوا.

    واستدلّوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا قوماً أمسك حتى يطلع الفجر، فإن سمع أذاناً كفّ عن قتالهم، وإلا قاتلهم[79] .

    كذلك قال الفقهاء: يقاتل أهل بلد تركوا صلاة العيد وإن لم تكن فرضاً على الأعيان كفريضة ا لصلوات الخمس.

    قالوا: لأن صلاة العيد من شعائر الإسلام الظاهرة، فيقاتل أهل البلد إذا تركوا صلاتي العيدين

    .8وجوب إيتاء الزكاة، لأنها جزء مما يمنع مقاتلة الناس.

    ولابد أن يكون إيتاء الزكاة إلى مستحقّها، فلا يكفي أن يعطيها غنيّاً من أقاربه أو أصحابه لأن ذلك لايجزئ، لقوله تعالى:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(التوبة:60)

    .9إطلاق الفعل على القول، لقوله: إِذَا فَعَلُوْا ذَلِكَ مع أن في جملة هذه الأشياء الشهادتين، وهما قول، ووجه ذلك: أن القول حركة اللسان،وحركة اللسان فعل، ويصح إطلاق الفعل على القول بأن يكون القول في جملة أفعال،كما في الحديث، فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من الأفعال بلا شك.

    كما يطلق القول على الفعل، وهذا كثير كما في حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حين تيمّم قال بيديه هكذا وضرب بهما الأرض[80]،وهذا فعل.

    .10أن الكفار تباح دماؤهم وأموالهم، لقوله: عَصَمُوا مِنِّيْ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فيقتلون، أو يؤسرون حسب ما تقتضيه الحال، وتغنم أموالهم. وهذا مما اختصّ به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد صحّ عنه أنه قال: أُعْطِيْتُ خَمْسَاً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِيْ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مِسِيْرَةَ شَهْر، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدَاً وَطَهُوْرَاً، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ مِنْ قَبْلِيَ ...[81]والغنائم هي أموال الكفار إذا أخذناها بالقتال. أما الأمم السابقة فلا تحل لهم الغنائم،وقد ورد أنهم يجمعونها ثم تنزل نار من السماء فتحرقها[82]

    .11أنه قد يستباح الدم والمال بحق الإسلام وإن لم يكن من هذه المذكورات التي في الحديث، وقد نوقش أبو بكرٍ الصّديق رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة فأجاب: بأن الزكاة حق المال، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ وقال رضي الله عنه: والله لو منعوني عناقاً - أو قال: عقالاً - كانوا يؤدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على ذلك[83].

    وأسباب إباحة القتل في الإسلام ليس هذا موضع بسطها،لكنها معلومة بالتتبّع.

    .12أن حساب الخلق على الله عزّ وجل، وأنه ليس على الرسول صلى الله عليه وسلم إلا البلاغ، وكذلك ليس على من ورث الرسول إلا البلاغ، والحساب على الله عزّ وجل.

    فلا تحزن أيها الداعي إلى الله إذا لم تقبل دعوتك، فإذا أدّيت ما يجب عليك فقد برئت الذمة والحساب على الله تعالى،كما قال الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم: (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ* إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ)[الغاشية:22-23] يعني لكن من تولى وكفر (فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ*إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ )[الغاشية:24-26]

    فلا تحزن أيها الداعي إلى الله إذا رد قولك، أو إذا لم يقبل لأول مرة، لأنك أديت ما يجب عليك.

    ولكن اعلم أنك إذا قلت حقاً تريد به وجه الله فلابد أن يؤثر، حتى لو رد أمامك فلابد أن يؤثر،وفي قصة موسى عليه السلام عبرة للدعاة إلى الله،وذلك أنه جُمعَ له السحرة من كل وجه في مصر، واجتمعوا، وألقوا حبالهم وعصيّهم حتى كانت الأرض تمشي ثعابين، حتى إن موسى عليه السلام خاف (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى)(طـه:67)

    فلما اجتمعوا كلهم قال لهم: (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى)(طـه:61)

    كلمات يسيرة، قال الله عزّ وجل: (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى)(طـه:62)

    يعني أنهم تنازعوا فوراً، والفاء في قوله: (فَتَنَازَعُوا) للسببية والترتيب والتعقيب.

    فتأمل كيف أثرت هذه الكلمات من موسى عليه السلام بهؤلاء السحرة، فلابد لكلمة الحق أن تؤثر، لكن قد تؤثر فوراً وقد تتأخر. والله ا لموفق.

    إعراب الحديث :

    { عن ابن عمر } : عن حرف جر . { ابن } : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف عمر مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية ووزن فعُل . { رضي } فعل ماضٍ مبني على الفتح . { عن } حرف جر . { هما } : { الهاء } ضمير مبني على الضم في محل جر والميم للتثنية والجار والمجرور متعلقان ب(رضي) . { أن رسول الله } : أن حرف توكيد ونصب . {رسول } : اسم أن وهو مضاف . { الله } مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة . {صلى الله عليه وسلم } : سبق إعرابها في الحديث الأول . { قال } : فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو . { أمرت } : أمر فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بالضمير والتاء ضمير في محل رفعٍ نائب فاعل . { أن أقاتل } : { أن } حرف نصب ينصب الفعل المضارع . { أقاتل } : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنا ، والمصدر المؤول وهو قتال منصوب بنزع الخافض أي : أُمرت بقتال . { الناس } : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة . { حتى } : حرف ينصب الفعل المضارع . { يشهدوا } : فعل مضارع منصوب بحتى وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل . { أن } : حرف مصدري . { لا } : نافية للجنس . { إله } اسم لا مبني وخبرها محذوف تقديره موجود . { إلا } أداة حصر . { الله } في محل رفع بدلاً من محل لا واسمها . { وأنًّ محمداً } : {الواو} حرف عطف . { أنّ } حرف توكيد ونصب . { محمداً } اسمها منصوب وعلامة نصبه الفتحة . {رسول الله} : { رسول } خبر أن مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف . { الله }مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة . {ويقيموا}: { الواو } حرف عطف . { يقيموا } : فعل مضارع معطوف على يشهدوا ويعرب إعرابها . {الصلاة}: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. {ويؤتوا الزكاة}: تعرب إعراب ويقيموا الصلاة . {فإذا فعلوا} : الفاء حرف عطف إذا أداة شرط غير جازمة وما بعدها في محل جر بالإضافة . { فعلوا } : فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بضمير الرفع (الواو) والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل . { ذلك } : ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به واللام للبعد والكاف للخطاب . {عصموا } : تعرب إعراب فعلوا . {مني } : { من } حرف جر الياء ضمير متكلم مبني على السكون في محل جر والجار والمجرور متعلقان بـ(عصموا){دماءهم} : { دماء } مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف . {هم} : ضمير مبني على السكون في محل نصب مفعول به . {وأموالهم} : {الواو} : حرف عطف. {أموالهم} : تعرب إعراب دماءهم . {إلا} : أداة حصر. {بحق} الباء حرف جر حق اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والجار والمجرور متعلقان بمحذوف وتقدير الكلام . إلا أن يكون زوال العصمة بحق الإسلام . وحق مضاف . { الإسلام } مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة . { وحسابهم } : {الواو } : استئنافية {حسابهم} مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة وهو مضاف هم ضمير مبني على السكون في محل جر مضاف إليه . {على الله } : { على } حرف جر الله اسم مجرور وعلامة جره الكسرة . { تعالى } : فعل ماضٍ مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر .

    * * *




    [SIGPIC][/SIGPIC]


  4. #14
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية ABO FARES
    ABO FARES غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4248
    تاريخ التسجيل : 15 - 6 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 42
    المشاركات : 1,333
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر - الاسكندرية
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    الحديث التاسع: النهي عن كثرة السؤال والتشدد

    عَن أبي هُريرةَ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ صَخْرٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ:(سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: {مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ واخْتِلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ}) رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

    الشرح

    أكثر النّاس لايعرفون اسم أبي هريرة رضي الله عنه،ولهذا وقع الخلاف في اسم راوي الحديث،وأصحّ الأقوال وأقربها للصواب ما ذكره المؤلف رحمه الله أن اسمه:

    عبد الرحمن بن صخر. وكنّي بأبي هريرة لأنه كان معه هرّة قد ألفها وألفته، فلمصاحبتها إيّاه كُنّي بها.

    قوله: مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ النهي: طلب الكفّ على وجه الاستعلاء، يعني أن يطلب منك من هو فوقك - ولو باعتقاده - أن تكفّ، فهذا نهي.

    ولهذا قال أهل أصول الفقه: النهي طلب الكفّ على وجه الاستعلاء ولو حسب دعوى الناهي، يعني وإن لم يكن عالياً على المنهي.

    ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلى منّا حقيقة.

    مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوْهُ الجملة شرطية، فـ: (ما) اسم شرط، و: (نهيتكم) فعل الشرط، و: (فاجتنبوه) جواب الشرط، وقرنت بالفاء لأنها إحدى الجمل المنظومة في قول القائل:

    إسمية، طلبية، وبجامدٍ وبما وقد وبلن وبالتنفيس

    والجملة التي معنا طلبية لأنها فعل أمر.

    فَاجْتَنِبُوهُ أي ابتعدوا عنه، فكونوا في جانب وهو في جانب.

    وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ هذه الجملة أيضاً شرطية، فعل الشرط فيها: (أمرتكم به) وجوابه: (فأتوا منه ما استطعتم) يعني افعلوا منه ما استطعتم، أي ما قدرتم عليه.

    والفرق بين المنهيات والمأمورات: أن المنهيّات قال فيها: فَاجْتَنِبُوهُ ولم يقل ما استطعتم، ووجهه: أن النهي كف وكل إنسان يستطيعه، وأما المأمورات فإنها إيجاد قد يستطاع وقد لا يستطاع، ولهذا قال في الأمر: فأتُوا مِنْهُ مَا استَطَعتُمْ ويترتب على هذا فوائد نذكرها إن شاء الله تعالى في الفوائد، لكن التعبير النبوي تعبير دقيق.

    فَإِنَّمَا (إن) للتوكيد، و(ما) اسم موصول بدليل قوله: (كثرة) على أنها خبر (إن) أي فإن الذي أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم. ويجوز أن تجعل (إنما) أداة حصر، ويكون المعنى: ما أهلك الذين من قبلكم إلا كثرة مسائلهم.

    وقوله: الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ يشمل اليهود والنصارى وغيرهم، والمتبادر أنهم اليهود والنصارى،كما قال الله عزّ وجل:(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ )(المائدة: الآية5) وذلك أن الأمم السابقة قبل اليهود والنصارى لا تكاد ترد على قلوب الصحابة، فإن نظرنا إلى العموم قلنا المراد بقوله: مِنْ قَبْلِكُمْ جميع الأمم، وإن نظرنا إلى قرينة الحال قلنا المراد بهم: اليهود والنصاري.

    واليهود أشدّ في كثرة المساءلة التي يهلكون بها، ولذلك لما قال لهم نبيهم موسى عليه السلام: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) (البقرة: الآية67) جعلوا يسألون:ما هي؟ وما لونها؟ وما عملها ؟ .

    وقوله: كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ جمع مسألة وهي: ما يُسأل عنه.

    وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ يعني وأهلكهم اختلافهم، ويجوز فيها أن تكون مجرورة، أي وكثرة اختلافهم على أنبيائهم، وكلا الأمرين صحيح.

    ولكن الإعراب الأول يقتضي أن مجرد الاختلاف سبب للهلاك، وأما على الاحتمال الثاني فإنه يقتضي أن سبب الهلاك هو كثرة الاختلاف.

    وقوله: عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ وذلك بالمعارضة والمخالفة، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الإمام: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ[85] ولم يقل: فلا تختلفوا عنه، وهكذا في هذا الحديث قال: اختلافهم على أنبيائهم ولم يقل:عن أنبيائهم، لأن كلمة (على) تفيد أن هناك معارضة للأنبياء.

    من فوائد هذا الحديث:

    .1وجوب الكفّ عما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوله: مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ.

    .2أن المنهي عنه يشمل القليل والكثير، لأنه لا يتأتّى اجتنابه إلا باجتناب قليله وكثيره، فمثلاً: نهانا عن الرّبا فيشمل قليله وكثيره.

    .3أن الكفّ أهون من الفعل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في المنهيات أن تُجتنب كلّها،لأن الكفّ سهل.

    فإن قال قائل:يرد على هذا إباحة الميتة والخنزير للمضطر، وإذا كان مضطراً لم يجب الاجتناب؟

    فالجواب عن هذا أن نقول: إذا وجدت الضرورة ارتفع التّحريم، فلا تحريم أصلاً، ولهذا كان من قواعد أصول الفقه: (لا محرم مع الضرورة، ولا واجب مع العجز) إذاً هذا الإيراد غير وارد.

    فلو قال لنا قائل: (فاجتنبوه) عام فيشمل اجتناب أكل الميتة عند الضرورة.

    فنقول: لايشمل، لأنه إذا وجدت الضرورة ارتفع التحريم.

    هل يجوز فعل المحرّم عند الضرورة أم لا؟

    والجواب: أنه يجوز لقول الله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) (الأنعام: الآية119) فمن اضطر إلى أكل الميتة جاز له أن يأكل منها، ومن اضطر إلى أن يأكل لحم الخنزير جاز له أن يأكل لحم الخنزير وهكذا . ومن اضطر إلى شرب الخمر جاز له شرب الخمر، ولكن الضرورة إلى شرب الخمر تصدق في صورة واحدة وهي: إذا غصّ بلقمة وليس عنده إلا خمر فإنه يشربه لدفع اللقمة، وأما شرب الخمر للعطش فلا يجوز، قال أهل العلم: لأن الخمر لايزيد العطشان إلا عطشاً فلا تندفع به الضرورة.

    وإذا اضطر شخص إلى محرّم فهل له أن يزيد على قدر الضرورة؟ بمعنى: إذا حل له أكل الميتة فهل له أن يشبع، أو نقول له: اقتصر على ماتبقى به الحياة فقط؟

    والجواب: ذكر بعض العلماء: أنه يجب أن يقتصر على ما تبقى به الحياة فقط، ولا يشبع. والصحيح التفصيل في هذا: فإن كان يعلم أو يغلب على ظنه أنه سيحصل على شيء مباح قريباً فليس له أن يشبع إلا إذا كان معه شيء يحفظ به اللحم إن احتاجه أكله فهنا لا حاجةللشبع، بل يكون بقدر ما تندفع به الضرورة.

    * وما هي الضرورة إلى المحرّم؟

    الضرورة إلى المحرم هي: أن لا يجد سوى هذا المحرّم، وأن تندفع به الضرورة،وعلى هذا فإذا كان يجد غير المحرّم فلا ضرورة، وإذا كان لاتندفع به الضرورة فلا يحلّ.

    - فأكل الميتة عند الجوع إذا لم يجد غيرها تندفع به الضرورة.

    - والدواء بالمحرّم لا يمكن أن يكون ضرورة لسببين:

    أولاً: لأنه قد يبرأ المريض بدون دواء، وحينئذ لاضرورة.

    ثانياً: قد يتداوى به المريض ولايبرأ، وحينئذٍ لا تندفع الضرورة به، ولهذا قول العوام: إنه يجوز التداوي بالمحرّم للضرورة قول لا صحّة له، وقد نص العلماء - رحمهم الله - على أنه يحرم التداوي بالمحرّم.

    .4-أنه لا يجب من فعل المأمور إلا ما كان مستطاعاً، لقوله: وَمَا أَمرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ

    فإن قال قائل: هل هذه الجملة تفيد التسهيل، أو التشديد، ونظيرها قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )(التغابن: الآية16)

    فالجواب: لها وجهان: فقد يكون المعنى: لابد أن تقوموا بالواجب بقدر الاستطاعة وأن لا تتهاونوا مادمتم مستطيعين.

    ويحتمل أن المعنى: لاوجوب إلا مع الاستطاعة، وهذا يؤيده قوله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)(البقرة: الآية286)

    ولهذا لو أمرت إنساناً بأمر وقال: لا أستطيع، وهو يستطيع لم يسقط عنه الأمر.

    .5أن الإنسان له استطاعة وقدرة ، لقوله: مَا استَطَعْتُمْ فيكون فيه رد على الجبرية الذين يقولون إن الإنسان لا استطاعة له، لأنه مجبر على عمله، حتى الإنسان إذا حرّك يده عند الكلام، فيقولون تحريك اليد ليس باستطاعته ، بل مجبر، ولا ريب أن هذا قول باطل يترتب عليه مفاسد عظيمة.

    .6أن الإنسان إذا لم يقدر على فعل الواجب كله فليفعل ما استطاع. ولهذا مثال: يجب علىالإنسان أن يصلي الفريضة قائماً، فإذا لم يستطع صلى جالساً.

    وهنا سؤال: لو كان يستطيع أن يصلي قائماً لكنه لا يستطيع أن يكمل القيام إلى الركوع، بمعنى: أن يبقى قائماً دقيقة أو دقيقتين ثم يتعب ويجلس، فهل نقول: اجلس وإذا قارب الركوع فقم، أونقول: ابدأ الصلاة قائماً وإذا تعبت اجلس؟

    الجواب:هذا فيه تردد عندي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين أخذه اللحم كان يصلي في الليل جالساً فإذا بقي عليه آيات قام وقرأ ثم ركع[86]. وهذا يدلّ على أنك تقدم القعود أولاً ثم إذا قاربت الركوع فقم.

    لكن يردّ على هذا أن النفل يجوز أن يصلي الإنسان فيه قاعداً، فقعد، فإذا قارب الركوع قام.

    والفريضة الأصل أن يصلّي قائماً، فنقول: ابدأها قائماً ثم إذا تعبت فاجلس، وربما تعتقد أنك لا تستطيع القيام كله، ثم تقدر عليه، فنقول:ابدأ الآن بما تقدر عليه وهو القيام، ثم إن عجزت فاجلس، وهذا أقرب.

    لكني أرى عمل الناس الآن في المساجد بالنسبة للشيوخ والمرضى، يصلي جالساً فإذا قارب الركوع قام، ولا أنكر عليهم لأني ليس عندي جزم أو نص بأنه يبدأ أولاً بالقيام ثم إذا تعب جلس، لكن مقتضى القواعد أنه يبدأ قائماً فإذا تعب جلس.

    .7لاينبغي للإنسان إذا سمع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول: هل هو واجب أم مستحبّ؟ لقوله: فَأْتُوا مِنْهُ مَا استَطَعْتُمْ ولا تستفصل، فأنت عبد منقاد لأمر الله عزّ وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.

    لكن إذا وقع العبد وخالف فله أن يستفصل في أمره،لأنه إذا كان واجباً فإنه يجب عليه التوبة، وإذا كان غير واجب فالتوبة ليست واجبة.

    .8أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أو نهى عنه فإنه شريعة، سواء كان ذلك في القرآن أم لم يكن، فُيعمل بالسنة الزائدة على القرآن أمراً أو نهياً.

    هذا من حيث التفصيل،لأن في السنة ما لا يوجد في القرآن على وجه التفصيل، لكن في القرآن ما يدل على وجوب اتباع السنة،وإن لم يكن لها ذكر في القرآن مثل قول الله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ) (النساء: الآية80) ومثل قول الله تعالى: ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ ) (الأعراف: الآية158)

    فالقرآن دلّ على أن السنة شريعة يجب العمل بها،سواء ذكرت في القرآن أم لا.

    .9أن كثرة المسائل سبب للهلاك ولاسيّما في الأمور التي لايمكن الوصول إليها مثل مسائل الغيب كأسماء الله وصفاته، وأحوال يوم القيامة،لاتكثر السؤال فيها فتهلك،وتكون متنطّعاً متعمّقاً.

    وأما مايحتاج الناس إليه من المسائل الفقهية فلا حرج من السؤال عنها مع الحاجة لذلك، وأما إذا لم يكن هناك حاجة. فإن كان طالب علم فليسأل وليبحث، لأن طالب العلم مستعدٌ لإفتاء من يستفتيه. أما إذا كان غير طالب علم فلا يكثر السؤال.

    .10أن الأمم السابقة هلكوا بكثرة المساءلة، وهلكوا بكثرة الاختلاف على أنبيائهم.

    .11التحذير من الاختلاف على الأنبياء، وأن الواجب على المسلم أن يوافق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأن يعتقدهم أئمة وأنهم عبيد من عباد الله، أكرمهم الله تعالى بالرسالة،وأن خاتمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله إلى جميع الناس،وشريعته هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده،وأن الله لايقبل من أحدٍ ديناً سواه،: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ) (آل عمران: الآية19) . والله الموفق.

    إعراب الحديث :

    { ما } اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ، { نهيتكم } نهى فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل ، التاء ضمير مبني على الضم في محل رفع فاعل ، { كم } الكاف ضمير خطاب مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم للجمع . { عنه } عن حرف جر ، الهاء ضمير مبني على الضم في محل جر . { فانتهوا } الفاء واقعة في جواب الشرط . { انتهوا } فعل أمر مبني على حذف النون ، { الواو } ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل ، والجملة في محل جزم جواب الشرط ، { وما أمرتكم به فأتوا منه } ، تعرب إعراب الجملة السابقة ، { ما استطعتم } : { ما} : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به . { استطعتم } : { استطاع } فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل التاء ضمير مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم للجمع والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب .
    { فإنما أهلك } : { الفاء } للتعليل إنما كافة ومكفوفة ، { أهلك } فعل ماضٍ مبني على الفتح . { الذين } اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم . { من قبلكم } من حرف جر قبل اسم مجرور والجار والمجرور متعلقان بأهلك وهو مضاف ، الكاف ضمير مبني على الضم في محل جر بالإضافة والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب . {كثرة } فاعل مؤخر مرفوع علامة رفعه الضمة وهو مضاف . {مسائلهم} : { مسائل } مضاف إليه مجرور علامة جره الكسرة وهو مضاف . {هم} ضمير مبني على السكون في محل جر بالإضافة . {واختلافهم} : {الواو}: حرف عطف . {اختلاف } معطوف على كثرة وهو مضاف وهم تعرب كما سبق. { على } : حرف جر . { أنبيائهم } : {أنبياء } اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف ، والجار والمجرور متعلقان باختلاف . و { هم } : تعرب كما سبق .

    * * *




    [SIGPIC][/SIGPIC]


  5. #15

    عضو مجتهد

    عاشقة الرحمن غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 7073
    تاريخ التسجيل : 24 - 6 - 2012
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    العمر: 25
    المشاركات : 139
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : الامارات
    الاهتمام : القراءة و الكتابة
    الوظيفة : طالبة
    معدل تقييم المستوى : 13

    افتراضي


    جزاك الله كل خير و جعله في ميزان حسناتك

    تسجيل متابعة ان شاء الله

    و ننتظرك فالشرح القادم

    تحياتي





  6. #16
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية ABO FARES
    ABO FARES غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4248
    تاريخ التسجيل : 15 - 6 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 42
    المشاركات : 1,333
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر - الاسكندرية
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    الحديث العاشر: سبب إجابة الدعاء
    عن أبي هريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وَقَالَ تَعَالَى:{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ.. يا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامِ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامَ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟) رواه مسلمٌ.

    شرح الحديث العاشر من أحاديث الأربعين النووية

    للشيخ محمد صالح العثيمين غفر الله له

    الشرح

    "إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ" كلمة طيب بمعنى طاهر منزّه عن النقائص،لايعتريه الخبث بأي حال من الأحوال، لأن ضد الطيب هو الخبيث،كما قال الله عزّ وجل: ( قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ) (المائدة: الآية100) ، وقال: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَات)(النور: الآية26) ومعنى هذا أنه لايلحقه جل وعلا شيء من العيب والنقص. فهو عزّ وجل طيب في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، وفي أحكامه، وفي أفعاله، وفي كل ما يصدر منه، وليس فيها رديء بأي وجه.

    لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبَاً فهو سبحانه وتعالى، لا يقبل إلا الطيب من الأقوال، والأعمال وغيرها، وكل رديء فهو مردودٌ عند الله عزّ وجل، فلا يقبل الله إلا الطيب، ومن ذلك الصدقة بالمال الخبيث لايقبلها الله عزّ وجل، لأنه لايقبل إلا طيباً، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: مَنْ تَصَدَّقَ بِعِدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللهَ إِلاَّ الطَّيِّبَ فَإنَّ اللهَ تَعَالَى يَأْخُذُهَا بِيَمِيْنِهِ يُرَبِّيها كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُوْنَ مِثْلَ الجَبَلِ[88] .

    فالطّيب من الأعمال: ما كان خالصاً لله، موافقاً للشريعة.

    والطيب من الأموال: ما اكتسب عن طريق حلال، وأما ما اكتسب عن طريق محرّم فإنه خبيث.

    "وَإَنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ بمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِيْنَ" تَعْلَيةً لشأن المؤمنين، وأنهم أهلٌ أن يوجّه إليهم ما أمر به الرسل، فقال عزّ وجل في أمر المرسلين: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً )(المؤمنون: الآية51) فأمر الرسل أن يأكلوا من الطيبات وهي التي أحلها الله عزّ وجل، واكتسبت عن طريق شرعي. فإن لم يحلّها الله كالخمر فإنه لايؤكل، وإن أحلَّه الله ولكن اكتسب عن طريق محرّم فإنه لايؤكل، وأضرب لذلك مثَلين:

    الأول: رجل أكل من شاة ميتة، فهذا لم يأكل من الطيبات، لأن الله تعالى حرّم أكل الميتة. وهذا محرّم لذاته.

    الثاني: رجل غصب شاة وذبحها وأكل منها، فحكمها أنها ليست بطيبة وهي محرّمة لكسبها.

    " وَاعْمَلُوْا صَالحَاً " أي اعملوا عملاً صالحاً.

    فأمرهم بالأكل الذي به قوام البدن، ثم أمرهم بالعمل الذي يكون نتيجة للأكل، لكنه قال: وَاعْمَلُوا صَالِحَاً وصالح العمل هو ما جمع بين: الإخلاص والمتابعة.

    ولهذا روي عن بعض السلف أنه قال: العمل الصالح ماكان خالصاً صواباً. أي خالصاً لله صواباً على شريعة الله.

    و في أمر المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )(البقرة: الآية172) كما قال للرسل: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) فأمر المؤمنين بما أمر به المرسلين.

    إذاً نقول: المؤمنون مأمورون بالأكل من الطيبات، والمرسلون كذلك مأمورون بالأكل من الطيبات.

    "ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيْلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ..." يعني ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً لهذا الرجل: "يُطِيْلُ السَّفَرَ" والسفر من أسباب إجابة الدعاء، ولاسيما إذا أطاله.

    "أَشْعَث أَغْبَرَ" يعني أشعث في شعره أغبر من التراب، أي أنه لا يهتم بنفسه بل أهم شيء عنده الدعاء.

    "يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء" ومد اليدين إلى السماء من أسباب إجابة الدعاء،كما جاء في الحديث: إنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيْمٌ يَسْتَحِييْ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفعَ يَديْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَاً[89] .

    "يَا رَبّ يَا رَبّ" نداء بوصف الربوبية،لأن ذلك وسيلة لإجابة الدعاء، إذ إن إجابة الدعاء من مقتضيات الربوبية.

    "وَ مَطْعَمُهُ حَرَامٌ" يعني طعامه الذي يأكله حرام، أي حرام لذاته أولكسبه.

    "وَمَشرَبُهُ حَرَامٌ" يعني شربه الذي يشربه حرام، إما لذاته أو لكسبه.

    "وغُذِيَ بالحَرَامِ" يعني أنه تغذّى بالحرام الحاصل من فعل غيره.

    فَأَنَّى اسم استفهام، والمراد به الاستبعاد، يعني يبعد أن يستجاب لهذا، مع أن أسباب الإجابة موجودة.

    وهذا للتحذير من أكل الحرام، وشربه، ولبسه، والتغذّي به.

    من فوائد هذا الحديث:

    .1أن من أسماء الله تعالى الطيّب، لقوله: إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ وهذا يشمل طيب ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه.

    فأسماؤه كلّها حسنى، ولا يوجد في أ سماء الله ما يكون فيه النقص لاحقيقة ولافرضاً، فكلّ أسماء الله تعالى ليس فيها نقصٌ بوجه من الوجوه، لأن الله تعالى قال: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(الأعراف: الآية180) والحسنى اسم تفضيل، يقابلها في المذكر: الأحسن.

    ولذلك لاتجد في أسماء الله ما يحتمل النقص أبداً،ولهذا باب الصفات أوسع من باب الأسماء،لأن كل اسم متضمن لصفة،وأفعاله لامنتهى لها،كما أن أقواله لامنتهى لها،(وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) [لقمان:27] فمن صفات الله المجيء، والإتيان والبطش كما : (وَجَاءَ رَبُّكَ)(الفجر: الآية22) وقال: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) (البروج:12)

    فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولانسمّيه بها،فلا نقول من أسمائه: الجائي والممسك والباطش. وإن كنا نخبر بذلك عنه سبحانه ونصفه به

    وهو سبحانه وتعالى طيب في صفاته: فكل صفات الله تعالى طيبة ليس فيها نقص بوجه من الوجوه، فمثلاً:

    القدرة والسمع، والبصر، والتكلم، كل هذه صفات طيبة يتصف الله تعالى بها. وهناك من الصفات ما تكون كمالاً في حال ونقصاً في حال،وهذه الصفات لاتكون جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق،فلا تثبت له سبحانه إثباتاً مطلقاً، ولا تنفى عنه نفياً مطلقاً،بل لابد من التفصيل: فتجوز في الحال التي تكون كمالاً، وتمنع في الحال التي تكون نقصاً،وذلك كالمكر، والكيد،والخداع ونحوها،فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها،لأنها حينئذٍ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد،وتكون نقصاً في غير هذه الحال،ولهذا لم يذكرها الله من صفاته على سبيل الإطلاق،وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها،كقوله تعالى: ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(الأنفال: الآية30) و (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً) [الطارق:15].

    وأما الخيانة فلا يوصف الله بها، لأنها نقص بكل حال، فلا يوصف الله تعالى بالخيانة، ويدل لهذا قول الله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُم)(البقرة: الآية9) وقوله: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)(النساء: الآية142) فأثبت الخداع لأنه يدل على القوة.

    لكن في الخيانة قال الله عزّ وجل: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ)(لأنفال: الآية71) ولم يقل: فقد خانوا الله من قبل فخانهم، لأن الخيانة خِدعة في مقام الأمان،وهي صفة ذمّ مطلقاً،وبذا عرف أن القول "خان اللهُ من يخون" قول منكر فاحش يجب النّهي عنه ووصف ذم لا يوصف الله به.

    إذاً صفات الله تعالى كلها طيبة، وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى)(النحل: الآية60) أي الوصف الأعلى من كل وجه.

    كذلك أيضاً هو طيبٌ في أفعاله، فأفعال الله تعالى كلها طيبة، لايفعل إلا خيراً، وتقدم لنا الجواب عن قوله في القدر: "خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" فأفعاله كلّها خيرٌ وأحكامه كذلك كلّها متضمنة لمصلحة العباد في معاشهم ومعادهم، ولذا فهي طيبة صالحة لكلّ زمان ومكان وحال.

    .2كمال الله عزّ وجل في ذاته، وصفاته وأفعاله، وأحكامه.

    .3أن الله تعالى غنيّ عن الخلق فلا يقبل إلا الطيب، لقوله: "لايَقبَلُ إلاَّ طَيِّبَاً" فالعمل الذي فيه شرك لايقبله الله عزّ وجل لأنه ليس بطيب، وكذا التصدّق بالمال المسروق لا يقبله الله لأنه ليس بطيب، والتصدّق بالمحرّم لعينه لا يقبله الله لأنه ليس بطيب.

    .4تقسيم الأعمال إلى مقبول ومردود، لقول: "لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبَاً" فنفي القبول يدل على ثبوته فيما إذا كان طيباً، وهذا شيء ظاهر.

    ومن ذلك أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لاَ يَقْبَلُ اللهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأ)[90] هذا في العمل المقبول .

    ومنها قوله : (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)[91] وهذا في العمل المردود.

    .5أن الرسل عليهم الصلاة والسلام يؤمرون وينهون، لقوله: إِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِيْنَ وهو كذلك فالرسل عليهم الصلاة والسلام أكمل العباد عبادة لله عزّ وجل، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم في الليل حتى تتورّم قدماه، فقيل له في ذلك:إنه قد غفر الله له ماتقدّم من ذنبه وما تأخّر. فقال: "أَفَلا أَكُوْنُ عَبْدَاً شَكُوْرَاً"[92] صلوات الله وسلامه عليه . وقس حال النبي صلى الله عليه وسلم بحالنا اليوم، فالإنسان منا ينام إلى طلوع الفجر مع أن نعم الله علينا لا تحصى، ولقد قام مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة رجال شبّان وعجزوا أن يلحقوه في تهجّده.

    فهذا الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قام مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة يتهجّد يقول: فقرأ سورة البقرة فقلت يركع عند المائة فمضى حتى أكملها، فقلت يركع، فشرع في سورة النساء وأكملها، ثم شرع في سورة آل عمران وأكملها[93] ،وهو شاب.

    وابن عباس رضي الله عنهما قام مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ورأى من تهجّده ما يطول. والحاصل: أن الرسل مأمورون منهيون وأنهم أقوم الناس بعبادة الله عزّ وجل.

    .6أن المؤمنين مأمورون منهيون لقوله: "وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِينَ" وكلما كان الإنسان أقوى إيماناً كان أكثر امتثالاً لأمر الله عزّ وجل، وإذا رأيت من نفسك هبوطاً في امتثال الأوامر فاتّهمها بنقص الإيمان وصحح الوضع قبل أن يستشري هذا المرض فتعجز عن الاستقامة فيما بعد.

    .7استعمال ما يشجع على العمل، وجهه: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله أَمَرَ المُؤمنينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِيْنَ" فإذا علم المؤمن أن هذا من مأمورات المرسلين فإنه يتقوَّى ويتشجّع على الامتثال.

    .8الأمر بالأكل من الطيبات للمؤمنين والمرسلين.

    ويتفرّع على هذا فائدة: ذم من امتنع عن الطيبات بدون سبب شرعي، فلو أن إنساناً بعد أن منَّ الله على الأمة بالغنى وأنواع الثمار والفواكه قال: أنا لن آكل هذه تورّعاً لا لعدم الرّغبة، فإنه قد أخطأ وعمله خلاف عمل السلف الصالح، لأن السلف الصالح لما فتحوا البلاد صاروا يأكلون ويشربون أكلاً وشرباً لايعرفونه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن امتنع عن الطيبات بغير سبب شرعي فهو مذموم رادٌّ لمنّة الله عزّ وجل عليه، ومن المعلوم بالعقل أن ردّ منّة ذي المنّة إساءة أدب، فلو أن رجلاً من الكرماء أهدى إليك هدية ورددتها فإن هذا يعتبر سوء خلق وأدب، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد الهدية[94] ، ولو كانت الهدية شيئاً قليلاً فإنه يقبلها ويثيب عليها.

    والخلاصة: أن الامتناع عن الطيّبات لغير سبب شرعي مذموم.

    .9أنه يجب شكر نعمة الله عزّ وجل بالعمل الصالح لقوله تعالى: ( كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)(المؤمنون: الآية51)وفي المؤمنين قال: ( كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّه)(البقرة: الآية172)

    ويتفرّع من الجمع بين الآيتين: أن الشكر هو العمل الصالح،لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِيْنَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ" والذي أمر به المرسلين شيئان:

    الأول: الأكل من الطيبات .

    والثاني: العمل الصالح.

    فليس كل من قال: الشكر لله، والحمد لله يكون شاكراً حتى يعمل صالحاً، ولهذا قال بعض الفقهاء: الشكر طاعة المنعم، أي القيام بطاعته، وهذا معنى قوله (وَاعْمَلُوا صَالِحاً ) المؤمنون 51)

    .10توجيه الأمر لمن هومتّصف به،لقوله: وَاعْملُوا صَالِحَاً فوجه الأمر بالعمل الصالح للمرسلين مع أنهم يعملون الصالحات ولا شك في ذلك، وهذا كقوله تعالى لرسوله محمد : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ)(الأحزاب: الآية1) وقوله: ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) [الأحزاب:37] ففي هذه الآيات أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالتقوى مع أنه صلى الله عليه وسلم أتقى الناس لله عزّ وجل والواحد منا -ونحن مفرطون - إذا قيل له: اتق الله.انتفخ غضباً، ولو قيل له: الله يهديك، لقال:وما الذي أنا واقع فيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطبه ربه بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ) [الأحزاب:1].

    فالرسل عليهم الصلاة والسلام مأمورون بالعمل الصالح وإن كانوا يعملونه تثبيتاً لهم على ماهم عليه ليستمرّوا عليه.

    .11تحريم الخبائث، لقوله: (مِنْ الطَيِّبَاتِ) وقوله في المؤمنين: ( مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) [البقرة:172].

    * لكن ماهو مدار الخبث: أعلى ما يستخبثه الناس وكل إنسان بطبيعته أو أن نقول: الخبيث ما استخبثه الشرع.

    والجواب: الخبيث ما استخبثه الشرع،لأنه لايمكن أن يرد هذا إلى عقول الناس،لأنه يفتح من الشر والخلاف ما هو معلوم،ولنضرب لهذا مثالاً: بعض الناس يستقذر ويستخبث أكل الجراد. ومن الناس من يستخبث الضب،وهما حلال،وعلى هذا فالاستخباث ليس مرجعه للكراهة الطبيعية،لأن كل إنسان يكره ما لا يعتاد أكله.

    وعلى هذا فالمرجع في كون الشيء طيباً أو خبيثاً إلى الشرع لا إلى أذواق الناس، فبعض العرب كما قيل عنهم: يأكل كل ماهب ودب إلاالخنفساء أو شيءٍ مثل الخنفساء، والباقي كله يؤكل.

    .12استبعاد إجابة آكل الحرام لو عمل من أسباب الإجابة ما عمل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر.... وقال بعد ذلك "أَنَّى يُسْتَجَابُ" لذلك وهذا استفهام استبعاد.

    لكن هل هذا يعني أنه يستحيل أن يجاب؟

    والجواب: لا، لأن الإنسان قد يستبعد شيئاً ولكن يقع، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم استبعد هذا تنفيراً عن أكل الحرام.

    .13أن السفر من أسباب إجابة الدعاء، وجه هذا: أنه وردت أحاديث في أن المسافر لاتردّ دعوته[95] ، ثم إن ذِكْرَ الرسول صلى الله عليه وسلم السفر يدل على أن للسفر تأثيراً في إجابة الدعاء،ولاسيما إذا أطال السفر وبعد عن الوطن فإن قلبه يكون أشد انكساراً ولجوءاً إلى الله عزّ وجل.

    .14أن الشعث والغبرة من أسباب إجابة الدعاء.

    لكن هذا قد يرد عليه أن التورع عن المباحات بدون سبب شرعي مذموم، فيقال المراد بالحديث: أن هذا الرجل يهتم بأمور الآخرة أكثر من اهتمامه بأمور الدنيا.

    .15أن رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة.

    ويكون الرفع بأن ترفع يديك تضم بعضهما إلى بعض على حذاء الثُّندُؤتين أي أعلى الصدر، ودعاء الابتهال ترفع أكثر من هذا، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستسقاء رفع يديه كثيراً حتى ظن الظانّ أن ظهورهما نحو السماء من شدة الرفع، وكلما بالغت في الابتهال فبالغ في الرفع.

    وهنا مسألة: هل رفع اليدين مشروع في كل دعاء؟

    الجواب: هذا على ثلاثة أقسام:القسم الأول: ما ورد فيه رفع اليدين . والقسم الثاني: ماورد فيه عدم الرفع. والقسم الثالث: مالم يرد فيه شيء.

    فمثال القسم الأول: إذا دعا الخطيب باستسقاء، أو استصحاء فإنه يرفع يديه والمأمومون كذلك،لما رواه البخاري في حديث أنس رضي الله عنه في قصّة الأعرابي الذي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة أن يستسقي فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون[96]

    ومما جاء في السنة رفع اليدين في القنوت في النوازل أو في الوتر. وكذلك رفع اليدين على الصفا وعلى المروة، وفي عرفة، وما أشبه ذلك فالأمر في هذا واضح.

    الثاني: ماورد فيه عدم الرفع كالدعاء حال خطبة الجمعة في غير الاستسقاء والاستصحاء، فلو دعا الخطيب للمؤمنين والمؤمنات أو لنصر المجاهدين في خطبة الجمعة فإنه لايرفع يديه، ولو رفعهما لأنكر عليه، ففي صحيح مسلم عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال: "قبح الله هاتين اليدين،لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد أن يقول بيده هكذا.وأشار بإصبعه المسبحة"[97] ، وكذلك رفع اليدين في دعاء الصلاة كالدعاء بين السجدتين، والدعاء بعد التشهّد الأخير ،وما أشبه ذلك، هذا أيضاً أمره ظاهر.

    الثالث: ما لم يرد فيه الرفع ولا عدمه: فالأصل الرّفع لأنه من آداب الدعاء ومن أسباب الإجابة، قال النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ كَرِيْمٌ يَسْتَحْيِيْ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهَ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَاً"[98] .

    لكن هناك أحوال قد يُرَجَّحُ فيها عدم الرّفع وإن لم يرد كالدعاء بين الخطبتين مثلاً،فهنا لا نعلم أن الصحابة كانوا يدعون فيرفعون أيديهم بين الخطبتين، فرفع اليدين في هذه الحال محلّ نظر، فمن رفع على أن الأصل في الدعاء رفع اليدين فلا يُنْكَرُ عليه، ومن لم يرفع بناءً على أن هذا ظاهر عمل الصحابة فلا ينكر عليه،فالأمر في هذا إن شاء الله واسع.

    .16أن من أسباب إجابة الدعاء التوسل إلى الله تعالى بالربوبية لقوله: "يَا رَبّ يَا رَبّ" وقد ورد في حديث: أن الإنسان إذا قال: يارب يارب يارب قال الله تعالى: ماذا تريد، أو كلمة نحوها، ثم استجاب له، ولهذا تجد أكثر الأدعية الموجودة في القرآن مصدرة بـ: يارب.

    ولما سمع بعض السلف داعياً يقول: ياسيدي، فقال: لاتقل ياسيدي، قل ما قالت الرسل: يارب . وذلك لأن العدول عن الألفاظ الشرعية غلط؛ وإن كان الإنسان يجد أن ذلك أشد تعظيماً.

    وهذه بليّة ابتُليَ بها كثير من الناس، تجدهم يأتون بأسجاع كثيرة من الأدعية لا زمام لها، وربما يكون بعضها محذوراً،ويعدلون عن الأدعية الشرعية، ولهذا أوصي بأن لا تعدلوا عن الأدعية الشرعية إلى غيرها،إلامن له حاجة خاصة ،يريد أن يسأل ربه إياها، فهذا شيء آخر، لكن تأتي بأسجاع طويلة عريضة لاأصل لها ولا زمام ،فهذا خلاف ما ينبغي للإنسان إذا دعا الله عزّ وجل.

    .17التحذير البالغ من أكل الحرام، لأن أكل الحرام من أسباب ردّ الدعاء وإن توفرت أسباب الإجابة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فَـَأنى يُسْتَجَابُ لذلك" هذا مع أن أكل الحرام - والعياذ بالله - سبب لانصراف الإنسان عن القيام بواجب الدين،لأن البدن يكون متغذّياً على شيءٍ فاسد، والمتغذي على فاسد سيؤثر عليه هذا الغذاء. والله المستعان.

    إعراب الحديث :

    { عن } : حرف جر . { أبي } : اسم مجرور وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف . { هريرة } : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث . { رضي الله عنه . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم } : سبق إعرابها في الحديث الأول .
    { إن } : حرف توكيد ونصب تنصب الاسم وترفع الخبر . { الله } : اسم إنّ منصوب وعلامة نصبه الفتحة . { تعالى } : فعل ماضٍ مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر . { طيب } : خبر إنّ مرفوع وعلامة رفعه الضمة . {لا يقبل} : { لا } : نافية . { يقبل } فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو ويجوز إعراب الجملة خبراً ثانياً في محل رفع . {إلا} : أداة استثناء . { طيباً } : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ، { وإنّ الله } : { إنّ } : حرف توكيد ونصب { الله } اسمها منصوب وعلامة نصبه الفتحة . { أمر } : فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو والجملة في محل رفع خبر إن. {المؤمنين } : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء . { بما } :{الباء}: حرف جر. {ما} : اسم موصول مبني على السكون في محل جر . {أمر} : سبق إعرابها والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. { به } : { الباء } : حرف جر الهاء ضمير مبني على الكسر في محل جر . {المرسلين } : تعرب إعراب المؤمنين . { ف } : سبق إعرابها .
    { يا أيها } : { يا } : حرف نداء مبني على السكون . { أي } : منادى مبني على الضم في محل نصب . { الرسل } : صفة مرفوعة . { كلوا } : فعل أمر مبني على حذف النون والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل . {من الطيبات} : من حرف جر الطيبات اسم مجرور وعلامة جره الكسرة . { واعملوا } : تعرب إعراب كلوا صالحا مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة . و الواو حرف عطف . { : يا أيها } : سبق إعرابها . { الذين } : صفة مبنية على الفتح في محل رفع . { آمنوا } : { آمن }: فعل ماضٍ بني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل . { كلوا من طيبات } : سبق إعرابها وطيبا ت هنا مضاف . { ما } : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة . {رزقناكم } : رزق فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بالضمير . { نا } : ضمير رفع مبني على السكون في محل رفع فاعل . { كُم } : ضمير مخاطبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به . { ثم } : حرف عطف .{ ذكر } : فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو . { الرجل } : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة . { يطيل } : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو والجملة في محل نصب حال من الرجل . { السفر } : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة . { أشعث أغبر } : حالان منصبان . { يمد} : تعرب إعراب يطيل . { يديه } يدي مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء وهو مضاف . { الهاء } : ضمير مبني على الكسر في محل جر بالإضافة . { إلى } : حرف جر . {السماء } : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلقان بـ(يمد) . { يا رب يا رب } : مناديان مبنيان على الضم في محل نصب . { و } : واو الحال . { مطعمه } : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف الهاء ضمير مبني على الضم في محل جر بالإضافة . { حرام }: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة . والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال . { ومشربه حرام ، وملبسه حرام } : تعرب إعراب .{ ومطعمه حرام . وغذي } : فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو . { بالحرام }: الباء حرف جر الحرام اسم مجرور علامة جره الكسرة وهما متعلقان بـ { غُذِّي } وجملة : بالحرام في محل نصب حال . {فأنى } : الفاء حرف عطف أنى اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب على الظرفية . { يستجاب } : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مبني للمجهول . { له } : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل .

    * * *




    [SIGPIC][/SIGPIC]


  7. #17
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية ABO FARES
    ABO FARES غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4248
    تاريخ التسجيل : 15 - 6 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 42
    المشاركات : 1,333
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر - الاسكندرية
    معدل تقييم المستوى : 15

    افتراضي


    الحديث الحادي عشر: اترك ما شككت فيه

    عن أبي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، سِبْطِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَيْحانَتِهِ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ:(حَفِظْتُ مِنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ}). رواهُ التِّرمذيُّ والنَّسائِيُّ، وقالَ التِّرمذيُّ: حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ

    شرح الحديث الحادي عشر من أحاديث الأربعين النووية

    للشيخ محمد صالح العثيمين غفر الله له

    الشرح

    الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما سبط النبي صلى الله عليه وسلم ، والسبط: هوابن البنت، وابن الابن يسمى: حفيداً، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد فقال: (إِنَّ ابْنِي هذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ)[100] وكان الأمر كذلك، فإنه بعد أن استشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبويع بالخلافة للحسن تنازل عنها لمعاوية رضي الله عنه، فأصلح الله بهذا التنازل بين أصحاب معاوية وأصحاب علي رضي الله عنهما، وحصل بذلك خير كثير.

    وهو أفضل من أخيه الحسين رضي الله عنهما،لكن تعلقت الرافضة بالحسين لأن قصة قتله رضي الله عنه تثير الأحزان، فجعلوا ذلك وسيلة، ولو كانوا صادقين في احترام آل البيت لكانوا يتعلقون بالحسن أكثر من الحسين،لأنه أفضل منه.

    وأما قوله: وَرَيحَانَتهُ الريحانة هي تلك الزهرة الطيبة الرائحة،وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين بأنهما ريحانتاه[101] .

    وقوله: "دَعْ" أي اترك "مَا يرِيْبُكَ" أي ما يلحقك به ريب وشك وقلق إِلَى "مَا لاَ يَرِيْبُكَ" أي إلى شيءٍ لايلحقك به ريبٌ ولا قلق.

    وهذا الحديث من جوامع الكلم وما أجوده وأنفعه للعبد إذا سار عليه، فالعبد يرد عليه شكوك في أشياء كثيرة،فنقول: دع الشك إلى ما لاشكّ فيه حتى تستريح وتسلم، فكل شيء يلحقك به شكّ وقلق وريب اتركه إلى أمر لا يلحقك به ريب، وهذا مالم يصل إلى حد الوسواس، فإن وصل إلى حد الوسواس فلا تلتفت له.

    وهذا يكون في العبادات، ويكون في المعاملات، ويكون في النكاح، ويكون في كل أبواب العلم.

    ومثال ذلك في العبادات: رجل انتقض وضوؤه، ثم صلى، وشكّ هل توضّأ بعد نقض الوضوء أم لم يتوضّأ ؟ فوقع في الشكّ ، فإن توضّأ فالصلاة صحيحة، وإن لم يتوضّأ فالصلاة باطلة، وبقي في قلق.

    فنقول: دع ما يريبك إلى ما ل####بك، فالريب هنا صحة الصلاة، وعدم الريب أن تتوضّأ وتصلي.

    وعكس المثال السابق : رجل توضّأ ثم صلى وشك هل انتقض وضوؤه أم لا؟

    فنقول: دع ما يريبك إلى ما ل####بك، عندك شيء متيقّن وهو الوضوء، ثم شككت هل طرأ على هذا الوضوء حدث أم لا؟ فالذي يُترك هو الشك: هل حصل حدث أو لا؟ وأرح نفسك، واترك الشك.

    كذلك أيضاً في النّكاح: كما لو شكّ الإنسان في شاهدي النكاح هل هما ذوا عدل أم لا؟ فنقول: إذا كان الأمر قد تم وانتهى فقد انتهى على الصحة ودع القلق لأن الأصل في العقود الصحة حتى يقوم دليل الفساد.

    في الرّضاع: شَكُّ المرضعةِ هل أرضعت الطفل خمس مرات أو أربع مرات؟

    نقول: الذي لاريب فيه الأربع، والخامسة فيها ريب، فنقول: دع الخامسةواقتصر على أربع ، وحينئذ لايثبت حكم الرضاع.

    هذا الباب بابٌ واسعٌ لكنه في الحقيقة طريق مستقيم إذا مشى الإنسان عليه في حياته حصل على خير كثير: "دَعْ مَا يرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَيَرِيْبُكَ".

    وقد تَقَدَّمَ أَنَّ هذا مقيّد بما إذا لم يكن وسواساً، فإن كان وسواساً فلا يلتفت إليه، وعدم الالتفات إلى الوسواس هو ترك لما يريبه إلى ما ل####به، ولهذا قال العلماء - رحمهم الله - الشك إذا كثر فلا عبرة به، لأنه يكون وسواساً، وعلامة كثرته: أن الإنسان إذا توضّأ لا يكاد يتوضأ إلا شك، وإذا صلى لا يكاد يصلي إلا شك، فهذا وسواس فلا يلتفت إليه، وحينئذ يكو ن قد ترك ما يريبه إلى ما ل####به.

    مثال آخر: رجل أصاب ثوبه نجاسة وغسلها، وشكّ هل النجاسة زالت أم لم تزل؟ يغسلها ثانية، لأن زوالها الآن مشكوك فيه، وعدم زوالها هو الأصل، فنقول:دع هذا الشك وارجع إلى الأصل واغسلها حتى تتيقّن أو يغلب على ظنك أنها زالت.

    يقول: "رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيّ، وقَالَ التِّرْمِذِيّ:حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيْحٌ" والحديث كما قال الترمذي صحيح، لكنْ في الجمع بين كونه حسناً وكونه صحيحاً إشكال، لأن المعروف أن الصحيح من الحديث غير الحسن، لأن العلماء قسموا الحديث إلى: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لذاته، وحسن لغيره، وضعيف.

    فكيف يُجمع بين وصفين متناقضين لموصوف واحد: حسن صحيح؟ ؟

    أجاب العلماء عن ذلك بأنه: إن كان هذا الحديث جاء من طريق واحد فمعناه أن الحافظ شكّ هل بلغ هذا الطريق درجة الصّحيح أو لازال في درجة الحسن.

    وإذا كان من طريقين فمعنى ذلك: أن أحد الطريقين صحيح والآخر حسن.

    وهنا فائدة في: أيّهما أقوى أن يوصف الحديث بالصحة، أو بكونه صحيحاً حسناً؟

    الجواب: نقول: إذا كان من طريقين فحسن صحيح أقوى من صحيح، وإن كان من طريق واحد فحسن صحيح أضعف من صحيح، لأن الحافظ الذي رواه تردد هل بلغ درجة الصحة أو لا زال في درجة الحسن.

    من فوائد هذا الحديث:

    .1أن الدين الإسلامي لا يريد من أبنائه أن يكونوا في شكّ ولا قلق، لقوله: دَعْ مَا يرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَيَرِيْبُكْ.

    .2أنك إذا أردت الطمأنينة والاستراحة فاترك المشكوك فيه واطرحه جانباً،لاسيّما بعد الفراغ من العبادةحتى لايلحقك القلق، ومثاله: رجل طاف بالبيت وانتهى وذهب إلى مقام إبراهيم ليصلي، فشك هل طاف سبعاً أو ستًّا فماذا يصنع؟

    الجواب: لايصنع شيئاً، لأن الشك طرأ بعد الفراغ من العبادة، إلا إذا تيقن أنه طاف ستًّا فيكمل إذا لم يطل الفصل.

    - مثال آخر: رجل انتهى من الصلاة وسلم، ثم شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، فماذا يصنع؟

    الجواب: لايلتفت إلى هذا الشك، فالأصل صحة الصلاة مالم يتيقن أنه صلى ثلاثاً فيأتي بالرابعة إذا لم يطل الفصل ويسلم ويسجد للسهو ويسلم.

    .3أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً، لأن هاتين الجملتين: "دع م####بك إلى مال####بك" لو بنى عليهما الإنسان مجلداً ضخماً لم يستوعب ما يدلان عليه من المعاني، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    إعراب الحديث :

    { دع } : فعـل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقدير أنت . { ما } : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به . {يريبك} : يريب فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو . {الكاف} : ضمير مبني على الفتح في محل نصب مفعول به . والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب . { إلى } : حرف جر . { ما } اسم موصول مبني على السكون في محل جر . { لا } : نافية . { يريبك } : سبق . إعرابها ومحلها كالأولى .
    قال ابن دقيق العيد رحمه الله في الشرح : ( قوله : { يريبك } يروى بفتح الياء وضمها ، والفتح أفصح وأشهر ) .




    [SIGPIC][/SIGPIC]


 

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML