جزاك الله خيراً أخي أبو حمزة
وقد أوردت لك الحديث المتفق عليه كإشارة مني إلى أن ذلك الملحد ربما استند إليه أو كان يعنيه عندما قال في سؤاله: من لم يصل سنتي فليس من أمتي. وأنا أعلم أن المقصود بالسنة هنا إنما هي الطريقة وليس ما تبادر إلى ذهن الملحد بأنها ما يقابل الفرض.
ولكن تعلم يا أخي بالنسبة للسنة التي تقابل الفرض أن ابن القيم رحمه الله أشار إلى السنة الواجبة في "تحفة المودود" فقال:
إن السنة عند مالك يأثم تاركها، وهي درجة بين الواجب والمندوب. وهذا ربما يحتاج إلى توضيح منك، لأن ما جاء في شروحاتك السابقة (بحسب فهمي) يعني أن صلاة السنة هي صلاة تطوعية يثاب من يقوم بها ولا يأثم تاركها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) في "مجموع فتواه":
((والصلاة مع المكتوبة ثلاث درجات:
إحداها: سنة الفجر والوتر
فهاتان أمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بغيرهما، وهما سنة باتفاق الأئمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما في السفر والحضر، ولم يجعل مالك سنة راتبة غيرهما)). انتهى كلام ابن تيمية.
وهنا أنا أفهم (وقد أكون مخطئاً) أن معنى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بسنة الفجر والوتر أنهما أصبحتا واجبتين، إذ الأمر يعني الوجوب.
وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهداً على ركعتي الفجر).
قال الحافظ في "الفتح": (في رواية ابن خزيمة "أشد معاهدة"، ولمسلم من طريق حفص عن ابن جريج: "ما رأيته إلى شيء من الخير أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر".
زاد ابن خزيمة من هذا الوجه "ولا إلى غنيمة".
وفي صحيح مسلم من حديثها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها".
ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركها حضراً ولا سفراً:
ففي صحيح مسلم من حديث أبى قتادة: "أنهم كانوا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في سفر، فناموا عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فساروا حتى ارتفعت الشمس، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ، ثم أذن بلال بالصلاة،
فصلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلي الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم".
قال النووي رحمه الله في "المجموع": (فهاتان الركعتان سنة الصبح، وهما مراد البخاري بقوله في صحيحه: "ركع النبي صلي الله عليه وسلم ركعتي الفجر في السفر".
وعند أبي داود بإسناد ضعيف من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "لا تدعوا ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل".
ووصل الأمر ببعض التابعين أن سأل عن وجوبها، فروى البيهقي في "سننه" من طريق أبي عاصم النبيل عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أواجبة ركعتا الفجر أو شيء من التطوع؟، فقال: أو ما علمت!. ثم حدثني عن عبيد بن عمير عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كان على شيء أدوم منه على ركعتي الصبح أو الفجر من النوافل.
والآن يجد الملحد سبيلاً إلى تكرار السؤال الذي أصوغه هنا بأسلوب آخر: إذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد صعد إلى ربه ليسأله تخفيف الصلاة فلماذا فرض صلوات أخرى؟!.
المفضلات