بسم الله الرحمن الرحيم
فما ألصـق التقــية بالشــيعة ( أقصد من شايعوا آل البيت رضوان الله عليهم ضد حكم الأمويين لا شيعة اليوم فلست منهم ولا من مناصريهم ) أنهم كانوا لا يعترفون بملك بني أميـة فلا يتخــذنوهم أولياء دون آل البيت فلزمهم أن يتقـوا رغمــا عنهم لضـعفهم
يا ماهر
إذاً فنحن متفقون على أن التقية من الكافر وقت ضعف المسلم
لو سأل أي شخص :"أيهما أقرب إلى الحكم بما أنزل الله،هل هم بني أمية وبني العباس أم الدول الإسلامية المعاصرة؟"بني أمية وبني العباس أقرب للحكم بما أنزل الله بلا ريب ولا شك،فعلى أقل تقدير كانت الخلافة موجودة وقتها ولم تنتهي الخلافة إلا في عهد مصطفى كمال أتاتورك عليه من الله ما يستحق إلى يوم الدين .
لكن أنا لن أتوقف في صدد بني أمية وبني العباس والدفاع عنهما،بل سأتكلم عن الحكم الشرعي في من لم يحكم بما أنزل الله بصورة عامة تشمل كل زمان ومكان وعلى ضوء القرآن الكريم الذي تعاهدنا على ألا نتجاوزه ،لكن بفهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ،فمن جهة فهو ترجمان القرآن وحبر الأمة بتزكية رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعائه له،ومن جهة أخرى فهو وأبوه رضي الله عنهما من آل البيت النبوي الأطهار رضوان الله عليهم.
قال الله تعالى :" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"
أقرأ معي أقوال أهل التفسير في هذه الآية الكريمة:
قال وكيع عن سعيد المكي عن طاوس قال :" ليس بكفر ينقل عن الملة"
قال الثوري عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : "كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق"ونوضح بعون الله كيف يكون الكفر والظلم والفسق أكبراً مخرجاً عن الملة أو أصغر لا ينقل عن الملة.
غلت في مسألة التكفير طائفتان،طائفة غلت في عدم التكفير حتى قالوا"لا يضر ذنب مع إيمان كما لا ينفع عمل مع كفر،وإيمان أحط البشر كإيمان جبريل وميكائيل فضلاً عن أبي بكر وعمر"رضي الله عنهما وأرضاهما،هذه الطائفة تسمى بالمرجئة،وأما الطائفة الثانية فقد غلت في التكفير حتى أخرجوا فاعل الكبيرة من الزنا والسرقة والقتل من الإسلام بالكلية وقالوا بأنه كافر في الدنيا مخلد في النار يوم القيامة،ألا وهم الخوارج،وبهذه المناسبة نذكر بأن المعتزلة قالوا بأن فاعل الكبيرة في منزلة بين منزلتين،وهذا أيضاً قول باطل لا دليل عليه لا في القرآن ولا في السنة المطهرة،فالله تعالى يقول "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"طبعاً سبب ضلالهم أنهم جعلوا الإيمان شيئاً واحداً لا يتجزء،وعقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل،يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية،والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر ونذكر منها قوله تعالى:" إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً".
ولتوضيح عقيدة أهل السنة والجماعة في فاعل الكبيرة يجب علينا أن نعرف الكفر،الكفر لغة الغطاء،واصطلاحاً:قول أو فعل أو عمل مخالف للشرع يغطي إيمان المرء ،وهذا الغطاء إما أن يكون كلياً مخرجاً عن الملة،أو جزئياً لا يخرج عن الملة،ودليل تقسيمه إلى أكبر وأصغر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الوارد في الصحيحين وغيرهما:" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"وهنا فلقد فرق أهل العلم ومنهم ابن تيمية رحمه الله بين مفهومين هما الإيمان المطلق،ومطلق الإيمان،وفاعل الكبيرة الذي توافرت فيه شروط الإيمان مع كبيرته فقد الإيمان المطلق،الذي هو درجة كبيرة من الإيمان،ولكنه لم يفقد مطلق الإيمان،الذي هو جذر الإيمان أو جذوته أو أصله في قلبه،ثم إن التكفير يعد من أخطر أبواب الفتوى على الإطلاق،يعد الراسخون في العلم حتى المليون قبل أن يدخلوا فيه للحديث الوارد في الصحيحين وغيرهما وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"ورجائي الوحيد لأخوتي وأخواتي كلما رأوا تكفيرياً أن يسألوه على سبيل المثال:"هل تحفظ مناسك الحج أو العمرة؟"أو اسألوه:"عدد واجبات الصلاة أو سننها "ولا نريد إحراجهم بالأسئلة ولكننا نريد عملاً مثمراً يعود على أمتنا بالنفع وأن نشغل أوقاتنا بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على ضوء فهم سلفنا الصالح رضوان الله عليهم،نكمل أقوال أهل التفسير في الآية المذكورة.
قال السدي: "ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا أو جار وهو يعلم فهو من الكافرين"ويوضح هذا المعنى القول التالي:
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : "من جحد ما أنزل الله فقد كفر ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق"بمعنى،أن شرط خروج من لم يحكم بما أنزل الله عن الملة هو الجحود،بمعنى أوضح،لو سرق السارق أكثر من النصاب وهو يعلم في قرارة نفسه أن هذا من الكبائر تقطع يده ،ولكن إذا اعتقد بأن السرقة حلال فإنه يخرج عن الملة بعد قيام الحجة والاستتابة حتى ولو لم يسرق في حياته ولو مرة واحدة،فشرط تكفير من لم يحكم بما أنزل الله أن يعتقد بأن القوانين الوضعية الفاجرة أفضل من الحكم بالشرع،والاعتقاد محله القلب ونحن لا نحكم على الظاهر لسبب بسيط وهو أن من حسن إيمان المرء حسن ظنه بغيره وسوء ظنه بنفسه وليس العكس،فإن قال قائل:"إنهم يقيمون المحاكم ويضعون الدساتير التي تحكم بالقوانين الوضعية،فماذا تريد أكثر من هذا الدليل على جحود الحكم بشرع الله؟"نقول،ربما قام شارب للخمر بفتح خمارة والعياذ بالله،وهذا بلا منكر عظيم بلا ريب وبلا شك،طيب هل كشفنا عن قلبه وعرفنا أنه استحل الخمر بهذا العمل؟ليس بالضرورة،ثم يجب أن يفهم التكفيريون بأن إقامة الحدود شأن أولياء الأمر فقط،ولو تُرِكَ الأمر لآحاد الناس فستتحول أمتنا بالكامل إلى غابة وستعم الفوضى ويقتل الأبرياء،وهذا ما حصل فعلاً في الكثير من البلدان الإسلامية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لاحظ يا ماهر كيف يناقض الإمامية أنفسهم،ففي الوقت الذي يذمون فيه الخوارج قتلة علي رضي الله عنه وأرضاه،ويقوم معاصروهم بقتل أهل السنة والجماعة في العراق بتهمة الإرهاب وموالاة تنظيم القاعدة،تراهم يقعون في نفس الشطحة العقائدية التي وقع فيها الخوارج ألا وهي التكفير بدون ضوابط،وحاشا لآل البيت أن يكونوا على غير ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولا يتسع المقام هنا لتبيان الكذب المنسوب إلى أهل البيت الأطهار من الروايات التي تكفر أكثر من مليار موحد معاصر ،حكاماً وشعوباً،رجالاً ونساءاً وشيوخاً وشباباً وأطفالاً وما ينجم عن هذا الاعتقاد الخطير الذي يخل بأمن الشعوب وسلامة الناس أجمعين على خلاف ما جاءت به الأديان من حفظ الأوطان والدماء والأعراض والأموال والعقول والقلوب.
يا ماهر
نحن في هذا المنتدى نقول للنصارى:"إذا ربحتم محمداً صلى الله عليه وسلم فلن تخسروا عيسى عليه الصلاة والسلام"ونقول للإمامية بكل ود واحترام متبادل وحب للخير لهم:"إذا ربحتم الصحابة رضوان الله عليهم فلن تخسروا أهل البيت رضوان الله عليهم فلا تعرضوا أنفسكم وأهليكم للمشي على شفا حفرة من النار ولا تغامروا هذه المغامرة".
وما كان من سداد وصواب وتوفيق فبفضل من الله وحده لا شريك له،وما كان من خطأ أو تقصير أو نسيان فمني ومن الشيطان،والله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه براء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وزوجاته أمهات المؤمنين،وسلم تسليماً كثيراً.
المفضلات