2- تأصيل وتفصيل علمي :
نقل أحد الإخوة بارك الله فيه ردي إلى منتدى صاحب الموضوع ..
وكما قال أخي إدريسي والحق ما قال أن المعاند الجاهل لا يكفيه .
وعلق على الرد من لا يزن في ميزان الفهم جناح بعوضة ولو أنهم فقهوا ما تسرعوا في تعليقاتهم الباهتة حتى أستكمل الرد حين قلت " يتبع " فلعل ما خفي كان أعظم ..
وعموماً نقول للرد :
وما سأذكره الأن لو ظلت الكنيسة تنحت في الصخر أعواماً حتى يعرفوه فلن يعرفوه ولو عرفوه لن يفهموه ولو فهموه استغشوا ثيابهم وأنكروه .
وأقول للجهال الذين علقوا على الرد هناك تعالوا إلي أيها الخراف فأنا أُريحكم ..
قال العلماء : إذا كان في السند إختلاف مع اتحاد مخرجه وجب الترجيح فإذا لم تظهر قرينة للترجيح يحكم عليها بالإضطراب وهو من أقسام الضعيف المردود ..
قال السيوطي في ألفيته :
ما اختلفت وجوهه حيث ورد … من واحد أو فوق: متنا أو سند
ولا مرجِّح: هو المضطرب … وهو لتضعيف الحديث موجب
قال الشيخ بازمول في المقترب :
قال ابن التركماني : " إنما تعلل رواية برواية إذا ظهر اتحاد الحديث " أ.هـ
قال ابن الصلاح في مقدمته :
" وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى : بأن يكون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة فالحكم للراجحة ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب ولا له حكمه "
والأن إنتهينا من التأصيل وندخل على التفصيل :
رواية اليهودي الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم :
وردت من طريق مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ قُتَيْلَةَ امْرَأَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ :
" أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّكُمْ تُنَدِّدُونَ وَإِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ وَتَقُولُونَ وَالْكَعْبَةِ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَيَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ "
كما عند النسائي (7/10) وأحمد (45/43) والحاكم (4/331)
ووردت من طريق مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ حُذَيْفَةَ :
" عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ "
رواه أبوداود (4980) وأحمد (38/299) وابن أبي شيبة (9/117)
وهنا نجد أنه قد اختلف على عبد الله بن يسار فرواه معبد عنه عن قتيلة ورواه منصور عنه عن حذيفة ..
ومع هذا الإتلاف يجب الترجيح لا سيما مع اتحاد المخرج فننظر في حال معبد وحال منصور من خلال كتب الرجال فتجد أن منصور سماء وترجح روايته على رواية من خالفه ..
منصور بن المعتمر ثقة ثبت أثبت أهل الكوفة من كبار تابعي التابعين :
" قال ابن مهدي أربعة بالكوفة لا يختلف في حديثهم فمن اختلف عليهم فهو مخطئ ليس هو منهم منهم ابن المعتمر .
وقال ابن أبي خيثمة رأيت في كتاب علي بن المديني وسئل أي أصحاب إبراهيم أعجب إليك قال إذا حدثك عن منصور ثقة فقد ملات يديك ولا تريد غيره " أ.هـ مختصر من تهذيب التهذيب
وبهذا نقول أن رواية قتيلة التي فيها ذكر اليهودي مُعلّة بهذا الإختلاف .
وممن أعلها بذلك :
1- النسائي كما في السنن الكبرى .
2- الدارقطني كما في العلل .
3- ابن كثير كما في إرشاد الفقيه . مخطوط عندي
وقال أمير المؤمنين في الحديث وطبيب العلل وأستاذ الأستاذين البخاري فيما رواه عنه الترمذي في العلل الكبير (1/253) :
قال الترمذي : سألت محمدا عن هذا الحديث فقال هكذا روى معبد بن خالد عن عبد الله بن يسار عن قتيلة .
وقال منصور عن عبد الله بن يسار عن حذيفة . قال محمد - أي البخاري - حديث منصور أشبه عندي وأصح . أ.هـ
مرة أخرى قصة اليهودي مُعلّة زمن شروط الحديث الصحيح السلامة من العلة .
وورد عن ابن عباس بسند حسن :
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا شَاءَ اللهُ، وَشِئْتَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَجَعَلْتَنِي وَاللهَ عَدْلًا بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ "
رواه أحمد (3/339) وابن أبي شيبة (9/117) وغيرهما وصححه الألباني وأحمد شاكر .
فمن أراد النقاش في الحديث فليناقشنا في هذا .
والحمد لله رب العالمين ..
المفضلات