لم يلق صيداً وهو في القضبان
السيل لولا زحفه بتدفق
ما كان يدعى هادم الجدران
والليث لما هاج عفر بالردى
ظبياً وأهدى الموت للثيران
والذئب لما هاج في أوطانه
حاز الكباش وفاز بالحملان
والشمس لو بقيت لمل مقامها
والماء إن يركد فغير مصان
والريح لو سكنت لما أهدت لنا
والبدر لو لزم المقام ببرجه
ما كان حاز المدح من إنسان
حتى الذباب له طنين زائد
كزئير ليث فاتك غضبان
لولا اشتعال النار فيما جاورت
لم تسم عن ترب وعن دخان
والعود لو لزم المقام بأرضه
حطب يحرق في لظى النيران
در البحور على النحور لأنه
يسعى إلى الغواص بالأحضان
وجواهر التاج المرصع لم يكن
لولا الفؤوس سوى حصى المران
فأكتب لنفسك أنت تاريخاً ولا
تذكر لنا الأجداد من أزمان
فالورد من بصل وزهر الروض من
شوك وطيب المسك من غزلان
وبلال عبد وهو فينا سيداً
وانظر إلى عمار أو سلمان
ما ضرهم أن فاتهم نسب العلا
بنفوسهم فاقو بني الإنسان
كم فاشل في عمره من أسرة
مرموقة في المجد والسلطان
لم يغنه نسب ولو آباؤه
من آل هاشم درة الأزمان
لكن نفس النذل لم تصعد به
كبلال في فضل وفي إيمان
لا تأنف العمل المباح فإنه
شرف الحياة ومفخر الشبان
يغ### عن فسل بخيل فاجر
ويكف وجهك عن رفيق هوان
حمل الصخور أخف من حمل الأذى
من مانع لعطائه منان
قم فأطلب الأرزاق من أبوابها
لو أنها في الصين واليابان
بكر لكسب القوت وأحرص أن تكن
ذا نية لتثاب من ديان
ودع التكبر فالحلال عبادة
لو كنت تطلي الإبل بالقطران
أو كنت تبني حائطاً وتجذ من
نخل وتسقي الزهر في البستان
يكفيك في شرف المقام بمهنة
داود حداد ويوسف تاجر
إدريس خاط غلائل القمصان
والخضر طاف الأرض يعبد ربه
وأنظر مزيد الفضل من لقمان
أو ما ترى الفراء وهو مبجل
كانت صناعته جلود الضان
في النحو كان مزين الألوان
وكذا ابن زيات الوزير محمد
قد باع زيت الناس في بغدان
وأبو حنيفة كان بزازاً وذا
كابن المبارك تاجر الرضوان
وأعوذ بالله الكريم إلهنا
من عاجز في الناس أو كسلان
أو باطل أو عاطل أو فارغ
رأس الأماني مال كل جبان
جلسوا مع الأشرار في أوهامهم
فبلوا بكل وساوس الشيطان
بل قال وليم جمس عن فراغنا
كبسول موت في يد الشبان
وانظر نيوتن عبقري زمانه
ما كان يترك شغله لثواني
حتى أتى بعجائب وغرائب
علم الرياضيات والحسبان
واذكر انشتاين يعقد نسبة
هي آية في علم أهل الشأن
وكذا أبو اسحق من نيرون في
يوم الوفاة يجد في الاتقان
وأذكر لنا أدسون يوم صراعه
في الكهرباء بحرقه وتفان
عشر من الآلاف جرب فكره
في شغل تيار من النيران
وأعجب للنكولن من رئيس بارع
نشر العدالة وهو أمريكاني
قد كان يقرأ فوق ظهر حصانه
في موكب كالبحر في الهيجان
وغدا تشرشل وهو رهن فراشه
من ألمع الحكام للرومان
هذا وهم لا يطلبون الأجر من
رب الوجود مصور الإنسان
لكنهم أنفوا فوات زمانهم
من غير ما جهد ولا إتقان
ملئوا المكان صناعة وزراعة
وبراعة في السفح والوديان
وصلوا إلى المريخ حتى أنزلوا
واعجب معي من ثورة هدارة
دلفت كموج البحر من يابان
وبني قومي في سبات منامهم
يا حيرة للخامل والحيران
خف الحديث لهم فأصبح همهم
في سهرة ولذائذ وأمان
واطلب بجدك كل علم نافع
واحرص عليه غاية الإمكان
قيد وذاكر واستفد واكتب ولا
تكسل عن التكرار كل أوان
لو كنت تعلم ما النتائج لم تنم
إلا كنوم الذئب بين الضان
أتقن إذا ما رمت شغلاً إنه
لا خير في عمل بلا إتقان
لا تتركن أمراً يحل بيومه
لغد فإن غداً لشغل ثان
إن الأهم على المهم مقدم
راع التدرج عند أهل الشأن
وعليم بالترتيب واحرص أن ترى
وسطاً بلا فوت ولا نقصان
في هيئة مقبولة ورزانة
مع خشية في السر والإعلان
عش في حدود اليوم واترك ما مضى
واهجر غداً فاليوم ضيف دان
وأحذر فراغك فهو لص جاثم
يدعوك للإهمال والعصيان
إن الفراغ خديعة لعقولنا
ومحطة للهم والأحزان
وأقصد إلى عمل تجيد أداءه
حتى تكون لحسنه متفان
وعليك بالتنويع في الأعمال و
الأقوال والأوضاع والأوزان
فالقلب ذو ملل وخير أن ترى
متنقلاً بالجد في ألوان
وإذا النجوم تسابقت وتنزلت
كل إليك من المجرة دان
فاختر أشد نجومها نوراً ولا
تختار إلا منزل الكيواني
فالليث لا يأكل فريسة غيره
لو بات رهن الجوع في قضبان
والبرق لما أن علا في جوه
لمحوه بالأبصار في رجفان
والغيم لما اختار عز محله
فاق الجبال كهيئة التيجان
ركب الملوك الخيل لما هملجت
أما الحمير فمركب الكسلان
وانظر إلى الذهب المرصع صابراً
لم ينصهر بحرارة النيران
قد صار أغلى من رموش عيوننا
فاق الحديد التافه الأثمان
قالوا لطير الحش مالك ساقط
قال الهوان على أبي جعلان
ولثعلب قالوا له أو ما ترى
ليث العرين يسود في الحيوان
فأجاب ليث الغاب عيس أكله
وأنا رفيق الهر والفئران
والسيف لما صار أمضى مضرباً
حفظوه في قرب وفي غمدان
أتريد سكنى جنة وتنام عن
داعي الصلاة أذاك في إمكان
أتريد أن تحظى بمنزل ماجد
وتظل رهن عزائم الصبيان
أتريد رفقة أحمد وصحابه
وأراك رب بلادة وأمان
كلا لقد كذبتك نفسك إنما
هذي الأماني خدعة الشيطان
المجد أقسم ألا أساق لفاشل
لو أنه كسري أنو شروان
أما العلا فابت محبة خامل
لو كان نسل إسكندر اليوناني
وأبى النجاح دخول كل مقصر
لو كان في الأجداد كالنعمان
من غاص في قاع البحار أتى لنا
بالماس والياقوت والمرجان
وأخو الخمول مخدر في بيته
في منزل الاوباش والصبيان
أرني سواعدك القوية أنتشي
من حسنها فصريفها قواني
ـصناع في عزم وفي إتقان
أشهى إلى من الفنون جميعها
أو صوت غانية وعزف قيان
ولمطرق الحداد أبهى منظراً
من دف ذي طرب على الأوزان
هاتوا طبيباً واحداً متألقاً
بجميع من في الأرض من فنان
وخذوا صفوف العابثين جميعهم
لمهندس في أرضنا يقظان
لو أن أهل الغرب كانوا مثلنا
في الرقص والتهريج والهذيان
ما سيروا طيارة وسفينة
أو أرسلوا الصاروخ كالبركان
أسفاً على قومي وهم أحفاد من
شادوا صروح المجد في البلدان
كنا بحاراً في البحار وربما
صارت منائرنا ندا الرحمن
من غيرنا كشف الظلام ولم نكن
إلا نجوم سماء كل زمان
وبالليل رهبان وعند لقائنا
لعدونا من أشجع الشجعان
حتى تركنا المجد يهتف صارخاً
أين الألى ملكوا يدي ولساني
يا ألف أغنية تخدر جيلنا
يا ألف فلم خائب فتان
هب لي دماغاً زاكياً لأري به
صنع الخبير الواحد المنان
وخذ الألوف إليك من أوطاننا
من غير ما عوض ولا أثمان
رفعوا لنا الأسعار في تعدادهم
بل أكسدوا حتى الهواء الداني
عدد الحصى والرمل في تعدادهم
لكنهم كالريش في الميزان
نستورد المصنوع والمزروع والـ
ـمنسوج حتى جزمة الولدان
القدر من روما وصحن طعامنا
من لندن والرز باكستاني
والثوب من أثينا وختم شماغنا
بسويسرا والخبز من يوناني
ونقول نحن أجل من وطأ الثرى
وطأ الثريا غيرنا بثمان
هل كوكب الشرق استردت قدسنا
أو حل في المريخ دان داني
والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
المفضلات