- خامسًا:
حقوق آل البيت عليهم السلام
عند أهل السنة حقهم من الخُمس ([1])
لقوله تعالى:
{ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىوَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ }
[الأنفال: 41]
ولما نزلت هذه الآية تورع بعض الصحابة رضي الله عنهم عن الغنائم فأنزل الله تعالى بعدها:
{ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا }
أي: غنمتم في الحرب،وقوله تعالى
{ مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَللهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ[الحشر: 7].
وثبت في السنة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
( سمعت عليًا يقول:
ولّاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خُمس الخُمس
فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحياة أبي بكر، وحياة عمر فأُتي بمال فدعاني، فقال: خذه،
فقلت: لا أريده، قال: خذه؛ فأنتم أحق به،
قلت: قد استغنينا عنه.
فجعله في بيت المال )
رواه أبو داود ([2]) .
ففي الخمس سهم خاص بذي القربى
وهو ثابت لهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو قول جمهور العلماء، وهو الصحيح ([3]) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
«فآل بيت النبي صلى الله عليه وسلملهم من الحقوق ما يجب رعايتها
فإن الله جعل لهم حقًا في الخمس والفيء،وأمر بالصلاة عليهم
مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم» ([4]) .
لكن أهل السنة – بخلاف الشيعة – يقولون:
إنهم يعطون من خمس الغنائم
وليس من خمس الأموال
فليس في الإرث خمس
وكذا في المسكن والسيارة وغيرها؛لأن الله يقول:
{ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ }
[الأنفال: 41]
فقال: { أَنَّمَا غَنِمْتُمْ }
ولم يقل: من أموالكم.
وقد اضطربت الاثنا عشرية
بعد غيبة الإمام الثاني عشر
اضطرابًا كبيرًا بسبب الخمس،
حيث ظهرت مشكلة:
إلى من يسلم الخمس،
وماذا يصنع به؟
يبين هذا الاضطراب الشيخ المفيد([5]) حيث يقول:
«قد اختلف قوم من أصحابنا في ذلك – أي: الخمس – عند الغيبة،وذهب كل فريق إلى مقال
فمنهم من يسقط إخراجه لغيبة الإمام،
وما تقدم من الرخص فيه من الأخبار.
وبعضهم يوجب كنزه – أي: دفنه –
ويتأول خبرًا ورد
«إن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام،وأنه (ع)
إذا قام دلَّه الله على الكنوز فيأخذها من كل مكان.
وبعضهم
يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستصحاب.
وبعضهم
يرى عزله لصاحب الأمر،فإن خشي إدراك الموت قبل ظهوره
وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته
حتى يسلم إلى الإمام إن أدرك قيامه،
وإلا وصَّى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة»
ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام آخر الزمان.
ثم قال بعد ذلك:
«وإنما اختلف أصحابنا في هذا الباب لعدم ما يُلجأ إليه من صريح الألفاظ...»([6]) .
فالقول الوحيد المستند إلى الأخبار الواردة عن الأئمة
من بين كل الأقوال التي استعرضها الشيخ المفيد
هو القول الأول
الذي يسقط إخراج الخمس.
فهذا القول الذي تؤيده الروايات وهي كثيرة تدل على سقوط الخمس،ويمكن الرجوع إلى أصول الكافي (1/408)
ومن لا يحضره الفقيه (2/22).
=================
([1]) أي خمس الغنيمة والفيء،
وهي ما غنمه المسلمون من الكفار من أموال، سواء بحرب أو بدونها،
ولا يدخل فيه ما اكتسبه المسلمون من غير هذا الطريق.
قال في لسان العرب (12/446):
(وقد تكرر في الحديث ذكر الغنيمة والمغنم والغنائم،
وهو ما أصيب من أموال أهل الحرب وأوجف عليه المسلمون الخيل والركاب).
([2])أبو داود (2983)، والحاكم (2/140).
([3])انظر: المغني (9/288)،
كما توجد رسالة صغيرة لشيخ الإسلام ابن تيمية
في حقوق آل البيت اعتنى بها أبو تراب الظاهري.
([4])مجموع الفتاوى (3/407).
([5])إمام الشيعة في زمانه. محمد بن محمد بن النعمان،
له نحو مائتي مصنف. ص: 413. انظر الأعلام للزركلي (7/21)،
وسير أعلام النبلاء (17/344).
([6])المقنعة للشيخ المفيد (ص: 46).
المفضلات