بارك الله فيكم اخوتي الكرام وجزاكم كل خير ، وبالتأكيد كل من مر على الموضع فكر في الأمر ودارت في رأسه العديد من الأسئلة وأين وافق الصواب هذا الرأي أو ذاك وهذا سيولد في أنفسنا شوقاً لمعرفة الحقيقة والأدلة عليها ..
نستعرض أولاً الآيات القرآنية ومن ثم نضع الأدلة بشكل مختصر ومفيد فأقول وما التوفيق إلا من عند الله
في سورة النساء (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)
* إن إنكار الله تعالي لم يكن على فعلهم ولكن كان على قولهم دون الفعل فكما أنكر الله على اليهود قولهم على مريم البهتان أنكر عليهم قولهم إنا قتلنا المسيح .
* وبعد أن أنكر الله عليهم قولهم نفى عن نبيه وقوع الأمر فقال "وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ" أي لم يقتلوه ولم يعلقوه على الصليب وهنا يجب أن نقف وقفة للرد على بعض ما يثار حول هذه النقطة ..
يقول قائل أن الصلب تعني الموت على الصليب ويحاول جاهداً إثبات ذلك ولكن قبل اللجؤ إلى قواميس اللغة دعونا نلقي نظرة على الآية في ضوء تعريفه للصلب " وما قتلوه وما قتلوه صلباً " !!!
إن القتل يشمل جميع طرقه سواء كان مسموماً أو مضروباً بالسيف أو مصلوباً أو .... إلخ فقد يقول أن الصلب هنا تفيد التخصيص فنجيب وما فائدة واو المغايرة ؟ " قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ"
إن الواو هنا تفيد أن القتل غير الصلب فما هو المعنى الذي يفيده الصلب ؟
هنا نرجع إلى القواميس لنعلم ما تعنيه هذه الكلمة
صَلْبٌ."صَلَبَهُ عَلَى لَوْحٍ" : شَدَّهُ، أَيْ أَوْثَقَ يَدَيْهِ مَمْدُودَتَيْنِ وَرِجْلَيْهِ مَشْدُودَتَيْنِ. (وَمَا قَتَلُوه وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) . (قرآن) : الإِشَارَةُ هُنَا إِلَى السَّيِّدِ الْمَسِيحِ الَّذِي تَوَهَّمَ أَعْدَاؤُهُ أَنَّهُمْ شَدُّوا أَطْرَافَهُ وَعَلَّقُوهُ. ... قاموس المغني
المصلوب : المعلق على الصليب ... لسان العرب
وقد وضعت في أثناء طرح الموضوع هذه الآية (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة 33
فننظر ما قال بن كثير رحمه الله في تفسيره " واختلفوا: هل يصلب حياً ويترك حتى يموت بمنعه من الطعام والشراب، أو بقتله برمح أو نحوه، أو يقتل أولاً، ثم يصلب؛ تنكيلا وتشديداً لغيره من المفسدين، وهل يصلب ثلاثة أيام، ثم ينزل، أو يترك حتى يسيل صديده؟ "
لو كان الفهم يصلب أي يموت على الصليب لما كان وجه خلاف ؟
إذن نستخرج من هذه النقطة أن الصلب لا يعني بالضرورة الموت على الصليب بل أن كل من عٌلق على الصليب صار مصلوباً وعليه فالآية الكريمة تنفي تماماً قتلهم للمسيح عليه السلام وتعليقهم إياه على الصليب .
والله أعلم
أرحب بأي إستفسار حول هذا الموضوع وأكرر شكري لكل من شارك فيه
حياكم الله
المفضلات