جريمة بشعة لم ترحم الأطفال الثمانية والنساء الخمسة بل لم ترحم الطاعنين في السن ، جريمة اقترفتها قوات الاحتلال متعمدة مع سبق الإصرار لان منزل هذه العائلة والذي يقطن فيه مدنيين عزل وكان تحت سمع وبصر أجهزة الرصد الإسرائيلية واشهرها طائرات الاستطلاع التي لم تفارق سماء بيت حانون على مدار الساعة لترصد حتى دبيب النمل على الأرض ، جريمة تجاهلت كل المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية ، ومن بينها اتفاقية جنيف الرابعة واتفاقية الطفل ، وجميع القرارات الدولية ولتضاف هذه الجريمة في سجل الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني منذ العام 1948 .
1.3 البيوت المدمرة:
واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدافها لبيوت المواطنين، وذلك عن طريق الطائرات، والجرافات
صورة لأثر الدمار التي الحقته قوات الاحتلال بالمنازل الفلسطينية في عدوانها الأخير على بيت حانون
ويعود اهتمام قوات الاحتلال باستهداف بيوت المواطنين الآمنين بالقصف الجوي والتدمير، إلى رمزية البيت في حياة الفلسطيني التي تعكس تشبثه بالأرض، وتمسكه بحق البقاء، فوق أرضه، رغم المعاناة والأخطار التي يعيشها ، بفعل العدوان الإسرائيلي، ففي بيت حانون أشار مركز الميزان الفلسطيني لحقوق الإنسان في يبان له نشره في 7/11/2006، إلى أن عدد البيوت المدمرة بشكل كلي والمتضررة بفعل الاجتياح الأخير للمدينة، بلغ 200 بيت، منها منازل قد هدمت هدما كليا،
تستطع الأسر المدمرة بيوتها أن تأخذ حاجاتها الخاصة، جوازات السفر، شهادات الميلاد، بطاقات الهوية، وما شابه ذلك.
ويبقى هدم بيت المواطن ربحي عبد إبراهيم عبد الهادي شبات 52 عاما، الذي أمضى 12 عاما في سجون الاحتلال والمكون من ثلاثة طوابق، شاهدا على المأساة التي تلاحق المواطنين الفلسطينيين، التي لم تقتصر على لقمة عيشهم بل لاحقتهم حتى تدمير بيوتهم، التي أمضوا سنوات العمر كله في بناءه وتجهيزه
صورة تبين التدمير الكلي للمنازل الفلسطينية في بيت حانون
ولم تدمير منازل المواطنين في بيت حانون في الاجتياح الأخير للمدينة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي هو الأول من نوعة وإنما كان استمرارا لعمليات الهدم الإسرائيلية للبيوت الفلسطينية في مختلف محافظات الوطن وهي سياسة لم تمارس في فترة انتفاضة الأقصى فحسب بل مارستها قوات الاحتلال منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967 حيث دمرت العديد من المنازل وكانت آخر عمليات الهدم هذه تدمير 45 منزلا بقصفها بالطائرات الحربية بعد إنذار أصحابها بضرورة إخلائها قبل القصف بمدة قصيرة ومن بين هذه المنازل أربعة منها في مدينة بيت حانون .
ولا تتوقف معاناة أصحاب البيوت المدمرة، عند هذا الحد، بل يمكن القول بأن معاناتهم تزداد أكثر، لعدم مقدرتهم على استئجار بيوت تأويهم وأطفالهم، لارتفاع قيمة إيجار البيوت وعجزهم عن توفير الأجرة في ظل الحصار المالي وانتشار البطالة بين أبناء المدينة، ولم تكتف قوات الاحتلال بتدمير البيوت، بل قامت في بعض الحالات بسرقة أموال ومجوهرات أصحاب البيوت، والتي قدرتها بلدية بيت حانون بما يقارب 200 ألف دولار أمريكي، ويقدر رئيس بلدية بيت حانون د. محمد نازك الكفارنة، خسائر المواطنين المدمرة بيوتهم بمليونين ونصف المليون دولار.
1.3 دور العبادة:
لم تردع حرمة المساجد ومراكز تحفيظ القرآن قوات الاحتلال، من الاعتداء عليها وتدنيسها، ولعل هدم مسجد النصر والذي تقدر مساحته بـ400 متر مربع بالكامل، والذي بني عام 1239م ولقد هال هذا العمل العدواني حفيظة العالم أجمع، وجاء ليؤكد على همجية الاحتلال وعدوانيته
وعبر إمام المسجد الشيخ شحدة أبو زريق، وبحزن شديد عن هذه الجريمة النكراء حينما قال: "أن الاحتلال هدم بيت الله... حيث شيد هذا المسجد بعد معركة أم النصر، التي دارت في العام 1239 م بين جيوش السلطان المملوكي محمود قطز، وجيوش الصليبيين بين مدينتي غزة وعسقلان وتحقق النصر فيها للمسلمين"، كذلك عبر خادم ومؤذن المسجد الشيخ حسين عبد الجواد الكفارنة (62 سنة) والذي يقوم على خدمة المسجد منذ العام 1982، عن حزنه لهدم المسجد واستغرب الشيخ حينما قال بأن إسرائيل لم تهدم المسجد طوال السنوات الثمانية والخمسين الماضية عمر الاحتلال وعادت اليوم لهدمه، وكأنها تريد جس نبض العالم من هدم المسجد الأقصى مستقبلا.
وإن كانت قوات الاحتلال قد عمدت إلى هدم المسجد بالكامل، فأن هذا العمل قد جاء بنتائج عكسية فقد تحول ركام المسجد إلى مزار للفضائيات العربية والأجنبية، ولزيارة طلبة المدارس من كافة محافظات قطاع غزة، حيث تواجد حول ركام المسجد، ومنذ انسحاب قوات الاحتلال من المدينة شوهد الكثير من الزائرين الفلسطينيين والعرب الأجانب للتعرف على أهمية مسجد النصر من خلال شهادات إمام وخادم ومؤذن المسجد الذين تواجدوا وبشكل يومي بالقرب من ركام المسجد، للرد على استفسارات الصحافيين والزائرين عن تاريخ المسجد.
3.3 المؤسسات التعليمية:
لم تنج المؤسسات التعليمية، ممثلة في مجموعة المدارس الحكومية، وغير الحكومية، وكلية الزراعة التي تتبع جامعة الأزهر من الدمار الذي اتى على الكثير من مبانيها، ولم يشفع البعض المؤسسات رفعها لعلم الأمم المتحدة، الذي داسته قوات الاحتلال تحت جنازير دباباتها.
وكان الدمار الذي لحق بكلية الزراعة، التي تتبع جامعة الأزهر في المدينة مروعا ، إذ أن هذه الكلية تضم 122 طالباً، يتلقون تعليمهم الجامعي في تخصص الزراعة، ومن المنتظر تخريجهم كمهندسين زراعيين، كذلك عمدت قوات الاحتلال إلى تجريف ما يقارب من 150 دونماً، كانت مزروعة بالحمضيات والفاكهة، منها 40 دفينة زراعية، البعض فيها كانت معدة للأبحاث الزراعية تدفيئات (البولي كروبونات) الذي يكلف الدونم الواحد منها 60 ألف دولار.
بالإضافة إلى المشتل الخاص بالكلية، وخزان المياه الذي كان يتسع لما يقارب 450 متر مكعبات كانت تستخدم في ري الدفيئات والمزروعات ويضيف جميل الزعانين (46 عام) مدير المزرعة في كلية الزراعة. "أما مبنى الكلية، فقد عاثت فيه قوات الاحتلال دماراً شاملاً، لحق بأجهزة الكمبيوتر، التي حطمت بعضها، وسرقت البعض الآخر". وبالقرب من كلية الزراعة، كانت مدرسة هايل عبد الحي الثانوية للبنين وهي مدرسة حديثة، ثم بناءها في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية، بتمويل من الدول المانحة، تشتكى دمار سورها. وإلى جانب هذه المدرسة أيضاً دمر سور مدرسة بيت حانون الثانوية للبنات .
وكأن دبابات الاحتلال تريد توجيه رسالة لكل مواطن فلسطيني، بأنهم مستهدفون، سواء كانوا طلاب علم أو مزارعين أو مقاومين.
4.3 الطرق:
ظلت الطرق المعبدة الرئيسة، والفرعية هدفاً لدبابات الاحتلال وجرافاته، حيث عمدت إلى إحداث حفر عميقة في الشوارع الرئيسة والفرعية، لتأمين مرابض لدباباتها التي كانت تجثم وسط الشوارع، وذلك لعزل أحياء المدينة عن بعضها البعض، وعزل المدينة عن بقية المدن المجاورة، وعلى وجه التحديد مدينة غزة، ولم تكثف قوات الاحتلال بأحداث الحفر العميقة في الشوارع المعبدة، بل عمدت أيضاً إلى تحطيم أعمدة الكهرباء، والهاتف، ما سبب في انقطاع التيار الكهربائي عن أحياء المدينة، وقطع الاتصالات، وعزل المدينة عن العالم الخارجي. ولعل حجم الدمار الذي لحق بالطرق، يحتاج إلى سنوات طوال لإعادتها إلى ما كانت عليه، خصوصاً في ظل الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني سياسياً واقتصادياً، والتخوف من عودة القوات الإسرائيلية للمدينة، وتدمير ما يتم إعماره من الجسور والطرق وغير ذلك، وإلى أن يتم كل ذلك تستمر معاناة المواطنين في التحرك بسياراتهم أو مشياً على الأقدام.
ويقدر رئيس بلدية بيت حانون د. محمد نازك الكفارنة، حجم الخسائر التي لحقت بقطاع الطرق بثلاثة ملايين ونصف المليون دولار أمريكي، في حين قدرت خسائر شبكة الكهرباء والإنارة بحوالي مليونيين ونصف المليون دولار، وخسائر شبكة الاتصالات بحوالي مليون ونصف المليون دولار.
5.3 الزراعة:
امتازت مدينة بيت حانون، وطوال السنوات الماضية بزراعة أشجار الحمضيات، والزيتون، وظلت مزارع الحمضيات وطوال سنوات انتفاضة الأقصى هدفا لجرافات ودبابات الاحتلال، ويمكن القول بان المنطقة الشمالية والشرقية من المدينة، والتي تحاذي خط الهدنة عام 1948، هي من أكثر المناطق التي نشرت فيها قوات الاحتلال الدمار والخراب.
فمن موقع كلية الزراعة التي تتبع لجامعة الأزهر، والتي تقع شمال المدينة، وحتى خط الهدنة عام 1948 شمال المدينة قامت قوات الاحتلال باقتلاع مئات الدونمات من أشجار الحمضيات، بحجة وقف إطلاق الصواريخ على مدينة سديروت ويمكن للزائر أن يرى من هذا المكان وبالعين المجردة الأطراف الجنوبية لمدينة المجدل.
، بعدما كانت هذه المنطقة تزخر بأشجار الحمضيات والزيتون، ولم تكتف قوات الاحتلال، باقتلاع الأشجار المثمرة المحيطة بأطراف المدينة، بل عمدت وفي الاجتياح الأخير، إلى اقتلاع آلاف الأشجار المثمرة، من وسط المدنية، ولعل مزرعة المزارع هاني محمد سلامة البساينة 63 عاما، والتي تقدر مساحتها بأكثر من 20 دونما، شاهد على أن قوات الاحتلال بعدما أجهزت على المزارع المحيطة بالمدينة، وتتجه للإجهاز على المزارع التي تتوزع داخلها، وذلك للتضييق على السكان في لقمة عيشهم ودفعهم لترك أراضيهم، كذلك عمدت قوات الاحتلال إلى فتح طرق وسط المزارع للتسهيل على آلياتها العسكرية في الوصول إلى زوايا المدينة بعيدا عن الطرق الرئيسة، وتخوفا من المقاومة، وقدرت وزارة الزراعة الفلسطينية مساحة الأراضي التي تعرضت للتجريف بحوالي 1000 دونم، كما طال التدمير شبكات الري،
ومزارع الأغنام، والدواجن بالإضافة إلى تخريب مئات الدونمات من الدفيئات الزراعية، وقد بلغت قيمة خسائر القطاع الزراعي في بيت حانون حسب تقديرات بلدية بيت حانون بحوالي ثلاثة ملايين دولار.
لذا سارعت وزارة الزراعة إلى تشكيل لجنة طوارئ خاصة بالوزارة لإعادة التأهيل الزراعي في بيت حانون، لحصر الأضرار ووضع خطة إغاثة سريعة ومخاطبة الجهات الممولة لاستجلاب الدعم للمدينة.
6.3 المحال التجارية:
لم تسلم المجال التجارية وهي مصدر رزق الكثير من المواطنين من عمليات الهدم، والنهب على حد سواء، والزائر للمدينة يرى بأم عينيه عشرات المحال التجارية، التي تعرضت للهدم، من خلال خلع أبوابها وتدمير محتوياتها، ولم يكتف جنود الاحتلال بتدمير المحال التجارية، بل عمدوا إلى سرقة ما خف حمله وغلا ثمنه من جوالات وتبغ، حيث قدرت بلدية بيت حانون عدد المحال التجارية التي تم تدميرها بـ 40 محلا، تقدر خسائرها بما يقارب 250 ألف دولار أمريكي.
الموقف الفلسطيني والعربي والدولي من المجزرة
1. الموقف الفلسطيني
* أدان الرئيس محمود عباس مجزرة بيت حانون، وأعلن الحداد ثلاثة أيام على شهداء المجزرة ، وطالب الجامعة العربية للبقاء في حالة انعقاد دائم لمتابعة هذا العدوان، وأدان الرئيس أيضا الصمت الدولي وكل من يبرر لإسرائيل هذه الأعمال..... "
* طالب رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد شعبنا، مؤكدا على ضرورة التوحد والتماسك ورص الصفوف في مواجهة العدوان الإسرائيلي الواسع.
* أدانت هيئة رئاسة المجلس التشريعي المجزرة البشعة التي نفذتها قوات الاحتلال في بيت حانون، ودعا المجلس التشريعي أبناء شعبنا لمزيد من الوحدة والتكاثف لمواجهة العدوان الوحشي من قبل سفاكي الدماء في تل أبيب، وحمل إسرائيل مسؤولية أفعالها وما ينتج عنها.
ودعا المجلس الأمتين العربية والإسلامية للتحرك الجماهيري والرسمي تنديدا بهذه الجرائم، والإسراع في مساعدة شعبنا لمواجهة العدوان الإسرائيلي، وأدان المجلس الصمت الدولي تجاه الجرائم الإسرائيلية، معتبرا هذه الجرائم وصمة عار في جبين المجتمع الدولي بسبب صمته القاتل، ودعا التشريعي مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة عاجلة خاصة حول مجزرة بيت حانون، وتشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في مدينة بيت حانون.
واعتبر التشريعي مجزرة بيت حانون مجزرة ضد الإنسانية، تستحق أن يتم تشكيل محكمة دولية من أجل تقديم قادة إسرائيل لها، ومحاكمتهم على كافة المجازر التي ترتكب ضد أبناء شعبنا.
* أما الموقف الشعبي فقد سارت المسيرات الشعبية في مختلف مدن وقرى، ومخيمات الضفة الغربية، منددة بالمجزرة الرهيبة مطالبة بالانتقام.
2. الموقف العربي
انتقد الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى موقف اللجنة الرباعية الدولية المعنية بالشرق الأوسط، وقال:" أن صمت مجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية يثير الدهشة ومصداقية هذه اللجنة أصبحت على المحك بشكل كبير".
2.الموقف الأوروبي
احتج الاتحاد الأوروبي بقوة على وحشية الهجوم التي بدت واضحة في مشاهد الأطفال الجرحى التي بثتها محطات التلفزيون عبر العالم، وطالب الاتحاد الأوربي من إسرائيل وقف عملياتها العسكرية بعد القصف المدفعي الدامي على قطاع غزة، الذي اعتبره يثير صدمة قوية، وأعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، "ضرورة أن تتوقف العمليات العسكرية في قطاع غزة فورا".
3.الموقف الأمريكي
اقتصر موقف الولايات المتحدة الأمريكية والذي عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس فقط عن التعبير عن أسفها الشديد لسقوط ضحايا مدنيين فلسطينيين في بيت حانون وقد حال لاستخدام الولايات المتحدة الأمريكية لحق النقض ( الفيتو ) دون صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يقضي بإدانة المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في بيت حانون وذلك في جلسته التي عقدت بتاريخ 11/11/2006 .
4. موقف المؤسسات والفعاليات الحقوقية العاملة في مناطق السلطة الوطنية:
نددت المؤسسات والفعاليات الحقوقية العاملة في مناطق السلطة الوطنية بجرائم ومجازر الاحتلال المتواصلة شمال قطاع غزة وفي الضفة الغربية، مطالبة المجتمع الدولي والأمتين العربية والإسلامية بوقف مسلسل الصمت الرهيب الذي تمارسه قوات الاحتلال، التي تعكس مدى استهتار تلك القوات بأرواح المدنيين معتبره أنها أعمال انتقامية وعقاب جماعي للشعب الفلسطيني، خلافا للمادة الثالثة والثلاثين واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشان حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.
__________________
المفضلات