الماكروكوزم (الكون الأكبر) والميكروكوزم (الكون الأصغر ، أى الإنسان(
«الماكروكوزم (الكون الأكبر) والميكروكوزم (الكون الأصغر، أي الإنسان)» ترجمة للعبارة الإنجليزية «ماكروكوزم آند ميكروكوزم macrocosm and microcosm». وكلمة «كوزموس cosmos» تعني «كون» ولكنها تعني في الأصل «نظام» مقابل «كيوس chaos» أي «فوضى»، أما «ماكرو macro» و«ميكروmicro » فتعنيان «أكبر» و«أصغر» على التوالي. ومفهوم الماكروكوزم والميكروكوزم يؤكد أن ثمة تقابلاً كاملاً (أو شبه كامل) بين الكون والإنسان، سواء في الخصائص النفسية أو الروحية أو حتى في الخصائص الجسدية والتشريحية.
وهذا المفهوم أو النموذج المعرفي (أو الصورة المجازية الإدراكية) هو امتداد للمبدأ الحيوي (أنيميزم) والنفسانية الشاملة والاتجاه نحو إسقاط الخصائص الإنسانية على الكون (بالإنجليزية: أنثروبوموفيزم anthropomorphism)، بحيث يكون في العالم جوهر واحد (إنساني أو شبه إنساني) لا تتجاوزه كل الموجودات (ومنها الإله إن وجد(.
والمصدر الأساسي للفكرة هو حوارات أفلاطون (فيليبوس Philebus) التي طورها أفلوطين فيما بعد. ويرد هذا المفهوم (أو النموذج) في كتابات أرسطو والرواقيين (الذين سموا العالم «الحيوان الأكبر» [باليونانية: ميجا زون mega zoon]). ويَرد المفهوم كذلك في كتابات فيلو السكندري، وهي فكرة أساسية أيضاً في النصوص الهرمسية وفي القبَّالاه اليهودية والقبَّاله المسيحية من بعدها. وفي إطار هذه المفهوم تَطوَّر علم التنجيم (ويتضح في "الخرائط" التنجيمية حيث يُمثَّل الكون بأبراجه على هيئة جسد إنسان). وقد بُعث مفهوم الماكروكوزم والميكروكوزم في عصر النهضة، مع تصاعد معدلات الحلولية الكمونية وترجمة الكتابات الهرمسية و"اكتشاف" القبَّالاه اليهودية واستخدامها في تفسير الكتاب المقدَّس. وتستند فلسفة جيوردانو برونو إلى مفهوم الماكروكوزم والميكروكوزم، وهي أساس اهتمامه بالسحر وبفن الذاكرة، فالإنسان من خلال معرفته بذاته يمكنه أن يعرف كل أسرار الكون. وبعد تراجع الكتابات الهرمسية استمر النموذج في كتابات لايبنتس في فكرة الموناد.
وحتى بعد ظهور الرؤية العلمية الحديثة برؤيتها الآلية استمر نموذج الماكروكوزم والميكروكوزم في أشكال مختلفة مثل إيمان الفلاسفة بتماثل عقل الإنسان والطبيعة وتماثل قوانين العقل وقوانين الطبيعة. كما تظهر الفكرة مرة أخرى في فلسفة شوبنهاور وإيمانه بالعالم كإرادة وفي النظرية الداروينية. والنظريات العضوية ككل هي تنويع على المبدأ الحيوي وتجل لمفهوم الماكروكوزم والميكروكوزم. واصطلاحات «علمية» مثل «المادة ذاتية التنظيم» هي امتداد خافت لهذا المفهوم.
المفضلات