قبل ما أعرض عليكم الحلقة أحببت ان أشارككم هذا الموقف الرائع جدا الذي حدث معي منذ ساعتين تقريبا مع أحد الليبراليين المناهضين لتطبيق الشريعة في مصر ..
حيث كنت أقف مع أحد أصدقائي في منطقة مجاورة للحي الذي أسكن فيه ، حين سمعت هذا الليبرالي على مقربة منا وقد وقف وسط بعض الشباب يعرض أفكاره .. والشباب ينصت باهتمام ، وقد ترامى إلى مسامعي حديثه الذي يهاجم فيه التفرقة بين ميراث الرجل والمرأة في الإسلام ..
فأخذت بيد صديقي وقتربنا من هذا الرجل واستأذنت للانضمام إليهم فأذن لي هذا الليبرالي - أو العلماني لا أدري - ، وقال لي : أنا بتكلم عن تطبيق الشريعة اللي بينادي بيها الإخوان المسلمين ، تعرفهم ؟
فقلت له : أسمع عنهم ..
فقال : هذه الشريعة تظلم المرأة لأنها تفصل بينها وبين الرجل في الميراث وهو ما يخالف مبدأ المساواة بين الرجل وشقيقته المرأة ويظلمها ، هل قرأت في الشريعة الإسلامية ؟
فقلت : شوية .
فقال : أنا حاورت إخوانيين كثيرين وبينت لهم بإن هذه الشريعة لا تصلح للتطبيق حاليا بعد كل هذا التقدم والتحضر الذي نعيش فيه ، وبعد هذه الثورة التي تساوت فيها كل فئات وطبقات الشعب .. نحن المصريين نريد الحرية للجميع .. ولا نريد ردّة إلى الخلف .. وقد اقتنع بعض الإخوانيين بكلامي ، وبعضهم بيردد كلام هو مش فاهمه وخلاص .
فقلت : تمام فتح الله عليك ، هل يمكن أن أسألك سؤال ؟ ، فقال : اتفضل .
- حضرتك درست الشريعة الإسلامية فين ؟
- أنا قارئ في كل كتب الشريعة والفقه وأصول الدين وأستطيع مناقشة أي إخواني أو سلفي في مسائل الشريعة ..
- فقلت له : ماشاء الله عليك ، زادك الله علماً ، وأين وجدت في كتب الشريعة أن المرأة ترث نصف ميراث الرجل ؟
- فعقد حاجبيه وهو ينظر إلى الشباب حوله باستنكار ثم ابتسم وقال : ده شيئ معروف ، واضح إن معلومات حضرتك في الشريعة مش أد كده ، علشان كده مش عارف ، ثم وضع يده على كتفي وقال : في ظل الوضع الحالي لازم تكون فاهم وواعي علشان تعرف تعيش .
- طب إيه رأي حضرتك إن مافيش ولا كتاب شريعة واحد قال بأن المرأة ترث نصف ميراث الرجل !
فتصدّر للرد أحد الوقوف فقال : "للذكر مثل حظ الأنثيين" ..
فقلت له : ممتاز ، هات الآية كاملة : "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" .. فهل الرجل والمرأة دائما من الأولاد ؟ الصحيح أن تقول : أنه إذا توفي أب مثلا فإن أولاده يرثون ضعف ميراث بناته .. ولا تعمم فتقول أن المرأة ترث نصف ميراث الرجل على وجه الإطلاق .. لأن الحالات التي ترث فيها المرأة نصف ميراث الرجل أربعة حالات فقط .. وهناك أكثر من عشرة حالات ترث فيها المراة مثل الرجل ، وهناك أكثر من خمسة عشر حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل ، وهناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال ..
يعني أنت الآن أمام أكثر من ثلاثين حالة ترث فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه ، أو ترث هى ولا يرث نظيرها من الرجال، فى مقابل أربعة حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل، فلماذا تركّز على الأربعة فقط وتترك ما يزيد عن الثلاثين ؟
يظهر إن معلومات حضرتك في الشريعة مش أد كده، علشان كده مش عارف ، ثم وضعت يدي على كتفه - كما فعل هو - وقلت : في ظل الوضع الحالي لازم تكون فاهم وواعي علشان تعرف تعيش .
فضحك الشباب ..
فقلت للبطل : من المسئول شرعاً وعُرفا عن الإنفاق في البيت ؟
- فقال : الرجل .
- فقلت : طب والمرأة ؟
- المرأة حرّة لو حبت تصرف في البيت تصرف ، لكن مش واجب عليها ، لأن لها ذمة مالية مستقلة .
- فقلت : برافو عليك ، عندنا أسرتين دلوقتي ، الأسرة الاولى مكوّنة من أب وأم وابن وابنة ، والأسرة الثانية مكونة من أب وأم وابن وابنة برضه .. تمام ؟
- تمام .
- كل أسرة تمتلك مائة ألف جنيه ، ومات الأب والأم من كل أسرة ، كيف تقسم الإرث ؟
- كل ولد وبنت ياخد خمسين ألف طبعا .. في الأسرتين ، بالتساوي .. وهو ده اللي احنا بنطالب بيه في ظل العدل والمساواة .
- ماشي ، هندّيهم كل واحد خمسين ألف علشان خاطرك ، افرض بأه إن الإبن اللي في الأسرة الأولى أُعجب بالبنت اللي في الأسرة الثانية وحبّها واتجوّزها ، وأصبح واجب عليه يصرف على البيت زي ما حضرتك قلت من شوية ، مش كده تكون ظلمت الرجل ؟ إزاي تديله نفس المبلغ اللي مراته أخدته وبعدين تفرض عليه إنه يصرف على البيت لوحده ؟
ثم توجهت إلى الشباب ، إيه رأيكم يا شباب ؟ مش كده نكون ظلمنا الرجل ؟
- قالوا : آه طبعا .
فقلت للبطل المغوار محطم قلوب الإخوان المسلمين : الشريعة الإسلامية كرّمت المرأة بأن أعطتها ذمة مالية مستقلة عن الرجل ، وأوجبت على الرجل الإنفاق على المرأة نظير إعطاءه ضعف ميراثها .. يعني المرأة هي الكسبانة في الأخر ، هتاخد فلوسها تصرفها كلها على نفسها لو أرادت ولا حرج عليها ، وجوزها هياخد ضعف ميراثها ويصرفه كله عليها هي برضه .. يعني المرأة هنا أخدت كل الفلوس .
- إيه رأيك بأه يا بطل ؟ وإنت جاي دلوقتي عاوز تدّيها أكتر وتظلم الرجل .
فقال لي صديقي : يلا يا عم أمير ، علشان الناس بدأت تتلم علينا ..
فألقيت السلام على الحاضرين وانصرفت ..
أسأل الله أن يعز هذا الدين بعز عزيزي أو بذل ذليل ، وأن يمكن لهذا البلد أمر رُشد يعز فيها أهل الطاعة ويُذل فيه أهل المعصية ، ويؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر ، وأن لا يجعل مصيبتنا في ديننا .
المفضلات