الحمد لله رب العالمين
عدد أوراق الشجر وعدد ما نزل الماء وقطر والحمد لله الذي بعث الرسل بما شاء من أمره ونهيه ، مبشرين بالجنة من أطاعه ، ومنذرين بالنار من عصاه ، وأيدهم بدلائل النبوة وعلامات الصدق لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .
وخصنا بالنبي المكين ، والرسول الأمين ، سيد المرسلين ، وخاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، أفضل خلقه نفسا ، وأجمعهم لكل خلق رضي في دين ودنيا ، وخيرهم نسبا ، وأشرفهم دارا ، وأرسله بالهدى ودين الحق إلى كافة المكلفين من الخلق .
فتح به رحمته ، وختم به نبوته ، واصطفاه لرسالته ، واجتباه لبيان شريعته ، ورفع ذكره مع ذكره . وأنزل معه كتابا عزيزا ، وقرآنا كريما ، مباركا مجيدا ، دليلا مبينا ، وحبلا متينا ، وعلما زاهرا ، ومعجزا باهرا ، اقترن بدعوته أيام حياته ، ودام في أمته بعد وفاته . وأمره فيه بأن يدعو مخالفيه إلى أن يأتوا بمثله - والعربية طبيعتهم ، والفصاحة جبلتهم ، ونظم الكلام صنعتهم - فعجزوا عن المعارضة ، وعدلوا عنها إلى المسايفة التي هي أصعب مما دعاهم إليه ، وتحداهم به ، كما قال عز وجل : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) } (الإسراء) .
مع سائر ما آتاه الله وحباه من المعجزات الظاهرات ، والبينات الباهرات ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون . فبلغ الرسالة ، وأدى النصيحة ، وأوضح السبيل ، وأنار الطريق ، وبين الصراط المستقيم ، وعبد الله حتى أتاه اليقين . فصلوات الله عليه ، وعلى آله وصحبه أجمعي ..
أما بعد ...
صديقي الفاضل ربما كذب بعض الإخوة موضوع إسلامك والبعض الآخر لم يلقوا لذلك بالا أما أنا فأصدقك وأحسن الظن بك وأن ذلك سيفيدني شخصيا في الحوار مستقبلا ..
وقد فهمت من مجمل كلامك أنك لم تتعلم من الدين شيئا وأنك قد وجدت في المسيحية الحق فاتبعته ولن أسألك كيف تنصرت ولا أهمية لذلك مطلقا عندي كل ما استفدته انك كنت مسلما وهذا ما أُريده ..
والآن وبالرغم من أهمية جوابك على أسئلة أخي إدريسي لكنك رفضت وأنا أحترم وجهة نظر وطلبت إثبات أن محمد هو نبي الله حقا وهذا ما سأفعله نزولا على ما تريد فأقول :
هناك خصائص عامة يجب أن يتميز بها الرسول وأعتقد أنك لن تختلف معي في ذلك لأنها حتى يجب أن تتوافر في رسل الملوك أو السفراء كما نقول حديثا .. وهناك شواهد تميز بها نبينا أيضا سنذكرها تباعا وكل ذلك للتدليل على نبوته التي لا تحتاج دليل .
أما الخصائص أو الخصال العامة فهي أربعة مستفادة من الأصبهاني في دلائل النبوة :
1- الفضيلة النوعية :
فالله الحكيم القدير لا يختار للرسالة إلا المتقدم على المبعوث إليهم ، المزين بكل المناقب ، ولهذا لم يوجد نبي قط به عاهة في بدنه أو اختلاط في عقله ، أو دناءة في نسبه ، أو رداءة في خلقه ، وإليه رجع قوله عز وجل الله أعلم حيث يجعل رسالته .
وهذه فضيلة تميز بها نبينا صلى الله عليه وسلم فهو من أحسن شباب بل أحسنهم في قومه مناقبه وسجايه وخلقه مشهورة ومعروفة لدى قومه سليم البدن قوي البُنية عاقل راشد مسئول بدلالة أنه كان مسئول عن قوفل تُجارية يُديرها على أحسن وجه حسن الخلق مليح بشوش أحسن العرب نسبا وأشرفهم دارا .
2- الفضيلة الإكرامية :
وهي ما أكرمه الله به وأيده بها ليمكنه بها مثل الخلق الحسن والحكمة وجوامع الكلم والصبر على تبليغ الدعوة وعلى أذى المُعترضين وفصاحة في اللغة ليفهمه قومه ولين في القول ورحمة ورأفة والقبول ..
والمعجزات الحسية والمرأية المؤيدة له والمُطمئنة للمؤنين والمُفحمة للكافرين وتنبوءاته التي حدثت بعده وشهد بها المؤمن والكافر والجاحد .
وهذه فضيلة تميز بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأيده الله بها .
الإمداد بالهداية :
فالله العلي العظيم متى قلد عبدا قلائد الرسالة فحكمته تقضي أن لا يُخليه من مواد الإرشاد والهداية وإليه يرجع قوله عز وجل { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) } الشورى
وقد هدى الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم وهدى به بدلالة مليارات من المسلمين منذ 15 عشر قرنا يعيشون ويموتون على حبه وعلى شريعته ..
التثقيف عند الزلة :
فالله اللطيف بعباده ، الوافي لأوليائه بالنصر والتأييد ، لا يعدم وافده وصفيه المرشح لحمل أثقال النبوة التنبيه والتثقيف ، وإليه يرجع قوله تعالى :
لنوح عليه السلام { فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) } هود
وقوله عز وجل لداود عليه السلام { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى } ص
وقوله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم { فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ } هود
فهذه خصائص عامة لزم توافرها في من أرسلهم الله عز وجل لا يختلف عليها مؤمن وكافر وقد تميز فيها نبينا صلى الله عليه وسلم وفاق فيها غيره فكان أحقهم لحمل الرسالة الخاتمة ...
يتبع ...
المفضلات