صفحة 3 من 11 الأولىالأولى 1234567 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 103
 
  1. #21

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    شبهات مُغرضة حول القرآن:
    الشبهة الرابعة و الأربعون (44):
    - كثيراً ما يذكر القرآن أن الله {يُحْيِـي وَيُمِيتُ} مع أن الإماتة سهلة, فلِمَ لم يكتفِ بقول: {يُحْيِـي} فقط؟

    الرد:
    - يظن السائل أن الموت سهل, وأنه بمقدور الإنسان, فيظن أن إطلاق الرصاص, أو السكِّين, أو السُّم, أو غير ذلك يميت الإنسان, كلا- إن هذا ليس إماتة, ولكنه قتل, ومعناه هدم للبِنية بمؤثر خارج عنها, كما فعل النمرود بن كنعان عندما حاور سيدنا إبراهيم, على نبينا وعليه الصلاة والسلام {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ} [البقرة:258] فماذا فعل النمرود؟ أتى برجل برىء فقتله, وأتى بآخر محكوم عليه بالإعدام فعفا عنه, فهل هذه إماتة؟ إنه قتل, أما الإماتة فهى خروج الروح بدون مؤثر خارج عن الجسد. ونحن نتحدى العالم أجمع أن يأتينا بأكبر عالم متخصص يستطيع أن يميت إنساناً بدون تسليط أى شىء عليه - كالإشعاع مثلاً - ولكن يأمره أن يموت فيموت, أو يوجِّه إرادته له بالموت, أما الله سبحانه وتعالى فيميت بسبب وبغير سبب, فمثلاً: تجد مصاباً بمرض عُضال, يقف الطب أمامه عاجزاً, ويُحكَم عليه بأنه سيموت حتماً, ثم تجده يعيش لسنوات عديدة, ليس به إلا التنفس, والأكل المطحون يعطى له بخرطوم عن طريق الأنف (الرايل) ويصاب بقرح الفراش, حتى يتمنى الناس له الموت, لدرجة أنهم أحدثوا لهذه الظاهرة اسماً, وهو (الموت الإكلي###ى) أو (السكتة الدماغية) كما حدث لشارون هذه الأيام, وتجد آخر يتمتع بصحة وافرة, وشباب وحيوية, ثم يموت فجأة, لا لسبب إلا لأن الله هو الذى {يُحْيِـي وَيُمِيتُ}, والله أعلم.



    الشبهة الخامسة و الأربعون (45):
    - لماذا تخص الآيات التى تتكلم عن بر الوالدين الأم بالذكر دون الأب؟

    الرد:
    - إن معظم الآيات التى أمرت ببر الوالدين ذكرتهما معاً, مثل قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا} [الإسراء:23] وقوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} [العنكبوت:8] وقوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانا} [الأحقاف:15] ثم إن دور الأم فى حياة الإنسان أعظم بكثير من دور الأب, فهى التى تتحمل متاعب الحمل والولادة والرضاعة, كما قال الله عز وجل: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن} [لقمان:14] وقال: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً} [الأحقاف:15] أما الرجل فحمله خِفّاً (السائل المنوى) ووضعه شهوة. ومعلوم أن أضعف فترة فى حياة الإنسان, والتى يحتاج فيها إلى رعاية ليل نهار, هى السنوات الأولى من عمره, وهذه الفترة لا يتذكرها أحد, فهل أحد منا يتذكر حين كان فى بطن أمه أو حين كانت ترضعه وتسهر على خدمته؟ أما الأب فرعايته لولده - عادة - تكون بعد ثلاث سنوات أو أربع, فالطفل يجد أباه هو الذى يشترى له طعامه وشرابه وملابسه, وهو الذى يأتيه باللعب والحلوى وكل شىء, وهذه الفترة يتذكرها الإنسان جيداً, وينسى دور أمه, وما لاقته من متاعب, فالله عز وجل يذكرنا بدور أمهاتنا, كى نبرّهنَّ, ولا ننسى فضلهنَّ, كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حينما سُئِلَ عن أوْلى الناس بحسن الصُّحبة: ((أمُّكَ ثم أمُّكَ ثم أمُّكَ ثم أبوكَ ثم أدناكَ أدناكَ)) [صحيح مسلم], والله أعلم.


    شبهات مُغرضة حول القرآن:
    الشبهة السادسة و الأربعون (46):
    - كيف تقولون إن القرآن لكل العالم, وهو يقول: {َلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام:92] و{أُمَّ الْقُرَى} عندكم هى مكة, فيكون ما حولها بضع قرى وليس كل العالم؟

    الرد:
    - لقد ثبت علمياً أن مكة المكرمة تتوسط اليابسة زماناً ومكاناً (وليس الكرة الأرضية كلها, لأن خمس الأرض يابس والباقى ماء) قال الأستاذ الدكتور زغلول النجار عن صديقه الدكتور حسين كمال الدين - رحمه الله - الذى كان أستاذاً فى هندسة القاهرة, ومن أعظم علماء المساحة: إنه كان يجرى دراسة بواسطة الحاسب الآلى لتحديد اتجاه القِبْلة فى مختلف بقاع الأرض, فأثبت أن مكة المكرمة هى وسط اليابسة, بمعنى أننا لو رسمنا دائرة مركزها مكة المكرمة, فهذه الدائرة تحيط باليابسة كافة, فاقترح أن يعيد إسقاط الخرائط الجغرافية والجيولوجية وغيرها باعتبار أن خط طول مكة هو خط طول الأساس, لماذا؟ لأن خط طول جرينتش الذى فرضه الإنجليز على العالم بحد السيف, بحكم أنهم كانوا القوَّة العُظمى, واعتبروه خط طول الأساس (خط الصفر) فيه انحراف مغناطيسى, فإن كل موقع له شمال حقيقى وشمال مغناطيسى, الشمال الحقيقى هو الاتجاه العمودى على اتجاه شروق الشمس, والشمال المغناطيسى هو الذى تحدده الإبرة الممغنطة, سواء بواسطة بوصلة أو غيرها, ولذلك يضعون على كل خارطة شمالاً حقيقياً وشمالاً مغناطيسياً, والزاوية بينهما تسمى زاوية الانحراف المغناطيسى, وهى عند خط طول جرينتش تزيد على ثلاث وعشرين درجة, وعند خط طول مكة تساوى صفراً, فلو وُضِعَ خط مكة خط طول الأساس ينتظم شكل العالم وينتظم شكل الخرائط. وأضاف الدكتور زغلول النجار أن مكة تتوسط اليابسة زماناً أيضاً, لأن العلماء يتكلمون عن خط طول الصفر الزمنى, فوجدوا أحد عشر خطاً عن يمينها وأحد عشر عن يسارها, والله أعلم.


    يتبع











  2. #22

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    شبهات مُغرضة حول القرآن:
    الشبهة السابعة و الأربعون (47):
    - إن نزول القرآن على مدار ثلاثة وعشرين عاماً أمر مريب, فهو الكتاب الوحيد الذى استغرق نزوله هذا الزمن, فالتوراة أنزلت على موسى دفعة واحدة, والإنجيل نزل على عيسى مرة واحدة, وهذا مما يثير الشك حول القرآن أنه من تأليف محمد, لأن تأليف الكتب يستغرق وقتا طويلاً, بعكس الكتب المنزلة من عند الله فإنها لا تحتاج لزمن.

    الرد:

    - - لقد أجبنا من قبل - بتوفيق الله جل وعلا - على زعم تأليف القرآن, فى الشبهة رقم (26) أما كونه لم ينزل مرة واحدة, فإن هذا السؤال ليس بجديد, فهو منذ عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان:32] وقد رد الله عليهم فى الآية نفسها, بقوله سبحانه وتعالى: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} إن الآية الكريمة قد بينت أن نزول القرآن منجَّماً كان لتثبيت قلب الرسول – صلى الله عليه وسلم - فكلما ضاق صدره بتكذيب المشركين له, نزلت عليه الآيات تصبِّره وتثبِّته, وتقص عليه قصص إخوانه من الأنبياء والمرسلين - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - وما فعله معهم أقوامهم. فنزوله مرة واحدة لم يكن ليعجز الله عز وجل, فقد أنزله جملة واحدة ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة فى السماء الدنيا, ثم نزل إلى الأرض منجَّماً حسب الأحداث, كما قال ذلك عبد الله بن عباس - رضى الله عنهما - فى تفسير (ابن كثير) وغيره.
    وتنزيل القرآن لم يكن لتثبيت الرسول – صلى الله عليه وسلم - فحسب, بل كان أيضاً لتثبيت الصحابة - رضي الله عنهم - فكلما حدث أمر, وأرادوا معرفة حكم الشرع فيه, جاءهم الوحى من عند الله غضّاً طريّاً, يبين لهم ما هم عنه سائلون, وما هم فيه مختلفون, ولذلك كثيراً ما نجد فى القرآن قوله: {يَسْأَلُونَك} أو {يَسْتَفْتُونَكَ} وعند ظهور أى مشكلة, ويشتاق المجتمع كله لمعرفة الحق فيها, تنزل الآيات بتوضيحه, لتروى ظمأهم, وتشفى غليلهم, فتثبت الإجابة فى صدورهم, ولا يستطيعون نسيانها, وبذلك تكون العلاقة بين الناس وربهم ورسولهم علاقة حيوية مستمرة, لا علاقة فاترة باردة, وهذا كما يقولون: (الطَّرْق على الحديد وهو ساخن) فحين تكون عطشاناً, وليس عندك ماء, فإنك تشتاق إليه, فإذا جاءك على ظمأ, شعرت بقيمته, وقيمة من أعطاه لك, أكثر مما لو كان عندك منذ البداية - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - ولذلك كان بعض الصحابة - رضي الله عنهم - - مثل عبد الله بن مسعود - يعلم كل آية لماذا ومتى وأين نزلت. فلو نزل القرآن جملة واحدة, ثم عَرَضَ لهم أمر, لَمَا ذهبوا إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم - ليسألوه, ولَمَا حدث اختبار للمسلمين فى كثير من المواقف, وكأنك أعطيت الإجابة جاهزة للطالب الذى تريد اختباره بجانب ورقة الأسئلة, فأين الاختبار إذن؟ ثم إن القوم الذين أرسل فيهم الرسول – صلى الله عليه وسلم - كانوا أميين, يصعب عليهم قراءة القرآن, فيضطرون لسؤال غيرهم, أما التلقِّى من الرسول – صلى الله عليه وسلم - مباشرة فقد كان أقوى لهم فى معرفة كلام ربهم, وتثبيته فى صدورهم, وارتباطهم بنبيهم, فما أجمله من شعور.. شعور ارتباط الإنسان بربه, لدرجة أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يبكون بعد موت النبى – صلى الله عليه وسلم - لانقطاع الوحى, كما حدث مع السيدة بركة الحبشية وأبى بكر وعمر. وتخيلوا معى كم كانت فرحة السيدة خولة بنت ثعلبة, حين ذهبت للرسول – صلى الله عليه وسلم - لتسأله عن ظِهار زوجها منها, وهى تشتكى وتبكى, ثم ينزل الوحى ليجيب عن سؤالها, ويفرِّج كربها؟ (راجع تفسير سورة المجادلة).
    ولنضرب لكم بعض الأمثلة التى توضح حتمية نزول القرآن متفرقاً حسب الأحداث: فى حادثة الإفك - مثلاً - ظل الرسول – صلى الله عليه وسلم - والمسلمون شهراً كاملاً فى هذه المحنة, وهذا البلاء العظيم, ولا يدرون ماذا يفعلون فيما يردده المنافقون عن السيدة عائشة رضى الله عنها, فلو كانت براءتها معلومة منذ البداية لَمَا حصل اختبار للرسول – صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين, ولَمَا استفاد المجتمع المسلم من هذه التجربة, ولكن انقطاع الوحى شهراً كاملاً جعلهم يتشوَّفون لبيان هذا الأمر والفصل فيه, فلما نزل الوحى شفى غليلهم, وروى ظمأهم, وعلموا جيداً ما هو المفروض عليهم فى مثل هذا الموقف, وغير ذلك من الآداب التى نزلت فى سورة (النور) بسببه. وعندما تخلَّف المؤمنون الثلاثة عن غزوة تبوك, وأمر النبى – صلى الله عليه وسلم - المسلمين بهجرهم إلى أن يقضى الله فى أمرهم, فلو كان القرآن نزل جملة واحدة, لعلموا أن الله قد غفر لهم, فلم يكن لِهَجْرِ المسلمين لهم أىُّ طعم, ولَمَا تضرعوا لله كل هذا التضرع, ولَمَا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت (كما ذكرت قصتهم فى سورة التوبة) وكذلك الغزوات.. فلو علموا - مثلاً - أنهم سينتصرون فى غزوة بدر, لاطمأنت قلوبهم, ولَمَا توكلوا على الله وتضرعوا إليه مثل ما كان منهم حينها. وكذلك غزوة أحد.. كيف كان حالهم لو علموا مصيرها مسبقاً؟ أو لو علموا بما سيحدث فى غزوة حنين؟ {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ{25} ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ{26} ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التوبة25-27] وأشياء أخرى كثيرة يقصر المقام عن ذكرها, مثل تحويل القبلة, والإسراء والمعراج, وفتح مكة...إلخ. وهى فى مجملها تعنى أن القرآن كان سيفقد روحه, وتجدده, وتفاعله مع الأحداث, وتكون العلاقة بين الأرض والسماء مرة واحدة وانتهت. فمن فى واقعنا تعرِض له مشكلة, ثم يرجو الله أن ينزل حكمها, ويشتاق لذلك ليريح قلبه, ويفرج همه؟ إن أى إنسان تعرِض له مشكلة, إما أن يذهب ليسأل عنها العلماء, أو يجتهد فى البحث عنها بنفسه, فلا يجد فى ذلك حلاوة استجابة الله له, وتنزيل الوحى من أجله. أما الصحابة - رضي الله عنهم - فقد كانت تنزل عليهم الآيات تبشرهم, وتثبتهم, وتبين لهم, وكلما ألَمَّت بهم محنة, أو ضيَّق المشركون عليهم, نزلت عليهم الآيات تبشرهم بالجنات, وتدعوهم إلى التفكر فى خلق الله وذكره والتضرع إليه, فيزدادون إيماناً مع إيمانهم {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:124]
    ثم أخبرونى يا من تثيرون هذه الشبهة.. ماذا كان الحال لو علم الكفار أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - سيهاجر؟ وماذا كانت تعنى {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} [التوبة:40]؟ ثم إن نزول القرآن منجَّماً يدل على أنه من عند الله.. وليس العكس, فلو كان من عند سيدنا محمد - كما تقولون - لَمَا تأخر فى إجابة الكفار حين سألوه عن أصحاب الكهف حتى يأتيه الوحى, ولَمَا تأخر فى الرد على كثير من الأسئلة التى طُرِحَت عليه, والله أعلم.



    الشبهة الثامنة و الأربعون (48):
    - إن القرآن يشيد بالحواريين ويشيد بالتوراة والإنجيل, ويثبت أنه ليس بهما أى تحريف, فيقول: {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} [الحديد:27] {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ} [المائدة:43] {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة:44] {وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} [المائدة:46] {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيه} [المائدة:47]

    الرد:
    - أما إشادة القرآن الكريم بالحواريين أتباع سيدنا عيسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فلأنهم كانوا على الحق, أى أنهم عبدوا الله وحده ولم يشركوا به شيئاً, وآمنوا أن عيسى عبد الله ورسوله {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُون} [المائدة:111] وأمّا إشادته بالتوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب السابقة, فهى خاصة بالكتب المنزلة من عند الله جل وعلا, قبل أن يتم تحريفها, ولكنه مع إشادته بها, أقر بأنه مهيمن عليها, فقال: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْه} [المائدة:48] فهو مصدِّق لما جاء فيها, ولكنه مهيمن عليها. أى أنه يُقِرّ بعض أحكامها, وينسخ البعض الآخر, فما أقرَّه آمنا به, وكان شرعاً لنا, وما نسخه آمنا به, ولكنه ليس شرعاً لنا. ولا يخفى على أحد أن النسخ غير التحريف, فقد نصَّ القرآن على تحريف أهل الكتاب لكتبهم, فقال: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:78] أما قول الله جل وعلا: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ} وقوله: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيه} فلا يدل على عدم التحريف, لأن التحريف لم يكن شاملاً لكل نصوص التوراة والإنجيل, بدليل أن أوصاف النبى - صلى الله عليه وسلم - كانت عندهم ولم تُحرَّف {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ} [الأعراف:157] وإلى الآن ليس كل ما بأيديهم محرَّف, ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم, و{قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا} الآية)) [صحيح البخارى] لأننا ربما صدقنا كاذباً, أو كذبنا صادقاً, فالأفضل عدم التصديق وعدم التكذيب, إلا ما فيه عندنا نص من الكتاب أو السنَّة. والدليل على أن كتبهم محرفة ما نشاهده من تعدد كتبهم واختلافها فيما بينها, فهناك مثلاً: إنجيل يوحنا, ومتى, ومرقس, ولوقا, وغير ذلك من الأناجيل, أما نحن فليس عندنا قرآن أبى بكر, أو عمر, أو عثمان, أو على... إلخ. وقد شهد كتابهم نفسه على تحريفه, وإليكم بعض الأدلة:
    فإنه إن كان صِدْق الله قد ازداد بكذبى لمجده فلماذا أُدَانُ أنا بَعدُ كخاطئ. (رسالة بولس إلى رومية3: 7) سبحان الله! كيف يزداد صدق الله بكذب الناس؟
    مُبْطلين كلام الله بتقليدكم الذى سلمتموه. وأموراً كثيرة مثل هذه تفعلون. (مرقس7: 13)
    ولكن كان أيضاً فى الشعب أنبياء كذبة كما سيكون فيكم أيضاً معلمون كذبة (رسالة بطرس الثانية2: 1)
    فقال الرب لى. بالكذب يتنبأ الأنبياء بإسمى. لم أرسلهم ولا أمرتهم ولا كلمتهم. برؤيا كاذبة وعَرافة وباطل ومكر قلوبهم هم يتنبأون لكم. (إرميا14: 14)
    صار فى الأرض دهش وقشعريرة. الأنبياء يتنبأون بالكذب والكهنة تحكم على أيديهم وشعبى هكذا أحب. وماذا تعملون فى آخرتها. (إرميا5: 30-31)
    لأنهم من صغيرهم إلى كبيرهم كل واحد مُولَع بالربح ومن النبى إلى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب. (إرميا6: 13)
    اذكر يسوع المسيح الْمُقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلى. (رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس2: 8) (نلاحظ كلمة: بحسب إنجيلى)
    وهذا أنا أفعله لأجل الإنجيل لأكون شريكاً فيه. (رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس9: 23)
    وأنبياؤها قد طيَّنوا لهم بالطفال رائين باطلاً وعارفين لهم كذباً قائلين هكذا قال السيد الرب والرب لم يتكلم. (حزقيال22: 28) فهذه وغيرها شواهد على تحريف كتبهم, والله أعلم.


    الشبهة التاسعة و الأربعون (49):
    - يُقِرُّ القرآن بأن آدم عصى ربه, وأن إبليس عصى ربه, فلماذا تاب الله على آدم, ولم يتب على إبليس؟ مع أن إبليس كان مُحِقّاً فى أن النار أفضل من الطين؟ ثم لماذا يأمره بالسجود لعبد مثله, ولا يأمره بالسجود له؟

    الرد:
    - إن معصية سيدنا آدم - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - لم تكن كمعصية إبليس, فإن معصية آدم لم تكن عن كِبْر أو جحود, فهى كمعصية من يغلبه هواه على فعل أمر ما, مع علمه بتقصيره فى حق مولاه. أمّا إبليس فقد استكبر عن امتثال أمر الله {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة:34] وناقشه فى حِكمة الأمر, أى أنه باختصار لم يقتنع بأمر الله, وظن أنه فى غير مَحلّه, وأن المنطق يقتضى عدم السجود لآدم, لأنه خُلِق من نار, وآدم خُلِق من تراب {قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف:12] ولذلك اختلفت معصيته لله سبحانه وتعالى عن معصية سيدنا آدم, فسيدنا آدم لم يتكبر على أمر الله, ولم يقل له: لماذا نهيتنى عن الأكل من الشجرة؟ أو كيف تأمرنى ألا آكل منها؟ ولكنها كانت معصية عادية كمعصية أى مسلم مقتنع ومؤمن بأوامر الله, ثم إن آدم ندم عليها وتاب منها {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:37] {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23] ومن رحمة الله جل وعلا أنه سأل إبليس عن عدم سجوده (وهو أعلم به) ولم يلعنه ويطرده من رحمته فَوْر معصيته, ولكنه لم يندم ولم يتب, بل زاد على كِبره أنه لم يستغفر, ورد بسوء أدب مع خالقه جل وعلا {قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} [الحجر:33] فهناك فرق بين المعصيتين. فمثلاً: لو أن امرأة لم تحتجب, مع علمها بأن الحجاب فريضة من الله, وأنها مقصرة فى حقه سبحانه وتعالى, فهذه يُرجَى لها الخير, ولا تخرج من الملة بمعصيتها, أمّا لو تكبرت على امتثال أمر ربها, واستهزأت بفريضته, ولم تعترف بها, فإنها تكون فى هذه الحالة قد كفرت, لأنها ردت الأمر على الآمر, ولم تقتنع به كما فعل إبليس (وهذه خطورة قول إحداهن: أنا غير مقتنعة بالحجاب) فمثلاً - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - لو أن لك ولدين, أمرتهما بأمر فلم يمتثلا له, ولكن أحدهما اعتذر لك, وبكى من خشيتك, ووعدك بعدم عصيان أمرك مرة أخرى, فَرَقَّ له قلبك وعفوت عنه, أمّا الولد الآخر فقد تبجح, ورد عليك بسوء أدب, واستهزأ بأمرك, فهل يستدر عطفك, وتعفو عنه كأخيه؟ ثم من قال إن النار أفضل من الطين؟ إن هذا قياس على حد تصور إبليس, وإلا- فكلاهما له خصائصه التى خلقها الله سبحانه وتعالى. والذى قال هذه المقولة شيطان مثل إبليس, لأنه أدخل القياس العقلى مع الأمر الشرعى, فلا يجوز بأى حال من الأحوال أن يرجح الإنسان هواه على أمر مولاه, أو يقترح شيئاً غير الذى أمره الله به, فمثلاً: لو قال أحد إن عدد ركعات الفجر أو المغرب قليلة لا تليق بالعبودية لله, ثم زاد من عنده ركعة أو أكثر, فهل يقبل منه؟ أو قال إن قطع يد السارق أمر عنيف وفيه شدة, ولكن الأفضل أن نحبسه لمدة معينة حسب حالته, فهل يكون هذا الإنسان مسلماً؟ إنه بذلك قد كفر لاعتراضه على أمر الله, والتحاكم لغير شرعه.
    أمّا أمر إبليس بالسجود لآدم, فإن هذا ليس تعظيماً لآدم, بل تعظيم للآمر, وهو الله سبحانه وتعالى, فحين يأمرنا الله جل وعلا ببرّ والدَينا - وإن كانا كافريَن - فهل هذا تعظيم لهما؟ إنهما من أهل النار لو كانا كافريَن, ولكن برهما تعظيم لخالقهما سبحانه وتعالى, فمثلاً - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - لو أنك مدحت جهازاً مثل الكمبيوتر فى كفاءته, وكذا وكذا, فإنك فى هذه الحالة لم تمدحه, ولكنك مدحت صانعه الذى جعله بهذا الإتقان. فالسجود لآدم إنما هو فى الحقيقة سجود لله جل وعلا, وليس سجود عبادة لآدم, فليس لآدم فضل على الملائكة حتى يعظموه, إنما التعظيم لله سبحانه وتعالى, كما أن السجود لغير الله كان مباحاً فى الشرائع التى سبقت الإسلام, مثل ما حدث مع سيدنا يوسف - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - ولقد قال الشيخ الشعراوى رَحِمَهُ الله: إن الملائكة التى سجدت لآدم هى الملائكة الموكَّلة بخدمته, كالْحَفَظَة, وكاتبى الأعمال, والملائكة الموكَّلة بالأرحام, والمطر, والرياح... إلخ, وليس كل الملائكة, بدليل قوله تعالى: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص:75] أى أن {الْعَالِينَ} - على حَدِّ قوله - هم الملائكة الذين لم يشملهم الأمر بالسجود, كحَمَلَة العرش, وجبريل, وغيرهم من الملائكة, سلام الله عليهم أجمعين, والله أعلم.


    يتبع










  3. #23

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة الخمسون (50):
    - كيف تقولون إن الأنبياء معصومون, وتعيبون علينا ذكر أخطائهم, مع أن القرآن يُقِرُّ بأن لهم ذنوباً؟ فقد قال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِك} [محمد:19] وقال: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّر} [الفتح:2] وقال: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:82] وقال {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيّ} [نوح:28] وهكذا جاء الاستغفار فى القرآن من إبراهيم, وداود, وغيرهما من الأنبياء, وهذا يؤيد ما جاء فى الكتاب المقدس من أن الأنبياء غير معصومين.

    الرد:

    - كيف تزعمون أن القرآن يُقرّ بأن لهم ذنوباً بالمعنى الذى تقصدونه؟ إن قولكم هذا ليس طعناً فيهم, بل فى الذى أرسلهم جل وعلا, وكأنه سبحانه وتعالى لم يحسن اختيارهم, وهو سبحانه الذى قال: {اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:124] وقال: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاس} [الحج:75] إن الذنوب عبارة عن كبائر وصغائر, وأعظم الكبائر هو الشرك بالله, ثم عقوق الوالدين, ثم ذنوب أخرى مثل الربا, والقتل, والسرقة, والزنى, وشرب الخمر, والميسر, والكذب, والتولِّى يوم الزَّحف, وقذف المحصنات, واليمين الغموس... إلخ. وهناك صغائر مثل النظر المحرم, ولمس الأجنبيات باليد... إلى غير ذلك. فالأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - معافون من الذنوب جميعها, صغيرها وكبيرها. أما استغفارهم فهو إمّا من تصرفات عملوها بطبيعتهم, بغير وحى من الله, وهذه التصرفات ليست حراماً, ولكنها لم تصادف مراد الله جل وعلا. وإمّا استغفاراً من حالة إيمانية أو تعبدية أقل مما هم عليه فى سائر أحوالهم, قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((إنه لَيُغان على قلبى, وإنى لأستغفرُ الله فى اليوم مائة مرة)) [صحيح مسلم] قال العلماء: إن إيمان النبى – صلى الله عليه وسلم - وعبوديته لربه فى ازدياد مستمر, فهو يستغفر فى كل مرة من الحالة التى قبلها, أى الحالة التى كانت أقل إيماناً من حالته لحظة استغفاره. والحالة الثالثة من استغفار الأنبياء أنه استغفار عبودية, لأن الاستغفار تكليف من الله لجميع خلقه من الجن والإنس, حتى المعصومين منهم, وهم الأنبياء والمرسلون, صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وسنذكر بعض الأمثلة على تصرف الأنبياء بطبيعتهم بغير وحى من الله, وبالله التوفيق:
    عفو النبى – صلى الله عليه وسلم - عن المنافقين المتخلفين عن الخروج معه فى غزوة تبوك {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} [التوبة:43].
    أَخْذ الفِدْيَة من المشركين مقابل الأسرى فى غزوة بدر {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْض} [الأنفال:67].
    استغفار النبى – صلى الله عليه وسلم - لعمه أبى طالب, وقد مات مشركاً {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيم} [التوبة:113].
    عبوس النبى – صلى الله عليه وسلم - عندما دخل عليه عبد الله بن أم مكتوم - رضي الله عنه - وعنده كبار القوم, يحاول أن يدعوهم إلى الله عز وجل, مع أن عبد الله كان أعمى, لا يرى عبوس النبى – صلى الله عليه وسلم - ولم يعبس النبى فى وجهه تأففاً منه, ولكن حرصاً على هداية الجالسين معه {عَبَسَ وَتَوَلَّى{1} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} [عبس:1-2].
    تحريم النبى – صلى الله عليه وسلم - على نفسه أكل العسل, لأنه عندما أكله عند السيدة زينب بنت جحش - رضى الله عنها - ثم دخل على السيدة عائشة والسيدة حفصة - رضى الله عنهما - قالتا له: أكلت مغافير؟ إنا نجد منك رائحة مغافير (وهو الصمغ) وقد قالتا له ذلك لغَيْرتهما من السيدة زينب, فأقسم ألا يأكله بعد ذلك, فعاتبه ربه, وقال له: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم} [التحريم:1].
    سؤال سيدنا نوح ربه أن ينجى ولده من الغرق, وقد كان ولده مشركاً {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} [هود:45] وسيدنا نوح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - لم يدعُ لولده إلا لأنه فهم من قول الله جل وعلا: {احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَك} [هود:40] أن ابنه من أهله, ولكن الله سبحانه وتعالى كان له مُراد آخر من قوله: {وَأَهْلَك} أى أهله فى الإيمان, وليس فى النسب {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ{46} قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِين} [هود:46-47].
    دعاء سيدنا نوح على قومه {وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارا} [نوح:26].
    خروج سيدنا يونس - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - من بين أظْهُر قومه (غضباً عليهم) بغير إذن من الله جل وعلا {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87] فما كان ينبغى له أن يخرج من بين أظْهُرِهم إلا بإذن الله, كما فعل ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فى الهجرة, فإنه لم يخرج من مكة إلى المدينة مهاجراً إلا بإذن ربه جل وعلا.
    قتل سيدنا موسى للقبطى الذى تشاجر مع رجل من قومه, مع أن سيدنا موسى (على نبينا وعليه الصلاة والسلام) لم يكن يقصد قتله {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْه} [القصص:15] ولم يكن حينها رسولاً, ولكنه اعتبر ذلك ذنباً, واستغفر ربه {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَه} [القصص:16].
    كذب سيدنا إبراهيم على قومه لمحاورتهم, فلم يكن كذبه - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - كذب معصية, ولكنه كان لمحاولة إقناعهم بوحدانية الله جل وعلا (كما ورد فى سورتى الأنعام والأنبياء).
    استماع سيدنا داود - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - للمتخاصمين, وحكمه بينهما {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَاب} [ص:21] إلى نهاية القصة, ثم استغفاره {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص:24] وقد قال العلماء: إنه استغفر ربه لأنه سمع من أحد المتخاصمين, ولم يسمع من الآخر. وقيل: لأنه حكم بينهما فى يوم انقطاعه لعبادة ربه, ولم يكن يوم القضاء بين الناس. وقيل: لأنه ظن بهم السوء, وأنهم جاءوا ليقتلوه, لأنه كان يجلس منفرداً, وقد تسوَّروا عليه الجدار {فَفَزِعَ مِنْهُم} [ص:22] أمّا ما قيل من أن هذا مَثَل ضُرِبَ لما فعله مع أحد جنوده, واسمه (أوريا) حين رأى امرأته فأعجبته, فأمره أن يطلقها ليتزوجها, فإن هذا من الإسرائيليات المكذوبة عليه, فإن الأنبياء معصومون, لا يصدر منهم مثل هذه التصرفات الوضيعة الخسيسة, وقد ذكرنا ملخص القصة المكذوبة عليه فى الكتاب المقدس, فى الرد على الشبهة رقم (109).
    مما سبق وغيره يتضح أن استغفار الأنبياء والمرسلين لم يكن عن ذنوب حقيقية, ولكنها كانت نِسْبِيَّة, فمثلاً: لو أن طالباً اعتاد أن ينجح كل عام بدرجة 100% ثم نجح بدرجة 95% فإن هذا يحزنه, لأنه نزل عن مستواه, أما لو كان ينجح كل عام بدرجة 60% ثم نجح بدرجة 90% فإن هذا يسعده, ويكون شرفاً فى حقه. وقد جاء فى الحديث التالى عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ذكر بعض ذنوب الأنبياء, حيث قال: ((أنا سيد الناس يوم القيامة, وهل تدرون مِمَّ ذلك؟ يجمع الله الأولين والآخرين فى صعيد واحد, يُسمِعُهُم الداعى, ويُنفِذُهُم البصر, وتدنو الشمس منهم, فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون, ولا يحتملون, فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: ائتوا آدم, فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبونا, أنت أبو البشر, خلقك الله بيده, ونفخ فيك من روحه, وأمر الملائكة فسجدوا لك, اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم آدم: إن ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله, وإنه نهانى عن الشجرة فعصَيْتُه, نفسى نفسى نفسى, اذهبوا إلى غيرى, اذهبوا إلى نوح, فيأتون نوحاً فيقولون: أنت أول الرسل إلى أهل الأرض, وسمّاك الله {عَبْداً شَكُوراً} اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم نوح: إن ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله, وإنه قد كانت لى دعوة دعوت بها على قومى, نفسى نفسى نفسى, اذهبوا إلى غيرى, اذهبوا إلى إبراهيم, فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم! أنت نبى الله, وخليله من أهل الأرض, اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم: إن ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله, وإنى قد كنت كذبت ثلاث كذبات, نفسى نفسى نفسى, اذهبوا إلى غيرى, اذهبوا إلى موسى, فيأتون موسى فيقولون: يا موسى! أنت رسول الله, فضَّلك الله برسالاته وبكلامه على الناس, اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول: إن ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله, وإنى قتلت نفساً لم أُومَرْ بقتلها, نفسى نفسى نفسى, اذهبوا إلى غيرى, اذهبوا إلى عيسى, فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله, وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه, وكلَّمت الناس فى المهد, اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم عيسى: إن ربى قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله, نفسى نفسى نفسى, اذهبوا إلى غيرى, اذهبوا إلى محمد, فيأتوننى فيقولون: يا محمد! أنت رسول الله, وخاتم الأنبياء, وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر, اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطَلِقُ فآتى تحت العرش فأقَعُ ساجداً لربى, ثم يفتح الله علىَّ, ويلهمنى من محامده, وحسن الثناء عليه, شيئاً لم يفتحه لأحد قبلى, ثم يقال: يا محمد! ارفع رأسك سَلْ تُعْطَ, واشفع تُشَفَّع, فأرفعُ رأسى فأقول: يا رب أمَّتى أمَّتى, فيقال: يا محمد أدخِل الجنة من أمَّتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة, وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب, والذى نفسى بيده إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة لَكَمَا بين مكة وهَجَر, أو كما بين مكة وبُصرَى)) [صحيح الجامع:1466]‌ والثلاث كذبات اللاتى يقصدهن سيدنا إبراهيم, اثنتان منهما كانتا لمحاورة قومه (كما ذكرنا من قبل) والثالثة حينما ذهب إلى مصر, وكانت معه زوجته, فقال لهم إنها أخته, لأنه خاف إن علموا أنها زوجته, أن يقتلوه ليأخذوها منه, لشدة جمالها, ومع أنه كان يقصد أنها أخته فى الله, ولكن لشدة خوفه من الله جل وعلا, اعتبرها كذباً.
    فيا من سألتم هذا السؤال, وزعمتم أن القرآن يُقِرّ بعدم عصمة الأنبياء مثل الكتاب المقدس.. فهل ما ذكرناه من ذنوبهم (وهى ليست ذنوباً على الحقيقة) يتوافق مع مانسبتموه إليهم من فظائع الذنوب, مثل الزنى, والسرقة, وشرب الخمر, وغير ذلك مما ذُكِرَ فى مواضع كثيرة من هذا الكتاب؟ {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}, والله أعلم.



    الشبهة الواحدة و الخمسون (51):
    - يصف القرآن الإنسان تارة بأنه حمار, وتارة بأنه كلب, وتارة بأنه كالأنعام, وذلك فى الآيات التالية: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} [الجمعة:5] {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف:176] {أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف:179] وكذلك يشبِّه رسولكم الإنسان بالكلب, فى قوله: ((الخوارج كلاب النار)) [سنن ابن ماجه, صحيح الجامع:3347] فأين تكريم الإنسان إذن؟

    الرد:
    - إن كل الآيات التى ذكرت هذه العبارات لم تصف إنساناً بعينه, ولكنها شبهت أنواعاً من البشر, يجمع بينهم قاسم مشترك - وهو الكفر بالله جل وعلا - بأنواع من الحيوانات, والله سبحانه وتعالى أعلم بعباده وصفاتهم, وما يوافق بعضها بعضاً. ولماذا تتعجبون؟ فإن الكافر بالله أحَطُّ من الحيوان, لأن الحيوان يعرف ربه, ويسبح بحمده {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء:44] وعلى سبيل المثال.. فقد ذكر لنا القرآن ما قاله الهدهد لسيدنا سليمان, على نبينا وعليه الصلاة والسلام: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ{25} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل:25-26] فالآية الأولى فى السؤال تخص بالذكر اليهود الذين لم يعملوا بما أنزل إليهم فى التوراة, فكانوا مثل الحمار الذى يحمل على ظهره كتباً قيّمة, ولكنه لا يعرف قيمتها, ولا يفقه ما فيها, وهى ليست خاصة باليهود, وإن نزلت بسببهم, فالعبرة بعموم اللفظ, لا بخصوص السبب, فلو فعل المسلمون فعلتهم, لكانوا مثلهم. والآية الثانية تصف من جحد الحق, رغم علمه بأنه الحق, فبعدما آتاه الله آياته, انتكس وكفر بها, لِعَرَض من الحياة الدنيا, فكان مَثَلُه كمثل الكلب الذى يلهث فى جميع الأحوال, سواء طارَدتَّه أم تركتَه. قال العلماء: إنه مثل للكافر الذى لا يهتدى, سواء دعوته أم لم تدعُهُ, فجاء تشبيهه بأحط شىء من أحوال الحيوانات, لأن جميع الحيوانات تلهث من الفرار والجرى, أما فى حالة الراحة والسكون فلا تلهث, بخلاف الكلب الذى يلهث فى الحالتين. وقد شُبِّهَ الكافر به لأن الإيمان هو الذى يُطَمْئِن قلب الإنسان, فيستريح ويسكن, وبدونه فلا راحة لقلبه ولا سكون على أى حال {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [البقرة:6] أما الآية الأخيرة فهى وصف عام للكافرين بأنهم كالأنعام التى لا تفقه ماترى وتسمع. أما حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يخص أحداً بعينه, ولكنه يتكلم عن الخوارج عامة, وهم الذين يُكفِّرُون المسلمين بمعاصيهم, ويُقنِّطونهم من رحمة الله تعالى, فكان جزاؤهم من جنس صنيعهم, فكما كانوا ينبحون على المؤمنين, ويخيفونهم بأفكارهم الضالة, فهم ينبحون ويخيفون من يستحق النباح والتخويف فعلاً, وهم أهل النار, والعياذ بالله. ولم يَرِدْ عنه – صلى الله عليه وسلم - قط أنه شتم أو سب أحداً بعينه, بل إنه نهى عن الشتم والسب فى أكثر من حديث, على نقيض ما جاء فى كتابكم المقدس, واقرأوا إن شئتم:
    أيها الْجُهّال والعُميان (متى23: 19)
    لا تعطوا القدس للكلاب. ولا تطرحوا درركم قدّام الخنازير. (متى7: 6)
    أيها الحيّات أولاد الأفاعى كيف تهربون من دينونة جهنم. (متى23: 33)
    فقال له الله يا غبى (لوقا12: 20)
    أولاد اللعنة. (رسالة بطرس الثانية2: 14)
    أما الرجل ففارغ عديم الفهم وكَجَحش الفرا يولد الإنسان (أيوب11: 12)
    الإنسان الرِّمَّة وابن آدم الدود. (أيوب25: 6)
    أنتم الآن أيها الفريسييون تنقُّون خارج الكأس والقصعة وأما باطنكم فمملوء اختطافاً وخُبثاً. يا أغبياء أليس الذى صنع الخارج صنع الداخل أيضاً. (لوقا11: 39-40)
    ها أنا أرسلكم كغنم فى وسط ذئاب. فكونوا حكماء كالحيّات وبُسطاء كالحمام. (متى10: 16)
    فليس للإنسان مَزيَّة على البهيمة لأن كليهما باطل. [الجامعة3: 19]
    قد أصابهم ما فى المثل الصادق كلب قد عاد إلى قيئه وخنزيرة مغتسلة إلى مراغة الحمأة (رسالة بطرس الثانية2: 22)
    يا ابن المتعوِّجة المتمردة أمَا علمتَ أنك قد اخترتَ ابن يَسِّى لخِزْيك وخِزْى عَورة أُمّك. (صموئيل الأول20: 30)
    فتتعثر فى النهار ويتعثر أيضاً النبى معك فى الليل وأنا أَخْرِبُ أُمَّك. (هوشع4: 5), والله أعلم.



    الشبهة الثانية و الخمسون (52):
    - يتناقض القرآن مع العلم تناقضاً واضحاً, فيزعم أن القلب هو الذى يعقل, فيقول: {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف:179] ويقول: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46] مع أن العلم يثبت أن الإنسان يعقل بمخه وليس بقلبه, فالقلب ليس إلا مضخة للدم, وليس للتفكير أو التعقل.

    الرد:
    - لماذا تتعجبون من هذا, وقد جاء فى كتابكم المقدس ما هو أشد منه.. ألا وهو ختان القلب, ولا ندرى كيف يكون هذا الختان؟
    فاختنوا غُرلَة قلوبكم [تثنية10: 16]
    وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان. (رسالة بولس إلى رومية2: 29)
    كما جاء فيه قول معبودكم: فستعرف جميع الكنائس أنى أنا هو الفاحص الكُلَى والقلوب سأعطى كل واحد منكم بحسب أعماله. (رؤيا يوحنا2: 23) ولا ندرى ما شأن الكُلَى بالأعمال!؟
    إن القلب بالنسبة للمخ كغرفة التحكم, أو غرفة العمليات, فالمخ يفكر ويطرح مُعطياته على القلب, والقلب هو الذى يقرر نتيجة هذا التفكير, ويختلف هذا القرار بين الأفراد على حسب ما فى قلوبهم من الإيمان أو عدمه, كغرفة عمليات قائدها طيِّب, وأخرى قائدها شرِّير, والإنسان مهما بلغ فلن يحيط بكل شىء من علم الله سبحانه وتعالى {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء} [البقرة:255] والأطباء أنفسهم يعترفون بأن أغوار الإنسان وأسراره لم يُكتشف منها إلا القليل, وخصوصاً المخ.. يقولون عنه إنه كالقارَّة المظلمة, رغم كل ما اكتشفوه من تركيبه التشريحى, ووظائفه الحيوية. وفى الواقع شاهد على أن القلب يشعر بالأفراح والآلام والأحزان وغير ذلك, فمن ينكر أن قلبه ينشرح لأشياء وينقبض لغيرها؟ حتى إنهم ليقولون: قلبى مطمئن أو مستريح لكذا, قلبى منقبض من كذا, قلبى يقول لى كذا, هذا قلبه أبيض, وهذا قلبه أسود, هذا يتكلم من قلبه, ما خرج من القلب دخل إلى القلب, وما خرج من اللسان لا يتجاوز الآذان... إلخ. فأخبرونى بربكم ما معنى هذا الكلام لو كان القلب مجرد مضخة للدم كما تقولون؟ فالمؤمن يطمئن قلبه بما يرضى الله, وينقبض لما يغضبه {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر:23] على خلاف الكافر أو المنافق أو الفاسق الذى ينشرح صدره لما يغضب الله, وينقبض لما يرضيه {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر:45]
    ولنضرب مثلاً للفرق بين القلوب: يعلم شخصان بوجود امرأة عجوز غنية, تعيش بمفردها, ولا يخدمها أحد, هذه القضية مفهومها واحد, ومُعطياتها واحدة, لا يلتبس فهمها على أحد, ولكن الشخصين اللذين عرضت عليهما هذه القصة كان أحدهما مؤمناً والآخر سارقاً, فَرَقَّ لها قلب المؤمن, وسعى فى المجىء لها بمن يخدمها, أما الآخر فطمع فيها وقرر أن يسرقها, لماذا؟ لأن المؤمن صالِحٌ قلبه, وأما السارق ففاسدٌ قلبه, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الحلالَ بَيِّنٌ وإن الحرامُ بَيِّنٌ, وبينهما مُشتَبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس, فمن اتقى الشُّبُهات استبرأ لعِرضهِ ودينهِ, ومن وقع فى الشُّبُهات وقع فى الحرام, كالراعى يَرعىَ حول الحِمَىَ يُوشكُ أن يرتعَ فيهِ, ألا وإن لكل ملِكٍ حِمَىَ, ألا وإن حِمَى الله مَحَارِمُهُ, ألا وإن فى الجسدِ مُضغةً, إذا صَلَحَت صَلَحَ الجسدُ كُلُّهُ, وإذا فسدت فسد الجسد كُلُّهُ, ألا وهى القلب)) [صحيح مسلم] فصلاح الإنسان أو فساده مَنوط بصلاح قلبه أو فساده. وهناك مثال آخر: يعلم شخصان - أحدهما مؤمن والآخر فاسق - بمكان أحد المجاهدين المختبئين من العدو, وقد رصد هذا العدو جائزة مالية كبيرة لمن يدله على هذا المجاهد, هل يلتبس فهم هذه القضية على الصغير فضلاً عن الكبير؟ وهل يلتبس فهمها على الأمِّى فضلاً عن المتعلم؟ إن مفهومها واحد, ولكن الفرق فى صلاح القلب أو فساده, فقلب المؤمن يوجِّههُ إلى التستُّر عليه, وأما قلب الفاسق فيوجِّههُ إلى إبلاغ العدو عنه, أما المخ فهو الذى يفكر فى وسيلة التستر عليه أو الإبلاغ عنه, وكأن القلب قد أعطى إشارة معينة للمخ ليتصرف بموجبها. وهناك أمثلة كثيرة فى حياة كل واحد منا يستدل بها على صلاح القلب أو فساده, سواء بالنسبة له أو لغيره.
    ونريد أن نسألكم أيها العِلمانيون الماديون, يا من لا تعترفون إلا بما أثبته العلم.. ألم يُقِرّ العالم أجمع بأن القلب يحب ويكره؟ وهل يختلف على ذلك اثنان؟ فهل أثبت العلم أن القلب به خلايا معينة أو صمامات تحب وتكره؟ إن غاية ما أثبته العلم هو اضطراب ضرباته بالزيادة أو النقصان حسب الحالة النفسية للإنسان, أما كيف يحب أو يكره فلم يصل إليه العلم إلى الآن.
    وقد جاء برنامج (عن كَثَب) على قناة (الجزيرة) يوم الأربعاء الموافق العاشر من يناير لعام2007, فتحدَّث عن بعض مرضى القلب الذين أُجرِيَت لهم جراحة زرع قلوب من أناس ماتوا فى حوادث أو غيرها, فوجدوا أن هؤلاء المرضى قد تغيرت بعض أنماط حياتهم واهتماماتهم وأنشطتهم وفقاً لما كان عليه أصحاب تلك القلوب الأصليون, مع العلم بأن هؤلاء المرضى لا علم لهم بمن أخذوا منهم تلك القلوب, لأن هذا الأمر يخضع لسريَّة تامة (حتى لا يظن ظانّ أنها حالة نفسية اعترتهم) ومن أمثلة ما حدث من هذا التغيير أنهم وجدوا رجلاً لم يَحْظَ بقدر كبير من التعليم, لأنه خرج من المدارس فى سن مبكرة, ويعمل أعمالاً مهنية, ولم يكتب فى حياته شعراً ولا نثراً, ولا حتى رسالة, ثم أصبح بعد زراعة القلب يحب الشعر ويؤلفه ويكتبه, وأصبح عاطفياً نحو امرأته أكثر مما كان, وبعد الاستقصاء عن صاحب القلب الأصلى علم أنه كان عاطفياً وشاعراً. وحالة أخرى هى امرأة كانت رقيقة تخاف من المشاكل, لدرجة أنها كانت تترك لزوجها الغرفة إذا شاهد مباريات كرة القدم فى التِلفاز, ثم بعد أن نقلوا إليها قلب رجل مُلاكِم أصبحت عنيفة, وتشاهد المباريات, وتَصيحُ معها, وتُشيرُ بيديها, وتَسُب كالرجال. وآخر كان لا يهتم بالرياضة, ثم أصبح بعد نقل القلب يحبها ويتسلق الجبال, لأن صاحب القلب كان يعشق الرياضة ويهوى المخاطر. وآخرون أصبحوا يحبون أكلات لم يكونوا يحبونها قبل زراعة القلوب لهم, وهذا كله دفع العلماء أن يُعمِلوا فكرهم وأبحاثهم ليعرفوا ما سر هذا التغيير فى حياة هؤلاء الأشخاص, فوجدوا أن القلب به شبكات عصبية, وخلايا دِماغية, وموجات مغناطيسية قوية, وأنه يسيطر على المخ, ويرسل إليه إشارات ويتلقى منه إشارات أخرى, ولكن التى يرسلها أكبر بكثير مما يستقبلها, وأنه هو الذى يُوَجِّه سلوك الإنسان, ويتحكم فى تصرفاته, وأنه يحتفظ بجزء كبير من ذاكرته, وأن له علاقة بذكائه وتفكيره, فسبحان من قال: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت:53]
    وقد جاء فى الكتاب المقدس ما يؤيِّد ما نحن بصدده, إذ يقول:
    وأما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر. وذاك ينجس الإنسان. لأن من القلب تخرج أفكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف. هذه هى التى تنجس الإنسان. (متى15: 18-20)
    لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة زنى فسق سرقة طمع خبث مكر عهارة عين شريرة تجديف كبرياء جهل. (مرقس7: 21-22), والله أعلم.


    يتبع









  4. #24

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة الثالثة و الخمسون (53):
    - إن رِدَّة عبد الله بن أبى السرح تدل على أن القرآن اجتهاد بشرى, لأنه كان يكتب القرآن لمحمد, فأكمل من عنده آية, فوجدها مثل ما قالها له محمد, فعلم أنه من تأليفه, وارتد لهذا السبب.

    الرد:

    - إن عبد الله بن أبى السرح - رضي الله عنه - كان يكتب الوحى لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - وذات مرة كان الرسول – صلى الله عليه وسلم - يُمْلى عليه قول الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ{12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ{13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} [المؤمنون:12-14] فأُعجِبَ عبد الله بهذا الكلام, فقال: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} فأمره الرسول – صلى الله عليه وسلم - أن يكتبها كما قالها, لأنها هكذا نزلت, فشكَّ عبد الله فى القرآن, وظن أنه من عند سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - فارتد عن الإسلام, وفَرَّ إلى مكة, وقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم - يعلم نهاية الآية قبل أن ينطق بها عبد الله, فلم يأخذها منه, ولكنها وافقت قوله, وقد حدث مثل هذا الأمر مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فى عدة مواقف, ولكنه لم يرتد كما ارتد عبد الله. فمثلاً: عندما استشار الرسول – صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعمر فى أُسارى بدر, فأشار عليه أبو بكر - رضي الله عنه - بقبول الفِديَة, وأشار عليه عمر بقتلهم, فوافق القرآن قول عمر - رضي الله عنه - ووافقه فى فرض الحجاب على النساء, وعلى القول الفصل فى تحريم الخمر, وقد كان كُتّاب الوحى سبعة, والصحابة بالآلاف, ولم يرتد منهم أحد, فليس معنى موافقة القرآن لقول عبد الله أن القرآن من تأليف سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - فإن الإنسان بفطرته يعلم كثيراً من الحلال والحرام بغير وحى من السماء, كما نرى ذلك فى بعض البلدان الشيوعية أو البوذية التى تحرم القتل والزنى والسرقة وغير ذلك من المنكرات. ثم إن عبد الله رجع إلى الإسلام بعد فتح مكة, وحَسُنَ إسلامه, واستعمله أبو بكر وعمر بعد موت الرسول – صلى الله عليه وسلم - , والله أعلم.



    الشبهة الرابعة والخمسون (54):
    - هل كفر عمر بن الخطاب حين أقسم أن هناك آية للرجم يُعمَلُ بها, ولم تُكتَب فى المصحف, لأن هناك غَنَمَة أكلت صحيفة من صُحُف القرآن - كما جاء فى الحديث الذى روته عائشة - أم أن القرآن أخطأ حين قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}؟

    الرد:
    - إن عمر بن الخطاب لم يكفر - وحاشاه - حين قال ما معناه: (لولا أن يقال إنى زدتُ فى المصحف لكتبتُ آية الرجم على هامشه) ولم يخطئ القرآن حين قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] إن آية الرجم التى يقصدها عمر هى {الشيخ والشيخة إذا زَنَيَا فارجموهما البتَّة} وقد كانت من الآيات التى نُسِخَت تلاوة وبَقِيَت حُكماً (كما أشرنا إلى ذلك فى الشبهة رقم 31) وقد عمل الرسول بهذه الآية, وعمل بها من بعده الخلفاء الراشدون ومَن بعدَهم من السلف الصالح, وقد قال عمر قولته هذه خشية أن يُترَكَ العمل بها, فأراد أن يكتبها على الهامش ليُذكِّر الناس بها, ولم يُرِد أن يكتبها فى صُلب نصوص القرآن لعلمه بنسخها, وإلا- فلماذا لم يُشِر على زيد ابن ثابت أن يكتبها فى المصحف, وهو الذى أشار على أبى بكر بتدوين القرآن فى مصحف واحد, عندما قتل سبعون من الحفظة فى حرب الردة؟ وفى بادئ الأمر رفض أبو بكر الفكرة, لأن الرسول لم يفعلها, ولكن مع إلحاح عمر عليه قَبِلها, وأمر زيد بن ثابت بجمع القرآن وجعله فى مصحف واحد, وكان زيد لا يقبل أى آية إلا إذا شهد بها اثنان علىالأقل من الصحابة , فلم يثبت قط أن عمر بن الخطاب عرض هذه الآية عليه, بغض النظر هل كان زيد سيجد شاهداً عليها أم لا. وبفرض أن الداجن أكلت ما فى الصحيفة, وكان فيها آية الرجم, فهل هذا يعنى أنها كانت الصحيفة الوحيدة التى لا مثيل لها فى بيوت الصحابة ؟ لقد كان القرآن فى صدورهم, ومدوَّن على اليعاسيب وسعف النخيل والأكتاف والرقاع, وبهذا كان القرآن محفوظاً فى الصدور والسطور, وما فى الصدور كان أقوى مما فى السطور, فهل كان عمر هو الوحيد الذى يعلم هذه الآية؟ لقد كانوا يعلمونها, ولكنهم كانوا يعلمون بنسخها, وبقاء حكمها (موضوع الداجن التى أكلت الصحيفة تم الرد عليه فى الشبهة رقم (62) ولله الحمد والمنَّة), والله أعلم.



    الشبهة الخامسة و الخمسون (55):
    - إن القرآن يعترف بأن اليهود والنصارى على حق, فيقول: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:62] ويقول: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة:69]

    الرد:
    - إن أرجح الأقوال فى الصابئين أنهم عُبّاد النجوم, فهل من يعبد النجوم يؤمن بالله واليوم الآخر؟ وهل له منهج ليعمل صالحاً؟ إن معنى الآيات الكريمة هو فتح باب التوبة لكل هؤلاء أن يؤمنوا بالله ورسوله – صلى الله عليه وسلم - ويعملوا صالحاً. فلم يَرِد فى القرآن الكريم كله ذكر {الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} إلا بمعنى الإيمان بالله ورسوله محمد – صلى الله عليه وسلم - , والعمل الصالح هو ما وافق هديه – صلى الله عليه وسلم - , حتى لو أن أحد المسلمين عمل عملاً يظن أنه صالح, ولكنه لم يوافق هديه – صلى الله عليه وسلم - فلن يقبل منه, كأن يصلى العشاء خمس ركعات, أو يحج فى شهر رجب, أو يصوم إلى العصر... إلخ. : {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران:31] فشرط قبول أى عمل أن يكون موافقاً لهدى النبى – صلى الله عليه وسلم - وأن يكون خالصاً لوجه الله الكريم {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110] {عَمَلاً صَالِحاً} هو ما وافق هدى النبى – صلى الله عليه وسلم - {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} هو الإخلاص لله فى هذا العمل, قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدّ)) [صحيح الجامع:6398] ((فهو رد)) أى مردود عليه غير مقبول. وقد مر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على حَبر من أحبار اليهود, فوجده على حاله من الهزال والشحوب, مما أصابه من كثرة العبادة, فبكى عليه, وتلا قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ{2} عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ{3} تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً} [الغاشية:2-4] لأن كل عبادته لن تنفعه, طالما أنه لم يؤمن بالرسول – صلى الله عليه وسلم - . وقد ضربنا لذلك مثلاً بالطالب الذى عنده امتحان لغة عربية, وظَلَّ يذاكر طوال العام مادة أخرى, كالكيمياء أو غيرها, هل ينجح فى الاختبار؟ أو المسافر الذى تعب واجتهد فى إصلاح سيارته, ثم اتجه بها إلى طريق خاطئ, وهو يظن أنه سيوصله لغايته, ولكن هيهات هيهات, لقد ضلَّ الطريق منذ البداية, فأنَّى له الوصول فى النهاية؟, والله أعلم.


    يتبع









  5. #25

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة السادسة و الخمسون (56):
    - أنتم تقولون إن القرآن نزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء:195] مع أنه قد ورد به كثير من الكلمات العبرية, والآشورية, والفارسية, والحبشية, وغير ذلك, مثل {الْأَرَائِكِ} {قَسْوَرَةٍ} {إِسْتَبْرَقٌ} {أَبَارِيقَ} {قَمْطَرِيراً} {سِجِّيلٍ} {حَصْحَصَ} {الْإِنجِيلَ}... إلخ.

    الرد:

    - هناك كلمات لا تُتَرجم إلى أى لغة, مثل الأسماء.. كعبد الله, وعبد الرحمن, ومحمد, وأحمد, وحسن, وعلى... إلخ. فحين نستمع لنشرة الأخبار باللغة الإنجليزية أو الفرنسية نجدهم ينطقون الأسماء كما هى (بغض النظر عن عدم استطاعتهم لنطق بعض الحروف مثل العين) فهل سمع أحد منا من يقول عن شخص اسمه (سعيد) إن اسمه (هابى) أو شخص اسمه (الأسد) إن اسمه (ليون)؟ ونحن أيضاً حين ننطق أسماءهم ننطقها كما هى, رغم صعوبة بعضها وغرابته. فهناك كلمات أُدخِلَت على اللغة العربية فصارت كأنها منها, مثل سندوتش, راديو, تليفون, تليفزيون, كمبيوتر... إلخ. وهناك بعض الكلمات فى القرآن لم تكن من اللغة العربية الأصلية, ولكنها أصبحت منها لكثرة استعمالها, ولكن مع هذا لا تجد جُملة واحدة فى القرآن بلغة غير العربية. إذن فهى كلمات فقط وليست جُمَلاً, فلا يعنى وجود هذه الكلمات أن القرآن غير عربى. فمثلاً: لو دخلنا مسجداً به آلاف المصريين, وبينهم اثنان أو ثلاثة ليسوا مصريين, ثم قلنا إن هذا المسجد ملىء بالمصريين, هل نكون كاذبين؟ وهل وجود اثنين أو ثلاثة من غيرهم ينفى الصفة عنهم؟ ثم إن الكفار أنفسهم لم يعترضوا على مجىء هذه الألفاظ فى القرآن, وهم أعلم الناس باللغة العربية, وقد كانوا يتمنون أن يجدوا فيه أى خطأ ليقدحوا فى نبوته – صلى الله عليه وسلم - فهل أنتم أعلمَ منهم؟, والله أعلم.



    الشبهة السابعة و الخمسون (57):
    - إن قصة آدم مع إبليس جاءت فى سبع سور, إن هذه إطالة مملَّة, وكذلك قصص الأنبياء مع أقوامهم جاءت فى عدة سور, أمَا كان يكفى أن تكون هذه القصص فى سورة أو سورتين؟

    الرد:
    - إن هذا ليس تكراراً, فالذى يقرأ هذه الآيات يدرك عدم مطابقتها الحرفية لبعضها, فقد جاءت فى عدة مواضع, بصور مختلفة, لتخدم الغرض الذى ذُكِرت له, فهنا مشاهد لم تُذكَر فى تلك, وإيضاحات هناك لم تذكر هنا, أحياناً تَرِد باختصار, وأحياناً بإسهاب.. وهكذا. فمثلاً - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - لو أن هناك حدثاً هائلاً وقع فى مكان ما, وتمَّ تصويره بكاميرات الفيديو, أو التصوير الفوتوغرافى, لعرضها على المشاهدين, فهل يلتقطون له منظراً واحداً, أم أنهم يلتقطون له عدة مناظر, من عدة جوانب, حتى يعلم المشاهد من مجموع صُوَره حقيقة ما حدث فيه؟ إذا كان هذا يحدث فى أمور الدنيا, وهى مهما كانت فلن تبلغ أهمية صراع الإنسان مع الشيطان, ونهاية هذا الصراع بالكفر أو الإيمان. صحيح أن الله قادر على أن يعرض جميع مُلابَسات القصة فى سورة واحدة (كما فى سورة يوسف) ولكن لابد من تكرارها لأهميتها, فإن قضية معصية الإنسان للرحمن, وطاعته للشيطان, فى منتهى الخطورة, بل هى أخطر القضايا فى حياة الإنسان, فهى قضية صراعه مع الشيطان, وهذا الصراع نهايته إمّا إلى جنة أو إلى نار, فهى مسألة ليست هينة ولا بسيطة, فلابد من التنبيه عليها مرات عديدة, حتى نأخذ منها حذرنا, ونعد لها عدتنا. ومثال آخر - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - لو قلت لابنك: ذاكر لأن الامتحان سيكون صعباً, ثم تركته طوال العام حتى جاء الامتحان فوجده فى منتهى الصعوبة, ألا يعاتبك أنك لم تحذره كما ينبغى؟ ألا يقول لك: لقد قلت لى مرة واحدة إن الامتحان سيكون صعباً, ولكنى نسيت, أو لم أتوقع أنه بهذه الصعوبة؟ أو لو أن هناك منطقة محذوراً السير فيها, لخطورتها على حياة الإنسان, فهل تضع الحكومة لافتة واحدة تشير إلى مكانها؟ إنها تضع عدة إشارات, وجنوداً, ومتاريس, وأضواء, وإنذارات بعدم الاقتراب. ولو أن هناك أسلاكاً كهربائية عارية فى الشارع, والتى نسميها (كوفريه) فإنك تحذر ابنك منها كلما نزل إلى الشارع, ولا تكتفى بتحذيره مرة واحدة. وقد رأينا كيف كان تحذير الدولة من أكل الدجاج, خوفاً من الإصابة بأنفلونزا الطيور, رغم أن نسبة الإصابة بها حوالى نصف فى المليون, فما بالكم بالإصابة بالنار وبئس القرار؟ ألا نحتاج التحذير مراراً وتكراراً؟ وأمّا قصص بقية الأنبياء - على نبينا وعليهم الصلاة والسلام - فقد تكررت لأنها تخدم نفس القضية, وتصُب فى نفس الموضوع, وهو الإيمان وما يترتب عليه من خيْرَى الدنيا والآخرة, أو الكفر وما يترتب عليه من عذاب الدنيا والآخرة.
    ومن يرجع إلى الكتاب المقدس - بعهديه القديم والحديث - يجد به من التكرار ما لا حصر له, لدرجة تكرار فقرات كبيرة بأكملها, أو مع تغيير بسيط, فهناك تطابق كلمة بكلمة, وحرف بحرف, وشولة بشولة, بين (الملوك الثانى19: 1-12) مع (إشعياء37: 1-12) فهل نسى الله سبحانه وتعالى أنه أنزل هذا الكلام, فأنزله مرة أخرى؟ وقد جاء هذا التكرار فى إصحاحات أخرى مع تغيير بسيط, مثل (أخبار الأيام الأول: الإصحاح17) مع (صموئيل الثانى: الإصحاح7) و(أخبار الأيام الأول: الإصحاح18) مع (صموئيل الثانى: الإصحاح8) و(أخبار الأيام الأول: الإصحاح19) مع (صموئيل الثانى: الإصحاح10) وغير ذلك كثير وكثير, والله أعلم.



    الشبهة الثامنة و الخمسون (58):
    - تقولون إن الجذع حَنَّ لفراق رسولكم, عندما تركه وخطب على المنبر, بعد أن كان يخطب عليه, ويقول رسولكم عن جبل أحد: ((أُحُد جبل يحبنا ونحبه)) [صحيح البخارى] وتزعمون أن الجمل اشتكى له من صاحبه الذى كان يضربه ويجوِّعه, وغير ذلك من القصص والروايات, حتى إن القرآن نفسه يزعم أن النمل والهدهد يتكلمون, بل ويزعم أن هناك دابة ستظهر فى آخر الزمان, وتكلم الناس {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [النمل:82]

    الرد:
    - إن هذا كله ليس زعماً, ولكنه حق, فالله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل أى شىء من مخلوقاته يتكلم, ولكن ليس شرطاً أن نفهم هذا الكلام, وإلا- فأخبرونى كيف تتفاهم المخلوقات مع بعضها البعض؟ لقد أثبت العلم - بما لا يدع مجالاً للشك - أن هناك طريقة أو لغة تتفاهم بها المخلوقات, وهذا مُشاهد ومحسوس فى واقعنا, حتى إن الإنسان ليتعجب من آيات الله سبحانه وتعالى فى خلقه, فهذه النحلة التى تكتشف أفضل أنواع الرحيق, ثم تدل بقية النحل على طريقه, أليست هذه لغة؟ وإذا وضعت كمية من السكر على مكان نظيف تماماً, وليس به أى نملة, ثم تركته بعض الوقت, لوجدت عدداً كبيراً من النمل قد التف حوله, فمن أين جاء كل هذا النمل, إلا أن تكون واحدة منه قد بحثت عن رزقها, فلما وجدته دلَّت عليه أخواتها؟ وغير ذلك الكثير مما يضيق المكان عن ذكره, حتى إن بعض النباتات تموت بعد موت من كان يرعاها, حتى لو تولاها بعده أحد غيره {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام:38] ويوم القيامة ستنطق الأيدى, والأرجل, والألسن, والأسماع, والأبصار, والجلود, لتشهد على صاحبها {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور:24] {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت:21]
    إن الله سبحانه وتعالى فهَّمَ سيدنا سليمان لغة النمل, والهدهد, وغير ذلك من المخلوقات, وهذا وغيره, مما حدث معه, أو مع الرسول – صلى الله عليه وسلم - فإنه من باب المعجزات التى أيَّدَ الله بها رسله, صلواته وسلامه عليهم أجمعين. أما الدابة التى ستخرج فى آخر الزمان فسيفهم عنها كل من سمعها, بقدرة الله سبحانه وتعالى {وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
    ولقد جاء فى كتابكم المقدس حوار بين الأشجار, وأن الحيوانات تتكلم, وأن الحجارة تصرخ, ولا ندرى كيف يحدث كل هذا؟!
    وأخبروا يوثام فذهب ووقف على رأس جبل جرزيم ورفع صوته ونادى وقال لهم. اسمعوا لى يا أهل شكيم يسمع لكم الله. مرّة ذهبت الأشجار لتمسح عليها ملكاً. فقالت للزيتونة املكى علينا. فقالت لها الزيتونة أأترك دُهنى الذى به يُكَرِّمُون بى الله والناس وأذهب لكى أملك على الأشجار. ثم قالت الأشجار للتينة تعالى أنتِ واملكى علينا. فقالت لها التينة أأترك حلاوتى وثمرى الطيب وأذهب لكى أملك على الأشجار. فقالت الأشجار للكرمة تعالى أنتِ واملكى علينا. فقالت لها الكرمة أأترك مسطارى الذى يُفَرِّح الله والناس وأذهب لكى أملك على الأشجار. ثم قالت جميع الأشجار للعوسج تعالَ أنت واملك علينا. فقال العوسج للأشجار إن كنتم بالحق تمسحوننى عليكم ملكاً فتعالوا واحتموا تحت ظلى. وإلا فتخرج نار من العوسج وتأكل أَرْز لبنان. (قضاة9: 7-15)
    وكانت الحيوانات الأربعة تقول آمين. (رؤيا يوحنا5: 14)
    فأجاب وقال لهم أقول لكم إنه إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ (لوقا19: 40), والله أعلم.


    يتبع











  6. #26

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    شبهات مُغرضة حول القرآن:
    الشبهة التاسعة و الخمسون (59):
    - أنتم تحرِّمون المِيتة مع أن الله هو الذى قتلها, وتحلُّون وتأكلون ما تذبحون بأيديكم, مع أن يد الله أطهر من أيديكم, فلماذا تأكلون ما قتلتموه, ولا تأكلون ما قتله الله؟ ثم إن الذبح طريقة بشعة, ألا توجد طريقة أهون من ذلك؟

    الرد:
    - لقد توارث المشركون هذا السؤال جيلاً بعد جيل منذ عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم - فحكم الله على من أطاعهم بالشرك {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام:121] أى أن من أطاعهم فى تحليل المِِيتَة فقد أشرك بالله, لأن التحليل والتحريم ليس لأحد غيره. إن المِيتَة لا يصح أن يُقال إن الله قتلها, ولكنه أماتها, ولعلمه بضررها فقد حرم علينا أكلها {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [الأعراف:157] فالذى خلقها هو الذى أمر بذبحها, فهو سبحانه لا يأمر إلا بخير, ولا ينهى إلا عن شر {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54] وقد أثبت العلم الحديث أن الميتة مليئة بالميكروبات والجراثيم التى تسبب الأمراض الفتاكة, فقد أجْرَوْا تجارب علمية كثيرة على الحيوانات, والطيور المذبوحة, وغير المذبوحة, فوجدوا أن الدم المحبوس فى الميتة تنمو فيه الجراثيم بشكل رهيب, على خلاف ما يحدث فى المذبوحة. وقد أجرى فريق من الأطباء السوريين تجارب على الذبائح التى ذُكِرَ اسم الله عليها, والتى لم يُذكَر اسم الله عليها, وقسموها قسمين: لحم مُكبَّر عليه, ولحم غير مُكبَّر عليه, ووضعوهما فى نفس الظروف, وعلى نفس المزارع, فوجدوا أن اللحم المكبَّر عليه خالٍ من الجراثيم, فى حين أن الآخر ملىء بها, فجزاهم الله خيراً. وقد أمرنا نبى الرحمة – صلى الله عليه وسلم - بإحسان ذبح البهيمة, فقال: ((إن الله كتبَ الإحسانَ على كلِّ شىء, فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلَة, وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحَ, وليُحِدَّ أحدكم شفرَتهُ, وليُرِح ذبيحتهُ)) [صحيح مسلم]
    ثم إن كتابكم المقدس لم يأمر بذبح البهيمة فحسب, بل أمر برجمها, وكسر عنقها, رغم أنها لا تعقل: وإذا نطح ثور رجلاً أو امرأة فمات يُرجَم الثور ولا يؤكل لحمه. (خروج21: 28)
    ولكن كل بكر حمار تفديه بشاة. وإن لم تفدِه فتكسر عنقه. (خروج13: 13)
    وينحدر شيوخ تلك المدينة بالعِجْلة إلى وادٍ دائم السيلان لم يُحرَث فيه ولم يُزرَع ويكسرون عنق العِجْلة فى الوادى. (تثنية21: 4)
    ولقد حرم الله المِيتَة فى كل الديانات لضررها, حتى إن كتابكم المقدس لم يحرمها فقط, بل حرم مَسَّها وحملها, فقال: وإذا مات واحد من البهائم التى هى طعام لكم فمن مَسَّ جثته يكون نجساً إلى المساء. ومن أكل من جثته يغسل ثيابه ويكون نجساً إلى المساء. ومن حمل جثته يغسل ثيابه ويكون نجساً إلى المساء (لاويين11: 39-40), والله أعلم.



    الشبهة الستون (60):
    - يحرِّم القرآن لحم الخنزير, مع أنه ليس من أكَلَة اللحوم, كالأسد, والنمر, والقطط, والكلاب, وغيرها, فلماذا يحرم القرآن ما لم يحرمه الكتاب المقدس؟ مع أنه قال: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 48]؟ أى أنه يصدِّق ما جاء فى التوراة والإنجيل.

    الرد:
    - يبدو أن السائل تعمد ألا يذكر الآية كلها, حيث تقول: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} أى أن القرآن يصدِّق ما جاء فى الكتب الأصلية قبل تحريفها, ولكنه مهيمن عليها, أى أنه يُقرّ بعض ما فيها من أحكام, وينسخ البعض الآخر. ويبدو أنه لا علم له بما جاء فى كتابه المقدس, الذى لم يحرم عليه الخنزير فحسب, بل حرم عليه الجمل, والأرنب, والبط, والأَوِز, وغيرها.. إذ يقول:
    شعب يغيظنى بوجهى دائماً... يأكل لحم الخنزير وفى آنيته مَرَق لحوم نجسة... هؤلاء دُخان فى أنفى نار مُتَّقدة كل النهار... لا أسكتُ بل أجازى. أجازى فى حِضنهم. آثامكم وآثام آبائكم معاً قال الرب الذين بخروا على الجبال وعَيَّرُونِى على الآكام فأكيلُ عملهم الأول فى حِضنهم (إشعياء65: 3-7) هذا الكلام ينسبونه لله جل وعلا!!
    وكلَّم الرب موسى وهَرُون قائلاً لهما كَلِّما بنى إسرائيل قائلين. هذه هى الحيوانات التى تأكلونها من جميع البهائم التى على الأرض. كل ما شَقَّ ظلفاً وقسمه ظلفين ويجتر من البهائم فإياه تأكلون إلا هذه فلا تأكلوها مما يجتر ومما يشق الظلف. الجمل. لأنه يجتر لكنه لا يشق ظلفاً. فهو نجس لكم. والوبر. لأنه يجتر لكنه لا يشق ظلفاً فهو نجس لكم. والأرنب. لأنه يجتر لكنه لا يشق ظلفاً فهو نجس لكم. والخنزير. لأنه يشق ظلفاً ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر. فهو نجس لكم. من لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا. إنها نجسة لكم (لاوين11: 1-8) والبط والأوِز داخلان فى التحريم, لأنهما لم يَشُقّا ظلفاً حسب القاعدة المذكورة فى هذه الفقرة. وهناك محرَّمات أخرى فى (سِفْر اللاويين: الإصحاح11) وغيره من الأسفار.
    ولم يكتفِ الكتاب المقدس بتحريم هذه الأشياء, بل حكم بنجاستها, ونجاسة كل من مسَّها, أو وقعت عليه جثثها, وكسر الآنية, وهدم الأبنية التى وقعت عليها جثثها: لكن سائر دبيب الطير الذى له أربع أرجل فهو مكروه لكم. من هذه تتنجسون. كل من مس جثثها يكون نجساً إلى المساء وكل من حمل من جثثها يغسل ثيابه ويكون نجساً إلى المساء. وجميع البهائم التى لها ظلف ولكن لا تشقه شقاً أو لا تجتر فهى نجسة لكم. كل من مسها يكون نجساً. وكل ما يمشى على كفوفه من جميع الحيوانات الماشية على أربع فهو نجس لكم. كل من مس جثثها يكون نجساً إلى المساء. ومن حمل جثثها يغسل ثيابه ويكون نجساً إلى المساء... كل من مسها بعد موتها يكون نجساً إلى المساء. وكل ما وقع عليه واحد منها بعد موتها يكون نجساً. من كل متاع خشب أو ثوب أو جلد أو بَلاس. كل متاع يُعمَل به عمل يُلقى فى الماء ويكون نجساً إلى المساء ثم يطهر. وكل متاع خزف وقع فيه منها فكل ما فيه يتنجس وأما هو فتكسرونه... وكل ما وقع عليه واحدة من جثثها يكون نجساً التنور والموقدة يُهدمان. إنها نجسة وتكون نجسة لكم. (لاويين11: 23-35)
    إن دائرة الحلال أوسع بكثير من دائرة الحرام, حتى إنه لم يأتِ نص واحد فى القرآن الكريم يذكر الأشياء التى أحلها, ولكنه ذكر المحرمات, لأنها قليلة ومعدودة, فالأصل فى الأشياء الإباحة, إلا ما دل النص على تحريمه, ونحن لا نناقش الله سبحانه وتعالى فى أوامره ونواهيه, فهو الإله ونحن العبيد, ومن يناقش الله فى أوامره ونواهيه, فكأنما جعل نفسه نِدّاً لله سبحانه وتعالى. وقد أثبت العلماء أن الخنازير هى سبب انتشار مرض انفلونزا الطيور, لأنهم يقومون فى أوربا بتربية الخنازير بجانب الطيور, وهذا المرض كان يأتى للطيور فيهلكها, ولكنه كان لا ينتقل للإنسان, وأغلب الظن أنه هو الذى كانت تسميه النساء (الفِرَّة) ولكن تربية الخنازير بجانبها, جعلت هذا الفيروس ينتقل للخنازير, ثم يعود إليها بعد أن تحوَّر فى جسد الخنازير, وأصبح صالحاً للانتقال إلى الإنسان, وتسبب له فى هذا المرض المدمر. هذا فضلاً عمّا يسببه أكل لحم الخنزير من أمراض خطيرة, لكونه يأكل من النجاسات والميتة والقمامة, وغير ذلك من الأشياء المقززة, مثل الفئران الميِّتة والحيَّة, حتى أنه يأكل الشاش والضمادات المستخدمة فى علاج تقيّحات الجروح, إذا ما وُجِدَ بجوار قمامة المستشفيات. ومن الأمراض التى يسببها أكل لحم الخنزير:
    أولاً: أمراض باطنية مثل ضغط الدم, والذبحة الصدرية, وتصلُّب الشرايين, والجلطات, وذلك نتيجة الكوليسترول الناتج من تحلل لحم الخنزير بعد تناوله, ودهون الخنزير تترسب فى جسم الإنسان نتيجة صعوبة استحلابها فى الأمعاء, فلا تتحول إلى دُهْن بشرى كأى دُهْن فى أى لحم آخر, بل تتحول إلى دُهن خنزيرى, ولا مَفَرّ من ترسب هذه الدهون الخطيرة, حتى لو أُكِلَ لحم الخنزير مشوياً, لأن علماء الطب البيطرى أثبتوا أن الدهن يتواجد فى داخل الخلايا العضلية.
    ثانياً: التهاب المفاصل, خاصة بين الفقرات, ومشاكل فى الأوتار والأربطة والغضاريف والعظام, وذلك لاحتواء لحم الخنزير على نسبة عالية من الكبريت, وهذا العنصر تؤثِّر كثرته فى مدى امتصاص الأنسجة الضامَّة للماء, فتكتسب شكلاً كيسياً اسفنجياً, فتتراكم المواد المخاطية فى الأوتار والأربطة العضلية, مُحْدِثة بعض الأمراض والآلام.
    ثالثاً: بعض الأمراض الوبائية مثل: الدودة الشريطية العوساء, الدودة الشَّعرية الحلزونية, الدودة الكبدية, والبلهارسيا اليابانية, طفيل داء النوم الأفريقى, الزُّحار الزقى, ميكروب المكوَّر السِّبْحى, فيروس الكريب, الْحُمرة الخنزيرية... إلخ.
    ونحن نمتثل لأمر الله جل وعلا, بغض النظر عن الأمراض والأعراض الناتجة عن تناوله, فالمسلم مُسَلِّم أمره لله, يأتمر بأمره, وينتهى عن نهيه, بغض النظر أَعَلِمَ حكمته أم لم يعلمها, والله أعلم.



    الشبهة الواحدة و الستون (61):
    - يقول القرآن: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ} [يونس:47] ويقول: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر:24] ويقول: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم:4] أى إن لكل أمة رسولاً منها وإليها, فلو صح هذا الكلام, لكان لكل دول العالم رسل وأنبياء, إذن فمن هم أنبياء ورسل دول وقارات العالم, مثل أوربا, واستراليا, والهند, والصين, واليابان, وكل بلاد العالم القديم؟

    الرد:
    - لقد قال الله تعالى لنبيه – صلى الله عليه وسلم - : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر:78] أى أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر جميع الرسل فى القرآن, ولكنه ذكر الرسل الذين أراد أن نستفيد من سيرتهم مع أممهم, ونستفيد من حياتهم وبيئاتهم, وتعود قصصهم بالنفع على الرسول – صلى الله عليه وسلم - وأمته, أما بقية الرسل فلم يُذكروا لحكمة يعلمها الله, ربما لأن قصصهم ستكون بمثابة علم لا ينفع, وجهل لا يضر, وقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم - يستعيذ بالله من علم لا ينفع [صحيح مسلم] فليست المسألة مسألة حشو للمصحف بغير فائدة.
    وقد جاء فى الكتاب المقدس قصص وحَشْو كثير لا طائل من ورائه, مثل:
    وصعد معهم لفيفٌ كثير أيضاً مع غنم وَبَقر مَوَاشٍ وافرة جداً. وخبزوا العجين الذى أخرجوه من مصر خبز مَلَّة فطيراً إذ كان لم يختمر. (خروج12: 38-39)
    فبادرت أبيجايل وأخذت مئتى رغيف خبز وزقَّى خمر وخمسة خرفان مهيَّأة وخمس كيلات من الفريك ومئتى عنقود من الزبيب ومئتى قرص من التين ووضعتها على الحمير وقالت لغلمانها اعبروا قُدّامى هَأنذا جائِية وراءكم. ولم تخبر رَجُلَها نابال. (صموئيل الأول25: 18-19)
    سلِّم على فرسكا وأكيلا وبيت أنيسيفورس. أراستس بقى فى كورنثوس. وأما تروفيمس فتركته فى ميليتس مريضاً. بادر أن تجىء قبل الشتاء. يسلِّم عليك أفبولس وبوديس ولينس وكلافدية والأخوة جميعاً. (رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس4: 19-21)
    أوصى إليكم بأختنا فيبى التى هى خادمة الكنيسة التى فى كنخريا كى تُقَبِّلُوها فى الرب كما يحق للقديسين وتقوموا لها فى أى شىء احتاجته منكم. لأنها صارت مساعدة لكثيرين ولى أنا أيضاً سلِّموا على بريسكلا وأكيلا العاملين معى فى المسيح يسوع. اللذين وضعا عنقيهما من أجل حياتى اللذين لست أنا وحدى أشكرهما بل أيضاً جميع كنائس الأمم. وعلى الكنيسة التى فى بيتهما. سلِّموا على أبينتوس حبيبى الذى هو باكورة أخائية للمسيح. سلِّموا على مريم التى تعبت لأجلنا كثيراً. سلِّموا على أندرونكوس ويونياس نسيبى المأسورين معى اللذين هما مشهوران بين الرسل وقد كانا فى المسيح قبلى. سلِّموا على أمبلياس حبيبى فى الرب. سلِّموا على أوربانوس العامل معنا فى المسيح وعلى أستاخيس حبيبى. سلِّموا على أبلس المزكى فى المسيح. سلِّموا على الذين هم من أهل أرستوبولوس. سلِّموا على هيروديون نسيبى. سلِّموا على الذين هم من أهل نركيسوس الكائنين فى الرب. سلِّموا على تريفينا وتريفوسا التاعبتين فى الرب. سلِّموا على برسيس المحبوبة التى تعبت كثيراً فى الرب. سلِّموا على روفس المختار فى الرب وعلى أمه أمى. سلِّموا على أسينكريتس فليغون هرماس بتروباس وهرميس وعلى الإخوة الذين معهم. سلِّموا على فيلولوغس وجوليا ونيريوس وأخته وأولمباس وعلى جميع القديسين الذين معهم. سلِّموا بعضكم على بعض بقُبلة مقدسة. كنائس المسيح تسلِّم عليكم... يسلِّم عليكم تيموثاوس العامل معى ولوكيوس وياسون وسوسيباترس أنسبائى. أنا ترتيوس كاتب هذه الرسالة أسلِّم عليكم فى الرب. يسلِّم عليكم غايس مضيفى ومضيف الكنيسة كلها. يسلِّم عليكم أراستس خازن المدينة وكوارتس الأخ. (رسالة بولس إلى رومية16: 1-23) فهل هذه السلامات وحى من عند الله؟ وهل الله سبحانه وتعالى يأمر الرجال والنساء أن يُقَبِّلوا بعضهم بعضاً بقُبْلَة مُقدَّسة؟ وإذا كان تريتيوس هو الذى كتب هذه الرسالة (أنا ترتيوس كاتب هذه الرسالة) فما الفائدة من ذكرها؟ وما الذى جعلها مقدسة؟
    بادر أن تجىء إلىَّ سريعاً لأن ديماس قد تركنى إذ أحبَّ العالم الحاضر وذهب إلى تسالو###ى وكريسكيس إلى غلاطية وتيطس إلى دلماطية. لوقا وحده معى. خُذ مرقس وأحضره معك لأنه نافع لى للخدمة. أما تيخيكس فقد أرسلته إلى أفسس. الرداء الذى تركته فى ترواس عند كاربس أحضره متى جئتَ والكتب أيضاً ولا سِيَّما الرقوق. (رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس4: 9-13)
    حينما أرسل إليك أرتيماس أو تيخيكس بادر أن تأتى إلى ###وبوليس لأنى عزمت أن أُشَتِّى هناك. (رسالة بولس إلى تيطس3: 12) هل قوله لصديقه إنه يريد أن يُشَتِّى ينفعكم بشىء؟ وهل تعتبرون هذا مُقَدَّسأ؟ أو أنه وحى من عند الله؟, والله أعلم.


    يتبع










  7. #27

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    شبهات مُغرضة حول القرآن:
    الشبهة الثانية و الستون (62):
    - ورد فى سنن ابن ماجه, والدار قطنى, والطبرانى فى معجمه, أن عائشة زوجة نبيكم قالت: (لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً, ولقد كانت فى صحيفة تحت سريرى, فلما مات رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وتشاغلنا بموته دخل داجِن فأكلها) إن معنى هذا أن بعض آيات القرآن لم تُكتب فى المصحف الذى بين أيديكم, لأن الداجن (وهى الشاة أو المعز أو الدواجن) أكلته.

    الرد:
    - نقول وبالله التوفيق: لوكان فى حديث أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنها - يوم أن روته ما يشكك فى سلامة الوحى الإلهى المكتوب بين أيدينا اليوم, لكان حَرِيّاً بأعداء الإسلام يومها أن يتلقفوا قولها, ليشنعوا على القرآن, وأنه ليس كاملاً, وخصوصاً أن كثيراً منهم قد ارتد عن الإسلام بعد موت الرسول – صلى الله عليه وسلم - , ولكن شيئاً من هذا لم يحدث. ولو كانت صحيفة أم المؤمنين - رضىالله عنها - هى المرجع الوحيد لهاتين الآيتين, ما قبِلهما الصحابة - رضي الله عنهم - بعد أن وضعوا لقبول آيات ربهم شروطاً تليق بمقام قرآنهم, يعجز أن يصمد أمامها أى كتاب على وجه البسيطة. وإن كانت الصحف التى احتفظ بها بعض الصحابة - رضي الله عنهم - قد أمر سيدنا عثمان بجمعها, فإن ذلك لم يكن لمراجعة الوحى عليها, إنما كان لضمان سلامة ما سوف يتناقله المسلمون من بعدهم, فلم يكن المكتوب فى الصحيفة أصدق مما حفظته صدور الصحابة, وما كانت الصحف المتناثرة بين أيدى صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بأدق مما يتلونه بألسنتهم, ويتعبدون به فى ذكرهم, وفى صلواتهم خلف رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أو فى بيوتهم. ومن المهم أن نفهم دلالة لفظ (صحيفة) الذى ورد فى حديث أم المؤمنين - رضى الله عنها - فهو لا يشير لمصحف مطبوع - مثلاً - كالذى بين أيدى المسلمين اليوم, ولا يُتَصَوَّر أنه كان مجلَّداً من أوراق البردى, أو رُزمة من سعف النخيل, أو كمية من جلود المعز, مما كان يستخدم فى الكتابة. كما أنه لا يُتَخَيَّل أن هذه الصحيفة كانت تحتوى على سورة البقرة - مثلاً - أو عشر من قصار السور, بل ولا أن تحتوى الصحيفة الواحدة على أكثر من آية, أو آيتين, أو ثلاث, أو عشر على أكثر تقدير. وقد جاء لفظ (صحيفة) فى الحديث الشريف بصيغة (المفرد) ولم يَرِد بلفظ (صُحُف) بصيغة الجمع, مما يدل على أنها قطعة واحدة مما كانوا يكتبون عليه, ولو كانت هذه الصحيفة مما تتعبد به أم المؤمنين - رضى الله عنها - ما كان موضعها تحت السرير, بل يكون موضعها فى متناول اليد, إذ لايوضع تحت السرير غير الذى يمكن إيداعه, أو الاحتفاظ به, على سبيل الترك مدة طويلة, لا على سبيل الاستخدام, وقد كان هذا دأب جَدّاتنا إلى عهد قريب بنا, فكان أسفل السرير هو أفضل الأماكن لحفظ الأشياء الثمينة والغالية والعزيزة على النفس. ولا يختلف اثنان فى أن الذى كان مكتوباً فى صحيفة أم المؤمنين - رضى الله عنها - كان موجوداً مضبوطاً ومجوَّداً ومُحْكماً بنصِّه فى صدور الصحابة - رضي الله عنهم - وكان يتردد على ألسنتهم, وكانوا يقرأونه على بعضهم البعض. كما كان مثله مكتوباً فى عشرات الصحف الأخرى التى جمعها صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ووضعوها كلها بين يدى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وبين يَدَى من وُكِّلَ إليهم مهمّة جمع هذا الكتاب العظيم. أما القضية الأشد أهمية فهى الْحُكمان اللذان أشار إليهما الحديث الشريف, وهما: آيتا الرجم, ورضاعة الكبير عشراً, وهما مما لا نجده فى المصحف الذى بين أيدينا اليوم, فإن ذكر عائشة - رضى الله عنها - للحُكمَين لا يصلح وحده أن يكون حجة على إجماع اثنى عشر ألفاً من المسلمين, الذين كانوا شهوداً على جمع كتاب الله سبحانه وتعالى. ونفهم من ذلك أن الآيتين كانتا من التنزيل الحكيم مِصداقاً لقول أم المؤمنين - رضى الله عنها - وأنهما مما نُسِخَ من آيات الله, مع بقاء حكم إحداهما, وهى آية الرجم. وقد ذكرنا بعض الحِكَم من النسخ فى الرد على الشبهة رقم (31) وتكلمنا عن أنواعه الثلاثة, فَصَحَّ أن الآيات التى أكلتها الشاة لو أُمِرَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بتبليغها لبلَّغها, ولو بلَّغها لَحُفِظَت, ولو حُفِظَت ما ضرَّها موته, كما لم يضر موته ما بلَّغه من القرآن, وإن كان لم يبلِّغه, أو بلَّغه ولكن لم يأمر بكتابته فى القرآن, فهو منسوخ بتبيين من الله تعالى, فلا يحل أن يضاف إلى القرآن. ومن قواعد علم القراءات أن القرآن لا يعتبر قرآناً إلا إذا كانت ركيزته التلقين, والتوقيف, والتلقِّى, والمشافهة, وكانت دعامته الرواية والنقل والسماع, ولا شىء وراء ذلك من رَسْم أو كتابة, والله أعلم.





    شبهات مُغرضة حول القرآن:
    الشبهة الثالثة و الستون (63):
    - يذكر القرآن أشياءً تافهة مثل البصل, والعدس, والقِثّاء, فى قوله: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} [البقرة:61] ويذكر حيوانات مثل البقر, والإبل, والغنم, ويذكر حشرات مثل البعوض, والعنكبوت, والنمل, والنحل, وغير ذلك مما لا يليق بكلام الله, بل ويسمى بعض السُّوَر بأسماء هذه الحيوانات والحشرات.

    الرد:
    - إن ذكر هذه الأشياء لا نكارة فيه, إذ أن الله سبحانه وتعالى هو الذى خلقها, وهو الذى ذكرها فى كتابه, وهو سبحانه يفعل ما يشاء, وذِكْرها فى كتابه الكريم لم يأتِ عبثاً, ولا مجرد قصص لا فائدة فيه, بل كلٌ منها يخدم معنىً معيناً. وتسمية السُّوَر كان لتَمْييزها من بعضها, ولذلك كانت السورة تُسَمَّى بما يميزها عن غيرها, بذكر ما جاء فيها وحدها دون غيرها, فمثلاً: سورة (البقره) سُمِّيَت هكذا لوُرُود قصة البقرة فيها دون غيرها, وليس تعظيماً للبقرة, أو أن قصتها أعظم ما ورد فى السورة, وكذلك سور (النحل) و(النمل) و(العنكبوت) لوُرُود ذكر هذه الحشرات فيها وحدها.
    وقد جاء فى الكتاب المقدس ذكر حيوانات وحشرات كثيرة, وأنواع من الأطعمة, وطريقة طهيها, وطريقة حِياكة بعض الملابس (سِفْر الخروج, الإصحاح 28) وغير ذلك مما يطول شرحه, ونكتفى هنا بذكر بعض النصوص:
    أَنْضِجِ اللحمَ تَبِّلْهُ تتبيلاً (حزقيال24: 10)
    فأعطى يعقوب عيسو خبزاً وطبيخ عدس. (تكوين25: 34)
    وغسَّل الأحشاء والأكارع وأوقدها فوق المحرقة على المذبح. (لاويين9: 14)
    تاجَرُوا فى سوقك بِحِنْطة منيت وحلاوى وعسل وزيت وبَلَسَان. (حزقيال27: 17)
    فناولوه جزءاً من سمك مشوى وشيئاً من شهد عسل. فأخذ وأكل قُدّامهم (لوقا24: 42-43)
    قد تذكَّرنا السمك الذى كنا نأكله فى مصر مجّاناً والقِثّاء والبطيخ والكُرّاث والبصل والثوم. (عدد11: 5)
    منها اللَّبْوَة والأسد الأفعى والثعبان السام الطيّار (إشعياء30: 6)
    اللَّيْث هالِكٌ لعدم الفريسة وأشبالُ اللَّبْوَة تبددت (أيوب4: 11)
    ويل لكم أيها الكتبة والفريسييون المراؤون لأنكم تعشِّرون النعنع والشبَث والكمُّون... أيها القادة العُميان الذين يُصَفُّون عن البعوضة ويبلعون الجمل (متى23: 23-24)
    وكلم الرب موسى قائلاً. كلِّم بنى إسرائيل أن يأخذوا لى تَقْدِمَة. من كل من يحثه قلبه تأخذون تقدمتى. وهذه هى التقدمة التى تأخذونها منهم. ذهب وفضة ونحاس وأسمانجونى وأرجُوان وقِرمز وبُوص وشعر مِعْزَى وجُلود كِباش مُحَمَّرة وجلود تخس وخشب سنط وزيت للمنارة وأطياب لدهن المسحة وللبخور العطر وحجارة جزع وحجارة ترصيع للرداء والصُّدرة. فيصنعون لى مَقدِساً لأسكنَ فى وسطهم. (خروج25: 1-8)
    وخبز فطير وأقراص فطير ملتوتة بزيت ورِقاق فطير مدهونة بزيت. من دقيق حِنطة تصنعها. وتجعلها فى سَلَّة واحدة وتقدمها فى السَلَّة مع الثوْر والكبشين (خروج29: 2-3)
    وكان كلام الرب له قائلاً... وقد أمرتُ الغِربان أن تعولك هناك... وكانت الغِربان تأتى إليه بخبز ولحم صباحاً وبخبز ولحم مساء (الملوك الأول17: 2-6)
    وكان للمرأة عِجْل مُسَمَّن فى البيت فأسرعت وذبحته وأخذت دقيقاً وعجنته وخبزت فطيراً ثم قدمته أمام شاول وأمام عَبْدَيْهِ فأكلوا. وقاموا وذهبوا فى تلك الليلة (صموئيل الأول28: 24-25)
    واضرب مثلاً للبيت المتمرِّد وَقُل لهم. هكذا قال السيد الرب. ضَعِ القِدْرَ. ضعها وأيضاً صُبَّ فيها ماء. اجمع إليها قطعها كل قطعة طيبة الفخذ والكتف. املأوها بخيار العظام. خُذ من خيار الغنم وكُومَة العظام تحتها. أغْلِهَا إغلاءً فَتُسْلَق أيضاً عِظامُها فى وسطها (حزقيال24: 3-5)
    وإذا قرَّب أحد قربان تَقدِمَة للرب يكون قربانه من دقيق. ويسكب عليها زيتاً ويجعل عليها لباناً. ويأتى بها إلى بنى هَرون الكهنة ويقبض منها مِلء قبضته من دقيقها وزيتها مع كل لبانها ويوقد الكاهن تذكارها على المذبح وقود رائحة سرور للرب... وإذا قرَّبت قربان تقدمة مخبوزة فى تنّور تكون أقراصاً من دقيق فطيراً ملتوتة بزيت ورقاقاً فطيراً مدهونة بزيت. وإن كان قُربانك تقدمة على الصاج تكون من دقيق ملتوتة بزيت فطيراً. تفُتّها فُتاتاً وتسكب عليها زيتاً. إنها تقدمة وإن كان قربانك تقدمة من طاجن فمن دقيق بزيت تعمله... ويوقد على المذبح وقود رائحة سرور للرب... ولا تُخْلِ تقدمتك من ملح عهد إلهك... وإن قربت تقدمة باكورات للرب ففريكاً مشويّاً بالنار جريشاً سويقاً تقرب تقدمة باكوراتك. وتجعل عليها زيتاً وتضع عليها لباناً. إنها تقدمة. فيوقد الكاهن تذكارها من جريشها وزيتها مع جميع لبانها وقوداً للرب (لاويين: الإصحاح الثانى)
    وهذه تكرهونها من الطيور. لا تؤكل إنها مكروهة. النسر والأنوق والعقاب والحدأة والباشق على أجناسه وكل غراب على أجناسه والنعامة والظليم والساف والباز على أجناسه والبوم والغواص والكركى والبجع والقوق والرخم واللقلق والببغا على أجناسه والهدهد والخفاش... هذا منه تأكلون. الجراد على أجناسه والدبا على أجناسه والحرجوان على أجناسه والجندب على أجناسه... وهذا هو النجس لكم من الدبيب الذى يدب على الأرض. ابن عرس والفأر والضب على أجناسه والحرذون والوَرَل والوزغة والعظاية والحرباء. هذه هى النجسة لكم من كل الدبيب. كل من مسها بعد موتها يكون نجساً إلى المساء. (لاويين11: 13-31), والله أعلم.

    انتهى










  8. #28

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    شُبهات ظالمة حول الإسلام




    شبهات ظالمة حول الإسلام:
    الشبهة الرابعة و الستون (64):
    - لماذا سمح الإسلام للرجل بتعدد الزوجات, رغم أن هذا يضر بالمرأة؟ ولماذا لم يسمح للمرأة بتعدد الأزواج؟ أليست هذه عنصرية ظالمة؟

    الرد:
    - لقد جاء الإسلام والتعدد موجود, وليس محدوداً بعدد معيَّن, بل كما يشاء الرجل, ولو مائة امرأة, ففى هذه الحالة أيكون الإسلام عدّد أم حدّد؟ وبعد نزول آية التعدد فى سورة (النساء) أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من كان معه أكثر من أربع أن يطلق الزيادة, أى أن تنفيذ الأمر - بلغتنا الحديثة - كان بأثر رجعى, وفى هذه الحالة يبيح الإسلام للمطلقات أن يتزوجن, على نقيض ما جاء فى الكتاب المقدس:
    فقال لهم من طلق امرأته وتزوج بأخرى يزنى عليها. وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزنى (مرقس10: 11-12)
    إن التعدد فى الإسلام ليس فرضاً, ولكنه مباح, وله من الحِكَم ما لا يُعَد, فمن المعلوم أن عدد الذكور فى كل المخلوقات - أو معظمها - أقل بكثير من عدد الإناث, وليس فى بنى الإنسان فقط, بل فى المملكة الحيوانية وغيرها, كما هو مُشاهد - مثلاً - بين الدجاج, فتجد أن المائة بيضة يخرج منها تقريباً خمسة, أو ستة ديوك, والباقى إناث, وهذا من حكمة الله سبحانه وتعالى, فلو كان العكس لحدثت كارثة, ولتضارب الذكور على الإناث, ولَخُطِفَت النساء من أزواجهن فى الشوارع. ومعلوم أيضاً أن عدد الوفيات بين الرجال أكثر من النساء, لتعرضهم للأمراض والحوادث الناجمة عن الأعمال الشاقة التى يقومون بها دون النساء, مثل العمل فى المناجم, وحفر الآبار, وأفران الحديد والصلب, وكسح الألغام, والتعامل مع الكهرباء عالية القوة, والغوص فى أعماق البحار, والطيران, وغير ذلك. وفى حالات الحروب تحصد العديد من الرجال, فيزداد عدد النساء, كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية, عندما ازداد عدد النساء فى ألمانيا زيادة رهيبة, وأصبحت النساء بغير أزواج, فكنَّ يسافرنَ فى العطلة الأسبوعية لإشباع رغباتهنَّ فى الدول الأخرى, وتداخلت الأعراق والأنساب, وكثُر اللقطاء بصورة لا مثيل لها, حتى إنهم قُُدِّروا بحوالى خمسين مليوناً فى أرجاء أوربا الشرقية والغربية, فلو أنهم كانوا يدينون بالإسلام لَمَا لجأوا إلى الزنى, ولَمَا اختلطت أنسابهم, ولَمَا ظهر اللقطاء وأطفال الشوارع الذين لا يعرفون آباءهم. وهذا فى حد ذاته رد على السؤال الثانى.. وهو لماذا لم يُبِح الإسلام للنساء التعدد كما سمح للرجال؟ فلو سمح لهن بذلك.. فكيف يعرف كل طفل أباه؟ بالإضافة إلى أسباب أخرى كثيرة, فإن هذا الأمر تأباه الفطرة السليمة, ليس من جانب الرجال فحسب, بل من جانب النساء أيضاً. ودعونا نتساءل.. لو أن هذا الأمر حدث, ماذا ستكون النتيجة؟ كيف يعرف كل زوج أبناءه؟ سيحدث حتماً اختلاط فى الأنساب, وتنازُع على الأبناء, فكل زوج يريد الولد الأجمل, والأذكى, والأقوى, وهذا يريد الذكور, وآخر يريد الإناث… وهكذا. ومعلوم أن الذكر الواحد بإمكانه تلقيح عدد كبير من الإناث, وبهذا يزداد النسل, بعكس النساء, لو حملت إحداهنَّ فإن خصوبتها تُعَطَّل طوال مدة حملها, وربما مدة الرضاعة أيضاً. وبالإضافة لما سبق.. فقد أثبتت التحاليل والفحوص الطبية أن معاشرة المرأة لأكثر من رجل يعرضها لأمراض كثيرة, أهمها سرطان عنق الرحم, وهو من أخطر السرطانات. وقد أثبتت أحدث الفحوص والدراسات العلمية أن مَنِىّ الرجل له بصمة داخل رحم الأنثى, لا تتركه إلا بعد ثلاث حيضات, كيف هذا؟ يقولون إن أول حيضة يسقط معها ما يعادل ثلث البصمة تقريباً, والحيضة الثانية كذلك, والحيضة الثالثة كذلك, سبحان الله {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [البقرة:228] وقد فسر العلماء الثلاثة قروء بثلاث حيضات, أو ثلاث طُهرات. أما الْمُتَوفَّى عنها زوجها فيقولون إن حالة الاكتئاب التى تمر بها تجعل البصمة لا تزول إلا بعد 118 يوماً {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة:234]
    ومن حِكَم التعدد أيضاً حالات مرض الزوجة, أو عقمها, أو وجود عذر يمنعها من المعاشرة الزوجية لمدة طويلة لا يطيقها الزوج, فبعض النساء تستمر دورتهن الشهرية أياماً كثيرة, وبعضهن يُمنَعن من المعاشرة الزوجية أثناء الحمل (مثل حالات الإجهاض الْمُنذِر) وكذلك أيام النفاس. ومن الأسباب أيضاً وجود أرامل (وهن كثيرات لِمَا ذكرناه من كثرة الوفيات بين الرجال) ومطلقات ليس لهن عائل, ويتامى لا يجدون من يقوم على رعايتهم. ولا يقول أحد إنه يكفى رعاية كل هؤلاء بمساعدتهم مادياً, فإن المال ليس كل شىء, فالمرأة تحتاج لمن يعفها, وخصوصاً لو طُلِّقَت, أو مات عنها زوجها, وهى فى سن مبكرة, وكذلك فإن الأطفال يحتاجون للتربية, والتوجيه, والقيام على مصالحهم, وهذا لا تكفى فيه المرأة وحدها. وكذلك وجود بنات عوانس تجاوزنَّ سن الزواج.. مَن لهن؟ أيُترَكنَ للضياع والانحراف؟ أليس لهن الحق كبقية النسوة؟ ونقول للمستغربين قلباً وقالباً (أى الذين يعشقون الغرب بِقَضِّه وقضيضه): إن التعدد ضرورة اجتماعية, وقد كان منتشراً فى أوربا إلى عهد الملك (شارل مان) كما جاء فى مقال الكاتب المصرى (محمد التابعى) فى مجلة (آخر ساعة) الصادرة بتاريخ 3يونيو1945, إذ كان هذا الملك متزوجاً بعدة نساء, وبعد ذلك جاء أمر من القساوسة بمنع التعدد, فأصبح مباحاً للرجل أن يتخذ أكثر من عشيقة فى الحرام, ولا يتزوج على امرأته فى الحلال, لدرجة أنهم حين ظهر مرض الإيدز, وأرادوا عمل دراسات على الرجال الذين لم يعاشروا إلا زوجاتهم لمدة خمس سنين, لم يجدوا ولا رجلاً واحداً! وفى تركيا عندما أنهى (مصطفى كمال أتاتورك) الخلافة الإسلامية, وجعلها عِلمانية, وألغى التعدد (عليه من الله ما يستحقه) انتشر الزواج العرفى والزنى, وكثر اللقطاء مثلما حدث فى أوربا.
    ولقد ورد التعدد فى الكتاب المقدس فى أكثر من موضع, وإليكم بعض الأدلة:
    إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين المحبوبة والمكروهة. (تثنية21: 15)
    ثم أخذ عيسو نساءه وبنيه وبناته وجميع نفوس بيته (تكوين36: 6)
    فتمسك سبع نساء برجل واحد فى ذلك اليوم قائلات نأكل خبزنا ونلبس ثيابنا. لِيُدْعَ فقط اسمك علينا. انزع عارنا (إشعياء3: العددالأخير)
    وعندهم أن سيدنا يعقوب - على نبينا وعليه الصلاة والسلام- تزوج راحيل واختها ليئة ابنتى خاله لابان (تكوين29: 21-30) وتزوج أخوه عيسو مَحْلَة بنت إسماعيل بن إبراهيم على نسائه (تكوين28: 9), والله أعلم.





    Album:شُبهات ظالمة حول الإسلام · 1 of 44

    DownloadReport This Photo




    الشبهة الخامسة و الستون (65):
    - لماذا يبيح الإسلام الطلاق, مع أنه يخرب البيوت, ويشرد الأطفال؟

    الرد:
    - إن العلاقة الزوجية فى الإسلام تقوم على المودَّة والرحمة, : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21] ولكن إذا فُقِدَت هذه المودة والرحمة, وَحَلَّت مكانها الشحناء والبغضاء, فماذا يكون الحل؟ هل يبقى الاثنان مرتبطَيْن ببعضهما رغم أنفهما, وكأنهما قد حُكِمَ عليهما بالسجن مدى الحياة؟ إن الإسلام لا يحث على الطلاق, ولكنه يبيحه للضرورة, عندما تستحيل الحياة بين الزوجين, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أبغضُ الحلالِ إلى اللهِ الطلاق)) [سنن أبى داود وابن ماجه, والسنن الكبرى للبيهقى] وقد وضع الإسلام للزواج ضوابط شرعية, لو اتبعها المسلمون لكان الطلاق نادراً. ومن هذه الضوابط أنه حث على الارتباط بين الزوجين على أساس الدين, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تُنْكَحُ المرأة لأربع, لمالها, ولحسبها, ولجمالها, ولدينها, فاظفر بذات الدين تَرِبَت يداك)) [متفق عليه] وقال: ((إذا أتاكم من ترضون خُلُقه ودينه فزوجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد عريض)) [صحيح الجامع:270] وأمر الله الرجال بحسن المعاشرة, فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وأمر النساء أيضاً بحسن المعاشرة, فقال: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ} [النساء:34] ورغَّب الرجال فى عدم التسرع فى الطلاق, فقال: {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] وقد شرع خطوات للإصلاح يتخذها الأزواج قبل أن يصل الأمر بهم إلى الطلاق, ومن هذه الخطوات ما جاء فى قوله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34] فأول خطوة للإصلاح هى وعظ الزوج لزوجته, وتخويفها من عقاب الله, وهذه الخطوة كافية لمن تتقى الله جل وعلا, فإن لم تنزجر بالوعظ, لجأ إلى الخطوة التى تليها, وهى أن يهجرها فى المضجع, وهذا الهجر كناية عن عدم الجماع, ويُلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قال: {فِي الْمَضَاجِعِ} أى أن الزوج لا يترك بيته, بل يهجرها وهو مقيم معها. ومما يؤيد ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حق المرأة على الزوج أن يُطعمها إذا طَعِم, ويكسُوَها إذا اكتسى, ولا يضرب الوجه, ولا يُقَبِّح, ولا يهجر إلا فى البيت)) [صحيح الجامع:3149] وقد قال عبد الله بن عباس (رضى الله عنهما) وغيْرَه: الهجر هو ألا يجامعها, ويضاجعها على فراشها, ويولّيها ظهره (تفسير ابن كثير) فإن استقامت, ورجعت عن معصيتها له فَبِها ونِعْمَتْ, وإلا- فالخطوة الثالثة, وهى الضرب غير الْمُبَرِّح, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فاتقوا الله فى النساء, فإنكم أخذتموهن بأمانة الله, واستحللتم فروجهن بكلمة الله, ولكم عليهن أن لا يُوطِئن فُرُشكم أحداً تكرهونه, فإن فعلنَ فاضربوهن ضرباً غير مُبَرِّح, ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف)) [صحيح مسلم] وقد قال العلماء: يضربها ضرباً لا يُسيل دماً, ولا يكسر عظماً, ولا يترك أثراً, كأن يضربها بالثوب وَنَحْوِه (أى مثله) والسواك ونحوه.‌ وقد توعَّد الله الرجال إذا تمادوا فى إيذاء نسائهن بقوله: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء:34] وقد صَحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يضرب امرأة قط, ولا خادماً, ولا شيئاً, إلا أن يجاهد فى سبيل الله, كما جاء ذلك فى (صحيح مسلم) من قول السيدة عائشة, رضى الله عنها. وعندما اشتكت النساء لزوجاته - رضى الله عنهن - من ضرب أزواجهن لهن, قال: ((لقد طاف الليلة بآل محمد نساء كثير, كلهن تشكو زوجها من الضرب, وأَيْم الله لا تجدون أولئك خياركم)) [صحيح الجامع:5137] وإذا فعل الزوج كل هذه الأشياء, وعالج بكل هذه الأدوية, ولم تنجع فى نُشوز زوجته, يأتى الحل قبل الأخير, وهو الذى ورد فى قوله جل وعلا: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} [النساء:35] فإن لم تفلح كل هذه الحلول, لم يكن بُدّ من الطلاق {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ} [النساء:130] وهنا يعطى الإسلام للرجال فرصتين ليراجعوا زوجاتهم, ولم يجعلها طلقة واحدة أو اثنتين وينتهى الأمر, بل جعل الطلاق ثلاث مرات. وفى كُلّ من الطلقتين الأُولَيَيْن تمكث المرأة فى بيت زوجها, وتؤاكله وتشاربه, وتتزين له, إلا أنه لا يجامعها إلا إذا راجعها, ومن العلماء من قال: إن جامعها فقد راجعها. وهنا نُذَكِّر بأمر هام جداً لا يفطن له كثير من المسلمين, حيث أنهم يخرجون المرأة من بيت زوجها بعد الطلقة الأولى والثانية, وهذا مخالف لشرع الله جل وعلا, فسبحانه له الحكمة فى بقائها فى بيت زوجها, لعله يَحِنّ إليها, وتَحِنّ إليه, ويصلح الله بينهما, ويزيل العداوة من قلبيهما, : {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} [الطلاق:1] وقد أباح الله للزوج والزوجة أن يتصالحا على أمر مُعَيَّن حتى لا يطلقها, فبعض الرجال تكون له أكثر من زوجة, وليس بوسعه أن يعدل بينهما - أو بينهن - فينوى أن يطلق واحدة, ففى هذه الحالة (بدلاً من الطلاق) يتصالحان - مثلاً - على ألا يُسوِّى بينهما فى النفقة أو المبيت, بشرط أن يكون ذلك برضاها, وبغير إعضال لها, حتى لا ينهدم ذلك البيت المسلم, ويتشرد الأطفال, إن كان بينهما أطفال, يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء:128] ولم يُعْطِ الإسلام الحق للرجل دون المرأة فى الطلاق, فلها الحق أن تنخلع من زوجها إن كان يؤذيها, أو لا يقوم بحقها. ولكن - رغم إباحة الطلاق والْخُلْع - فقد حَثَّ الإسلام كُلاً من الزوجين على الصبر, واحتمال الأذى, ورد السيئة بالحسنة, لدرجة أنه أَحَلَّ الكذب بينهما فى أمور العاطفة, حتى تدوم العِشرة, وينصلح حال الأسرة.
    وقد كان الطلاق مباحاً فى العهد القديم (التوراة) ثم جاء العهد الجديد (الإنجيل) فنسخه, كما ذكرنا ذلك فى الإجابة على الشبهة رقم (31) ثم جرت محاولات فى بعض تشريعات أوربية حديثة لتبيح الطلاق مرة أخرى, لِمَا رَأَوْه من فوائده, تماماً كما شعروا بفوائد تعدد الزوجات, والله أعلم.



    الشبهة السادسة و الستون (66):
    - لماذا لم يُبِح الإسلام للمرأة طلاق زوجها من باب المساواة كما أباح للرجل؟

    الرد:
    - إن الآية نفسها التى أباحت للرجل طلاق زوجته أباحت لها الخُلع, قال تعالى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة:229] وقد حدث فى عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ذهبت إليه امرأة ثابت ابن قيس, وقالت له: ثابت بن قيس ما أعْتِبُ عليه فى خُلُق ولا دين, ولكنى أكره الكفر فى الإسلام (أى كفر العشير, وليس الكفر بالله) فقال لها: ((أترُدِّينَ عليهِ حديقَتَهُ؟)) (لأنه كان قد أعطاها لها مهراً) قالت: نعم, فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((اِقْبَل الحديقة, وطلِّقها تطليقة)) [صحيح البخارى] ولكن لا يُفهَم من هذا أن المرأة تنخلع من زوجها بغير سبب, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المختلعات هن المنافقات)) [صحيح الجامع:6681] ويوضحه الحديث الذى بعده, وهو: ((أيُّما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس, فحرام عليها رائحة الجنة)) [صحيح الجامع:2706] فالمرأة إذا طلبت الطلاق بسبب شرعى.. كأن يكون زوجها ضرّاباً, أو شتّاماً, أو لا ينفق عليها... إلخ, فلا تكون منافقة. والإسلام يبيح للمطلقة أن تتزوج بعد انقضاء عدتها, أما الكتاب المقدس فلا يبيح لها أن تتزوج, بل ويحكم عليها وعلى من تزوجها بالزنى, فيقول: كل من يطلق امرأته ويتزوج بأخرى يزنى. وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزنى (لوقا16: 18) فقال لهم من طلق امرأته وتزوج بأخرى يزنى عليها. وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر تزنى (مرقس10: 11-12) من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزنى. ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى (متى5: 32) ونحن نتساءل: ماذا تفعل المطلقات, وخصوصاً لو كنَّ صغيرات؟ وما ذنبها لو طلقها زوجها بغير سبب؟ أتُترَك للضياع, أم تكون فى ذمة رجل يعفها, وينفق عليها, ويقوم على مصالحها؟ وما ذنب الرجل أن يقيم طوال عمره مع امرأة تنغص حياته, طالما أنها لا تزنى؟ وما ذنبها هى أيضاً أن تبقى مع رجل ينغص حياتها, ولا يعطيها حقها؟, والله أعلم.


    يتبع









  9. #29

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    شبهات ظالمة حول الإسلام:
    الشبهة السابعة و الستون (67):
    - للذكر مثل حظ الأنثيين عندكم فى الميراث, هل هذا هو العدل الذى تدَّعونه؟

    الرد:
    - إن نصيب المرأة عندنا فى الميراث إكرام لها, لأن المرأة فى الإسلام ليس عليها أى نفقات - ولو على نفسها - سواء كانت أُمّاً, أو زوجة, أو بنتاً, أو أختاً, ففى جميع الحالات يُلزَم وليّها بالنفقة عليها, حتى لو كانت غنية, أما الرجل فعليه كل النفقات, من مهر, وإعداد المسكن, وتجهيزه, وكفالة أسرته, وأولاده, وكل شىء. أما ما يحدث من مشاركة أهل الزوجة فى جهاز ابنتهم فهو محمود, لأنه من باب التعاون على الخير, ولكنه ليس مُلزِماً لهم, قال الله عز وجل: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء:4] أى (مهراً واجباً بطيب نفس) فالمهر حق للمرأة تفعل به ما تشاء, وليست مُلزَمة بمشاركة زوجها أو أهلها فى نفقات زواجها, وليس لأحد من أوليائها حق فى أخذ مهرها, ولو كان أباً, أو أخاً, أو عمّاً, أو جدّاً, فالمرأة فى الإسلام لها ذِمّة مالية مستقلة, وليس لأحد وصاية عليها, ولكن لها أن تتصدق على زوجها الفقير بمحض إرادتها, ويكون لها فى هذه الحالة أجران.. أجر الصدقة وأجر الصِّلَة, كما أخبرنا بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, أما زوجها فلا يحل له أن يتصدق عليها, لأنه مُلزَم بالنفقة عليها, وأن يطعمها مما يطعم, وأن يكسوها كما يكتسى, فلا يخص نفسه بالطيّب من الطعام والشراب والملبس دونها, ولو كانت غنية, أما هى فلا يلزمها ذلك, بل لها أن تخص نفسها بما شاءت. ولو طلقها فلها مؤخر الصداق (إن كانت لم تأخذه) ونفقة مطلقة, ونفقة متعة, بالإضافة لما تأخذه من أثاث بيت الزوجية الذى اشتراه لها زوجها, وهو ما يسميه العامَّة (القائمة) ثم إذا أراد طليقها أن يتزوج, فعليه من جديد أن يتحمل المهر, والسكن, والأثاث, وغير ذلك للزوجة الأخرى. والمرأة كانت فى الجاهلية لا تَرِث, بل كانت تُوَرَّث كأى متاع, فكانت إذا مات عنها زوجها, يأتى والده, أو أخوه, أو أى رجل من عَصَبَتِه - حتى لو كان ابن المتوَفَّى - فيُلقى عليها ثوبه, فتكون مِلكاً له بذلك, ثم جاء الإسلام فحرم هذه العادة القبيحة, فقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً} [النساء:19] وفى بعض القرى - إلى اليوم - لا يُوَرِّثون المرأة, لأنهم يقولون إن مالها سيذهب لزوجها, وهذا حرام قطعاً, وإن استحَلَّهُ أحد (أى اعتقد أنه حلال) يصبح بذلك كافراً.
    وبالإضافة لما سبق.. فإن الرجل مكلَّف بطلب العلم, والجهاد فى سبيل الله, أكثر من المرأة, وهذا مما يجعله أشد احتياجاً للمال.
    ثم إن الذين ينكرون علينا تفضيل الذكر على الأنثى فى الميراث, يفضلون الذكر على الأنثى منذ ولادته, بل ويجعلون الأنثى نفسها تُوَرَّث, فضلاً عن أن تَرِث, فيقول كتابهم المقدس:
    وكلَّم الرب موسى قائلاً كلِّم بنى إسرائيل قائلاً. إذا حبلت امرأة وولدت ذكراً تكون نجسة سبعة أيام... وإن ولدت أنثى تكون نجسة أسبوعين (لاويين12: 1-5)
    إذا سكن إخوة معاً ومات واحد منهم وليس له ابن فلا تَصِر امرأة الميت إلى خارج لرجل أجنبى. أخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجة ويقوم لها بواجب أخى الزوج. والبكر الذى تلده يقوم باسم أخيه الميت لئلا يُمحَىَ اسمه من إسرائيل (تثنية25: 5-6), والله أعلم.



    الشبهة الثامنة و الستون (68):
    - لماذا أقرَّ الإسلام تِجارة الرقيق؟ وهل يرضى الله للإنسان الْمُكرَّم أن يكون سلعة تُباع وتُشترى؟ وإذا كان لا يرضى, فلِمَ لم ينص القرآن على تحريمها؟ وكيف يبيح للرجل أن يطأ مِلك يمينه, مع أنها ليست زوجته؟

    الرد:
    - إن الإسلام لم يبتدع الرِّق, فقد كان سائداً لقرون طويلة بين أبناء الديانات المختلفة, وبين غير ذَوِى الأديان, وكان استخدام الرقيق يتم بصورة وحشية غير آدمية, وكانوا يُعَرَّضُون للقَمعِ والذل والإهانة, ويُضربون كالبهائم بالسوط (الكرباج) لا لشىء إلا لمجرد لذة السيادة, ويتم استخدامهم فى الأعمال الشاقة والمهينة, فى شدة الحر والبرد, وهم مقيدون بالحديد حتى لا يهربوا, وليس لهم أدنى حق حتى فى الشكوى, وكان يُنظر لهم على أنهم أشياء ليسوا كبقية البشر, خُلِقوا ليُستَعبَدوا. فعلى سبيل المثال: كان الهنود المجوس يعتبرونهم خُلِقُوا من قَدَم الإله, ولابد أن يُذلُّوا ويُحتَقروا, ويعملوا الأعمال الشاقة المهينة, ويُعذبوا, عسى أن تُنسَخ أرواحهم بعد مماتهم على هيئة البشر! وكان الأمر فى بلاد الفرس مثل ذلك. وفى العصر الرومانى كانوا يغيرون على البلاد الفقيرة لينهبوا خيراتها, ويستعبدوا أهلها (كما يحدث فى عصرنا الحاضر) ويسوموهم سوء العذاب, ويحرقوهم بالنار, حتى إنهم كانوا يجبرونهم على مبارزات بالسهام والنبال, مع بعضهم, ومع الوحوش, لا لشىء إلا لمتعة السّادة برؤية دماء هؤلاء العبيد المساكين, ولا يجدون فى أنفسهم أى شفقة عليهم, حتى لو تمزقت أجسادهم فى هذه المبارزات. بل كان السادة (وربما الإمبراطور نفسه) يحضرون هذه المهرجانات, ويضحكون ويصفقون لمن يقضى على خصمه, ولا دِيَة لهم, ولا ينتصر لهم أحد, أو يسمع شكواهم, وكأنهم كلاب قتلتها الضوارى وانتهى الأمر. وورثهم الأوربيون من بعدهم, فكانوا يغيرون على البلاد الأفريقية, ويخطفون الرجال والنساء والأطفال, ويقوم القراصنة بنقلهم فى سُفن البضائع مُكَدَّسين, فى مكان ضيق مظلم, كريه الرائحة, لا يُسمَح لهم حتى بالمسافة التى تكون فى الحظيرة بين بقرة وبقرة, يبولون ويتغوطون على بعضهم بعضاً, مع الحشرات والفئران, دون أدنى مراعاة لآدميتهم, بل كان التعامل معهم أحط وأحقر من معاملة البهيمة, وشاهد على ذلك مسلسل (جذور) الذى أنتجوه بأنفسهم, ليكون شاهداً على ظلمهم أمام الأجيال المتعاقبة. وكان الرجل الأبيض يستعبد الرجل الأسود, ويرى أن من حقه أن يفعل فيه ما يشاء, ينهب أرضه, ويهتك عِرضه, ويسفك دمه, ليحيا حياة الْمُنعَّمين المترفين, ولو على حساب الآخرين, فكان - وما زال - ينطبق عليهم قول القائل: قَتْلُ رجلٍ أبيض فى غابةٍ شىء لا يُغتَفر, وقتل شعب بأكمله أمرٌ فيه نظر!
    وما زالت التفرقة العنصرية شاهدة على ماضيهم الأسود. ومن العجيب أن هؤلاء الظلمة, المحتلين, الذين سفكوا الدماء, وهتكوا الأعراض, وسلبوا الأموال, هم الذين يثيرون الشكوك حول الإسلام, كالقِزْم الأعمى الذى ينفخ بفمه تجاه الشمس ليطفئ نورها! وينسون - أو يتناسون - أن دينهم لم يحرم عليهم تجارة العبيد, ليس هذا فحسب, بل أمرهم بضربهم, وأباح لهم بيع بناتهم, وها هى بعض الأدلة من كتابهم المقدس:
    ومن منكم له عبد يحرث أو يرعى يقول له إذا دخل من الحقل تقدَّم سريعاً واتكئ. بل ألا يقول له أعدد ما أتعشى به وتمنطق واخدمنى حتى آكل وأشرب وبعد ذلك تأكل وتشرب أنت. فهل لذلك العبد فضل لأنه فعل ما أُمِرَ به. لا أظن. (لوقا17: 7-9)
    إذا اشتريتَ عبداً عبرانياً فسِتّ سنين يخدم وفى السابعة يخرج حُرّاً مجاناً. إن دخل وحده فوحده يخرج. إن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه. إن أعطاه سيده امرأة وولدت له بنين أو بنات فالمرأة وأولادها يكونون لسيده وهو يخرج وحده. ولكن إن قال العبد أحب سيدى وامرأتى وأولادى لا أخرج حراً يقدمه سيده إلى الله ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة ويثقب سيده أذنه بالمثقب. فيخدمه إلى الأبد. (خروج21: 2-6)
    أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف وَرِعْدَة فى بساطة قلوبكم كما للمسيح. (رسالة بولس إلى أفسس6: 5)
    وإذا باع رجل ابنته أمَة (خروج21: 7)
    وأما ذلك العبد الذى يعلم إرادة سيده ولا يستعد ولا يفعل بحسب إرادته فيُضرَبُ كثيراً. (لوقا12: 47)
    ونقول لهؤلاء الحاقدين: إن المشركين فى الجزيرة العربية قبل الإسلام كانوا لا يختلفون عن أسلافهم فى قمع العبيد وإذلالهم وتعذيبهم, وكانوا يغيرون على القبائل, ويخطفون الرجال والنساء والأطفال, لبيعهم فى سوق النخاسة, وعندما جاء الإسلام لم يُحَرِّم الرِّق, لأن هؤلاء العبيد كانوا رءوس أموال لأصحابهم, ولنتخيل لو جاء أى نظام جديد يَحرِم الناس من أملاكهم.. ماذا يكون رد فعلهم؟ إن هذا سيصد الكثيرين عن الإيمان به واتِّباعه, وخاصة فى بادئ الأمر, قبل أن تقبله العقول, وترضاه النفوس. ولو حُرِّمَ الرِّق.. فكيف كان يُعامَل أسرى الحروب؟ أيُعامَلون مثل معاملتهم فى وقتنا الحاضر, فيُسجنون, ويُعَذبون, ويُهانون, كما حدث فى سجن (أبو غْرِيب) بالعراق, ومُعتقَل (جوانتانمو)؟ أم ينعمون بحياة آدمية مطمئنة, فى بيوت نظيفة, يأكلون ويشربون ويلبسون مثل أصحابها؟ ثم إن أخذ الأسرى من العدو فى الحروب, واسترقاقهم, هو معاملة بالمثل, ولكن بشروط معينة يُرجع إليها فى كتب الفقه, وقد جعل لهم الإسلام حقوقاً تكفل لهم العيش الكريم مع إخوانهم, وجعلهم مُكَرَّمين, لهم حقوق كسائر البشر, وحرم ظلمهم, أو الاعتداء عليهم بأى وسيلة, وأمر مُلاكَهم بألا يكلفوهم ما لا يطيقون من الأعمال الشاقة, وإذا كلفوهم أن يعينوهم, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن إخوانَكُم خَوَلُكُم جعلهم الله تحت أيديكم, فمن كان أخوه تحتَ يَدِهِ, فليطعمه مما يأكل, وليلبسه مما يلبس, ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم, فإن كلَّفتموهم فأعينوهم)) [صحيح البخارى] سبحان الله! هل هناك خُلُق أفضل من هذا؟ لقد جعلهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - إخواناً لمن هم تحت أيديهم, و((خَوَلُكُم)) معناها الذين يتخوَّلون مصالحكم, كما نقول بلغتنا (خُولى الجنينة) أى الذى يتعهد البستان برعايته وإصلاحه. وتخيلوا معى كم تساوى كلمة ((إخوانكم))؟ وكيف كان رفعها لمعنويات هؤلاء الخدم, بعد أن كانوا يُعاملون على أنهم أشياء محتقرة ذليلة؟ وكيف وصَّى بإطعامهم وكسوتهم, بعد أن كانوا لا يأكلون إلا الردىء من الطعام, ولا يلبسون إلا المهلهل من الثياب, يفترشون التراب, ويلتحفون بالسحاب. إن الخدم فى عصرنا الحاضر ليَتَمنّون أن تكون لهم مثل هذه الحقوق التى لم يحصلوا عليها فى ظل ما يدّعونه من مراعاة حقوق الإنسان فى العالم المتحضر!
    ومن إكرام الإسلام لهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يقولنَّ أحدكم عبدى وأَمَتِى, كلكم عبيد الله, وكل نسائكم إماء الله, ولكن ليَقُل غلامى وجاريتى, وفتاى وفتاتى)) [صحيح مسلم] وقوله: ((من ضرب غلاماً له حَدّاً لم يأتِهِ, أو لَطَمَه, فإن كفارته أن يعتقه)) [صحيح مسلم] فهل بعد هذا حفظ للحقوق؟ لقد جعل مجرد ضربهم, أو لطمهم, سبباً لعتقهم, وهذا إذا كان بغير ذنب, وهو معنى ((له حَدّاً لم يأتِهِ)) وهذا العتق كفارة لذنبه, لينجيه من عذاب الله يوم القيامة, وليس مُلزماً له فى الدنيا, إلا عند الإمام مالك (والله أعلم) ولطم الوجه - عموماً - نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -, حتى إنه نهى عن ضرب البهيمة فى وجهها, فقال: ((أمَا بلغكم أنِّى لعنتُ من وَسَمَ البهيمةَ فى وجهها, أو ضربها فى وجهها)) [صحيح الجامع:1326] سبحان الله! هل علم العالم أجمع, فى قديمه أو حديثه, أرفع من هذا الْخُلُق؟ أو رفقاً بالحيوان أعظم من هذا؟ فالذى رفق بالحيوان هو أجدر بأن يرفق بالإنسان. فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
    لقد حرم الإسلام قتل العبيد, أو الاعتداء عليهم بغير حق, سواء كان بضربهم, أو جَدْع أنوفهم, أو إخصائهم, وقد كان ذلك منتشراً فى الجاهلية قبل ظهور الإسلام, ليصبحوا غير قادرين على المعاشرة الزوجية, لأنهم كانوا يدخلون على نسائهم فى غيابهم, ليقوموا بخدمتهن, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من خَصَى عبده خصيناه)) [سنن النسائى] وقال: ((من قتل عبده قتلناه, ومن جَدَعَ عبده جَدَعناه)) [سنن أبى داود والترمذى] وعن أبى مسعود البدرى - رضي الله عنه - قال: كنت أضرب غلاماً لى بالسوط, فسمعت صوتاً من خلفى: (( اِعلم أبا مسعود )) فلم أفهم الصوت من الغضب, فلما دنا منى إذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يقول: (( اِعلم أبا مسعود أن الله أقدَر عليك منك على هذا الغلام )) فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً [صحيح مسلم] وفى رواية أخرى فى صحيح مسلم - أيضاً - أن أبا مسعود قال للرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما رآه غاضباً: يا رسول الله هو حُرّ لوجه الله, فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (( أمَا لو لم تفعل لَلَفَحتك النار, أو لَمَسَّتك النار ))
    ‌أين هذا مما جاء فى الكتاب المقدس الذى يبيح للسيَّد أن يضرب عبده ضرباً مُبَرِّحاً, ولا يُنتَقم منه, طالما أن العبد لم يَمُتْ خلال يوم أو يومين, لأنه اشتراه بماله؟ وها هو الدليل: وإذا ضرب إنسان عبده أو أمَتَه بالعصا فمات تحت يده يُنتَقمُ منه. لكن إن بقىَ يوماً أو يومين لا يُنتَقم منه لأنه ماله. (خروج21: 20-21) إن معنى ذلك أن العبد إذا مات من الضرب بعد اليوم الثانى فلا يُنتقَم من سيِّده! أين هذا من تكريم العبيد فى الإسلام؟ وهل هناك تكريم عرفته البشرية أكبر من أن يتزوج الحر الأمَة, وأن تتزوج الحرة العبد؟ إن الناس يستنكفون من زواج الخادم والخادمة, بل ويستنكفون من زواج من هم دونهم فى الجاه, والمنصب, والتعليم... إلخ, فما بالكم بالعبد والأمَة؟ ولكن الله الرحيم, اللطيف بعباده, شرع ذلك للمؤمنين, فقال فى كتابه الكريم: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء:25] ولم يقل الله سبحانه وتعالى (بإذن أسيادهن) أو (بإذن أربابهن) ولكنه قال: {بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} التى توحى بالرأفة والرحمة وعدم الجفوة, و: {وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة:221] وفى الآية نفسها {وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} لأن تفاضل الناس عند الله بالتقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] وبالفعل حدث هذا عندما تزوج زيد بن حارثة - رضي الله عنه - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السيدة زينب بنت جحش - رضى الله عنها - وهى الشريفة القرشية, بنت عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, ولم يذكر الله عز وجل أحداً من الصحابة - رضوان الله عليهم - باسمه فى القرآن إلا زيداً, فقال: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً} [الأحزاب:37] وأمَّرَهُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى غزوة مؤتة على المهاجرين والأنصار, واستشهد فيها - رضي الله عنه -, وأمَّرَ ابنه أسامة - رضي الله عنه - وهو ابن سبع عشرة سنة على الجيش, وفيهم أبو بكر, وعمر, وعثمان, وعلىّ, وخالد بن الوليد, وغيرهم من الصحابة الأجلاء - رضوان الله عليهم -. قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم بنو آدم, وآدم خُلِقَ من تراب, لَيَنتَهِيَنَّ قوم يفتخرون بآبائهم, أو ليكوننَّ أهون على الله من الْجُعلان)) [صحيح الجامع:4568] ((الْجُعلان)) معناه الْخُنفِسَاء. وقال - صلى الله عليه وسلم - لسيدنا بلال - رضي الله عنه -: ((يا بلال! بمَ سبقتنى إلى الجنة؟ ما دخلتُ الجنة قط إلا سمعتُ خشخشتكَ أمامى, إنى دخلتُ البارحة الجنة, فسمعتُ خشخشتكَ أمامى)) [صحيح الجامع:7894] وقال: ((إن الجنة لتشتاقُ إلى ثلاثة: علىّ, وعمّار, وسَلْمان)) [سنن الترمذى, صحيح الجامع:1598] وعمّار وسلمان (رضى الله عنهما) كانا عبدين مملوكين. ‌ورُوِىَ أن أبا بكر - رضي الله عنه - حينما أعتق بلالاً قال له: يا سيدى, فقال له: لا تقل سيدى, إنما أنا أخوك. وورد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال حين ذاك: سيّدُنا وأعتق سيّدَنا. وقد توارثت الأُمَّة تعظيمهم جيلاً بعد جيل, فلا يُذكَر بلال الحبشى إلا ويُقال سيدنا, وكذلك عمّار بن ياسر, وصُهَيب الرومى, وسلمان الفارسى, وغيرهم, رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين, اللهم اجعلنا معهم يوم الدين.
    ولم يكتفِ الإسلام بكل هذا التكريم, بل عمل على تجفيف منابع الرِّق, فحرَّم بيع الأحرار, وحث على عتق الرِّقاب, وجعله قُربَى لله سبحانه وتعالى, مثل: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ{12} فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد:12-13] فكان أول من امتثل لأمر الله سبحانه وتعالى هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن أعتق جميع من عنده من العبيد, وبعده أبو بكر, الذى أنفق ماله فى تحريرهم, ليرحمهم من التعذيب الذى كانوا يلاقونه على أيدى الكفار ليفتنوهم عن دينهم. وقد جعل الله لتحريرهم نصيباً من الزكاة , فقال سبحانه : {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60] وجعل عتقهم تكفيراً لبعض الذنوب, فعلى سبيل المثال: القتل الخطأ, كفارة اليمين, الظِّهار, الجماع فى نهار رمضان... إلخ. وجعل لعتقهم نصيباً من زكاة المال {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة:60] وحث على تحريرهم بالمكاتبة, فقال: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور:33] والْمُكَاتَبَة هى أن يطلب العبد من سيده أن يحرره مقابل مبلغ من المال, بحيث يتركه يعمل, ويسدده له على أقساط, وإذا عمل عند سيده فى هذه الفترة, يكون عمله بأجر, وأمر الله سيده (أو غيره من المسلمين) بإعطائه نصيباً من المال, لإعانته على هذا الأمر, قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَسألُ الرجل مولاه من فضل هو عنده فيمنعه إيّاه, إلا دُعِىَ لهُ يوم القيامة فضله الذى منعه شجاعاً أقرع)) [صحيح الجامع:7709] أرأيتم ما هو عقاب من منع وليه فضل ما عنده؟ أن يُمَثَّلَ لهُ ثعباناً ضخم الهيئة, يُسمَّى (الشجاع الأقرع) والعياذ بالله. وإذا رفض سيده أن يكاتبه, فله أن يشتكيه للقاضى, ويلزمه القاضى بقبول المكاتبة, بشرط أن يكون هذا العبد موثوقاً فى أمانته وصدقه, لضمان حق وليّه. وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفك أسرى المشركين مقابل تعليمهم المسلمين القراءة والكتابة, فكان شرط فكاك الواحد منهم أن يعلم عشرة من المسلمين. ويكفى أن آخر وصية للرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل موته كانت بالعبيد, إذ قال: ((الصلاة وما ملكت أيمانكم, الصلاة وما ملكت أيمانكم)) [سنن ابن ماجه ومُسنَد أحمد, صحيح الجامع:3873]
    أما وَطْء الرجل أمَتَه, فإن هذا احترام لحقها, وليس إهانة, فإنها كانت قبل الإسلام ليست ملكاً لسيدها وحده, بل لابنه, وأبيه, ولمن شاء أن يقدمها له من الضيوف, فحرم الله إجبارهن على البغاء, فقال: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النور:33] وهى امرأة, ولها متطلباتها كبقية النساء, وإذا تُرِكَت بغير زوج.. فمن يُعِفُّها إذن؟ أتُترَك لتكون عُرضة لمطمع الفسقة والفجرة من الرجال؟ إن هذا يعرّضها للأمراض, فضلاً عن إشاعة الفساد فى البلاد. ولها تكريم آخر.. أنها إذا ولدت ولداً تصير حرة, وبعض العلماء قال والبنت أيضاً. أما إذا خطبها أحد - سواء كان حراً أو عبداً - فلا مانع من ذلك, بشرط أن يكون بإذن وليها, وفى هذه الحالة تحرم على وليها, لأنها أصبحت زوجة لرجل غيره.
    وقد أباح الكتاب المقدس أخذ السبايا, ووطء الإماء, وهذه بعض الأدلة:
    فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال. وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكر اقتلوها. لكن جميع الأطفال من النساء اللواتى لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم حيّات. (عدد31: 17-18) أى أنهم يقتلون الذكور من الأطفال, أمّا الإناث من الأطفال فلا يُقتَلْنَ طالما أنهنَّ عفيفات, ولكن يُؤخَذْنَ كأسيرات.
    إذا خرجتَ لمحاربة أعدائك ودفعهم الرب إلهك إلى يدك وسبيتَ منهم سبياً ورأيت فى السَّبْى امرأة جميلة الصورة والتصقتَ بها واتخذتها لك زوجة فحين تدخلها إلى بيتك تحلِق رأسها وتقلِّم أظفارها وتنزع ثياب سبيها عنها وتقعد فى بيتك وتبكى أباها وأمها شهراً من الزمان ثم بعد ذلك تدخل عليها وتتزوج بها فتكون لك زوجة. (تثنية21: 10-13)
    فلما رأت راحيل أنها لم تلد ليعقوب غارت راحيل من أختها. وقالت ليعقوب هب لى بنين. فحمى غضب يعقوب على راحيل وقال ألَعَلِّى مكان الله الذى منع عنك ثمرة البطن. فقالت هُوَذا جاريتى بلهة. ادخل عليها فتلد على ركبتى وأُرزَق أنا أيضاً منها بنين. فأعطته بلهة جاريتها زوجة. فدخل عليها يعقوب (تكوين30: 1-4)
    وأما بنو السرارى اللواتى كانت لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحق ابنه شرقاً إلى أرض المشرق وهو بعد حى (تكوين25: 6), والله أعلم



    الشبهة التاسعة و الستون (69):
    - إن تحريم الربا فى الإسلام يصيب الاقتصاد العالمى بالشلل التام.

    الرد:
    - سنورد لكم بعض أقوالكم لتكون حجة عليكم:
    لقد جاء فى كتابكم المقدس ما نصه: إن أقرضتَ فضة لشعبى الفقير الذى عندك فلا تكن له كالمرابى. لا تضعوا عليه ربا (خروج22: 25) ولكن هذا التحريم - للأسف - خاص بأبناء دينكم, بدليل: لا تُقرِض أخاك برباً ربا فضة أو ربا طعام أو ربا شىء ما مما يُقرَض بربا. للأجنبى تُقرِض بربا ولكن لأخيك لا تُقرِض بربا لكَى يباركك الرب إلهك (تثنية23: 19-20)
    إن رجل الاقتصاد الأول, وهو العالِم الألمانى (شاخت) وضع نظرية سنة 1950 قال فيها: (إن الربا ليتسبب فى مصائب عالمية, وإن الربا ليضر بالاقتصاد العالمى, وإنه ليزيد الفقير فقراً, والغنِىَّ غِنىً) وكذلك فإن مؤسس علم الاقتصاد العالمى, وهو رجل بريطانى اسمه (كينز) قال: (إن العالم ليحلم بأن يدور رأس المال مرتين ونصف المرة كل سنة, وعندها تتحقق الرفاهية لكل الشعوب) أى أن رأس المال يعاد استثماره كل أربعة أشهر, إن هذا معناه هو مقدار الزكاة. ويقول أيضاً: (حين تصل قيمة الفوائد إلى الصفر, يشيع النماء والرخاء فى العالم كله) معنى هذا هو عدم الربا. وقد لجأت الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة للإقراض بدون فوائد, لتشجيع الاستثمار فى المجتمع الأمريكى.
    إن الربا هو الذى يضر بالاقتصاد العالمى, وليس تحريمه كما يدَّعى المغرضون, فلنفترض أنك اقترضت مليون جنيه لعمل مشروع, ثم ربحت عشرين بالمائة أو أقل فى نهاية العام, وفى الوقت نفسه كانت قيمة الأرباح المطلوب منك سدادها هى أيضاً عشرين بالمائة, فكم يكون ربحك حينها؟ إن هذا المشروع عند رجال الاقتصاد لا يساوى نشاطه, فتضطر لغلق المصانع, وتسريح العمالة, أو تزداد ديونك عاماً بعد عام, إلى أن يتم استيلاء الجِهة الْمُقرِضة على ممتلكاتك, أو وضعك فى السجن, فهل هذا يؤدى إلى نمو الاقتصاد, والقضاء على البطالة, وتشغيل الأيدى العاملة؟ فى حين أنك لو قمت بهذا المشروع من مالك الخاص, أو اقترضت قرضا حسناً بغير فوائد, لكان ربحك خالصاً لك, كما أن فى هذا استمراراً للإنتاج, وازدهاراً للاقتصاد, وقضاءً على البطالة - أو الحدّ منها - ورفعاً لمستوى المعيشة... إلخ. ربما يتعجب البعض ويقول: من الذى يقرض قرضاً حسناً فى هذا الزمان؟ إنه بذلك يكون قد عطل ماله, ولم يَعُد عليه بأى نفع دنيوى؟ فنقول له: ليس شرطاً أن يكون قرضاً, ولكنه يشارك فى المشروع, ويتفق مع شريكه - أو شركائه - على نسبة معينة من الربح أو الخسارة, بحيث لا تكون الفائدة ثابتة, حتى لا يقع فى الحرام, فربما خسر المقترض, أو ربح أرباحاً طائلة, فيكون بذلك قد ظلم نفسه, أو ظلم شريكه.
    والذى يسدد أرباحه كفوائد للديون.. ماذا يفعل؟ إنه - كما قلنا - إمّا أن يغلق مصانعه, وينهى مشروعه, ويسرِّح عمالته, وإمّا أن تتراكم عليه ديونه, وفى هذه الحالة قد يلجأ إلى حِيَل تضر بمجتمعه, ليسدد ديونه, ولنفترض أنه يبيع سلعاً استهلاكية, فلو باعها بسعرها فى السوق لَخَسِرَ, ولو باعها بثمن أغلى ليحقق قيمة الربح المرجوَّة لسداد ديونه بفوائدها لكسدت سلعته, فماذا يفعل؟ إنه يلجأ إلى ما يسمى بالحِيَل النَّكِدَة, كأن يغش البضاعة, فيقدم للمجتمع سلعاً مغشوشة تضر بالمستهلك, وإن لم يستطع غشها (كالملابس الجاهزة مثلاً) فإنه يلجأ إلى استغلال المرأة لاستقطاب الزبائن - كما يحدث فى أوربا - نساء يرقصن ويغنين من أجل ترويج السلعة, وبيعها بسعر أغلى, أو يشغل عنده المتبرجات تبرجاً صارخاً, وفى هذه الحالة أيضاً يضر بالمستهلك, لأنه يبيع له بسعر عالٍ (فضلاً عن ضرره فى دينه) فيخفض مستوى المعيشة, لأن المستهلك فى هذه الحالة لا يستطيع شراء كل ما يحتاجه من السلع, لارتفاع سعرها.
    والذين يبيحون الفوائد (الربا) يقولون إن العقد شريعة المتعاقدين, وإن كِلا الطرفين (الدائن والمدين) راضيان عن هذا العقد. ونقول لهم: إن هناك مُشرِّعاً أعلى, وهو الله سبحانه وتعالى. وقاعدة (العقد شريعة المتعاقدين) لا تصلح إلا فى العقود الحلال, وإلا- لأصبحت عقود الزنى حلالاً بالتراضى أيضاً. والربا عقوده باطلة قانونياً, وليس شرعياً فقط, فالمفروض أن القانون يحمى الطرفين: المقرض والمقترض, أما عقود الربا فإنها تحمى المقرض فقط, لأنها تبيح له أن يأخذ كل الضمانات التى يريدها من المقترض, مثل الحجز على متاع بيته, أوكذا أوكذا, ولا يضمن للمقترض أى حق. والذين يقولون إن البنوك لا تخسر, وإقراضها للناس بالفوائد يعتبر مثل البيع, فإن قولهم هذا مثل قول الكافرين أيام الرسول - صلى الله عليه وسلم -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275] وكان المفروض أن يقولوا (إنما الربا مثل البيع) ولكنهم بدأوا بالبيع لتشبيهه بالربا فى جلب الزيادة للمال.
    ومن قال إن البنوك لا تخسر؟ إن هناك الكثير من البنوك العالمية التى تخسر بالمليارات, وتغلق أبوابها, وتسرِّح عمالَتَها, بل وتستدين, وشركات عالمية تخسر, وتعلن إفلاسها, فطالما أنك دخلت فى التجارة فإنك معرض للربح والخسارة. وهناك سؤال: ما الفرق بين البيع والربا؟ إنك فى البيع تبيع السلعة بنقود, أما الربا فإنك تبيع نقوداً بنقود, والنقود ليست سلعة, ولو أصبحت النقود سلعاً, لتحولت السلع إلى نقود, وهنا يسقط التقايض, وتسقط المنافع العامة, فلابد وحتماً أن تكون التعاملات المصرفية البنكية على أن رصيدها من الفوائد صفر. ومن حِكَم تحريم الربا ألا يدور رأس المال بين الأغنياء فقط {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ} [الحشر:7] {دُولَةً} معناها التداول, فإن رءوس الأموال فى العالم - عادة - تدور دورة أفقية مع الأغنياء فقط مثل (مروحة السقف) ولكن الإسلام يريد أن يدور المال دورة رأسية مثل (الساقية) حتى لا يحرم الفقير, ينزل المال من الغنى على الفقير, ويصعد من الفقير إلى الغنى, فالغنى يشغّل الفقراء, والفقراء يستثمرون مال الغنى, ويعطونه الربح.
    إن الربا - كما قال شاخت - يزيد الغَنِىّ غِنَىً ويزيد الفقير فقراً, لأن الغنى تتضاعف أمواله بالربا, أما الفقير فإنه ينشغل بسداد ديونه وفوائدها, فيزداد فقراً على فقر, ويضطر إلى الحرام. والإنهيار الاقتصادى الذى أصاب العالم هذه الأيام - وخصوصاً أمريكا والدول الصناعية الكبرى - سببه أكل الربا, وحين حرَّمه الإسلام لم يترك الناس يتخبطون فى البحث عن البديل, ولكنه حث على الصدقة, والقرض الحسن, وجعل أجره أعلى من أجر الصدقة, ووعد من صبر على الْمُعسِر بجزيل الأجر والثواب, وفى هذا تكافل اجتماعى كبير, ليس له فى العالم نظير, والله أعلم.


    يتبع









  10. #30

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة السبعون (70):
    - تقولون إن الاغتسال والوضوء بالماء للطهارة, فإذا فقدتم الماء تيممتم بالتراب, فهل وضع التراب على الوجه طهارة, أم قذارة؟

    الرد:
    - نعم.. نحن نقول إن الاغتسال والوضوء طهارة, ولكن من قال لكم إن الطهارة هى النظافة؟ إن الطهارة هى رفع الحدث الأكبر بالاغتسال, ورفع الحدث الأصغر بالوضوء, والتيمم يحل محل الاثنين فى حالات معينة, فربما كان الإنسان طاهراً, ويستطيع أن يصلى, مع أن جسده متسخ, أو ملابسه, بشرط ألا يكون متسخاً بنجاسة (بغض النظر عن أنه لا يليق بالمسلم) فى حين أن غيره ربما يكون نظيف البدن, نظيف الثياب, متعطراً, ولكنه لا يستطيع أن يصلى, لأنه لم يتطهر من الحدث الأكبر أو الأصغر. إن الوضوء أمر تعبُّدِى اختاره الله لنا, لنتهيّأ للوقوف بين يديه, ويَسَّر علينا أن نستبدله عند فقده بشىء آخر يحل محله, ونحن عبيده يأمرنا بما يشاء, وينهانا عما يشاء, وما علينا إلا الطاعة, سواء علمنا حكمته, أم لم نعلم, فلو أننا أطعناه فيما نعلم حكمته, وتركنا غيره, فأين الإيمان والتسليم إذن؟ وهناك شىء آخر: إن الإنسان خلق من طين, وهو عبارة عن ماء وتراب, فإذا فقد الماء, فإنه يلجأ للشق الآخر. ونحن حين نتيمم لا نضع كمية كبيرة من التراب على وجوهنا, أو ندخله فى عيوننا, وأنوفنا, وأفواهنا, كما تظنون, ولكن يكفى أن نضرب الأرض بكفوفنا, ثم ننفضها, كما كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, : {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [المائدة:6] فهو مجرد غبار, أو أى شىء طاهر صعد على وجه الأرض - وإن لم يكن به تراب - مثل الجبال الصخرية, أو الرخام, أو غيرها.
    والآن نذكر لكم بعض ما جاء فى كتابكم المقدس, لتقارنوا بينه وبين التيمم:
    فقال لى انظر. قد جعلتُ لك خِثِى البقر بدل خُرْء الإنسان فتصنع خُبزك عليه. (حزقيال4: 15)
    هَأنذا انتهر لكم الزرع وأمُدُّ الفَرْث على وجوهكم فَرْث أعيادكم فتُنزَعُون معه. (ملاخى2: 3), والله أعلم.



    الشبهة الواحدة و السبعون (71):
    - كيف تقولون إن النساء ناقصات عقل, وقد تفوقن فى علوم شتى, ووصلن إلى أعلى الشهادات, حتى إن المرأة أصبحت طبيبة, ومهندسة, وأستاذة جامعية, وربما تفوقت على الرجل فى بعض المجالات؟

    الرد:
    - نقول وبالله التوفيق: نعم.. إن النساء كما تقولون قد تفوقن فى مجالات شتى من العلوم والفنون, ولكن من قال لكم إن العقل هو الذكاء أو التفوق؟ إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قال للنساء: ((ما رأيتُ من ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ أذهبَ لِلُبِّ الرجلِ الحازمِ منكنَّ)) فسَّر لهنَّ ذلك بقوله: ((أليسَ شَهَادةُ المرأةِ مِثلَ نِصفِ شَهَادةِ الرجلِ... فذلك من نُقصانِ عقلها, أليسَ إذا حاضت لم تُصَلِّ ولم تَصُم... فذلِك من نقصان دينها)) [صحيح البخارى] فلم يقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنهن ناقصات ذكاء, أو مهارة, أو فطنة... إلخ, ولكن قال: ((ناقصات عقل)) والعقل معناه الربط والتحكم, كما جاء فى الحديث الشريف: ((اعقِلها وتوكَّل)) [سنن الترمذى, صحيح الجامع:1068] وذلك حينما سأله رجل عن ناقته هل يُطْلِقُها ويتوكل, أم يعقلها (أى يربطها) ويتوكل. فالعِقال هو الرباط الذى يربطون به الناقة حتى لا تفِر, والعقل هو الذى يتحكم فى الإنسان, فيضبط تصرفاته, ويحجزه عما يضره, فلا ينساق وراء عواطفه, ويجعله يتصرف بحكمة, ولو فى أحلك المواقف, وأخطر الظروف, ومعلوم أن هذا أقوى عند الرجال, فعند حدوث أى خطر - كحادثة طريق أو حريق - تجد النساء لا يستطعن السيطرة على أنفسهن, ويصرخن, ويُغشَى عليهن, أما الرجال فهم الذين يسارعون فى إنقاذ المصابين, والاتصال بالإسعاف, والنجدة... إلخ. إن التفوق العلمى مَلَكَة وهِبَة من عند الله للرجال والنساء, ولكن المرأة لا تتحمل المواجهات الساخنة, مهما بلغت من الدرجات العلمية, ولو كانت أستاذة جامعية, فلو سمعت صوت لِص, أو رأت فأراً - ولا أقول ثعباناً - ماذا تفعل؟ إنها تصرخ, وتنادى أى رجل - ولو البَوّاب الذى لا يعرف القراءة والكتابة - لينقذها مما هى فيه. إن عاطفة المرأة تغلب عقلها, ولذلك لا ينبغى أن تكون قاضية, لأنها لو أتاها مجرم (ولو كان سارقاً أو قاتلاً) وبكى لها واشتكى, لعَفَت عنه, ولضيّعت حقوق العباد, ولو أنه مدحها, لَرَقَّ إليه قلبها. وكذلك فإنها بطبيعتها الضعيفة الرقيقة, التى خلقها الله عليها, لا تستطيع القيام بالأعمال الشاقة, والأعمال الخطرة, لأنها لا تحسن التصرف فيها, فلا نجدها - مثلاً - فى فِرَق الإسعاف, أو قوات المطافئ, أو قوات الصاعقة, والمظلات, والإبرار الجوى... إلخ. وفى هذا أيضاً رد على السؤال الذى يُطرح منذ عشرات السنين, وتمتلئ به وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية, عن مساواة الرجل بالمرأة, فالذين ينادون بتحرير المرأة - كما يقولون - هم أعداء لها, وإلا- فمِمَّ يحررونها؟ أهىَ أسيرة؟ إنهم يريدون تحريرها من حيائها, وحجابها, وعفتها, فتختلط بالرجال, وتشاركهم فى كل مجال, مع أن طبيعة المرأة وخِلقتها تختلف تماماً عن الرجل, كما قال الله عز وجل: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [آل عمران:36] وهم يظلمونها, ويحملونها ما لا تطيق من الأعمال التى لا يقدر عليها إلا الرجال. وعدم قدرتها ليس عيباً فى حقها, ويكفيها شرفاً أن جعلها الله رقيقة, عطوفة, رحيمة, حتى تراعى زوجها وأولادها, وتقوم على شئون بيتها, فهم لا يريدون أن يعترفوا أن لها قدرات محدودة, لضعف بدنها وقدرة تحملها, فبالإضافة لما سبق لا نجدها جرّاحة مخ وأعصاب - مثلاً - أو جرّاحة قلب مفتوح, أو غوّاصة فى البحار, أو عاملة فى المناجم والآبار, وأعمال الحفر والمِعمار... إلخ. فالذى خلقها أعلم بها {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14] حتى إنه سبحانه وتعالى خفف عنها بعض العبادات أيام حيضها ونفاسها, فإنها تكون فى تلك الأوقات أضعف نفسياً وبَدنيّاً, وألزَم الرجال بالنفقة عليها, لأنهم أقدر على السعى فى كسب لقمة العيش منها, فسبحان {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]
    إن المرأة فى الكتاب المقدس شر, ولا يحل لها أن تتكلم فى الكنيسة, ولا أن تذهب إليها لتتعلم, وإذا جاءها حيض أو استحاضة فهى نجسة, وكل ما تلمسه نجس, وكل من يلمسها نجس, بل إنها تعتبر مذنبة, ولابد أن تكفر عن خطيئتها, أين هذا من قول رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) [متفق عليه] وقوله: ((إن المؤمن لا ينجس)) [متفق عليه] و((المؤمن)) يشمل المؤمن والمؤمنة. فالمرأة عندنا ليست نجسة, وإن كانت حائِضاً أو نُفَسَاء. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - ينام فى حِجْر السيدة عائشة - رضى الله عنها - وهى حائض, ويقرأ القرآن. وأين هذا من معارضة امرأة لسيدنا عمر - رضي الله عنه - حين كان يخطب على المنبر, فنهى عن الغُلُوّ فى المهر, فقامت من بين المصليات - وعلى مسمع من الرجال - وذكَّرته بقول الله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً} [النساء:20] فقال قولته المشهورة: (أخطأ عمر وأصابت امرأة) وحتى لا نطيل عليكم فى سرد أدلة تكريم المرأة فى الإسلام, ننتقل إلى بعض - وليس كل - ما جاء فى الكتاب المقدس بشأن النساء:
    وكانت امرأة جالسة فى وسط الإيفة. فقال هذه هى الشر. (زكريا5: 7-8)
    ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح. وأما رأس المرأة فهو الرجل. (رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس11: 3)
    وقال للمرأة تكثيراً أكثّر أتعاب حَبَلِك. بالوجع تلدين أولاداً. وإلى رَجُلِك يكون اشتياقك وهو يَسُودُ عليكِ. (تكوين3: 16)
    لتصمت نساؤكم فى الكنائس لأنه ليس مأذوناً لهنَّ أن يتكلمنَ بل يخضعنَ كما يقول الناموس أيضاً. ولكن إن كنَّ يُرِدنَ أن يتعلمنَ شيئاً فليسألنَ رجالهنَّ فى البيت لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم فى كنيسة. (رسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس14: 34-35)
    لتتعلم المرأة بسكوت فى كل خضوع. ولكن لستُ آذنُ للمرأة أن تُعَلِّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون فى سكوت. لأن آدم جُبِلَ أولاً ثم حواء. وآدم لم يَغوِ لكن المرأة أغويت فحصلت فى التعدِّى. ولكنها ستخلص بولادة الأولاد إن ثَبَتن فى الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقُّل (رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس2: 11-15) فى هذا النَّص نجد أن اللوم يقع على السيدة حواء - رضى الله عنها - ولم يقع على سيدنا آدم (على نبينا وعليه الصلاة والسلام) بعكس القرآن الذى أثبت المعصية لآدم, وإن كانت حواء ساعدته عليها, فقال: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه:121] ونجد فى النَّص - أيضاً - عدم السماح للمرأة أن تُعَلِّم, بل تتعلم فقط, وفى سكوت. ونجد أن الذى يخلِّصها من خطيئة السيدة حواء هو أن تنجب أولاداً مؤمنين, أما إذا لم تنجب فلا ندرى ماذا يحدث لها؟
    أما نجاستها أيام حيضها واستحاضتها, ونجاسة كل من مسها ومسته, فهو فى الرد على الشبهة رقم (278) ونكتفى هنا بذكر كونها مخطئة أيام حيضها واستحاضتها:
    وإذا طهرت من سيلها تحسب لنفسها سبعة أيام ثم تطهر. وفى اليوم الثامن تأخذ لنفسها يمامتين أو فرخى حمام وتأتى بهما إلى الكاهن إلى باب خيمة الاجتماع. فيعمل الكاهن الواحد ذبيحة خَطِيَّة والآخر مُحرَقَة ويكفِّر عنها الكاهن أمام الرب من سيل نجاستها. فتعزلان بنى إسرائيل عن نجاستهم لئلا يموتوا فى نجاستهم بتنجيسهم مسكنى الذى فى وسطهم (لاويين15: 28-31) سبحان الله! هل تفعل المرأة هذا كلما جاءها الحيض؟ أين هذا مما حدث مع السيدة عائشة - رضى الله عنها - حين طلب منها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تناوله ثوباً وهو فى المسجد (لأن حجرتها كانت تُطِل عليه) فاعتذرت له بأنها حائض, فقال لها: ((إن حَيْضتك ليست فى يدك)) [صحيح مسلم]؟ وأين هذا من قوله - صلى الله عليه وسلم - للحائض: ((إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم, فاغتسلى, وأَهِلِّى بالحج, واقضى ما يقضى الحاج, غير ألا تطوفى بالبيت, ولا تصلى)) [صحيح الجامع:2254]‌؟ لقد سمح لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالقيام بجميع أعمال الحج, إلا الطواف والصلاة, ويكفيها الاغتسال لتتطهر من حيضها, فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة, والله أعلم.



    الشبهة الثانية و السبعون (72):
    - إن انتشار الفقر والمرض والتخلف فى بلاد المسلمين له ارتباط وثيق بالدين, بدليل رُقِىّ البلاد الغربية وتفوقها.

    الرد:
    - يعلم الناقد أن رُقِىّ الدول الغربية لم يقم على تعاليم دينها, وقد أشرنا إلى ذلك فى الرد على الشبهة رقم (97) وإلا- فهناك دول أفريقية كثيرة متخلفة, مع اعتناقها للمسيحية. ويعلم أيضاً أن الحضارة الغربية ما قامت إلا على الحضارة الإسلامية, وعلى سرقة عقول الشعوب, وامتصاص دمائهم, ونهب ثرواتهم باحتلال بلادهم. وسنذكر (إن شاء الله) بعض نصوص الكتاب المقدس, ونترك القارئ المنصِف يقارن بين ما جاء فيه وبين ما جاء به الإسلام فى هذا الصدد.
    إن ما أصاب المسلمين من مرض وتخلف وفقر - وهو ما يسمى بالثالوث المدمر - فهو مِن بُعدهم عن تعاليم دينهم, وليس لالتزامهم به, وإننا لنتحدى أن يأتينا أى إنسان بآية أو حديث فيه صَدّ عن العلم أو العمل, أو فيه ما يؤدى إلى الفقر والمرض. إن الله سبحانه وتعالى لم يأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بطلب الزيادة من أى شىء إلا العلم, فقال جل فى علاه: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:114] وكانت أول آيات أنزلت عليه - صلى الله عليه وسلم - هى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1-5] إن الله سبحانه وتعالى لا يذكر شيئاً فى كتابه, يَمُنّ به على عباده, إلا إذا كان له أهمية عظيمة, فَذِكْر القلم لم يأتِ عبثاً, فإنه أساس تدوين كل العلوم, وما وصلت إليه البشرية اليوم من العلوم, فهو مبنى على ما سبقه من العلوم المدونة, وكل جيل يطوِّر ما وصل إليه آباؤه وأجداده من قبله, ثم الجيل الذى بعده... وهكذا, كل جيل يبدأ من حيث انتهى الآخرون. والآيات والأحاديث التى تحث على العلم والعمل كثيرة جداً, نذكر من الآيات على سبيل المثال: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} [العنكبوت:20] {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف:105] {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:21] {أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ} [الأعراف:185] {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك:15] {وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:10] وغير ذلك كثير, لدرجة أن الله سبحانه وتعالى لم يحرم التجارة أثناء الحج, فقال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة:198] أما الأحاديث التى تحث على العلم, فنذكر منها على سبيل المثال أيضاً: ((طلبُ العلم فريضة على كل مسلم)) [سنن ابن ماجه, صحيح الجامع:3914] قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((على كل مسلم)) يشمل المسلمة (كما هو معلوم من الآيات والأحاديث التى تأتى بلفظ المذكَّر فى حين أنها للجنسين) و((من سلك طريقاً يطلبُ فيهِ علماً, سَلكَ الله بهِ طريقاً من طرق الجنة, وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع, وإن العالِم ليستغفر له من فى السموات ومن فى الأرض, والحيتان فى جوف الماء, وإن فضل العالِم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب, وإن العلماء ورثة الأنبياء, وإن الأنبياء لم يُوَرِّثوا ديناراً ولا دِرهماً, إنما وَرَّثوا العلم, فمن أخذه أخذ بحظٍ وافر)) [صحيح الجامع:6297]‌ وهناك أحاديث أخرى تحث على طلب العلم. وقد مر بنا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يفك أسْر المشركين مقابل تعليم المؤمنين القراءة والكتابة.
    وأما الأحاديث التى تحث على العمل فنذكر منها: ((إن قامت الساعة وفى يد أحدكم فَسِيلَة, فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها, فليغرسها)) [صحيح الجامع:1424] ((ما من مسلم يغرس غرساً, إلا كان ما أُكِلَ منه له صدقة, وما سُرِقَ منه صدقة, وما أكل السبع فهو له صدقة, وما أكلت الطيور فهو له صدقة, ولا يَرزَؤُهُ أحد إلا كان له صدقة)) [صحيح مسلم] قوله: ((يرزؤه)) أى يُصاب فيه, لأن (الرُّزْء) هو المصيبة. وقال - صلى الله عليه وسلم - عن الخارج لطلب الرزق: ((إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً, فهو فى سبيل الله, وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين, فهو فى سبيل الله, وإن كان خرج يسعى على نفسه يُعِفُّها, فهو فى سبيل الله, وإن كان خرج يسعى رياءً ومُفاخَرَة, فهو فى سبيل الشيطان)) [صحيح الجامع:1428] ((لأن يأخذ أحدكم حَبْله فيأتى الجبل فيجىء بحزمة الحطب على ظهره, فيبيعها, فيَكُفّ الله بها وجهه, خير له من أن يسأل الناس, أعطوه أو منعوه)) [صحيح الجامع:5041] وغير ذلك أحاديث كثيرة. وبفرض عدم وجود أدلة على الترغيب فى العلم والعمل, فإن الأصل فى الأشياء الإباحة, ما لم يَرِدْ الدليل على تحريمه, فكيف والأدلة كثيرة لا يحصيها العَدّ؟
    أما الفقر الذى أصاب كثيراً من المسلمين, فإن السبب فى ذلك أن الأغنياء بخلوا بما عندهم, ولم يمتثلوا لأمر ربهم فى إخراج زكاة أموالهم, فما جاع الفقراء إلا بتُخْمَة الأغنياء, والآيات والأحاديث التى تحث على الزكاة والصدقة لا تحتاج لبيان فى هذا الموضع, لأنها معلومة لدى الكبير والصغير, والله سبحانه وتعالى قد أثرَى الأمة الإسلامية بالموارد التى تُدِر عليها المال الوفير, مثل آبار البترول, والمعادن المختلفة, والأراضى الزراعية الخصبة, ولكن هذه الأموال لم تستخدم على الوجه الذى يريده الله عز وجل - إلا القليل منها - وشاهد على ذلك دول الخليج التى فتح الله لها كنوز الذهب الأسود, فلو أنهم اتقوا الله فيما جعلهم مستخلفين فيه, لَمَا جاع مسلم على وجه الأرض, ولَمَا رأينا المجاعات فى الصومال, والنيجر, وغيرهما من بلاد المسلمين, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كان معه فضل ظهر, فليَعُد به على من لا ظَهْر له, ومن كان له فضل من زادٍ, فليَعُد به على من لا زادَ له)) [صحيح مسلم] ثم إن هناك سبباً قوياً لفقر المسلمين, وهو التقسيم الاستعمارى لبلادهم, حتى أصبحت كل دولة مغلقة على نفسها, وخيرها ليس إلا لأهلها, أو من يعملون فيها, أما لو كانت هناك خلافة إسلامية, لأصبحت جميع الشعوب التى تدين بالإسلام تحت إِمرَة حاكم واحد, هو (الخليفة) ولأصبحت موارد الدولة الموَّحدة وخيراتها ينال منها القريب والبعيد من أبناء المسلمين, ولتوافرت فرص العمل لهم جميعاً, ولَمَا تكدست الأموال عند بعضهم دون البعض, وَلَسَاد التضامن والتكافل والرخاء, نتيجة تعاونهم واتحادهم.
    أما الأمراض فإن الإسلام قد جعل الوقاية منها بعدة أسباب, منها النظافة, وهى عامل مهم جداً فى الوقاية منها, ومنع انتشارها, فليس هناك ديانة, ولا مِلَّة, ولا نِحْلَة, ولا منهج سماوى أو وضعى, يحث على النظافة كما حث عليها الإسلام. إن أول شرط فى دخول الإسلام - قبل النطق بالشهادتين - هو الاغتسال, ونحن نتحداكم أن تأتونا بأى منهج سماوى يُلزِم الإنسان بغسل وجهه ويديه ورجليه فى اليوم خمس مرات, وأن يستبرئ من بوله وغائطه, وأن يغتسل مرة على الأقل كل أسبوع, وبعد الحدث الأكبر, مثل الجنابة والحيض والنفاس. إن الكثير من الكفار - رغم ما أوتوا من علم ومال وجمال - لا يتطهرون من البول والغائط كما يتطهر المسلمون, لأنهم يتنظفون بالورق الذى لا يزيل أثر البول والغائط كما يزيله الماء. ونحن نجد الذين يحافظون على الوضوء ليس لأقدامهم رائحة, فى حين أن غيرهم يتعاطون العقاقير لعلاج ما بين أصابعهم من الفطريات, والرائحة الكريهة, لعدم نظافتها, حتى إن الزوجة لتأنَف من زوجها, والزوج ليأنَف من زوجته. وكذلك فإن المسلم الذى يحافظ على وضوئه لا تجد لفَمِه رائحة كريهة لكثرة السِّواك والمضمضة والخِلَّة.
    إن أنظف إنسان فى الوجود هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذى ((كان إذا أراد الحاجة أبْعَد)) [صحيح الجامع:4651]‌ أى أنه إذا أراد أن يقضى حاجته بَعُدَ عن الناس بُعداً كبيراً. وكان لا يُرَى له أثر بول أو غائط, وكان يلبس الثياب البيض, ويدهن شعره, ويمتشط, ويتعطر, ويستاك عند كل وضوء, وأحياناً بغير وضوء, و((كان إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فِيهِ, وخفَّض بها صوته)) [صحيح الجامع:4755] وقد نهى عن التنفس فى الإناء, فقال: ((إذا شَرِبَ أحدكم فلا يتنفس فى الإناء, فإذا أراد أن يعود, فليُنَحِّ الإناء, ثم ليَعُد إن كان يريده)) [صحيح الجامع:624] و((نهى أن يُنفَخ فى الطعام والشراب)) [صحيح الجامع:6028] و((نهى عن الشرب من فِى السِّقاء)) [صحيح الجامع:6889] ((السِّقاء)) هى قِربَة الماء, و((فىِ السِّقاء)) أى فمها. وكان من سنَّته غسل اليدين قبل الطعام وبعده, وهو الذى قال: ((إذا نام أحدكم وفى يده ريح غَمْر, فلم يغسل يده, فأصابه شىء, فلا يلومنَّ إلا نفسه)) [صحيح الجامع:803] ((ريح غَمْر)) معناها رائحة اللحم أو دسمه, لأنه يجلب إليه الحشرات والْهَوام, ويسبب له الأمراض. ونهى - صلى الله عليه وسلم - عن التبُّول فى الماء الراكد, فقال: ((لا يَبُولَنَّ أحدكم فى الماء الراكد)) [صحيح الجامع:7596] وهذا يمنع أمراضاً كثيرة, مثل البلهارسيا وغيرها. ونهى عن التبُّول أو التبرُّز فى ظِل الناس, فقال: ((اتقوا الملاعِن الثلاث: أن يقعد أحدكم فى ظِلّ يُستَظل فيه, أو فى طريق, أو فى نقع ماء)) ‌[صحيح الجامع:113] ((يقعد)) أى يقعد للتبرُّز, ((فى ظِلّ)) يشمل الحائط أو الشجرة, أو أى شىء يستظل به الناس من حر الشمس, ((نقع الماء)) معناه الماء الراكد, مثل البرك والمستنقعات. وهو الذى علم البشرية استخدام نبات الخِلَّة, لإخراج الطعام من بين الأسنان والأضراس, حتى لا يتحلل ويتعفن, ويصيب اللثة والأسنان بالأمراض. ونهى عن ترك الشعر بدون تنظيف, وأمر بتهذيبه, وقال: ((من كان له شعر فليكرمه)) [صحيح الجامع:6493] كلمة ((شعر)) تعنى شعر الرأس واللحية, وإكرامه يكون بتنظيفه, ودهانه, وترجيله. وكان يأمر بغسل الأيْدى بعد الاستيقاظ من النوم, فقال: ((إذا قام أحدكم من النوم, فأراد أن يتوضأ, فلا يُدخِل يده فى الإناء حتى يغسلها, فإنه لا يدرى أين باتت يده, ولا على ما وضعها)) [صحيح الجامع:718] ومعلوم أن بعض الديدان - مثل الدودة الدبُّوسية - لها دورة كاملة داخل جسم الإنسان, فهى تضع بيضها حول فتحة الشرج, ولذلك يصاب الإنسان بحَكَّة, وخصوصاً أثناء نومه, فإذا وضع يده على فتحة الشرج, ثم لم يغسل يديه قبل الطعام, فإن هذا البيض يدخل عن طريق فمه, ويكمل دورته داخل جسمه, ويصيبه مرة أخرى. وأمر - صلى الله عليه وسلم - بالاستحداد, ونتف الإبِط, وتقليم الأظافر, فى زمن لا يزيد على أربعين يوماً, والاغتسال يوماً على الأقل فى الأسبوع - وهو يوم الجمعة - وقال: ((عَشْر من الفِطرة: قص الشارب, وإعفاء اللحية, والسواك, واستنشاق الماء, وقص الأظفار, وغسل البَراجِم, ونتف الإبِط, وحلق العانة, وانتقاص الماء)) [صحيح مسلم] قال مُصعَبُ (أحد رُواة الحديث): ونسيتُ العاشرةَ, إلا أن تكون المضمضة. ((البَراجِم)) هى الجلد الذى به ثَنَيات, مثل الذى على عُقَلِ الأصابع, لأن الأوساخ تتجمع فيها. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا تنخَّم أحدكم وهو فى المسجد فليغيِّب نخامته, لا تصيب جِلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه)) [صحيح الجامع:439] وهناك سُنن أخرى, وأحاديث كثيرة, يُرجَعُ إليها فى كتب الفقه والسيرة.
    ومن أسباب الوقاية من الأمراض أيضاً: تقليل الطعام, وعدم الشبع, فإن الكثير من الأمراض سببها امتلاء المعدة, قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما ملأ آدمى وعاء شراً من بطنٍ, بِحَسْبِ ابن آدم أكلات يُقِمْنَ صُلْبَه, فإن كان لا محالة, فثلث لطعامه, وثلث لشرابه, وثلث لنَفَسِه)) [سنن الترمذى, صحيح الجامع:5674] هذا بالإضافة إلى النهى عن تعاطى ما يضر من الطعام والشراب, أو أى شىء, بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ضرر ولا ضِرار)) [صحيح الجامع:7517] وأمر بالتداوى من الأمراض, فقال: ((يا عباد الله تداوَوْا, فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء, غير داء واحد: الهِرَم)) [صحيح الجامع:7934] ((الهِرَم)) معناه الشيخوخة. وقال: ((لكل داء دواء, فإذا أصاب دواءٌ الداءَ بَرِئَ بإذن الله تعالى)) [صحيح الجامع:5164] ووصف علاجاً لأمراض كثيرة, ليس هنا مجال ذكرها.
    والآن نسرد عليكم بعض ما جاء فى الكتاب المقدس:
    أنكم تركتم وصية الله وتتمسكون بتقليد الناس. غسل الأباريق والكؤوس وأموراً أُخَرَ كثيرة مثل هذه تفعلون. (مرقس7: 8)
    ثم سأله الفريسييون والكتبة لماذا لا يسلُك تلاميذك حسب تقليد الشيوخ بل يأكلون بأيدِ غير مغسولة. فأجاب وقال لهم حسناً تنبأ إشعياء عنكم أنتم الْمُرائين كما هو مكتوب. (مرقس7: 5-6)
    وأما الأكل بأيد غير مغسولة فلا ينجِّس الإنسان (متى15: 20)
    فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لى تلميذاً (لوقا14: 33)
    وحقلك لا تزرع صِنفين ولا يكن عليك ثوب مُصنَّف من صنفين. (لاويين19: 19)
    ما أعسر دخول ذوى الأموال إلى ملكوت الله. لأن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غنى إلى ملكوت الله. (لوقا18: 24-25)
    لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم. إن أحبَّ أحد العالم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد وشهوة العين وتعَظُّم المشيئة ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمشى وشهوته وأما الذى يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد (رسالة يوحنا الأولى2: 15-17)
    لا يقدر خادم أن يخدم سيدين. لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال (لوقا16: 13)
    ادخلوا من الباب الضيِّق. لأنه واسع الباب ورحْب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك. وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما أضيَق الباب وأكرَب الطريق الذى يؤدى إلى الحياة. وقليلون هم الذين يجدونه (متى7: 13-14)
    وقال لتلاميذه من أجل هذا أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون ولا للجسد بما تلبسون. الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس. تأمَّلوا الغِربان. أنها لا تزرع ولا تحصد وليس لها مَخدَع ولا مخزن والله يُقيتها. كَمْ أنتم بالحرِىِّ أفضل من الطيور. ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامَتِه ذراعاً واحدة. فإن كنتم لا تقدرون ولا على الأصغر فلماذا تهتمون بالبواقى. تأملوا الزنابق كيف تنمو. لا تتعب ولا تغزِل. ولكن أقول لكم إنه ولا سليمان فى كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فإن كان العُشْب الذى يوجد اليوم فى الحقل ويُطرَح غداً فى التنُّور يُلْبِسُهُ الله هكذا فَكَمْ بالحرِىِّ يُلْبِسُكم أنتم يا قليلى الإيمان. فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا. فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم. وأما أنتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه. بل اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تُزاد لكم لا تَخَف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سُرَّ أن يعطيكم الملكوت. بيعوا ما لكم واعطوا صدقة. اعملوا لكم أكياساً لا تفنى وكنزاً لا ينفد فى السموات حيث لا يقرب سارق ولا يُبلى سُوس (لوقا12: 22-33)
    لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً فى مناطقكم. ولا مِزوداً للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصاً. (متى10: 9-10)
    وأخيراً ننصحكم بقراءة الإصحاحين (13و14) من سِفْر (اللاويين) لتعلموا ما جاء فى كتابكم المقدس عن المصاب بالبَرَص أو القَرَع (سقوط الشعر) وأنه نَجِس وآثم, ولابد من ذهابه للكاهن للكشف عليه, وتحديد نوع البَرَص أو القَرَع, ثم الطقوس المطلوبة لتطهيره, والأشياء التى يقربها إلى الله - بزعمكم - حتى يتطهر. ولتعلموا ما جاء فيهما عن البَرَص الذى يصيب الثوب وجدران البيت, واعتبار الثوب والبيت نجسَيْن, ولابد من تطهيرهما, بل والتكفير عن البيت من هذا البَرَص, لأننا لا نستطيع سرد هذين الإصحاحين لطولهما, ولكن نكتفى بنقل بعض فقراتهما, وبالله التوفيق:
    ‌فهو إنسان أبرص. إنه نجس فيحكم الكاهن بنجاسته. إن ضربته فى رأسه. والأبرص الذى فيه الضربة تكون ثيابه مشقوقة ورأسه يكون مكشوفاً ويغطى شاربيه ويُنادَى نجس نجس. كل الأيام التى تكون الضربة فيه يكون نجساً. إنه نجس. يقيم وحده. خارج الْمَحَلَّة يكون مُقامُه
    يأمرُ الكاهن أن يؤخذ للمتطهر عصفوران حيّان طاهران وخشب أرْز وقرمز وزوفاً. ويأمرُ الكاهن أن يُذبَح العصفور الواحد فى إناء خزف على ماء حى. أما العصفور الحى فيأخذه مع خشب الأرز والقرمز والزوفا ويغمسها مع العصفور الحى فى دم العصفور المذبوح على الماء الحى وينضح على المتطهر من البَرَص سبع مرات فيطهره ثم يطلق العصفور الحىّ على وجه الصحراء
    ويكفِّر عنه الكاهن أمام الرب. ثم يعمل الكاهن ذبيحة الخطِيَّة ويكفِّر عن المتطهر من نجاسته. ثم يذبح الْمُحرَقَة ويُصعِد الكاهن الْمُحرَقَة والتَّقدِمَة على المذبح ويكفِّر عنه الكاهن فيطهر لكن إن كان فقيراً ولا تنال يده يأخذ خروفاً واحداً ذبيحة إثم لترديد تكفيراً عنه وعُشراً واحداً من دقيق ملتوت بزيت لتقدِمَة ولُج زيت ويمامتين أو فَرْخَىّ حمام كما تنال يده فيكون الواحد ذبيحة خَطِيَّة والآخر مُحْرَقَة. ويأتى بهما فى اليوم الثامن لطهره إلى الكاهن إلى باب خيمة الاجتماع أمام الرب
    وينضح الكاهن بأصبعه اليمنى من الزيت الذى فى كفه اليسرى سبع مرات أمام الرب. ويجعل الكاهن من الزيت الذى فى كفه على شحمة أذن المتطهر اليمنى وعلى إبهام يده اليمنى وعلى إبهام رجله اليمنى على موضع دم ذبيحة الإثم. والفاضل من الزيت الذى فى كَفّ الكاهن يجعله على رأس المتطهر تكفيراً عنه أمام الرب
    إذا كانت الضربة قد امتدت فى الثوب فى السَّدَى أو اللُحمَة أو فى الجلد من كل ما يُصنع من جلد للعمل فالضربة بَرَص مُفسِد. إنها نجسة فيحرق الثوب
    وكلم الرب موسى وهَرُون قائلاً متى جئتم إلى أرض كنعان التى أعطيكم مُلكاً وجعلتُ ضربَة بَرَص فى بيت فى أرض مُلكِكُم. يأتى الذى له البيت ويخبر الكاهن قائلاً قد ظهر لى شبَّة ضربة فى البيت. فيأمر الكاهن أن يفرغوا البيت قبل دخول الكاهن ليرى الضربة لئلا يتنجس كل ما فى البيت
    ويغلق البيت سبعة أيام. فإذا رجع الكاهن فى اليوم السابع ورأى وإذا الضربة قد امتدت فى حيطان البيت يأمر الكاهن أن يقلعوا الحجارة التى فيها الضربة ويطرحوها خارج المدينة فى مكان نجس. ويُقَشَّر البيت من داخل حواليه ويطرحون التراب الذى يقشِّرونه خارج المدينة فى مكان نجس. ويأخذون حجارة أخرى ويدخلونها فى مكان الحجارة ويأخذ تراباً آخر ويُطيِّن البيت. فإن رجعت الضربة وأفرَخَت فى البيت بعد قَلْع الحجارة وقشر البيت وتطيينه وأتى الكاهن ورأى وإذا الضربة قد امتدت فى البيت فهى بَرَص مفسد فى البيت. إنه نجس. فيهدم البيت حجارته وأخشابه وكل تراب البيت ويخرجها إلى خارج المدينة إلى مكان نجس. ومن دخل إلى البيت فى كل أيام انغلاقه يكون نجساً إلى المساء. ومن نام فى البيت يغسل ثيابه ومن أكل فى البيت يغسل ثيابه.
    فيأخذ لتطهير البيت عصفورين وخشب أَرز وقِرمزاً وزوفاً. ويذبح العصفور الواحد فى إناء خزف على ماء حىّ ويأخذ خشب الأرز والزوفا والقرمز والعصفور الحىّ ويغمسها فى دم العصفور المذبوح وفى الماء الحىّ وينضح البيت سبع مرات ويُطهِّر البيت بدم العصفور
    ويكفِّر عن البيت فيطهُر
    هذه هى الشريعة لكل ضربة من البَرَص وللقَرَع ولبرص الثوب والبيت وللناتئ وللقوباء وللمْعَة للتعليم فى يوم النجاسة ويوم الطهارة. هذه شريعة البَرَص
    هذا قليل من كثير مما جاء فى الكتاب المقدس, والله أعلم.


    يتبع











 

صفحة 3 من 11 الأولىالأولى 1234567 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الرد على الملحدين (الاسلام دين اللحق)
    بواسطة نورالدين مومن في المنتدى قسم حوار الملحدين
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 2011-06-25, 11:15 AM
  2. الرد على الملحدين وصدفة نشوء الكون
    بواسطة ربيب الألباب في المنتدى قسم حوار الملحدين
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 2011-01-17, 03:55 PM
  3. الرد على شبهات الملاحدة
    بواسطة الهزبر في المنتدى المكتبة الإسلامية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 2011-01-10, 10:18 PM
  4. حملوا المفصل في الرد على شبهات أعداء الإسلام ارجو ان تتبت
    بواسطة MAROC في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2010-07-30, 06:09 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML