صفحة 3 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 54
 
  1. #21
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    موسـى
    Moses
    «موسى» هو المقابل العربي لكلمة «موشيه» العبرية، وموسى هو مؤسس الديانةاليهودية. وبخروجه أو هجرته من مصر، يبدأ تاريخ العبرانيين.

    وقد لاحظ فرويدأن شخصية موسى مزيج من مفاهيم البطولة عند الساميين والمصريين، فشخصية البطل عندالساميين تتميَّز بأنها من أب غير معروف، أو بأن يكون البطل يتيماً، أو تكون ولادتهمحفوفة بالمخاطر والمشاكل، أو يكون البطل ممن أحبوا العزلة في الصحاري والجبال. أماعند المصريين، فهو من بيئة أرستقراطية، قوي البنية شديد البأس، يعيش في الحضر بينقوم مُتمدينين. وتضم شخصية موسى مزيجاً فريداً من المفهومين.

    شبَّ موسى،حسب الرواية التوراتية، في بيت فرعون بعد أن ألقته أمه رضيعاً في النهر، لأن فرعونكان قد شدَّد الأمر بقتل صبيان العبرانيين. ولكنه عرف هويته الحقيقية. وتدخَّل فيشجار وقع بين مصري وعبراني فصرع الأول. لكن أحد العبرانيين وشى به، فاضطر إلىالخروج من مصر إلى أرض مديَن في شبه جزيرة سيناء والجزء الشمالي من الجزيرةالعربية. وعمل خادماً لدى يثرون كاهن الإله المديَني «يهوه» الذي علمه الديانةالجديدة وزوجه ابنته صفورة. وأثناء رعيه أغنام يثرون، حدثت له معجزة الشجرةالمشتعلة التي لا تهلكها النيران، فلما دنا لينظر نودي من وسطها، وظهر له ربإبراهيم وإسحق ويعقوب الذي أصبح اسمه منذ ذلك الحين يهوه (وموسى ـ حسب الروايةالتوراتية - هو النبي الوحيد الذي رأى الإله وجهاً لوجه). وطلب إليه يهوه أن يعودإلى مصر ليكون قائداً لشعبه ويخرجه من هناك، فأخذ معه أخاه هارون لأنه كان يتلعثمفي الكلام. وكما هو معروف، رفض فرعون مصر، وقد يكــون رمسـيـس الثـاني (1290 ـ 1237ق.م)، ما طلبه موسى، واستمر في استعباد جماعة يسرائيل، فحلَّت بمصر الأوبئة العشرةحتى اضطر فرعون إلى أن يُطلق سراحهم. لكنه غيَّر رأيه ولحق بهم أثناء عبورهم البحرالأحمر، فغرق هو وجيشه. وعند جبل سيناء ظهر يهوه مرة أخرى لموسى،وجدَّد الميثاقبينه وبين جماعة يسرائيل، وأعطى موسى الوصايا العشر والتوراة. وبدأ موسى في سَنالتشريعات، وهو ـ حسب التراث الديني اليهودي ـ المصدر الأساسي للشريعة الشفوية.وبنى أيضاً خيمة الاجتماع.

    وقد تسبَّب اليهود في الكثير من العناء لموسىأثناء عبور الصحراء، إذ عبدوا العجل الذهبي في غيابه، ثم ظلوا في الصحراء مدةأربعين عاماً حتى نجحوا في اجتياز سيناء. واتخذ موسى لنفسه زوجة ثانية رغم معارضةأخته مريم وأخيه هارون. وحينما حاول عبور نهر الأردن، رفضت مملكتا مؤاب وأدومالسماح له بعبور أراضيهما، الأمر الذي اضطره إلى التسلل شرقاً والاتجاه شمالاً.

    وتذكر التوراة أن الرب غضب من موسى وأخيه هارون لخيانتهما له « إذ لمتقدساني وسط بني إسرائيل » (تثنية 32/51). وكان عقاب موسى النظر إلى أرض كنعان منعلى جبل نبو لكنه لم يدخلها. ثم مات موسى، وتولى مهمة إدخال جماعة يسرائيل إلى أرضكنعان خادمه يشوع بن نون.

    ورغم أن له هذه الأهمية، فإننا لا نجد ذكراً لهعلى لسان عاموس أو أشعيا، ولا يأتي له أيضاً ذكر في الأسفار المقدَّسة إلا فيماندر. وربما يعود هذا إلى فقدان اليهود لأسفار موسى الخمسة لمئات من السنين. والواقعأن هذه الأسفار تنسب إلى موسى كثيراً من الأوامر الخاصة التي تحرِّض على النهبوالسلب والحرق (عدد31/18). ونظراً لأهمية موسى في الوجدان اليهودي، فإن اليهودوالصهاينة يخلعون لقب «موسى الثاني» على كل قائد يهودي. وقد اكتسب هذا اللقب كلٌّمن موسى بن ميمون في الأندلس، وموشيه ديان في فلسطين المحتلة.

    وجاء فيالأجاداه أن السماء والأرض خُلقتا من أجل موسى، وأن ابنة فرعون حينما فتحت السلةالتي فيها موسى وجدت الشخيناه إلى جواره. وقد رفض موسى أن يرضع من ثدي المصريات لأنالفم الذي سيتحدث مع الشخيناه لا ينبغي أن يلوثه لبن النساء المدنَّسات. وقد ظهرالإله له داخل الشجرة المشتعلة حتى يبين له أن اليهود لا يمكن تحطيمهم ـ تماماً مثلالشجرة التي لم تقض عليها ألسنة اللهب. وقد فُسِّر تردده في قبول الرسالة الإلهيةبعدة أسباب، من بينها أنه أراد أن يكون الإله ذاته هو مخلِّص جماعة يسرائيل، كماأنه كان غاضباً من الإله لأنه هجر جماعة يسرائيل لمدة مائتين وعشرة أعوام وسمح بأنيقوم المصريون بذبح كثير من أتقيائهم. وفي القبَّالاه، يُعَدُّ موسى وهارونالتجلّيين النورانيين: نيتسح (التحمل والأزلية) وهود (الجلالة والمجد).

    هارون
    Aaron
    «هارون» هو المقابل العربي للاسمالعبري «أهرون»، وهو شقيق موسى، وهو أيضاً من أحفاد لاوي. اعتُبر منذ شبابه قائداًلجماعته وكاهن بيته وسُمِّي باسم «اللاوي». ويُعَدُّ هارون شخصية أساسية في أحداثالخروج من مصر، فهو الذي تحدَّث باسم موسى حينما ذهب إلى فرعون (وهذا ما يعطيه صفاتالنبوَّة). واشترك مع موسى في قيادة جماعة يسرائيل إلى خارج مصر. ومع هذا، فحينماتأخر موسى وهو على الجبل مع الرب، ضج أعضاء جماعة يسرائيل، وارتدوا عن طاعة إلهموسى وطلبوا إلى هارون أن يصنع لهم تماثيل آلهة ليعبدوها، فصنع هارون العجل الذهبيوبنى له مذبحاً. غير أن الإله، مع هذا، غفر له خطأه وأصبح هارون أول رئيس للكهنة.

    وتُفسِّر الأجاداه تَورُّطه في حادثة العجل الذهبي على أساس حبه لجماعةيسـرائيل. فبدلاً من أن يقـتل من اشـتركوا في هذه العبادة الوثنية، كما فعل موسى،اشترك هو معهم بل صنع العجل بنفسه. وفي رواية أخرى أنه صنع العجل الذهبي خوفاً علىحياته من جماعة يسرائيل.

    وثمة رأي يذهب إلى أن ثمة اختلاف بين الهارونيين (ذرية هارون) واللاويين، وأن ذرية هارون تشكِّل نخبة خاصة داخل قبيلة لاوي، ولذافقد كان منهم كبير الكهنة في حين كان يتبع صغار الكهنة قبيلة لاوي. ويُلاحَظ أن ثمةصراعاً بين اللاويين والهارونيين يظهر في ثورة أبناء قورح على هارون، وفي رفض قبيلةاللاويين ممارسة عبادة العجل الذهبي. ويرى بعض العلماء أن قبيلة هارون كانت عشيرةكهنوتية موجـودة في مصر قبل عصر موسـى واعتنـقت عقـيدة موسى قبل اللاويين، وأنها هيالتي نشرت الدين الجديد بسبب مكانتها، وأن العشيرة الهارونية اندمجت في قبيلةاللاويين.





  2. #22
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    البابالتاسع: التسلل أو الغزو العبراني لكنعان



    التسلــــل أو الغــــــزو العــــــبرانيلكنعــــان
    Hebrew Infitration into, or Conquest of, Canaan
    يُعَدُّ خروجالعبرانيين من مصر حركة هجرة تمكن رؤيتها في إطار حركة طرد من مصر وجذب من كنعان.وتشير بعض المراجع، استناداً إلى الرواية التوراتية، إلى هذه الهجرة باعتبارها حركة «غزو» عسكرية، ونحن نفضل استخدام اصطلاح «تسلل» لوصف هذه العملية التاريخية الطويلةالتي لم تتم عن طريق معركة أو عدة معارك عسكرية حاسمة، وإنما عن طريق التسللوالتجسس والتزاوج والاندماج وأحياناً الغزو. وقد كان العبرانيون قبائل بدوية بدائيةحينما خرجوا من مصر وعبروا سيناء ووصلوا إلى مشارف أرض كنعان. ولذلك لم يكن فيمقدورهم غزو هذه الأرض والاستيلاء عليها، ولم يكن أمامهم سوى التسلل التدريجي فيها،وقد كانت عملية طويلة استمرت ما بين 1250 و1200 ق.م. وما كان لهذا التسـلل أن ينجحلولا تضافر عدة عوامـل تاريخية واجتماعية وسياسية، لعل أهمها كان الغياب المؤقتللإمبراطوريات العظمى في تلك المرحلة. فالإمبراطورية الحيثية في الشمال كانت قدانهارت في الربع الأخير من الألف الثاني قبل الميلاد، وكانت عوامل الضعف تزحف علىالقوة المصرية في الجنوب التي تضاءلت هيمنتها على كنعان، ولم تكن آشور قد أصبحت بعدقوة عظمى ذات أهمية. أما في كنعان ذاتها، فقد كانت المدن الدول الكنعانية قد أحرزتتقدماً حضارياً ملحوظاً. ويُرجَّح أن السبب في أن جماعة يسرائيل أو العبرانيين قدأخذت بلغة وحضارة وحتى بديانة كنعان يعود إلى كونها جماعة بدائية تفتقر إلى أدنىالمقومات الحضارية، وذلك كما نسـتنتج من الروايات التـوراتية إذ يخاطب الإله موسىقائلاً: « إني سأسوقك إلى مدن عظيمة لم تبنها، وبيوت مملوءة كل خير لم تملأها،وآبار محفورة لم تحفرها، وكروم وزيتون لم تغرسها... وأكلت وشبعت... » (تثنية 6/10ـ 12). ومع ذلك، كانت هذه المدن/الدول تتطاحن فيما بينها، وهو ما أدَّى إلى تَدهورالوضع الأمني في البلاد. ويبدو أن الوضع الإثني في كنعان كان يتَّسم بعدم التجانس،فالعهد القديم يذكر دائماً الأقوام السبعة التي تقطن المكان ويزداد العدد أحياناًليصل إلى عشرة في سفر التكوين (15/19ـ21) « القينيين والقنزيين والقدمونيينوالحيثيين والفرزيين والرفائيين والعموريين والكنعانيين والجرجاشيين واليبوسيين ».وهذه نقطة أدركها جواسيس موسى، فقد ذهبوا ورأوا أرضاً «تفيض لبناً وعسلاً وأن مدنهاحصينة عظيمة جداً » أي أنها تتمتع بقدر عال من التقدم الحضاري. ولكنهم لاحَظواأيضاً تنوعها الإثني، إذ قالوا: «العمالقة ساكنون في أرض الجنوب والحثيونواليبوسيون والعموريون ساكنون في الجبل والكنعانيون ساكنون عند البحر وعلى جانبالأردن » (عدد 13/28 ـ 29).

    ومع هذا، لم يحرز العبرانيون نصراً عسكرياً،فلم يحتلوا سوى بعض المناطق الجبلية عن طريق استخدام التجسس والتخريب وعنصرالمفاجأة. أما في السهول، حيث توجد العربات الحربية، فقد ظلت الهيمنة للكنعانيين.ويظهر هذا في رد قبيلة يوسف على يوشع بن نون حين يقولون: « لا يكفينا الجبل، ولجميعالكنعانيين الساكنين في أرض الوادي مركبات حديد » (يشوع 17/16 ـ 18). والوضع نفسهينطبق على قبيلة يهودا، فقد ملكت الجبل لكنها لم تطرد سكان الوادي « لأن لهم مركباتحديد » (يشوع 17/12ـ 18).

    ومن يقرأ سفر القضاة (1/21 ـ 35)، ويشوع (16/10)يعرف أن الغزو العبراني كان مجرد استيطان في عدة جيوب غير مترابطة، رغم كل التهويلالخاص بقتل عشرات الملوك. ويؤكد السفر أن الكنعانيين كانوا يقطنون وسط العبرانيين.بل يمكن القول بأن العبرانيين ظلوا مُشرَّدين لاجئين على قمم التلال، ومن تجرَّأمنهم ونزل إلى السهـول أصـبح خادماً أو عبـداً. وظل هذا الوضع فترة طويلة جداً، ففيسفر الملوك الأول إشارة إلى إله العبرانيين باعتباره « إله جبـال لذلك قووا عليـنا.ولكن إذا حـاربناهم في السهل فإننا نقوى عليهم » (ملوك أول 20/23).

    ولايمكن فَهْـم هذا التسـلل العبراني باعتباره غزواً بالمعنى العادي، فهو تسلل يعتمدعلى القوة العسكرية أحياناً وعلى المكر أحياناً أخرى وعلى التزاوج في بعض الأحيان.كما أن العبرانيين المتسللين تزاوجوا مع أقاربهم الذين لم يهاجروا معهم إلى مصر كماتزاوجوا مع الكنعانيين. وقد سيطر العبرانيون في نهاية الأمر على قسم كبير من أراضيفلسطين الشمالية، فاستوطنت قبائل يهودا وبنيامين الأراضي المرتفـعة المحيطـةبالقـدس، واستوطنت القبائل الأخرى السهـول الشمالية، وقام اتحاد القبائل المعروفبالمملكة العبرانية المتحدة التي انقسمت فيما بعد إلى الدويلتين العبرانيتين. ولكنسيطرة العبرانيين لم تَدُم طويلاً إذ قامت القوى الإمبراطورية العظمى فاكتسحتدويلات الشام وفلسطين كلها وتعاقبت السيطرة عليها.

    ومن القضايا التي تثار،عمليات الإبادة الافتراضية التي صاحبت التسلل العبراني، فحسب ما جاء في العهدالقديم، كان العبرانيون لا يكتفون بفتح المدن وإنما كانوا يقومون بإتلاف وتدمير كلما تقع عليه أيديهم من إنجازات مادية أوحضارية وبإبادة الرجال والنساء والشبابوالشيوخ والثيران والخراف والحمير بحد السيف. ويذكر العهد القديم بفخر واضح الألوفالتي تمت إبادتها. ومما لا شك فيه أن الحديث عن الإبادة، مثل الحديث عن الانتصاراتالعسكرية، أمر مبالغ فيه. ومع ذلك، يظل هناك جزء من الحقيقة. ولعل اتجاه العبرانييننحو الإبادة هو تعبير عن تَخلُّفهم الحضـاري، فالعــبرانيون كما أسـلفنا كانـواجمـاعات متحـركة هــاربة مــن مصر، دخلت أرضاً فيها مدن مستقرة بلغت مرحلة حضاريةوثقافية أعلــى وأكثــر رقيــاً. ولـم يكـن تحقـيق الانتـصار والاســتيلاء علىهــذه المــدن ممكنــاً إلا عــن طــريق الإبــادة الجسـدية والإفنــاء الماديالشامل بسبب غياب أية مؤسسات إدارية عبرانية تتمتع بقدر من التركيب. كما أنهم،نظراً لتخلفهم الاقتصادي والحضاري، لم تنشأ عندهم الحاجة إلى الأيدي العاملة التيكان الأسرى من أهم مصادرها. ومن هنا، نجد أن العبرانيين كانوا يتخلصون من الأسرىبإبادتهم جسدياً. وقد استمر هذا الوضع حتى بعد إنشاء الدولة العبرانية المتحدة التيكانت تَسدُّ حاجتها من الأرقاء والعبيد المطلوبين لأداء خدمات يومية اعتياديةللأرستقراطيين والموسرين عن طريق استعباد المذنبين والأفراد الذين يعجزون عن تسـديدديـونهم فيبيعون أنفسهم أو أبناءهم ليكونوا عبيداً لدى الدائن.



    يَشُوَّع بن نون
    Joshua
    «يَشوَّع بن نون» هوالمقابل العربي للاسم العبري «يهوشواع» ومعناه «يهوه هو الخلاص». ويشوع بن نون، كاناسمه في البداية «شواع» وأضاف موسى الجزء الأول فصار «يهوشواع»، ثم دعاه موسى «يشوع». وهو يُسمَّى أيضـاً «يوشـع». وهو خليفة موسى وخادمه وابن نون من سـبطإفرايم. وُلد في مصر، وأرسلـه موسـى مع كـالب ليتجسسا. ويُصوِّره العهد القديمباعتباره نبياً وقائداً عسكرياً قاد القبائل العبرانية إلى أرض كنعان واقتحمها حسبالرواية التوراتية بعد معارك ضارية مع العموريين والمؤابيين والفرزيين والكنعانيينوالحيثيين والجرجاشيين والحوريين واليبوسيين، فأحرقوا بعض مدنهم وقتلوا رجالهممستخدمين الوسائل كافة ـ ومن ذلك الخداع والتجسس عن طريق العاهرات (1250 ـ 1200ق.م).

    اسـتمر يشـوع بن نون في حكم العبرانيين مدة ثمانية وعشرين عاماً،فقسَّم الأرض التي احتلوها بالقرعة على القبائل العبرانية، واستثنى اللاويين الذينقاموا بالأعمال الكهنوتية. وترك ست مدن على الشاطئين الأيمن والأيسر لنهر الأردنلتكون ملجأ للمشرَّدين من العبرانيين المتهمين بالقتل الخطأ. وكان يُحذِّر جماعةيسرائيل من ترك الرب وعبادة آلهة غريبة. ويروي سفر يشوع أخباره، ومن بينها أنه أصدرأمره إلى الشمس بأن « تقف » حتى ينتقم من أعدائه «فوقفت الشمس في كبد السماء ولمتعجل للغروب نحو يوم كامل » (يشوع 10/13).ويشوع هو الذي أمر العبرانيينبأن يطوفوا بأسوار أريحا سبع مرات وأمامهم سبعة كهنة ينفخون في الأبواق، فسقط السوروسقطت المدينة في أيديهم. ويُفسِّر بعض المحدَثين من اليهود هذه الظاهرة بأنه منتأثير شدة ذبذبات أصوات الأبواق. ومهما يكن الأمر، فقد قام يشوع بإحراق أريحابالنار بأمر يهوه « وكل ما بها » ما عدا راحاب العاهرة (يشوع 6/22 ـ 24). ويُلاحَظأن التصوُّر السائد للخالق في سفر يشوع لا يختلف كثيراً عما جاء على نقش ميشع حيثنجد أن الإله القومي يجد غبطة غير عادية في عمليات القتل والإبادة التي يقوم بهاشعبه.

    وتحاول الأجاداه أن تبرر قيامه باغتصاب أرض كنعان من أهلها على أساسأن العهد الإلهي قد وعد بهذه الأرض لنسل يعقوب وأن الكنعانيين كانوا مجرد أوصياءعليها. وقد تزوج يشوع من العاهرة راحاب التي ساعدت جواسيسه وذلك بعد أن تهودت.ومما تجـدر الإشـارة إليـه، أن العَالم هـ.تامارين قد أجرى استفتاء، في عددمن مدارس تل أبيب والمدن والمستعمرات الإسرائيلية، حول الأساليب الهمجية التيانتهجها يشوع، فتوصَّل إلى أن نحو 66 - 95% أيَّدوا ذلك الأسلوب وأن 30% منالتلاميذ كانوا يؤيدون بصورة قطعية إبادة السكان العرب تماماً في المناطق المحتلة.ومن الأجوبة التي تلقاها: « لقد تصرَّف يشوع بن نون تصرفاً حسناً بقتله جميع الناسفي أريحا، ذلك لأنه كان من الضروري احتلال البلاد كلها، ولم يكن لديه وقت لإضاعتهمع الأسرى ».وثمة إشارات عديدة في أدبيات جوش إيمونيم وجماعة كاخ إلى يشوعوإلى أن أسلوبه الإبادي هو الأسلوب الأمثل في التعامل. وقد دعا كاهانا المؤسسةالدينية إلى تبيان أن أسلوبه هذا جزء عضوي من الدين اليهودي والرؤية اليهودية لسكانالأرض من غير اليهود.

    الأســـــــباط
    Hebrew Tribes
    «الأسباط» صيغة جمع مفردها «سبط»، وهي كلمة عربية تعني «ولد الابن أو الابنة»،وتستخدم في النصوص الدينية للإشارة إلى القبائل العبرانية. ونحن لا نستخدم هذاالمصطلح في هذه الموسوعة إذ نؤثر استخدام المصطلح الأكثر حياداً وهو كلمة «قبيلة»وجمعها «قبائل»، ونُفرِّق بين السياق الديني والتاريخي فنقول «قبائل يسرائيل»و«القبائل العبرانية».

    القبائل العبرانية الإثنتا عشرة
    Twelve Hebrew Tribes
    كلمة «سبط» بالعبرية معناها «عصا» أو «جماعة يقودهارئيس بعصا». ويُطلَق تعبير «أسباط» أو «قبائل» على أولاد يعقوب وكذلك على كل منإفرايم ومنَسَّى ابني يوسف.وقد انتظمت مجموعة القبائل العبرانية (في العصرالتالي لموسى والمسمَّى «فترة القضاة» في اثنتي عشرة قبيلة أو اثنى عشر سبطاً علىما جرت عادة النظام الاجتماعي للتجمعات الكنعانية في فلسطين في العصور القديمة.وتسمَّت هذه القبائل بأسماء أبناء يعقوب: رؤوبين وشمعون ويهودا وبساكر وزبولونوبنيامين ودان ونفتالي وجاد وأشير وإفرايم ومنَسَّى، وتضاف إليها قبيلة لاوي.وُسمِّيت هذه القبائل معاً «يسرائيل»، فهي من صلب يعقوب (يسرائيل). وكانت كل قبيلةمقسَّمة إلى بطون وأُسَر. وقد استوطنت قبيلتان ونصف (رؤوبين وجاد ونصف منَسَّى)الضفة الشرقية لنهر الأردن، واستقرَّت القبائل الأخرى في ضفته الغربية. وكانت أهمالقبائل قبيلة يهودا التي استوطنت في الجنوب وسُمِّيت باسمها المملكة الجنوبية بعدتفكُّك اتحاد القبائل في المملكة العبرانية المتحدة. أما أكبر قبيلة في الشمال، فهيقبيلة «إفرايم»، ولذا سُمِّيت المملكة الشمالية «إفرايم». وحينما قَسَّم يشوع بننون الأراضي المُستولَى عليها بين القبائل، أُوكلت أعمال الكهانة إلى قبيلة لاويالتي لم تنل نصيباً من الأرض. ولذا، فإنها لم تَعُد تُحسَب ضمن القبائل. ومع هذا،ظل العدد (12) كما هو، لأن قبيلة يوسف قُسِّمت إلى قبيلتين هما منَسَّى وإفرايم.وكانت شيلوه المركز المقدَّس لكل القبائل إذ وُضع فيها تابوت العهد. ولكن هناكنظرية تذهب إلى وجود مراكز مقدَّسة أخرى مثل شكيم وجلجال ودان بحيث كان لكل قبيلةمركزها المقدَّس، وكانت شيلوه المركز المقدَّس للقبائل جميعاً.

    وجديربالذكر أن العدد (12) رقم مفضل في العهد القديم، فهناك وعد من الرب لإبراهيم بأنيُخرج من نسل ابنه إسماعيل اثنتى عشرة قبيلة (تكوين 17/20) كما أن عدد أبناء يعقوبكان اثنى عشر أيضاً، وهو نفسه الرقم الذي يتكون منه اتحاد ملوك الحيثيين. وربما كانلذلك علاقة بعدد البروج والشهور في التقاويم الشهيرة. ومع هذا، تختلف الروايات فيعدد القبائل على وجه الدقة، فأغنية دبوره (قضاة 5) تذكر عشر قبائل وحسب ولا تذكريهودا أو شمعون. ويذكر موسى (تثنية 33) إحدى عشرة قبيلة إذ لا يذكر سيمون. وهناكقبائل ورد ذكرها ولم يُعرَف مصيرها، كما أن بعض المراجع التي حصرت كل الأسماء تذكرأن عدد القبائل يبلغ عشرين.
    ظل التقسيم القبلي هو النظام الاجتماعي القائمفي فترة القضاة (1250 ـ 1020 ق.م)، والذي استمر إبّان نظام الملكية بعد أن قام داودوسليمان بتوحيد القبائل تحت حكم ملكي شمولي. ولذا، فبعد أن أُقيمت المملكةالعبرانية المتحدة، ما لبثت هذه المملكة أن انقسمت إلى مملكتين: الشماليةوالجنوبية. وكانت المملكة الجنوبية (يهودا) تضم قبيلتي يهودا وبنيـامين، بينماضمَّت المملكة الشـمالية (يسرائيل) القـبائل العـشر الباقية. ويبدو أن الوحدة بينهذه القبائل كانت ضعيفة للغاية، فالمعارك التي يرد ذكرها في سفر القضاة تدل على أنالقبائل لم تشترك جميعاً في معركة واحدة. وهذا أمر طبيعي في أي اتحاد قبلي، وإنكانت المراجع الصهيونية التي تحرص على إبراز مفهوم الوحدة اليهودية تحرص علىإخفائه. بل كانت المعارك تنشب أحياناً بين هذه القبائل كما حدث أثناء حكم القضاةحينما نشب صراع بين سكان منطقة جلعاد (قبيلة رؤوبين وجاد ونصف قبيلة منَسَّى)وقبيلة إفرايم. وقد هُزمت قبيلة إفرايم في هذه المعركة وذُبح كثير من أفرادها بعدأسرهم. وقد جاء في العهد القديم (قضاة 7/8، 12) أنه كلما كان يدَّعي أحد أفرادقبيلة إفرايم أنه من جلعاد كان يُطلَب منه أن ينطق بكلمة «شبُولت» أي «سنبلة»، فإنفشل في ذلك، بسبب اللهجة التي كانوا يتحدثون بها، كان يُذبَح. وهذا يدل على تلكالرغبة في الاستقلالية والتمييز بين القبائل المختلفة، كما يدل على قوة تأثيرالبيئة الكنعانية في مختلف القبائل بحيث كانت كل قبيلة تتبع اللهجـة السـائدة فيالمنطقة التي اسـتقرت فيها.
    وقد هاجمت دبوره في أغنيتها (قضاة 5/24) سكانجلعاد وقبائل رؤوبين ودان، وأشارت إلى أنهم لم يهبّوا لنجدتها. ويذهب بعض العلماءإلى أن مرحلة القضاة لم تشهد ظهور قيادات قومية لكل القبائل إذ كانت لكل مجموعة منالقبائل قيادتها المستقلة.

    ويبدو أن المحرِّض الأساسي على الصراعات والحروبكان قبيلة إفرايم التي كانت تخشى على مكان الصدارة الذي كانت تحتله. وهذا ما حدثبالفعل بعد اتحاد القبائل في المملكة العبرانية المتحدة خلال عصر داود وسليمان.فبعد موت سليمان، استقلت عشر قبائل تحت قيادة إفرايم (928 ق.م) وكوَّنت المملكةالشمالية التي كان لها استقلالها السياسي وبالتالي الديني، وذلك باعتبار أن الدينوالسياسة كانا متداخلين في العالم القديم، كما كان الاستقلال الديني مظهراً منمظاهر الاستقلال السياسي.






  3. #23
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    منسَّى (منسه)
    Menasseh
    «منَسَّى» اسم عبري معناه «من ينسى» وهو اسم الابن البكر ليوسف. كما يُطلَق هذاالاسم على إحدى القبائل العبرانية التي كان نصيبها في الأرض موقعاً على ضفتي نهرالأردن. وكانت منَسَّى من القبائل الأولى التي هجَّرها الآشوريون.

    رؤوبـين
    Reuben
    «رؤوبين» هو اسم عبري معناه«انظروا الابن» وهو الابن البكر ليعقوب وليئة. ويُطلَق هذا الاسم على إحدى القبائلالعبرانية التي كان نصيبها من الأرض في شرق الأردن على البحر الميت. وكانت رؤوبينمن أوائل القبائل التي هُجِّرت.

    شـمعون
    Simeon
    «شمعون» اسم عبري معناه «سماع»، وهو اسم ابن ليعقوب من ليئة، ويُطلَق هذا الاسمعلى إحدى القبائل العبرانية التي لم يَحصُل أفرادها على نصيب من الأرض التي فُتحت،فسكنوا مدناً في أرض يهودا ثم استولوا على بعض المواقع من جبل سعير.

    يسَّاكـــر
    Issachar
    «يسَّاكر» اسم عبري معناه «يعمل بأجرة»، أو «يرتزق» هو اسم لأحد أبناء يعقوب من ليئة. وأُطلق هذا الاسم علىإحدى القبائل العبرانية التي امتدت الأرض التي أُعطيت لها من جبل الكرمل إلى نهرالأردن.

    زبولــون
    Zebulun
    «زبولون» اسم عبري معناه «سكن» أو «إقامة»، وهو اسم ابن ليعقوب من ليئة. ويُطلَق هذا الاسم على إحدى القبائلالعبرانية. كانت أرض هذه القبيلة تقع في أقصى الشمال، واشترك أفرادها مع كلٍّ مندبوره وباراق في حربهما ضد الكنعانيين. ولم يلعبوا دوراً مهماً في تاريخالعبرانيين.

    بنيامـــين
    Benjamin
    «بنيامين» اسمعبري معناه «ابن يدي اليمنى». وهو اسم ابن ليعقوب من راحيل. وقد أُطلق هذا الاسمعلى إحدى القبائل العبرانية التي استقرت في جنوب فلسطين، وكان أفرادها مشهورين بشدةبأسهم وقوة بنيتهم. كان منهم أول ملوك العبرانيين. وكانت مدينة القدس وبيت إيل داخلحدودهم. وجاء في سفر القضاة أن القبائل تحالفت ذات مرة ضدَّهم وكادت تفنيهم عنآخرهم، وقد انضمت قبيلة بنيامين إلى يهودا حين انفك اتحاد القبائل داخل المملكةالعبرانية المتحدة.

    دان
    Dan
    «دان» اسم عبري معناه «القاضي». وهو اسم أحد أبناء يعقوب من بلْهة. وهو اسم إحدى القبائل العبرانية التياستقر أفرادها في وسط فلسطين من جهة الغرب. طردهم الفلستيون من هذه الأرض فاستوطنوابقعة في الشمال بعد أن أبادوا سكانها الأصليين. ومنهم شمشون.

    نفتـــالي
    Naphtali
    «نفتالي» اسم عبري معناه «مصارعتي». وهو اسم أحد أبناء يعقوب من بلْهة. ويُطلَق هذا الاسم على قبيلةعبرانية، كان نصيب أفرادها في الأرض وادي الليطاني والأردن وبحيرة طبرية.

    جـاد
    Gad
    «جاد» اسم عبري معناه «طالع حسن». وهواسم أحد أبناء يعقوب من زلفه. ويُطلَق هذا الاسم على إحدى القبائل العبرانية. وقدكان نصيب قبيلة جاد في شرق الأردن، كما اشتمل على الجزء الجنوبي من جلعاد.

    آشـير
    Asher
    «آشير» اسم عبري معناه «سعيد» أو «مغتبط». وهو اسم أحد أبناء يعقوب من زلفة. كما أنه اسم إحدى القبائل العبرانية.امتدت المنطقة التي خُصِّصت لهم على ساحل البحر الأبيض من جنوب الكرمل إلى حدودصيدون (صيدا). ولم تتمكن قبيلة آشير من طرد الكنعانيين من المدن الساحلية مثل عكاوصور وصيدون. وكانت معظم المنطقة المعيَّنة لهم في يد الفينيقيين حتى عصر داودوسليمان. ولم تشترك قبيلة آشير في حرب دبوره وباراق ضد الكنعانيين.


    إفــــرايم
    Ephraim
    «إفرايم» كلمة عبرية معناها «الثمار المضاعفة». وهو اسم أحد أبناء يوسف وأسنات، وهو اسم إحدى القبائلالعبرانية. أما المنطقة التي عُيِّنت نصيباً لهم فكانت تقع في القسم الأوسط غربيفلسطين، وكانت شيلوه من أهم مدن إفرايم. ساعد الإفراميون دبوره وباراق في حربهما ضدالكنعانيين، ومنهم صموئيل. ويبدو أن هذه القبيلة كانت تتنازع القيادة مع قبيلةيهودا. ولذا، فقد تزعَّمت حركة الانشقاق بعد موت سليمان. ويُشار إلى المملكةالشمالية باعتبارها مملكة إفرايم.

    اللاويون
    Levites
    «لاوي» اسم عبري معناه «مقترن». وفي الإنجليزية، يَرد هذا الاسم في صورة «ليفي». ولاوي ثالث أبناء يعقوب من ليئة، ويُطلَق اسمه على إحدى القبائل العبرانيةالاثنتي عشرة، نصَّبهم موسى ليخدموا في خيمة الاجتماع مكافأة لهم على رفضهمالاشتراك في عبادة العجل الذهبي واشتراكهم في ذَبْح عبدته. وقد أُوكلت إلى كل عائلةمن قبيلة لاوي مهام وواجبات محددة تتصل بنقل وجمع أجزاء خيمة الاجتماع إلى البرّية،وتعليم أفراد الشعب الشريعة. واختصت عائلة هارون ونسله بالخدمة داخل الخباء نفسه،وهو الهيكل فيما بعد. أما اللاويون، فقد كانوا متوسطين بين الشعب والكهنة ولم يجزلهم أن يقدموا ذبائح أو يحرقوا بخوراً أو يشاهدوا الأشياء المقدَّسة إلا مغطاة.ولذلك، حينما يحل وقت قراءة التوراة في الصلوات اليهودية بالمعبد اليهودي، ينادىعلى من يُتصور أنه من نسل الكهنة أولاً، ثم يُنادَى بعد ذلك على اللاويين.

    وبعد تسلل القبائل العبرانية في أرض كنعان واستيطانهم إياها، قام يشوع بننون بتوزيع القبائل للانتشار في الأرض. كما قام، حسب الرواية التوراتية، بتقسيمهابينهم دون اللاويين الذين لم ينالوا أي نصيب منها إذ أعطاهم ثماني وأربعين مدينةصغيرة في فلسطين بأسرها، وهي المدن الحرة أو مدن الملجأ التي يلجأ إليها القتلة إلىحين محاكمتهم، فإن كان القتل بالصدفة ظل القاتل في المدينة، أما إذا كان متعمداًفإنه يسلم للقبيلة للقصاص. ويذهب بعض العلماء إلى أن اللاويين لم يرتبطوا بأية أرضعلى الإطلاق لأن هـذا لا يتـفق مع مهامهم الكهنوتية. ويذهب فريق آخر إلى أناللاويين لم يكونوا قبيلة، وإنما كانوا يضمون ممثلين لكل القبائل. وكان نظام الكهنةاللاويين قائماً على النظام الذي اتبعه الكهنة المصريون في تمثيل كاهن لكل معبد منمعابد مختلف الآلهة المصرية في مصر القديمة، ومتفقاً أيضاً مع طبيعة النظام الدينيقديماً في مصر وبلاد الرافدين على السواء حيث كانت هناك أسرة معيَّنة تختص بتَوارُثمهمة الكهانة وتطويع العلاقة بين الرب والمؤمنين ليتم التعبير عنها من خلال الكهنةوحدهم.

    وكانت العلاقة بين اللاويين والكهنة غير مستقرة، فسفر التثنية يتحدثعن ضرورة أن ينضم اللاويون إلى صفوف الكهنة. ولكن يبدو أن السلطة الكهنوتية فيالقدس رفضت انخراطهم في سلكها ووضعتهم في منزلة متدنية في عبادة يسرائيل القربانيةلأنهم اندمجوا مع الكنعانيين، وهكذا تم الفصل بين اللاويين والكهنة. ويُلاحَظ أناللاويين في عهد داود كانوا يُقسَّمون إلى أربعة أقسام:
    1
    ـ مساعدي الكهنة.
    2
    ـ القضاة ومندوبيهم والكتبة.
    3
    ـ البوَّابين.
    4
    ـالموسيقيين.
    وبهذا المعنى، يمكن الحديث عن اللاويين باعتبار أنهمقبيلة/طبقة وأنهم في مرحلة من المراحل أصبحوا الطبقة الحاكمة بمعنى الكلمة، وكذلكأداتها التنفيذية وجهازها الإداري، فمنهـم الشـرطة والقضـاة والكتبة. ولذا، فإننانجد أن يُربعام الأول، لتأكيد استقلاليته وأمنه الداخلي، قام بطرد اللاويين منمملكته. وقد تحسَّن وضع اللاويين بعد العودة من بابل إذ أصبح الكهنة واللاويونيعودون بأصلهم إلى مصدر واحد وإن ظل الكهنة يشغلون أهم الوظائف الكهنوتية.

    لاوي
    Levi
    «لاوي» اسم عبري معناه «مقترن». وهو اسمأحد أبناء يعقوب من ليئة. وقـد أُطلـق اسمه على إحدى القبائل العبرانية، ألا وهـيعشـيرة موسـى وهــارون التــي كانـت لها الزعامـة الدينيـة والاجتماعية على سـائرالقـبائل. ويُقال لأفـراد هــذه القبيـلة «اللاويــون»، ومنهم الهارونيون الذيناضطلعوا بدور الكهنة.

    يهـودا (قبيلة)
    Judah (Tribe)
    «يهودا» اسم عبري مأخوذ من اسم يهودا رابع أبناء يعقوب وليئة. والاسم يعني «الشكر لله». وقد كان يهودا هو الذي اقترح على إخوته ألا يذبحوا يوسف وأن يكتفواببيعه، كما كان قائد رحلة أسرة يعقوب إلى مصر. تزوج يهودا امرأة كنعانية، وتنتسبإليه أكبر قبائل العبرانيين وأهمها، وهي قبيلة داود التي سيأتي منها الماشيَّحوشعارها الأسد، ومن هنا يُقال «أسد يهودا». وقد سُمِّي كل العبرانيين «اليهود» نسبةإلى هذه القبيلة بعد شيوع اسمها جغرافياً في المنطقة الجنوبية. وقد ارتبط الاسمبمفهوم بيت يهودا بالمعنى الديني السياسي. وكانت قبيلة يهودا في صراع دائم مع قبيلةإفرايم من أجل الرئاسة والسيطرة على القبائل. والصيغتان «يهودا» و «يهوذا»متداولتان في اللغة العربية، ولكننا في هذه الموسوعة نقتصر على استخدام كلمة«يهودا» للإشارة إلى كلٍّ من الشخصية التوراتية التي تحمل هذا الاسم، والقبيلة أوالمنطقة أو الدولة التي كانت تُدعَى كذلك.






  4. #24
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    البابالعاشر: عصر القضاة



    القضاة (1250-1020ق.م)
    Judges
    تستخدم كلمة «قاضي» (بالعبرية: شوفيط) في المؤلفات الدينية اليهودية لتشير إلىمعنيين، عام وخاص: المعنى العام هو القاضي الذي يحكم بين الناس، وبهذا المعنى يكونموسى أول القضاة، ثم خلفه في القضاء رؤساء العشائر وشيوخ المدينة. وكان الملك فيالتاريخ العبراني القديم يُعَدُّ من القضاة أيضاً، يحكم معه مجموعـة من القضاةيكوِّنون مجلساً وعليهم استشارة الأنبياء والكهنة. وقد استمر هذا الوضع حتى التهجيرالبابلي.

    ولكن كلمة «قاض» لها معنى آخر في تاريخ العبرانيين القدامى، فهيتشير إلى ما يمكن تسميتهم «شيوخ القبائل». وهؤلاء أشخاص من الكهنة المحاربين جمعوابين السلطة الدينية والسلطة الدنيوية، وسيطروا على أمور القبائل العبرانية بعد وفاةيشوع بن نون وحتى قيام حكم شاؤول أول ملوك القبائل العبرانية، وهي فترة تمتد حسبسفر القضاة نحو أربعة قرون. ولكننا إن قبلنا بأن واقعة الخروج أو الهجرة من مصرحدثت عام 1275 ق.م، وأن شاؤول تُوِّج ملكاً عام 1020 ق.م، فإن هذا يعني أن عصرالقضاة لم يزد على قرنين ونصف من الزمان.

    والواقع أن القبائل العبرانيةحينما تسللت إلى أرض كنعان حوالي 1250 ق.م، لم تكن هناك وحدة قومية متماسكة وإنماكانت هناك مجموعة من القبائل المتناحرة فيما بينها على نحو ما حدث حينما قام صراعبين سكان منطقة جلعاد وقبيلة إفرايم. ولم تكن هناك سلطة مركزية لهذه القبائل إذ كانالحكم فيها يقوم على أساس الحكم الأبوي والأسري كما هو الحال في مجموعات القبائلالمشابهة.

    كان شيوخ العشائر يجتمعون في مجلس من الكبراء كلما نشأت الحاجـةإلى ذلك. وكان هـذا المجلـس هـو الحكم الفصل في شئون القبيلة، وهو الذي كان يتعاونمع زعماء القبائل الأخرى. فإذا ما فشل القاضي أمام هؤلاء الزعماء، لجأ المتقاضونإلى القاضي الرئيس. ومع هذا، لم يكن طابع المجتمع قبلياً رعوياً محضاً، فقد ظهر حكمالقضاة مع بداية استقرار العبرانيين بعد تسللهم إلى أرض كنعان واشتغالهم بالزراعةوتَحوُّلهم عن الرعي.

    ويذهب بعض المؤرخين إلى أن هذه المرحلة هي التيتبنَّى فيها العبرانيون الأشكال الحضارية الكنعانية المختلفة، فتحوَّلوا من بدورحَّل يتنقلون بالحمير إلى ممارسين للزراعة، وتعلموا استخدام الأدوات الزراعيةوتخزين الحبوب ووضعها في أوعية، وبناء مأوى للحيوانات، وأتقنوا بناء المنازل والقرىوالمدن والحصون، وطرق امتلاك وتأجير الأراضي وشراء الممتلكات واقتناء العبيدوالجواري، كما أتقنوا أشكال التقاضي. وقد بدأت تظهر بينهم فكرة الملك المقدَّس. ومعهذا، ظل مستواهم الحضاري بسيطاً غير مركب، وظل مستواهم الاقتصادي متدنياً. وهذايظهر بكل وضوح في التباين الشديد بين الأساسات جيدة الإنشاء، التي بناها الكنعانيونفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وبين أكوام الحجارة الفجَّة التي حلَّت محلها فيالقرن الثاني عشر قبل الميلاد (بعد التسلل العبراني)، وخصوصاً في بيت إيل.

    ولم يستطع العبرانيون السيطرة على كل أرض كنعان في تلك الفترة، وهذا يعنيأن الوجود العبراني ظل وجوداً متقطعاً جغرافياً ومحاطاً بأقوام معادية مثلالكنعانيين والفلستيين استمرت في مقاومة العبرانيين قروناً عديدة. وقد أوقعالفلستيون هزائم شديدة بالقبائل العبرانية واستولوا على تابوت العهد، وخضعالعبرانيون لحكمهم لبعض الوقت.

    وكانت دبوره من أولئك القضاة، وكذلك كانجدعون الذي رد هجوم المديَنيين، وشمشون الذي انتقم من الفلستيين، وصموئيل النبي،وشاؤول أول الملوك. ويشير العهد القديم إلى اثنى عشر قاضياً بعضهم يعاصر البعضالآخر.

    وبعد ذلك التاريخ، لم يَعُد القضاة هم القادة إذ بدأ حكم الملوك معبقاء أشخاص يقومون بإصدار الأحكام الدينية والدنيوية. ويُوجَد في العهد القديم سفريُسمَّى «سفر القضاة» يتناول تاريخ العبرانيين من الفترة السابقة على موت يشوعبقليل إلى آخر أيام شمشون.

    القاضي (ديان)
    Dayyan
    «ديان» كلمة عبرية معناها «قاضي»، و«ديان» هو القاضي في محكمة حاخامية شرعية (انظر: «القضاء والمحاكم»).

    راعوث
    Ruth
    «راعوث»كلمة مؤابية ربما كان معناها «جميلة». وراعوث أو «روث» هو اسم امرأة مؤابية تزوَّجتمن عبراني من قبيلة يهودا. لجأ إلى مؤاب هو وأبواه وأخوه، ولكن الرجال الثلاثةتُوفُّوا ولم يبق سوى راعوث والأم نعمى التي أرادت أن تعود إلى بيت لحم حيث قومها،فأصرت راعوث أن تصحبها، ثم تزوجت من عبراني آخر هو بوعز وأنجبت منه عوبيد جد داود.ويُسمَّى سفر من أسفار العهد القديم باسمها وهو أحد الأسفار الخمسة (اللفائف الخمس)التي تُقرَأ في المعبد اليهودي في خمسة أعياد مختلفة، ويُقرَأ سفر روث في عيدالأسابيع. ويبدو أن كاتب هذا السفر كان غير مؤيد لحظر الزواج المُختلَط منالأجنبيات، فحاول أن يبيِّن أن بطل العبرانيين وملكهم تجري في عروقه دماء أجنبية.

    دبــــوره (القرن الثاني عشر)
    Deborah
    «دبوره» اسمعبري معناه «نحلة». وهو اسم امرأة تُعتبَر من قضاة العبرانيين وأنبيائهم وقادتهمالعسكريين. كانت تقيم تحت نخلة سميت باسمها لتقضي بين العبرانيين. دعت باراق ليحاربيابين (أحد ملوك الكنعانيين) في حاصور، ويثور ضده بعد أن كسر شوكتهم عشرين عاماً (قضاة 4 ، 5)، فالتقى جيش العبرانيين مع جيش الكنعانيين وانتصر عليه.

    وتُوصَف دبوره بأنها أم يسرائيل، ويُشار إليها كنبية رغم عدم وجود أيةنبوءات لها أو أقوال تتعلق بالنبوة. ويُعَدُّ نشيد دبوره الذي يُنسَب لها (القضاة 5) من أقدم نماذج الشعر العبري القديم، لاحتوائه على عناصر لغوية ومجازية قديمة.وهي تُوجِّه اللوم في أغنيتها هذه لقبائل رؤوبين وجلعاد (أوجاد) ودان وآشير ولقبيلةأخرى تُسمَّى ميروز (لم تُذكَر في مكـان آخر) لأنهـم آثروا مصلحـتهم على مصلحـةالقبائل الأخرى. ولا تذكر أغنيتها سوى عشر قبائل أو تسع إن اعتبرنا إفرايم ومنَسَّىقبيلة واحدة، فلا يأتي ذكر لقبيلتي شمعون أو لاوي لأنهما ربما كانتا قد تشتتتا فيذلك الوقت، أو لعلهما كانتا تعيشان في عزلة مع قبيلة يهودا في الجنوب، أو لعلهما لمتكونا بعد قد استوطنتا أرض كنعان.

    جدعون (1150ق.م)
    Gideon
    «جدعون» اسم عبري معناه «خاطب» أو «قطع بشدة»، وجدعون هو اسم أحدقضاة العبرانيين من قبيلة منَسَّى ويُقال إنه جاء بعد دبوره (1150 ق.م) عندما هزمتالكنعانيين، الأمر الذي فتح الطريق أمام المَدْيَنيين وغيرهم. دعاه الرب، حسبما جاءفي العهد القديم، إلى أن يدافع عن العبرانيين، فقام بتحطيم تمثال بعل الذي كانيعبده أبوه، وجمع رجالات قبائل منَسَّى وآشر وزبولون ونفتالي، فجاءه ثلاثون ألفرجل، حسب الرواية التوراتية، اختار منهم نخبة مقاتلة قوامها ثلاثمائة فقط، وهزمالمديَنيين عن طريق الهجمات الليلية ونَصْب الكمائن واستخدم حرب المعارك الخاطفة.حاول العبرانيون تنصيبه ملكاً عليهم ولكنه رفض، وهذا يدل على أن العمليةالاجتـماعيــة التــي أدَّت في نهاية الأمر إلى تَحوُّل المجتمع العبراني من الرعيإلى نظام مستقر مبني على المدن الدويلات (كما هو شأن البيئة الكنعانية القائمةحينذاك) لم تكن قد اكتملت بعد.

    وبعد انتصاره على المديَنيين، أخذ جدعونأقراط الذهب التي غنمها منهم وصنع منها إيفوداً (صنماً) جعله في مدينته عفرة وعبدهأعضاء جماعة يسرائيل كافة (قضاة 8/27). وهذه حادثة تشبه حادثة العجل الذهـبي، وهـذايدل على أن التـوحيد لم يكن قد استقر بعد بين العبرانيين. ويقول أورد وينجيت الضابطالبريطاني الصهيوني الذي قام بإرهاب العرب في الثلاثينيات من هذا القرن إنه استخلصكثيراً من حيله العسكرية من جدعون.

    شـمشون
    Samson
    «شمشون» اسم عبري وهو تصغير لكلمة «شمس»، وهو اسم لشخص يُشار إليه أحياناً بأنهآخر القضاة، فقد كان قاضياً من قبيلة دان مدة عشرين سنة، ولكن الكتب الدينية تشيرإلى صموئيل أيضاً باعتباره آخر القضاة. وتحمل قصة شمشون منذ البداية، عناصر عجائبيةكثيرة، فأمه كانت عاقراً مثل سارة ثم جاء ملاك الرب (كما في قصة إبراهيم أيضاً)،فعرف أبواه قبل ولادته أنه سيصبح من المنذورين أي شخصاً يُكرس حياته للعبادةوينذرها للرب، فيمتنع عن شرب الخمر أو حلق رأسه أو لمس جلد ميت. وقد اشتهر شمشونبقوته الجسدية الخارقة.

    تدور حياته حول مجموعة من المغامرات مع ثلاث نساءفلستيات من غزة. فعند اكتمال شبابه تزوج من امرأة فلستية. وفي إحدى زياراته لها،قابل أسداً فصرعه ثم أكل نحلاً وجده في جثته فيما بعد، وقارع الفلستيين ببعضالأحاجي إذ سألهم: هل رأيتم نحلاً في فم أسد؟ فلم يستطيعوا الإجابة، ولكن زوجتهأفشت لهم سرَّه فهجرها، وقتل ثلاثين فلستياً في عسقلون. وعندما عاد إليها، وجد أنهاتزوجت من آخر، فأمسك ثلاثة من بنات آوى وأضرم النار في أذنابها وأطلقها على مزارعالفلستيين فاشتعلت فيها النيران. وقد أخذ الفلستيون في الانتقام من العبرانيينالذين طلبوا من شمشون أن يستسلم لهم ليسلموه إلى أعدائه ففعل (ولكن شمشون فك وثاقهوأمسك بفك حمار وقتل ألفاً منهم). أما محور ثاني المغامرات في حياة شمشون، فهو قصتهمع بغيّ من غزة كان يزورها. وبينما كان هو في منزلها، عرف الفلستيون بوجوده وأرادواأن يفتكوا به وهو منهك القوى. ولكنه استيقظ مبكراً، وخلع بوابات غزة على كتفيهووضعها على تل في حبرون (الخليل). ثم وقع شمشون في غرام دليلة الفلستية التي يبدوأنها كانت بغياً هي الأخرى. وعرفت دليلة أن سرَّ قوة شمشون في شَعره لأنه كان نذيرالرب وهو في بطن أمه. فأتى الفلستيون عليه وهو نائم وجزُّوا شعره وأوثقوه بسلاسل مننحاس وسملوا عينيه ثم أخذوه إلى غزة ووضعوه في السجن. وحينما أخرجوه ليسخروا منه فيالمعبد دفع شمشون العمودين فسقط المعبد عليه وعلى من فيه فماتوا جميعاً.

    وتفسير قصة شمشون في الكتابات الصهيونية يختلف عما في الكتب الدينيةاليهودية. فالكتابات التقليدية تُفسِّر فعلته الأخيرة لا باعتبارها انتحاراً وإنماباعتبارها عودة للرب والرسالة الأولى وباعتبارها تعبيراً عن الندم. أما الكتاباتالصهيونية، فترى في قصة شمشون دلالات وإيماءات تقترب من دلالات وإيماءات أسطورةماساده بما فيها من تشجيع للتمركز الانتحاري حول الذات وتحذير من الاندماج معالأغيار الذين تمثلهم النساء الفلستيات في هذه القصة. وفي الوقت المعاصر، تحملالتصريحات الإسرائيلية، بشأن حرب ذرية في الشـرق الأوسط، طابعاً شمشونياً شديدالوضوح!

    ومع أن شمشون يشار إليه باعتباره آخر القضاة، إلا أنه لم يكنقائداً للشعب كبقية القضاة إذ كان يتميز بفرديته واتباعه لهواه. ويقول بعض العلماءإن قصة شمشون ما هي إلا أسطورة خاصة بالشمس، فشمشون هو الإله شميش وشعره هو أشعةالشمس، أما دليلة فتعني «ليلة» أي «الليل» ذلك الوقت الذي تتوارى فيه الشمس. كمايشير البعض الآخر إلى التشابه بين قصة شمشون وأسطورة هرقل، فكلاهما يصرع أسداًويحطم أعمدة، وكلاهما تقضي عليه امرأة!

    ويمكن اعتبار قصة شمشون جزءاً منالموروث الشعبي الذي يهدف إلى إرضاء النفوس وتعويضها. والواقع أن بطل مثل هذه السيرلابد أن يكون خـارقاً للطبيعة في أسـبابه وأفعاله مثل قتل ألـف شـخص بفك حمار. كماأن النهاية المزدوجة للقصة ذاتها (الانتحار والقتل) تعبير عن أحلام المسحوقين في أنالانفجار الأخير قد يقضي على الذات ولكنه يقضى على الآخر. ولا يُوجَد في القصة (كماوصلتنا) ما يمكن تسميته بعناصر عبرانية أو يهودية، فهذه العناصر هي في الواقع منالتراث الشعبي العالمي.





  5. #25
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    البابالحادى عشر: عبادة يسرائيل



    عبـادة يســرائيلوالعبــادة القربانيــة المركزيـة
    Israelite Cult and the Central Sacrificial Cult
    «عبادة يسرائيل» أو «العبادة القربانية المركزية» مصطلح يُستخدَم للإشارةإلى ديانة العبرانيين (جماعة يسرائيل) منذ ظهورهم على مسرح التاريخ حتى التهجيرالبابلي. وقد اكتسبت هذه الديانة صفات محدَّدة أثناء فترة التجوال في الصحراء،وتعدلت بعد فترة التسلل في كنعان، ونضجت تحت تأثير رؤى الأنبياء، وفي فترة بابل.وبعد العودة من بابل، بدأت تنقيتها من العناصر القديمة. وبدأت عملية التحول على يدعزرا ونحميا، وساهم الفريسيون فيها، ثم قضى عليها هدم الهيكل تماماً حتى تحولتعبادة يسرائيل إلى العقيدة اليهودية أو اليهودية الحاخامية.

    وتعود عبادةيسرائيل إلى الديانات السامية القديمة، وهي ديانات حيوية حلولية تؤمن بأن العناصرالطبيعية، مثل الأحجار والمياه والأشجار والجبال، لها حياة مستقلة وتؤثر في حياةالأفراد. وتصل بعض هذه الكائنات إلى درجة خاصة من القداسة بحيث تحل فيها آلهة ينبغيعلى الإنسان أن يعبدها ويتقرب إليها. وتُعتبَر الطوطمية من المصادر الأخرى لعبادةيسرائيل، وهي الاعتقاد بأن حيواناً ما هو حامي القبيلة وربما سلفها أي جدها الأكبر.وتكتسب الآلهة في عبادة الساميين القدامى صفات إنسانية، فتتناحر فيما بينها وتنقسمإلى ذكور وإناث. ويبدو أن عبادة الأسلاف كانت، هي الأخرى، أحد المكونات الأساسيةلعبادة يسرائيل. كما أن ثمة إشارات عديدة للتيرافيم (الأصنام)، وهي تماثيل لهاعلاقة بالخصوبة بين الإناث.

    ورغم أن إبراهيم أول من رفض الشـرك حسـب التصورالتوراتي، فإن العهد القديم يقرر أيضاً أن التوحيد الحق جاء بعد خروج العبرانيين (أو جماعة يسرائيل) من مصر. ففي هذه المرحلة يكشــف يهوه عن نفـســه لموسى أثنـاءإقامـة العـبرانيين في أرض مدين، وتدخل يسرائيل في ميثاق مع الرب (العهد). وقد خطىالتوحيد خطى واسعة بين العبرانيين، ولكن العبادة لم تكن توحيدية خالصة، بل كانتمقصورة على إله واحد، ولكن ثمة إشارات إلى أنه أعظم من الآلهة الأخرى. كما أن أعضاءجماعة يسرائيل كانوا دائمي العودة إلى طرق الشرك القديمة، فقد عبدوا العجل الذهبيوهم بعد في سيناء.

    وحينما تسلل العبرانيون إلى كنعان (فلسطين) (1250 ق.م)،تراجع التوحيد عدة درجات، وبدأت الرؤية الحلولية تترسخ. فالعبرانيون كانوا رعاة ثمتعلموا الزراعة من الكنعانيين وتأثروا أيضاً بأعيادهم الزراعية إذ كان يستحيل فصلالتكنولوجيا عن الدين في ذلك الوقت. ومن هنا، ظهرت الأعياد الزراعية المختلفة مثلعيد المظال. كما تَعلَّم العبرانيون بعض رقصاتهم ذات الطابع الجنسي الواضح، وبعضقوانين الطعام مثل عدم طبخ الجدي في لبن أمه، كما عرفوا كثيراً من الشعائر المرتبطةبالزراعة، وعبدوا آلهة كنعان الوثنية وسقطوا في الشرك الواضح. ومن هنا، كانت الثورةالدائمة من قبَل الأنبيـاء عليـهم ودعوتهم إلى العـودة إلى طريق التوحيـد. وفي هذهالعبادة، ظهرت خيمة الاجتماع، وكان تابوت العهد يُوضَع داخلها. وكانت هناك شعائرأخرى، مثل: الاحتفال بظهور الهلال ومجيء الربيع (عيد الفصح)، والتضحية بكبشين فيعيد الغفران، والختان.

    ويمكن على مستوى من المستويات أن نقسم عبادة يسرائيلإلى مرحلتين، تنتهي المرحلة الأولى (في 1000 ق.م) مع التسلل إلى كنعان، وبعد أننُقلت العناصر الشعائرية من المدن المقدَّسة وتم تأسيس المملكة العبرانية المتحدةوتحويل أورشليم (القدس) إلى عاصمة لهذه العبادة وبناء الهيكل الذي أصبح مركزالعبادة القربانية. ثم تبدأ المرحلة الثانية وهي مرحلة العبادة القربانية المركزية.وكان الكهنة هم العمود الفقري في عبادة يسرائيل، والقائمين على العبادة القربانية.وقد تزايد نفوذهم بعد العودة من بابل وبعد أن بُعثت العبادة القربانية المركزية،وخصوصاً بعد اختفاء النظام العبراني للملكية التي لم يسمح الفرس بعودتها. وتتضح قوةالكهنة في جماعة الصدوقيين المرتبطة بالعبادة القربانية.

    ومن أهم سماتعبادة يسرائيل، تقديم القرابين (وقد كان ذلك يتم في الهيكل، ومن هنا جاءت التسمية).وقد كانت تُقام شعائر يومية في الصباح وعند الغروب حيث كان الكهنة يقومون بتقديمحَمَل وقرابين أخرى للإله (كما كان الحال في ديانات الشرق الأدنى القديم).وكانت القرابين أنواعاً مختلفة. وكلمة «قربان» كلمة سامية ويُقال لها أيضاً «منحة». وتقديم القربان (البقر والخراف وبواكير الثمر) كان ضمن شـعائر التقـرب منالإله حيث يلعب الدم دوراً مهماً. ولذا، فقد كان الدم يُنثر على المذبح حتى نهايةمرحلة العبادة القربانية أو عبادة يسرائيل، وتُحرَق القرابين أمام الهيكل. وفيبداية الأمر، كان العبرانيون يقدمون القرابين في أي مكان ثم أصبح ذلك مقتصراً علىالهيكل، وكانوا يضحون بالحيوانات (حيث كانت عملية التضحية تُسمَّى «زبَح» أي «الذبح»)، كما كانوا يتقدمون بالنباتات وبالطعام والبخور والخمور. وكانت هناك قواعدصارمة تتصل بعمر ولون الحيوان الذي سيُضحَّى به. وقد كان تقديم القربان هو الحدثاليومي عميق الصلة بالمعبد، فكان يُقدَّم واحد في الصباح وآخر في المساء، وكان يصحبالقرابين احتفال طويل وشعائر يقوم بها الكهنة.

    وتُقسَّم القرابين إلى عدةأنواع، منها: قرابين التكفير، وقرابين السلام، والقرابين التي تُقدَّم عند ولادةالبكر، وأعشار الحيوانات، والمحاصيل، وقربان عيد الفصح. وكان تقديم القرابين إلىيهوه يدل على الارتباط بين الشعب والإله وعلى وجود يهوه بين الشعب. وقد هاجمالأنبياء (وخصوصاً عاموس وإرميا) العبادة القربانية، وذكَّروا اليهود بأن أسلافهملم يُقدّموا قرابين في الصحراء، وطالبوهم بأن يعبدوا الإله بقلوبهم وبالصلاة إليه(قربان الفم).

    وقد انتهت عبادة يسرائيل، ومنها العبادة القربانية كماأسلفنا، بهدم الهيكل (70م). ومع هذا، دوَّن الحاخامات القواعد الخاصة بتقديمالقرابين بكل تفاصيلها، وذلك نظراً لإيمانهم بأن إعادة بناء الهيكل أمر سـيتم فيالمسـتقبل. وقد حلَّت، في نهاية الأمر، شـعائر الصلاة والصوم، التي كان بالإمكانإقامتها في المنزل والمعبد، محلالعبادة القربانية التي كانت تدور حول الهيكل. ورغمأن النسق الديني اليهودي قد تَطوَّر بعيداً عن العبادة اليسرائيلية، فإن هذا التطورقد استغرق مرحلة زمنية طويلة. ولم يستقر كثير من العقائد الدينية الأساسية فياليهودية، مثل الإيمان بالثواب والعقاب والبعث، إلا في مراحل متأخرة، بل إن بعضهالما يستقر حتى الآن. وهذا يفسر عدم تَجانُس النسق الديني اليهودي (الخاصيةالجيولوجية) وصعوبة تعريف الهوية اليهودية.

    وقد تركت عبادة يسرائيل (العبادة القربانية) أثراً عميقاً في التطور اللاحق لليهودية يتجلى في تركيزهاالشديد والحرفي على الشعائر وعلى شكلها دون الاهتمام بالروح والمعنى. ومن المعروفأن ثُلث الأوامر والنواهي، وهي ستمائة وثلاثة عشر، تتناول العبادة القربانية وجوانبأخرى من العبادة في الهيكل. كما أن جزءاً من التلمود والصلوات اليومية مرتبطبالعبادة القربانية. ويبدو أثر العبادة القربانية في الاهتمام الشديد بقواعدالطهارة والنجاسة في اليهودية. وقد تَركَّز هجوم السيد المسيح على اليهودية في هذهالناحية. ولعل هذا الجانب في اليهودية هو ما يُفسِّر سبب تَأخُّر صياغة العقائداليهودية حتى ظهور سعيد بن يوسف الفيومي ثم موسى بن ميمون. وتدور اليهوديةالحاخامية حول طريقة العبادة لا حول مضمونها. فعلى سبيل المثال، يجب على اليهودي أنيغسل يديه قبل الأكل وبعده، ويتلو المؤمنون بالقبَّالاه أدعية يُفهَم منها أنهامُوجَّهة إلى كل من الإله والشيطان كقوتين متساويتين. لكن مثل هذا الدعاء، لأنهينصرف إلى المعنى وحسب، ليس مهماً، فما يهم هو الطريقة نفسها التي يتم على أساسهاغسل اليد. ويظهر هذا بشكل أكثر وضوحاً في الشماع، فاليهودية الأرثوذكسية أعطتهامعنى مختلفاً تماماً عن معناها في التراث القبَّالي، ثم جاءت اليهودية المحافظةوأعطتها معنى ثالثاً. ولكن، من منظور شعائري، لا تهم الاختلافات في المعنىوالتفسير، فما يهم هو طريقة تلاوة الشماع. ولذا، لا يعترض الأرثوذكس على التفسيراتالقبَّالية التي تعطي مضموناً غير توحيدي لشهادة التوحيد اليهودية، ولكنهم يعترضونوبشدة حين يتلون الشماع بالإنجليزية، أي حين يغيرون طريقةالتلاوة.

    ويمكن القول، على مستوى من المستويات، بأن الصهيونية هي علمنةللعبادة القربانية الحلولية، فقد جعلت من الدولة شيئاً يشبه الهيكل القديم (يطلقالصهاينة على إسرائيل مصطلح «الهيكل الثالث»)، حل فيها الإله وهي محط اهتمامهمأينما وُجدوا، ولا يهم إن كانوا يعبدون الإله أو لا وإنما المهم هو تقديم القرابينإلى هذا الوثن الجديد. وتأخذ القرابين الآن شكل شيك يُدفَع للمنظمة الصهيونيةالعالمية فيما يُسمَّى «يهودية دفتر الشيكات». وقد تحولت المعابد اليهودية إلى مايشبه الفروع للهيكل الجديد في محاولة لتجنيد اليهود للعبادة القربانية الجديدة.
    ولعل نجاح هذه العبادة يعود إلى أنها تستطيع التعايش مع الرؤية العلمانيةالشاملة، فهي لا تتحداها ولا تطلب إلى المؤمن أن يغيِّر سلوك حياته. وعلى كلٍّ، فإنكليهما يرى القداسة شيئاً كامناً في المادة غير متجاوز لها. وقد سجَّل كثير منالحاخامات احتجاجهم على هذا الاتجاه الذي سيودي بالديانة اليهودية كعقيدة، إذ أنيهود الولايات المتحدة يعبِّرون عن يهوديتهم لا عن طريق الإيمان بالقيم الدينيةاليهودية أو الالتزام بها وإنما عن طريق تقديم القربان/الشيك. وقد أطلق أحدالحاخامات على الصهاينة لقب «يهود النفقة»، وهو ما يعني أن اليهود يدفعون نفقةلمطلقتهم، ربما لاتقاء شرّها!

    وقد بدأت خطوات جادة نحو إعادة العبادةالقربانية والهيكل في إسرائيل. وهناك مدرستان تلموديتان تضمان مائتي دارس يتعلمونالتفاصيل المركبة الخاصة بالعبادة في الهيكل. كما أن هناك جماعات أخرى تَدرُس أنسابالكهنة اليهود حتى يمكن تحديد الشخص المُؤهَّل لتقديم القرابين. ولقد عُقد في عام 1990 مؤتمر يضم اليهود الذين يعتقدون أنهم من نسل الكهنة. وهناك معهد خاص يُسمَّى «معهد الهيكل» قام بأبحاث وأعد ثمانيا وثلاثين من الأدوات اللازمة لإقامة العبادةالقربانية، وهو في طريقه إلى إعداد الأدوات الخمس والستين المتبقية. كما تم إعدادالملابس اللازمة للكهنة، وهي ملابس تُنسَج يدوياً منالتيل.

    القــرابين
    Sacrifice
    انظر: «عبادة يسرائيلوالعبادة القربانية المركزية».

    الكهنــــة والكهانـــة
    Priests and Priesthood
    الكاهن في العبرية هو «كوهين» وهو سبيل الكهانة:الأداة المقدَّسة المختارة للوساطة بين الإنسان والخالق. ويرتبط تاريخ الكهانة بينالعبرانيين بظهورهم في التاريخ إذ يبدو أن كل رب أسرة عبرانية، وأول الذكور فيها،كانا يقومان بدور الكهان. وقد ظل هذا الوضع قائماً حتى زمن الخروج من مصر أو الهجرةمنها حين انحصرت الكهانة في قبيلة اللاويين، لأن آباءهم رفضوا عبادة العجل الذهبي.ولكن يبدو أن أسرة هارون كانت تشغل، في بداية الأمر، مركزاً متميِّزاً داخل قبيلةلاوي، فقد كان أعضاؤها المسئولين الفعليين عن الأضاحي والإشراف على الطهارة. وفيمعظم الأحيان، كان يتم اختيار كبير الكهنة من بينهم، وقد كان كبير الكهنة هو الذييتلفظ باسم الإله في قدس الأقداس. ويبدو أن هذا النظام مقتبس من النظام المصريالقديم للكهانة في تخصيص أسرة للقيام بأعمال الكهانة وخدمة الدين والمعابدوبالجوانب السرية الخاصة في العلاقة بين الإله وأتباعه.

    وثمة نظرية تذهبإلى أن أسرة هارون كانت أصلاً أسرة كهنوتية مصرية. وقد ظهر تَوتُّر بينهم وبين بقيةأعضاء القبيلة بسبب احتكارهم أهم الشعائر. ولكن الفريقين اندمجا بمرور الزمن وأصبحالكهنة العمود الفقري لليهودية، وخصوصاً بعد إنشاء الهيكل وتَمركُز العبادةالقربانية حوله.

    وكانت الكهانة، باعتبارها السلطة الدينية، متداخلة تماماًمع السلطة الدنيوية كما هو الحال في عصر القضاة (حوالي 1250 ـ 1020 ق.م). وبظهورحكم الملوك، أصبح رئيس الدولة هو الكاهن الأعظم. ولكنه، نظراً لانشـغاله كان يُعيّنمندوبين عنه لممارسـة هذه المهمة، فبدأ يظهر شيء من الانفصال بين السلطتين. ومعهذا، ظل الكهنة (ممثلو العبادة القربانية ومصدر أكبر دخل للدولة) قريبين من السلطةالدنيوية ومرتبطين بها أشد الارتباط. ولذا، كان الصراع ينشب دائماً بينهم وبينالأنبياء، وهم مفكرون دينيون أحرار جاءوا أساساً من صفوف الشعب.

    وقد زادتداخل السلطة الدنيوية والسلطة الدينية في مرحلة ما بعد العودة من بابل إذ اضطلعكبير الكهنة بوظائف دنيوية باعتباره ممثلاً محلياً للقوة الإمبراطورية الحاكمة. كمااضطلع الكهنة بمعظم الوظائف الإدارية والسياسية نظراً لعدم ثقة الفرس في أبناءالأسرة الحاكمة العبرانية. واستمر نفوذ الكهنة في الإمبراطورية اليونانية قوياً،سواء في الشام أو في مصر، إذ كانوا يلعبون دوراً أساسياً في الحضارة الهيلينية.وكان الكاهن الأكبر يُعيَّن مدى الحياة. ولكن أنطيوخوس الرابع (السلوقي) (175 ـ 164ق.م) أنهى هذه العادة، وأصبح من الممكن خلع الكاهن الأكبر وتعيين كاهن آخر. وقدظهرت طبقة من الكهنة المتأغرقين الذين قاموا على خدمة الدولة الهيلينية، فأضعف هذاالوضع هيبة الكهنة وسلطانهم. ذلك أن الكهنة في الحضارة الهيلينية رغم أهميتهم،كانوا يُعَدّون بمنزلة الخدم لا القادة. وقد انعكس هذا على مكانة الكهنة اليهود.

    وحينما قامت الأسرة الحشمونية (164 ق.م)، أصبح رئيس الدولة قائد القواتوالكاهن الأعظم في آن واحد. وتُعَدُّ هذه الفترة الزمنية قمة ازدهار المؤسسةالكهنوتية. وظهرت إبان حكم الأسرة الحشمونية فرق يهودية مختلفة من أهمها الصدوقيونالذين كانوا أساساً من كبار الكهنة وأعضاء السنهدرين ويمثلون مصالحهم. وظهر فيالمقابل فريق الفريسيين الذين أكدوا الجانب الروحي في اليهودية على حساب الجانبالقرباني مع أنهم كانوا يضمون في صفوفهم بعض الكهنة من متوسطي الحال. وقد ازدادالفريسيون شعبيةً وازداد الكهنة عُزلةً، وخصوصاً أنهم تحولوا إلى أُلعوبة في يدالحكام، وظهرت بينهم صراعات عديدة كما حدث في حالة الكاهن الأعظم أونياس الرابعالذي فرَّ إلى مصر وأسس هيكلاً وعبادة قربانية مستقلة فيها (145 ق.م) وذلك بتشجيعمن البطالمة أعداء حكام فلسطين السلوقيين. وعند تَولي هيرود الحكم (37 ق.م)، لم يكنبوسعه أن يضطلع بدور الكاهن الأعظم لأنه كان من أصل أدومي، فكان يعيِّن كبير الكهنةعلى هواه.

    وقد شهدت هذه الفترة تَزايُد انتشار اليهود خارج فلسطين بحيث فاقعددهم خارجها عدد من يقيمون داخلها. ومعنى هذا أن العبادة القربانية (ونخبتهاالكهنوتية) فقدت كثيراً من مقومات وجودها. فهي تعتمد بالدرجة الأولى على جماعةبشرية متماسكة تعيش بجوار الهيكل أو حوله فتُموِّله، ويشكل هو رمز وحدتها القوميةتحت حكم الإله القومي.

    ويُلاحَظ أن الاستقطاب الطبقي الذي كان يسم المجتمعالعبراني اليهودي في ذلك الوقت، انعكس في صفوف الكهنة، وقوَّض نفوذ المؤسسةالكهنوتية في الداخل، فكانت الأرستقراطية الكهنوتية المتأغرقة (التي كانت تقيم فيالقدس) تختلف كثيراً في موقفها وموقعها عن فقراء الكهنة الذين كانوا يعيشون فيالريف (السامي الآرامي) على عملهم وعلى الصدقات. وأثناء التمرد اليهودي الأول (66 ـ 70)، حينما سيطر الغيورون على القدس، قاموا بطرد الكهنة وذبحوا بعضاً منهم واختارواكاهناً أكبر من بين فقراء الكهنة. ولذا، حينما هدم تيتوس الهيكل عام 70م، كانتالأوضاع التاريخية مواتية تماماً لاختفائهم ولظهور الحاخام باعتباره شخصية أساسيةبين اليهود. ولعل أهم الأسباب الأخرى لاختفائهم هو تدوين الشريعة، إذ أصبح الكتابالمقدَّس مركز العبادة بدلاً من العبادة القربانية.

    وقد لعب الكهنة دوراًمهماً في تطوير اليهود واليهودية إذ وضعوا أنفسهم وسطاء بين الناس والإله، فلم تكنتُقبَل توبة ولا قرابين إلا إذا باركها الكاهن لأن مفتاح السماء كان في يده، ولميكن أحد غيرهم يستطيع تفسير الطقوس أو الشعائر الدينية تفسيراً آمناً من الخطأ.وكانوا يفصلون في الأمور القضائية عن طريق استخارة الرب ويضطلعون بدور الطبيب (الساحر) الذي يشفي الأمراض. وكان فريق منهم يحمل تابوت العهد أثناء تجوالالعبرانيين وحروبهم، ثم أصبحوا بعد ذلك كهنة الهيكل. ويبدو أن الكهنة مرتبطونبالعناصر الوثنية داخل النسق الديني اليهودي، فقبيلة لاوي كانت تقدِّس الحية. وقدأُدخل هذا التقديس على اليهودية، فأقاموا تمثالاً نحاسياً لها زاعمين أنها من عملموسى، إلى أن أزالها حزقيا بن آحاز (ملوك ثاني 18/4). كما نقل الكهنة كثيراً منالعقائد الوثنية كتقديس بعض المرتفعات والأشجار، وهي عملية تركت أثرها في اليهودية.

    والكهانة اليهودية تُورَّث. وقد أدَّى هذا إلى أن الكهنة كونوا طبقة مغلقةلا يستطيع أحد من خارجها أن ينتمي إليها، حتى أصبحت كلمة «لاوي» مرادفة لكلمة «كوهين». ولعل انغلاقهم هذا هو الذي أدَّى إلى تماسكهم وإلى دفاعهم عن العزلةالدينية اليهودية، وخصوصاً أنهم كانوا يكوِّنون بالمعنى الحرفي للكلمة طبقة لايمكنها أن تحتفظ بوجودها إلا في ظروف الانغلاق.

    ولم يكن من حق الكهنة أنيرثوا مالاً أو يمتلكوا أرضاً. ولكنهم كانوا يُعفَون من الضرائب والإتاوات علىاختلاف أنواعها، ويأخذون العشـور على نتـاج الضـأن وأول ما يُحصَد من الأرض (بالعبرية: بكوريم)، وينتفعون بما يبقى في الهيكل من القرابين. ومما يذكر، أنالكاهن كان عليه أن يحتفظ بطهارته فلا يتزوج من امرأة مطلقة ولا من زانية أو أرملةولا من امرأة أبواها غير يهوديين بالمولد، أي أن طهارة الكاهن تقتضي أن يتزوج منامرأة طاهرة مثله تماماً. كما أن طهارة الكاهن تمنعه من لمس الموتى (إلا أقربأقاربه) أو حتى السير فوق أرض دُفن فيها أحد.

    ورغم أن مؤسسة الكهانة قداختفت في اليهودية تماماً مع هدم الهيكل على يد تيتوس، ومع اختفاء العبادةالقربانية، ومع أن اليهودية لا تقبل، على المستوى النظري، الوساطة بين الخالقوالمخلوق، فإن مؤسسة الكهانة استمرت بعد أن أخذت شكلاً جديداً هو الحاخامية حيث يحلالحاخام محل الكاهن. ويعود هذا إلى الأسباب التالية:

    أ) رغم اختفاء الهيكلوالعبادة القربانية المركزية، إلا أن الرؤية الحلولية التي تشكل الإطار العقائديلمؤسسة الكهانة ظلت قائمة بل زادت حدة. ولذا، تعمَّق الإحساس لدى اليهود بأنهمالشعب المختار، وأنهم أمة من الكهنة والقديسين والأنبياء اختارهم الإله ليكونوابمنزلة الكهنة للشعوب الأخرى.

    ب) بانتشار اليهود خارج فلسطين وتحوُّلهم إلىجماعات وظيفية منعزلة مغلقة، تشابكت السلطة الدنيوية والسلطة الدينية مرة أخرى حتىأن الحاخام (مع أنه لم يكن كاهناً) كان القائد الديني الفعلي للجماعة اليهودية الذييقوم بشئون الإفتاء الديني والتجارة وإقراض المال والأعمال المالية والقضاء والزواجوفض المنازعات والإشراف على تنفيذ القوانين الخاصة بالطعام وبالعديد من المهامالدينية الاجتماعية الأخرى.

    ومن الصعب تحديد مَن من نسل هارون و مَن منقبيلة اللاويين في وقتنا الحاضر، إذ تُوجَد قطاعات كبيرة من اليهود، وخصوصاً اليهودالأرثوذكس، يؤمنون بأن كل يهودي يُسمَّى «كوهين» لابد أن يكون من نسل اللاويين،وكذلك كل من يدعى «كاتس»، باعتبار أن اسمه اختصار لتعبير «كوهين تساديك»، وكذلك منيدعى «سيجال» فهو اختصار «سيجان ليفي» أي «نائب اللاوي أو مرافقه». ومن المفروض أنكل اليهود الذين يحملون هذه الأسماء تنطبق عليهم قوانين الكهانة، فهم يقفون فيالمعابد اليهودية أثناء صلوات أيام الأعياد وفي أيام السبت فيغطون وجوههم ويباركونالناس، ولهم الأولوية في أن يقرأوا التوراة في المعبد متخطين بقية المصلين ومنهماللاويون. ولا يزال الكهنة يتلقون ما يُسمَّى «فدية البكريّ». ففي الماضي كان علىاليهودي أن يكرس ابنه البكر لخدمة الرب، ولكن أُعفي أبكار الأسر من هذه المهمة بعدقيام سبط اللاويين بأعباء الكهانة نظير فدية يقدمها الآباء للكهنة عند إنجابهمأبكاراً ذكوراً. كما لا تزال قوانين عدم لمس الموتى قائمة، ولذلك تُخطَّط المدافناليهودية بطريقة تجعل بإمكان الكاهن أن يزور أقاربه دون أن تُدنَّس طهارته.

    وتُسبِّب كل هذه الشعائر مشاكل للدولة الصهيونية. فعلى سبيل المثال، ونظراًلأن من المحظور أن يجمع سقف واحد بين الكاهن وجثة ميت، فقد اضطرت مستشفى الهاداساهفي إسرائيل إلى استخدام أبواب دائرية للمشرحة الملحقة بالمستشفى حتى تكون بمنزلةحاجز دائم بين الكاهن الذي يزور أقاربه في المستشفى والجثث الموجودة في المشرحة،فالباب العادي لا يمكنه أن يؤدي هذه الوظيفة الدينية. وقد واجه الإسرائيليونالمشكلة نفسها بشكل آخر بعد استيلائهم على طريق القدس - الخليل، فهذا الطريق قدبناه العرب دون أي اعتبار للتحريمات اليهودية الخاصة بالكهانة. ولهذا، فإن الطريقيمر ببعض المقابر اليهودية، الأمر الذي يجعل استخدام هذا الطريق غير الطاهر محظوراًعلى الكهنة. ولهذا، فقد ثُبتت لافتة تعطي إشارات إلى طريق بديل «طاهر».

    ولاتزال قوانين الزواج الخاصة بالكهنة سارية المفعول، وهو ما يُسبِّب زيادة المامزيرأي الأطفال غير الشرعيين في إسرائيل، ويجعل الحياة صعبة لكل من يحمل اسم «كوهين» أو «سيجال» أو «كاتس»، وخصوصاً أن كثيراً منهم لا يعرف هذه القوانين اليهودية. ولاتعترف اليهودية الإصلاحية أو المحافظة بأي قانون من قوانين الكهنة هذه.

    وقدبدأت الدولة الصهيونية في العودة إلى شيء يشبه العبادة القربانية التي تدور حولالهيكل، ومن ثم عاد الاهتمام بالكهنة. وتُوجَد مدرستان تلموديتان بالقرب من حائطالمبكى يدرس فيهما نحو مائتي طالب شعائر العبادة القربانية للقيام بها عند إعادةتشييد الهيكل. وقد بدأت مجموعة من الإسرائيليين في البحث عن شجرة العائلة الخاصةبالكهنة اليهود حتى يتم تقرير من هو المؤهل للقيام بهذه الشعائر (لعله يكون من نسلهارون أو صادوق). كما عُقد عام 1990 مؤتمر في إسرائيل لليهود الذين يعتقدون أنهم منأصل كهنوتي. وبدأ معهد الهيكل في إعداد الملابس الخاصة التي يتعيَّن على الكهنةارتداؤها.







  6. #26
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    كوهين
    Cohen
    «كوهين» كلمة عبرية تعني «كاهن» ويُعتبَر حامل هذا اللقب سليل الكهنة ومن نسل هارون أخي موسى الكاهن الأعظم.وتنطبق عليه المحظورات المختلفة مثل ضرورة أن يتزوج من عذراء فلا يتزوج مطلقة، وأنيتمتع بكل المزايا كأن يقوم بتلاوة التوراة في المعبد اليهودي.

    ومن الأسماءالأخرى المرادفة لكلمة «كوهين» في المعنى، كلمة «كاهن» و «كوهان» و «كاجان» و«كان»و«كوجين» و«كون» و«كوون» و«كوين» و«كوفين». وأحياناً يُترجَم الاسم فيقال مثلاً «أجرانات»، وهي ترجمة روسية لكلمة «هاروني» أو من «نسل هارون».

    وكلمة «كاتس» اختصار لكلمة «كوهين تساديك» أي «كاهن الاستقامة والتقوى» ولها نفس دلالةكلمة «كوهين»، وأحياناً تُزاد الصيغة لتصبح «كاتزنلسون» أو «كاتسمان» أو «كاتزنشتاين» أو «كوهنهايم» أو «كوهنشتاين».

    وهناك الكثير من اليهود يحملونمثل هذه الأسماء ولا يعرفون شيئاً عنها ثم يفاجأون بأنهم كهنة تنطبق عليهمالمحظورات مثل عدم الزواج من مطلقة الأمر الذي يسبب لهم الكثير من المشاكل فيإسرائيل.

    الكاهن الأعظم
    High Priest
    «الكاهنالأعظم» هو المقابل العربي للكلمة العبرية «كوهنْ هاجدول» وهو كبير موظفي الهيكل.وقد كانت وظيفة الكاهن الأعظم في الأصل مقصورة على أسرة صادوق من ذرية هارون. وهوالذي كان يدخل قدس الأقداس في يوم الغفران ليتفوه بالاسم المقدَّس، وكان هو أيضاًرئيس السنهدرين. ومع أن وظيفة كبير الكهنة كانت دينية، فقد كانت لها أبعادهاالدنيوية، فالكاهن الأعظم كان يُعَدُّ من رجالات المملكة العبرانية وجزءاً منالأرستقراطية الحاكمة. ولعل هذا هو السبب في أن الصراع كان ينشب دائماً بينه وبينالأنبياء الذين كانوا يمثلون القوى الشعبية في كثير من الأحوال.

    وكان الملكيضطلع أحياناً بوظيفة كبير الكهنة كما فعل داود (1004 ـ 965 ق.م) (صموئيل ثاني 6/12ـ 19). وفي الترتيب الهرمي للمجتمع العبراني، كان الملك يسبق الكاهن الأعظم فيالمنزلة، ولذلك خلع سليمان كبير الكهنة ونفاه. وفي حفل تكريس الهيكل، كان سليمانالموظف الأساسي، أما بقية الكهنة فكانوا يقومون بالأعمال الوضيعة. وقد جاء وَصْفالكاهن الأعظم وردائه في سفر اللاويين (16/11 ـ 17). وكان الرداء يُسمَّى «إفود»،وهو ثوب يشبه الصُّدرة، كان يلبسه رئيس الكهنة العبراني أثناء خدمة الكهنوت، وكانهذا الثوب يُصنع من كتان دقيق ومبروم بلون الذهب واللون الأزرق والأرجوانيوالقرمزي. وكان يُثبَّت على الجسم بواسطة شريطين للكتفين من فوق، وحزام من أسفل،وعلى كلٍّ من شريطي الكتف كان يوجد حجر جَزْع منقوشة عليه أسماء قبائل يسرائيلالاثنتي عشرة. وكان الثوب يتصل بالصدرة بواسطة سلاسل ذهب. وكانت الصدرة تحتوي علىاثني عشر حجراً كريماً موضوعة في أربعة صفوف وفيها وسائل القرعة المقدَّسة: الأوريموالتُميِّم والتي كانت تُستخدَم في تَبيُّن إرادة الإله. وكان الكاهن يلبس تحتالإفود ثوب الإفود الأزرق الذي كان يمتد إلى قدمي الكاهن. وكانت الأحجار الاثنا عشرتحمل أسماء قبائل يسرائيل الاثنتي عشرة وتشير إلى أن الكاهن يمثل كل الشعب وأنهيُقدّم العبادة عنهم وباسمهم (خروج 28/31 ـ 35 و 39/22 ـ 26).

    وحيث إنالهيكل لم تكنتتبعه أية أراض زراعية، كان اليهود يرسـلون إليه التبرعات (نصـفشيكل) وهـو ما كان يُدر عليه مالاً وفيراً. كما أن بعض أثرياء اليهود، على عادةالأثرياء في الشرق الأدنى القديم، كانوا يودعون أموالهم فيه. وقد أدَّى هذا إلىتعميق البُعد الدنيوي لوظيفة الكاهن الأعظم لأن دخله كان يُعَدُّ أهم مصدر ليهودفلسطين.

    ومع دخول العبرانيين، ابتداءً من القرن السادس قبل الميلاد، فيإطار الإمبراطوريات الكبرى (البابلية والفارسية واليونانية والرومانية) التي كانتتحتفظ لنفسها بسلطة القرار في الشئون العسكرية والخارجية وتترك للشعوب المحكومةشيئاً من الاستقلال الذاتي لإدارة شئونها الدينية والداخلية، بدأت وظيفة الكاهنالأعظم تكتسب أهمية متزايدة، وخصوصاً أن الفُرس كانوا يفضلون التعاون مع طبقةكهنوتية مأمونة الجانب على التعاون مع أرستقراطية عسكرية أو مع أعضاء أسرة داودالمالكة. وبالفعل، تم تقسيم السلطة في فلسطين، فكان المرزبان (مندوب الإمبراطورية)يُمسك بالسلطة الدنيوية ويترك السلطة الروحية والشئون الداخلية في يد كبير الكهنة.وتَحوَّل اليهود إلى جماعة يرأسها الكاهـن الأعظـم حيث ورث شارة الملكية وأصبح يمسحبالزيت بدلاً من الملك. ولا يعني هذا أنه أصبح ملكاً وإنما يعني أنه أصبح يرأس نخبةحاكمة تضم اللاويين والكهنة وأثرياء اليهود الذين كانوا يقودون الشعب ويديرون شئونهالداخلية من خلال إطار تنظيمي هرمي لحساب الإمبراطورية الحاكمة. وقد اعترف البطالمةبهذا المنصب وبالمجمع الكبير، واعتبروهما ممثلين للشعب اليهودي وأعفوهما منالضرائب، واعترفوا بحرية اليهود في ممارسة شعائر أسلافهم.

    ولكن، ورغم قوةمركز الكاهن الأعظم، ظهرت مراكز قوة أخرى تعاون معها السلوقيون وهي طبقة أثرياءاليهود ملتزمي الضرائب والتجار وغيرهم ممن أصبح همهم السيطرة على منصب الكاهنالأعظم، ولذا كان يتم التعيين في هذا المنصب عن طريق الرشوة. وقد أصبح الكاهنالأعظم لا يعيَّن مدى الحياة، الأمر الذي زاد ضعفه. كما أن المنصب لم يَعُد مقصوراًعلى أسرة صادوق.

    وكانت الأسرة الحشمونية أسرة من الملوك الكهنة إذ كانالملك هو نفسه كبير الكهنة. فقد انتخب يوناثان شقيق يهودا المكابي قائداً وكاهناًأعظم (160 ـ 142 ق.م).

    شهدت هذه الفترة ظهور فرقة الصدوقيين، وهم من كبارالكهنة ويمثلون مصالح فئتهم، حيث التفوا حول النخبة الحاكمة وتحالفوا معها. وفيمقابل ذلك، ظهر الفريسيون الذين كانوا يضمون في صفوفهم كثيراً من الكتبة شراحالشريعة الذين دافعوا عن الشريعة الشفوية. كما كانوا يضمون في صفوفهم فقراء الكهنةومتوسطي الحال منهم. وقد عارض الفريسيون قيام ملوك الحشمونيين بحمل لقب كبيرالكهنة. وانفصلت الوظيفتان بالفعل عام 63 ق.م في عهد هيركانوس الثاني.

    ومعاحتدام الصراع الطبقي داخل المجتمع العبراني اليهودي في فلسطين، واحتدام الصراع بينالقوى الدولية (السلوقيين ضد البطالمة والرومان ضد الجميع)، احتدم الصراع حول منصبكبير الكهنة. ففرَّ الكاهن الأعظم أونياس الرابع إلى مصر وأسس بإيعاز من البطالمةهيكلاً (145 ق.م) وعبادة قربانية يهودية كان هو كاهنها الأعظم. وحينما تولى هيرودالحكم (37 ق.م ـ 4م)، ولم يكن بوسعه أن يشغل هذا المنصب لأنه كان من أصل أدومي، حرصعلى السيطرة على كبير الكهنة فكان يعيِّن ويَعْزل كما يشاء. وحينما أصبحت فلسطينمقاطعة رومانية، أصبح الكاهن الأعظم مجرد موظف روماني، بل إن رداءه الكهنوتي كانعهدة عند الحاكم الروماني لا يعطيه للكاهن الأعظم إلا قبل الاحتفال بعيد الغفرانعلى أن يستردها منه بعد ذلك مباشرة. وأصبح الكاهن الأعظم محطّ سخرية اليهود، فكانوايُطلقون عليه النكات. وحينما نشب التمرد اليهودي الأول ضد الرومان (66 ـ 70م)، قامالغيورون بطرد الأرستقراطية الكهنوتية التي كانت تقيم في القدس، وذبحوا بعضأعضائها، واختاروا كبير الكهنة من صفوف الفقراء وبالقرعة. وكان هؤلاء الكهنة آخر منشغل هذا المنصب فبعد دخول تيتوس إلى القدس، وبعد تحطيمه الهيكل (70م)، اختفتالعبادة القربانية تماماً واختفى الصدوقيون وظهر الحاخامات باعتبارهم قوة ذات طابعديني قوي واضح وطابع دنيوي خافت.

    بعــل
    Baal
    «بعل»كلمة فينيقية تعني «السيد» أو «المولى» أو «الزوج» أو «المالك» أو «الرب». ورغم أنمجمع الآلهة الكنعاني كان يترأسه «إيل»، فإن ابنه بعل إله الخصب (الذي كان يُعرَفأيضاً باسم «هدد») كان يلعب الدور الأساسي في المجمع، وقد أصبحت كلمة «بعل» مرادفةلكلمة «إله» بحيث أصبح هناك «بعل شامَيم» (بعل السماء)، أي «إله السماء»، و«بعلهارعد»، أي «إله الرعد». وقد أصبح «بعل شاميم» الرب السامي الأسمى في الألف الأخيرقبل الميلاد، كما أصبح تجسيداً للشمس والسماء ذاتها، ولذا فهو مانح المطر والشمسوالخصب والمحصولات. كما كان لكل بلد إله يبدأ اسمه بكلمة «بعل» وينتهي باسم تلكالبلد أو المدينة، مثل «بعل فغور» أو «بعل جرمون». ولم يكن البعليم (جمع بعل)، مثليهوه، آلهة حرب، بل كانت آلهة طبيعة مسالمة تمثل قوى الخصب والحياة وتتزاوج فيمابينها، فهي تنقسم إلى ذكور وإناث، وكانت زوجة بعل تُسمَّى «بعلة» أو «عشتارت» أو «عشيراه» أو «عنات». وكان الكنعانيون يختارون الأماكن المرتفعة، كالجبال والتلال،فيبنون عليها أبنية تصبح مذابح يخصصونها للإله.ومنذ دخولهم إلى فلسطين،أخذ العبرانيون عن الكنعانيين الكثير بما في ذلك الزراعة وعبادة بعل. وكانوا يعبدونيهوه وبعلاً جنباً إلى جنب.وقد سمَّى شاؤول أحد أبنائه يوناثان (أي: يهوه أعطى)،وسمَّى الآخر إيشبعل (أي: رجل بعل).كما أنهم عبدوا يهوه من خلال طقوس الخصوبةالمرتبطة بعبادة بعل.وكان عامتهم يرون أن يهوه هو الإله القومي (إله التاريخ)،وأنبعلاً هو مانح الخصوبة (إله الطبيـعة)، ولــذا كانــوا يلجأون إلى يهوه فيالمناسبات القومية وفي لحظات الأزمة ويلجأون إلى بعل في حياتهم اليومية.

    وقد حاول الأنبياء في القرن التاسع قبل الميلاد، ابتداءً من إلياهو على وجهالخصوص، إقناع الشعب بأن يهوه هو الإله القومي واليومي، وأنه هو إله الطبيعةوالتاريخ. وربما كانت ثورة الأنبياء رد فعل لما قامت به إيزابيل، زوجة الملك آخاب،التي بنت معبداً للإله بعل بجوار معبد يهوه في السامرة، وبذا أصبحت عبادة بعل عبادةمستقلة. وبعد سقوط أسرة عمري، بدأ ياهو في تنقية العبادات. ومع هذا، استمرت عناصرمن عبادة بعل، الأمر الذي اضطر معه أنبياء القرن الثامن قبل الميلاد إلى العودةللهجوم عليها مرة أخرى.
    وقد تركت عبادة بعل أثرها العميق في عبادة يهوه.والواقع أن الإشارة إلى يهوه بأنه «الأب»،وإلى الإنسان بأنه «ابن الإله»،هي أثر منآثار عبادة بعل.وقد تَطوَّر مفهوم الإله في العقلية الدينية اليسرائيلية بعد أنأصبح يهوه حاملاً لصفات البعولة (البعلية) وقدراتها.

    وتقترن عبادة بعل فيالوجدان الديني الإثني اليهودي بالخروج من الانعزالية اليهودية لأن عبدة بعل يعبدونإله الأغيار. ويجب أن نتذكر أن اليهود الأوائل كانوا يؤمنون بإله قومي واحد ولميكونوا موحدين. ولــذا، فــإن الاسـتنكار اليهــودي لعبــادة بعل ليس دينياً وحسبوإنمـا هو قـومي أيضــاً. وفي الأدب الصهــيوني، يُقــارن أعضـاء الجمـاعــاتاليهودية المندمجون في مجتمعاتهم بعبدة بعل.

    العجل الذهبي
    Golden Calf
    «العجل الذهبي» تمثال من الذهب عبده أعضاء جماعة يسرائيل عندقاعدة جبل سيناء، عندما كان موسى يتعبد فوق الجبل. وعبادة العجل الذهبي تعبير عنالطبقة الحلولية داخل التركيب الجيولوجي التراكمي اليهودي. وقد جمع هارون الحليالذهبية منهم بعد إلحاح شديد منهم، وصهرها وصبها على هيئة تمثال كان يُعَدُّ تجسداًللإله. وقـد غضب الإلـه على شـعبه وقرَّر إبادتهم، ولكن موسـى تضرع أمامـه: « لماذايارب يحمَى غضبك على شعبك الذي أخرجته من أرض مصر بقوة عظيمة ويد شديدة، لماذايتكلم المصريون قائلين أخرجهم بخبث ليقتلهم في الجبال ويفنيهم عن وجه الأرض. ارجععن حُمُوّ غضبك، واندم على الشر بشعبك... فندم الرب على الشر الذي قال إنه يفعلهبشعبه » (خروج 32/12ـ 14). ويُلاحَظ أن احتجاج موسى على الرب ينبع من تَصوُّر حلوليله، أي أن كلاًًّ من الحادثة والاحتجاج عليها ينبعان من الرؤية الحلولية الكمونيةنفسها. وقد حطَّم موسى لوحي الشهادة في لحظة غضبه، ثم أخذ العجل الذي صنعوه وأحرقهبالنار وطحنه حتى صار ناعماً وذَرَّاه على وجه الماء وسقى أعضاء جماعة يسرائيل (خروج 32/20)، ثم قتل نحو ثلاثة آلاف رجل.

    وقد سبَّبت هذه الحادثة كثيراًمن الحرج للحاخامات والمفسّرين اليهود بسبب اشتراك هارون في عبادة العجل (وخصوصاًأن اللاويين رفضوا الاشتراك في تلك السقطة). ولم تكن عبادة العجول الذهبية أمراًغريباً في الديانة الكنعانية القديمة إذ كان الثور رمزاً محبَّباً للخصب، وكانتكلمة «إيل» تشير إلى الثور الأب في عبادتهم. ورغم الوصية الثانية من الوصايا العشر (خروج 20/4)، فقد وجدت صور الثور وتماثيله طريقها إلى عبادات العبرانيين وفنونهم.ففي أيام سليمان، وقت بناء الهيكل، نجد أن الحوض المسمَّى «البحر المسبوك» أو «بحرالنحاس»، يصور المعاني الوثنية في الكون، إذ يرتكز على اثنى عشر ثوراً، كل ثلاثةمنها تتجه صوب إحدى الجهات الأربع (ملوك أول 7/3: 26). وقد بُعثت عبادة العجولالذهبية من جديد على يد الملك يربعام في دان وبيت إيل (ويُقال إن يربعام تعلَّمعبادة العجل من عبادة عجل آبيس في مصر، كما يُقال أيضاً إنها هي عبادة هاتور نفسها،البقرة المقدَّسة). وثمة رأي يذهب إلى أن العجول لم تكن تجسيداً ليهوه وإنما كانتقاعدة لتمثال، لتجلٍّ غير مرئي ليهوه.

    وفي الدراسات اليهودية الحديثة،يكتسب العجل الذهبي دلالات مختلطة، فالصهاينة يستخدمونه رمزاً لليهود الذين يعيشونخارج الأرض المقدَّسة، ويرفضون الهجرة إليها بسبب المستوى المادي المرتفع الذيحققوه في المنفى. أما أعداء الصهيونية فيستخدمونه للإشارة إلى النزعة الحلوليةالوثنية التي بعثتها الصهيونية بين اليهود والمتمثلة في عبادة العجل الذهبي الجديد،أي الدولة الصهيونية. وبعد حرب أكتوبر، شبَّه بعض الإسرائيليين نظرية الأمنالإسرائيلية بالعجل الذهبي باعتبار أنها أدخلت الأمن الزائف على قلوب الإسرائيليين.






  7. #27
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    الترافيم (أصنام)
    Teraphim
    «ترافيم» كلمة مجهولةالأصل، وإن كان العَالم و. ف. ألبريت يرى أنها تعني «الخرق القديمة» وأنها من الجذرالكنعاني «ترب» ومعناها «يستهلك». وقد أشار هوفنر إلى مصدر حوراني حيثي هو كلمة «تاربيس» أي (روح حامية أو شريرة). وكانت تُعَدُّ إلهة الأسرة أو ربما إله خصب.

    والترافيم أصنام صغيرة، فقد خبأتها راحيل تحت حداجة الجمل وجلست عليها حينحاولت أن تسرقها من أبيها (تكوين 31/35). وحسب القانون البابلي، كان لمن عنده آلهةالأسرة الحق في أن يرث نصيب البكر. ولكن يبدو أن بعضها كان كبير الحجم حيث وضعتميكال الترافيم في مكان داود، فظن رسل شاؤول أنه نائم في فراشه (صموئيل أول 19/13).ويبدو أن عبادة يسرائيل كانت تُحرِّم اقتناء أصنام الترافيم، وإن كانت لا تُمانع فيارتباط شخصيات العهد القديم بها. ومع هذا، فثمة إشارات أخرى في العهد القديم تساويبين الترافيم وخطبة العرافة (صموئيل أول 15/23) وتبيَّن أن يوشيا في إصلاحه الدينيأباد « السحرة والعرافين والترافيم والأصنام وجميع الرجاسات التي رئيت في يهودا وفيأورشليم » (ملوك ثاني 23/24). ومع ذلك، فقد وُجد بين اليهود من يسأل عن الترافيمحتى بعد الرجوع من بابل.
    ولعل هذا التأرجح بين موقفين متناقضين تماماً هوتعبير آخر عن الخاصية الجيولوجية في اليهودية.

    الأفـود(أصنام)
    Ephod
    «إفود» كلمة عبرانية لا يُعرَف معناها على وجه الدقة، وهيتُستخدَم في العهد القديم كمصطلح له معنيان مختلفان:

    1
    ـ فهو يجئ بمعنىصورة أو صنم تشبه الترافيم، في شكلها وطبيعتها ووظيفتها، كانت توضع في الهيكل. وقدصنع جدعون إفوداً لأعضاء جماعة يسـرائيل وأضلهم (قضاة 8/24 ـ 27). وقد صـنع ميخا،من قبيلة إفرايم، إفوداً وترافيم. ويبدو أن الهيكل في نوب كان يضم، في زمن شاؤول،إفوداً خُبئ وراء سيف جوليات (صموئيل أول21/10). وقد استمر استخدام الإفود حتى عصرالملوك. ولا نعرف بالضبط ما وظيفة الإفود، ويبدو أنها لم تكن موضع عبادة جماعةيسرائيل (على الأقل ليس دائماً) وإنما كانت تُستخدَم في معرفة المستقبل والتنبؤ به.وعلى أية حال، فإن استخدام صورة الزنى المجازية للإشارة إلى ما فعله أعضاء جماعةيسرائيل مع جدعون أمام الإفود يدل على قيامهم بشكل من أشكال العبادة الوثنية.

    2
    ـ المعنى الثاني يشير إلى رداء كان يرتديه الكاهن الأعظم. وقد ارتدىصموئيل إفوداً من الكتان وهو في شيلوه (صموئيل أول 2/18). وكذلك داود، حينما أحضرتابوت الإله إلى القدس (صموئيل ثاني 6/14). والإفود هو أيضاً رداء الكاهن الأعظم.

    والإفود بمعناه الأول، واستمرار وجوده، وارتباط جماعة يسرائيل به، يدل علىأن عبادة يسرائيل القربانية كانت تتضمن عناصر كثيرة غير توحيدية.

    خيمــــة الاجتمـــــاع (خيــــمة الشــــهادة)
    Tabernacle; Sanctuary; Tent of Congregation
    «خيمة الاجتماع» أو «خيمةالشهادة» يقابلها في العبرية كلمة «مشكن»، أي «مسكن»، وكذلك «أوهيل موعيد»، أي «خيمة الاجتماع»، وهي خيمة أو خباء كان يحملها العبرانيون القدامى (جماعة يسرائيل)في تجوالهم، وكانت تُقام خارج المضارب ليسكن الإله فيها بين شعبه (حسب التصورالعبراني) وليكشف فيها عن وجوده ويُبلغ إرادته، وليتوجَّه إليه فيها من يطلبه (خروج 33/7 ـ 11). فهو خباء المحضر أو خيمة الاجتماع. كما سُمِّيت أيضاً «بيت الإله».وعبارة «خيمة الاجتماع» تعبير عن الطبقة الحلولية قبل اكتمال الثالوث الحلولي (الإله - الشعب - الأرض) إذ لا يوجد سوى العنصرين الأول والثاني وحسب، ومن هناتنقلهما في طريقهما إلى العنصر الثالث لتكتمل دائرة القداسة وتنغلق.

    وفييوم اكتمال بناء الخيمة، أظهر الإله ذاته على هيئة سحابة غطَّت الخيمة وملأتها.وبعد ذلك، تحوَّلت السحابة إلى عمود يسير أمام أعضاء جماعة يسرائيل في رحلاتهم،فكان إذا وقف العمود فوق الخيمة ينزل الشعب، وإذا انتقل نُقلت الخيمة وتبع الجمهورالسحابة. وفي الليل، كانت السحابة تستحيل إلى عمود نار فيكون الإله سائراً أمامهم (خروج 13/20 ـ 22،40/34 ـ 37، عدد 9/15 ـ 23، 10/33 ـ 36، 11/24 ـ 25). وقد أتى وصفخيمة الاجتماع في سفر الخروج (26 ،27، 35، 38 ): قاعدتها مستطيلة، طولها ثلاثونذراعاً وعرضها عشر أذرع وارتفاعها عشر أذرع أيضاً، وزواياها قائمة. والخيمة تكونمحاطة بسور. وفي الفناء، بين الخيمة والباب الخارجي، كان يُقام مذبح المحرقة،وبجواره مغسلة من النحاس بين باب الخيمة والمذبح (بحر النحاس) يكون فيها ماء لغسلأيدي وأرجل الكهنة عند دخولهم المقدَّس. أما الجزء الداخلي، فيكون في أوله علىاليمين مائدة خبز القربان (أو خبز الوجه «ليحيم هابانيم»)،وعلى اليسار شمعدانالمنيوراه فمذبح البخور الذهبي الذي يُحرَق فيه البخور ليل نهار، ثم قلب المقدَّسالذي يُسمَّى «قدس الأقداس» ويضم تابوت العهد.وتُسمَّى خيمة الاجتماع «خيمةالشهادة» أيضاً لأنها تحوي لوحي الشهادة والوصايا العشر.

    ويعكـس الجزءالكهنوتي من أسـفار موسى الخمسـة، في جانب منه، الفكر الديني لكهنة هيكل القدس،والذي يعلق أكبر الأهمية على أن يسكن الإله وسط شعبه. ومن هنا، فقد نقل ذلك الجزءمقر الخيمة من خارج المضارب أو المحلة إلى وسطها. وأصبح التصور أن الخيمة تنصب فيالوسط، تحيط بها خيام الكهنة واللاويين ثم خيام بقية القبائل حواليهم في أربعةأقسام. وعندما انتهت رحلات الشعب، استقرَّت الخيمة في الجلجال (أول معسكر لجماعةيسرائيل بعد عبور الأردن ودخول أرض كنعان) ثم نُقلت إلى شيلوه حيث بقيت مدةثلاثمائة أو أربعمائة سنة، ومنها انتقلت إلى جبعون ثم إلى الهيكل الذي تشبه بنيتهبنية خيمة الاجتماع.

    ويُلاحَظ تأثير هندسة المعبد المصري في خيمة الاجتماعبتقسيمها إلى المقدس وقدس الأقداس. ولا شك في أن تنظيم الكهنة هرمياً كان ذا أصلمصري أيضاً، فكان لا يُسمَح إلا لكبار الكهنة بدخول المقدس، ولم يكن يدخل قدسالأقداس سوى كبيرهم.

    وكان أعضاء جماعة يسرائيل، كما تَقدَّم، يحملون خيمةالاجتماع معهم أينما ذهبوا، لتُقام في وسط مساكنهم. وقد أثارت إقامة مكان واحدللعبادة وتقديم القرابين جدلاً بين الكهان فيما بعد، فرأي كهان الهيكل المرتبطونبالحكومة المركزية أن القرابين لا تجوز إلا في الهيكل الكائن في العاصمة، والذي هوامتداد لخيمة الاجتماع. بينما رأي فريق آخر أن الحكمة من جعل الخيمة متنقلة هي جوازتقديم القرابين في أي معبد من المعابد المحلية.
    وكلمة «تابرناكل Tabernacle» الإنجليزية تشير إلى كل من خيمة الاجتماع والسوكاه التي تُقام في عيدالمظال.

    تابوت العهد (تابوت الشهادة - سفينة العهد)
    Ark of the Covenant
    «تابوت العهد» أو «تابوت الشهادة» يقابلها في العبرية «أرون هابريت يهوه»، أي «تابوت ميثاق يهوه»، أو «تابوت يهوه صباءوت»، أي «ربالجنود» أو «التابوت المقدَّس». وفي اللغة العبرية، توجد كلمتان «تيبا» و«أرون»،بمعنى «صندوق»، وتُترجَمان إلى كلمة «آرك» الإنجليزية.

    لكن الكلمة الأولىلا تُستخدَم إلا للإشارة إلى سفينة نوح، أو الصندوق الذي وُضع فيه موسى. أماالثانية، فتُستخدَم في سياق ديني بمعنى تابوت أو صندوق. وتابوت العهد من أكثرالأشياء المقدَّسة تعبيراً عن النزعة الحلولية في اليهودية، فكان أعضاء جماعةيسرائيل يتصورون أن روح يهوه تحل فيه، وكان الكهنة يحملونه في المعارك على أعمدةطويلة كرمز واضح على وجود يهوه وسط الجنود. وجاء في سفر العدد أن العبرانيين عندمارحلوا في البرية في أيام التيه، كان التابوت يُحمَل أمام الشعب، ويتقدمه عمودالسحاب نهاراً وعمود النار ليلاً. وكان إذا حُمل التابوت يقول: «قم يارب فلتتبددأعداؤك ويهرب مبغضوك من أمامك ». وإذا حل التابوت يقول أيضاً « ارجع يارب إلى ربواتألوف يسرائيل » (عدد 10/33 ـ 36). وكان هذا التابوت يُعَدُّ أكثر الأشياء الشعائريةقداسة عند العبرانيين القدامى.

    وحينما يكفُّ العبرانيون عن الترحال، كانالتابوت يوضع في قدس الأقداس، داخل خيمة الاجتماع، حيث لا يراه إلا الكاهن الأعظمفي يوم الغفران. ولكنهم كانوا يخرجونه أثناء معاركهم الحربية، فهو يضمن لحاملهالنصر، وهو الذي يُوجِّه الجنود أثناء المعارك.

    وجاء وصف التابوت في سفرالخروج (25/10 ـ 22)، وهو صندوق مصنوع من خشب السنط طوله ذراعان ونصف، أي ثلاثةأقدام وثلاثة أرباع القدم، وكلٌّ من عرضه وارتفاعه ذراع ونصف، أي قدمان وربع القدم،مُحلَّى بالذهب من الداخل والخارج، يقف عليه ملاكان (كروبان) ناشرين أجنحتهما رمزاًللوجود الإلهي (شخيناه) بين الشعب المختار. وأصبح التابوت ذاته رمزاً للعرش الإلهي.ويُقال إن الإله قد أخبر موسى بأنه سيقابله بين الملاكين. ولم يكن يُسمَح لأحد بأنيمس التابوت باعتباره محرماً (تابو). وكان التابوت يحتوي على المن، وعصا هارون،ولوحى الشريعة أو العهد، ثم وُضع بجانبه كتاب التوراه، ولكن المن وعصا هارون كاناقد اختفيا مع حكم سليمان. ومن الواضح أن في هذا الوصف إسقاطاً لقيم وتخيلات مرحلةمركبة لاحقة على مرحلة التيه التي كانت تتَّسم بالبساطة والبداوة. كما أنه، بتطورالديانة اليهودية، جرى تفسير وجود التابوت تفسيراً أكثر عمقاً من التفسير السابق.فقد أصبح التابوت شيئاً مقدَّساً بناه موسى تنفيذاً لأمر الإله (ليضع فيه اللوحيناللذين كتب عليهما الوصايا العشر) ليحمله أعضاء جماعة يسرائيل معهم في ترحالهم، علىأن يقوم أعضاء من سبط اللاويين بحمله. ثم وُضعت التوراة بجانب اللوحين، ومن ثم فإنهيُسمَّى أحياناً «تابوت الشهادة». وصار التابوت رمزاً للعهد مع الإله، وأصبح تلامُسجناحي الملاكين رمزاً للزواج المقدَّس بين الشعب والإله.

    بقي التابوت مدةبالخيمة في الجلجال، ثم نُقل إلى شيلوه حين وقع في أيدي الفلستيين الذين أخذوه إلىأشدود ووضعوه بجانب صنم داجون. وحسب الرواية التوراتية، اضطر الفلستيون إلى إرجاعهبسبب الكوارث التي حاقت بهم، ثم نقل إلى القدس (بعد 300 أو 400 سنة) أثناء حكمداود. وقد حفظ سليمان التابوت، في قدس الأقداس بالهيكل، وسط العالم تماماً، وأمامهحجر الأساس الذي هو مركز الدنيا (حسب التصور اليهودي).

    ويُقال إن منَسَّىوضع تمثالاً منحوتاً بدلاً من التابوت داخل الهيكل غير أن يوشيا أرجعه، وقاليوسيفوس عن التابوت إنه « لم يكن يحتوي على أي شيء بالمرة ».

    ولم يأت ذكرالتابوت ضمن الغنائم التي حملها البابليون معهم وأُعيدت فيما بعد. وثمة رأي يقول إنالتابوت من بين مواد العبادة الشعائرية لقبيلة إفرايم، ويُوجَد داخله حجران يحلفيهما يهوه. كما يرى جوستاف لوبون أن تابوت العهد مقتبس من الفكر المصري القديمالذي كان يعرف نظائر عدة لهذا التابوت المقدَّس (مراكب الشمس). لكن الطقوس الدينيةالتي كانت تحيط بتابوت العهد تشير إلى طبيعة العبرانيين البدوية، كما تشير إلى أنهمكانوا شعباً متنقلاً كثير الترحال. ولا يُعرَف، على وجه الدقة، مصير هذا التابوت.فعند بناء الهيكل الثاني، لم يكن له من أثر ولم يأت ذكره، وإن قيل إنه مخبّأ فوقأحد الجبال أو تحت الهيكل إلى أن يعود الماشيَّح. وهناك رأي يذهب إلى أنه أُعيدبناؤه في هيكل هيرود. وعلى أية حال، فإن تابوت العهد لم يختف دون أن يترك أثراً فيالديانة، وتابوت لفائف الشريعة هو امتداد لفكرة تابوت العهد. وهناك اعتقاد عندالإثيوبيين بأن تابوت العهد (الأصلي) موجود في إثيوبيا.





  8. #28
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    البابالثانى عشر: الهيكل



    الهيـــكل والعبــــادةالقربانيـــة المركزيـــة
    The Temple and the Central Sacrificial Cult
    «الهيكل» كلمة يقابلها في العبرية «بيت همقداش»، أي «بيت المقدس»، أو «هيخال»،وهي كلمة تعني «البيت الكبير» في كثير من اللغات السامية (الأكادية والكنعانيةوغيرهما). والبيت الكبير أو العظيم هو الطريقة التي كان يُشار بها إلى مسكن الإله،فكلمة «فرعون» تعني «البيت الكبير» وهي تشبه إلى حدٍّ ما عبارة «الباب العالي». وقدتبدَّت الطبقة الحلولية اليهودية التي تراكمت داخل التركيب الجيولوجي اليهودي فيشكل تقديس الأرض الذي تمثَّل في عبادة يسرائيل والعبادة القربانية المركزيةالمرتبطة بالدول العبرانية المتحدة (1020 ق.م) التي قام الكهنة بالإشراف على إقامةشعائرها. ومركز هذه العبادة القربانية هو الهيكل.

    ومن أهم أسماء الهيكل «بيت يهوه»، لأنه أساساً مسكن للإله وليس مكاناً للعبادة (على عكس الكعبة مثلاً).ومن هنا، ورغم أنه كان مصرَّحاً للكهنة بل لعبيد الهيكل بالدخول فيه، فلم يكنيُسمَح لهم بالتحرك فيه بحرية كاملة. ولم يكن يُسمَح لأحد على الإطلاق بدخول قدسالأقداس إلا الكاهن الأعظم في يوم الغفران.

    والهيكل أهم مبنى للعبادةاليسرائيلية، ومركز العبادة القربانية المركزية. وبعد هدمه عام 70م، لم يحل محلهمبنى مركزي مماثل. وكان يحج إليه اليهود في أعياد الحج الثلاثة: عيد الفصح، وعيدالأسابيع، وعيد المظال. وبعد العودة من بابل، كان السنهدرين يجتمع في إحدى القاعاتالملحقة به.

    وفي بداية عباداتهم كان العبرانيون، أعضاء جماعة يسرائيل،يحملون في تجوالهم تابوت العهد الذي كان يُوضَع في خيمة الشهادة أو الاجتماع. ومعاستقرارهم في كنعان كانوا يُقدِّمون الضحايا والقرابين والهبات للآلهة في هيكل محليأو مذبح متواضع مبني على تل عال يُسمَّى «المذبح» أو «المحرقة». وكان هذا الوضعتعبيراً عن استقلالية القبائل وعلاقتها الفيدرالية. ومع هذا كان تابوت العهديُعَدُّ مركز العبادة اليسرائيلية. وبعد تدمير شيلوه (1050 ق.م)، وبعد استيلاءالفلستيين عليه أحضره داود إلى جبل صهيون في القدس حيث بنى خيمة له. وقد ظهرت مراكزالعبادة اليسرائيلية في أماكن مختلفة، ولكن أياً منها لم يفلح في أن يصبح مركزاًدينياً لكل القبائل العبرانية المتناثرة. ولذا فمع تَركُّز السلطة في يد الملوكتركزت العبادة القربانية نفسها في مكان واحد هو الهيكل في القدس. والتي كانت تقععلى الحدود بين عديد من القبائل، كما أنها لم تكن تابعة لأيٍّ من القبائل باعتبارأنها من المدن التي تم الاستيلاء عليها مؤخراً. ولكل هذا، أصبحت القدس مركزاًدينياً للقبائل العبرانية، ومن ثم لعبادة يسرائيل القربانية. وتاريخ بناء الهيكل هوأيضاً تاريخ تَحوُّل عبادة يسرائيل (البدوية المتجولة أو القبلية الفدرالية) إلىالعبادة القربانية المركزية (المستقرة).


    الهــــيكل:مكانـته فـــي الوجـــــدان اليهــــودي
    TheTemple: Its Status in the Jewish Imagination
    يشغل الهيكل مكانة خاصة في الوجدان اليهودي، كما يعبِّر عن التيارالحلولي، فهو يُسمَّى «لبنان» لأنه يُطهِّر يسرائيل من خطاياها ويجعلها بيضاءكاللبن (وبذلك تم ربط الكلمة العبرية «لبن» بكلمة «لبنان»). وكان التصور أنه يقع فيمركز العالم فقد بُنيَ في وسط القدس التي تقع في وسط الدنيا (فقدس الأقداس الذي يقعفي وسط الهيكل هو بمنزلة سُرَّة العالم، ويُوجَد أمامه حجر الأساس: النقطة التيعندها خلق الإله العالم). والهيكل كنز الإله مثل جماعة يسرائيل، وهو عنده أثمن منالسماوات بل من الأرض التي خلقها بيد واحدة بينما خلق الهيكل بيديه كلتيهما. بل إنالإله قرَّر بناء الهيكل قبل خلق الكون نفسه، فكأن الهيكل مثل اللوجوس (أو الكلمةالمقدَّسة)، أو ابن الإله في اللاهوت المسيحي.

    ويبدو أن الحاخامات اليهودقد أخضعوا الهيكل، منذ البداية، لكثير من التأملات الكونية. ويذهب أحد العلماء إلىأن هذه التأملات هي وحدها التي تفسر معمار الهيكل وتصميمه. وقد أورد يوسيفوس بعضهذه التأملات، فذكر أن الفناء الذي يحيط بالهيكل بمنزلة البحر، والمقدَّس هو الأرض،وقدس الأقداس هو السماء، والرقم (12)، وهو تعداد كثير من الأشياء الشعائرية، هوشهور السنة. بل إن رداء الكاهن الأعظم كان له أيضاً المغزى الكوني نفسه.

    ويبدو أن الصورة المجازية الأساسية في القبَّالاه هي المقابلة بين الإنسانوالكون، فالإنسان كون صغير (ميكروكوزم) يشبه الكون الأكبر (ماكروكوزم)، وهو تَصوُّريعود إلى التأملات المبكّرة للحاخامات حيث كانوا يرون أن الهيكل يشبه جسم الإنسان.

    ويشكل هدم الهيكل صورة أساسية في الوجدان الديني اليهودي، فهو يُذكَر عندالميلاد والموت. وعند الزواج، يُحطَّم أمام العروسين كوب فارغ لتذكيرهم بهدم الهيكل (وقد يُنثَر بعض الرماد على جبهة العريس). وفي الماضي، حينما كان اليهودي يطليمنزله، كان الحاخامات يوصـونه بأن يترك مربعاً صـغيراً دون طـلاء حتى يتذكر واقعةهدم الهيكل. وفي كل عام، يُحتفَل بذكرى هدم الهيكل بالصيام في التاسع من آب. وعندكل وجبة، ومع كل صلاة في الصباح، يتذكر اليهود الأتقياء الهيكل، ويصلون من أجل أنتتاح لهم فرصة العودة إلى الأرض المقدَّسة والاشتراك في بناء الهيكل. كما تُتلَىصلاة خاصة في منتصف الليل حتى يُعجِّل الإله بإعادة بناء الهيكل. ويذهب الشرعاليهودي إلى أن اليهودي يتعيَّن علىه أن يمزِّق ثيابه حينما يرى الهيكل لأول مرةوبعد مرور ثلاثين يوماً من آخر مرة رآه فيها. وفي القبَّالاه، يشكّل قدس الأقداسالمخدع الذي يضاجع فيه الملك، أي الإله، عروسه ماترونيت أو الشخيناه (وهي التعبيرالأنثوي عن الإله، وهي أيضاً جماعة يسرائيل). ومن ثم، فإن هدم الهيكل يعني نفيالشخيناه، أي جماعة يسرائيل. ولكن هذا النفي ينعكس على الإله نفسه « فالملك بدونهاليس بملك وليس بعظيم ولا يُسبِّح أحد بحمده » على حد قول الحاخامات، أي أن هدمالهيكل يؤدي إلى شتات الشخيناه/الشعب وإلى نفيها. ومن ثم، فإن هدم الهيكل يؤدي إلىشتات الإله وبعثرته ونفيه. وهذا ممكن داخل إطار حلولي حيثيصبح الإله متوحداًتماماً مع مخلوقاته لا يفصل بينهما فاصل، وحيث يعني نفي الواحد نفي الآخر.

    ويرى الصهاينة أن ظهور الصهيونية يعود إلى اللحظة نفسها التي هدم فيهاتيتوس الهيكل وفرض على اليهود الشتات. وهم، بهذا، يعلمون الصورة الأساسية فيالوجدان اليهودي، ويتبنونها كصورة أساسية في فكرهم السياسي، فيعمقون تَزاوُج الدينيوالدنيوي. ويقوم الصهاينة بالتأريخ لوقائع تاريخ العبرانيين، وتواريخ أعضاءالجماعات اليهـودية في فلسـطين، بمصطلحات مثـل «الهـيكل الأول» و«الهـيكل الثاني».ويشير بن جوريون وكثير من العلماء الإسرائيليين إلى دولة إسرائيل باعتبارها «الهيكلالثالث».

    هيـــكل ســـليمان
    Solomon's Temple
    اشترىداود أرضاً من أرونا اليبوسي ليبني فيها هيكلاً مركزياً، ولكنه لم يشرع هو نفسه فيعملية البناء (وتبرر التوراة ذلك بأن الرب منعه من ذلك لوقوعه في خطأ قتل أورياالحيثي)، فوقعت المهمة على عاتق ابنه سليمان الذي أنجزها في الفترة 960 - 953 ق.م.ولذا، فإن هذا الهيكل يُسمَّى «هيكل سليمان» أو «الهيكل الأول». وحسب التصوراليهودي، قام سليمان ببناء الهيكل فوق جبل موريا، وهو جبل بيت المقدس أو هضبة الحرمالتي يُوجَد فوقها المسجد الأقصى وقبة الصخرة. ويُشار إلى هذا الجبل في الكتاباتالإنجليزية باسم «جبل الهيكل» أو «تمبل ماونت Temple Mount»، وهو بالعبرية «هرهبايت»، أي «جبل البيت» (بيت الإله).

    ومن الصعب الوصول إلى وصف دقيق لهيكلسليمان، فالمصدران الأساسيان لمثل هذا الوصف هما كتاب الملوك الأول (6/8)، والأخبارالثاني (2/4) في العهد القديم، وهما مختلفان في عديد من التفاصيل المهمة. كما أنالمصادر الأخرى تعطي تفاصيل تناقض أحياناً تلك التي وردت في هذين المصدرينالأساسيين.

    وهيكل سليمان جزء من مُركَّب معماري ملكي يضم قصر الملك ومبانيأخرى، مثل: بناء للصناع، وقاعة للاجتماعات، وبهو للعرش، وبـهو للمحكمـة العليا،وبناء كبير للحريم، وبيت لابنة فرعون زوجة سليمان. وكان هذا المركب المعماري ملحقاًبه المذبح الصغير الذي يضم تابوت العهد. وكان يحيط بكل هذه المباني فناء واسع. وكانمثل هذه المركبات المعمارية أمراً شائعاً في الشرق الأدنى القديم. وقد أُقيم هيكلسليمان مكان المذبح الصغير، يحيط به فناء مقصور عليه، أعلى من الفناء الخارجي، ومنثم فهو يفصله عن المركب المعماري الأكبر. وكان أفراد الشعب، أو (العبرانيون أوجماعة يسرائيل) يجتمعون في هذا الفناء في مواسم الحج والمناسبات الأخرى. وكانت هناكعدة بوّابات يمكن دخول فناء المعبد من خلالها. وثمة إشارة إلى البوابة العليا،وبوابة الملك، والبوابة الجديدة، وبوابة المجلس، وبوابة السجن، ولكننا لا نعرفمواقعها الحالية على وجه الدقة. وتبلغ أبعاد هيكل سليمان 90 قدماً طولاً و30 قدماًعرضاً و45 قدماً ارتفاعاً. وهو لا يختلف كثيراً في تقسيمه الثلاثي (المدخل، والهيكلأو البهو المقدَّس، وقدس الأقداس) عن الهياكل الكنعانية. كما تم العثور على هيكل فيسوريا، بجوار قصر ملكي يعود تاريخه إلى القرن الثامن أو التاسع قبل الميلاد، يكاديكون نسخة من هيكل سليمان.

    ولوصف محتويات الفناء (كما يراها المتقدم منالخارج إلى الداخل)، نقول: على يمين الداخل إلى المعبد، ساحة تسميها بعض المراجعساحة الكهنة. وعلى مقربة من المعبد نفسه، هناك حوض مصبوب من البرونز لحرق الذبائح،وعلى اليسار يوجد حوض يُسمَّى «بحر النحاس» أو «البحر المسبوك»، وهو إناء ضخمقاعدته مكونة من اثنى عشر ثوراً تمثل القبائل العبرانية، وتتجه كل ثلاثة منها إلىإحدى الجهات الأصلية. وكان الكهنة يغتسلون في هذا الحوض، ولكن بعض الباحثين يذهبونإلى أنه ذو دلالة رمزية فقط وليست له أية وظيفة عملية. ويبدو أنه كان هناك أيضاًعشرة أحواض من النحاس تُغسَل فيها الذبائح.



    ثم يصعد الداخل عشر درجات (1) (الأرقام تقابل تلك الموجودة في مخطط هيكل سليمان) في مرقاة تفضي إلى رواق معمَّد،وهناك سيجد عمودي ياقين (2) وبوعز (3) يقفان بلا سقف يحملانهما، ويُقال إنهما قديكونان رمزين لآلهة دينية بدائية قديمة. ويذهب أحد علماء العهد القديم إلى أنهماكانا يُستخدمان كمذبحي نار تُحرَق فيهما شحوم الحيوانات، أو ربما كانا رمزين لشجرةالحياة أو مبخرتين. ويذهب أحد العلماء إلى أن كلمتي «ياقين» و«بوعز» هما أول كلمتينفي شعارين ملكيين، أولهما يقول: "ليؤسس (ياقين) الرب عرش داود ومملكته لورثته إلىالأبد"، ويقول الثاني: "بمقدرة (بوعز) الرب سيفرح الملك". كما أن هناك رأياً آخريذهب إلى أن العمودين هما رمز الشمس والقمر، أو رمز عمود الدخان وعمود النار اللذينكانا يتقدمان العبرانيين في الصحراء. وبعد العمودين، توجد قاعة المدخل (4) بعداها 25, 16 و32 قدماً، ويُطلَق عليها لفظ «أولام» (والكلمة من الأكادية وتعني الواجهة)،ووظيفتها فصل الهيكل (المقدَّس) عن العالم الخارجي (المدنَّس). ويُوجَد في الواجهةباب المعبد الخارجي الذي يفتح على البهو المقدَّس(5)، والذي يُشار إليه باسم «بيتهامقداش» أي «البيت المقدَّس» أو «بيت أدوناي»، أي «بيت الإله». وهو أيضاً «الهيكل»و«الحرم» و«المقدَّس»، وبعداه 65 و32.5 قدم، وهو الجزء الذي كانت تتم فيه معظمشعائر العبادة القربانية، فكأنها هي الهيكل وما عداها ملحقات.

    وكانت حوائطالبهو المقدَّس وأرضه مغطاة بخشب السرو، وكانت الحوائط مطعمة بالذهب ومنقوشة عليهاصور نخيل وأزهار وملائكة. أما سقفه وأبوابه فكانت من خشب الأرز، يقف على جانبيهعشرة شمعدانات ذهبية (مينوراه)، خمسة عل كل جانب، ويُقال إنها كانت موضوعة على عشرموائد. كما أن الهيكل كان يضم مذبحاً للبخور مطعماً بالذهب (ويُلاحَظ أن الأوانيالقربانية الموجودة خارج الهيكل مصنوعة من البرونز أو النحاس، أما داخله فمن الذهب،وهو ما يرمز إلى تَزايُد درجات القداسة). وكان الهيكل يضم أيضاً مائدة «خبزالتقدمة» أو «خبز الوجه» الذي يُقدَّم لوجه الإله. وهذه عادة وثنية حيث كان الكهانيقومون بإطعام الإله (كما كان الحال عند المصريين القدماء). وكان هـذا الجزءالداخلي من الهـيكل مزوداً بنوافذ، ولا يدخله سوى الكهنة، وإن كان يُسمَح عندالضرورة بدخول عبيد الهيكل للقيام بالأعمال التي لا قداسة لها. ويلي ذلك بابان منخشب الأرز مطعمان بالذهب ويفتحان على غرفة مربعة (32.5× 32.5 قدم) لا نوافذ لها،أرضها أكثر ارتفاعاً من أرض الهيكل، ولذا فإن ارتفاع الحجرة كان 32.5 قدم أيضاً وهوما يجعلها مكعباً تماماً. هذه الغرفة هي قدس الأقداس (6) التي لا يدخلها سوى كبيرالكهنة في يوم الغفران، فينطق باسم يهوه الذي كان محرَّماً على اليهود النطق به.وفي داخل محراب قدس الأقداس نفسه، يوضع تابوت العهد أو تابوت الشهادة، وعلى يمينهويـساره كان هنـاك تمثالا مـلاكين (كروبين) مذهبان من خشـب الزيتون بارتفـاع 10أذرع وطـول جنـاح الملاك 5 أذرع، وهما رمز الحماية الإلهية. وتابوت العهد أهمالأشياء الشعائرية لأنه إذا كان الهيكل بيت الإله، فالتابوت هو المكان الذي يرمزإلى وجوده في الهيكل، وإلى حلوله بين الشعب. والهيكل يتجه من الغرب إلى الشرق،وتحيط به مبانٍ من ثلاثة طوابق من جميع الجوانب ما عدا البوابة، وقد كانت هذهالمباني مقسمة إلى حجرات وصوامع لتخزين الأواني والكنوز والهدايا بل أحياناًالأسلحة (7). وقد بُني الهيكل على هيئة قلعة الأمر الذي كان يدعم دوره في السياسةالمحلية والدولية كمصدر للشرعية.

    وكان العبرانيون القدامى يجهلون أصول فنونالهندسة والعمارة وألوان الفنون الأخرى، نظراً لحياتهم البدوية كرعاة، ونظراً لعدموجود تقاليد حضارية ثابتة لديهم، على خلاف الحال في مصر وبعض البلاد المجاورة. ولكلهذا، فحينما بدأ سليمان في تشييد الهيكل، استجلب المهندسين والبنائين من صيدا وصور،إذ ساعده ملكها وحليفه حيرام فصنع له أواني الهيكل التي قام بتنفيذها رجل نصف يهوديمن صور. أما الأعمال التي لا تحتاج إلى كثير من المهارة، فقد حُشد لها 180 ألف عامل (30 ألف عبراني و150 ألف كنعاني، وكان هناك ثلاثة آلاف يعملون رؤساء للعمال). وكانالعمال مسخرين على ما جرت به العادة في تلك الأيام. وقد تم استيراد القسم الأعظم منمواد البناء من فينيقيا. وثمة إشارة في العهد القديم، وفي الأساطير الدينيةاليهودية، إلى عدم استخدام أية أدوات حديدية في قطع أحجار البناء. وقد كرس سليمانجزءاً كبيراً من ثروة الدولة والأيدي العاملة فيها لبناء الهيكل. ولذا، فبعدالانتهاء منه، قامت عدة ثورات انتهت بانقسام الدولة العبرانية المتحدة وتساقطالعبادة القربانية المركزية.

    وكما أسلفنا، لا يختلف هيكل سليمان في معمارهعن الهياكل الكنعانية التي يبدو أنها تأثرت بالطراز الفرعوني الذي أخذه الفينيقيونمن مصر وأضافوا إليه ما أخذوه من الآشوريين والبابليين من ضروب التزيين. ولذلك، فإنالطراز الذي بُني عليه الهيكل يُسمَّى «الطراز الفرعوني الآشوري»، وذلك على عكسهيكل هيرود الذي اتبع أساليب المعمار اليوناني الروماني. وقد كان العبرانيونيعتقدون أن هيكل سليمان إحدى عجائب العالم، لكن هذا كان راجعاً إلى جهلهم بأن هناكمعابد مصرية وآشورية عجيبة في ضخامتها.

    وقد فقد الهيكل كثيراً من أهميتهعند انقسام مملكة سليمان إلى مملكتين صغيرتين (928 ق.م)، إذ شيَّد ملوك المملكةالشمالية مراكز مستقلة للعبادة. فبنى يربعام معبدين أو هيكلين أحدهما في دانبالشمال والآخر في بيت إيل، وجعل فيهما عجولاً ذهبية، واتخذهما مزاراً ملكياًمقدَّساً له. وقد أحاط المعبدين بهالة من القدسية حتى يضرب العبادة المركزية ويحولدون ذهاب مواطني مملكته إلى هيكل القدس. ورغم التحالفات التي كانت تُعقَد أحياناًبين ملوك الشمال والجنوب، فإن الهيكل لم يستعد قَطّ مركزيته القديمة. ومن المعروفكذلك أن أونياس الثالث (أو الرابع)، الكاهن اليهودي الأعظم الذي خُلع من منصبه فيفلسطين، فرّ إلى مصر وشيَّد معبداً آخر (في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد) فيلينتوبوليس على موقع أحد المعابد المصرية القديمة، وذلك بهدف تقديم الخدمات الدينيةللجماعة اليهودية في مصر. وقد تم ذلك بإيعاز من البطالمة لخلق مركز جذب يهودي فيمصر يهيمن عليه البطالمة. وكثيراً ما كان ملوك اليهود يضطرون إلى إدخال العباداتغير اليهودية تعبيراً عن تحالفاتهم السياسية. فأنشأ سليمان مذابح لآلهة زوجاتهالأجنبيات، الأمر الذي يتنافى مع مبدأ التوحيد. كما أن العبادات المختلفة كانتتعبيراً عن التبعية السياسية، فقد أدخل منَسَّى العبادة الآشورية تعبيراً عن خضوعهللآشوريين. وهجم فرعون مصر شيشنق على مملكة يهودا ونهب نفائس الهيكل، كما هاجمهيوآش ملك المملكة الشمالية ونهبه هو الآخر. وقد هدم نبوختنصر البابلي هيكل سليمانعام 586 ق.م، وحمل كل أوانيه المقدَّسة إلى بابل.









  9. #29
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    هيـــكلزروبابــــل
    Zerubabel's Temple
    مع هدم هيكل سليمان قام زروبابل (أحد كبارالكهنة الذين سمح لهم الإمبراطور الفارسي قورش بالعودة إلى فلسطين) بإعادة بناءالهيكل في الفترة 520 ـ 515 ق.م، أي في أربعة أعوام (في حين استغرق بناء هيكلسليمان سبعة أعوام)، ويُسمَّى هذا الهيكل «هيكل زروبابل». ويذكر العهد القديم أنالهيكل الثاني بُني بأمر من إله يسرائيل، وبأمر أباطرة الفرس: قورش ودارا الأولوأرتحشتا (عزرا 6/14). ولذا، فقد كانت تُقدَّم فيه قرابين يومية لصالح حامي صهيونالوثني. وكان مرسـوماً على مدخله خريطة لمدينة سوسة عاصمة الإمبراطورية الفارسية.ولم يكن هذا الهيكل (هيكل زروبابل) في عظمة هيكل سليمان. ولا تُوجَد إشارات كثيرةإلى شكله المعماري ولا إلى تقسيمه، ولكن معظم الباحثين يميلون إلى القول بأنه لميكن يختلف كثيراً عن الهيكل الأول في بنيته، ويعود هذا إلى أنه حينما هاجم نبوختنصرهذا الهيكل، فإنه لم يهدمه وإنما نهبه وحرقه. ولكن لم تحترق سوى الأجزاء الخشبيةكالسقف والبوابات الخشبية وكسوة الحوائط الخشبية. أما الهيكل المعماري، فقد بقي كماهو، فاستخدمه العائدون من بابل دون تغيير. أما فيما يتصل بمحتويات الهيكل، فنحننعرف أن قدس الأقداس كان فارغاً تماماً لأن سفينة العهد قد اختفت، ولم تكن توجد سوىصخرة عالية يضع الكاهن الأعظم عليها المبخرة. وكان هيكل زرو بابل يضم أيضاً أوانيهيكل سليمان الأخرى كالشمعدانات الذهبية ومائدة قربان الوجه ومذبح البخور.

    وقد لعب هذا الهيكل، مثله مثل سابقه، دوراً أساسياً في إسباغ شرعية على فئةالكهنة التي صارت الفئة الإدارية الأساسية في مقاطعة يهود (أو يهودا) الفارسية.ولأن النظام الملكي لم يُسترجَع، فقد اكتسبت النخبة الكهنوتية والعبادة القربانيةأهمية خاصة، وأصبح استرجاع الملكية جزءاً من عالم آخر الأيام وحسب. وقد نهبأنطيوخوس الرابع هذا الهيكل في القرن الثاني قبل الميلاد، وبنى فيه مذبحاً لزيوس.ويُقال إن خلفاءه قدموا أواني الهيكل للمعبد اليهودي في أنطاكية. وعند اندلاعالتمرد الحشموني، أعاد المتمردون تكريس الهيكل ووُضعت فيه أوان وأدخلوا عليه بعضالتعديلات. وقد اجتاحه بومبي، ونهبه كراسوس بعد ذلك.

    هيكـلهــيرود (الهيـكل الثـــاني)
    (Herod's Temple (Second Temple
    «هيكل هيرود»هو الهيكل الذي بناه الملك هيرود (27 ق.م ـ 4م) الذي عيَّنه الرومان ملكاً، أيحاكماً رومانياً يحمل لقب «ملك» ويشار إلى هذا الهيكل بأنه «الهيكل الثاني». وفيبعض الأحيان يُستخدَم هذا المصطلح الأخير للإشارة إلى الهيكل الذي أسَّسه زروبابل،وبذا يكون هيكل هيرود الهيكل الثالث (وإن كان هذا المصطلح الأخير يشير عادةً إلىالهيكل الذي سيُشيَّد في آخر الأيام مع بداية العصر المشيحاني). وحينما اعتلى هيرودالعرش، وجد هيكل زروبابل متواضعاً للغاية، فقرر بناء هيكل آخر لإرضاء اليهود، ولكنهقرر أن يبني في الوقت نفسه معبداً لآلهة مدينة روما حتى ينال رضا الإمبراطور أوغسطسويثبت ولاءه له. ويبدو أن هذا المعبد الروماني الوثني كان لا يختلف كثيراً في بنيتهالمعمارية عن الهيكل اليهودي. وقد بدأ هيرود في بناء الهيكل عام 20 ـ 19 ق.م، فهدمالهيكل القديم واستمر العمل في البناء وقتاً طويلاً، فمات دون إتمامه، واستمرالبناء حتى عهد أجريبا الثاني (64م)، بل كانت لا تزال هناك حاجة إلى اللمساتالأخيرة حينما هدمه تيتوس عام 70م. ولما كانت أهداف الهيكل دنيوية إلى حدٍّ كبير (أي لزيادة هيبة الدولة)، فإننا نجد أن التركيز كان على رموز الدولة، ولذلك فقدبُني الهيكل على الطراز اليوناني الروماني السائد. وقد وسَّع هيرود نطاق الهيكلليضم مساحة واسعة، فبنى سلسلة من الحوائط مكوَّنة من صفين من الأعمدة طولهما 5050قدماً، تضم منطقة مساحتها 915×1520×1595×1025 قدماً. ويمكن الوصول إلى الهيكل منخلال عدة بوابات وأربعة جسور. وكان ملاصقاً للسور برج أنطونيا الذي بناه سيمونالحشموني (البيرة). وقد قام هيرود بتوسيعه وإصلاحه وأعاد تسميته، فنسبه إلى قيصرروما مارك أنطوني، وكانت تحتله حامية رومانية. وكان السور يضم أروقة معمَّدة أكبرهاالرواق الملكي الذي كان على شكل بازيليكا (مبنى روماني مستطيل في أحد طرفيه جزءناتئ نصف دائري) كان يتجمع فيه التجار الذين يبيعون ذبائح القرابين والصرافون الذينيحوِّلون العملات إلى الشيكل المقدَّس الذي كان على اليهود دفعه للهيكل. وكان هناكداخل هذه الأسوار مباشرة ما يُسمَّى «ساحة الأغيار» لأن غير اليهود كان مسموحاً لهمبالدخول فيها. ثم تتوالى الساحات الأخرى على هيئة مصاطب، وكان هناك حائط شبكي حجرييفصل ساحة الأغيار عن الهيكل نفسه.

    وكان يمكن الوصول إلى الهيكل من خلالبوابة تُسمَّى «البوابة الجميلة» (1) (الأرقام تقابل تلك الموجودة في مخطط هيكلهيرود).

    تليها الساحة الأمامية وهي ساحة النساء (2) التي كان يحيط بها أربعحجرات للأخشاب (3) والمصابين بالبرص (4) والمنذورين (5) والزيوت (6). وكان هناك سلمله اثنتا عشرة درجة (7) يؤدي إلى بوابة تُسـمَّى «بوابة نيكانور» سمـاها يوسيفوس «البوابة الكورنثية» (8). وكان الكهنة (اللاويون) يقفون على هذه الدرجات وينشدونأناشيدهم فتشاهدهم النساء. وبعد ذلك، ساحة اليسرائيليين أو الرجال (9). وفي أقصىيسار الداخل، كانت هناك غرفة مصنوعة من الحجر المنحوت، وهي التي كان يجتمع فيهاالسنهدرين (10). وبعد ذلك، على اليسار أيضاً، كان هناك المذبح لتقديم القرابين (11). وكان على اليمين مكان الذبح (12) ويقابله ساحة الكهنة (13) في منتصفها سلم (14) يؤدي إلى الهيكل نفسه، وعلى يساره مغسل (15) يغتسل فيه الكهنة. وكانت بعضشعائر العبادة القربانية تتم في ساحة الكهنة. وكان الهيكل نفسه مبنياً من الرخامالأبيض يزينه رواق معمَّد في واجهته (16). وحينما كان باب الهيكل يُفتَح، كان بوسعالناس أن يروا الحرم. وكان هيكل هيرود، مثله مثل الهيكـل الأول، مُقسَّماً إلىالبهـو المقدَّس (17) وقـدس الأقداس (18). ويحتوي البهو المقدَّس على شمعداناتالمينوراه، ومائدة خبز الوجه ومذبح البخور. وكان سقفه من خشب الأرز المطعم بالذهب.وكان مزوَّداً بنوافذ على عكس قدس الأقداس الذي كان مظلماً وخاوياً. ولم يكن الحائطالغربي أو حائط المبكى جزءاً من الهيكل نفسه وإنما كان جزءاً من سوره الخارجي الذيأشرنا إليه. والوصف السابق لهيكل هيرود هو الذي ورد عند يوسيفوس. وهو مختلف عنالأوصاف التي وردت في كتب المدراش. وقد هدم تيتوس الهيكل الثاني عام 70م.


    يُشاربتعبير «الهيكل الثاني» إلى هيكل هيرود الذي هدمه تيتوس.

    الهيكـل الثالث
    Third Temple
    «الهيكل الثالث» مصطلحديني يهودي، يشير إلى عودة اليهود بقيادة الماشيَّح إلى صهيون لإعادة بناء الهيكلفي آخر الأيام. ويُشار إلى ذلك بتعبير «الهيكل الثالث» إذ أن الأول هو هيكل سليمانالذي هدمه نبوختنصر، والثاني هو هيكل هيرود الذي هدمه تيتوس، والثالث والأخير هوالذي سيُبنى في العصر المشيحاني، وبالتالي فهو مرتبط بالرؤى الأخروية لا بالتاريخالإنساني. ومع هذا، فقد عَلمن الصهاينة هذه الرؤية وجعـلوا الاسـتيطان الصهيونيهوالعودة المشـيحانية. وبالتالي، فإن الدولة الصهيونية هي الهيكل الثالث أوالكومنولث الثالث. ويُستخدَم هذا المصطلح، في أحيان نادرة، للإشارة إلى هيكل هيرودباعتبار أن الهيكل الثاني هو هيكل زروبابل الذي هدمه هيرود ليبني هيكله.

    مراسم العبادة في الهيكل
    Temple Rituals
    كانتمراسم العبادة في الهيكل تختلف من فترة إلى أخرى، ولكن ملامحها الأساسية ظلت ثابتة.ففي كل صباح، كان أحد الكهنة ينظف ضريح القرابين من الرماد ثم يُذكي النيران. وبعدذلك، كانت تُقدَّم قرابين اليوم (الجديدة) المكونة من حَمَل وخبز ومشروبات. وكانالكاهن الأعظم (أو من ينوب عنه) يدخل البهو المقدَّس، وينظف الشـمعدانات، ويحرقالبخور على مذبـح البخور، ويُقدِّم قربان خبز الوجه. وعند الغروب، كانت معظمالشعائر تُعاد من جديد. كان هذا هو النمط السائد للعبادة والقرابين في الأعياد وفييوم السبت. وكان الكاهن الأعظم يدخل قدس الأقداس في يوم الغفران، وكان التفوه باسميهوه يمثل ذروة هذه العبادة، حيث كانت هذه اللحظة تشكل نقطة التماس بين الإلهوالشـعب والأرض، فهي النقـطة التي يتجسـد فيها الحلول الكامل.

    والعبادةالقربانية المركزية تدور في إطار حلولي، ولذا يُلاحَظ أن القداسة تتغلغل تماماً فيالمؤسسات القومية السياسية، وكان المعبد المركزي (الملحق بالقصر الملكي) والعبادةالقربانية المركزية هما التعبير المتعين عن تَداخُل المطلق والنسبي والمقدَّسوالزمني. وقد كانت الشرعية السياسية متداخلة تماماً مع الشرعية الدينية، ولذايُلاحَظ أن تأسيس الأسر المالكة في الشرق الأدنى القديم يصاحبه دائماً تأسيس معبدمركزي حتى يمكنها تركيز السلطة. ولم يشكل العبرانيون القدامى (جماعة يسرائيل)استثناء من القاعدة، فقد تم تأسيس الهيكل المركزي ليصبح الرمز الواضح والمتجسدللحلول الإلهي وللشرعية الدينية التي كان يحتاج إليها النظام السياسي. فكان حكمالأسرة الداودية (نسبة إلى داود) يستند إلى الهيكل. وعلى مستوى العلاقات الدولية،كان الهيكل يعطي الدولة الجديدة هيبة أمام الزوار الأجانب، ويؤكد لهم شرعية النظامالجديد، كما أن هيمنة الدولة العبرانية عـلى بعـض المناطق المجاورة لها كان يتمبموافقة الكهنة، ويهوه بطبيعة الحال.

    وكان تركيز العبادة القربانية تركيزاًلموارد الدولة أيضاً، وقد كانت القرابين من أهم هذه الموارد إلى جانب الضرائب وجزيةالرؤوس التي فرضها سليمان على جميع رعاياه بحيث كان على كل ذكر يهودي أن يدفع نصفشيكل كل عام (وهو الشيكل المقدَّس). لهذا، لم يسمح بتقديم أية قرابين خارج الهيكلبعد تأسيسه. وكان الهيكل، شأنه شأن كثير من الهياكل في الشرق الأدنى القديم، مصرفاًيضع فيه الأثرياء نقودهم ويرسلون إليه النذور والقرابين، كما كانت تُحفَظ فيه رموزالدولة وطنافسها.

    وقد استمر هذا الوضع مع هيكل هيرود الذي أشار إليه ولديورانت بأنه « المصرف القومي»، وأشــار إليـه يهـودا مينوهـين بأنـه «الهيكل/السوق »، حيث كان يُوجَد الباعة وتجار الماشية والصيارفة، وكان هذا هو سرّ غضب السيدالمسيح عند زيارته للهيكل.

    ولما كان الهيكل هو الخزانة القومية أو المصرفالقومي للدولة العبرانية المتحدة (ثم المملكة الجنوبية)، فإننا نجد أن القواتالغازية كانت تحاول نهبه أثناء الحروب كجزء من الحرب الاقتصادية وكجزء من محاولةضرب الشرعية السياسية.

    وكان الكهنة اللاويون يقومون على خدمة الهيكل،يترأسهم الكاهن الأعظم، وهو ما جعل فئة الكهنة من أكثر الفئات نفوذاً. وكانت فرقةالصدوقيين تعبِّر عـن مصالح هـذه الفئة وتدافع عن عبادة الهيكل القربانية. أما فرقةالفريسيين، فكانت تمثل المعارضة. ولذا، فقد كانت هذه الفرقة تؤيد إنشاء المعابداليهودية المستقلة لأنها تحقق انفصال اليهودية عن الهيكل والكهنة.

    وكانيقوم بالأعمال الوضيعة مجموعة من عبيد الهيكل في هيكل سليمان يُشار إليهم بالنثينيمأو الجبعونيين.










  10. #30
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي


    قـدس الأقــداس
    Holy of Holies
    مصطلح «قدس الأقداس» تقابله في العبرية كلمة «دبير»، ويبدو أنها من أصل عبريبمعنى «تكلم»، أي أن الإله تكلم وأعطى المشورة والوحي. وهو أقدس الأماكن في هيكلالقدس. وقدس الأقداس عبارة عن مكعب حجري مصمت (بدون نوافذ) أقيم على مستوى أعلى منالجزء المسمَّى «الهيكل» في هيكل سليمان. وكان قدس الأقداس يضم تابوت العهد (تماماًمثل قدس الأقداس في خيمة الاجتماع) والذي كان يزينه ملاكان يشبهان الملائكة التيتظهر في الرسـوم البابلــية، وربمـا كان لهما وجهان بشريَّان مثل تلك الرسوم. وقــدقـام بتصمـيم هـذين الملاكــين (والأوعـية المقـدَّسة والأدوات الطقوسية الأخرى)فنان من صور بأمر حيرام ملك صور. وربما نُفِّـذ التمثــال في هيـكل هيرود بشكل أقربإلى الفن التجريدي، دون تفاصيل واقعية، وذلك احتراماً لنهي التوراة عن اتخاذالتماثيل المنحوتة، فكان الملاك الحارس يتخذ شكل كتلة وسطى يحف بها جناحان مدببان.وربما جاء من هنا الاعتقاد الشعبي لدى الرومان بأن اليهود يعبدون في قدس الأقداسصنماً على شكل رأس حمار إذ بدا لهم جسم الملاك (كروب) بين الجناحين كرأس حمار بينالأذنين الطويلتين، وذلك إذا وضعنا في الحسبان الفرق الشاسع بين الفن الرومـانيالوثنـي التمثيلي والفن العبري الذي كان قد بدأ يميل نحو التجريد كما هو الحال فيالحضارات السامية.

    وكان التصور السائد أن الملاكين هما رمز لاسمي الإلهيهوه وإلوهيم، وأن روح الإله (الشخيناه) تحل في هذا التابوت. وكان يفصل قدس الأقداسعن بقية الهيكل ستارة وسلسلة من الذهب أو باب. ولم يكن يدخله سوى كبير الكهنة فييوم الغفران ليتفوَّه باسم الإله (يهوه) الذي لا يستطيع أحد أن يتفوه به في أي مكانأو زمان (ولعل التـأثير المصـري واضـح في هـذه العـادة). وجاء في الأجاداه أنفلســطين توجد في مركز الدنيـا والقدس في وسـط فلسـطين، والهيكل في وسط القدس، ويقعقدس الأقداس في وسط الهيكل، أي أن قدس الأقداس يقع في وسط الدنيا تماماً ويُوجَدأمامه حجر الأساس. ويزعم بعض الحاخامات أن حجر الأساس هو الصخرة الشريفة الموجودةفي مسجد الصخرة. ويُعتبَر قدس الأقداس، في التأملات الكونية التي تخص الهيكل،السماء السابعة.

    ولما كان قدس الأقداس أكثر الأماكن قداسة لدى اليهود ولايحق لهم أن تطأه أقدامهم، لذا فإنه يَحرُم عليهم أن يذهبوا إلى جبل موريا (جبل بيتالمقدس) أو هضبة الحرم التي يُوجَد فيها المسجد الأقصى، وذلك حتى لا يدوسوا علىالموضع القديم لقدس الأقداس عن طريق الخطأ. ويزعم شلومو جورين أن أبحاثه قد حدَّدت (على وجه الدقة) مكان قدس الأقداس، ومن ثم يحق لليهود دخول منطقة المسجد الأقصى.

    جـــبل الهيـكل
    Temple Mount
    «جبل الهيكل» مصطلحيقابله في العبرية تعبير «هر هبايت». ويُشار إليه في الدراسات العربية بمصطلح «هضبةالحرم». كما يُقال له أيضاً «جبل موريا» و«جبل بيت المقدس»، وهي منطقة في جنوب شرقيالقدس. ويذهب اليهود إلى أن الهيكلين الأول والثاني قد شُيِّدا على هذه الهضبة، وأنتضحية إبراهيم بإسحق تمت على هذا الجبل. وتُعتبَر هذه البقعة أكثر الأماكن قداسةبالنسبة إلى اليهود. ومن ثم، فإنهم لا يمكنهم دخولها إلا بعد تطبيق بعض شعائرالطهارة التي تحتاج إقامتها إلى رماد البقرة الحمراء، وهو أمر مستحيل في الوقتالحاضر، ومن ثم يذهب معظم فقهاء اليهود إلى أن من المحرَّم على اليهود دخول هذهالمنطقة.

    ويُوجَد في هـذه المنطقـة ما يزيد على مائة أثر إسـلامي، منأهمهـا: المسجد الأقصى ومسجد القبة.

    الحـــــــج
    Pilgrimage
    يتعيَّن على كل يهودي أن يحج ثلاث مرات في العام إلى القدس: عيدالفصح، وعيد الأسابيع، وعيد المظال. ولذا، فإن هذه الأعياد تُسمَّى «أعياد الحج».وقد جاء في العهد القديم (تثنية 16/16) «ثلاث مرات في السنة يحضر جميع ذكورك أمامالرب إلهك في المكان الذي يختاره في عيد الفطير [الفصح] وعيد الأسابيع وعيد المظال،ولا يحضروا أمام الإله فارغين ». ولذلك، كان اليهود يقدمون في حجهم قرباناً مشوياًللهيكل («الشواء» يقابلها في العبرية كلمة «شواه» وفي اليونانية كلمة «هولوكوست»)حيث كان يُشوَى إلى أن يحترق تماماً فلا يبقى منه شيء للكهنة.

    وكان اليهودفي بادئ الأمر يحجون إلى مكان غير القدس يُسمَّى «شيلوه». ولكن حينما دخل داود إلىالقدس، أصبحت القدس مكان العبادة اليسرائيلية والمكان الذي يحج إليه أعضاء جماعةيسرائيل. وقد أسس ملوك المملكة الشمالية هيكلاً حتى لا يحج أحد من المملكة إلىالقدس في المملكة الجنوبية، كما أن أونياس بنى هيكلاً في مصر للغرض نفسه بإيعاز منالبطالمة. وقد توقف الحج تماماً بعد هدم الهيكل، ومع هذا استمر بعض اليهود في الحجفي الأيام المذكورة، وخصوصاً في عيد المظال. وقد بُعثت فكرة الحج في العصور الوسطىتحت تأثير القرّائين. أما الآن، فلا يؤدي فريضة الحج سوى المغالين في التقوىوالورع.

    هــــــــدم الهيــــــــكل
    Destruction of the Temple
    تشير عبارة «هدم الهيكل» عادةً إلى عملية هدم الهيكل على يد تيتوسعام 70م، وإن كان من المعروف أن نبوختنصر كان قد هدمه من قبل عام 586 ق.م. كما أنهيرود هدمه عام 20 ـ 19 ق.م، ليعيد تشييده مرة أخرى. وقد هُدم الهيكل، حسب الكتاباتالفقهية اليهودية، في التاسع من آب، ولذا يصوم اليهود في ذلك اليوم. لكن هناك منيذهب إلى أن هدم الهيكل تم في 7 أو حتى 10 آب. ولحسم هذا التناقض، تقول هذهالكتابات إن هدم الهيكل بدأ في التاسع من آب وانتهى في العاشر منه. وتذهب الكتاباتالصهيونية، والمتأثرة بها، إلى أن هدم الهيكل على يد الرومان هو الذي تَسبَّب فيتشتت اليهود في المنفى على هيئة أقليات، مع أن انتشار اليهود في بقاع الأرض كافةكان قد بدأ قبل ذلك بزمن طويل وبدون قسر. والواقع أن مجموع اليهود خارج فلسطين كانيفوق بكثير عددهم داخلها قبل هدم الهيكل.

    وتجب ملاحظة الفرق بين عمليتي هدمالهيكل ونهبه، إذ نُهب عدة مرات قبل هدمه، فقد نُهب مثلاً على يد شيشنق فرعون مصر،ومرة أخرى على يد يوآش ملك المملكة الشمالية. ويرى بعض حاخامات اليهود أن هدمالهيكل كان عقاباً لهم على ما اقترفوه من ذنوب. وهذا الرأي يأخذ به المسيحيون، حيثيرون أن ذنب اليهود الأكبر هو إنكارهم أن المسيح عيسى بن مريم هو الماشيَّح. ويُشارإلى هدم الهيكل بتعبيرات أخرى مثل «خراب الهيكل»، ولكننا نفضل تعبير «هدم الهيكل»لحياده النسبي.وفي الكتابات العبرية، يُشار إلى تخريب الهيكل بكلمة «حوربان» التي تُستخدَم للإشارة إلى أي دمار يلحق باليهود، ومن ذلك الإبادة النازيةليهود أوربا.

    خـــــــراب الهيـــــــكل
    Destruction of the Temple
    «خراب الهيكل» هو «هدم الهيكل».

    نهـــــب الهيـــــكل
    Pillage of the Temple
    كانالهيكل يُعَدُّ المصرف القومي للدولة العبرانية، يرسل إليه العبرانيون القـرابينوالنقود، ويودع الأثرياء نقودهم فيه، كما كانت تُحفَظ فيه رموز الدولة وطنافسها (مثل شمعدان المينوراه). ولذا، كانت القوات الغازية تحاول، أثناء الحروب، نهبالهيكل كنوع من الحرب الاقتصادية وكنوع من محاولة ضرب الشرعية السياسية. وقد هجمشيشنق الأول فرعون مصر على الهيكل ونهبه (918 ـ 917)، وكذا بن هدد، وملوك آخرون منملوك آرام دمشق. كما نهبه يوآش ملك المملكة الشمالية (800 ـ 784). بل إن ملوكالمملكة الجنوبية كانوا يُضطرون أحياناً إلى أَخْذ بعض طنافسه ليدفعوا الجزيةالمفروضة عليهم من قبَل الإمبراطوريات المهمينة. وهذا ما فعله حزقيا (727 ـ 698)الذي أخذ الذهب من أبواب الهيكل لدفع الجزية لسناخريب الذي قام فيما بعد بنهبالهيكل.

    وقد أعطى آحاز (743 - 727) ثيران الهيكل التي كانت تحمل الوعاءالمسمَّى «بحر النحاس»، وكذلك بعض الأواني الأخرى المخصصة للهيكل، جزيةً لملك آشور.أما بحر النحاس نفسه (أي الوعاء)، فقد كسره الكلدانيون، وحملوا قطعه المعدنية إلىبابل، لكن هذه الحادثة الأخيرة هي من قبيل هدم الهيكل لا نهبه. أما الهيكل الثاني،فقد نهبه أنطيوخوس الرابع (175 ـ 164)، وبنى فيه مذبحاً لزيوس، كما اجتاحـه بومبيونهــبه قنصـل سـوريا الرومـاني كراسـوس (حوالي 55 ق.م).

    إعـــادة بنـــاء الهيــكل
    Rebuilding the Temple
    عبارة «إعادة بناء الهيكل» تُستخدَم بمعنيين:

    1
    ـ إعادة بناء الهيكلبعد عودة اليهود من بابل بمرسوم قورش الأخميني (538 ق.م)، ومن ثَم فإنه يُسمَّى «الهيكل الثاني» تمييزاً له عن الهيكل الأول الذي هدمه نبوختنصر. وقد أصدر ملكالفرس دارا الأول أمراً بالاستمرار في بناء الهيكل بعد أن اعترضت بعض الأقوامالمقيمة في أرض فلسطين على عملية إعادة البناء هذه. والواقع أن استخدام العبارةبهذه الصورة أمر نادر، إذ أن الاستخدام الأكثر شـيوعاً يشـير إلى:

    2
    ـإعادة بناء الهيكل بعد عودة الشعب اليهودي إلى صهيون، في آخر الأيام، تحت قيادةالماشيَّح. وهذا هو الهيكل الثالث باعتبار أن الهيكل الثاني هو الذي بناه هيرودوهدمه تيتوس.

    ويذهب الفقه اليهودي إلى أن الهيكل لابد أن يُعاد بناؤهوتُقام شعائر العبادة القربانية مرة أخرى. ولهذا، فقد تم تدوين هذه الشعائر فيالتلمود مع وصف دقيق للهيكل. ويتلو اليهود في صلواتهم أدعية من أجل إعادة بناءالهيكل. ولكن الآراء تتضارب، مع هذا، حول مسألة موعد وكيفية بناء الهيكل فيالمستقبل. والرأي الفقهي الغالب هو أن اليهود يتعيَّن علىهم أن ينتظروا إلى أن يحلالعصر المشيحاني بمشيئة الإله، وحينئذ يمكنهم أن يشرعوا في بنائه، ومن ثم يجب ألايتعجل اليهود الأمور ويقوموا بإعادة بنائه، فمثل هـذا الفعـل من قبيل الهـرطقة،والتعـجيل بالنهاية (دحيكات هاكتس). ويذهب موسى بن ميمون إلى أن الهيكل لن يُبنَىبأيد بشرية، كما يذهب راشي إلى أن الهيكل الثالث سينزل كاملاً من السماء. ويرىفقهاء اليهود أن جميع اليهود مدنسون الآن، بسبب ملامستهم الموتى أو المقابر، ولابدأن يتم تطهيرهم برماد البقرة الصغيرة الحمراء. ولما كان اليهود (جميعاً) غيرطاهرين، بل يستحيل تطهيرهم (بسبب عدم وجود الرماد المطلوب لهذه العملية)، وحيث إنأرض الهيكل (جبل موريا أو هضبة الحرم) لا تزال طاهرة، فإن دخول أي يهودي إليهايُعدُّ خطيئة. ويضاف إلى هذا أن جميع اليهود، حتى الطاهر منهم، يَحرُم عليه دخولقدس الأقداس. ولما كان مكانه غير معروف لأحد على وجه الدقة، فإن من المحتمل أن تطأقدما أحدهم هذه البقعة. ولهذا، فإن دخول اليهود إلى هذه المنطقة محرَّم تماماً. وفيالفقه اليهودي كذلك أن تقديم القرابين أمر محرم لأن استعادة العبادة القربانية لابدأن يتم بعد عودة الماشيَّح التي ستتم بمشيئة الإله.

    ولكن هناك رأياً فقهياًيذهب إلى نقيض ذلك، حيث يرى أن اليهود يتعيَّن علىهم إقامة بناء مؤقت قبل العصرالمشيحاني، وأنه يحل لليهود دخول منطقة جبل موريا، لكن هذا هو رأي الأقلية ولم يصبحجزءاً من أحكام الشرع اليهودي. ولكن هذا الرأي ظل مدوَّناً مطروحاً بسبب طبيعةاليهودية كتركيب جيولوجي.

    وقد اسـتفاد الصهاينة من هـذا التناقـض داخلالتركيبة الجيولوجية، فوصفوا الرؤية الحاخامية الأرثوذكسية بالسلبية، وقرروا أخذزمام الأمور في أيديهم. وقد أعلن الحاخام شلومو جورين أنه حدد مكان قدس الأقداس،وبالتالي يستطيع اليهود زيارة جبل موريا.

    ويمكننا الآن أن نعرض لرأي الفرقاليهودية المختلفة في العصر الحديث في مسألة إعادة بناء الهيكل، يمكننا منذ البدايةأن نقسمهم إلى صهاينة وغير صهاينة. أما غير الصهاينة، فيعارضون العودة الفعلية ومنثم إعادة بناء الهيكل. وقد حذف الإصلاحيون الأدعية الخاصة بإعادة بناء الهيكل،ويستعملون كلمة «تمبل Temple» الإنجليزية، أي «المعبد»، منذ عام 1818 للإشارة إلىالهياكل اليهودية. وهم، في الواقع، يقصدون أن المعبد، أينما وُجد، حلّ محل الهيكل،وأن الهيكل لن يتم استرجاعه أبداً. أما الأرثوذكس، فيفضلون استخدام الكلمةاليونانية «سيناجوج» للإشارة إلى المعبد اليهودي، على أن تظل كلمة «هيكل» محدَّدةالدلالة، لا تشير إلا إلى هيكل القدس. وقد احتفظ الأرثوذكـس بالأدعية الخاصـةبالعـودة، وتبعـهم المحافظون. وتظل العودة، بالنسبة إلى الأرثوذكس، مسألة مرتبطةبعودة الماشيَّح. أما بالنسبة إلى المحافظين، فهي تشبه المجاز والتطلع الطوباويالمثالي.

    أما الصهاينة، فينقسمون في موقفهم من قضية إعادة بناء الهيكل إلىقسمين: صهاينة لادينيين وصهاينة دينيين. وفي الواقع، فإن الفريق الأول لا يكترثكثيراً بالعبادة القربانية، ولا بإعادة بناء الهيكل. ولذا، فهم ينظرون إلى القضيةمن منظور عملي، ويرون أن محاولة الصهاينة المتدينين إعادة بناء الهيكل هي مسألةهَوَس ديني يهدد المُستوطَن الصهيوني بالخطر دون عائد مادي ملموس. ومن ثم، نجد أنمسألة إعادة بناء الهيكل لا تتمتع بشعبية كبيرة داخل إسرائيل التي تتمتع بـ ـ أوتعاني من ـ واحد من أعلى مستويات العلمنة في العالم. وقد أشار تيدي كوليك (عمدةالقـدس) إلى المهـووسين الذين قامـوا بوضع حـجر أسـاس بناء الهيكل، وبيَّن أنهميسيرون في خط شبتاي تسفي؛ ذلك الماشيَّح الدجال الذي ألهب حماس معظم اليهود فيالقرن السابع عشر، ووعدهم بالعودة إلى فلسطين، وعيَّن بعض أتباعه حكاماً للأرض، ثمانتهت الحركة بالفشل، الأمر الذي رجّ اليهودية رجاً من أساسها وألقى بها في أزمة لمتُفق منها قط. وقد عارض الحاخام جورين، صاحب فتوى موقع قدس الأقداس، مسألة وضع أساسالهيكل الثالث.

    ويرى الصهاينة المتدينون (المتطرفون) المسألة من منظورمختلف، فمسألة إعادة بناء الهيكل مسألة ذات أهمية مركزية بالنسبة إليهم، ولذا فإنهميركزون جُلَّ اهتمامهم على هذه العملية، والقضية بالنسبة إليهم مسألة عقائدية وليستعلمية. والواقع أن كثيراً من المنظمات الإرهابية الصهيونية الجديدة قد جعلت إعادةبناء الهيكل، وهدم الآثار الإسلامية الموجودة في هذا الموقع، من أهم أهدافها.

    وقد قامت عدة محاولات من جانب الجماعات الصهيونية تستهدف تفجير الأماكنالمقدَّسة الإسلامية في القدس، أو حرقها، بل ضُبطت مؤامرة لإلقاء القنابل عليها منالجو. وهناك منظمة يهودية تُسمَّى «أمناء جبل الهيكل»، التي يموِّلها المليونيرالأمريكي (المسيحي الأصولي) تري رايزنهوفر، جعلت بناء الهيكل الثالث هدفها الأساسي.وتقود عضو الكنيست جيؤلاه كوهين حملة لتأكيد أن المنطقة التي يُوجَد عليها الآن كلٌمن المسجد الأقصى ومسجد الصخرة هي المنطقة التي كان يُوجَد عليها الهيكل، ومن ثمفلليهود حقوق مطلقة فيها. وقد أُسِّست مدرستان تلموديتان عاليتان بالقرب من حائطالمبكى لتدريب مائتي طالب على شعائر العبادة القربانية، ليقوموا بها عند بناءالهيكل الثالث. وإحدى هذه المدارس، معهد الهيكل (بالعبرية: يشيفات هَبايت)، وظيفتهاالأساسية محاولة التعجيل بإعادة بناء الهيكل. وقد بدأت هذه المدرسة في إعداد أدواتالعبادة القربانية، وانتهت من ثمان وثلاثين منها تم وضعها في متحـف، وهي في سـبيلهاإلى إعداد الخمـس والسـتين الباقية. وتُوجَد جماعات أخرى تدرس شجرات العائلاتالخاصة بالكهنة حتى تمكن الإجـابة عن سـؤال نصه: مَن منهم المُؤهَل لتقديمالقرابين؟ وقد عُقد عام 1990 مؤتمر يضم اليهود الذين يعتقدون أنهم من نسل الكهنة.وهناك في فندق الهيكل في القدس مجسَّم مصغَّر للهيكل، وينوون أن يبنوا مجسماً آخرأكبر حجماً يتكلف مليون دولار يتم جمعها من يهود العالم دون سواهم.

    وقدقامت جماعة أمناء جبل الهيكل بوضع حجر الأساس للهيكل الثالث في احتفال تحت إشرافرئيس الجماعة المدعو جرشوم سالمون. وقد حضر الاحتفال، الذي جرى في منتصف شهر أكتوبرعام 1989، كاهن يرتدي ملابس كهنوتية خاصة مصنوعة من الكتان المغزول باليد من ستةخيوط مجدولة تم إعدادها في معهد الهيكل. وقد استخدموا في الاحتفال بعض الأوانيالشعائرية، وبوق الشوفار، وأدوات موسيقية مثل الأكورديون. أما حجر الأساس نفسه، فحجمه متر مكعب، وقد قام حفاران يهوديان من القدس بإعداده دون استخدام أية أدواتحديدية (كما تتطلب الشعائر). وقد حاولوا الوصول بالحجر إلى ساحة حائط البراق عندحائط المبكى، ولكن الشرطة الإسرائيلية تصدت لهم فحُمل الحجر إلى مخزن الحـفارينوأُودع فيه. وتتجـه النية إلى زراعـة حـديقة حوله. ويساند أمناء جبل الهيكل بعضأعضاء المؤسسة الدينية في إسرائيل.

    ورغم هذا الانقسام، بشأن إعادة بناءالهيكل، فإننا نجد أن بعض الأطروحات التي صُنِّفت في الماضي باعتبارها دينية مهووسةومتطرفة، صارت مقبولة بل أصبحت جزءاً من الخطاب السياسي الصهيوني، أو ضمن برامجالأحزاب المعتدلة! ولذا فليس من المستبعد أن نجد جميع الصهاينة (الأقلية المتدينةوالأغلبية الملحدة) تؤيد كلها بعد قليل إعادة بناء الهيكل باعتباره أمراً أساسياًللعقيدة الصهيونية لا تكتمل بدونه.

    ويرى المسيحيون الأصوليون أن بناءالهيكل هو الشرط الأساسي للعودة الثانية للمسيح. وقد عُقد مؤتمر عام 1990 تحت رعايةوزارة الأديان في إسرائيل لمناقشة هذه القضية، ولتقرير ما إذا كان على اليهود فيالعصر الحديث إعادة بناء الهيكل.






 

صفحة 3 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  2. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM
  3. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الأول
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 530
    آخر مشاركة: 2010-10-24, 03:44 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML