السؤال الثالث و العشرون :
- ما حكم شرب شراب خميرة الجعة ( منزوع الكحول ) فهو مفيد في تصفية الكلى كما هو معروف ومجرب ؟
وما حكم استهلاك المواد الغذائية والأدوية التي تحتوي على كحول ؟
الجواب :
الأصل في مثل هذا الشراب الحل، ويدل لذلك قول الله – عز وجل - : "ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث" ، وأيضاً قول الله – عز وجل - : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) [البقرة: من الآية29]، فهذا هو الأصل، ما لم يكن هناك محرم كخمر ونحوه.
قال الشيخ : عبد الرحمان بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد:
" وجود الكحول في المأكول والمشروب، فمن المعلوم أن الكحول مادة مسكرة أو مخدرة، وبالتالي فإذا وجدت في الأكل أو الشرب، وكانت مؤثرة فيه بمعنى أنه يترتب على التناول إسكار فالتناول في هذه الحالة حرام قطعاً؛ لأن علة تحريم الخمر، هي: الإسكار، وقد وجدت هنا، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
أمّا إذا كانت مادة الكحول الموجودة في المأكول أو المشروب قليلة ويسيرة، ولا يظهر أثرها، واستهلكت في المشروب ونحوه، فالصحيح أن هذه الكمية اليسيرة من الكحول لا أثر لها في تحريم هذا الطعام أو الشراب، فهو مثل النجاسة المستهلكة في الماء، فعلى القول الصحيح -إن شاء الله- أن هذه النجاسة ما لم يظهر أثرها في الماء، في طعمه، أو لونه، أو ريحه، فالماء باق على طهوريته قليلاً كان أو كثيراً، وفي (صحيح البخاري، ك72، ب12) – تعليقا- قَال أَبُو الدَّرْدَاء رضي الله عنه فِي الْمُرِي : ذَبَحَ الْخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ"، والنينان: جمع نون، وهو: الحوت، والمري: أكلة تتخذ من السمك المملح، يوضع في الخمر ثم يعرّض للشمس فيتغير طعمه عن طعم الخمر، ومعنى قول أبي الدّرداء رضي الله عنه هذا: أنّ الحوت لمّا ملِّح ووضع في الشّمس أذهب الخمر فصار حلالاً، ومما يدل على عدم الحرمة هنا: أن الخمر إنما حرمت لوصف الإسكار الموجود فيها، فإذا انتفى هذا الوصف انتفت الحرمة.
وممّا يشار إليه هنا أن البعض يظن أن المخلوط بالخمر حرام مطلقاً، سواء قلّت نسبة الخمر - بحيث لا تؤثر في المخلوط– أو كثرت، وظنوا أن ذلك هو معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم : (( مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ )) [رواه أحمد (5648) واللّفظ له، وابن ماجة (3392)، والدارقطني (4/254)، وهو صحيح " الإرواء " برقم (2375)].
فقالوا: هذا فيه قليل من الخمر الذي يُسكر كثيره فيكون حراماً، وقد أجاب الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في " مجموع فتاويه " (4/260) عن هذا الفهم، فقال: يقال هذا القليل من الخمر استهلك في غيره فلم يكن له أثر وصفي ولا حكمي، فبقي الحكم لما غلبه في الوصف، وأما حديث "ما أسكر كثيره فقليله حرام" (سبق تخريجه) فمعناه: أنه إذا كان الشراب إن أكثر منه الشارب سكر، وإن قلل لم يسكر، فإن القليل منه يكون حراماً؛ لأن تناول القليل وإن لم يسكر ذريعة إلى تناول الكثير، ويوضح ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها-: قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : (( كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، مَا أَسْكَرَ الفَرْقُ مِنْهُ فَمِلْءُ الكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ )) [أخرجه أبو داود (3687)، والترمذي (1866)، وأحمد (24992)، وهو صحيح (الإرواء برقم 2376)]، والفرق: مكيال يسع ستة عشر رطلاً. ومعنى الحديث: أنه إذا وجد شراب لايسكر منه إلا الفرق، فإن ملء الكف منه حرام، فهو معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم : (( مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ )) [سبق تخريجه] اهـ.
ومع ذلك فالأولى فيما يظهر لي -والله أعلم- أن يتجنب الإنسان تناول الأطعمة والأشربة المحتوية على هذه المواد المسكرة المستهلكة في الطعام والشراب ما لم يحتج إلى ذلك، لكن هذا من باب الورع لا التحريم، والله أعلم ".
السؤال الرابع و العشرون :
- نحن نفكر – شيخنا- في إنشاء مكتبة سمعية في مسجدنا " السّلام " سلّمكم الله -وهو في الحقيقة صغير المساحة- نقوم من خلالها بإعارة أشرطة مقابل سعر رمزي بغرض اقتناء أشرطة علمية وغيرها، ولمساعدة المسجد في حاجياته، لكن المشكل يا شيخ أنه لا يوجد مكان لهذا الأمر سوى هذا المسجد، ومن المعلوم حرمة هذه المعاملات في المسجد وما اتصل به، فما هو الحل شيخنا أثابكم الله ؟
الجواب :
الحكم كما جاء في السؤال، وهو عدم جواز هذه المعاملات في المسجد، والحل هو أن يوضع صندوق - في المكتبة- للتبرعات دون إلزام.
المفضلات