صفحة 3 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 61
 
  1. #21
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    أبراهـام كلايـن (1909-1972)
    Abraham Klein

    شاعر ومؤلف كندي يهودي، وُلد في مونتريال لعائلة من المهاجرين الروس اليهود. اشتغل بالمحاماة ولكن اهتماماته اتجهت نحو الشعر ليصبح واحداً من أهم المساهمين في الحياة الأدبية في كندا. كان كلاين مطلعاً على الآداب المكتوبة بالإنجليزية والفرنسية والعبرية واليديشية، وظهرت أول أعماله الشعرية في مجموعة مختارة من الأشعار بعنوان مناطق جديدة (1936). وهذا الديوان يدل على ارتباطه الوثيق بالتيارات والاتجاهات الأدبية الكندية آنذاك. وقد عمل كلاين محاضراً زائراً في جامعة ماكجيل بين أعوام 1945 ـ 1948، كما قام بتحرير الجريدة الأسبوعية كنديان جويش كرونيكل في الفترة 1939 ـ 1953 والتي نَشَر فيها كثيراً من المقالات وعدداً من الأشعار التي قام بترجمتها إلى الإنجليزية من العبرية واليديشية. كما كان لكلاين نشاط سياسي، حيث رشَّح نفسه في الانتخابات البرلمانية عام 1949 عن أحد الأحزاب الاشتراكية الكندية.

    لجأ كلاين في كتابة أشعاره إلى استخدام كثير من شخصيات وقصص العهد القديم. كما تتخلل أشعاره عبارات اليديشية وكلمات العبرية، وتتناول بعضها قضايا تخص باليهود كما في ديوانه أليس لليهودي؟ (1940). أما في ديوانه الهستيريا (1944)، وهي مجموعة من الأشعار كُتبت أثناء فترة الإبادة النازية، فيتناول قضية الاندماج ومعاداة اليهود. كما يتناول في بعض أشعاره الأخرى المشروع الصهيوني في فلسطين، فيخاطب الشعراء اليهود قائلاً: « إن زمن البكاء على معاناة اليهود في «الشتات» قد ولَّى، وأصبح من الضروري الآن التركيز على قضية إعادة الميلاد القـومي اليهـودي في أرض الأجـداد ».

    أما روايته الوحيدة اللفائف الأخرى (1951)، فهي رواية رمزية تأخذ شخصية اليهودي التائه لتتناول من خلالها الأحداث الرئيسية فيما يُسمَّى «التاريخ اليهودي»، خصوصاً الإبادة النازية وإقامة دولة إسرائيل. وعنوان الرواية مأخوذ عن لفائف الشريعة أو أسفار موسى الخمسة، والرواية مُقسَّمة إلى خمسة أجزاء يحمل كلٌّ منها عنوان أحد الأسفار.

    لكن استخدام كلاين للكلمات العبرية أو اليديشية في أعماله، أو تناوله لقضايا تخص الجماعات اليهودية، لا يضفي صفة اليهودية على أعماله أو على شعره أو أدبه. كما أن هذه القضايا والموضوعات يمكن أن يتناولها شعراء أو أدباء من غير اليهود. وبالإضافة إلى ذلك، يتخلل جميع أعماله اهتمام عميق بقضايا المجتمع الكندي بثقافتيه الفرنسية والإنجليزية وبتعدُّد جماعات المهاجرين فيه وبمشاكله الاجتماعية والسياسية، وهو ما يتناوله بشكل خاص في ديوانه المعنون الكرسي الهزاز.

    بـرنــارد مالامــود (1914-1986(
    Bernard Malamud
    روائي أمريكي يهودي، وُلد في بروكلين في نيويورك، وتلقى تعليمه في نيويورك ونشر أربع روايات: الطبيعي (1952)، والمساعد (1957)، و البرميل السحري (1958)، و حياة جديدة (1961).

    ومن رواياته المقامر (1966)، والتي نال عنها الجائزة القومية (الأمريكية) للكُتَّاب وأخرج من قصتها فيلماً سينمائياً، وهي تتناول تهمة الدم التي وجهت ظلماً لمندل بيليس في روسيا. كما نشر مالامود رواية حياة دوبين (1979)، و رحمة الله (1982). وحقَّق مالامود ذيوعاً كبيراً في الستينيات، ولكن شهرته تراجعت بالتدريج.

    ورغم أن رواياته تتناول موضوعات يهودية، مثل حياة المهاجرين، ومأساة اليهودي باعتبارها مأساة الإنسان الحديث، والعلاقة بين اليهود وغير اليهود وبين اليهود والسود في المجتمع الأمريكي، إلا أنه رفض أن يُصنَّف ككاتب يهودي، وأصرَّ على أنه مجرد كاتب قصص. وسوف تظل « الحدوتة »، في رأيه، موجودة ما وُجد الإنسان. أما عبارته الشهيرة « كل البشر يهود » التي تُقتبَس لتُبيِّن توجهه اليهودي، فهي تتحمل تفسيراً مغايراً تماماً. وقد قال هو نفسه إنه يكتب لكل البشر وأن رواياته تتجاوز الحدود المباشرة للموضوع اليهودي. ومن ثم، فالعبارة تعني أن الموضوع اليهودي إن هو إلا المادة الخام التي يكتشف من خلالها الموضوعات الإنسانية العامة فيؤكد ما هو مشترك بين البشر، فمرجعيته النهائية هي الإنسانية المشتركة. وهو يفعل ذلك مستخدماً اللغة الإنجليزية واللهجة الأمريكية، مستفيداً من معرفته بإيقاع الحياة في مدينة نيويورك، ومتبعاً التقاليد الأدبية الغربية الأمريكية.

    ســول بيــلّو (1915-)
    Saul Bellow
    روائي أمريكي يهودي حائز على جائزة نوبل وعلى جوائز أخرى مثل الجائزة القومية (الأمريكية) للكُتَّاب. وهو يُعَدُّ من أهم الروائيين الأمريكيين المحدَثين. وُلد بيلّو في مونتريال في كندا، ونُشِّئ تنشـئة دينية، كما تعلَّم اليديشية والفرنسية والعبرية. كانت أمه تودّ أن يصبح حاخاماً، ولكنه التحق بجامعة شيكاغو حيث درس الاجتماع وعلم الإنسان، وذلك قبل أن يقرر أن يصبح كاتباً.

    صدرت له رواية أوجي مارش (1953)، ثم نشر أمسك اليوم (1956)، وأبطال هاتين الروايتين شخصيات ضعيفة محببة للنفس، تدخل أحياناً في مغامرات برغبتها وأحياناً أخرى رغم أنفها، ولكنها عادةً تلقى الهزيمة. ثم نشر بيلّو رواية هندرسون ملك المطر (1959). ولكن أهم رواياته هي هرزوج (1964)، وهي قصة أستاذ جامعي يهودي يُصاب بالشلل الجسدي والعقلي ويقضي وقته في كتابة خطابات وهمية، وحينما ينجح في التحرر من حياته الوهمية يرفض كل الاتجاهات الفكرية (مثل الوجودية) باعتبارها تقاليع، ويبدأ حياة مستقرة من الناحية العاطفية والفكرية. وتتناول رواية كوكب ساملر (1970) حياة يهودي بولندي عاش خلال فترة الإبادة النازية. وقد نشر بيلّو روايتين أخريين: ديسمبر شهر العميد (1982)، و عدد أكبر يموت من تحطُّم القلب (1987).

    ويمكن هنا أن نثير قضية الهوية اليهودية عند بيلو، إذ أنه كاتب أمريكي لا يمكن فهمه إلا في إطار الثقافة الأدبية الأمريكية، ولذا، فإن رواياته، سواء أكانت مادتها الخام يهودية أم كانت غير ذلك، تنبع من رؤية أمريكية للواقع، وطريقة السرد فيها أمريكية والصوت الروائي أمريكي. ففي رواية هندرسون ملك المطر يقوم البطل، وهو أمريكي غير يهودي، برحلة إلى أفريقيا كي يفهم ذاته ويكتشفها ثم يعود إلى وطنه مسلحاً بالحكمة الجديدة، وهذا هو النمط المتكرر في كثير من الروايات الأمريكية (موبي ديك لملفيل، و مغامرات هكلبري فين لمارك توين). أما هرزوج الذي سُمِّيت الرواية باسمه فهو يهودي، ولكن الانتماء اليهودي أو غيابه أمر ثانوي. وقد هاجم بيلو المفهوم الصهيوني الذي يطالب بتصفية الدياسبورا (أي الجماعات اليهودية في العالم) والذي يذهب إلى أن وجود اليهود خارج فلسطين هو حالة مَرَضيّة، كما هاجم فكرة أن يهود أمريكا شخصيات ممزقة منقسمة على نفسها، وبأن اليهودي الحقيقي هو من يعيش في إسرائيل. ووصف بيلو نفسه بأنه أمريكي مخلص لتجربته وحضارته الأمريكية « يتحدث اللغة الإنجليزية الأمريكية، ويعيش في الولايات المتحدة، ولا يمكنه أن يرفض ستين عاماً من حياته هناك». ومن ثم، فهو يرى أن مصطلح «كاتب يهودي» مصطلح مبتذل من الناحية الفكرية، وهو مصطلح ضيق الأفق، بل ولا قيمة له إطلاقاً.

    ومع هذا، فقد كتب بيلّو، علاوة على رواياته وأقواله، كتاباً صهيونياً مغرَقاً في العنصرية عن رحلته إلى إسرائيل إلى القدس والعودة (1976). ولعل هذا الكتاب ذاته دليل على أن يهود الدياسبورا يروجون عن أنفسهم صورة تريحهم نفسياً هي أنهم صهاينة يؤيدون إسرائيل، بينما تؤكد حياتهم المتعينة غير ذلك. وحينما يكتب بيلو رواياته، فإنه يدع خياله الخلاَّق يَفصح عن رؤيته المركَّبة. أما في كتابه الدعائي المُشَار إليه، فهو يتبنَّى موقفاً أكثر عملية ودعائية. ولعل طموح بيلو للحصول على جائزة نوبل كان له أثره الكبير على الآراء السياسية التي أفصح عنها في كتابه. وقد حصل بيلّو بالفعل على الجائزة بعد صدور الكتاب.


    بريمو ليفـي (1919-1987(
    Primo Levi
    كاتب إيطالي وكيميائي، وُلد في تورين لعائلة إيطالية يهودية مندمجة في تورين حيث درس الكيمياء في جامعتها وتخرج عام 1941، واشتغل في ميلانو. ومع سيطرة الفاشيين على السلطة، انضم إلى المقاومة الإيطالية، ولكنه وقع في الأسر ورُحِّل إلى معسكر الاعتقال النازي في أوشفيتس. ونظراً لخبرته الكيميائية، اُختير ليفي للعمل في معمل لإنتاج المطاط الصناعي لصالح المجهود الحربي الألماني. ومع انتهاء الحرب، عاد إلى تورين بعد رحلة شاقة، ليشتغل في تخصصه، ولكنه اتجه في الوقت نفسه إلى الكتابة حيث أراد تسجيل تجربته في معسكر أوشفيتس باعتباره شاهداً على ما حدث هناك، وكذلك باعتبار أن عملية التسجيل وسيلة لتفريغ مشاعره. وقد كانت ثمرة مجهوده كتابه الأول لو كان هذا رجلاً (1945) والذي وصف فيه تجربة معسكر الاعتقال بأسلوب مشابه لأسلوب دانتي في الجحيم، وقد سعى فيه إلى تفسير عملية التجرد من الإنسانية التي جرت في أوشفيتس من جهة، وقدرة البشر من جهة أخرى على الحفاظ على إنسانيتهم بفضل العقلانية والوعي بالذات. وفي كتابه الثاني الهدنة (1965)، روى رحلة عودته عبر أوربا إلى تورين بعد الحرب. وفي عام 1975، كتب ليفي سيرته الذاتية تحت عنوان الجدول الدوري استخدم فيه أساس العناصر الكيميائية في الجدول الدوري ليرمز بذلك إلى الأحداث المختلفة التي جرت في حياته والشخصيات الكثيرة التي عرفها ومن بينها العَالم الألماني الذي عمل في معمله خلال فترة اعتقاله في أوشفيتس، والذي ظل على علاقة عمل به بعد الحرب. وتناول ليفي أحداث معسكرات الاعتقال النازية مرة أخرى في كتاب الغرقى والناجون (1986) والذي ضم مجموعة مقالات تناولت مواضيع مثل الشعور بالذنب لدى الناجين من المعسكرات وظاهرة المتعاونين مع الألمان.

    وفي عام 1982، أصدر ليفي رواية بعنوان إن لم يكن الآن فمتى؟ تناول فيها قصة يهودي روسي من أفراد المقاومة خلال الحرب وهو يشق طريقه عبر أوربا إلى إيطاليا بهدف الإبحار إلى فلسطين.

    وقد ابتعد ليفي عن اليهودية بشكل خاص وعن الدين بشكل عام وأصبح لا أدرياً، ولكنه كان من المؤمنين بقيمة الصدق كقيمة مطلقة ودعا إلى التمسك بها على المستوى الشخصي، ومن ثم قاوم إغراء الصلاة أمام احتمالات الموت أثناء وجوده في معسكر الاعتقال، باعتبار أن دوافع الصلاة في مثل هذه الظروف دوافع عملية، ولذا فهي لا تعبِّر عن التقوى، بل هي شكل من أشكال الهرطقة والتجديف. مات ليفي منتحراً عام 1987 حيث كان يعاني من حالة اكتئاب حاد أدَّى به على ما يبدو إلى الإقدام على الانتحار.

    ورؤية ليفي للعالم متشائمة عدمية، ويتجلَّى هذا في تناوله لموضوع الإبادة النازية ليهود أوربا، إذ يرى أن الضحايا قد تعاونوا تماماً مع من ذبحهم، ومن ثم فإن الإبادة كانت عملاً مشتركاً بينهما ولا يمكن تجريم النازيين وحدهم. وغني عن القول أن هذا الموقف قد أدَّى إلى هجوم الكثيرين عليه.







  2. #22
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    أولجا كيرش (1924-)
    Olga Kirsh
    شاعرة يهودية من جنوب أفريقيا تكتب بالأفريكانز، لغة المستوطنين الهولنديين المعروفين باسم «أفريكانر». والأفريكانز هي لغة متفرعة عن اللغة الهولندية.

    وُلدت كيرش في جنوب أفريقيا لأبوين يهوديين، وكانت الأم تتحدث الإنجليزية. أما الأب، فكان من أصل ليتواني، وكان يفهم الإنجليزية ويفضل الحديث باليديشية. درست كيرش الأفريكانز والهولندية في الجامعة. ورغم أنها كانت تجيد كلاًّ من الإنجليزية والأفريكانز إلا أنها لم تتمكن من التعبير عن تجربتها الشعرية إلا بالأفريكانز وحدها. وأول دواوين شـعرها هـو ضوء كشَّاف (1944)، ثم حوائط القلب (1948). وقد ذاعت شهرتها لأنها اليهودية الوحيدة التي تكتب بلغة الأفريكانز. وقد عبَّرت كيرش عن موقف المستوطنين الهولنديين من السود وعن إحساسهم بالضيق من النخبة الحاكمة الإنجليزية.

    هاجرت كيرش إلى إسرائيل عام 1948، ولكنها لم تتمكن من كتابة الشعر بالإنجليزية أو العبرية. ثم عادت ونشرت عام 1972 ديوان شعر ثالثاً بالأفريكانز بعنوان تسع عشرة قصيدة. وقد زارت جنوب أفريقيا عام 1974 للاشتراك في مهرجان لغة الأفريكانز، ومن وحى هذه الزيارة كتبت ديوانها الأخير الأرض الثرية والبيات الشتوي في بلاد غريبة.

    وتثير سيرتها الأدبية قضية الانتماء اليهودي، فهي أديبة لا تكتب إلا بالأفريكانز (لغة المستوطنين البيض من أصل هولندي في جنوب أفريقيا). وقد فشلت في الكتابة عن أي موضوع يهودي أو إسرائيلي أو صهيوني، فظلت منابع وحيها وكذلك الوعاء اللغوي الذي تصب فيه إبداعها لا يتغيَّر رغم انتقالها من موطنها الأصلي إلى إسرائيل وبقائها فيها معظم حياتها. بل إنها حينما استوطنت في إسرائيل دخلت في فترة من الصمت الطويل دامت زهاء ثلاثين عاماً انحسرت بعودتها لوطنها الحقيقي. ولذا، فإن تصنيفها باعتبارها يهودية لا يفيد كثيراً.

    إيلـي فايـزل (1928-)
    Elie Wiesel
    روائي وصحفي فرنسي يهودي، وُلد في رومانيا في بيئة أرثوذكسية حسيدية، اعتقله النازيون حيث وُضع في معسكرات الاعتقال ولكنه لم يلق حتفه (على عكس بقية أعضاء أسرته). قضى بعض الوقت في باريس بعد الحرب العالمية الثانية، ثم انتقل إلى نيويورك وأصبح مواطناً أمريكياً عام 1963، ولم يهاجر إلى فلسطين. ولكنه، مع هذا، عمل مراسلاً لجريدة يديعوت أحرنوت عام 1949، وعمل أستاذاً للدراسات الإنسانية في جامعة بوسطن عام 1976.

    تتناول كُتبه تجربته في معسكرات الاعتقال النازية. وهو يُركِّز على تجربة اليهود وحدهم لا ضحايا الإبادة النازية الآخرين، وينظر إلى هذه التجربة من خلال التراث التلمودي والقبَّالي والحسيدي دون أبعاد إنسانية شاملة.

    ومن أهم رواياته وكتبه الليل (1961)، وبوابات الغابة (1964)، و أساطير زماننا (1968)، وكتاب يهود الصمت (1966) عن يهود الاتحاد السوفيتي، ورواية شحاذ القدس (1968) عن تجربة حرب الأيام الستة، حيث يبعث كل الشخصيات السابقة ورواياته وأساطيره ليقابلها أمام حائط المبكى. ومن أعماله الأخرى، الابن الخامس (1983). ومعظم أعماله كتبها بالفرنسية، ولكنه نشر أيضاً بعض الأعمال الأدبية بالإنجليزية، من بينها: أرواح مشتعلة (1973)، و القَسَم (1972)، ويهودي اليوم (1979). وينتمي فايزل إلى ما يُسمَّى «لاهوت موت الإله» وهو يَصدُر عن رؤية دينية ذات جذور تلمودية حسيدية قبَّالية يمكن وصفها بأنها حلولية متطرفة تُركِّز على ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي»، وأهم أحداث هذا التاريخ هو الإبادة النازية لليهود. والإبادة من منظور فايزل ليس لها مضمون إنساني عام، فهي ليست ظاهرة تاريخية اجتماعية (جريمة ارتكبتها الحضارة الغربية ككل ضد عدد من الأقليات والشعوب الغربية)، وإنما هي جريمة نازية وحسب (بل جريمة كل الأغيار) ضد اليهود وحدهم. بل إنها تجربة فريدة لا يدركها إلا من جرَّبها، ولذا فهي تستبعد الأغيار وتضع حاجزاً بين اليهود وغير اليهود. بل إن حادثة الإبادة حادثة ميتافيزيقية تستعصي على الفَهْم والتفسير، ولذا فيجب أن تُقبل كما هي. وإذا كان ثمة دلالة للإبادة، فهي إثبات أنه لا يمكن للإنسان أن يثق في الإله، وهو ما يعني أن الإله قد مات. فما العمل إزاء هذا الغياب وانعدام المركز واختفاء الثقة؟ ما العمل إزاء هذا العالم ما بعد الحداثي؟ ليس ثمة شيء سوى الشعب اليهودي، فهو المركز الوحيد الممكن. ولذا، فإننا نجد أن الموضوع الأساسي الكامن في كتابات فايزل هي التذكُّر، بل إن التذكُّر عنده يحل محل الصلوات. والتذكُّر هنا هو الالتفاف حول الذات اليهودية، وهو أمر لا معنى له، فهو مجرد إعادة شعائرية تشبه الاجترار والتكرار وتهدف إلى تأكيد بقاء الشعب اليهودي.

    وأكبر تعبير عن إرادة البقاء، حسب رأي فايزل، هو ظهور دولة إسرائيل، فهي المطلق السياسي الذي يُجسِّد إرادة الشعب اليهودي المطلق ويعبِّر عن سيادته التي حلت مشكلة اليهود التاريخية. فبدلاً من كونهم شعباً شاهداً، أصبحوا شعباً شهيداً، ومن الاستشهاد أصبحوا شعباً مشاركاً في صنع التاريخ، ومن ثم فإن الحفاظ على الدولة الصهيونية أمر غير خاضع للحوار أو النقاش، وأفعالها مهما كانت لا أخلاقية لا يمكن التساؤل بشأنها. ولذا، يرفض فايزل أن يدين الوسائل الإرهابية التي اتبعتها الحكومة الإسرائيلية لقمع الانتفاضة، بما في ذلك قتل الأطفال وكسر العظام. وروايات فايزل ليست ذات قيمة إنسانية كبيرة، كما أنها ليست على مستوى فني رفيع. ومع هذا، فقد مُنح جائزة نوبل عام 1986.

    هارولــد بنــتر (1930-)
    Harold Pinter
    كاتب مسرحي بريطاني يهودي من أصل سفاردي برتغالي. وكان الاسم الأصلي لعائلته هو «دا بنتا»، فقام بتغييره ليصبح «بنتر». تلقَّى بنتر تعليمه في المدارس الإنجليزية. وحينما التحق بالأكاديمية الملكية للفنون المسرحية، وجد الطلبة فيها أكثر صقلاً وتركيباً منه، فادَّعى أنه مصاب بانهيار عصبي وترك الدراسة. ثم رفض بعد ذلك أداء الخدمة العسـكرية نظراً لاعتراضه على أساس الضمير، وعمل ممثلاً بعض الوقت.

    في الخمسينيات، ظهر أول عمل مسرحي له، وهو الحجرة (1957). ثم ظهر له الجرسـون الأخرس و حفلـة عـيد الميلاد. ولكن أول نجاح حقيقي له كان في مسرحية الوصي (1960) والتي تُعَدُّ من أهم مسرحياته، وهي ملهاة مأساوية تنتمي إلى ما يُسمَّى «مسرح العبث» تتناول ثلاث شخصيات: أولهما هو ميك الذي يمتلك بيتاً مهجوراً ويهديه لأخيه المتخلف عقلياً، آستون، ولكن هذا الأخير يضعه تحت تصرف شخص متشرد لا مأوى له، والموضوعات الأساسية غير واضحة في المسرحية، ولكن هناك محاولة من جانب ميك أن يستعيد علاقته مع أخيه المتخلف عقلياً. ولكن المتشرد الوصيّ يتحول من مجرد شخص شريد هامشي إلى شخص عدواني ومنافس حقيقي لميك، ولكن المسرحية تنتهي بطرده.

    وهذه المسرحية عمل نموذجي لبنتر، فشخصياته تفشل دائماً في التواصل، ورغم أن لغة الحوار في المسرحية متميِّزة، إلا أن الشخصيات لا تمتلك لغة خاصة للتعبير عن عواطفها، ولذا يصف النقاد بنتر بأنه « سيد الصمت البليغ على المسرح »، والصمت عنده هو دائماً رمز الفشل الإنساني في التعبير. كما أنه يستخدم الصمت أيضاً ليوحي بما لا يمكن توصيله بالكلمات (ولذا، فإن مسرحياته تُسمَّى أيضاً «كوميديات الخطر»). وشخصيات بنتر غير قادرة على فهم نفسها أو على شرح مواقفها ولكنهم جميعاً يتميَّزون بإحساس هائل بالمكان أو المنطقة التي ينتمون إليها (المنزل في مسرحية الوصيّ). ولذا، فإن الصراع يدور دائماً بين الرجل الذي يجلس في الحجرة ويمتلكها والشخص الذي يقيم فيها.

    ومن أهم الموضوعات الأخرى التي تتناولها مسرحيات بنتر العلاقات الزوجية، فمسرحية المحب (1963) تتناول علاقة زوجية لا يستطيع الزوجان أن يستمرا فيها إلا بالتظاهر بأن علاقتهما مُحرَّمة وغير شرعية! أما مسرحية العودة (1964)، فتدور حول مثقف بريطاني يعود من الولايات المتحدة ومعه زوجته الأمريكية التي تواجه أسرته التي تنتمي للطبقة العاملة.

    كتب بنتر عدة مسرحيات للإذاعة، وحوَّل بعض مسرحياته إلى أفلام. ومن أهم مسرحياته الأخرى: المجموعة (1961)، وحفلة شاي (1964)، و خيانة (1978)، و الأيام الخوالي (1979)، و أصوات عائلية (1981). ويعترف بنتر بأن أهم المؤثرين فيه هم فرانز كافكا وصمويل بيكت وأفلام العصابات الأمريكية التي تركت أعمق الأثر فيه.

    ويرد اسم بنتر في بعض الموسوعات اليهودية، بينما يُسقَط من بعضها الآخر. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الدراسات الأدبية العامة في أدبه تذكر أصله اليهودي بشكل عابر، أو لا تذكره على الإطلاق، وهـذا يعـود إلى أنه لا يوجـد أثر عميـق لانتمائه اليهودي في أعماله الأدبية. وقد ذهب دليـل بلاكويل للثقافة اليهودية إلى أن "خلفية بنتر اليهودية تم التعبير عنها من خلال قنوات عالمية إنسانية". وهذه عبارة ليس لها مدلول واضح، فهي تؤكد أن خلفية بنتر يهودية، وهو أمر لا خلاف عليه، ولكنها تشير إلى أن هذه الخلفية اليهودية لم تترك أي أثر في أدبه، إذ أنه تم التعبير عن هذه الخلفية من خلال قنوات (أي أشكال) عالمية، أي أن مرجعيته النهائية هي إنسانيتنا المشتركة كما هو الحال مع كل الأعمال الأدبية العظيمة، وهي إنسانية مشتركة لم يتم التعبير عنها من خلال قنوات يهودية، على عكس دانتي الذي عبَّر عن إنسانيتنا المشتركة من خلال قنوات كاثوليكية، وعلى عكس ملتون الذي عبَّر عنها من خلال قنوات بروتستانتية، فأين تكمن هوية بنتر اليهودية؟

    أرنولــد ويســكر (1932-)
    Arnold Wesker
    كاتب مسرحي بريطاني يهودي، وُلد في لندن لعائلة من المهاجرين اليهـود من شـرق أوربا. ترك المدرسـة مبكِّراً، وتنقَّل بين عـدد من الأعمال، كما خدم في القوات الجوية الملكية لمدة سنتين، واستخدم جميع هذه الخبرات المتنوعة كمادة في مسرحياته الأولى التي كانت أقرب إلى السيرة الذاتية. وتدور أغلب مسرحيات ويسكر حول المشاكل والقضايا الاجتماعية، كما تعكس توجُّهه الاشتراكي وإيمانه بالمذهب الطبيعي. ويوجِّه ويسكر من خلال هذه المسرحيات النقد اللاذع لقيم المجتمعات الصناعية الحديثة وماديتها، كما يتناول مسألة الفجوة بين القيم والإنجازات المادية. ويقتصر البُعْد اليهودي في مسرحياته على استخدامه الشخصيات اليهودية في كثير من أعماله، وهي شخصيات عرفها في الحي الشرقي في لندن ذي الأغلبية اليهودية من المهاجرين، وقد تناول حياتهم ومشاكلهم وصراعاتهم الخاصة كتعبير أو رمز لصراعات وقضايا إنسانية أوسع وأشمل لا تقتصر فقط على حياة الجماعات اليهودية.

    صـدرت أول الأعـمال المسـرحية لويسـكر عام 1959 بعنوان المطبخ، واستمد عنوانها ومضمونها من عمله كطاه لفترة من حياته، وهو يرمز، من خلال تناوله الحياة داخل المطبخ في أحد المطاعم، إلى الصراع والتنافس الذي تتسم به الحياة في المجتمعات الصناعية التي هي أقرب إلى العبودية. حقَّق ويسكر شهرته من خلال ثلاثيته التي تضم مسرحيات حساء الفراخ بالشعير (1958)، و الجذور (1959)، و إني أتحدث عن القدس (1960). وتحاول المسرحيات الثلاث تسليط الضوء على أعراض المجتمع المريض، فالمسرحية الأولى تستعرض قصة أسرة يهودية من الطبقة العاملة في الحي الشرقي في لندن خلال الثلاثينيات والأربعينيات، حيث يتناول المؤلف من خلالها قضية المواجهة بين المُثُل الاشتراكية والاتجاهات الفاشية في بريطانيا في تلك الفترة، ثم تآكل هذه المُثُل على ضوء تجارب الواقع، ومن أهمها الستالينية في الاتحاد السوفيتي ودولة الرفاه في بريطانيا. كما يتناول مسألة تفكُّك مجتمع المهاجرين اليهود في الحي الشرقي في لندن وشعورهم بالغربة تجاه قيم المجتمع الصناعي الحديث. وتتناول المسرحية الثانية أيضاً قضية الغربة وانحطاط القيم. أما المسرحية الثالثة، فتدور حول محاولة اثنين من الشخصيات اليهودية في مسرحيته الأولى إقامة مجتمع مثالي في الريف وصعوبة أو استحالة ذلك في ظل مجتمع تسود فيه قيم تعارض مثل هذه الممارسات الفردية. ومن مسرحياته الأخرى، تشيبس مع كل شيء (1962) التي استمد مادتها من تجربته في القوات الجوية الملكية، ولهذا فهي تدور داخل العالم العسكري، وتتميَّز شخصياتها إما بالاستبداد والانحطاط، أو بالخضوع التام والانصياع.

    وفي مسرحية الفصول الأربعة (1965)، يترك ويسكر الإطار الاجتماعي العام ليتناول قضية الألم والمعاناة الشخصية التي بدأت تثير اهتمامه منذ أواسط الستينيات. وفي مسرحية المسنين (1972)، يتناول ويسكر من خلال شخصيات يهودية مسألة الحياة والبقاء عند كبار السن. أما في مسرحية مأدبة الزوج (1974)، فإنه يتناول قصة رجل أعمال يهودي، ويعود إلى قضية اصطدام القيم المثالية بحقائق الواقع القاسي. ويتناول نفس هذا الموضوع ولكن بشكل أكثر شمولاً في مسرحية التاجر (1977) التي تعتبر تناولاً جديداً لمسرحية تاجر البندقية لشكسبير.

    وبالإضافة إلى المسـرحيات، كتب ويسـكر القصـة القصيرة أيضاً. وتضم آخر أعماله مجموعة مختارة من المقالات (1985) التي يتناول في كثير منها مسألة يهوديته. وقد قام ويسكر خلال الستينيات بتأسيس وإدارة «المركز 42»، وهو مشروع ثقافي تم تحت رعاية اتحاد النقابات العمالية في بريطانيا بغرض توسيع رقعة الاهتمام الجماهيري بالفنون.







  3. #23
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    جيرزي كوزينسكي (1933-1991(
    Jerzy Kosinski
    كاتب أمريكي يهودي، وُلد في مدينة لودز في بولندا، وكان والده أستاذاً مرموقاً في جامعة لودز. تعرَّض كوزينسكي، خلال الاحتلال النازي لبولندا، لتجارب مريرة وقاسية، وعاش متشرداً في الريف البولندي، وفَقَد القدرة على النطق لمدة 6 سنوات. وقد تركت تجاربه المؤلمة خلال فترة الحرب آثارها العميقة في نفسيته وشخصيته، انعكست في كتاباته التي غلب عليها الطابع المظلم والسوداوي. وتعبِّر روايته العصفور الملون عن جزء كبير من هذه التجارب.

    عاش كوزينسكي في بولندا حتى عام 1957 حيث هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ونال درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة لودز عام 1953، ثم الماجستير في التاريخ عام 1955 من الجامعة نفسها، وعمل أستاذاً في معهد العلوم الاجتماعية والتاريخ الثقافي. وبعد هجرته إلى الولايات المتحدة، التحق بالدراسات العليا في جامعة كولومبيا في الفترة بين عامي 1958 و1965. وعمل محاضراً وأستاذاً زائراً وزميلاً لعدة جامعات ولعدد من مراكز الدراسات الأمريكية المرموقة.

    ولكوزينسكي مؤلفات عديدة من أهمها إستبس، أي خطوات، التي نال عنها الجائزة القومية (الأمريكية) للكتاب عام 1969، ومن أشهر أعماله أيضاً أن تكون هناك Being There (1971) الذي تحوَّل إلى فيلم سينمائي كتب له كوزينسكي السيناريو ونال عنه عدة جوائز.

    زار كوزينسكي بولندا عام 1988 لأول مرة منذ 31 عاماً، وأكد خلال زيارته على العلاقات التاريخية بين البولنديين واليهود، وأدان جميع أشكال التحيُّز سواء ضد البولنديين أو ضد اليهود. كما أن كوزينسكي، الذي يترأس الصندوق الأمريكي للبحوث البولندية ـ اليهودية، نجح خلال زيارته هذه في عقد اتفاق لإقامة مؤسسة للتراث البولندي ـ اليهودي في كازيميز، وهو الحي اليهودي القديم في كراكوف. وفي العام نفسه، كان كوزينسكي قد حوَّل شقته الصغيرة في نيويورك إلى مقر مؤسسة «برزنس»، وهي مؤسسة تعمل للحفاظ على ما يُسمَّى «التراث اليهودي».

    زار كوزينسكي إسرائيل في عام 1988 أيضاً، وأثار الدهشة والاستياء عندما دافع عن معاملة البولنديين لليهود خلال الحرب العالمية الثانية، وهاجم فيلم «شواه» الذي يتناول أحداث الإبادة النازية (الهولوكوست)، حيث اعتبره فيلماً متحيِّزاً وغير عادل على الإطلاق. كما أعرب عن رفضه أن يظل يُعرَّف مدى الحياة باعتباره أحد الناجين من الإبادة النازية.

    وقد تعرَّض كوزينسكي في أوائل الثمانينيات إلى بعض الاتهامات التي ألقت بظلالها على سمعته الأدبية، حيث ادعت مجلة فيليج فويس Village Voice على صفحاتها أن مساعدي كوزينسكي كتبوا أجزاء من كتبه، وأن أعماله الأولى المعادية للشيوعية كانت مموَّلة من المخابرات المركزية الأمريكية، وأنه اختلق بعض تفاصيل أحداث حياته.

    وقد تركت هذه الاتهامات آثارها في كوزينسكي، كما أصابه الاكتئاب بعد الاستقبال الفاتر الذي قوبل به كتابه الأخير ناسك شارع 69 (1988) الذي كان بمثابة سيرة ذاتية في قالب روائي خيالي. وكان كوزينسكي يعاني كذلك من تدهوُّر صحته، الأمر الذي كان يعوقه عن العمل. ولعل كل هذه الأسباب مجتمعة هي التي أدَّت إلى انتحاره باستخدام أحد الأساليب التي أوصت بها جمعية هيملوك (السم)، وهي إحدى الجمعيات التي تدعو إلى القتل الرحيم لمن يشكو مرضاً عُضَالاً، وهو نفسه الأسلوب الذي استخدمه عالم النفس الشهير برونو بتلهايم للانتحار قبل كوزينسكي بعام واحد.

    فيليـب روث (1933-)
    Philip Roth
    أهم روائي أمريكي يهودي، وُلد ونشأ في مدينة نيو آرك التابعة لولاية نيوجرسي لأسرة أمريكية يهودية بورجوازية مندمجة. وتدور قصصه حول الصراع الحاد الذي يدور داخل الأمريكيين اليهود بين ميراثهم اليهودي (اليديشي) من جهة، وجاذبية الحضارة الأمريكية (المسيحية) والعلمانية التي يعيشون فيها من جهة أخرى. أثارت أعمال روث جدلاً كبيراً، ولعل هذا يعود إلى صراحته غير العادية وإلى أن شخصياته اليهودية شخصيات كوميدية مريضة تكشف عن نفسها من خلال علاقات جنسية شرعية وغير شرعية، صحيحة ومرضية. وقد وصفه البعض بأنه يهودي كاره لنفسه وليهوديته.

    ومن أهم قصصه المدافع عن العقيدة، و تحوُّل اليهود عن عقيدتهم (1962)، ودرس التشريح (1983) حيث يحاول روث أن يتكشف التناقض الكامن في بعض التعريفات الأمريكية للهوية اليهودية، ويُبيِّن التضمينات الكوميدية الكامنة في مفاهيم مثل الشعب المختار والشعب المقدَّس، كما يكشف التناقض الكامن في الانشغال الزائد لدى اليهود بما حاق بهم من عذاب في الماضي وحساسيتهم الزائدة، بينما يعيشـون الآن في مجتمع علماني لا يكـترث بهـم ولا يُكن لهـم حباً ولا كُرهاً. ويتناول روث عادةً علاقات الأبناء بآبائهم، خصوصاً الأمهات، فموضوع الأم اليهودية شديدة الطموح والتسلط موضوع أساسي في رواياته. كما أن اهتمامه ينصرف كذلك إلى علاقة الرجال بالمرأة. إن الأنثى، خصوصاً اليهودية، متسلطة، زوجة كانت أم عشيقة، مخططاتها مختلفة عن مخططات الذكر. وهو يطلق على مثل هذه الأنثى «الأميرة الأمريكية اليهودية»، وقد أصبح هذا المصطلح شائعاً في الخطاب الأمريكي ويحمل معنى قدحياً. وفي مقابل ذلك، تشير روايات روث إلى الشيكسا، أي الأنثى غير اليهودية، التي تشكل جاذبية خاصة لليهودي. وأهم الروايات التي تتناول هذا الموضوع هي شكوى بورتنوي (1969) التي تأخذ شكل اعتراف رجل يهودي يبلغ من العمر 33 عاماً لمحلله النفسي.

    وتُعَدُّ رواية شكوى بورتنوي ذات أهمية خاصة من منظور هذه الموسوعة، إذ أن بطلها ينتقل بين الولايات المتحدة (الدياسبورا) وإسرائيل. وفي الولايات المتحدة، يكتشف أن هويته اليهودية إنما هي مصدر آلام له وليس لها قوام أو مضمون واضح، وتدفع به إلى ما يسميه روث المستنقع الأوديبي: أي الاهتمام المرضي بعلاقة الابن اليهودي بأمه اليهودية، وإحساسه العميق بالذنب حينما تتجه عواطفه نحو الشيكسا من بنات الواسب (Wasp)، أي الفتاة البيضاء (عادةً شقراء) من أصل أنجلو ساكسوني بروتستانتي.

    ولا يختلف الأمر كثيراً عندما يذهب البطل إلى إسرائيل، فإنه لا يعجبه ما يرى، إذ لا يجد ذاته الأمريكية اليهودية المركَّبة هناك. ولذا، فهو حينما يقابل فتاتين إسرائيليتين في أرض الميعاد، تنتهي العلاقة نهاية مأساوية ملهاوية، إذ تسأله الأولى، وهي ملازم في الجيش الإسرائيلي، إن كان يفضل الجرارات أو البلدوزرات أو الدبابات. أما الثانية (ناعومي)، فهي إسرائيلية حقة، وُلدت في إحدى المستعمرات بالقرب من الحدود اللبنانية، وأتمت خدمتها في الجيش الإسرائيلي، ثم استقرت في إحدى المستعمرات الواقعة على الحدود السورية، وهي لا تكف عن الثرثرة عن الاشتراكية وعن الفساد الذي يسود المجتمع الأمريكي.

    وقد لقنته هذه الفتاة المحاربة درساً في التاريخ اليهودي من وجهة نظر صهيونية، فأخذت تتحسر على تلك القرون الطويلة التي عاشها اليهود بلا ديار ولا مأوى، والتي أفرزت أمثاله من الرجال "الخائفين المخنثين الذين لا يعرفون قدر أنفسهم، والذين أفسدتهم الحياة في عالم الأغيار". بل إنها تلومه على ما حدث لليهود في ألمانيا النازية "فيهود الشتات، بسلبيتهم، هم الذين ساروا بالملايين إلى غرف الغاز دون أن يرفعوا يداً ضد مضطهديهم... الشتات! إن الكلمة ذاتها تثير حنقي". ولا غرو أن بورتنوي لم يُوفَّق بعد هذا في العثور على فتاة أحلامه في إسرائيل.

    وتعكس روايات روث واقع يهود الولايات المتحدة الأمريكية الذين يتمتعون بمعدلات عالية من الاندماج (أو يعانون منها حسب الرؤية الصهيونية). ولذا، فإن رؤيتهم للواقع، وأحلامهم، وطموحاتهم، لا تختلف كثيراً عن رؤية وأحلام وطموحات أعضاء الأغلبية، فحلمهم هو الحلم الأمريكي. وهذا أمر مُتوقَّع من أبناء مهاجري اليديشية الذين تركوا أوطانهم واستقروا في أمريكا ليحققوا الحراك الاجتماعي، وإذا وجد الشاب اليهودي أن الشيكسا ذات جاذبية خاصة فهذا أمر منطقي لأقصى حد.

    وفي رواياته الأخيرة، بدأ روث يتجه نحو داخله باعتبار أنه فنان يهتم بعملية الإبداع بشكل خاص، وذلك في روايات مثل حياتي كرجل (1974)، والكاتب الشبح (أي الذي يصوغ كتابة ما يكتبه الآخرون صياغة أدبية) عام 1979، و زوكرمان طليقاً (عام 1981)، وتدور روايتا الكاتب الشبح، و زوكرمان طليقاً حول حياة الروائي زوكرمان الذي تشبه حياته حياة روث نفسه، وهي حياة مليئة بالمتناقضات. إنه متعطش للنجاح ولكنه لا يود أن يطارده المعجبون، ويتصرف كابن بار بأسرته ثم لا يُطيع أوامر أبيه، وينشر رواية تدور أحداثها عن أسرته ثم يتبيَّن مساوئها، ويتوق للإثارة والهدوء، ويتزوج من نساء مثقفات متزنات ثم يرفضهن لأنهن مثقفات متزنات، ويقوم بعمليات مطاردة جنسية للنساء ثم يرفض أي نقد موجه لهذه المطاردات، ويكتب روايات فاضحة عن اليهود ولكنه لا يفهم لماذا تستجيب المؤسسة اليهودية لرواياته استجابة سلبية.

    وقد صدرت لروث روايات أخرى، مثل: حينما كانت خيِّرة (1967)، و عصابتنا (1971)، و الرواية الأمريكية العظمى (1973)، و قراءة نفسي والآخرين (1975)، و أستاذ الرغبة (1977). ومن آخر رواياته رواية الحياة المضادة (1986) حيث يستكشف معنى حياة اليهود في إسرائيل وخارجها و عملية شيلوك (1992).

    تدور الرواية الأخيرة حول الكاتب نفسه (فيليب روث) الذي يذهب إلى إسرائيل لإجراء مقابلة مع كاتب إسرائيلي معروف، وهناك يجد نظيراً له يحمل الملامح نفسها والاسم نفسه ويزعم أنه هو نفسه فيليب روث. يدعو فيليب روث الثاني هذا إلى ما يسميه «نظرية النية» ومفادها أن الأجدى لليهود الهجرة من إسرائيل إلى أوربا لأن واقعهم الثقافي الحقيقي كان دائماً هناك ولأن إسرائيل ستكون الموقع الجديد لإبادة اليهود في حرب نووية مع العرب، كما يصبح المؤلف/البطل محور العديد من الأحداث التي تدور في إسرائيل في زمن الانتفاضة. ومن أطرف المواقف في الرواية أن فيليب روث الحقيقي توقفه دورية إسرائيلية ليلاً وتشتبه في أنه عربي فيمر بلحظات رعب قبل أن ينجح في إثبات هويته. وتؤكد الرواية «أن على اليهود واجباً أخلاقياً لا مفر منه، هو تعويض الفلسطينيين عما اقترفه اليهــود ضدهم من طرد وتعذيب وقتـل ». ثم يؤكـد بطـل الروايـة « بغض النظر عن كل شيء: الفلسطينيون كشعب، أبرياء بالكامل، واليهود كشعب، مُعذَّبون بالكامل».


    سينثياأوزويك (1928-)
    Cynthia Ozick
    روائية أمريكية يهودية وكاتبة قصة قصيرة،وُلدت ونشأت في نيويورك حيث تلقت تعليمها. قرأت أعمال ليو بايك، ومارتن بوبر،وفرانز روزنزفايج، وهرمان كوهين. وأولى رواياتها ثقة (1966) وتدور أساساً حولالصراع الناشئ بين الوثنية والدين، أو بين الطبيعي المادي والمقدَّس الروحي، وهيهنا ترى أن اليهودية وحدها هي التي تُجسِّد النزعات الدينية والروحية. وقد تناولتالموضوع نفسه في مجموعة قصصها القصيرة الحاخام الوثني وقصص أخرى (1971). ففي إحدىالقصص يظهر الحاخام كورن فيلد، أي حقل القمح، الذي تنجذب روحه إلى الطبيعة، وتبتعدعن طريق الروح والدين حتى ينتهي به الأمر إلى عبادة إله الطبيعة فيشنق نفسه علىشجرة. ويتواتر الموضوع نفسه في كتابها الثاني إراقة الدم وثلاث روايات قصيرة (1976)، وأخيراً في التنين: خمس روايات (1982)، حيث نجـد أن الشـخصيات المسيحيةتختار الطبيعة، أما الشخصيات اليهودية فتتجاوز عالم المادة والطبيعة، الأمر الذييعني أن الوثنيين (المسيحيين) سيظلون دائماً ملتصقين بالمادة، أما اليهود فهم وحدهمالقادرون على التسامي والتجاوز. ويُلاحَظ أن الشخصيات المتهودة تظل ذات طابع وثنيطبيعي رغم تبنيها اليهودية ديناً. ذلك أن التهود، كما يبدو، لا يكفي لتغيير طبيعتهمالوثنية المسيحية. ومثل هذه الرؤية تُبيِّن أثر الفكر القبَّالي الوسيط والعرْقيالحديث على أوزيك.

    وقد كتبت أوزيك مجموعة مقالات ضمتها في كتاب الفنوالحماس (1983) حيث تتناول الموضوع السابق نفسه، كما حاولت أن تتناول موضوع المرأة. أما آخر كتبها ماشيَّح ستوكهولم (1987)، فيتناول موضوع النزعة المشيحانية.





  4. #24
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    البابالثامن: الآداب المكتوبة بالعبرية



    أدب عـبري وأدب مكتوب بالعبرية
    Hebrew Literature and Literature Written in Hebrew
    تُستخدَم أحياناً عبارة «الأدب العبري» للإشارة إلى الأعمال الأدبية المكتوبة بالعبرية. وهو اصطلاح عام مقدرته التفسيرية والتصنيفية ضعيفة للغاية، فهو يشير إلى الانتماء اللغوي للعمل الأدبي وحسب ولا يغطي الانتماء الحضاري أو القومي. فتشرنحوفسكي ويهودا اللاوي كلاهما كتب بالعبرية، غير أن الأول ينتمي إلى التقاليد الأدبية الروسية الرومانتيكية، بينما ينتـمي الثاني إلى التراث الأدبـي العـربي في الأندلس، أي أن القاسم المشترك بينهما ليس سوى اللغة وحسب. بل إن العبرية التي استخدمها كلٌّ منهما متأثرة بالمحيط الحضاري، ومن ثم فإن أياً منهما لم يكتب «أدباً عبرياً» وإنما عبَّر عن نفسه ورؤيته من خلال «أدب مكتوب بالعبرية». وحيث إن هذه الآداب تتنوع بتنوع التقاليد الحضارية والأدبية واللغوية فنحن نتحدث عن «الآداب المكتوبة بالعبرية». أما «الأدب الإسـرائيلي» فهو الأدب المكتـوب بالعـبرية في إسرائيل بعد عام 1960، ونشير له أحياناً بأنه «الأدب العبري الحديث».

    وقد اعتبرنا أن عام 1960 نقطة فاصلة ظهر بعدها الأدب العبري في إسرائيل (فكل من مات بعد هذا التاريخ من أدباء العبرية صُنِّف على أنه «أديب إسرائيلي»)، وهو اختيار فيه شيء من التعسف كما هو الحال في مثل هذه الأحوال. ومع هذا، يمكننا القول بأن الآداب المكتوبة بالعبرية، والتي كُتبت قبل ذلك التاريخ لم تكن متأثرة بالتقاليد الأدبية المختلفة التي وجد فيها الأدباء وحسب، وإنما هي صادرة عنها. ولا يمكن إطلاق مصطلح «أدب إسرائيلي» على تشرنحوفسكي لمجرد أنه هاجر إلى فلسطين، فالإنسان لا يغيِّر وعيه أو وجدانه أو طريقة إبداعه بمجرد انتقاله من مكان إلى آخر، خصوصاً إذا كانت قد تقدمت به السن وتشكلت رؤيته وتحددت أدواته الأدبية. أما في الستينيات، فرغم أن الأدب العبري كان لا يزال متأثراً بالتقاليد الأدبية الغربية (الحداثة وما بعد الحداثة)، والتي يُقال لها «عالمية»)، فإنه كان لا يختلف في ذلك كثيراً عن كثير من الآداب القومية التي تحاول الوصول إلى ما يُسمَّى «العالمية»، كما أنه بدأت تظهر له شخصية مستقلة، وأصبح يعبِّر عن آمال وآلام جيل الصابرا وتجربتهم التاريخية مع الاستيطان. وهو كذلك يعالج مشاكل الاستيطان الإسرائيلي بواقعه ومكوناته التي تشتمل أيضاً على ما هو غير يهودي وغير صهيوني.

    ومع هذا، يمكن القول بأن عبارة «الأدب المكتوب بالعبرية» غير مرادفة تماماً لعبارة «الأدب لإسرائيلي» إذ ليس كل الأدب الإسرائيلي مكتوباً بالعبرية، فلا نعدم أن نجد من يكتب بغير العبرية مثل الكاتبة يئيل ديان التي تكتب بالإنجليزية (ولكنها تمثل الاستثناء وليس القاعدة )، وهناك أدباء عرب يكتبون بالعبرية مثل أنطون شماس صاحب رواية أرابيسك (1986) التي كتبها بعبرية أدهشت النقاد الإسرائيليين. وكان شماس قد كتب ونشر قصائد بالعربية والعبرية في السبعينيات، وفي الفترة نفسها تقريباً بدأت سهام داود، وهي كاتبة وصحفية عربية من حيفا، تكتب الشعر بالعبرية أيضاً.

    وفي عام 1992 كتب الشاعر الفلسطيني توفيق زياد،عضو الكنيست الإسرائيلي، قصيدة هجا بها ليون زئيفي، أحد ممثلي أقصى اليمين الصهيوني في الحكومة الإسرائيلية. وكانت القصيدة على وزن المقامة، وهي لون شعري عبري كان يُقال على غرار المقامة العربية.

    ويعكف الشاعر الفلسطيني العربي نعيم عرايدي على كتابة رواية بالعبرية، وهو الذي عُرف بوصفه شاعراً وكاتباً عربياً في إسرائيل. وهناك محاولات ترمي إلى إدخال هذه الكتابات العربية التي كتبها فلسطينيون عرب من مواطني إسرائيل في تصنيف «الأدب الإسرائيلي»، وهو أمر يصعب قبوله. وربما قد يكون من الأفضل الإشارة لكتابة هؤلاء باعتبارها «أدب عربي مكتوب بالعبرية».

    الأدب الإسـرائيلي
    Isreali Literature
    «الأدب الإسرائيلي» عبارة تُستخدَم للإشارة إلى «الأدب المكتوب بالعبرية في فلسطين المحتلة منذ عام 1960» وهي عبارة مرادفة تقريباً لعبارة «الأدب العبري الحديث».

    الآداب المكتــوبة بالعــبرية حـتى العـصر الحـديث
    Literature Written in Hebrew up to the Present
    تُعتبَر أسفار موسى الخمسة أقدم النماذج الأدبية العبرية التي يدل أسلوبها وبناؤها على تأثرها بالتشكيلات الحضارية المجاورة: البابلية والكنعانية والمصرية... إلخ، وجاء بعدها من الناحية التاريخية كتب الحكمة مثل سفر الأمثال وأيوب وسفر الجامعة، والأشعار الدينية مثل المزامير والمراثي،وأشعار الحب والغزل مثل نشيد الأنشاد.ويرى بعض نقاد العهد القديم أن كتب الأنبياء ذاتها، رغم توجُّهها الديني والسياسي الواضح،أعمال أدبية يتسم أسلوبها بالجمال.

    أما الكتب الدينية التي ظهرت بعد ذلك فمعظمها مكتوب بالعبرية المشوبة بالآرامية، وما كُتب منها بالعبرية ليس ذا قيمة أدبية كبيرة. ويمكن الإشارة إلى بعض الكتب الخفية (أبوكريفا) والفتاوى الدينية وقصائد البيوط، وبعض الكتب الدينية مثل الشولحان عاروخ وكتب القبَّالاه، باعتبارها أعمالاً دينية لا تخلو من القيمة الأدبية، خصوصاً كتب القبَّالاه التي طوَّر كُتَّابها نسقاً رمزياً مركباً يدل على خيال خصب.

    ولكن الكتابات السابقة تظل نصوصاً غير أدبية تُوظِّف القيم الجمالية والأدبية من أجل هدف غير أدبي: ديني أو فلسفي أو تأمُّلي. غير أنه ظهر أدب مكتوب بالعبرية بين يهود العالم العربي والعالم الإسلامي، وكانت أهم مراكزه في الأندلس. ولما كان الشعر الغنائي هو أهم الأغراض الأدبية عند العرب، فقد انعكس هذا على الجماعة اليهودية. فظهر شعر غنائي عبري متأثر في أخيلته وعروضه بالشعر العربي.ووصل هذا الشعر إلى ذروته في الفترة بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر.ومن أهم شعراء العبرية في الحضارة الإسلامية،سليمان بن جبيرول ويهودا اللاوي (هاليفي) وموسى بن عزرا المعروف عند العرب باسم «أبو أيوب سليمان بن يحيى بن جبيرول».ومما يجدر ذكره أن أغراض الشعر المكتوب بالعبرية داخل الحضارة العربية لم تكن دينية وإنما كانت دينية ودنيوية، فكانت تضم غزليات وخمريات وفخراً ووصفاً للطبيعة. وقد ظهرت أنواع أدبية أخرى بين يهود الحضارة العربية الإسلامية مثل المقامات والمقالات، ولكن الشعر الغنائي يظل النوع الأدبي الأساسي.

    وقد ظهر في إيطاليا شعر غنائي مكتوب بالعبرية إبان عصر النهضة. وكان عمانوئيل بن سولومون (عمانوئيل الرومي) هو أهم شاعر غنائي، فكتب سوناتات وقصائد هجائية، كما أن قصيدته «جهنم والجنة» متأثرة بقصيدة دانتي الكوميديا الإلهية.







  5. #25
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    سـليمان بــن جــبيرول (1021-1056)
    Solomon Ibn Gabirol
    شاعر وفيلسوف عربي يهودي كتب بعض الأعمال بالعبرية. عاش في إسبانيا الإسلامية (الأندلس)، وعُرف عند العرب باسم أبي أيوب سليمان بن يحيي بن جبيرول. وُلد في ملقا، وكان قبيحاً معتل الجسم. نزح إلى سرقسطة حيث تعرَّف إلى رئيس الجماعة اليهودية في المدينة الذي قُتل عام 1039. ثم اتجه ابن جبيرول إلى غرناطة ملتجئاً إلى ابن نغريلة وانضم إلى حاشيته. ويُقال إنه مات في ظروف مشابهة لموت يهودا اللاوي. وربما يدل هذا على الجانب الأسطوري في القصة التي تذهب إلى أن عربياً قد قتله.

    نَظَم عدة قصائد عبرية على نظام الموشحات، كما نظم قصيدة تتناول النحو العبري على غرار ألفية بن مالك، وكتب المدائح في أولياء نعمته. وتعالج قصائده الدنيوية موضوعات مثل الحب والخمريات ووصف الطبيعة والشكوى من الزمان والعالم. أما قصائده الدينية، فتعالج الموضوعات اليهودية التقليدية مثل البكاء من أجل صهيون.

    كتب ابن جبيرول بعض الأعمال الفلسفية بالعربية كعادة المفكرين العرب من اليهود، ثم تُرجمت هذه الأعمال إلى العبرية فيما بعد ومنها إلى اللاتينية حيث تركت أثراً في الفكر المسيحي. ومن أهم مؤلفاته كتاب ينبوع الحياة الذي يبيِّن أثر الأفلاطونية المحدثة عليه. وتتميَّز مؤلفاته بأنها خالية من الإشارة إلى اليهودية والعهد القديم، كما أنها تتناول موضوعات فلسفية ذات صبغة إنسانية في العادة. ولذا، كان البعض يتصور أن مؤلفاته من وضع كُتَّاب مسلمين. وقد اشترك بياليك في جمع أشعاره ونشرها عام 1924.

    الآداب المكتوبة بالعبرية منذ بداية العصر الحديث حتى عام 1960
    Literature Written in Hebrew from the Beginning of Modern Times to1960
    يرى بعض مؤرخي الآداب المكتوبة بالعبرية أن نقطة بداية هذه الآداب في العصر الحديث هو عام 1743، باعتباره العام الذي نشر فيه لوتساتو قصيدة مدح المستقيمين. ولكن هناك من يذهب إلى أن البداية الحقيقية إنما كانت في ألمانيا على يد نفتالي هيرتس فيزلي. ومهما يكن الأمر، فإن ما أُنتج من أعمال أدبية مكتوبة بالعبرية منذ عصر النهضة حتى أواخر القرن الثامن عشر لم يكن من الأهمية بمكان، وهو ما يجعل الإشكالية غير ذات موضوع.

    وفي تصوُّرنا أن تاريخ هذا الأدب يمتد حتى عام 1960 وهو العام الذي تبلوَّر فيه الأدب العبري الحديث،أو الأدب الإسرائيلي، وهو الأدب المكتوب بالعبرية والذي يعبِّر عن تجربة المستوطنين الصهاينة في فلسـطين وبخاصـة أبناؤهـم ممن وُلدوا ونـشأوا في فلسـطين.

    ومنذ عصر النهضة في الغرب كانت الأعمال الأدبية المكتوبة بالعبرية، في الأساس، تقليداً واضحاً وصريحاً للأعمال الأدبية الأوربية التي كان يتفاعل معها الأدباء الذين يكتبون بالعبرية في الغرب، وهو أمر مفهوم تماماً، فقد كانوا يعيشون في كنف الحضارة الغربية وكانت أول لغة يتعلمونها هي لغة البلد الذي يعيشون فيه. ومع غياب أية تقاليد أدبية راسخة، أو أعمال أدبية كبرى بالعبرية، كان لابد أن يتوجه هؤلاء الأدباء من أعضاء الجماعات اليهودية نحو الأعمال الأدبية المتاحة لهم باللغة التي يعرفونها. ولذا، جاءت أغلب الأعمال الأدبية المكتوبة بالعبرية إما مُترجَمة عن أصل أوربي أو مُقلِّدة له دون إبداع، متأثرةً في الشكل والمضمون بعمل أدبي غربي ما. وفي أغلب الأحيان، جاءت الترجمات أبعد ما تكون عن الأصل، هذا على عكس ما يحاول النقاد الصهاينة إثباته حيث يذكرون أن ما يسمونه «الأدب العبري» جاء نتيجة حركيات داخلية وتطوُّر طبيعي حدث بين أعضاء الجماعات اليهودية. ولكن التغيُّر في مجال الأدب لا يختلف عن التغيُّر في المجالات الأخرى، فالتحولات الضخمة التي طرأت على إيطاليا في عصر النهضة هي التي صاغت حياة كل أعضاء المجتمع بما في ذلك أعضاء الجماعات اليهودية باعتبارهم جزءاً منه. وقد تركت الثورة الفرنسية والثورة الصناعية أعمق الأثر في الجماعـات اليهودية داخل أوربا ثم خارجها.

    نشأت الآداب المكتوبة بالعبرية في العصر الحديث من خلال تصاعد معدلات العلمنة في المجتمعات الغربية، إذ أدَّى هذا إلى أن الأدباء الذين يكتبون بالعبرية بدأوا يُسقطون الحديث عن القيم المطلقة في الفكر الديني اليهودي. بل إنهم تناولوا الموروث الديني من منظور لاديني، فمنهم من رفضه تماماً، ومنهم من حوَّله إلى مادة بحث وأعاد النظر فيه، ومنهم من اعتبره تراثاً شعبياً قومياً. ولذا نجد أن السمة الأساسية للآداب المكتوبة بالعبرية في العصر الحديث والتي تُميِّزها عما سبقها من آداب مكتوبة بالعبرية هي توجُّهها نحو الموضوعات الدنيوية وابتعادها عن الموضوعات الدينية (على الأقل داخل التشكيل الحضاري الغربي).

    وظهرت في الآداب المكتوب بالعبرية الموضوعات الأساسية المتواترة في الآداب الغربية مثل العودة للطبيعة والبحث عن الذات والاغتراب عنها، وإن كانت هذه الموضوعات قد اكتسبت أحياناً بُعداً خاصاً في الآداب المكتوب بالعبرية، نظراً للتجربة الخاصة لأدباء العبرية باعتبارهم أعضاء في أقليات تواجه مشاكل خاصة لا يواجهها أديب من أعضاء الأغلبية. وعلى سبيل المثال، فإن الأديب الذي يكتب بالعبرية حين يحاول، بتوجُّهه العلماني، التمرد على التراث الديني اليهودي، شأنه في هذا شأن كثير من الأدباء الغـربيين، ويقرر العـودة إلى تراثه، فإنه يعود لهذا التراث الذي رفضه. ومن هنا ظهرت ازدواجية القبول والرفض.

    وبإمكان الدارس أن يعثر لدى الأديب الواحد على أعمال ترفض التراث وتهاجمه بحدة وعلى أعمال أخرى تمجده، الأمر الذي يدفعنا إلى القول بأن الآداب الحديثة المكتوبة بالعبرية وُلدت فاقدة الاتجاه. ومن هذا المنظور، يمكن أن نفهم يهودا ليف جوردون في محاربته اليهودية الحاخامية في الوقت نفسه الذي تحدث فيه عن داود وبرزيلاي. وكذلك مابو الرومانسي الذي كتب رواية محبة صهيون في الوقت نفسه الذي كَتَب فيه المنافق . ومن الطبيعي أيضاً أن يتحوَّل موشيه ليلينبلوم داعية التنوير إلى صهيوني رومانسي في مرحلة تالية. وحينما ظهر الفكر الصهيوني، حاول آحاد هعام أن يعثُر على صيغة للتوفيق بين النزعتين الدينية والمعادية للدين، فقال: إن الأدب العبري في العصر الحديث هو صورة علمانية للتقاليد القديمة.

    وفي محاولة تبرير هذه الازدواجية الدينية/اللادينية، في الآداب المكتوبة بالعبرية، حاول النقاد تفسير استلهام التراث على أنه أساساً عملية أدبية حوَّلت التراث نفسه إلى مادة أدبية. فالأصل الإنساني لهذه المادة هو الذي أثار الاهتمام الأدبي لدى أدباء العبرية وليس القداسة الإلهية فيها.

    ومما يؤكد أن ما نتحدث عنه هو «آداب مكتوبة بالعبرية» لا «أدب عبري واحد» أن المراكز التي ظهر فيها هذا الأدب متعددة (بل ونجده متعدد المراكز داخل الدولة الواحدة)، فلقد ظهر في وقت واحد في كلٍّ من إيطاليا حيث تأثر بالأدب الإيطالي، وألمانيا حيث تأثر بأدب التنوير وأعمال شيلر وجوته، وفي روسيا حيث تأثر بالأدب الفرنسي والأدب الألماني وبالأدب الروسي في مرحلة لاحقة. ولا يمكن فَهْم الآداب المكتوبة بالعبرية إلا بالعودة للتقاليد الحضارية والأدبية المختلفة التي وُلد من رحمها هذا الأدب والتي تفاعل معها الأدباء الذين يكتبون بالعبرية.

    ويمكن أن نشير إلى ثلاثة مصادر رئيسية للتأثير في الآداب المكتوبة بالعبرية في العصر الحديث، وهي: الأدب الروسي في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وأدب غرب أوربا في بداية القرن العشرين، والأدب الأنجلو ساكسوني الذي أثر أساساً في أدباء العبرية الذين أقاموا في الولايات المتحدة وعلى الأدباء الشبان بعد ذلك في إسرائيل. ومما عمَّق أثر الآداب الأوربية على الآداب المكتوبة بالعبرية أنه، منذ ثمانينيات القرن الماضي، تُرجمت إلى العبرية العديد من أعمال الأدباء الأوربيين، وقام على هذه الترجمات عدد من كبار أدباء العبرية، مثل: فريشمان وبياليك وبرينر وعجنون وجنسين وبارون، وغيرهم. وفي جيل أبراهام شلونسكي وناثان ألترمان وليئة جولدبرج، تحوَّل أسـلوب الترجمة إلى مصـدر تأثير في الأسـلوب النثـري في العبرية.






  6. #26
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    ويمكن أن نقسم مراحل الآداب المكتوبة بالعبرية في العصر الحديث إلى فترات تاريخية على النحو التالي:

    1 ـ الآداب المكتوبة بالعبرية في القرن التاسع عشر (التنوير وإرهاصات الفكر الصهيوني).

    2 ـ الآداب المكتوبة بالعبرية في النصف الأول من القرن العشرين (تبنِّي المُثُل الصهيونية).

    3 ـ المرحلة الفلسطينية.


    وسنضيف إلى جانب التقسيم التاريخي تقسيماً جغرافياً. فالجماعات اليهودية عاشت خلال هذه الفترات في أماكن متعددة من أوربا، وخضعت هناك لمتغيرات بيئية جعلت التباين بينها واضحاً من حيث الأنماط السلوكية والحياة الفكرية التي تركت آثاراً واضحة في الإنتاج الأدبي المدوَّن في هذه الفترة.

    1 ـ الآداب المكتوبة بالعبرية في القرن التاسع عشر:

    لا يمكن أن نفهم بداية الآداب الحديثة المكتوبة بالعبرية بمعزل عن المتغيرات التي تعرضت لها أوربا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. فحينما انتشر فكر الاستنارة في أرجاء أوربا، انعكس ذلك في حركة تنوير بين أعضاء الجماعات اليهودية حيث انتشرت بينهم بسرعة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، مُثُل حركة الاستنارة، وتبلورت بوضوح إبان القرن التاسع عشر.

    أ) غرب أوربا:

    ظهر في إيطاليا، معقل النهضة الأوربية، الأديب اليهودي موشيه حاييم لوتساتو الذي دفع الآداب المكتوب بالعبرية نحو الموضوعات العلمانية. ولم يكن لوتساتو الوحيد الذي بَرَز من الشعراء اليهود في ذلك الوقت. فقد برز معه أيضاً شعراء أمثال شبتاي حاييم ماريني الذي ترجم التناسخ عن أبوديوس، ويسرائيل بنيامين باسان الذي ترجم العديد من القصائد الإيطالية إلى العبرية، وغيرهما كثير. ولكن لوتساتو كان يتميَّز عنهم بجمال أسلوبه وبتملُّكه ناصية الشعر وبسعة الخيال، الأمر الذي مكَّنه من طَرْق موضوعات جمالية اعتُبرت في ذلك الوقت جديدة على الأدب وخرقاً للتقاليد الدينية اليهودية.

    وإذا كان موسى مندلسون هو الذي وضع الإطار الفكري لحركة الاستنارة، فإن نفتالي هيرتس فيزلي هو أديب التنوير في ألمانيا والذي وسَّع قاعدته بين أعضاء الجماعات اليهودية وأرسى أُسُس فن المقال في الآداب المكتوبة بالعبرية، كما كتب العديد من القصائد.

    وعموماً، فإننا نلاحظ أن كثيراً من أعمال أدب التنوير في ألمانيا قد تناولت القصة الدينية، كما يُلاحَظ تكرار استخدام شخصيات موسى وداود وشمشون وشاؤول. وكتب العديد من الأدباء مسرحيات ذات موضوعات توراتية أو مستوحاه من التراث الديني.

    وتُعتبَر حركة التنوير في النمسا فرعاً من فروع حركة التنوير في ألمانيا. وقد سار أدباء النمسا على نفس النهج الذي سار عليه أدباء برلين من استخدام الصورة الشعرية الحديثة واستلهام التراث في أعمالهم. ومن أشهر أدباء التنوير في النمسا، نفتالي هيرتس هومبرج ومناحيم مندل ليفين وشلومو بابنهايم، حيث لعب كلٌّ منهم دوره في إشاعة الاتجاه نحو تجديد الصورة التي اختطها فيزلي. وأشهر أدباء العبرية في النمسا شالوم هاكوهين، وريث فيزلي، الذي يُعتبَر حلقة الوصل بين الأدب المكتوب بالعبرية في ألمانيا والأدب المكتوب بالعبرية في النمسا.

    واستمر أدب التنوير في غرب أوربا حتى عام 1820 تقريباً. ورغم الأهمية التي يضفيها عليه مفكرو الصهيونية، فإنه كان فقيراً في قيمته الأدبية. فلا يوجد في هذه الفترة أديب يهودي واحد يمكن أن ترقى أعماله إلى مرتبة الأدب العظيم. وليس فيها عمل أدبي يرقى إلى مرتبة الإنتاج ذي القيمة الإنسانية التي تعيش معه عبر العصور متجاوزاً الأهمية التاريخية. وعموماً، فإن من سمات هذه الفترة أن الإنتاج الأدبي تنوَّع وطَرَق فروعاً ومجالات لم يعرفها من قبل. كما تم فيها تحديث اللغة العبرية إذ تحوَّلت من لغة تُتلى في المعابد وتُرتَّل بها الصلوات إلى لغة تُستخدَم استخداماً أدبياً. وكان هذا التحديث اللغوي بدوره نتاجاً مباشراً للحركة الرومانسية في أوربا الغربية.

    ومن الأمور التي ينبغي تسجيلها عدم وجود قصة واحدة طويلة باللغة العبرية، بل لم يُترجَم إلى العبرية سوى بعض القصص القصيرة. أما الموضوعات النثرية ذات الطابع القصصي التي نُشرت في الدورية الأدبية العبرية هامآسيف (صدرت في ألمانيا عام 1784)، فلا ترقى بأية حال إلى مستوى الفن القصصي الرفيع. ومما يسترعي الانتباه أيضاً في هذه الفترة نوعية الأدباء أنفسهم، فكثير من الأثرياء من أعضاء الجماعات اليهودية اندمج تماماً في محيطه الثقافي ووصـل به الأمر إلى التحـول عن الدين اليهودي وتجنُّب الكتابة العـبرية. وكان هؤلاء المندمجــون، من أمثال هايني، من كبار الأدباء. ولم يكتب بالعبرية سوى الشخصيات متوسطة الخيال والذكاء. ووضع الآداب المكتوبة بالعبرية يشبه، في هذا، الحركة الصهيونية نفسها، حيث اندمج المثقف اليهودي في الوطن الذي يعيش في كنفه وانخرط في حركاته السياسية، أما أنصاف المثقفين فهم الذين قادوا الحركة الصهيونية.

    ب) شرق أوربا:

    حينما انتقل الأدب المكتوب بالعبرية من غرب أوربا إلى شرقها، كان اليهود هناك يعيشون في جو مشبَّع بالأفكار الدينية الصوفية القبَّالية المتمثلة في الحسيدية، وساعد هذا على أن يأخذ الأدب هناك طابعاً مختلفاً عما كان عليه في دول الغرب.

    كان دعاة التنوير في جاليشيا، من عائلات التجار والأثرياء، ملمين بثقافة بلدهم ولغاتها. وقد ترك هذا أثره في الأدب المكتوب بالعبرية في شرق أوربا. ويمكن اعتبار حاييم دوف جينسبرج أول أدباء التنوير في جاليشـيا. وقد قلَّد شـعراء العبرية في جاليشيا الشعر الأوربي، وبخاصة الشعر الألماني. ومن أبرز شعراء العبرية، في جاليشيا، ماير هاليفي ليتريس. وقد أرست الحركة الأدبية في جاليشيا أُسُس القصة المكتوبة بالعبرية. ومن روادها يوسف بيرل وإسحق آرثر. وشن كلاهما، في قصصهما الواقعية، الحرب على بعض جوانب حياة الجماعة اليهودية.

    أما في روسيا، فلم يكن أديب العبرية في حاجة إلى أن يتحسَّس الطريق، إذ كانت أمامه إنجازات أدباء العبرية في ألمانيا والنمسا وجاليشيا. ومن أبرز شعراء هذه الفترة آدم هاكوهين ليبنسون، كما برز معه أيضاً ابنه ميخا يوسف ليبنسون الذي تأثر بالشعراء الرومانسيين الألمان، فقدَّم أعمالاً استوحى موضوعاتها من التاريخ العبراني القديم، وأسقط على أبطاله القدامى مفاهيمه الحديثة. ويُعَدُّ ليبنسون (الابن) أول شعراء العبرية الذين كتبوا شعراً عن الحب. وأشهر شعراء هذه الفترة هو يهودا ليف جوردون.

    أما في مجال الرواية، فتُعتبَر رواية أبراهام مابو محبة صهيون (1853) أول رواية مكتوبة بالعبرية. وصحيح أنه كانت هناك محاولات كثيرة سبقتها، لكنها جميعاً لم تكن موفقة في تقديم صورة كاملة للحدث الدرامي كما فعل مابو في هذه الرواية.

    ويُعتبَر إسحق ليبنسون أبا التنوير في روسيا، حيث ساعدت كتبه ومقالاته في نشر فكر التنوير بين اليهود. وفي ليتوانيا، ظهرت مجموعة من دعاة التنوير تأثروا بأفكاره وأسلوبه في الكتابة، ربما كان أشهرهم مردخاي أهارون جينسبرج.






  7. #27
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    2 ـ الآداب المكتـوبة بالعبـرية في النصـف الأول من القـرن العشـرين:

    أ) في أوربا:

    بعد عام 1881 وما صاحبه من أحداث في روسيا، صدرت قوانين مايو التي أدَّت إلى تعثُّر التحديث في روسيا، وبدأت تظهر بوادر ظاهرة جديدة حلت محل التنوير، وهي ظاهرة الصهيونية التي اتسم بها أدب النصف الأول من القرن العشرين. ففي ذلك الوقت، ظهر جيل من الشبان على دراية بالحضارة الأوربية، ورؤيتهم أوربية في جوهرها. وكانت النزعة الرومانسية قد بدأت تنحسر، لتحل محلها النزعة الطبيعية والفكر الدارويني والنيتشوي الذي يشكل تصاعداً في النزعة العلمانية، وسادت في الأدب الاتجاهات الواقعية والطبيعية. ودعم كل هذه الاتجاهات ظهور الحركات الثورية المختلفة والتحولات الاجتماعية العميقة في المجتمعات الأوربية وبخاصة في الشرق. وتُشكِّل الإمبريالية الخلفية العامة لكل هذه التحولات، فشهدت الساحة اليهودية تبعاً لذلك ازدياد النزعة الصهيونية بين كُتَّاب العبرية، وهو أمر مُتوقَّع باعتبار أن اختيارهم العبرية لغة كتابة كان يتضمن رفضاً لانتمائهم إلى الأوطان المختلفة.


    ويُعَدُّ حاييم نحمان بياليك (قبل أن يهاجر إلى فلسطين) من أهم أدباء العبرية في أوربا. وقد كتب أغلب أعماله في الفترة من 1882 إلى 1917. ويتجلى إسهامه في الشكل الأدبي في تحريره الشعر العبري من قيود بلاغة فترة التنوير. كما كانت حساسيته الشعرية أكثر أوربية من أيٍّ من معاصريه، فقدَّم في أعماله المزيد من الأشعار ذات الطابع الأوربي اعتماداً على كم هائل من أشكال الشعر الأوربي مثل: السوناته والبالاد. ومن شعراء هذه الفترة أيضاً زلمان شيناؤور، ويعقوب كاهان، ويعقوب فيخمان، الذين كانت أشعارهم تتَّسم بمحاولة وضع فلسفة شعرية تَصدُر عن الفكر الصهيوني.

    ومن أشهر كُتَّاب القصة والمقال في هذه الفترة، ميخا جوزيف بيرديشفسكي الذي حاول في قصصه العديدة، ذات النزعة النيتشوية، أن يجد حلاًّ لمشكلة الإنسان اليهودي في مواجهة المجتمع. ومعظم أبطاله يحاولون الهرب من هويتهم الضيقة ولكنهم عاجزون عن ذلك، ومن ثم فإنهم يعانون من الضياع والعقم الجسدي والنفسي.
    واشتهر في هذه الفترة أيضاً القاص بيرتس سمولنسكين، ومندلي موخير سفاريم (شالوم أبراموفيتس) الذي يُعتبَر رائد القصة الواقعية المكتوبة بالعبرية ويُعتبَر في الوقت نفسه رائد القصة في أدب اليديشية. وفي السنوات العشرين الأخيرة من القرن التاسع عشر، برز كل من بيرتس سمولنسكين وموشيه ليلينبلوم في فن المقال، وذلك بعد أن تحوَّلا عن فكر التنوير وبدأت كتاباتهما تضع البذور الأولى للفكر الصهيوني.

    وكما ظهر مندلسون بفلسفته ليوجِّه أدب العبرية توجُّهه الاندماجي في القرن التاسع عشر، ظهر آحاد هعام ليبلور هذا الأدب في القرن العشرين بتوجهاته الصهيونية. فحاول أن يجد صيغة توفيقية بين الدين والحياة حيث كان يرى أن الأمة هي الدين في صيغته الجديدة، وأنها هي المطلق الذي يحل محل المطلق التقليدي أي الخالق. وفي رأى آحاد هعام فإن الأدب العبري يجب علىه أن يُقلِّص حدوده ويقتصر على تناول الموضوعات اليهودية التاريخية، وعلى تناول الإنسان اليهودي في صورته الأدبية. وقد تجلَّى هذا الموقف في مجلته الشهرية هاشيلوح . وظهر في تلك المرحلة أيضاً إليعازر بن يهودا الذي يُعتبَر رائد إحياء اللغة العبرية.

    ب) في فلسطين:

    حينما انتقل مركز الآداب المكتوبة بالعبرية ليمارس نشاطه على أرض فلسطين، لم ينتقل إليها كاستمرار للآداب المكتوبة بالعبرية في أوربا بل كتحوُّل في الصورة والمضمون. وتحتم على كُتَّاب العبرية في فلسطين أن يطرحوا جانباً الموضوعات التقليدية التي تناولتها الآداب المكتوبة بالعبرية حتى ذلك الوقـت، وبدأوا يبحثـون عن موضـوعـات جديدة، وصور جديدة تتلاءم مع الوضع الاستيطاني الجديد الذي تسعى الصهيونية إلى تحقيقه. وفي أوربا، كان أديب العبرية يعيش واقعاً غريباً عنه ويتبنى رؤية صهيونية. وطوال هذه الفترة من تاريخ الآداب المكتوبة بالعبرية، كانت فلسطين موضوعاً مُهمَلاً، ولم يكن هناك إلا بعض الأشعار هنا وهناك أو بعض القصص التي تناولت موضوع الحنين تحت تأثير الرومانسية الأدبية الأوربية. ولذا، حينما انتقل بعض أدباء العبرية إلى فلسطين، لم تَعُد الصهيونية مجرد أفكار يتبنونها وإنما حقائق استيطانية تؤثر في حياتهم اليومية.

    وأظهرت خطوات الاستيطان الصهيوني الأولى في فلسطين مخاوف المستوطنين الجدد من أن تضيع أقدام هذا الجيل في مصير مجهول. وانعكست هذه المخاوف على الصورة الأدبية، وظل هناك سؤال أساسي يلح على وعي الأدباء الذين نزحوا إلى فلسطين: ما صورة الوجود في فلسطين؟ وهل حقاً ستُحدث تلك الثورة (الصهيونية) في داخلهم التحول الوجودي المطلوب؟

    وقد أيقن أدباء هذه الفترة أن تغيُّر المكان لا يمكن أن يغيِّر ما يُسمَّى «المصير اليهودي». ولازم هذا التوتر الأدب المكتوب بالعبرية في تلك الفترة، وأدَّى إلى ردود فعل مختلفة تتراوح بين الاقتناع والارتباط بهذ الواقع الجديد من جهة، واليأس والإحباط من جهة أخرى.

    أما مصادر التأثير في الأدب المكتوب بالعبرية في فلسطين، فهي كثيرة ومتنوعة. فأدب الهجرة الأولى كان لايزال يسير في ركاب أدب حركة التنوير، كما أن الواقعية الاجتماعية كانت تبرز بوضوح في أعمال رواد الهجرتين الأولى والثانية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأدب الذي أُنتج في أيام الهجرة الثالثة نحا منحى وضعياً.

    وبالإضافة إلى تأثير برينر الذي استمر، لفترة طويلة، عاملاً رئيسياً في توجيه دفة الآداب المكتوبة بالعبرية، وإلى تأثير برديشفسكي بأفكاره الفلسفية عن الفرد والمجموع، نجد أن المهاجرين الجدد جلبوا معهم من روسيا إلى فلسطين دستويفسكي وتشيكوف والأدباء الإسكندنافيين الرومانسيين والجيل الجديد من أدباء ألمانيا. وامتزجت كل هذه التأثيرات مع الميراث الأدبي الذي عاش مع هؤلاء المهاجرين الجـدد في اللاوعي ليُخرج في النهاية أدباً يمزج بين الرومانسية والواقعية، وبين الاغتراب ومحاولة الانتماء، حتى إن الدارس ليمكنه أن يلمس في أدب تلك الفترة، وبسهولة، مدى الأزمة النفســية التي عاشــها المهاجـرون الجـدد، أولئك الذين ما زالوا يتخبطون في أزمة البحث عن الذات.

    إن أغلب أدباء الهجرة الثانية كانوا على وعي كامل بوضعهم الجديد، وبأنهم مُقتلَعون من أرض أوربية ليعاد زرعهم من جديد في أرض شرقية. ولكن، رغم ما كان لدى بعضهم من حماس للالتقاء مع الأرض الجديدة، فإن أغلبهم كان على وعي كامل بحقيقة أنهم يفتقدون الارتباط بالأرض.

    وإذا كان أبناء الهجرة الثانية قد اعتقدوا أنه سوف تتحقق في فلسطين كل الآمال الصهيونية الاستيطانية، فإنهم سرعان ما شعروا بأنهم تعلَّقوا بآمال واهية، ولذا عاد الكثير منهم إلى حيث أتوا. أما الذين مكثوا في فلسطين، فقد أنتجوا أدباً أكد قيم الصهيونية. وخلق التناقض بين مطالب الهجرة الصهيونية وبين الواقع النفسي للمهاجرين أدبـاً مركَّبـاً يتـأرجح بين رؤية المهـاجرين والواقع المرير الذي اصطدموا به.

    وقد أثيرت مؤخراً قضية جديدة كل الجدة على الأدب المكتوب بالعبرية والأدب العبري، وهي ظهور مجموعة من الكُتَّاب الفلسطينيين العرب الذين يكتبون بالعبرية. ومن أهمهم أنطون شماس صاحب رواية أرابيسك (1986) والتي كتبها بعبرية أدهشت الإسرائيليين. وكان شماس قد كتب ونشر قصائد بالعربية والعبرية في السبعينيات، وفي الفترة نفسها تقريباً بدأت سهام داود وهبى كاتبة وصحفية عربية من حيفا تكتب الشعر بالعبرية أيضاً.

    وفي عام 1992 كتب الشاعر الفلسطيني توفيق زياد، الذي كان عضواً في الكنيست الإسرائيلي قطعة شعرية على وزن المقامة، وهي لون شعري عبري كان يُقال على غرار المقامة العربية، قصيدة هجا بها لبون زئيفي، الذي كان وزيراً في الحكومة الإسرائيلية ممثلاً أقصى اليمين الصهيوني.

    ويعكف الشاعر الفلسطيني العربي نعيم عرايدي على كتابة رواية بالعبرية، وهو الذي عُرف بوصفه شاعراً وكاتباً عربياً في إسرائيل. ولعله يمكن الإشارة إلى هذا الأدب على أنه «أدب عربي مكتوب بالعبرية».






  8. #28
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    موشـيه لوتسـاتو (1707-1747(Moses Luzzato
    شاعر ومفكر قبَّالي من أتباع القبَّالاه اللوريانية. وُلد في بادوا بإيطاليا، وتلقى تعليماً دينياً، وكان يجيد عدة لغات منها الإيطالية والفرنسـية واليونانية. ونتيـجة تبـحُّره في القبَّالاه والعلوم الدينية اليهودية، سيطرت عليه حالة من التطرف الديني جعلته يؤمن بأنه على اتصال بأرواح أبطال العهد القديم تملي عليه القصائد الباطنية. واحتشد حوله جماعة من المريدين. وألَّف لوتساتو كتاب الزوهار الثاني، الأمر الذي جعل رجال الدين اليهودي في البندقية يُصدرون عام 1735 قراراً بحظر تداول كتبه واعتباره خارجاً على الدين، فهرب إلى فرانكفورت ومنها إلى أمستردام.

    نادى لوتساتو بتحرير الشعر العبري من البحور والأوزان التي كان قد اقتبسها في العصور الوسطى من الشعر العربي. وقدَّم في أشعاره بحراً يحتوي على إحدى عشرة حركة للبيت الطويل وسبع حركات للبيت القصير مع تركيز خاص على النبرة. وظهر له عام 1743 قصيدة «مدح المستقيمين» التي يعتبرها نقاد الأدب الحديث المكتوب بالعبرية نقطة بداية هذا الأدب. وتُعتبَر هذه القصيدة انعكاساً رمزياً لتجربته الشخصية وصراعه مع اليهود، إذ كان يرى أنهم بدَّلوا التعاليم التوراتية بتعاليم أخرى. كتب مسرحية رعوية تُسمَّى برج عوز اعتبرها رواد التنوير بعد ذلك قصتهم هم.

    وتأثر لوتساتو بالشعر الرعوي الذي انتشر في إيطاليا في القرن السادس عشر فكتب قصائد رعوية في وصف الطبيعة وجمالها، كما تظهر في أعماله روح الأدب اليوناني القديم. ولقد تركت أعماله أثراً واضحاً في شعر العبرية في أوربا.

    جوزيف بيرل (1773-1839)
    Joseph Perl
    أديب روسي يكتب بالعبرية وله مؤلفات بالألمانية واليديشية. وُلد في جاليشيا، وتلقَّى تعليماً دينياً تقليدياً، ولكنه تحمَّس لفكر حركة التنوير وأصبح أحد رواد الحركة. أسَّس عام 1813 في بلدة تارنوبول أول مدرسة حديثة في جاليشيا، وعمل من خلالها على تحديث أعضاء الجماعة اليهودية في البلدة مستعيناً في ذلك بمعونة الحكومة الروسية، ثم بمعونة حكومة النمسا اعتباراً من عام 1815. كما أسَّس معبداً يهودياً كانت تُقام فيه الشعائر باللغة الألمانية.

    وشن بيرل في أعماله هجوماً شديداً على الحسيدية إذ كان يرى أنها تنطوي على النفاق والجهل والتعصب والخداع، كما كان يعتقد أن المعارضة التي يبديها القادة الحسيديون هي العائق الأساسي أمام تحديث اليهود. ولم يكتف بيرل بذلك، بل عمل على تحريض السلطات الروسية ثم النمساوية في جاليشيا على اتخاذ إجراءات عنيفة ضد الحركة الحسيدية، وذلك من خلال المذكرات والشكاوى الكيدية التي كان يرســلها بانتظام إلى المسـئولين (وقد وُجدت هـذه الكتابات ونُشرت مؤخراً).

    وتتَّسم كتابات بيرل، التي كان يوقعها باسم مستعار، بأنها ذات طابع هجائي ساخر. وأبرز هذه الكتابات هي: كاشف الأسرار (1819) حيث يثبت ما يدَّعي أنها نصوص حسيدية حصل عليها بعد أن تخفَّى بشكل سحري، أما امتحان الأتقياء (1838) الذي يُعَدُّ استمراراً لكتابه الأول، فإنه يصف بقية لوح سحري تسجَّل عليه كل الأحاديث سراً ولا يمكن محوها إلا بأنفاس رجل تقي صالح، ومما له دلالة أن جميع قادة الجماعة اليهودية يفشلون في محو الأحاديث المسجلة ولا ينجح في ذلك إلا المزارعون. وفي هذا العمل، يظهر البطل الجوَّال غير المرئي الذي يكتسب صفات عديدة غير طبيعية. ويصف الكاتب وضع اليهود الاجتماعي والأخلاقي المتدهور في جنوب روسيا من خلال تجواله ومغامراته. وفي كلا العملين، يظهر الحسيدي السابق الذي تمرَّد على حسيديته. وتأثر بيرل في قصصه هذه بالكتابات الهجائية الساخرة التي شاعت في الآداب الأوربية في القرن الثامن عشر، وعلى الأخص كتاب مونتسيكو رسائل فارسية (1721).

    وقد كتب بيرل بعض أعماله، ومنها كاشف الأسرار، بكلٍّ من اللغة العبرية واللغة اليديشية، كما يُعتَقد أنه ترجم إلى اليديشية بعض الأعمال الأدبية الأوربية (مثل رواية فيدلنج توم جونز)، وكان له بذلك فضل الريادة في إثراء الفن القصصي في اليديشية. غير أنه لم يتبن الكتابة بتلك اللغة إلا لهدف عملي بحت وهو نشر الأفكار التنويرية في أوساط المتحدثين بها.


    أبراهــــام ليبنــسون (1794-1878(
    Abraham Lebensohn
    شاعر ونحوي يكتب بالعبرية. وُلد وعاش معظم حياته في فلنا (ليتوانيا) حيث تلقى تعليماً دينياً تقليدياً. وظهر اهتمامه بدراسة نحو اللغة العبرية في سن مبكرة. وعمل ليبنسون بالتدريس لفترة قصيرة، ولكنه هجر عمله هذا لاعتلال صحته، وعمل لسنوات طويلة سمساراً في الوقت الذي كان يواصل فيه أنشطته الأدبية التي تفرَّغ لها تماماً خلال السنوات العشرين الأخيرة من عمره.

    ويُعَدُّ ليبنسون من أبرز شعراء عصر التنوير ومن أبرز الشعراء الذين كتبوا بالعبرية على وجه العموم. ورغم أن قصائده المبكرة لم تتجاوز نطاق شعر المناسبات الذي يُكتَب تقرُّباً للوجهاء والمشاهير، إلا أن مجموعته الشعرية الأولى أناشيد اللغة المقدَّسة (1842) أثارت اهتماماً كبيراً حيث وُصفت بأنها فاتحة عهد جديد في الأدب الحديث المكتوب بالعبرية في روسيا، ووُصف صاحبها بأنه « أعظم شعراء العبرية في عصره »، وهي مبالغة لا أساس لها في الواقع.

    وقد أصدر ليبنسون مجلدين آخرين من الأناشيد (في عامي 1856 و1869)، وشمل المجلد الثالث بعض قصائد ابنه الشاعر ميخا ليبنسون الذي خلَّف موته المأساوي في سن مبكرة أثراً عميقاً في حياة ليبنسون الأب وفي شعره على حدٍّ سواء، حيث غلبت على قصائده الأخيرة نبرة الكآبة واليأس والتبرم من ظلم الطبيعة والجنس البشري والإحساس بالعجز إزاء الموت. ومع ذلك، ظل شعر ليبنسون بوجه عام محتفظاً بخصائصه الأساسية التي ظهرت في مراحله الأولى، فهو شاعر نمطي يميل إلى التنميق اللفظي والحماس البلاغي، كما أنه يلتزم بالتقاليد القديمة في النظم والبناء دون أن يسعى إلى التجديد أو التجاوز. وعلى أية حال، فإن شعره يفصح عن أن صاحبه لم يكن ذا خلفية فكرية عميقة ولم يكن على دراية بالآداب الأوربية وما طرأ عليها من تطوُّر. وقد ظلت خبراته محصورة في نطاق حياته المحدودة في بلدته الصغيرة.

    وبالإضافة إلى الشعر، كتب ليبنسون مسرحية بعنوان الحقيقة والإيمان (1867) لم تكن لها قيمة تُذكَر، ولكنها أصبحت حينذاك موضوعاً للسجال الأدبي حيث أثارت حفيظة اليهود الأرثوذكس بسبب سخريتها من التعصب الديني ودعوتها إلى إخضاع الدين اليهودي للواقع المادي وإلى ضرورة تطهير الدين من المبالغات، وذلك بينما نجد أن أنصـار حركة التنـوير نظروا إلى مضمـونها بوصفه أمراً عفَّى عليه الزمان. كما وضع ليبنسون كتاباً في نحو اللغة العبرية عام 1874، وأسهم في إصدار الطبعة الثانية من الترجمة العبرية التفسيرية للعهد القديم التي أعدها موسى مندلسون وأتباعه، ولكنه أضاف إليها شروحاً جديدة خلت منها الطبعة الأولى. وقد نُشرت الطبعة الثانية بالعنوان الفرعي شروح جديدة (1858) وقد كان لهذه الشروح دور كبير في ذيوع فكر حركة التنوير في أوساط يهود روسيا.

    مردخــاي جينسـبرج (1796-1846(
    Mordechai Ginsberg
    قاص يكتب بالعبرية، وُلد في روسيا، وساهم في إدخال أفكار حركة التنوير الأدب الحديث المكتوب بالعبرية من خلال العديد من مؤلفاته. كان صاحب أسلوب بسيط وسلس، الأمر الذي جعل لغته سهلة على القراء ومحببة إليهم.

    كتب في العديد من الموضوعات الحية التي عاشها أعضاء الجماعة اليهودية في روسيا مثل ضرورة إصلاح مؤسسات الإدارة الذاتية اليهودية، ووضع مؤلَّفاً عن جغرافية فلسطين وعن السامريين وعن تاريخ اليهود الروس، وترجم بعض القصص عن الأدب الألماني.

    من أهم أعماله، قصته إليعازر وهي سيرته الذاتية، وقد جاءت على غرار السير الذاتية التي نُشرت بعد اعترافات جان جاك روسو. وكان الهدف من هذه القصة إظهار قصور التعليم اليهودي القديم ولَفْت الأنظار إلى الثقافة الحديثة. وكان من الممكن أن تُعتبَر هذه القصة حجر الأساس في تطوُّر القصة الطويلة المكتوبة بالعبرية، سواء في تصوير الحدث أو في رسم الشخصيات. لكن هذه القصة كان يعيبها غياب وحدة الحدث وافتقارها إلى كثير من الأسس التي تقوم عليها القصة الطويلة.

    أبراهــام مابـــو (1808-1867)
    Abraham Mapu
    روائي يكتب بالعبرية، وُلد في كوفنو (ليتوانيا)، وتلقَّى تعليماً دينياً تقليدياً. ولكنه اهتم، إلى جانب ذلك، بدراسة اللغات اللاتينية والفرنسية والألمانية والروسية، وهو أمر لم يكن معهوداً في أوساط اليهود الأرثوذكس، بل كان يُقابَل بالعداء. وكان مابو، في مطلع حياته، متعاطفاً مع الحركة الحسيدية، ودرس القبَّالاه والسحر (يُقـال إنه حـاول أن يصبح رجـلاً خـفياً من خـلال اتباع تعاليم القبَّالاه). ولكن هذا لم يَدُم طويلاً إذ أصبح مابو من أشد أنصار حركة التنوير وعُيِّن في مدرسة حكومية، وهو منصب احتفظ به بقية حياته.

    بدأ مابو حياته الأدبية برواية محبة صهيون التي استغرقت كتابتها ما يقرب من عشرين عاماً. وعند نشرها عام 1853 حظيت بنجاح كبير حيث تُعَدُّ أول رواية باللغة العبرية، وإليها يرجع الفضل في المكانة الأدبية الرفيعة التي تبوأها صاحبها كمؤسس للفن الروائي في الأدب الحديث المكتوب بالعبرية. وتدور أحداث الرواية في زمن حزقيال والنبي أشعياء، وقد نجحت الرواية في إعادة بناء الجو العام للمجتمع العبراني في ذلك الوقت. ويعود نجاح الرواية إلى الجو المثالي العام الذي يسودها وإلى لغتها التوراتية، أما من ناحية ترابُط الأحداث وتصوير الشخصيات فهي ضعيفة للغاية. وطُبعت الرواية أربع طبعات (حتى عام 1873) وتُرجمت إلى الإنجليزية ثلاث ترجمات مختلفة وسبع مرات إلى اليديشية وإلى الفارسية والعربية (1908) كما ظهرت ترجمة إلى الألمانية (1885) دون ذكر اسم المؤلف على الغلاف. ودفعه هذا النجاح إلى مواصلة الكتابة، فكتب ثلاث روايات أخرى هي: المنافق (1857 ـ 1861)، وهي رواية تدور أحداثها في الوقت الحاضر وتصف الصراع بين الحسيديين ودعاة التنوير، ومن أهم الشخصيات الحاخام صادوق الذي يستخدم الخرافات ليستغل الناس. والرواية سطحية للغاية لا يوجد فيها أي عُمْق نفسي أو إنساني، وهي من النوع الدعائي المباشر الذي يدافع عن قضية بعينها. أما روايته الثالثة خطيئة السامرة (1856)، فهي تُبيِّن الصراع بين القدس والسامرة وتأخذ صف القدس بلا تحفُّظ إذ تصوِّر رجالات مملكة يهودا بشكل مثالي، أما النساء والرجال في السامرة فهم لصوص متآمرون. ومرة أخرى نجد أن تصوير الشخصيات ضعيف. وقد كتب مابو كذلك رواية عن شبتاي تسفي (وشخصيته ذات مركزية خاصة في الوجدان الصهيوني، فهـرتزل مثلاً كان يفكر في كتابة أوبرا عنه). إلا أن خصوم حركة التنوير، ممن صدمتهم أفكار مابو، نجحوا في تحريض السلطات على منع نشر الرواية الأخيرة (وضاعت أجزاء كبيرة منها). كما أن مابو وضع بعض المؤلفات الأخرى في موضوع تطوير طرق التدريس التي كانت شائعة في عصره.

    وتنتمي روايتا محبـة صهيون و خطيئة السـامرة إلى النوع التاريخي، حيث تدور أحداثهما في عصر أشعياء. أما روايته المنافق، فتتناول الحياة المعاصرة لأعضاء الجماعة اليهودية في ليتوانيا. ورغم هذا التباين في زمان ومكان الأحداث، فإن ثمة موضوعاً أساسياً يتواتر في الروايات الثلاث وهو الرغبة في العودة إلى فلسطين وهو ما يجعله من أهم دعاة الصهيونية. وتزخر أعمال مابو بتأثيرات شتى، وهو ما يدفع إلى القول بأنه لم يكن مبدعاً أصيلاً بقدر ما كان مقلِّداً. فهناك، أولاً، التأثر الشديد بلغة العهد القديم وبأسلوبه في القص وفي تصوير الخلفية الزمانية والمكانية. وهناك، ثانياً، السير على نهج الكُتَّاب الرومانسيين الفرنسيين، وعلى الأخص ألكسندر دوماس الأب (حيث رسم الشخصيات ووضع شخصيات تاريخية إلى جانب الشخصيات الروائية فضلاً عن إسقاط أحداث الماضي على الواقع المعـاش). كما تأثر بأيوجين سـو (التركيز على المغامرات والحبكة والعنف).

    وتفتقر أعمال مابو إلى كثير من الأسس التي يقوم عليها الفن الروائي، فالأحداث متعددة ومتداخلة ويعوزها الترابط والاتساق في كثير من الأحيان. أما السرد، فيغلب عليه التكرار والإسهاب الذي لا يبرره شيء، كما أن الاستخدام الرمزي للشخصيات يتَّسم بالسطحية والسذاجة. وهذه العيوب الفنية الواضحة هي أحد مبررات ذلك الرأي الذي يذهب إلى أن القيمة الأساسية لأبراهام مابو تكمن في ريادته وليس في فنيته.







  9. #29
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    ميـــخا ليبنســون (1828-1852(
    Micha Lebensohn
    يُعرَف أيضاً باسمه الأدبي «ميخال»، وهو شاعر يكتب بالعبرية، وُلد في فلنا (ليتوانيا)، وتلقى تعليماً دينياً تقليدياً يجمع بين دراسة التوراة والتلمود وبين دراسة العلوم والآداب الحديثة، وذلك بتوجيه من أبيه الشاعر أبراهام دوف ليبنسون الذي شجعه كذلك على تنمية مواهبه الأدبية. فاتجه منذ صباه إلى كتابة الشعر فضلاً عن ترجمة مقتطفات من أعمال فرجيل وهوراس وشيلر وجوته، وغيرهم، إلى اللغة العبرية.

    ولم يُصدر ميخال خلال حياته سوى مجموعة شعرية وحيدة بعنوان أناشيد ابنة صهيون (1851)، ضمت ست قصائد ملحمية تتناول موضوعات وشخصيات توراتية. وبعد وفاته، نشر أبوه مجموعة أخرى من القصائد الغنائية والقصائد المترجمة صدرت بعنوان قيثارة ابنة صهيون (1860)، فضلاً عن طبعة ثانية من الأناشيد (1869(.

    وأبرز الموضوعات المتواترة في الشعر الملحمي لميخا: التناقض بين الحياة والموت، ودور الشعر ورسالة الشاعر، والصراع الأخلاقي بين العواطف الإنسانية والواجبات الوطنية. أما شعره الغنائي، وخصوصاً المتأخر منه، فقد انطبع بمصيره المأساوي إثر إصابته بالسل في مطلع شبابه، وهو الأمر الذي جعله كإنسان وشاعر يقف على عتبة الحياة منتظراً موته المحتوم. ويغلب على قصائده عموماً الطابع الرومانسي الذي ينأى بها عن النزعات الأخلاقية والبلاغية التي سادت بواكير الشعر المكتوب بالعبرية في عصر التنوير. وتحفل تلك القصائد في شكلها ومضمونها بتأثيرات شتى، حيث تعكس هذه القصائد الملحمية التأثر بأسلوب كل من شكسبير وملتون، بينما تتردد في القصائد الغنائية أصداء الشعراء الرومانسيين الألمان وعلى الأخص شيلر وهايني. أما رؤيته الفنية والفكرية، فتأثرت إلى حدٍّ بعيد بأفكار الفيلسوف الألماني شلنج والتي تَخلُص إلى أن الشعور بالجمال في الطبيعة والفن هو أرفع الصور الروحية للحياة وأن الحدس (الفني) هو الطريقة الوحيدة لتصوُّر وحدة الوجود.

    ورغم قلة إنتاجه ووفاته في سن مبكرة، يُعَدُّ ميخا ليبنسون من أبرز شعراء عصر التنوير، وشعراء العبرية بوجه عام، ممن حققوا وظيفة الشعر العلماني المكتوب بالعبرية كما تصوَّرها أنصار حركة التنوير. ومع أنه لم يغامر بتجديد شكل القصيدة، إلا أنه كان أول من طبَّق قواعد العروض الحديثة على الشعر المكتوب بالعبرية.

    يهـودا جـوردون (1830-1882)
    Yehuda Gordon

    شاعر وقاص وناقد كتب بالعبرية، وهو من مواليد ليتوانيا. ويُعَدُّ من أهم دعاة حركة التنوير اليهودية ومن أهم المعبِّرين عنها، ولكن فكره وتمرُّده ضد التراث الديني اليهودي يشيان بما في داخله من بذور الصهيوينة.

    تلقَّى جوردون تعليـماً تقليدياً في طفولته. وفي سـن السـابعة عشرة، تلقى تعليماً غربياً حديثاً،ودَرَس عدة لغات (الروسية ـ الألمانية ـ البولندية ـ الفرنسية ـ الإنجليزية).وتخرَّج في إحدى الكليات التربوية الحكومية عام 1853 وعمل مدرساً في مدارس الحكومة.

    انضم جوردون إلى جماعة من دعاة حركة التنوير كان من أهم أعضائها شاعر العبرية أبراهام دوف ليبنسون وابنه ميخا. تبنَّى جوردون فكر حركة التنوير تماماً، وشن هجوماً شرساً على التقاليد الدينية، واتهم اليهودية بأنها دين متحجر يحوِّل اليهود إلى شعب من الكهنة، وطالب بإدخال القيم المادية العلمانية في حياة اليهود. وكان مديراً لجمعية نشر الثقافة بين يهود روسيا، وهي من أهم جمعيات نشر مُثُل حركة التنوير.

    كتب جوردون كتابات نثرية عديدة، من بينها مقالات بالعبرية والروسية. ولكن إسهامه الأدبي الأساسي هو أشعاره. ويُقسِّم النقاد أدبه إلى مرحلتين أساسيتين: مرحلة رومانسية، وأخرى واقعية:

    1 ـ المرحلة الرومانسية: وهي المرحلة التي قاد فيها حركة التنوير التي تهدف إلى إصلاح اليهود وتحويلهم إلى شعب منتج. وتتناول قصائده في هذه المرحلة الموضوعات التاريخية والتوراتية وبعض الموضوعات السائدة في عصره، وإن كان تناوله ليس مباشراً أو واقعياً. وتعكس قصيدة «داود وبرزيلاي» (1851 ـ 1856) الدعوة إلى العودة للأرض. وتؤكد القصائد الأخرى في هذه المرحلة روح الاعتزاز بالذات القومية التي كان يرى جوردون أنها تنعكس في بعض شخصيات العهد القديم.

    وأهم قصائد هذه المرحلة قصيدة «بين أنياب الأسد» (1868) التي تحكي قصة سيمون بر جيورا (أحد أبطال التمرد اليهودي الثاني ضد الرومان) ونهايته المأساوية. وفي هذه القصيدة، ينحي جوردون باللائمة على التعاليم الحاخامية التي أدَّت باليهود إلى رفض الحياة وقبول العبودية، وإلى أن يقبعوا خلف الأسوار ويكونوا موتى في الأرض أحياء في السماء » فتراب كتابكم وأوراق أحاديثكم الجافة غطتكم تماماً وجعلت منكم مومياء حية لعدة أجيال.«

    ومن الواضح أن رومانسية جوردون من النوع النيتشوي الذي يُمجِّد القيم العضوية والحيوية وقيم البطولة. ومن أهم قصائد هذه المرحلة أيضاً قصيدة «استيقظ يا شعبي» (1856)، وهي دعوة لليهود أن يتبنوا مُثُل حركة التنوير وأن يخرجوا من ظلمات الجيتو ويتعلموا العبرية وينبذوا اليديشية ويعملوا في الحرف اليدوية المنتجة وفي الصناعة والزراعة. وقد اختتم هذه القصيدة بالكلمة المأثورة التي أصبحت فيما بعد شعاراً لهذه الحركة: "كن يهودياً في بيتك وإنساناً خارجه". ومع هذا، يظل التوجه نحو فكرة الشعب العضوي (فولك)، والكتلة القومية المتماسكة وليس نحو الفرد، على عكس مُثُل حركة الاستنارة التي كانت تتوجه أساساً إلى الفرد. ومن أهم أعمال هذه الفترة القصص الخرافية الوعظية التي كتبها جوردون على نمط خرافات إيسوب ولافونتين وكريلوف وسخر فيها من معاصريه أعضاء الجماعات اليهودية الذين نبذوا مُثُل حركة التنوير وعاشوا في الظلام (بحسب تصوُّره(.

    2 ـ المرحلة الواقعية: يشكل عام 1867 نقطة حاسمة في حياة جوردون، إذ وقف إلى جانب ليلينبلوم في دعوته إلى الإصلاح الديني. وكانت قصائده في هذه المرحلة هجوماً مباشراً لا هوادة فيه، في شكل قصص ساخرة، على الخرافات الدينية وانحلال الحياة الدينية الذي أدَّت إليه الشعائر اليهودية التي كان يرى جوردون أنها معادية للحياة. وأهم القصائد هي «حكاية اليود [الياء] أو أتفـه الأشـياء» التي أتمها عام 1876، وهي تتناول مأساة امرأة شابة مطلقة لا يمكنها أن تتزوج مرة ثانية لأن الحاخام رفض الاعتراف بقسيمة الطلاق لأن توقيع زوجها ينقصـه حرف اليـود (أي حرف الياء وهو أصغر الحروف في اللغة العبرية)، ولذا فهي تظل مطلقة (عجوناه) لا يحق لها الزواج. أما قصيدة «اليوسفان بن سيمون»، فهي هجوم على القهال ورئيسه الذي تآمر وأرسل أحد دعاة حركة التنوير، ويُسمَّى يوسف بن سيمون، إلى السجن بدلاً من لص قاتل يحمل نفس الاسم.

    ومن قصائد هذه المرحلة قصيدة «الملك صدقياهو في السجن»، وهي مونولوج درامي يعبِّر عن احتجاج آخر ملوك يهودا ضد روحانية الأنبياء التي قضت على حياة اليهود العادية والطبيعية وعلى وجودهم السياسي. وهذا الموضوع كامن ومتكرر وأساسي في الأدبيات الصهيونية ذات الطابع النيتشوي.

    وقد أخذت الموضوعات الصهيونية تظهر على السطح بشكل أكثر تزايداً ووضوحاً، ففي قصيدة «لمن أعمل» يُلاحظ الشاعر أن مُثُل حركة التنوير أدَّت إلى اندماج الشبان اليهود في مجتمعهم. وهذا تناقُض كامن في حركة التنوير العبرية، فهي تدعو إلى الاندماج في المجتمع، وفي الوقت نفسه تدعو إلى بعث العبرية التي تعزل المتحدثين بها عن مجتمعهم. ولذا، نجد أن هذا الداعية للتنوير يقول « من بوسعه أن يخبرني عن المستقبل، لعلي آخر شعراء صهيون ولعلك آخر القراء ».

    وبعد تعثُّر التحديث في روسيا عام 1881، نبذ جوردون مُثُل الاندماج ولكنه لم يتبن فكرة هجرة اليهود. وفي قصيدته «أختي روحاماه» (1882)، يدعو جوردون اليهود إلى الهجرة ولكنه يرى أن الهجرة يجب أن تكون إلى الولايات المتحدة لا إلى فلسطين العثمانية. وقد وصل جوردون إلى صيغة صهيونية تشبه الصيغة الآحاد هعامية « لن يتحقق خلاصنا إلا بعد خلاصنا الروحي». وقد أشار آحاد هعام إلى دَينه الفكري لجوردون. وجوردون هو الذي أشاع عبارة « يابيت يعقوب هلم فلنسلك في نور الرب » (أشعياء2/5) التي استخدمها في مقال له عام 1866 ونادى فيها بأن يصبح اليهود جزءاً من أوربا. وقد أصبحت فيما بعد شعاراً لأعضاء جماعة البيلو الذين استوطنوا في فلسطين. ولعل هذا يبيِّن التناقض الكامن في مُثُل حركة التنوير اليهودية.

    وكتب جوردون نقداً لكتاب بنسكر الانعتاق الذاتي، ولكنه كان نقداً متعاطفاً، كما أنه عبَّر عن حماسه لاستعمار إنجلترا لمصر عام 1882 إذ رأى أن هذا الاحتلال سيزيد من أهمية فلسطين كممر إلى مصر ومركز للتجارة الآسيوية « وقد يجذب الحكم البريطاني كثيراً من إخواننا في الدياسبورا ليستقروا في فلسطين ليحرثوا أرضها ويبنوا السكك الحديدية ويحيوا التجارة والفنون والحرف ». ونادى بإنشاء جمعية من أجل الذاهبين إلى فلسطين، أي أنه تبنى المشروع الصهيوني بكل أبعاده.

    ورغم أهمية جوردون كشاعر يكتب بالعبرية، فإن كثيراً من النقاد يميلون إلى القول بأنه لم يكن شاعراً وأنه كان ناظماً للقصائد ومهيجاً اجتماعياً بالدرجة الأولى. وقد ترجم جوردون كثيراً من الأشعار الغربية إلى العبرية، وهو يُعَد من المجددين في الشعر المكتوب بالعبرية.







  10. #30
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    زئيف جافتس (1847-1924)
    Zeev Javitz
    مؤرخ وكاتب وفيلسوف ديني صهيوني يكتب بالعبرية. وُلد في بولندا لأسرة ثرية واتجه إلى الكتابة الأدبية والتاريخية بعد فشله في الأعمال التجارية. كانت أولى كتاباته التي لفتت إليه الأنظار مقالة بعنوان «برج القرن» (1887) كتبها بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة موسى مندلسون وانتقد فيها بشدة فكر حركة التنوير الداعي إلى اندماج اليهود في مجتمعاتهم.

    وقد استقر جافتس في فلسطين من عام 1888 حتى عام 1898 حيث عمل بالتدريس والمحاماة والصحافة. وساهم بنشاط في أعمال اللجنة التي اضطلعت بمهمة تطوير العبرية وتحديثها، حيث ذهب إلى ضرورة تطعيم العبرية بعناصر لغوية مستمدة من المشناه والتلمود والمدراش. كما وضع جافتس عدة كتب للناشئة تسرد الأساطير التلمودية نظماً، ومن بينها: تل الميلاد (1891)، أنغام من الماضي (1892)، و المعلم (1894).

    أما العمل الرئيسي لزئيف جافتس والذي كرس له جل حياته فهو كتاب تاريخ إسرائيل (1895 ـ 1940) الذي صدر في أربعة عشر مجلداً. وهو كتاب لا يمت بصلة إلى البحث التاريخي الحقيقي، ولكنه يعكس سعيه الدؤوب لإظهار تميُّز الدين والثقافة اليهوديين ولإثبات أن التقاليد اليهودية تشكِّل جذور التراث الإنساني بأسره.

    ولم يقف نشاط جافتس عند حدود كتابة المقالات والدراسات، فساهم بحماس في الحركة الصهيونية حيث كان أحد أعضاء حركة أحباء صهيون البارزين. وبعد رحيله عن فلسطين، تنقَّل جافتس بين فلنا (ليتوانيا) وألمانيا ولندن حيث شارك في تأسيس حركة مزراحي وتولَّى رئاسة تحرير صحيفتها الشهرية هامزراح (1903 ـ 1904)، ويُعدُّ أحد ممثلي التيار الأرثوذكسي في الأدب المكتوب بالعبرية في العصر الحديث وفي الحركة الصهيونية على حدٍّ سواء.

    ديفيــد فريشــمان (1859-1922(
    David Frischman
    أديب وشاعر يكتب بالعبرية واليديشية، وُلد في بولندا، حيث تلقى تعليماً تقليدياً وحديثاً. كان إنتاجه الأدبي غزيراً متنوعاً، حيث كتب القصة وقرض الشعر ومارس الترجمة واحترف النقد الأدبي وعمل محرراً صحفياً. تبرز في أدبه تلك التوترات التي اتسم بها أدب ما بين الجيلين الذي ظهر في فترة ما بين انحسار التنوير وظهور الصهيونية التي تبنَّى مُثُلها في أيامه الأخيرة. ومن أشهر أعمال الشعرية قصيدة «طبقان» التي لخص فيها نظرته إلى التنوير وآماله في الصهيونية، استمد مادتها من الأساطير اليهودية القديمة عن موسى. وتُعتبَر هذه القصيدة من أكثر القصائد تعبيراً عن الصهيونية في أوضح صورها، كما أنها تحمل بين طياتها دعوة صريحة إلى استعباد الشعوب الأخرى.

    وقد دارت أغلب قصصه حول موضوعات مستوحاة من الأساطير الشعبية اليهودية في شرق أوربا. وفيها حاول أن يعبِّر عن الواقع الاجتماعي اليهودي المعاصر له هناك، وعن التمزق بين واجب الاحتفاظ بالتقاليد اليهودية وضرورة الاندماج في المجتمع الأوربي المحيط. كما كتب عدة قصص تناولت موضوع معاداة اليهود.
    من أشهر أعماله القصصية معلم الحق، و في يوم الغفران . ويُعتبَر موضوع هذه القصة جديداً على الأدب المكتوب بالعبرية، حيث يتحدث فيها عن صراع الأجيال؛ الصراع بين الآباء والأبناء. تتناول هذه القصة حياة فتاة يهودية تعشق الموسيقى وتصبح مغنية شهيرة، فتهجر الجماعة اليهودية وتغني في الكنيسة، ولكنها تلقى حتفها حينما تخنقها أمها التي جُنَّت. أما قصة الرجل وغليونه فهي عن حاخام يدمن التدخين إلى درجة أنه يضطر إلى أن يخرق الشعائر الخاصة بالسبت، سراً في بادئ الأمر ثم علناً، ومن ثم يتم طرده من حظيرة الدين. ويرسـم فريشـمان هـذه الشخصيات بكثير من التعاطف. أما الراقصات، وهي تُعَدُّ من أفضل ما كتب، فقد استوحى موضوعها من التراث الديني اليهودي القديم، وهي ترمز بصورة واضحة إلى صراع الصهيونية مع القيادات اليهودية التقليدية. ومن أهم أعماله وآخرها، سلسـلة قصـص مستوحاة من العهد القديم عنوانها في البرية .

    وحينما عمل فريشمان مساعداً لرئيس تحرير جريدة اليوم، وهي أول جريدة تصدر في روسيا بالعبرية (1886 ـ 1887)، كتب سلسلة من المقالات تعني بالحياة اليومية والحياة الأدبية للكُتَّاب اليهود، وهي تعتبر تطويراً لفن المقال في أدب العبرية. كما نشر أعمالاً قام بترجمتها عن الآداب الغربية، وكذلك بعض أعمال نيتشه. وعمل فريشمان، كذلك، مساعداً لرئيس تحرير الجريدة اليديشية هاينت في وارسو (منذ عام 1908)، ونشر فيها قصائد وقصصاً باليديشية. وقد قام فريشمان بإدخال القيم الأدبية الغربية على الأدب المكتوب بالعبرية وحرَّر الرواية المكتوبة بالعبرية من الحبكة المفتعلة التي تسم روايات فترة التنوير.

    ميخــا بيرديشـفسكي (1865-1921(
    Micha Berdyczevsky
    كاتب روسي ومفكر صهيوني رومانتيكي كوني النزعة حلولي الرؤية كان يكتب باليديشية والعبرية. وُلد في مدينة ميدزيبوز الروسية، مَهْد الحسيدية في القرن الثامن عشر، ونشأ في عائلة عريقة في التدين، وكان أبوه يعمل حاخاماً، وفي سن السابعة عشرة كان بيرديشفسكي قد تلقَّى تعليماً تلمودياً كاملاً وألم بكل تعاليم القبَّالاه والحسيدية.

    حاول في كتاباته الأولى أن يفعل ما وصفه فيما بعد بأنه المسـتحيل: التوفيق بين التقاليد الحاخامية وحركة الاستنارة اليهودية. وفي عام 1890، انتقل إلى أوربا الغربية ليتلقى شيئاً من التعليم العلماني (المحرم). وأثرت فيه هذه الفترة القصيرة ووسمته بسماتها. ثم بدأ بعد ذلك في الترحال بين برن وبرلين حيث قضى أكثر فترات حياته إبداعاً.

    كتب بيرديشفسكي (اسمه الأدبي المستعار «بين جوريون») كثيراً من المقالات النقدية والقصص القصيرة والطويلة العبرية واليديشية. وتأثر بيرديشفسكي بأفكار شوبنهور بشأن علاقة الفرد بالجماعة، وتأثر أيضاً بأفكار نيتشه وبخاصة أفكاره بشأن السوبرمان أو الفرد الممتاز المتميِّز الذي يرتفع على الجماعة والتقاليد، كما تبع نيتشه في إصراره على " إعادة تقييم جميع القيم " وإخضاعها للنقد الكامل. لكل هذا نجد أن بيرديشفسكي يهاجم التقاليد اليهودية الروحية في خضوعها وخنوعها وفي تكبيلها للإنسان بالطقوس المميتة. كما هاجم بعض أدباء العبرية (بياليك وكلاوزنر) واليديشية (مندلي موخير سيفاريم) ولكنه شجع بعض الأدباء الجدد مثل حاييم برنر ممن يشاركونه رؤيته للعالم. وقد هاجم بيرديشفسكي وبشدة جماعة أحباء صهيون وهرتزل وآحاد هعام لأن الآخــير أكـد أهمية ما سـماه «القيم الروحـية»، ولعلـه لو قـرأ كتاباتـه بقليل من الإمعان لاكتشف النزعة النيتشوية القومية فيهـا، ولاكتشف أيضـاً أن مفهـوم آحـاد هعـام بشـأن «السـوبر أمـة» أو الأمة الكاملة لا يختلف كثيراً عن مفهوم السوبرمان أو الإنسان الكامل، ولاكتشف أن القومية العضوية مفهوم يجمع بينه وبين آحـاد هعام ونيتشه. كتب بيرديشفسـكي أكثر من 150 قصة بالعبرية وكتب بعض القصـص باليديشـية. وتصـوِّر قصــصه تمــزُّق اليهــودي في العـصر الحديث بين تقاليد اليهودية وروح الحضارة الغربية، والشتتل هو الخلفــية الأســاسية لعـديد من هـذه القصـص التي تتضمن نماذج بشــرية مختلفـة تجــابه مشـاكل يهــودية محــدَّدة مثـل التقـاليد الخانقـة والزيجــات الاضطـرارية المرتبــة. وتعالج القصص الدوافع الإنسانية لهذه الشخصيات في تصارُعها مع كل هذه العوائق والحواجز. وتدور معظم قصصه حول موضوعين أساسيين:

    1 ـ الحياة اليهودية في المدن اليهودية الصغيرة في آخر القرن التاسع عشر التي يقسمها دائماً نهر يفصل حي اليهود عن حي الأغيار.

    2 ـ حياة الطلبة اليهود من شرق أوربا في وسط أوربا وغربها وإحساسهم بالانبهار والاغتراب.

    ويمكن القول بأن هذين الموضوعين هما أهم موضوعين في حياة معظم المفكرين الصهاينة، بل ومعظم المفكرين والأدباء الذين تناولوا الموضوع اليهودي. وثمة صراع يدور بين الخير والشر وبين الجمال والقبح ينتهي بهزيمة الخير والجمال. فالشتتل ـ ساحة هذا الصراع ـ قد وقع في قبضة قوة عمياء قاسية. وتوجد في روايته أنماط إنسانية متكررة: امرأة ذكية رقيقة متزوجة من إنسان فظ خشن ـ رجل لا قسمات له ولا ملامح ـ طالب متمرد على أوضاع مجتمعه ـ أشخاص يقضون حياتهم يعانون من الزيجات المُرتَّبة - شخصيات متمردة على التراث اليهودي مثل المهرطقين ومدَّعي المشيحانية. ومعظم قصصه ذات طابع انطباعي تتكون من مونولوجات عاطفية مع استطرادات هي أقرب إلى المقالات. وطريقة السرد في قصصه تشكل انتقالاً من أشكال السرد الخاصة بالقرن التاسع عشر إلى الأشكال الأكثر دقة.

    جمع بيرديشفسكي بعض الأساطير الحسيدية، واهتمامه بالحسيدية رغم تمرُّده على التراث اليهودي يَصلُح مدخلاً لفهم فكره الصهيوني. فهو يعيد تقييم اليهودية ويذهب إلى أن اليهودية القديمة إنما هي في واقع الأمر العبادة اليسرائيلية القربانية الوثنية، التي تدور حول عبادة الطبيعة والكون والأصنام، وأن الطبقة التوحيدية (التوراتية) دخيلة على هذه العقيدة. وفي كتابه سيناء وجيرزيم، يذهب بيرديشفسكي إلى أن الجبل المقدَّس ليس جبل سيناء، وأن مؤسس العقيدة اليسرائيلية هو يوشع بن نون وليس موسى. فكأن بيرديشفسكي يطالب بالعودة إلى الوثنية الحلولية القديمة كطريقة للتحرر من اليهودية الحاخامية. فالبعث القومي بعث كوني وثني حلولي، وعلى اليهود أن يرفضوا عبوديتهم الظاهرة التي حوَّلتهم إلى أمة من الرجال الذين نضبت قواهم الطبيعية واستوُعبوا في يهودية مجردة خالية من الحياة. عليهم العودة إلى يهودية جديدة: يهودية تضع اليهودي قبل اليهودية وإسرائيل قبل التوراة، وتعيش في وئام مع الطبيعة، وتتغنى بنشيد الأنشاد الذي يحتفي بالجسد وبنشيد داود الذي يتغنى بالطبيعة السامية التي لا حدود لها، الطبيعة التي هي منبع كل شيء، منبع كل ما يحيا وروحه. هذه الوثنية الجديدة ترى أن جوهر الحياة هو السيف، بل هو تجسيدها في أعرض خطوطها المادية والجوهرية إذ حل السيف محل التوراة. وهذه العودة للطبيعة هي برنامج بيرديشفسكي لإصلاح اليهود واليهودية، وعلى حد قوله فإن الشعب المقدَّس سيصبح الشعب الحيّ.

    ويمكننا أن نسمي صهيوينة بيرديشفسكي «الصهيونية الطبيعية» أو «الصهيونية الكونية» أو «الصهيونية العضوية»، باعتبار أن الإنسان اليهودي سيستمد هويته وكينونته من خلال العودة للطبيعة والالتحام بها وبفقدان الذات فيها. ولكن الطبيعة التي يعود إليها هي في واقع الأمر بديل الأرض في الثالوث الحلولي العضوي في مرحلة موت الإله: الأرض ـ الإنسان ـ روح الحياة التي تربط بينهما (التي هي أيضاً العنف أو السيف). ومثل هذه الصياغة الحلولية العضوية الحيوية لا تختلف عن كثير من الصياغات اليهودية التقليدية، فاليهودية تحوي داخلها طبقة حلولية تجُبُّ الطبقة التوحيدية بحيث تحل أصنام جرزيم محل التوحيد. وصهيونية بيرديشفسكي لا تختلف كثيراً في بنيتها عن صهيونية جوش إيمونيم الحلولية العضوية، فكلاهما جعل الأرض موضع الحلول وأهم عناصر الثالوث الحلولي. ولعل هذا التشابه بين المتمرد بيرديشفسكي ومعظم الصهاينة جعله يُفسِّر سرَّ حماسه للحسيدية وقصصها. ويمكننا أن نقول إن بيرديشفسكي لا يعارض الحلولية التقليدية وإنما يعارض سكونها وحسب، وهو سكون اضطرت إليه بعد فشل كثير من الحركات المشيحانية فتحوَّلت النزعة المشيحانية العدمية المدمرة إلى توجُّه نفسي وغوص في الذات، عدميته وتدميريته كانت موجودة بالقوة، ثم تفجرت في الدولة الصهيونية وأصبحت توجد بالفعل. وقد صدرت أعمال بيرديشفسكي الكاملة في 20 جزء (1921 ـ 1925(.







 

صفحة 3 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء التاسع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 53
    آخر مشاركة: 2010-10-31, 04:37 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثامن
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 54
    آخر مشاركة: 2010-10-31, 04:12 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السادس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 61
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:20 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الأول
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 530
    آخر مشاركة: 2010-10-24, 03:44 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML