[frame="1 10"]الأسس الفكرية والعقدية لدعوة ابن تومرت
إن الأسس الفكرية والعقدية لحركة ابن تومرت بعيدة عن الإسلام الصحيح ولاتتفق مع منهج أهل السنة والجماعة الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن أظهر الانحرافات الفكرية في دعوة ابن تومرت:
أولاً: أنه ادعى المهدية وقال بأنه هو المهدي الذي وعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بخروجه في آخر الزمان، حيث قال في خطبته حين مبايعته اماما للموحدين سنة 515هـ: (الحمد لله الفعل لما يريد القاضي بما يشاء لا راد لأمره ولا معقب لحكمه، وصلى الله على سيدنا محمد المبشر بالمهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً يبعثه الله إذا نسخ الحق بالباطل وأزيل العدل بالجور مكانه بالمغرب الأقصى واسمه اسم النبي ونسبه نسب النبي..."
. ولم يكتف ابن تومرت بهذا الاجراء بل انه أكد لهم هذا الاتجاه الفكري في مؤلفاته التي طالب اتباعه بحفظها، والعمل بما جاء بها، ومما جاء بها عن قضية المهدي قوله: (ان العدل ارتفع، وان الجور عم وان الرؤساء الجهال استولوا على الدنيا، وان الملوك الصم البكم استولوا على الدنيا، وان الدجالين استولوا على الدنيا، وان الباطل لايرفعه إلا المهدي، وان الحق لايقوم إلا بالمهدي، وأن المهدي معلوم في العرب، والعجم، والبدو والحضر، وان العلم به ثابت في كل مكان وفي كل أوان وآن...)
وبعد أن قرر ابن تومرت مبدأ ظهور المهدي، عدد صفاته بقوله: (انه فرد زمانه صادق في قوله، وأنه يملأها بالعدل - يعني الأرض - ثم ذكر بعد ذلك المهام التي سيقوم بها المهدي حيث بينها بقوله: "وأنه يعني المهدي - معصوم فيما دعا إليه من الحق لايجوز عليها الخطأ وأنه لايكابر، ولا يضاد، ولايدافع ولايعاند، ولايخالف ولاينازع... وأنه صادق في قوله، وأنه يقطع الجبابرة والدجاجلة، وانه يفتح الدنيا شرقها وغربها، وأنه يملؤها بالعدل كما ملئت بالجور...".
هكذا كان رأي ابن تومرت في المهدي، كما يصور ذلك تراثه الفكري، ويلاحظ هنا كيف تجرأ ابن تومرت فكذب على الله ورسوله حينما حدد مكان ظهور المهدي بالمغرب الأقصى مع أن الأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي لم تشر إلى ذلك.
إن الأحاديث الصحيحة بينت أنه يخرج في آخر الزمان رجلاً من أهل البيت يؤيد الله به الدين، يملك سبع سنين يملأ الأرض عدلاً وسلاماً كما مُلئت جوراً وظلماً، تنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط، وتُخرج الأرض نباتها، وتُمطر السماء مطرها، ويُعطي المال بغير عدد.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "في زمانه تكون الثمار كثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر والسلطان قاهر، والدين قائم، والعدو راغم والخير أيامه دائم".
لقد بينت الأحاديث الصحيحة اسمه وصفته ومكان خروجه:أ- اسمه وصفته:
وهذا الرجل اسمه كأسم رسول الله صلى الله عليه وسلم -، وإسم أبيه، كأسم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون اسمه محمد أو أحمد بن عبدالله، وهو من ذرية فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهم.
قال ابن كثير - رحمه الله في المهدي: "وهو محمد بن عبدالله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه".
وصفته الواردة: "أنه أجلى الجبهة، أقنى الأنف".
ب- مكان خروجه:
يكون ظهور المهدي من قبل المشرق، فقد جاء في الحديث عن ثوبان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتل عند كنزكم ثلاثة. كلهم ابن خليفة، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم.. (ثم ذكر شيئاً لا احفظه فقال...) فإذا رأيتموه، فبايعوه، ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي.
قال ابن كثير - رحمه الله -: (والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة، يقتتل عنده ليأخذه ثلاثة من أولاد الخلفاء، حتى يكون آخر الزمان، فيخرج المهدي، ويكون ظهوره من بلاد المشرق "لامن سرداب سامراء" كما يزعم جهلة الرافضة من أنه موجود فيه إلى الآن، وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان، فإن هذا نوع من الهذيان، وقسط كبير من الخذلان شديد من الشيطان، إذ لادليل على ذلك، ولابرهان لا من كتاب، ولامن سنة، ولا معقول صحيح ولا استحسان.. إلى أن قال "ويؤيد بناس من أهل المشرق ينصرونه، ويقيمون سلطانه، ويشيدون أركانه، وتكون راياتهم سود "أيضاً" وهو زيّ عليه الوقار" لأن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء يقال لها : العقاب" إلى أن قال: (والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق، ويبايع له عند البيت، كما دلت على ذلك بعض الأحاديث...)
2- وذكر الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإماكم منكم؟!).
3- وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لاتزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة" إلى أن قال: (فينزل عيسى بن مريم صلى عليه وسلم، فيقول أميرهم، تعال صلِّ بنا فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة".
والأحاديث التي وردت في الصحيحين تدل على أمرين:
أحدهما: أنه عند نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء يكون المتولي لإمرة المسلمين رجل منهم.
والثاني: أن حضور أميرهم للصلاة، وصلاته بالمسلمين، وطلبه من عيسى عليه السلام عند نزوله أن يتقدم ليصلي لهم يدلّ على صلاح هذا الأمير وهُداه.
يتبع[/frame]
المفضلات