تعذيب الحوامل الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية
جاء في تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن العديد من الأسيرات الفلسطينيات وضعن مواليدهن وهن مقيدات الأيدي . ويتم تجريدهن من كل خصائص الإنسانية وحقوقها ، بهدف خلخلة نفوسهن وإذلالهن بشتى الأساليب . وتقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي مئات الأسيرات الفلسطينيات ضمن أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني . هذه أفاعيل بني إسرائيل ، مهمتهم الظلم والفجور ، يمارسون أشنع وأبشع المعصية في كل ميدان خاصة على المرأة الفلسطينية التي تعاني اليوم من قلّة الناصر وضعف المعين أمام الباطل المدجج بسلاح الظلم . ولا شك أن لدى العقلية الصهيونية القدرة على ابتداع أساليب تعذيب لم تكن موجودة من قبل، خاصة أن الأسير المعذب هو الإنسان الفلسطيني الذي احتلت أرضه ويسعى بكل جهد إلى طرده منها . ولذلك ، فإن السجان الصهيوني يتفنن في ابتداع أساليب التعذيب للتنكيل بهؤلاء الأسرى المظلومين ولا يردعه في ذلك رحمة ولا ضمير، لأنه لا يعتبر الإنسان الفلسطيني إنساناً ، بل هو في نظره في مرتبة الحشرات الضارة التي ينبغي تنظيف الأرض منها. فالفلسطيني الجيّد ، كما يقول الصهاينة ، هو الفلسطيني الميت. ومن هذا المنطلق فإن أي أسلوب يفيد في القضاء على الشعب الفلسطيني هو أسلوب جيّد يجب اتباعه . وتتنوّع أساليب التعذيب بين اللين والشدّة ، وكلا الأمرين مرّ . ومن الأساليب اللينة أن يوضع الأسير في غرفة مظلمة ضيقة باردة خالية من كل شيء إلاّ من جسده المعذّب . ويوصف هذا الأسلوب باللين لأن الأسير فيه يرتاح من العذاب الجسدي الذي يمارسه السجّانون على الأسرى. وأما أبشع صور التعذيب فهي أن يُحرم الأسير من النوم بالأضواء المبهرة والموسيقى الصاخبة ليل نهار حتى يفقد عقله ، . ويخضع الأسرى للابتزاز الجنسي بهدف إذلالهم . ويبقى وضع الأسيرات الفلسطينيات أصعب بكثير من وضع الأسرى الرجال ، لأن المرأة بطبعها كائن ضعيف رهيف ، وعندما تقع في أيدي الذئاب البشرية المفترسة ، فإنها ينتهك عرضها وتعرّى ليل نهار وهي معلقة من يديها بحبل مربوط إلى عطالة في سقف الغرفة ، وقد تهلك هذه المسكينة وهي على حالها هذه ، وعند ذلك تقوم الذئاب البشرية بافتراسها وهي ميتة ، وقد تسرق أعضاؤها ومن ثم ترمى في القمامة كأية جيفة . والواقع أن لدى إسرائيل مؤسسة متكاملة للتعذيب ، ولا نعلم أن ثمة دولة أخرى عبر التاريخ امتلكت من فنون التعذيب في يوم من الأيام ما ابتكرته عبقرية التعذيب الإسرائيلية . وهناك في إسرائيل الآن معاهد متخصصة في تدريس أساليب التعذيب ، كما أن هناك نظريات في التعذيب وضعها عتاة المجرمين الصهاينة تتحدث عن كيفية تعذيب الأسير وأفضل الأساليب المفيدة في تعذيبه. وتتحفظ إسرائيل على هذه النظريات وتطلب إعطاءها براءة اختراع عالمية فيها، لأن ما أنجزته في سبيل تطوير التعذيب ومؤسسته يستحق أن تحتكر وحدها حقوق بيع نظرياته لمن يرغب من المشترين وخاصة في الدول الحليفة لها في الغرب . ولا شك أن تعذيب شعب بأكمله مسألة ليست سهلة على الإطلاق ، ولو لم يكن الذهن الصهيوني إجرامياً بالفطرة لما كان قادراً على حمل هذا العبء الثقيل . فمنْ مِنَ السجّانين في العالم يفطن ، مثلاً ، إلى وقع تقييد أيدي وأرجل الحوامل الأسيرات ، وإبقائهن على هذه الأوضاع حتى يلدن ، فيأتي الأسيرة الطلق وهي مكبّلة بالقيود ، ولا يعلم حجم الآلام التي تأتي للحوامل ساعة الطلق إلاّ النساء اللائي ولدن . وتستغيث تلك المسكينة وتعلو استغاثتها ، ولا يسمعها سوى جدران الغرفة ، فتتألم تلك الجدران وتتصدّع لشدّة الصراخ . أما السجانون ، فإنهم كلما سمعوا استغاثة أقوى ، كلما ضحكوا ضحكة أقوى ، فتضع الحامل وليدها وربما يبقى معلقاً بحبل السرّة إلى أمد طويل حتى يأذن السجانون بنقلها إلى المستشفى مع وليدها. ولعلها تموت قبل ذلك أو يموت وليدها ، وعندئذ يفرح السجانون كثيراً، لأنهم بزعمهم قد تخلصوا من فلسطيني جديد . فما أبشع ما يقوم به الصهاينة وما أبشع صمت العالم تجاه جرائمهم . لكن لا شك أنهم مع مؤسساتهم التعذيبية والقمعية، سيذهبون . وكلما أحسوا بقرب أجلهم زادوا من تعذيبهم ، وهم في ذلك كمن يصارع الموت أملاً منه في أن يغلبه ، لكنه يموت في النهاية ، وتنتهي قصته إلى مزبلة التاريخ.
أما المرأة الفلسطينية المتمسكة بطريق العزة والحرية والكرامة ، فهي في عهد مع الله بأن تصمد وتصبر وتصابر بقوة ووجد وتصميم ووفاء بالعهد لأرض فلسطين، واستمساكاً بميثاقها بأن تجعل الطفل الفلسطيني إنساناً متمسكاً بإيمانه وعقيدته وأرضه بالرغم من مشقّة الطريق وما يحف بها من شتى الابتلاءات الخارقة والمعاناة المشحونة من المغتصب العابث بالإنسان والمدجج بالأحقاد وقيود الأصفاد إلى حين تحرير الأرض والتاريخ وبيت المقدس وفلسطين ، وطن الأنبياء وثمار الروح
المفضلات