صفحة 4 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 61
 
  1. #31
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    محاكمة ديمانجوك
    Demanjuk Trial
    جون ديمانجوك مواطنأمريكي من أصل أوكراني اتُهم بارتكاب جرائم حرب إبَّان الحرب العالمية الثانية. وأشارت الاتهامات والادعـاءات الموجَّهة إليه، إلى أنه كان يقاتل في صفوف الجيشالسوفيتي حينما وقع في أسـر الألمـان ورُحِّل إلى أحد معـسكرات أسرى الحرب. وأثناءذلك، وافق ديمانجوك على الانضمام إلى إحدى الوحدات العسكرية المشكلة من الأجانبوالعاملة في خدمة قوات الإس. إس. الألمانية. وقد تدرب أولاً في أعمال الحراسة ثمنُقل إلى معسكر تربلينكا حيث أشرف على غرف الغاز وأُطلق عليه لقب «إيفان الرهيب» بسبب قسوته البالغة، وظل في المعسكر حتى إغلاقه عام 1943. ومع انتهاء الحرب، انتقلديمانجوك إلى الولايات المتحدة حيث عاش حياة هادئة إلى أن علمت السلطات الأمريكيةبماضيه، فقامت بتجريده من جنسيته الأمريكية. وفي عام 1986، تم ترحيله إلى إسرائيلحيث قُدِّم للمحاكمة عام 1987 بعد أن وُجِّهت إليه اتهامات بالقتل وارتكاب جرائم ضدالإنسانية وارتكاب جرائم ضد الشعب اليهودي. وقد أكد الدفاع أن هناك خطأً ولبساً فيشخصية المتهم، فجون ديمانجوك ليس هو «إيفان الرهيب»، كما شكك الدفاع في الأدلةالمقدمة ضده وفي قدرة الشـهود على تذكر أحـداث جـرت منذ أكـثر من 54 عاماً. ورغمذلك، أُدين ديمانجوك بالتهم الموجهة إليه وحُكم عليه بالإعدام عام 1988.

    وبطبيعة الحال، حاولت المؤسسة الصهيونية استثمار عملية المحاكمة نفسها، بغضالنظر عن نتائجها، في تحقيق أهدافها الخاصة برفع ما يُسـمَّى «الوعي اليهودي» بينالأجيـال الجـديدة من أعضاء الجماعات اليهودية. كما حـاولت تذكير العـالم (الغربي) بالجرم النازي ضد اليهود، وذلك في محاولة للتغطية على القمع الإرهابي الذي تمارسهإسرائيل للقضاء على الانتفاضة الفلسطينية. ولكن محاكمة ديمانجوك تبين أن هذهالعملية تقترب من نهايتها. فقد اعترف بعض المسئولين الأمريكيين (في مكتب التحقيقياتالتابع لوزارة العدل الأمريكية) بجرمهم في إخفاء الأوراق التي تثبت أن ديمانجوك ليسإيفان الرهيب. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وفتح كثير من الملفات السرية، ظهرتدلائل جديدة تؤكد أن ديمانجوك ليس هو إيفان الرهيب وأنه عمل حارساً في معسكر آخرغير تربلينكا. وكتبت النيويورك تايمز تقول إنه لابد من الإفراج عنه لعدم توافر أيةأدلة، ونبه باتريك بوكانان عن الحـزب الجمهــوري) إلى أن السـلطات الإســرائيليةتماطل في إصدار الحكم ببراءة ديمانجوك على أمل أن يمـوت في السجن ولا تضطر إسرائيلإلى الاعتراف بخطئها. بل إن الصحف الإسرائيلية ذاتها بدأت تنبه إلى أن الاستمرار فيمثل هذه المحاكمات قد يؤدي إلى نتائج عكسية. ولعل حكم البراءة الذي اضطرت المحكمةالإسرائيلية العليا إلى إصـداره في عـام 1993 هو نهاية هذه المهزلة. وقد عادديمانجوك فيما بعد إلى الولايات المتحدة.

    ســـيمون وزنتــال (1908?- )
    Simon Wiesenthal
    يهودي من أصل تشيكي تخصص في مطاردة مجرمي الحرب النازيين. وُلد وتعلم في تشيكوسلوفاكيا حيث حصل على شهادة في العمارة عام 1940.

    اعتقله النازيون في الفترة 1941 - 1945. وبعد الحرب، انضم ويزنتال إلىاللجنة الأمريكية لجرائم الحرب. وأسس عام 1946، هو وآخرون، مركز التوثيق التاريخياليهودي الذي يوجد الآن في فيينا بالنمسا. وقد نجح ويزنتال في المساعدة على القبضعلى 1100 مجرم نازي من بينهم أيخمان. وقد نشر ويزنتال مقالاً في التورنتوستار (19مايو 1971) زعم فيه أن « عدة مئات » من مجرمي الحرب النازيين يعيشـون في كندا. وحينما شُـكِّلت لجنة للتحقيق لم يُقدَّم سـوى 217 اسماً، ولكن ثبت أن غالبيتهمالساحقة (187 اسماً) لم يدخلوا كندا قط، والباقون إما ماتوا أو غادروا كندا أو لميمكن العثور على أي دليل على تورطهم في جرائم الحرب، وقد أثر هذا كثيراً فيمصداقيته.

    بعض التغيرات التي طرأت على الخطاب الغربي فيما يتصلبالإبادة النازية ليهود أوربا
    Some Developments of the Western Discourse on the Nazi Extermination of European Jewry
    رغم كل الهستريا الإعلامية الصهيونيةوغير الصهيونية ضد أية محاولة لتناول ظاهرة الإبادة بعقلانية واتزان، يمكن أن نلاحظتغيرات هامة بدأت تدخل على الخطاب الغربي فيما يتصل بالإبادة النازية:

    1
    ـبدأت محاولات إسرائيل في استخدام الإبادة لتبرير استمرارها في ارتكاب الجرائم ضدالفلسطينيين تصبح أمراً ممجوجاً، وبدأ بعض المفكرين اليهود وغير اليهود يُعبِّرونعن رفضهم لمثل هذا المنطق الابتزازي. كما بدأ كثير من يهود العالم يضيقون ذرعاًبجعل الإبادة هي النقطة المرجعية النهائية في رؤيتهم للكون والأغيار.

    2
    ـبدأ الخطاب السياسي في الغرب وفي إسرائيل يرفض التابو (التحريم) الذي يمنع تشبيهالإبادة النازية ليهود الغرب بأحداث مماثلة في التاريخ الماضي والوقت الحاضر. وقدتجرأ عدة متحدثين غربيين (من بينهم يهود) على تشبيه ما يحدث للفلسطينيين على يدالإسرائيليين بما حدث لليهود في أوربا على يد النازيين. فعلى سبيل المثال، صرحالكاتب الإسرائيلي يهوشاوا بأنه يفهم الآن سبب جهل الألمان بما حدث لليهود بعد أنرأى الإسرائيليين يرفضون معرفة ما يحدث للفلسطينيين. ويشير اليهود السفاردوالشرقيون إلى اليهود الغربيين بأنهم « إشكي نازي» وهو نوع من التلاعب بالألفاظيشير إلى أن ما كان محرماً أصبح مباحاً. ووصف البروفسير لايبوفيتز سياسة إسرائيل فيلبنان بأنها نازية يهودية (بالإنجليزية: جوديو/نازي Judeo-Nazi).

    3
    ـ نعتقدأن الأمور بعد توحيد ألمانيا وتحوُّلها إلى قوة عظمى ستتغيَّر كثيراً، وسيُنظَر إلىحادثة الإبادة النازية ليهود أوربا نظرة أكثر تفسيرية وتركيباً واتزاناً. كما أنكثيراً من الوثائق الألمانية والسوفيتية التي لم تُنشَر بعد ستجد طريقها إلى النشر. ولعل هذا يوفر جواً علمياً أكثر استقراراً وطمأنينة، بعيداً عن هستريا الأيقنةالكاملة للإبادة لصـالح اليهود، وعن هـسـتريا الإنكار الكـامل لها (بالمعنى العام،أي الإبادة عن طريق التجويع والسخرة؛ والمعنى الخاص، أي التصفية الجسدية).






  2. #32
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    البابالسادس: إشكالية التعاون بين أعضاء الجماعات اليهودية والنازيين


    التعاون بين بعض أعضاء الجماعات اليهـودية والنازيـين
    Collaboration between Some Members of the Jewish Communities and the Nazis
    من الموضوعات التي لميتم بحثها بالقدر الكافي، لأسباب معروفة، قضية تورُّط بعض أعضاء الجماعات اليهودية (من الصهاينة وغير الصهاينة) في علاقة تعاون وثيقة مع النازيين. وقد أخذ هذاالتعاون أشكالاً كثيرة من بينها عدم الاشتراك في المقاومة أو التعاون الاقتصاديوالثقافي مع النازيين. ولكن أهم أشكال التعاون وأوثقها هو التعاون المؤسَّسي بينالمستوطنين الصهاينة والنظام النازي والنظام الفاشي الذي أخذ شكل معاهدة الهعفراه. ومن أهم الشخصيات الصهيونية التي تعاونت مع النازي ألفريد نوسيج.

    مقاومة الجماعات اليهودية للنازية
    Jewish Resistance to Nazism
    يُثير بعض الدارسين تساؤلاً بخصوص المقاومة اليهودية والصهيونية للنازيين، وهيمسألة خلافية مركبة. ومما يجدر ذكره أنه حين استولى هتلر على السلطة عام 1933، ظلتهناك جيوب رافضة داخل المجتمع الألماني صعَّدت المقاومة ضده من منظور ليبرالي. كماكانت هناك حركة مقاومة ثورية نظمتها الأحزاب الشيوعية والاشتراكية، فالنازية حركةشمولية تقف ضد مصلحة الطبقة العاملة. كما كانت هناك مقاومة من منظور يميني تدعمهاقطاعات معينة من الرأسمالية الألمانية الكبيرة. وكانت هناك أيضاً مقاومة من منظورتقليدي أرستقراطي باعتبار أن النازية تقضي على امتيازات الطبقة الأرستقراطيةالألمانية التقليدية ومكانتها. إذ كانت النازية، على مستوى من المستويات، عمليةتحديث سريعة وراديكالية تمت تحت إشراف عناصر من البورجوازية الصغيرة لا تحترمالتقاليد وتقضي على سائر الخصوصيات وتحاول أن تنجز في عشرة أعوام ما أنجزته أوربافي مئات الأعوام. وقد تمركزت المقاومة التقليدية في الجيش ووزارة الخارجيـة، وكانايضمـان أعـداداً كبيرة من أعضاء الطبقة الأرستقراطية. وبالمثل قام البولنديون بحركةمقاومة عنيفة ضد النازيين، هذا بخلاف حركات المقاومة في فرنسا وغيرها من الدول.

    وقد بيَّن كثير من الكُتَّاب أنه لم تنشـأ أية مقاومـة يهودية في أرجاءأوربا، مع أن مثل هذه المقاومة كان بوسعها أن تصيب آلة الإبادة النازية بالشلل أوتحد من سرعتها أو تعطلها،خصوصاً أنها كانت مرهَقَة.ولم تبدأ المقاومة اليهوديةجدياً في وارسو،التي كان 45 في المائة من سكانها من اليهود، إلا في أوائل عام 1943،عندما بدأت موازين القوى تميل لصالح الحلفاء وحين قررت برلين تدمير حارة اليهود،وكان الوقت قد فات على إنقاذ نزلاء المعسكرات.

    ومن الأسباب الأساسية التييطرحها البعض لتفسير ضعف المقاومة اليهودية رغم الشراسة النازية هو الموقفالصهيوني، إذ يبدو أن الصهاينة لم يبدوا حماساً كبيراً في حربهم ضد النازية، وكانواغير مكترثين بالمقاومة ضد النازيين. وفي مجال هجومه على المشروع الصهيوني، حذرالمفكر الاشتراكي كارل كاوتسكي من الآثار الضارة للصهيونية التي توجه جهود اليهودوثرواتهم إلى الاتجاه الخاطئ (الاستيطان في فلسطين) في وقت تتقرر فيه مصائرهم فيمسرح مختلف تماماً (أوربا وألمانيا) حيث يجب عليهم أن يركزوا فيه كل قواهم. وكانكاوتسكي يشير بذلك إلى أن ملايين اليهود في شرق أوربا (بين ثمانية وعشرة ملايين) لميكن من الممكن تهجيرهم إلى فلسطين. وبدلاً من تنظيمهم وتوجيه طاقاتهم، حتى يكونوامهيئين للدفاع عن أنفسهم حينما تقع الواقعة، كانت القيادات الصهيونية تركز علىتهجير بضع مئات منهم إلى أرض الميعاد.

    ولكن الاعتبارات الصهيونية كانتمختلفة تمام الاختلاف عن ذلك، إذ قرر الصهاينة اتخاذ موقف الحياد من المقاومة،باعتبار أن اليهود لهم مصالحهم وحروبهم المختلفة، وأن هدفهم الوحيد هو تأسيس الدولةالصهيونية. ولذا نادى كثير من الصهاينة بعدم الاشتراك في الحركات المعادية للنازيةوالفاشية. وقد بيَّن ماريك إيديلمان، أحد قواد تمرد جيتو وارسو، في حديث له مع مجلةهآرتس أن الأبطال الحقيقيين للمقاومة كانوا أعضاء حزب البوند واليهود المعادينللصهيونية والشيوعيين والتروتسكيين والصهاينة اليساريين، أما أعضاء التيار الصهيونيالأساسي فكان موقفهم هو موقف الحياد إياه. وكلما كان النضال ضد النازية يزدادضراوة، كان الصهاينة يزدادون ابتعاداً عن بقية اليهود. ومن المعروف أن القواتالنازية كانت تقيم مجالس لليهود في البلاد التي تحتلها بعد حل كل التنظيماتاليهودية، ويُقال إن أغلبية أعضاء هذه المجالس كانوا من الصهاينة (وإن كان هذايحتاج إلى مزيد من التمحيص). ومن الثابت تاريخياً أن المجالس اليهودية كانت أداةذات كفاءة عالية في إدارة عملية الإبادة.

    وقد تعاون كثير من الأفراد اليهود (غير الصهاينة) مع النازيين، وهم في هذا لا يختلفون عن مئات الأوربيين الآخرينالذين كانوا مجرد موظفين ينفذون الأوامر التي تَصدُر إليهم. كما لم يكترث يهودفرنسا بنقل اليهود الذين ليسوا من أصل فرنسي، تماماً مثلما أظهر يهود ألمانيا عدماكتراث بنقل اليهود الأوست يودين (أي يهود شرق أوربا). بل إن بعض الكُتَّاب اليهودأثاروا قضية دور الحاخامات في أوربا وفشلهم في قيادة حركة المقاومة. ومن المعروف أنقساً كاثوليكياً وواعظاً بروتستانتياً تطوعا للذهاب مع المرحلين إلى معسكراتالاعـتقال، بينما لم تلعب الحاخاميـة دوراً مماثلاً.

    والموضوع، كما أسلفنا،خلافي للغاية، فثمة نظرية تذهب إلى أن المقاومة لم تكن على أية حال لتجدي فتيلاً،وذلك لأن الأغلبية الساحقة من الشعب الألماني لم تكن تمانع في الإبادة، كما أن آلةالحرب والمخابرات والإبادة الألمانية كانت على درجة عالية من الكفاءة والقدرة علىالفتك. ومن الممكن تطبيق نفس المقولة على هؤلاء الأغيار المتهمين بعدم مقاومةالنازي، فلعلهم توصلوا هم أيضاً إلى عدم جدوى المقاومة. ولكن هذا القول الذي ينطبقعلى الجماعة اليهودية في ألمانيا لا يسري بأية حال على يهود بولندا الذين كانوايُشـكِّلون كثافـة سـكانية لا بأس بها، وكان بوسعهم المقاومة والانضمام إلى الشعبالبولندي الذي كان يقاوم الغزو النازي.

    ومن القضايا الأخرى التي تُثار فيهذا السياق موقف المستوطنين الصهاينة. فقد كانت إحدى دعاوى إقامة الدولة الصهيونيةأنها ستكون ملجأ لليهود يحميهم من هجمات الأغيار ومذابحهم. ولكن حينما دخلت قواتروميل حدود مصر وبدأت تتقدم نحو الإسكندرية، اكتشف المستوطنون الصهاينة عبثالمقاومة، بل ضعت بعض الكيبوتسات خطة للانتحار. والقدرة على الانتحار تختلف بشكلجوهري (في تصورنا) عن المقاومة والإنقاذ. ولكن ما يهمنا هنا هو الإشارة إلى أنالانتحار يفقد الجيب الصهيوني شرعيته كملجأ أخير ونهائي لليهود.

    ويبدو أنيهود الولايات المتحدة (الذين يُشكِّلون أكبر جماعة يهودية في العالم) لم يلعبوادوراً فعالاً بما فيه الكفاية في محاولة حماية يهود ألمانيا. وقد حاولت إحدىالمنظمات اليهودية الأمريكية، عام 1981، فتح ملف تقصير الجماعة اليهودية فيالولايات المتحدة، ولكنها أغلقته بسرعة بدعوى أن الموضوع محرج ومؤلم، وهو كذلكبالفعل. لكن هذا لا يبرر إغلاق التحقيق، وخصوصاً أن الاتهامات الصهيونية للحكومةالأمريكية والفاتيكان والكنيسة بالتقصير لم تتوقف.







  3. #33
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    الفاشـيةوالصهيونيـة
    Fascism and Zionism
    من أهم الأفكار الغربية التي نبتتالصهيونية في تربتها، الأفكار السياسية الخاصة بالقومية العضوية وبالدولة القوميةباعتبارها المرجعية الوحيدة والركيزة الأساسية للنسق، وهي الأفكار التي تصبحتقديساً للدولة وانصياعاً لزعيمها في الأنساق الشمـولية. وقـد تبنت الصهيونية كلهـذه الأفكـار وتحـركت في إطـارها، فأنشـأت علاقة مع النظام الفاشـي (في إيطاليا) والنظام النازي (في ألمانيا).

    وقد أكد موسوليني منذ بداية حكمه أن الفاشيهلا علاقة لها بالعداء لليهود. وفي 30 أكتوبر 1930 أصدر قراراً بدمج كل التجمعاتاليهودية في إيطاليا في اتحاد فاشي يمثل كل يهود إيطاليا بغير استثناء، وأصبح هذاالاتحاد إحدى الوكالات الرسمية للحكومة الفاشية. حيث نصت المادة 35 من قانـونتأسـيس هـذا الاتحاد على أن اليهود هم سفراء الفاشية للعالم، وعلى ضرورة أن يشتركاتحاد التجمعات اليهودية في إيطاليا في النشاطات الدينية والاجتماعية ليهود العالم،وأن يحتفظ بعلاقاته الدينية والثقافية معهم.

    وفي يناير 1923 قام حاييموايزمان بوصفه رئيس المنظمة الصهيونية بزيارة موسوليني، لمحاورته بشأن الصهيونيةوالدعم الفاشي الممكن تقديمه إلى الحركة. واكتشف الزعيم الصهيوني أن اعتراضموسوليني على الصهيونية مرده إحساسه بأن الصهيونية أداة لإضعاف الدول الإسلاميةلصالح الإمبراطورية البريطانية. فرد وايزمان عليه رداً مقنعاً بيَّن له فيه أنإضعاف الدول الإسلامية سيعود أيضاً على إيطاليا بالنفع، وأضاف أن شروط حكومةالانتداب ذاتها تفتح المجال أمام إيطاليا أو أية دولة أخرى للمشاركة في تطوير هذاالبلد (أي تصدير العمالة الفائضة والحصول على امتيازات تجارية، على حد قولوايزمان)، وأن في وسع إيطاليا أن تفعل ذلك إذ اعتمدت الميزانية اللازمة. وانتهىالاجتماع بتفاهم كامل بين الطرفين، سمح موسوليني على أثره بتعيين يهودي إيطالي فيالوكالة اليهودية.

    وحينما دُعي وايزمان مرة أخرى إلى إيطاليا في سبتمبر 1926، عرض موسوليني أن يُقدم المساعدة للصهاينة كي يبنوا اقتصادهم، وقامت الصحافةالفاشـية بنشـر مقالات مؤيدة للصهاينة. كما قـام ناحوم سوكولوف، باعتباره رئيساللجنة التنفيذية في المنظمة الصهيونية، بزيارة إيطاليا عام 1927 وصرح بأنه أدركالطبيعة الحقة للفاشية، وأكد أن اليهود الحقيقيين لم يحاربوا قط ضدها. ولا شك في أنكلماته هذه تحمل معنى التأييد الكامل للنظام الفاشي، وقد تبعته في ذلك المنظمةالصهيونية في إيطاليا. ومن الزعماء الصهاينة الذين زاروا إيطاليا الفاشية، ناحومجولدمان الرئيس السابق للمؤتمر اليهودي العالمي الذي استمع إلى الزعيم الإيطالي وهويُعرب عن حماسه للمشروع الصهيوني وعن استعداده الكامل لمساندته.

    وقد تعلمجابوتنسكي الكثير من الفاشية الغربية، وكان يُعبِّر عن إعجابه الشديد بالدوتشيوفكره، وبالتنظيمات الشبابية الفاشية التي حاولت المنظمات الشبابية التصحيحيةالتشبه بها في زيها الرسمي. وكال موسوليني المديح والتقريظ لجابوتنسكي حين قال مرةللحاخام ديفيد براتو الذي أصبح فيما بعد حاخام روما: «كي تنجح الصهيونية يجب أنتحصلوا على دولة يهودية لها علم يهودي ولغة يهودية، والشخص الذي يفهم ذلك حقاً هوالفاشي جابوتنسكي». كما نعت موسوليني نفسه ضمناً بأنه صهيوني يدافع عن فكرة الدولةاليهودية. ورغم أن جابوتنسكي لم يكن يرتاح أحياناً إلى وصفه بالفاشي، فإن موقفهبشكل عام كان موقف المؤيد للفاشية والمعجب بها.

    النازية والصهيونية: الأصول الفكرية المشتركة والتمـاثل البنيوي
    Nazism and Zionism (Common Intellectual Origins and Structural Parallelism)

    رغم الدعاية الصهيونية الشرسة
    وتأكيد احتكار اليهود لدور الضحية في عملية الإبادة التي قام بها النازيون ضد كثيرمن الشعوب والأقليات الإثنية والدينية والعرْقية، فإن ثمة علاقة وطيدة بينالصهيونية والنازية تستحق الدراسة. وقد يكون من المفيد ابتداءً أن نقرر أن النازيةوالصهيونية ليستا بأية حال انحرافاً عن الحضارة الغربية الحديثة بل يمثلان تيارينأساسيين فيها. ولعل أكبر دليل على أن الصهيونية جزء أصيل من الحضارة الغربية أنالغرب يحاول تعويض اليهود عما لحق بهم على يد النازيين بإنشاء الدولة الصهيونية علىجثث الفلسطينيين، وكأن جريمة أوشفيتس يمكن أن تُمحَى بارتكاب جريمة دير ياسين أومذبحة بيروت أو مذبحة قانا. وقد أنجزت الصهيونية ما أنجزت من اغتصاب للأرض وطردوإبادة للفلسطينيين من خلال التشكيل الإمبريالي الغربي، واستخدمت كل أدواته من غـزووقمع وترحيل وتهجير. والغرب، الذي أفرز هتلر وغزواته، هو نفسه الذي نظر بإعجاب إلىالغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان وبيروت وأنحاء أخرى من العالم العربي. وهو الذي ينظربحياد وموضوعية داروينية للجريمة التي ارتكبت والتي تُرتكب يومياً ضد الشعبالفلسطيني.

    ولابد أن نقرر أن الصهيونية لم تقم بعملية إبادة شاملة (بمعنىالتصفية الجسدية) للفلسطينيين، إلا أن هذا يرجع إلى اعتبارات عملية عديدة لا علاقةلها بالبنية الإبادية للأيديولوجية الصهيونية، من بينها تأخر التجربة الصهيونية إلىأواخر القرن التاسع عشر، وعدم إعلان الدولة الصهيونية إلا في منتصف القرن العشرين،وهو ما جعل الإبادة مسألة عسيرة بسبب وجود المنظمات الدولية والإعلام. كما كان شأنالكثافة السكانية العربية وتماسك العرب وانتمائهم إلى تشكيل حضاري مركب ومقدرتهمعلى التنظيم والمقاومة والانتفاضة أن أصبحت الإبادة حلاًّ مستحيلاً (ومع هذا لابدمن الإشارة إلى عمليات الإبادة الجسدية والتي تمت في صفد ودير ياسـين وكفر قاسم،وغيرها من مدن وقرى في فلسطين، حيث لم تكن الممارسة الصهيونية تهدف إلى تهجيرالفلسطينيين، بقدر ما كانت تهدف إلى قتلهم وإبادتهم. وبالمثل كانت عملية صابراوشاتيلا ذات طابع إبادي واضح). كما أن الإبادة بمعنى التهجير والتسخير والقمعوالاستغلال هي حدث يومي داخل الإطار الصهيوني.

    إن الحضارة الغربية الحديثةهي التي أفرزت الإمبريالية والنفعية الداروينية والنازية والصهيونية، ولذا فليس منالمستغرب أن نجد مجموعة من الأفكار المشتركة بين الرؤيتين النازية والصهيونية التيتُشكِّل الإطار الحاكم لكل منهما:

    1
    ـ القومية العضوية والتأكيد على روابطالدم والتراب، وهو ما يؤدي إلى استبعاد الآخر (الشعب العضوي المنبوذ(.

    2
    ـالنظريات العرْقية.

    3
    ـ تقديس الدولة.

    4
    ـ النزعة الداروينيةالنيتشوية.

    كما يظهر التماثل البنيوي بين النازية والصهيونية في خطابهما. فكلاهما يستخدم مصطلحات القومية العضوية مثل «الشعب العضوي (فولك)» و«الرابطةالأزلية بين الشعب وتراثه وأرضه» و«الشعب المختار». وقد سُئل هتلر عن سبب معاداتهلليهود، فكانت إجابته قصيرة بقدر ما كانت قاسية: "لا يمكن أن يكون هناك شعبانمختاران. ونحن وحدنا شعب الإله المختار. هل هذه إجابة شافية على السؤال؟". ويتحدثمارتن بوبر عن أن الرابطة بين اليهود وأرضهم هي رابطة الدم والتربة، ومن ثم يطالببضرورة العودة إلى فلسطين حيث توجد التربة التي يمكن للدم اليهودي أن يتفاعل معهاويبدع من خلالها، وهي مسألة أشار إليها كل من الكاتبين الصهيونيين ميخا بيرديشفكيوشاؤول تشرنحوفسكي، حيث تحدثا عن الشعب العضوي اليهودي بالعبارات نفسها ونسبا إليهالخصائص نفسها. كما استخدم الصهاينة مفهوم «الدم اليهودي» لتعريف الهوية اليهودية.

    وأثناء محاكمات نورمبرج، كان الزعماء النازيون يؤكدون، الواحد تلو الآخر،أن الموقف النازي من اليهود تمت صياغته من خلال الأدبيات الصهيونية، خصوصاً كتاباتبوبر عن الدم والتربة. وقد أشار ألفريد روزنبرج، أهم المنظرين النازيين، إلى أن « بوبر على وجه الخصوص هو الذي أعلن أن اليهود يجب أن يعودوا إلى أرض آسيا، فهناك فقطيمكنهم العثور على جذور الدم اليهودي ». ولعله، بهذا، كان يشير إلى حديث بوبر عناليهود باعتبارهم آسيويين حيث يقول « لأنهم إذا كانوا قد طُردوا من فلسطين، ففلسطينلم تُطرد منهم».

    ومن الموضوعات الأساسية المشتركة فكرة النقاء العرْقي. وكان سترايخر (المُنظر النازي) يؤكد أثناء محاكمته، أنه تعلم هذه الفكرة من النبيعزرا: لقد أكدت دائماً حقيقة أن اليهود يجب أن يكونوا النموذج الذي يجب أن تحتذيهكل الأجناس، فلقد خلقوا قانوناً عنصرياً لأنفسهم، قانون موسـى الـذي يقول: "إذادخلـت بلداً أجنبـياً فلـن تتزوج من نسـاء أجنبيـات". وكانت الأدبيات الصهيونيةالخاصة بنقاء اليهود العرْقي ثرية إلى أقصى حد في أوربا حتى نهاية الثلاثينيات.

    ويستخدم النازيون والصهاينة على حد سواء الخطاب النيتشوي الدارويني نفسهالمبني على تمجيد القوة وإسقاط القيمة الأخلاقية. إذ يستخدم الصهاينة ـ شأنهم فيهذا شأن النازيين ـ مصطلحاً محايداً، فهم لا يتحدثون عن طرد الفلسطينيين وإنما عن "تهجيرهم" أو "دمجهم في المجتمعات العربية". وهم لا يتحدثون مطلقاً عن «تفتيتالعالم العربي » وإنما عن "المنطقة"، ولا يتحدثون عن «الاستيلاء» على القدس وإنماعن "توحيدها" ولا عن الاستيلاء على فلسطين أو «احتلالها» وإنما عن "اسـتقلال" إسـرائيل أو عن "عودة الشـعب اليهودي" إلى أرض أجداده.

    ويتضح التطابق بينالنازيين والصهاينة بكل جلاء في واحد من أهم التنظيمات النازية. فقد كان النازيون ـشأنهم شأن أية عقيدة تدور في إطار القومية العضوية ـ يؤمنون بوجود دياسبورا ألمانيةأوسـلاندويتـش Auslandeutsch») تربطها روابط عضوية بالأرض الألمانية. وأعضاء هذاالشتات الألماني مثل أعضاء الشتات اليهودي يدينون بالولاء للوطن الأم ويجب أنيعملوا من أجله. وربما لأن العودة للوطن الأم أمر عسير، كما هو الحال مع الصهاينة،اقترح النازيون ما يشبه نازية الشتات (مثل صهيونية الشتات) عن طريق تشجيع الألمانفي الخارج على دراسة الحضارة واللغة الألمانيتين. وكان للنازيين ما يشبه المنظمةالنازية العالمـية التي كانت لها صـلاحيات تشـبه صلاحيات المنظمة الصهيونيةالعالمية، وكانت لها مكانة في ألمانيا تشبه من بعض الوجوه مكانة المنظمة الصهيونيةفي إسرائيل. وقد تعاون الألمان، في كل أنحاء العالم مع السفراء والقناصل الألمان،تماماً كما يتعاون اليهود والصهاينة مع سفراء وقناصل إسرائيل فيبلادهم.

    ولنا أن نلاحظ الأصول الألمانية الراسخة للزعماء الصهاينة الذينصاغوا الأطروحات الصهيونية الأساسية. فتيودور هرتزل وماكس نوردو وألفريد نوسيجوأوتو ووربورج كانوا إما من ألمانيا أو النمسا يكتبون بالألمانية ويتحدثون بها، كماكانوا ملمين بالتقاليد الحضارية الألمانية ويكنون لها الإعجاب ولا يكنون احتراماًكبيراً للحضارات السلافية (وقد غيَّر هرتزل اسمه من «بنيامين» إلى «تيودور» حتىيؤلمن اسمه، وسمَّى ماكس نوردو نفسه بهذا الاسم لإعجابه الشديد بالنورديين). ولايختلف زعماء يهود اليديشـية عن ذلك، فلغتهم اليديشـية هي رطانة ألمانية أساساً. ومنجهة أخرى، كانت لغة المؤتمرات الصهيونية الأولى هي الألمانية، كما توجـه الزعماءالصهاينة أول ما توجهوا لقيصر ألمانيا لكي يتبنى المشـروع الصهيوني. وقد أكدجولدمان أن هرتزل قد وصل إلى فكـرته القومية (العضـوية) من خــلال معـرفته بالفـكروالحضــارة الألمانيــين. وكان كثير من المستوطنين الصهاينة يكنون الإعجاب للنازية،وأظهروا تفهماً عميقاً لها ولمُثُلها ولنجاحها في إنقاذ ألمانيا. بل عدوا النازيةحركة تحرر وطني. وقد سجل حاييم كابلان، وهـو صهـيوني كان موجــوداً في جيتـو وارسـو (حينمـا كـان تحت حكـم النـازي)، أنـه لا يوجد أي تناقض بين رؤية الصهاينةوالنازيين للعالم فيما يخص المسألة اليهودية، فكلتاهما تهدف إلى الهجرة، وكلتاهماترى أن اليهود لا مكان لهم في الحضارات الأجنبية.

    وقد ظهرت في ألمانيا، فيالثلاثينيات، جماعة من المفكرين الدينيين اللوثريين الذين أدركوا العناصر الفكريةالمشتركة بين النازية الصهيونية وأبعادها العدمية. ومن هؤلاء هاينريش فريك الذي حذراليهود من فكرة الشعب العضوي التي يدافع عنها النازيون والصهاينة، كما عَرَّف كلاًمن النازية والصهيونية بأنهما حركتان حولتا النزعة الأرضية (الارتباط بالأرض) والدنيوية (الارتباط بالدنيا)، وهما من الأمور المادية، إلى كيانات ميتافيزيقية، أيإلى دين. وأشار إلى أن النازية والصهيونية تتبنيان الرأي القائل بأن ألمانيا لايمكنها أن تقبل اليهود أو تظهر التسامح تجاههم.

    وفي عام 1926، حدد فيليستارك ما تصوره موقف المسيحية من مسألة الشعب العضوي. فأشار إلى نقط التشـابه بينالصهيونية والنازية، فكلتاهما تدور حول قيمة مطلقة تحيطها القداسة الدينية، الدموالتربة، وهي قيمة تضرب بجذورها في المشاعر الأسطورية الكونية، وفي ممالك الأرضبدلاً من مملكة السماء. ومن ثم، توصَّل فيلي ستارك إلى أنه لا يوجد أي مجال للتفاهمبين المسيحية وعبادة الشعب العضوي (فولك) الصهيونية أو النازية. كما توصل إلى أنكلاً من الصهيونية (التي تحاول أن تؤسس الهيكل الثالث أي الدولة الصهيونية) والنازية (التي أسست الرايخ الثالث أي الدولة النازية) تجسيد لعدم فهم البُعدالمجازي في العقيدة الألفية الاسترجاعية في المسيحية. وبالتالي، فإن كلتا الحركتينضرب من ضروب المشيحانية السياسية (الأخروية العلمانية) التي تحوِّل الدنيويالمدنَّس إلى مقدَّس، وبذلك يُمثل كل منهما تهديداً لليهودية والمسيحية، بل للجنسالبشري بأسره.






  4. #34
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    النيتشـويــــة والصهـيونيـــة
    Nietzscheanism and Zionism
    تنبع النازية من عدة روافد في الفكر الغربي الحديث لعل أهمها علىالإطلاق الفكر الفلسفي الرومانسي الألماني، وبخاصة الفكر النيتشوي أو النيتشوية. وقد يكون من المفيد أن نشير ابتداءً إلى أننا نميِّز بين الفكر النيتشوي وفلسفةنيتشه. ففلسفة نيتشه توجد في أعماله الفلسفية، وهي فلسفة متناقضة تحوي الكثير منالأفكار النبيلة والخسيسة والعاقلة والمجنونة. أما الفكر النيتشوي فهو منظومة شبهمتكاملة، استنبطها الإنسان الغربي من أعمال نيتشه وحققت من الذيوع والشيوع ما يفوقأعمال نيتشه الفلسفية. وما يهمنا في دراسة تاريخ الأفكار هو الفكر « النيتشوي » وليس أعماله الفلسفية. فهناك الكثير من النيتشويين ممن لم يقرأوا صفحة واحدة منأعمال نيتشه، بل الذين اتخذوا مواقفهم النيتشوية قبل أن يخط نيتشه حرفاً واحداً. فالخطاب الإمبريالي، منذ لحظة ظهوره في القرن السابع عشر، كان خطاباً نيتشوياً.

    يتَّسم موقف نيتشه من اليهود بالغموض، فهناك رأي يذهب إلى أنه كان معادياًلليهود. ومما ساعد على تدعيم هذا الرأي أن أخته إليزابيث ـ التي نفذت وصيته الأدبيةـ كانت متزوجة من برنارد فوستر وهو من أهم الداعين إلى معاداة اليهود. بل يُقال إنإليزابيث زيَّفت بعض خطابات نيتشه لتشيع هذه الصورة عنه. لكن مما لا شك فيه أنأعمال نيتشه تحتوي على إشارات لليهود واليهودية تحمل دلالات سلبية. وينبع سخطه علىاليهودية بالدرجة الأولى من تصوره أن اليهودية هي أحد أشكال أخلاق الضعفاء. فعندمافقد اليهـود دولتهم ولاقـوا الاضـطهاد وحُرموا من حريتهم في العالم الروماني،تجمَّع لديهم شعور مكبوت بالإساءة وصل إلى أقصى درجات غليانه فوُلدت المسيحية منرحم اليهودية، فهي ديانة التواضع والضعف والعبودية. وأخلاقيات المسيحية ألحقت ضرراًبالغاً بالحضارة الغربية الوثنية، ولكن القيم الأرستقراطية ثارت من جديد في عصرالنهضة التي عارض رجالها القيم المسيحية التي سادت في العصور الوسطى. ثم عادالإصلاح الديني يحاول أن يفرض أخلاق العبيد مرة أخرى، وهذا ما حاولته الثورةالفرنسية بعد ذلك. ووسط ثورة العبيد الأخيرة هذه، ظهر المثل الأعلى القديم مرةأخرى: نابليون. وبسقوطه سقط آخر شعاع نور صادر عن قيم السادة.

    ولكن هناكجانباً آخر لنيتشه وهو رفضه لمعاداة اليهود، بل إنه اعتبر معـاداة اليهـود مجردشـكل آخر من أشـكال ثورة العبيد الحديثة ضد السادة. كما كان نيتشه معجباً بالعهدالقديم وما تصوره أسلوبه غير الأخلاقي ووصاياه التي لا تتضمن أي تهاون أو مساومة. وفي كثير من كتاباته، نجده يكيل المديح لليهود أكثر من الألمان، فاليهود عنصر قوييتمتع بالصحة، وتدل صلابتهم وإبداعهم على مقدرتهم على القيام بعملية إعادة تقييمالقيم. ولكن بغض النظر عن موقف نيتشه من اليهود أو اليهودية يظل ما يعنينا في هذاالجزء من دراستنا هو الفكر النيتشوي وأثره في الفكر الديني اليهودي وفي الفكرالصهيوني.

    ولفهم هذا الجانب، قد يكون من المفيد أن نعرض لآراء المفكرالصهيوني الروسي أحاد هعام في هذا الموضوع، فهو يرى أن نيتشه لم يفهـم اليهـوديةحـق الفهم وخلـط بينها وبين المسيحية. والعارفون باليهودية، حسب رأيه، سيكتشفون فيالتو أنه لا توجد أية حاجة لاستحداث نيتشوية يهودية، ذلك أن الجزء العام (أي الجزءالذي يتجاوز الخصوصية الألمانية) من الفلسفة النيتشوية موجود في اليهودية نفسها منذقرون عـديدة. فاليهـودية ديانة لم تسـتند إلى فكرة الرحمة وحـدها، ولم تُلزمالإنسان الأعلى اليهودي بالخضوع للجماهير، كما لو كان الهدف الأساسي من وجوده هومجرد زيادة سعادة الأغلبية. ويمكن أن نضيف عناصر أخرى لم يذكرها أحاد هعام،فالعقيدة اليهودية، مثلاً، أصبحت نسقاً دينياً حلولياً متطرفاً، وهو ما يعني تحوُّلالشعب اليهودي إلى شعب مقدَّس، مكتف بذاته، يحوي مركزه داخله، لا يمكن الحكم عليهبمعايير أخلاقية خارجة عنه. بل إن الشعب اليهودي، حسب التراث القبَّالي، هو امتدادللخالق في الكون. ووجود الخالق ذاته وتوحده بعد تبعثره (كما جاء في التراث الأسطوريالقبَّالي) يتوقف على قيام اليهود بممارسة الأوامر والنواهي. ويُبيِّن أحاد هعام أنالمقولة الأساسية النيتشوية، الخاصة بتفوق النموذج الإنساني الأعلى على بقية البشر،هي نفسها مقولة يهودية. ولكن أحاد هعام يُحل فكرة الأخلاق محل القوة، ويشير إلى أننيتشه يشكو من أنه (حتى الآن) لا توجد محاولة واعية لتعليم الناس بطريقة تؤديلظهـور الإنسـان الأعلى، وهـو ما يعرقل ظهـوره. فالإنسان حيوان اجتماعي، ولذا فإنروح الإنسان الأعلى نفسها لا يمكنها أن تتحرر من الجو الأخلاقي الذي تعيش فيه. ويخلص أحاد هعام من هذا التحليل إلى أنه إذا كان الهدف من الحياة هو الإنسانالأعلى، فيجب أن نقبل بارتباط ظهوره بظهور الأمة الممتازة أو الأمة العليا، أيينبغي أن تكون هناك أمة لها من السمات الذاتية ما يجعلها على استعداد أكبر للنموالأخلاقي بالمعنى النيتشوي، ولتنظيم حياتها على أساس قانون أخلاقي يعلو على النموذجالعادي. هذه الأمة هي ولا شك التربة الخصبة التي ينبت فيها الإنسان الأعلى.

    وإذا نظرنا إلى اليهودية من زاوية هذه الفلسفة، لتبين لنا، على حد قول أحادهعام، أن معظم نقائصها، أو تلك النقائص التي يشير إليها الآخرون والتي يحاولالعلماء اليهود أنفسهم إنكارها، تشكل نقطة قوة ولا تحتاج لإنكار أو اعتذار. ومنالمعروف للجميع أن اليهود واعون بأنهم متفوقون أخلاقياً على الأمم كافة، وهو وعييجسد نفسه في فكرة الشعب المختار. والاختيار غير مبني على حكم القوة لأن جماعةيسرائيل هي أصغر الأمم. فقد اختار الإله يسرائيل، لكي يُعبِّر هذا الشعب بشكلمتعيِّن في كل جيل عن أعلى نموذج أخلاقي، ولكي يحمل عبء الواجبـات الأخلاقية دوناعتبار للربح و الخسـارة بالنسـبة لبقية البشر، بل للحفاظ على وجود هذا النموذجالراقي.

    ويرى أحاد هعام أن هذه الفكرة تسـيطر على الدين اليهودي. ولذلك، لميحاول اليهود التبشير بدينهم لا بسبب الغيرة (كما يدَّعي الأعداء) ولا التسامح (كماينادي المعتذرون)، ولكن لأنهم لا يقبلون أن يجعلوا واجبهم نحو تجسيد النموذج الراقيهو واجب كل البشر، ففي هذا خفض لمستواه وتدن له. وهم في محاولتهـم هذه، لن يفرضـواالمسـئولية على الآخرين ولن يشركوهم فيها، ووصف أحاد هعام للأمة المختارة هو ذاتهوصف نيتشه للإنسان الأعلى.

    ويشير أحاد هعام إلى محاولة بعض العلماء اليهودإضفاء غلالة من المعاصرة على فكرة الشعب المختار، كأن يحاولوا أن يوفقوا بينها وبينفكرة مساواة الشعوب، حيث يرون أن رسالة الشعب المختار هي نشر الخير وطريقة الحيـاةالخيرة بين كل الشعوب (كما يرى اليهود الإصلاحيون). ولكن أحاد هعام يرفض هذهالليبرالية، فهو يصر على أن رسالة الشعب هي بكل بساطة أن يقوم بواجبه دون أي اعتبارللعالم الخارجي، لأن تأدية الواجب هي غاية في ذاتها وليست وسيلة لإسعاد العالم. وإذا كان اليهود القدامى قد عبَّروا عن الأمل في أن اليهودية سيكون لها أثر طيب علىالأمم الأخرى، فهذا مجرد نتيجة وليس هدفاً، إذ يظل الهدف هو الانتماء لمثل أعلىونموذج متفوق لا ينتمي إليه الآخرون ولا يشاركون فيه.

    ويميِّز أحاد هعامبين وحش نيتشه الجميل الأشقر القوي المُدافع عن الجسد والعنف (الذي أصبح المثلالأعلى النازي) وبين الإنسان الأعلى اليهودي الذي يُدافـع عـن القيم اليهـوديةالخلقية ويقف ضد العنف، وهذا هو الفارق بين النيتشوية الآرية والنيتشوية اليهودية. ولنلاحظ أن أحاد هعام لا يعترض على بنية النيتشوية التي تستند إلى التفاوت بينالناس وإنما على مضمونها وحسـب. وحديثه عن الأخـلاق اليهـودية لا يُغيِّر من البنيةفي شـيء، فالنيتشـوية اليهودية مبنية على فكرة تفوق اليهود وتعاليهم على البشر، وهوالأمر الذي يميزهم بحقوق مطلقة، من بينها، على سبيل المثال، حقهم في أن يعودوا إلىالأرض المقدَّسة متى شاءوا ذلك، وأن يؤسسوا فيها مركزاً روحياً إن أرادوا، وأنيستوطنوها ويعمروها أو يخربوها حسبما تملي مشيئتهم، باعتبارهم السوبر أمة أو الأمةالأعلى (وهذا هو جوهر كل المنظومات المعرفية والخلقية العلمانية الشاملة، بل إنأصحاب المنظومة يجسدون المطلـق ويصبـحون هـم المرجعية الذاتية وتصـبح إرادتهم هيالحق المطلق). فإذا جاء الفيلسوف النيتشوي الصهيوني بعد هذا وأضاف زخارف أخلاقيةوأصر على أن تكون الدولة الصهيونية تجسيداً للقيم الأخلاقية النبيلة، فإن الزخارفالأخلاقية تظل مجرد زخارف لا علاقة لها بمنطق النسق العام، بينما يظل العنف هوالجوهر والمحك وقانون البنية. وقد أثبتت التجربة التاريخية (من دير ياسين إلى صابراوشاتيلا وقانا) أن الأبعاد الأخلاقية إن هي إلا زخارف وأقوال وديباجات، وأن وضعالمشروع الصهيوني موضع التنفيذ يفترض قتل العرب وسفك دمائهم.

    ولم يكن أحادهعام فريداً في دفاعه عن النيتشوية. فقد تأثر كثير من المفكرين من أعضاء الجماعاتاليهودية (خصوصاً الصهاينة منهم) بالفكر النيتشوي. ومن بين هؤلاء مؤسسو الحركةالصهيونية: تيودور هرتزل والفريد نوسيج وماكس نوردو، وكلهم ذوو ثقافة ألمانية، كماتأثر بها مفكرون صهاينة آخرون، مثل: ميخا بيرديشفكي وحاييم برنر وشاؤول تشرنحوفسكي.

    ولا يمكن فهم كتابات أهم الفلاسفة الدينيين اليهود المحدثين (مارتن بوبر) إلا من خلال نيتشه (وكذا كتابات ليو شستوف). وتسري القاعدة نفسها على مفكري مدرسةلاهوت موت الإله. وأثر نيتشه على جاك دريدا وإدمون جابيس واضح تماماً. كما أنالبُعد النيتشوي في الفكر الصهيوني بُعد أساسي. ولا غرو في هذا فالجميع هم أبناءعصرهم العلماني الإمبريالي الأداتي الشامل. ولكل هذا، فليس من قبيل الصدفة أن يكونالتشابه بين الصهيونية والنيتشوية مدهشاً حقاً، ويمكننا أن نوجز ذلك في النقاطالتالية:

    1
    ـ النيتشـوية، مثلها مثل الصـهيونية، ديانة ملـحدة أو حلوليةبدون إله، أو هي وحدة وجود مادية ترد الكون بأسره إلى مبدأ زمني واحد هو إرادةالقوة والإنسان الأعلى عند نيتشه، وهو إرادة القوة اليهودية وبقاء الشعب اليهوديعند الصهاينة. فبقاء الشعب لا يتحقق إلا من خلال إرادة الشعب ومن خلال قوتهالذاتية.

    2
    ـ النيتشوية، مثلها مثل الصهيونية، تعبير عن توثّن الذات حينمايحل المطلق في الإنسان ويصبح كامناً فيه، فيعبد الإنسان ذاته أو يعبد أسلافه، أيالذات القومية المقدَّسة، باعتبارها تجسيداً لذاته.

    3
    ـ النيتشوية، مثلهامثل الصهيونية، نسق عضوي دائري يقرن بين البدايات والنهايات، وتسود فيه صورة مجازيةعضوية.

    4
    ـ النيتشوية، مثلها مثل الصهيونية، ديانة داروينية تسبغ نوعاً منالروحية والقداسة على قانون التطور، وتجعل من القوة الأساس الوحيد لأي نسق أخلاقي،وهو ما يُطلَق عليه في المصطلح السياسي الإسرائيلي والغربي «فرض سياسة الأمرالواقع» و«خلق حقائق جديدة»، وهو ما نسميه «النفعية الداروينية».

    5
    ـالحـياة بالنسـبة للنيتشـوية توسع ونمـو واستيلاء على الآخر وهزيمة له، ومعاداةللفكر واحتقار له، وتمجيد للفعل المباشر ولأخلاق السادة الأقوياء، وهذا هو جوهرالصهيونية التي لا يمكنها أن تعيش إلا على التوسع وعلى إلغاء الآخر. والآخر هوأولاً الفلسطينيون الذين يجب أن يختفوا من على وجه الأرض، ثم يهود الدياسبورا الذينيعملون بالأعمال الفكرية ويؤمنون بأخلاق العبيد.

    6
    ـ وإذا كان نيتشه قد دعاالإنسان إلى أن يعود لحالة الحيوية والطبيعة المقدَّسة ويكون كالحيوان المفترسالأشقر وينبذ العقائد الدينية وأخلاق الضعفاء (يبني منزله بجوار البركان ويعيش فيخطر وفي حالة حرب دائمة)، فقد طرحت الصهيونية نفسها باعتبارها الأيديولوجية التيستحول يهود المنفى المترهلين الذين يؤمنون بأخلاق الضعفاء إلى وحوش يهود يؤمنونبأخلاق القوة، مفتولي عضلات يحسمون كل القضايا بالقوة ويفرضون رؤيتهم، ولذافالمستوطنون الصهاينة يعيشون حرفياً بجوار البركان في حالة حرب دائمة.

    7
    ـوتفكير نيتشه تفكير نخبوي إذ يرى أن حركة التطور الحقيقية لابد أن تؤدي إلى ظهورأمة مختارة من هذا النوع من الرجال، وما الإنسان العادي سوى الحلقة أو الجسر الموصلإلى هذه المرحلة العليا، التي توجد بطبيعة الحال مرحلة أعلى منها إلى أن نصل إلىالحد الأقصى المطلق غير المعروف. ويسيطر على الصهيونية أيضاً تفكير نخبوي يُحوِّلحياة جماهير اليهود في أرجاء العالم خارج فلسطين إلى مجرد جـسر يؤدي إلى ظهـورالدولة الصهيونية. كمـا أن الفكر الصهيوني، بتحويله الأمة إلى مطلق مكتف بذاته، كانيتضمن معرفياً عملية نقل العرب وإبادتهم.

    8
    ـ وداخل هذه المنظومة ينقسمالعالم وبحدة إلى السوبرمن، السادة الأقوياء من أعضاء الشعب العضوي، والسبمن،العبيد الضعفـاء الذين ينتمون للفريق الآخر. والسـادة الأقـوياء لهم حقوق مطلقة فهميجـسدون المبدأ الواحد، أما الضعفاء فإن مآلهم إلى الاختفاء (عن طريق الإبادةبالمعنى العام والخاص). وعند نيتشه، نجد أن هناك الوحوش الشقراء وهناك بقية الشعوب. وفي المنظومة الصهيونية، هناك من ناحية اليهود أصحاب الحقوق المطلقة، ومن ناحيةأخرى الأغيار (خصوصاً الفلسطينيون) الذين لا حقوق لهم، وهذه الحقوق اليهوديةالمقدَّسة المطلقة تَجُبُّ حقوق الآخرين.

    9
    ـ الفكر النيتشوي، مثله مثلالفكر الصهيوني، فكر تختفي فيه حدود الأشياء ومعالمها، وهو ينفي التاريخ وحدودهفتظهر حالة من السيولة والنسبية التي لا تحسمها سوى إرادة القوة. ومن هنا حديث بنجوريون عن الجيش الإسرائيلي باعتباره خير مفسر للتوراة، وهو موقف لا يختلف كثيراًعن موقف نيتشه من تفسير النصوص. والنص هنا هو فلسطين التي تحمل معنى عربياً، إذتقطنها أغلبية عربية وتوجد داخل التاريخ العربي. حيث يقرر الصهاينة أن يفصلوا الدالعن المدلول ويعلنوا أن فلسـطين ليسـت وطناً بل أرضاً والبشـر الذين يقطـنون فيهاليـسـوا شعباً، وأن الشعب المرتبط بها هم اليهود وحدهم، والجيش الإسرائيلي هو خيرمفسر لهذا النص، فهو الذي سيفرض عليه المعنى الصهيوني! (تماماً كما يفعل نقاد مابعد الحداثة).


    10
    ـ يتحدث نيتشه في كتاباته (دائماً) عن الماضيوالمستقبل، ولا يركز عيونه على الحاضر أبداً. ولكن الماضي (دون الحاضر الحي) يتحوَّل إلى أسطورة وأيقونة، والمستقبل بدوره يتحول إلى عصر ذهبي وفردوس أرضي خالمن التاريخ. والصهاينة بدورهم لا يتحدثون عادةً إلا عن الماضي العبري (قبـل أنتظهـر اليهوديـة وتفسد الشخصية اليهـودية بأخـلاق الضعفاء) والمستقبل الصهيوني (حينيعود اليهود إلى صهيون ليؤسسوا الدولة الجيتو المعقمة من التاريخ).

    11
    ـونيتشه، بتفكيره المجرد، لا يتحدث عن السعادة الفردية أو عن السعادة عامةً. فالسعادة من شيم الضعفاء والعبيد، أما الإنسان الأعلى فيعلو على الخير والشرويتجاهل اللذة والألم. وتجاهل السعادة، كقيمة إنسانية، هو أيضاً إحدى سمات الفكرالصهيوني، فالصهاينة مشغولون بتصوراتهم المشيحانية عن الدولة اليهودية والشعبالمختار، وبالتالي فهم ينسون الفرد اليهودي المتعيِّن الذي يعيش في وطنه،فالصهيونية لا تُشكِّل بالنسبة له سوى أيديولوجية مجردة غريبة، لا يمكنه أن يُنظمحياته من خلالها. ومع هذا فهم يدعون إلى تصفية الجماعات اليهودية في الخارج وإنهاءالتاريخ اليهـودي في المنفى، فهو تاريـخ الضعفاء والمهزومين، من وجهة نظرهم.

    وتُفصح كل هذه العناصر النيتشوية عن نفسها تماماً في كتابات هارولد فيش أحدمنظري جماعة جوش إيمونيم، التي تؤمن بضرب من الصهيونية نسميها «الصهيونية الحلولية» أو «الصهيونية العضوية» لأنها نيتشوية كاملة، حيث يتحد الإله بالإنسان اليهوديوبالأرض اليهودية ليكوِّنوا نظامـاً مقدَّسـاً دائرياً مغلقـاً عضـوياً يُهلك منيقع خارج دائرة القداسة، مثل العرب، ويتمتع بسائر الحقوق من يقع داخلها فيتمتعبسائر الحقوق. ولكن القداسة هي، في واقع الأمر، القوة. ولهذا، يشير أحد مفكري جوشإيمونيم إلى الجيش الإسرائيلي باعتباره القداسة الكاملة. وهذا الخطاب لا يختلفكثيراً عن خطاب الرايخ الثالث.







  5. #35
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    النازيــة والصهيونيــة: العـلاقةالفعليـة
    Nazism and Zionism: Actual Relations
    تتعدى العلاقة بين النازيةوالصهيونية مجرد التماثل البنيوي والتأثير والتـأثر الفكريين، إذ أن ثمة علاقـةفعليـة على مستويات عدة. ولنبدأ بأدناها، وهي كيفية استغلال النازيين للدعايةالصهيونية في الترويج لرؤيتهم. فقد نشر الصهاينة في ألمانيا ذاتها المزاعمالصهيونية الخاصة بالتميز اليهودي العرْقي والانفصال القومي العضوي عن كل أوربا،وذلك حتى قبل ظهور النازيين كقوة سياسية. ففي عام 1912، قدَّم عضوان في المنظمةالصهيونية مشروعاً بإيعاز من كورت بلومنفلد جاء فيه أنه، نظـراً للأهمـية القصـوىللعمـل ذي التوجه الفلسطيني (أي الصهيوني)، يعلن أن من الواجب على كل صهيوني،خصوصاً من يتمتع باستقلال اقتصادي، أن يجعل الهجرة جزءاً عضوياً من برنامج حياته. وقد سُمِّي هذا القرار «قرار بوزن»، وأصبح منذ ذلك الحين الإطار العقائدي للصهيونيةالألمانية التي تخلت بفضله عن أية أبعاد غير قومية ذات طابع خيري أو توطيني، وأصبحتأيديولوجيا قومية عضوية ذات طابع استيطاني. وكان بلومنفلد خبيراً بالمناوراتالسياسية، ولذلك نجح في تمرير قراره من خلال ما سماه بعض معارضيه «الأغلبيةالطارئة»، أي عن طريق تقديم مشروع القرار أثناء وجود المؤيدين وغياب المعارضينوالحصول على موافقة الحاضرين. وقد اتهمه المعارضون بالمزايدة، وفسَّروا تطرفه علىأساس أنه يقبض راتبه من المنظمة الصهيونية وليس من الحكومة الألمانية أو أية هيئةأو مؤسسة ألمانية، وأن هذا يسمح له بأن يتخذ مثل هذه المواقف وأن يمرر مثل هذهالقرارات التي لا تعكس وضع يهود (أو حتى صهاينة) ألمانيا أو تطلعاتهم.

    وقدقام الصهاينة الألمان بعد ذلك بتطوير الأيديولوجيا الصهيونية والوصول بأطروحاتهاإلى نتائجها المنطقية، أي تصفية الجماعات اليهودية في المنفى (أي العالم) تماماًوإنشاء الدولة الصهيونية. وابتداءً من العشرينيات، بدأ الزعماء الصهاينة في ألمانيايطلقون التصريحات الصهيونية التي تؤكد الهوية اليهودية العضوية الخالصة وتنكر علىاليهود انتماءهم إلى الأمة الألمانية. ففي عام 1920 (قبل ظهور كتاب هتلر كفاحيبثلاثة عشر عاماً)، ألقى جولدمان خطاباً في جامعة هايدلبرج بيَّن فيه أن اليهودشاركوا بشكل ملحوظ للغاية في الحركات التخريبية، وفي إسقاط الحكومة في نوفمبر 1918،وأصر على أن يهود ألمانيا والشعب الألماني ليست بينهما عناصر مشتركة، وعلى أنالألمان يحق لهم أن يمنعوا اليهود من الاشتراك في شئون الفولك الألماني. أماوايزمان، فقد شـبه عـلاقة الألمـان باليهود بصورة مجازية استقاها من عملية الهضم،فقال: إن أي بلد يود تحاشي الاضطرابات المعوية عليه أن يستوعب عدداً محدوداً فقط مناليهود. وكان يرى أن عدد اليهود في ألمانيا أكبر من اللازم، أو بعبارة أخرى يوجدفائض بشري يهودي. وفي الفترة نفسها، وصف كلاتزكين اليهود بأنهم جسم مغروس وسط الأممالتي يعيشون بين ظهرانيها، ولذا فإن من حقهم أن يحاربوا ضد اليهود من أجل تماسُكهمالقـومي. وهـذه كلها موضـوعات قديمة مطروحة في كتابات هرتزل ونوردو، الأبوينالروحيين للصهيونية على وجه العموم والصهيونية الألمانية على وجه الخصوص، ولكنهااكتسبت أهمية خاصة من سياقها الزماني والمكاني في ضوء ما حدث بعد ذلك. وهي لا تختلففي جوهرها عن قول إرنست يونجر (المفكر القومي العضوي الذي ألهـم النازيين) أناليهـود يتوهمـون أن بوسـعهم أن يصبـحوا ألمانيين في ألمانيا، ولكن هذا أمر غيرقابل للتحقق. فاليهود يواجهـون خيـاراً نهائياً: إما أن يكونوا يهـوداً فيألمانيـا، أو لا يكونوا.

    وفي ضوء هذا التوجه الصهيوني، لم يكن من الغريب أنيرى هتلر حين وصل إلى الحكم أن كثيراً من الصهاينة على استعداد لتَفهُّم وجهة نظره. فقد صرح الحاخام الصهيوني يواكيم برنز في يناير 1933 أنه لا مكان يمكن لليهود أنيختبئوا فيه. وقال: بدلاً من الاندماج، نرى نحن الصهاينة أنه يجب الاعتراف بالأمةاليهودية وبالعرْق اليهودي. وحينما قام النازيون في 31 يناير 1933 بحرق الكتب التيكانوا يرونها هدامة، كتبت يوديش روندشاو (المجلة الناطقة باسم الاتحاد الصهيوني) تقول إن كثيراً من المؤلفين اليهود خونة تنكروا لجذورهم لأنهم شتتوا جهودهمبإسهامهم في الثقافة الألمانية غير اليهودية. وفي نبرة ترحيب واضحة، صرح إميللودفيج (الكاتب اليهودي الألماني) بأن ظهور النازيين دفع بالآلاف من اليهود إلىحظيرة اليهـودية مرة أخـرى بعـد أن كانوا قـد ابتعـدوا عنهـا. وقـال: "ولذا، فأناشخصياً ممتن لهم". وترد نفس الفكرة النازية الصهيونية على لسان الشاعر الصهـيونيحـاييم بياليك إذ يرى أن الهتلرية أنقذت يهود ألمانيا، ويضيف: "أنا أيضاً مثل هتلرأؤمن بفكرة الدم". وبكثير من القلق، لاحظ أعضاء الاتحاد المركزي للمواطنين الألمانمن أتباع العقيدة اليهودية (وهي جماعة اندماجية تعتبر يهود ألمانيا مواطنينألمانيين) أنشطة الصهاينة وتصريحـاتهم واعتـبروها طعـنة من الخـلف في الحرب ضدالفاشية.

    ولكن كل هذه المقالات والتصريحات لم تكن سوى افتتاحيات تمهيديةللإعلان الصهيوني الألماني الرسمي الذي أصدرته المنظمة الصهيونية في ألمانيا، في 21يونيه 1933، بعد وصول النازيين إلى السلطة (إعلان الاتحاد الصهيوني بشأن وضع اليهودفي دولة ألمانيا الجديدة)، Ausserung der Zionistischen Vereinigung fur Deutschland zur Stellung der Juden im Neuen Deutschen Staat. والذي حدَّد طبيعةعلاقة الصهاينة بالنظام النازي بشكل واضح لا إبهام فيه. وقد اتخذ الإعلان شكل مذكرةأُرسلت مباشرةً إلى الحزب النازي وهتلر وتم من خلالـها تحديد المقولات المشـتركةبين النازيين والصهاينة. فقد بدأت المذكرة/الإعلان بتأكيد إمكانية التوصل إلى حليتفق مع المبادئ الأساسية للدولة الألمانية الجديدة، دولة البعث القومي، ثم طرحتأمام اليهود طريقة جديدة لتنظيم وجودهم. وانتقلت المذكرة بعد ذلك لعرض إطارهاالسوسيولوجي، فقامت بانتقاد الشخصية اليهودية التي تتسم بالكسل، وبيَّنت أن صعوبةوضع اليهود تنبع من شذوذ النمط الوظيفي الذي يتبعونه، ومن الخلل الكامن في كونهمجماعة تتخذ مواقف فكرية أخلاقية غير متجذرة في تقاليدهم الحضارية الخاصة (أي أنهمقومية عضوية توجد خارج أرضها). وبعد أن تبنت المذكرة هذا النقد النازي لليهودانتقلت لإيضاح نقط الالتقاء الفلسفية والنظرية بين الصهيونيـة والنازية، فأكدت أنالصهيونية مثل النازية تمزج الدين بالقومية، فالأصل والدين ووحدة المصير والوعيالجمعي يجب أن تكون كلها ذات دلالة حاسمة في صياغة حياة اليهود. وتؤكد المذكرة أنالمنظمة تقبل مبدأ العرْق، أحد ثوابت الرؤية النازية، كأساس لتصنيف الأفرادوالجماعات المختلفة ولإنشاء علاقة واضحة مع الشعب الألماني وحقائقه القوميةوالعرْقية. كما تقوم المذكرة بتعريف اليهود تعريفاً عرْقياً، مبينة أن هدفالصهيونية هو التصدي للزيجات المختلطة والحفاظ على نقاء الجماعة اليهودية.

    هذا هو الإطار الفلسفي الذي اقترحته المنظمة الصهيونية لتحديد العلاقة بينالصهاينة والنظام النازي، مؤكدةً إمكان تحويله إلى ممارسة وإجراءات. وقد طرحتالمنظمة الصهيونية نفسها باعتبارها الحركة الوحيدة القادرة على أن تأتي بحل للمسألةاليهودية يحوز رضا الدولة النازية الجديدة ويتفق مع خُططها، حل يهدف إلى بعث اليهودمن الناحية الاجتماعية والثقافية والأخلاقية في إطار فكرة الشعب العضوي ويتبعالنموذج النازي. وكما تقول المذكرة الإعلامية: "على تربة الدولة الجديدة، ألمانياالنازية، نريد أن نعيد صياغة بنية جماعتنا بأكملها بطريقة تفيد ألمانيا واليهود فيالمجال المخصـص لهم، فهدف الصهيونية هو تنظيم هجرة اليهود إلى فلسطين". وسيؤديالإطار النظري الفلسفي المطروح إلى ظهور حقائق اجتماعية جديدة تأخذ شكل نموذج جديد: اليهودي المتجذر في تقاليده الروحية، الواعي بنفسه الذي لا يحس بالحرج تجاه هويته،وهو نموذج مختلف تماماً عن ذلك اليهودي الذي لا جذور له والذي يهاجم الأسس القوميةللجوهر الألماني، وهو مختلف أيضاً عن اليهود المندمجين الذين يحسون بالضيقلانتمائهم للجماعة اليهودية وللعرْق اليهودي وللماضي اليهودي (ولابد هنا منملاحظةأن النموذج اليهودي الجديد لا يختلف في أساسياته عن النموذج النازي). ثم تمضيالمذكرة قائلة إن الصهيونية تأمل أن تحظى بالتعاون مع حكومة معادية لليهود بشكلٍّأساسي، إذ لا مجال للعواطف عند تناول المسألة اليهودية، فهي مسألة تهم كل الشعوب (وخصوصاً الشعب الألماني) في الوقت الراهن. وفي نهاية المذكرة/الإعلان، شجبالصهاينة جهود القوى المعادية للنازية وهتلر، والتي كانت قد طالبت في ربيع عام 1933بمقاطعة ألمانيا النازية اقتصادياً. ومما يجدر ذكره أن هذه الوثيقة لم تُكتَشف إلاعام 1962 ولم تُعط الذيوع الذي تستحقه، رغم أنها ُتلقي الكثير من الضوء على علاقةالنازيين بالصهاينة. وربما لو عرف مؤرخو الإبادة النازية في الشرق والغرب بهالنظروا إلى الإبادة النازية لليهود نظرة مختلفة بعض الشيء.

    ونشرت يوديشروندشاو مقالاً تعلن فيه عن استعداد الصهاينة للتعاون مع أصدقاء اليهود وأعدائهم،حيث إن المسألة اليهودية ليست مسألة عاطفية، وإنما هي مسألة حقيقية تهتم بها كلالشعوب. وهذا الموقف امتداد لموقف هرتزل حين ميَّز بين التعصب الديني القديم (وهومجرد تعصب عاطفي غير منهجي) والمعاداة الحديثة لليهود والتي وصفها بأنها حركة بينالشعوب المتحضرة الغربية تحـاول من خـلالها التخلص من شبح يطاردها من ماضيها. ويتضمن التمييز هنا شكلاً من أشكال القبول بالمعاداة المنهجية الرشيدة لليهود أوالتي تم ترشيدها. وقد تبنى هتلر موقفاً مماثلاً حين ميَّز هو الآخر بين المعاداةالعاطفية لليهود والمعاداة المنهجية لهم، إذ تنتهي الأولى بالمجازر، أما الثانيةفتنتهي بالحل الصهيوني، أي تهجير جميع اليهود من ألمانيا إلى « وطنهم » فلسطين. وقدحدَّد هتلر مشروعه بالنسبة إلى اليهود على أسس صهيونية ومنهجية رشيدة (وهي القوميةالعضوية). كما قرر روزنبرج ضرورة مساندة الصهيونية بكل نشاط «حتى يتسنى لنا أننرسـل سنوياً عدداً محدداً من اليهود إلى فلسطين، أو على الأقل عبر الحدود». وحينمااستولى النازيون على السلطة، سمحوا للصهاينة بالقيام بنشاطاتهم الحزبية، سواء اتخذتشكل اجتماعات أو إصدار منشورات أو جمع تبرعات أو تشجيع الهجرة أو التدريب علىالزراعة والحرف، أي أنهم سمحوا لهم بنشاط صهيوني خارجي كامل. كما كانت المجلاتالصهيونية هي المجلات الوحيدة غير النازية المسموح لها بالصدور في ألمانيا. وقدوتمتعت هذه المجلات بحريات غير عادية، فكان من حقها أن تدافع عن الصهيونية كفلسفةسياسية مستقلة. وحتى عام 1937، لم يتأثر عدد صفحات يوديش روندشاو بالقراراتالاقتصادية التقشفية التي تقرر بمقتضاها إنقاص عدد صفحات كل المجلات (وضمنهاالمجلات الآرية). كما نشرت دور النشر الألمانية أعمال حاييم وايزمان وبن جـوريونوآرثر روبين. ويقـول إدوين بلاك مـؤرخ اتفاقية الهعفراه (أي النـقل)، إن "الصهيونيةهي الفلسفة السياسية المستقلة الوحيدة التي وافق عليها النازيون".

    وقدبيَّنا من قبل عدم اكتراث الصهاينة بالمقاومة اليهودية وغير اليهودية للنازيين. ولكن يبدو أن المسألة كانت تتخطى مجرد عدم الاكتراث بمصير اليهود وعدم الاشتراك فيالمقاومة، إذ يبدو أن الصهاينة اكتشفوا، أثناء الإرهاب النازي ضد اليهود، ذلكالتناقض العميق بين فكرة الدولة اليهودية ومحاولة إنقاذ اليهود.

    وقد حدد بنجوريون القضية بشكل قاطع (في 7 ديسمبر 1937) حين أكد أن المسألة اليهودية لم تَعُدمشكلة آلاف اليهود المهدَّدين بالإبادة وإنما هي مشكلة الوطن القومي أو المستوطنالصهيوني. وقد أدرك بن جوريون خطورة فصل مشكلة اللاجئين اليهود عن المشروع الصهيونيوالتفكير في توطين اللاجئين في أي مكان إن لم تستوعبهم فلسطين. وأكد بن جوريون أنهإن استولت "الرحمة على شعبنا ووجه طاقاته إلى إنقاذ اليهود في مختلف البلاد" فإنذلك سيؤدي إلى "شطب الصهيونية من التاريخ". وفي العام التالي صرح بن جوريون أمامزعماء الصهيونية العمالية: « لو عرفت أن من الممكن إنقاذ كل أطفال ألمانيا بتوصيلهمإلى إنجلترا، في مقابل أن أنقذ نصفهم وأنقلهم إلى فلسطين ـ فإني أختار الحل الثاني،إذ يتعين علينا أن نأخذ في اعتبارنا، لا حياة هؤلاء الأطفـال وحسـب، بل كذلك تاريخشعب إسرائيل ». وإذا كان بن جوريون على استعداد بالتضحية بنصف الأطفال اليهود منأجل الوطن القومي الصهيوني فإن إسحق جرونباوم (رئيس لجنة الإنقاذ بالوكالةاليهودية) قد تجاوز الحدود تماماً، ففي حديث له أمام اللجنة التنفيذية الصهيونية في 18 فبراير 1943، صرح قائلاً إنه لو سُئل إن كان من الممكن التبرع ببعض أموال النداءاليهودي الموحد لإنقاذ اليهود فإن إجابته ستكون « كلاَّ ثم كلاَّ » بشكل قاطع. وأضاف: "يجب أن نقاوم هذا الاتجاه نحو وضع النشاط الصهيوني في المرتبة الثانية... إن بقرة واحدة في فلسطين أثمن من كل اليهود في بولندا". وكان وايزمان قد عبَّر عننفـس الفكـرة النفعية عام 1937 حينما قال: "إن العجائز سيموتون، فهم تراب وسيتحملونمصيرهم، وينبغي عليهم أن يفـعلوا ذلك". وانطلاقاً من هذه الرؤية المتمركزة حولالمشروع الصهيوني وليس الإنسان اليهودي، لعبت الحركة الصهيونية دوراً حاسماً فيتدمير جميع المحاولات الرامية إلى توطين اليهود في أماكن مختلفة من العالم، مثلجمهورية الدومينيكان، حتى يضمن الصهاينة تدفق المادة البشرية اليهودية على فلسطين. ولهذا، التزمت جولـدا مائير، مندوبة الحركة الصهيونية في فلسطين، الصمت الكامل حيالمداولات مؤتمر إفيان باعتبـارها أمراً لا يخصـها (وقد فـسَّرت موقفها هذا، فيمابعد، بأنها لم تكن تدري شيئاً عن عمليات الإبادة النازية).

    وقد اكتشـفالنازيون أيضـاً عمـق تناقض مصـالح الصهاينة مع اليهود واتفاق الموقف النازي معالموقف الصهيوني. فاليهودي الصهيوني الذي يخدم هويته العضوية هو شخص يستحق الاحترام (لأنه يدرك الواقع من خلال إطار عضوي وثني يشبه الإطار النازي)، على عكس اليهوديالمتألمن المندمج الذي يتمسح في الهويات العضوية للآخرين ولا ينجح بطبيعة الحال فياكتسابها، لأنه حبيس هويته اليهودية، شاء أم أبى. ولعل هذا يُفسِّر السبب في أنالنازيين اعتبروا أن عدوهم الحقيقي هو اليهود الأرثوذكس والجماعة المركزيةللمواطنين اليهود من أتباع العقيدة اليهودية. ولعله يفسر أيضاً لم كانت علاقةالدولة النازية بالمنظمات الصهيونية تتسم بشيء من الود والتفاهم. فبينما كانالأرثوذكس والإصلاحيون يطالبون بمنح اليهود حقوقهم كمواطنين، وباندماجهم فيمجتمعاتهم، كان الصهاينة يعارضون الاندماج ويعارضون منح اليهود أي حق، إلا حقالهجرة إلى الوطن القومي اليهودي.

    لكل هذا قام النظـام النازي بتشجيعالنشاط الصهيوني ودعم المؤسسات الصهيونية والسماح للمنظمات الصهيونية بممارسة جميعأنشطتها من تعليم وتدريب على الاستيطان ونشر مجلاته، بينما مُنع الاندماجيونوالأرثوذكس من إلقاء الخطب، أو الإدلاء بتصريحات، أو جمع التبرعات أو مزاولة أينشاط آخر. وقد قام كورت جروسمان، في كتاب هرتزل السـنوي (الجزء الرابع)، بدراسـةالموضـوع، ونشـره تحـت عنـوان "الصهاينة وغير الصهاينة تحت حكم النازي فيالثلاثينيات". وألحق الكاتب بالمقال ثماني وثائق نازية تحمل كلها توجيهات للشرطةخاصة بتنظيم النشاط اليهودي في ألمانيا النازية. وأول هذه التوجيهات (رقم 36420/81134 صادر عن الشرطة السياسية في بافاريا بتاريخ 28 يناير 1935، وهو خاصبمنظمات الشباب اليهودي. وجاء فيه أن إعادة بعث المنظمات الصهيونية التي تدرباليهود تدريباً مهنياً على الزراعة والحرف، قبل تهجيرهم إلى فلسطين، هو أمر في صالحالدولة النازية. بينما جاء في توجيـه آخر (رقـم 17186/81135 بتـاريخ 20 فــبراير 1935 أنه "يجب حل المنظمات اليهودية التي تدعو إلى بقاء اليهود في ألمانيا". وقدمُنع مواطن صهيوني (جورج لوبنسكر) عن طريق الخطأ من إلقاء الخطب، ثم صدر توجيه آخر (رقم 19106/11351 ب) ليصحح هذا الوضع، وصدر أمر بالسماح له بممارسة نشاطه « لأنهمدافع بليغ عن الفكرة الصهيونية وتعهد بأن يساعد على هجرة اليهود في المستقبل دونأية عوائق ».

    كما اهتم النازيون كثيراً بنشاط التصحيحيين. ولهذا، صدر تصريح (رقم 17929/1135 ب) لمنظمتي الشباب القومي الهرتزلي وعصبة الأشداء (بريت هابريونيم) بأن يرتدوا أزياءهم الرسمية أثناء اجتماعاتهم. وقد مُنح التصريح، كما جاء فيالتوجيه، بشكل استثنائي لأن صهاينة الدولة (أي التصحيحيين) برهنوا على أنهم همالذين يمثـلون المنظمـة التي تحاول، بكل السـبل، حتى غير الشـرعية منها، أن ترسلأعضاءها إلى فلسطين. وكان من شأن التصريح بارتداء الزي أن يحفز أعضاء المنظماتاليهـودية الألمانيـة على الانضـمام إلى منظمة الشـباب الخاصة بصهاينة الدولة، حيثكان يجري حثهم بشكل أكثر كفاءة على الهجرة إلى فلسطين. وقد صدر تصريح (رقم 19052/1135 ب) للمنظمات الصهيونية بتاريخ 9 يوليه 1935 بجمع التبرعات من أجل تشجيعالهجرة والاستقرار في فلسطين ولشراء الأراضي هناك. ومُنح التصريح "لأن هذه التبرعاتتساهم في الحل العملي للمسألة اليهودية". كما شجَّع النازيون المدارس العبريةوالمؤسسات الثقافية ذات التوجه اليهودي التي تساعد على إظهار الهوية اليهوديةوالرجوع عن الاندماج، بل منعوا اليهود من رفع الأعلام الألمانية وسُمح لهم برفع « العَلم اليهودي » (أي عَلم المنظمة الصهيونية).

    والملاحَظ أن أشكال التعاونبين النازيين والصهاينة، والتي تناولناها حتى الآن، تمت بشكل غير مقصود (تصريحاتصهيونية يستفيد منها النازيون)، أو هي التقاء عفوي في منتصف الطريق (نشاط صهـيونييشجعه النازيون). ولكن ثمـة أشكالاً أخرى من التعاون الواعي. فهناك دلائل تشير إلىأن الجستابو وفرق الإس.إس S.S. (الصاعقة) ساعدتفي تهريب المستوطنين الصهاينة إلىفلسطين، أي أن النازية لم تدعم الصهيونية التوطينية وحسب، بل امتد دعمها إلىالصهيونية الاستيطانية أيضاًَ. ولكن أهم أشكال التعاون مع الصهاينة الاستيطانيين تممن خلال اتفاقية الهعفراه المبرمة بين النظام النازي وصهاينة المُستوطَن (دون علمالصهاينة التوطينيين أو يهود العالم). ولا تكمن أهمية الاتفاقية في تبيان مدى عمقالعلاقة بين الصهاينة والنازيين وحسب، بل إنها تبين أيضاً مدى عمق التناقض بينالصهاينة المستوطنين والصهاينة التوطينيين، وهو تناقض سـيطر على الحركة الصهيونيةمنـذ ولادتها ولم تفلـح الأيـام إلا في زيادته حدة. ويمكن القول بأن إبرام اتفاقيةالهعفراه كان أول مواجهة حقيقية بين الفريقين، وقد كسب المستوطنون هذه الجولةالأولى.

    وتوجد حالات محددة تعاون فيها الصهاينة مع النازيين في عمليات نقلاليهود وإبادتهم (كاستنر ونوسيج). كما تُوجَد منظمة صهيونية ذات طابع نازي واضح،وهي عصبة الأشداء التي سبقت الإشارة لها. وبالمثل، حاولت منظمة شتيرن تقنين عمليةالتعاون. وسنتناول أشكال التعاون هذه في بقية هذا الفصل.







  6. #36
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    معاهدةالهعفراه (الترانسفير(
    Haavrah (Transfer) Treaty
    «هعفراه» كلمة عبرية تعني«النقل» أو «الترانسفير». والنقل هو أحدمكوناتالصيغةالصهيونية الأساسية. والهعفراه هو اسم معاهدة وقعها المستوطنون الصهاينة معالنازيين. وقد كان الصهاينة الاستيطانيون في الثلاثينيات يبحـثون عن وسـائل لدعمالمسـتوطن وحماية مصالحهم بأية طريقة، ومن ذلك التعاون مع النظام النازي، بينما كانصهاينة الخارج التوطينيون وقادة الجماعات اليهودية مشغولين بعمليات إنقاذ يهودألمانيا، وضمنها تنظيم مقاطعة اقتصادية ضد هذا النظام. ومن أهم الشخصيات القياديةفي عملية المقاطعة صمويل أُنترماير المحامي الأمريكي اليهودي (الصهيوني) الذي نجحفي تكوين حركة جماهيرية تضم اليهود وغير اليهود بقيادة الرابطة الأمريكية للدفاع عنحقوق اليهود، وأسس منظمة دولية أطلق عليها «الاتحاد اليهودي الاقتصادي العالمي» فيأمستردام للتنسيق بين جميع المنظمات الداعية إلى المقاطعة. وشكلت المقاطعة، وخصوصاًفي الشهور الأولى، تهديداً خطيراً للنظام النازي. ويذهب إدوين بلاك (مؤلف كتابالهعفراه، وهو أهم كتاب صدر في الموضوع في جميع اللغات) إلى أنه لو اتحدت المنظماتاليهودية والصهيونية خلف حركة المقاطعة، فلربما كانت قد نجحت في تعبئة الجماهير غيراليهودية، وانضمت بعض الحكومات إليهـا، ولما نجـح النازيون، وخصـوصاً في الأشهرالأولى من تسلمهم السلطة، في الإمساك بزمام الأمور "فاستجابة مباشرة وموحَّدة كانمن الممكن أن تقصم ظهر ألمانيا قبل شتاء عام 1933".

    ولكن المستوطنينالصهاينة كانوا قد قرروا تبني خطة تخدم مصالحهم، فسافر الزعيم العمالي الصهيونيورئيس الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية حاييم أرلوسوروف (1899 ـ 1933) إلىألمانيا لمناقشة إمكانية التعاون والتبادل الاقتصادي معها. وكانت المسألة بالنسبةإلى المستوطنين ملحة للغاية، فقد فشل المستوطن الصهيوني في اجتذاب المهاجرين ولميصل إليه رأس المال اليهودي المتوقع (وقد تم اغتيال أرلوسوروف بعد عودته من ألمانيابعدة أيام). وكان هنريش وولف قنصل ألمانيا العام في القدس قد مهد الجو لهوللمبعوثين الصهاينة من بعده عندما كتب مؤيداً وموضحاً المزايا التي سيجنيها النظامالنازي من التعاون معهم. وفي النهاية، تم توقيع الاتفاق عام 1933 الذي كان يقضي بأنتسمح السلطات الألمانية لليهود الذين يقررون الهجرة من ألمانيا إلى فلسطين بـ «نقل» جزء من أمـوالهم إلى هـناك رغم القـيود التي فرضتها ألمانيا على تداول العملةالصعبة. وكان ذلك يتم بتمكين أولئك اليهود من إيداع المبلغ المسموح بتحويله (ألفجنيه إسترليني) في حساب مغلق يفتح في بنك واسرمان في برلين وبنك ووربورج في هامبورجثم يُسمَح باستعمال هذا المبلغ فقط لشراء تجهيزات وآلات زراعية مختلفة من ألمانياويتم تصديرها إلى فلسطين. وهناك تقوم الشركة ببيع هذه البضائع وتسدد بأثمانهاالمبالغ المستحقة لمودعيها بعد وصولهم كمهاجرين إلى فلسطين، وتحتفظ بالفرق كعمولةأو ربح لها.

    وقد تم تعديل الاتفاقية بحيث أصبح في مقدور اليهود الألمانالذين لا ينوون الهجرة مباشرةً، ويريدون مع هذا تأسيس بيت في فلسطين والمساهمة فيتطويرها، أن يستعملوا الحساب المغلق وأن يودعوا أموالهم فيه شرط ألا يزيد المبلغالإجمالي عن ثلاثة ملايين مارك تستعـمل لشـراء بضـائع ألمانية أياً كان نوعها. وأثناء تنفيذ الاتفاقية، اعترضت بعض العناصر في وزارة الخارجية الألمانية على هذهالمساهمة النازية في بناء المُستوطَن الصهيوني. كما قام المستوطنون الألمان فيفلسطين (من أتباع جماعة فرسان الهيكل) بالضغط ولكن دون جدوى، إذ أن هتلر نفسه قرروجوب الاستمرار في العمل بالاتفاقية.

    ويبدو أن الهدف الأساسي والمباشر منالاتفاقية كان (من المنظور النازي) كسر طوق المقاطعة اليهودية في العالم للبضائعالألمانية في أنحاء العالم. وفي محاولة لتوضيح الموقف النازي، قال وزير الاقتصادالألماني لوزير الخارجية إن الاتفاقية تقدم أحسن ضمان لأقوى تأثير مضاد لإجراءاتالمقاطعة اليهودية للبضائع الألمانية. كما أكد القنصل الألماني العام في القدسالفكرة نفسها حين قال: "بهذه الطريقة، يمكن أن نقوم نحن الألمان بحملة ناجحة فيمواجهة المقاطعة اليهودية في الخارج ضد ألمانيا. وقد يمكننا أن نحدث ثغرة فيالحائط". ولاحَظ القنصل أنه في الصراع الدائر، بين الصهاينة التوطينيين (في الخارج) والصهاينة الاستيطانيين (في فلسطين)، بدأت مـوازين القوى تتغيَّر لصالح المستوطنين: « إن فلسطين هي التي تعطي الأوامر، ومن الأهمية بمكان أن نحطم المقاطعة في فلسطينفي المقام الأول، وسيترك هذا أثره على الجبهة الأساسية في الولايات المتحدة«.

    وقد أيَّده في ذلك فريتز رايخرت عميل الجـسـتابو في فلسـطين حين قـال: "إنمهمتنا الأساسية هي أن نمنع، انطلاقاً من فلسطين، توحيد صفوف يهود العالم على أساسالعداوة لألمانيا... لقد دمرنا مؤتمر المقاطعة في لندن من تل أبيب لأن رئيسالهعفراه في فلسطين، بالتعاون الوثيق مع القنصلية الألمانية في القدس، أرسـلبرقـيات إلى لنـدن أحدثت الأثر المطلوب".

    ويقول إدوين بلاك: "إن احتمالاتانهيار الاقتصاد الألماني بدأ بالتناقص بسرعة بمرور الوقت. فحينما عقد أُنترمايراجتماعاً لاتحاده الدولي في أمستردام في أواخر يوليه 1933، كانت الفرصة لا تزالجيدة. ومع نهاية أغسطس، عند انعقاد المؤتمر الصهيوني الثامن عشر (1933)، كانتالفرصة صعبة لكنها ممكنة".

    فماذا حدث في هذا المؤتمر؟ لعل دراسة الوقائعوتوقيتها يعطينا صورة دقيقة ومثيرة عن المعركة بين المستوطنين الصهاينة وصهاينةالخارج التوطينيين وكيفية إدارتها، وكذلك عن بعض الأساليب التي استخدمها المستوطنونلإحكام قبضتهم على الفريق المعادي. فقد وُقِّعت الاتفاقية بشكل مبدئي في 17 أغسطس 1933 وسُوِّيت كل النقط الفنية المعلقة في 22 أغسطس بعد افتتاح جلسات المؤتمرالصهيوني الثامن عشر في براغ (تشيكوسلوفاكيا). وقد أدرك النازيون الأهمية غيرالعادية للمؤتمر وركزوا كل جهودهم عليه حتى يتسنى إفشال المحاولات الرامية لإصدارقرارات من شأنها دعم المقاطعة اليهودية. وبعد افتتاح جلسات المؤتمر، ألقى سوكولوفخطبة ملتهبة عن يهود ألمانيا وبؤسهم دون أي ذكر للمقاطعة. ولكن النازيين كانوايودون إحراز المكاسب الإعلامية التي يطمحون إليها، ولهذا أعلنوا عن الاتفاقية يوم 24 أغسطس، وهو اليوم الذي كان محدداً لمناقشة وضع يهود ألمانيا في المؤتمر، وقدتناقلت صحف أوربا الخبر، وألقى سوكولوف خطبة ملتهبة قال فيها: "إن اليهود يحترمونإسبانيا القديمة أكثر من ألمانيا الحديثة لأن خروج اليهود جميعاً أفضل من إهانتهمعلى هذا النحو". ورغم أن ألفاظه جاءت غاضبة شكلاً إلا أن مضمونها كان نازياًصهيونياً، فهو لا يتحدث عن حقوق اليهود في أوطانهم وإنما عن حقهم في الخروج الكاملوالنهائي منها.

    وقدَّم الصهاينة التصحيحيون قراراً محدداً خاصاً بالمقاطعة،ولكن العماليين نجحوا في فرض قرارهم. وكان النازيون قد أوقفوا مجلة يوديش روندشاوعن الصدور مدة ستة أشهر، فرُفع عنها الحظر وصدرت في اليوم نفسه وهي تحمل مقالاًتتباهى فيه بأن المؤتمر الصهيوني هزم بأغلبية ساحقة اقتراح التصحيحيين الذي كانيهدف إلى تحويل المنظمة الصهيونية إلى وحدة مقاتلة. وصدرت الصحف النازية مرحبة هيالأخرى بالموقف الإيجابي للمؤتمر.

    وحينما افتتحت جلسة 25 أغسطس، انهالتبرقيات الاحتجاج من يهود العالم لأن الاتفاقية ستهز مصداقية حركة المقاطعة اليهوديةمن جذورها وتقضي عليها تماماً في نهاية الأمر. فصعَّد النازيون حملتهم الإعلاميةالذكية، وأعلنوا يوم 27 أغسطس عن صفقة برتقال ضخمة مع المستوطن الصهيوني (أشارإليها أحد صهاينة الخارج بـ «البرتقالة الذهبية» قياساً على «العجل الذهبي»). وأرسلأُنترماير برقية يطلب فيها أن ينكر المؤتمر أن مثل هذه الصفقة قد أبرمت، وهدد بأنهإن كـان الأمـر حقيقـة ولـم يتـم إلغـاء الصفقة، فإن المنظمة الصهيونية الأمريكيةستنسحب من المنظمة الصهيونية. وفي يوم 31 أغسطس، نشرت الحكومة الألمانية النصالكامل لاتفاقية الهعفراه، فقُوبل الحدث بعدم تصديق من جانب يهود الخارج. ونشرتجويش كرونيكل النص باعتباره نكتة نازية رائعة، كما أنكرت الدائرة السياسية للوكالةاليهودية أية علاقة لها بالموضوع، ولكنها تراجعت عن ذلك بالتدريج واعترفت بإبرامالاتفاقية.

    وفي يوم 2 سبتمبر، طرح العماليون مشروع قرار يحكم سيطرتهمالكاملة على الصهاينـة التوطينيين جاء فيه: "كجـزء من الانضباط الصهيوني، لا يُسمَحلأي فرد أو مجموعة داخل المنظمة الصهيونية أن يشتغل بالسياسة الخارجية، أو أن يتصلبالحكومات الأجنبية أو بعصبة الأمم، أو أن يقوم بأية نشاطات سياسية من شأنها المساسبصلاحيات اللجنة التنفيذية". ويتضمن هذا القرار تحريماً لكل أشكال الاحتجاج ضدالنازية وضمن ذلك اتفاقية الهعفراه. وقد تم التصويت على القرار الساعة الثالثةصباحاً ووُفق عليه، وأُجِّل التصويت على الاتفاقية ذاتها حتى آخر يوم. وبعد طرحمشروع قرار عمالي ومشروع قرار مضاد، قام الزعيم العمالي برل كاتزنلسون فتحدث عنالانضباط وكيف أن مناقشة الهعفراه خرق له، وبيَّن للمؤتمرين أنه توجد، في كلالاجتماعات الديموقراطية، مسائل مهمة لا يمكن مناقشتها. ثم اختتم كلمته قائلاً إنعلى كل هيئة صهيونية أن تعترف بأن إرتس يسرائيل لها أولوية على أي شيء آخر، وأهمواجب هو إنقاذ حياة اليهود وممتلكاتهم من الخطر الذي يتعرضون له (ورغم أنه استخدملغة الإنقاذ والإغاثة إلا أنه أحاطها بالإطار الأيديولوجي بتأكيده أولوية المستوطنعلى أي شيء آخر). وقد وافق المؤتمر على مشروع القرار العمالي، الذي لم يأت فيه سوىأنه لن يتم اتخاذ أي شيء من شـأنه أن يتعـارض مع موقف المؤتمر فيما يتصل بالمسـألةاليهودية الألمانية، أي أنه لن يقوم أي شخص بأي نشاط وسيُترك الأمر برمته للجنةالتنفيذية. وقد وافـق المؤتمرون في الجلسة نفسها على أن يصبح علم المنظمة هو علمالدولة، وأن يصبح نشيد الهاتيكفاه النشيد الوطني للدولة عند إنشائها، وأنشدالمؤتمرون النشيد واختتمت أعمال المؤتمر. وقد أدركت جويش كرونيكل في 3 سبتمبر أنالاتفاقية لم تكن نكتة نازية خفيفة بل حقيقة صهيونية نازية ثقيلة مريرة، ونشرتجرائد أخرى أنباء الاتفاقية وما حدث في المؤتمر.

    وكان المؤتمر اليهوديالعالمي الثالث على وشك الانعقاد في جنيف في 8 سبتمبر. ولما كانت أنباء الاتفاقيةقد أصبحت معروفة ولم يعد هنـاك أي لبـس أو إبهـام، فقد كان من الممكن اتخـاذ قرارفي هذا الشأن. وكانت هذه الفرصة كما يقول إدوين بلاك، هي "الفرصة الأخيرة "أماماليهود والصهاينة لكي يتخذوا قراراً حاسماً (وخصوصاً أن حركة المقاطعة في الأوساطغير اليهودية كانت آخذة في التزايد). ولكن المؤتمر اليهودي اجتمع وفشل في اتخاذقرار محدد بخصوص المقاطعة نتيجة الضغط الصهيوني، واكتفى بتأييد المعارضة التلقائيةبين الجماهير. وقد تم إفشال المؤتمر بإشراف الزعيم الصهيوني الأمريكي سـتيفن وايز،وكان قد أفشـل قبلاً اجتمــاع أُنترماير في أمسـتردام ولندن. وحينما عُرضتالاتفاقية مرة أخرى على المؤتمر الصهيوني التاسع عشر (1935)، بهدف نقضها، رُفضمشروع القرار وتقرر وضع نشاطات الهعفراه كافة تحت إشراف الإدارة الصهيونية.

    وقد حققت اتفاقية الهعفراه نجاحاً باهراً من وجهة نظر النازيين والصهاينة. فقد نجح النازيون في تصديع أسس المقاطعة اليهودية لألمانيا دون أن يضطروا إلى إجراءأي تعديل في سياستهم تجاه اليهود. وأما بالنسبة إلى المستوطنين، فإن فترة الهعفراهتُعُد أهم فترة في تاريخ المُستوطَن إذ تم تزويده بعدد كبير من أعضاء المادةالبشرية المطلوبة وبرأس المال اللازم للبنية التحتية. وقد بلغ عدد اليهود الألمانالذي هاجروا إلى فلسطين في الفترة الواقعة بين عامي 1933 و1941 (بموجب الاتفاقية) نحو 52.300 ويُشكِّلون 25% من مجموع المهاجرين اليهود إلى فلسطين خلال الفترةنفسها. وكان بينهم 6.529رأسمالياً يمثلون إضافة اقتصادية ضخمة للمستوطن و6.700مهاجرمن أبناء الطبقة الوسطى المثقفة غالبيتهم من الأطباء والمحامين والمهندسينوالصناعيين.

    كما ذكر ناحوم جولدمان في مذكراته أنه حينما قابل رئيس وزراءتشيكوسلوفاكيا عام 1935، اتهم الرئيس الصهاينة برفضهم الاشتراك في المحـاولاتالراميـة إلى مقاطعـة هتلر، بل تخريبها بإبرامهم اتفاقية الهعفراه. وكان تعليقجولدمان الوحيد على ذلك أنه شعر حينذاك بالبؤس والخجل إلى درجة لم يشعر بها من قبل،وأن رئيـس الوزراء كان على حق فيما يقول. ومما يجدر ذكره أن اتفاقية الهعفراه ظلتسارية المفعول حتى عام 1939 مع نشوب الحرب العالمية الثانية، ثم توقف العمل بموجبهاولكن دون أن تُلغى رسمياً.







  7. #37
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    المجالس اليهودية
    Judenrat
    »المجالساليهودية» ترجمـة للعبـارة الألمانيـة «يودين رات Judenrat». وهي مجالس كان يقيمهاالنازيون بين الجماعات اليهودية التي تقع تحت سلطتهم. وكان سلوك أعضاء المجالسيندرج تحت واحد من أربعة أنماط:

    1
    ـ تعاون من نوع ما في المجالاتالاقتصادية والمادية.

    2
    ـ استعداد للاستجابة للمطالب النازية حين يتعلقالأمر بمصادرة الممتلكات والأشياء المادية الأخرى، مع رفض كامل لتسليم اليهود.

    3
    ـ قبول اضطراري لإبادة جزء من الجماعة اليهودية على أمل إنقاذ الجزءالآخر.

    4
    ـ خضوع كامل للمطالب النازية نظير حماية مصالح القيادة اليهودية.

    ويبدو أن القيـادات اليهـودية القديمة كانت تسـلك وفق النمطين الأولين. ولكن النمطين الثالث والرابع سادا في المراحل الأخيرة حينما ترأست المجالس اليهوديةشخصيات يهودية جديدة لم تضطلع بدور القيادة من قبل.

    وكان النازيون يحاولون،قدر المستطاع، أن يضموا إلى هذه المجالس العناصر الصهيونية أو اليهودية القوميةباعتبارها عناصر حديثة تشاركهم الرؤية في أن أوربا ليست وطن اليهود، وأنه يجبإخلاؤها منهم، وأن كفاح اليهود (باعتبارهم شعباً عضوياً [فولك]) يجب أن ينصرف إلىالهجرة لا إلى المقاومة والثورة. وقد نجحت هذه المجالس في إدارة أمور الجماعاتوضمان سكوتها. وكان كثير من الصهاينة أعضاء في هذه المجالس، بل يُقال إن النازيينكانوا يفضلون الصهاينة على غيرهم من اليهـود بسـبب اتفاق الفريقين في المنطلقاتالفكرية بينهما.
    وتُثير المجالس اليهودية قضية التعاون مع النازيين. وقدعَرَّفت الموسـوعة اليهـودية (جودايكا) التعاون بأنه عـلاقة تعني قدراً منالمشاركة، وأنها اتفاق إرادي حر بين فريقين. ومن ثم خَلُصت الموسوعة إلى أنه لايمكن اتهام المجالس اليهودية بالتعاون مع النازيين، لأنها كانت مجرد أداة سلبيةخاضعة للضغط النازي تنفذ ما يُطلب منها. كما أن المقاومة على أي حال لم تكن تُجديفتيلاً لأن المخطـط النـازي كان لابد أن ُينفَّذ مهـما كان حجم المقاومـة.

    ووجهة النظر التي تطرحها الموسوعة اليهودية مقبولة إلى حدٍّ كبير، وتتسمبشيء من التعاطف الإنساني المطلوب مع أفراد وجدوا أنفسهم تحت سكين الجلاد فسلكواسلوكاً إجرامياً قد لا يوافقون عليه بالضرورة، ولهذا فلا يمكن أن يُعدوا مسئولينعما ارتكبوه من جرائم. لكن التعاطف الإنساني يجب ألا َيعرف أية حدود، ويجب ألاُيميِّز بين اليهود والأغيار، ولذا ينبغي أن يُطبَّق هذا المعيار على كل من تعاونمع النازيين، فهم أيضاً كانوا يعيشون في ظل الإرهاب النازي، وكثيرون منهم نفذواتعليمات النازي خشـية الإرهـاب، ومن ثم لم يكن هـناك أي قدر من المشـاركة والاختيارالحر. وانطلاقاً من ذلك، فإن محاكمة مجرمي الحرب، خصوصاً من صغار الموظفين، تصبحمسألة غير قانونية وغير إنسانية. بل إن قبول مثل هذه الأطروحة يجعل من الممكناستبعاد جميع المتعاونين تقريباً من قوائم الاتهام، بل تبرئة ساحتهم. فالنظامالنازي كان نظاماً حديثاً شمولياً حقق مستوى عالياً من الكفاءة العميقة في الوصولإلى جميع الأفراد وفي محاصرتهم إعلامياً، وكان يمتلك جهازاً أمنياً تنفيذياً قادراًعلى الحركة السريعة، وعلى معاقبة كل المنحرفين. وكان المنحرفون من الألمان يُعاقبونبقسوة بالغة، لأنهم أعضاء في الشعب الألماني العضوي (المختار) وانحرافهم أمر غيرمفهوم وغير مبرر، ويتطلب إنزال عقوبات عليهم تفوق ما ينزل على البشر العاديين منعقوبات.

    أما افتراض عدم جدوى المقاومة من البداية فهو افتراض خاطئ، إذ يمكنللمرء تخيل ملايين الضحايا من اليهود وغير اليهود وقد رفضوا أن يستقلوا القطاراتالتي تقلهم إلى معسكرات السخرة والإبادة تحت ظروف الحرب،فلعل مثل هذه المقاومة كانتستوقف آلة الحرب الألمانية أو على الأقل ترهقها لدرجة تجعل القيادة تعدل عن تنفيذمخططها الإبادي.وهنا تبرز مسئولية مجالس اليهود،فهي التي قامت بتهدئة الضحايا بشتىالوسائل وبإقناعهم بالرضوخ حتى تم تنفيذ المخطط النازي أو معظمه.ويذهب أيزياه ترانك (في كتاب له صدر عام 1972) إلى أن هناك من يرى أنه لو لم يتبع اليهود تعليماتالمجالس اليهودية لتمكن ما يزيد عن نصفهم من الهرب من الإبادة.

    ويرى المفكرالديني اليهودي ريتشارد روبنشتاين أن تراث يهود العالم، منذ أن تركوا فلسطين بعدتحطيم الهيكل، ولَّد فيهم قابلية للاستسلام والخنوع، وأن هذه القابلية هي التي جعلتبإمكان المجالس اليهودية أن تلعب هذا الدور، وأن تضع أعضاء الجماعات اليهودية فيبراثن النازي.

    رابطـة الثقافـة اليهوديـة
    Juedischer Kulturbaund
    «رابطة الثقافة اليهودية» (بالألمانية: يوديشر كولتوربوند Juedischer Kulturbund) منظمة ألمانية يهودية تأسست في ألمانيا النازية عام 1933، بمبادرة منالنظام النازي وبعض المثقفين الألمان اليهود مثل كورت باومان وكورت سنجر ويوليوسباب وفرنر ليفي. وتصدر الجماعة عن الإيمان بفكرة الشعب العضوي والشعب العضويالمنبوذ. حيث ذهبوا إلى أن أعضاء الجماعة اليهودية هم أعضاء في شعب عضوي (فولك)،ومن ثم لا يحق لهم المشاركة أو المساهمة في الحياة الثقافية العامة في ألمانيا، وهوافتراض قبله الصهاينة وكثير من المثقفين اليهود في ألمانيا وخارجها قبولاً تاماً. وكان مفهوم الشعب العضوي هو القيمة الحاكمة والمسلمة النهائية في المنظومة النازية،ولذا بارك جوبلز وزير الدعاية النازي نفسه فكرة تأسيس الرابطة التي استمرت فينشاطها حتى عام 1941، وكانت بمنزلة المنبر الأساسي للكُتَّاب والموسيقيين اليهود. وقد بلغ عدد أعضائها 17 ألفاً ثم زاد إلى 19 ألفاً بعد عدة شهور، وكان يعمل فيهاعدد كبير من الموظفين و125 من الموسيقيين والممثلين والمغنين، وكانت تطبع بعضمنشوراتها بالعبرية واليديشية (الوعاء الثقافي لتراث الشعب العضوي).

    ونظراًلنجاح الرابطة، تم في عام 1938 تأسيس شبكة قومية من فروع الرابطة في كل أنحاءألمانيا بلغ عددها 168 فرعاً، وبلغ عدد أعضائها 180 ألفاً (أي أنها كانت تضم معظميهود ألمانيا الراشدين)، بل بلغ حجم العضوية في برلين وحدها ما بين 12 ألفاً و18ألفاً. وبلغ عدد الفنانين اليهود التابعين للرابطة حوالي ألفين. وقامت الرابطةبتنظيم ما يقرب من 8457 برنامجاً تشمل محاضرات وحفلات ومسـرحيات وعروضاً فنية. وحقــقت إيراداً بلغ مليـوناً وربع مليـون مـارك. كما كان لها جريدتها الخاصة. وقدشاركت الرابطة بنشاط ملحوظ في الدعاية النازية، سواء في الداخـل أم في الخارج. ففيالداخل، قامت الرابطة بزيادة التماسك العضوي والوعي اليهودي بين أعضاء الجماعةاليهودية، الأمر الذي يعني زيادة عزلتهم وإعطاء مصداقية للرؤية النازية لليهود. أمابالنسبة للخارج، فكانت تعطي صورة مشرقة للحكم النازي في علاقته باليهود وفي سماحهلهم بالإفصاح عن هويتهم العضوية. ورغم أن أغلب البرامج الثقافية والعلمية المقدمةمن قبَل الرابطة كانت تخضع لرقابة البوليس السري (جستابو) وغرفة الفنون والثقافة ثملرقابة قيادات الحزب النازي في برلين، إلا أن السلطات النازية حرصت على استمرارنشاط الرابطة حتى بعد أحداث عام 1938، حينما تم الهجوم على الممتلكات اليهوديةوإلقاء أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة اليهودية في معسكرات الاعتقال، واستجابتلمطالب رؤساء الرابطة الخاصة بالسماح لهم باستخدام المسارح الألمانية لتقديم عروضالرابطة وتأسيس دور عرض سينمائي خاصة بها. كما عرضت تقديم دعم مالي لها، وقامتبتقديم الأرباح التي حققتها من خلال جريدتها ودور العرض السينمائي إلى المنظماتالمختصة بتنظيم هجرة أعضاء الجماعة اليهودية إلى خارج ألمانيا. وقد نجح بعض قادةالرابطة في الهجرة، وتم حل الرابطة بشكل نهائي عام 1941 بأمر من الحكومة.

    ولم تكن هذه الرابطة حادثة عرضية في تاريخ علاقة النازيين بالجماعةاليهودية. فقد أظهر النازيون دائماً اهتماماً غير عادي بالثقافة اليهودية باعتبارهاتعبيراً عن أن الشعب اليهودي شعب عضوي مستقل. ولذا، أسست السلطات النازية أهم متحفيهودي في العالم آنذاك في تشيكوسلوفاكيا (ولا يزال هذا المتحف قائماً). وفي مستوطنةتيريس آينشتات، ازدهرت الثقافة اليهودية، وكانت الفرق الموسيقية تقدم عروضاً للزوارالأجانب وتصور الأفلام وتوزعها على العالم.

    ولم يكن سلوك النازيين (هذا) ينم عن أي تسامح أو اضطهاد، وإنما هو تعبير عن إيمان بأن القومية العضوية تشكلأرضية تفاهم مشتركة بينهم وبين الصهاينة، وهي أرضية لا توجد بينهم وبين أي فريقيهودي آخر.








  8. #38
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    تيريس آينشتات
    Thereseinstadt
    » تيريس آينشتات Thereseinstadt»مدينة في تشيكوسلوفاكيا (وتُسمَّى «تيريزين» بالتشيكية) حولهاالنازيون إلى مستوطنة نموذجية بين عامي 1941 و1945. رُحِّل إليها حوالي 150.000يهودي من يهود وسط أوربا وغربها من المتميِّزين أو المسنين أو اليهود منأبناء الزيجات المختلطة. وقد أيد زعماء الجماعة اليهودية في تشيكوسلوفاكيا الخطة،باعتبار أن هذا يعني بقاء يهود تشيكوسلوفاكيا في وطنهم. ويُقال إن الهدف النازي منتأسيس هذه المستوطنة النموذجية كان إعلامياً بحيث تقدم للإعلام العالمي باعتبارهامثالاً على "حياة اليهود الجديدة تحت حماية الرايخ الثالث" (وهو اسم أحد الأفلامالتي صُورت في المستوطنة(.

    وقد أدار المستوطنة مجلس من الكبراء يضم القادةاليهود ويترأسه أحد كبراء اليهود كانت تعينه السلطات الألمانية. وتمتعت المستوطنةبحريات كثيرة، حيث كان لها نظامها التعليمي ونظامها البريدي المستقل ومكتباتهاوهويتها الثقافية. ومن ثم، كان من مسئوليات مجلس الكبراء الحفاظ على النظام فيالمستوطنة وتوزيع العمل فيها وتوطين المستوطنين الجدد والعناية بالصحة وبالمـسنينوالأطفـال والإشـراف على النشـاط الثقافي. كما كان يتبع المستوطنة نظام قضائي مستقل (أي أن تيريس آينشتات كانت تتمتع بالحكم الذاتي). وقد سمحت السلطات النازية لسلطاتالصليب الأحمر بزيارة المستوطنة وبالاجتماع بمجلس الكبراء.

    وقد رُحِّلحوالي 140.937 يهودياً إلى مستوطنة تيريس آينشتات من بينهم 33.529 ماتوا فيها، أيحوالي 25%، ورُحِّل حوالي 88.196إلى معسـكرات الاعتقال. وحينمـا تم تحرير المستوطنةوكان يوجد فيها 17.247 شخصاً.

    وتثير هذه المستوطنة الكثير من القضايا:

    1
    ـ يُلاحَظ اشتراك المجالس اليهودية مع السلطات النازية في كل الأنشطةسواء الإعداد والتخطيط للمستوطنة أو إدارتها أو مقابلة مندوبي الصليب الأحمرالدولي. وهذا التعاون يثير واحدة من أهم القضايا الأساسية في ظاهرة الإبادة النازيةلليهود، أي مدى اشتراك قيادات الجماعات اليهودية في عملية الإبادة.

    2
    ـوتثير المستوطنة قضية ترشيد الإبادة، فلم يكن النازيون مجرد جزارين على الطريقـةالتقليــدية، وإنما كانــوا يلجـأون إلى التخطيط العلمي الدقيق وإلى التفرقة بيناليهود المتميِّزين واليهود العاديين.

    3
    ـ ويمكن التساؤل أيضاً عما إذا كانهدف النازيين هو توظيف اليهود أم إبادتهم.

    4
    ـ ولا تختلف علاقة المستوطنةبالسلطات النازية عن علاقة أية دولة في العالم الثالث بالقوة الإمبريالية التيتحكمها، والحريات التي كان يتمتع بها سكان المستوطنة لا تزيد كثيراً عن تلك التيتعرضها الحكومة الصهيونية على سكان الضفة الغربية باسم الحكم الذاتي، وهو ما يجعلنانذهب إلى القول بأن التجربة النازية جزء لا يتجزأ من الحضارة الغربية.

    5
    ـومن القضايا الأخرى التي تثيرها المستوطنة، عدد اليهود الذين تمت إبادتهم عن طريقأفران الغاز. فالموسوعة اليهودية (جودايكا) تتحدث عن أن ربع سكان هذه المستوطنةالمثالية التي تتمتع بظروف خاصة ماتوا بسبب ظروف الحرب، وأنه في أبريل 1945 وصل إلىتيريس آينشتات 14.000 سجين من معسكرات الاعتقال الأخرى، فاجتاحت الأوبئة سكانالمستوطنة وهلك منهم ومن المرحلين الجدد الآلاف، واستمرت الأوبئة في حصدهم حتى بعدسقوط النظام النازي. فإذا كانت الأوبئة قد حصدت حياة الألوف قبل بعد انتهاء الحرب،ألا يثير هذا قضية عدد اليهود الذين أُبيدوا عن طريق أفران الغاز؟

    جيـــتو وارســو
    Warsaw Ghetto
    أسس النازيون جيتوات كانت تأخذشكل مناطق قومية تتمتع بقدر كبير من الاستقلال، فكان يتم إخلاء رقعة من إحدى المدنمن غير اليهود ثم يُنقل إليها عشرات الآلاف من اليهود. ومن أشهر هذه المناطق جيتووارسو ولودز وريجا في بولندا ومستوطنة تيريس آينشتات «النموذجية» في بوهيميا.

    ومن أهم الجيتوات جيتو وارسو الذي بلغ عدد القاطنين فيه عام 1941 حوالي نصفمليون يهودي يعيشون في رقعة صغيرة حولها حائط ارتفاعه ثمانية أقـدام، وكان له اثنانوعشـرون مدخـلاً يقف على كلٍّ منهـا ثـلاثة جنود، أحدهم ألماني والثاني بولنديمسيحي والثالث بولندي يهودي. وكان التعريف الذي تبناه الألمان للهوية اليهودية هوتعريف قوانين نورمبرج وهو أن اليهودي يهودي بالمولد وليس بالعقيدة (وهو التعريفالذي تبنته فيما بعد دولة إسرائيل والذي يستند إليه قانون العودة الصهيوني).

    ويجب النظر إلى تجربة الجيتو هذه في ضوء المخطط النازي ذي الطابع الصهيونيالواضح الذي ينطلق من تصور استقلال اليهود كشعب عضوي منبوذ له شخصيته القوميةالمستقلة. ولذا كان للجيتو مؤسساته المستقلة الخاصة به (عملة خاصة ـ وسائل نقل خاصةـ خدمة بريدية ـ مؤسسات الرفاه الاجتماعي). كما سُمح لجيتو وارسو بأن يكون لهنظامـه التعليـمي، وبأن يفـتح المكتبات لبيع الكتب واستعارتها، وبأن يصدر جريدتهاليومية بل كان له ميليشيا ومحاكم خاصة به، أي أن الجيتو كان بمثابة دولة صغيرةمنعزلة ثقافياً واقتصادياً عما حولها، وهو بهذا استمرار لتقاليد القهال والإدارةالذاتية والشتتل التي يمجدها الصهاينة في كتاباتهم، وهو يشـبه في كثير من الوجوهالدولة الصهيونية المشتولة في الشرق الأوسـط.

    وكان يدير الدويلة/الجيتو «سلطة يهودية» أو «مجلس كبراء»، تُعيِّن السلطات النازيــة أعضاءه. ولكن استقـلاليةالدويلة/الجيتـو لم تكن كاملـة، إذ كـان الجيتو يقـوم باستيراد كل المواد الخاموالطعام والملابس التي يحتاجها من سلطة الاحتلال النازية على أن يسدد ثمن الوارداتبالمنتجات الصناعيـة (الملابـس والمصنـوعات الجلـدية) التي كان ينتجها الجيتـو. كمـا كان على المجـلس أن يقـدم عدداً من العمال يومياً يبيعون عملهم لتسديد وارداتالجيتو. وكان العامل البولندي، يهودياً كان أم غير يهودي، يتقاضى ربع ما يتقاضاهالعامل الألماني.

    ولا ندري هل وضع النازيون مخططاً لإبادة يهود جيتو وارسو (بالمعنى الخاص للكلمة، أي بمعنى التصفية الجسدية) من خلال فرض وضع اقتصادي غيرمتكافئ عليهم بحيث يمكن استنزافهم لصالح النازيين، أم أن عملية الإبادة تمت كنتيجةحتمية، ليست بالضرورة متعمدة، للبنية الاستغلالية التي فرضها النازيون؟ فقيمة السلعالتي كان ينتجها الجيتو والخدمات التي يقدِّمها كانت دائماً دون حد الكفاف ولا تفيبالاحتياجات المادية الأساسية للعاملين اليهود الأساسيين، الأمر الذي كان يعني سوءالتغذية داخل الجيتو وتناقص عدد سكانه مع ضمان تدفق فائض القيمة بشكل مستمر إلىالنازيين. وقد أدَّى عدم تكافؤ العلاقة بين الدولة النازية والدويلة/الجيتواليهودية إلى أن السكان زادوا فقراً وزادت حاجتهم إلى المواد الغذائية، فكانوايموتون جوعاً ويهلكون بالتدريج وببطء دون أفران غاز.

    وقد قام أحد الباحثينبدراسة إحصائية دقيقة لهذه الإبادة التدريجية البطيئة (عن طريق التجويع) مستخدماًجيتو وارسو أساساً لدراسة الحالة. فأشار إلى أن الفترة من 1939 إلى 1942، أي خلالستة وثلاثين شهراً، شهدت زيادة عدد الوفيات بشكل ملحوظ. فحسب معدل الوفيات بينأعضاء الجماعة اليهودية قبل الحرب كان من المفروض أن يكون عدد الوفيات 12.600 فيالعام. ولكن الجوع والمرض (وكذا غارات الحلفاء وأحكام الإعدام) أدَّت معاً إلى موت 88.568 ألفاً في العام، وهو عدد يشكل 19% من مجموع سكان جيتو وارسو البالغ عددهمخمسمائة ألف، الأمر الذي يعني أنه كان من الممكن اختفاء كل سكان الجيتو خلال ثمانيةأعوام دون أفران غاز. ويمكن أن نضيف أن هذه العملية كانت ستتسارع في السنواتالأخيرة بسبب زيادة ضعف وهزال سكان الجيتو، ومن ثم، فإن خمس أو ست سنوات كانت كافيةفي تصوُّرنا لإتمام هذه العملية.

    وكانت علاقة الدولة النازية بدويلة/جيتووارسو علاقة كولونيالية لا تختلف كثيراً عن علاقة إنجلترا بمستعمراتها أو علاقةالدولة الصهيونية بالسلطة الفلسطينية في غزة وأريحا (كما يتخيلها الصهاينة). وربماكان الفارق الأساسي هو درجة التحكم، إذ أن جيتو وارسو كان كياناً صغيراً متخلفاً،ومن ثم كان بالإمكان التحكم فيه بدرجة كاملة أو شبه كاملة، على عكس الضفة الغربيةوغزة حيث يوجد كيان حضاري مركب يعود إلى أعماق آلاف السنين ويتسم بتجذره، كما أنسكان " المناطق " المحتلة لم يتوقفوا قط عن المقاومة. وكل هذا جعل التحكم في فلسطينالمحتلة بعد عام 1967 أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً.

    ويدل سلوكالإسرائيليين تجاه السلطة الفلسطينية في غزة وأريحا أنهم استبطنوا هذا الجانب منتجربة يهود أوربا مع النازية. فهم يحاولون أن تكون علاقتهم مع هذه السلطة تشبه فيمعظم الوجوه علاقة الحكم النازي بالسلطة اليهودية في جيتو وارسو أو مستعمرة تيريسآينشتات.








  9. #39
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    جماعة شتيرن والنازية
    Stern and Nazism
    جماعة صهيونيةمراجعة حاولت التعاون مع النازيين باعتبار أن ثمة فارقاً عميقاً بين ما سمتهالجماعة «مضطهدي الشعب اليهودي» وأعدائه. فمضطهدو الشعب اليهوي أمثال هامان وهتلرموجودون في كل زمان (فالصهاينة يؤمنون بحتمية العداء لليهود واليهودية). ولكن الأمرجدُّ مختلف بالنسبة لأعداء اليهود، فهؤلاء هم الأجانب الذين يهيمنون على فلسطينويمنعون اليهود من العودة إليها لينهوا حالة المنفى ويؤسسوا وطنهم القومي فيها. وبناءً على هذه الأطروحة الصهيونية الراديكالية لم يجد أعضاء شتيرن أية غضاضة فيالتفاوض مع النظم الشمولية بهدف التعاون الوثيق معها. فعقدوا اتفاقاً مع حكومةموسوليني تعترف بمقتضاه الحكومة الفاشية بالدولة الصهيونية على أن يقوم أعضاء شتيرنبالتنسيق مع القوات الإيطالية حين تقوم بغزو فلسطين.

    ولكن التعاون معالنازيين كان هو الهدف الحقيقي. ولتحقيق هذا الغرض أرسل أعضاء شتيرن مندوباً إلىبيروت (التي كانت تحت سيطرة حكومة فيشي الموالية للنازيين) للتفاوض مع قوات المحور. وقد قابل هذا المندوب، في يناير 1941، مواطنين ألمانيين أحدهـما هو أوتو فون هنتج،رئيس القسم الشرقي في وزارة الخارجية الألمانية، والذي كان يشعر بالإعجاب العميقبالصهيونية.

    وبعد الحرب اكتُشفت وثيقة (في أرشيف السفارة الألمانية فيأنقرة) أرسلتها جماعة شتيرن للحكومة الألمانية تتصل بإيجاد حل للمسألة اليهودية فيأوربا واشتراك أعضاء جماعة شتيرن إلى جانب القوات النازية في الحرب ضد قواتالحلفاء. وتنص الوثيقة على أن إجلاء الجماهير اليهودية من أوربا هو شرط مسبق لحلالمسألة اليهودية. وقد عبَّر كاتب الوثيقة عن وجود نقط تماثل بين النازيةوالصهيونية. (وصفت شتيرن نفسها بأنها حركة تشبه الحركات الشمولية في أوربا فيأيديولوجيتها وبنيتها). كما تذكر الوثيقة وجود مصالح مشتركة بين النازيينوالصهيونية، وتُعبِّر عن تقدير جماعة شتيرن للرايخ الثالث لتشجيعه النشاط الصهيونيداخل ألمانيا وللهجرة الصهيونية إلى فلسطين. وتؤكد الوثيقة ضرورة التعاون بينألمانيا الجديدة والفولك العبري في المجال السياسي والعسكري.

    ولم يتلقالجانب الصهيوني رداً، ولذا أرسلت جماعة شتيرن مندوباً آخر في ديسمبر من نفس العامإلى تركيا (بعد احتلال البريطانيين للبنان) ولكن قُبض على هذا العميل.

    وكانإسحق شامير، رئيس وزراء إسرائيل السابق، عضواً في جماعة شتيرن. ويؤكد الباحثالإسرائيلي باروخ نادل أن شامير كان يعرف بخطة شتيرن للتعاون مع النازيين. وحينماعُيِّن وزيراً للخارجية ثار الرأي العام العالمي بسبب تعيين إرهابي مثله (قامبتدبير عملية اغتيال اللورد موين في القاهرة عام 1942 والكونت فولك برنادوت عام 1948)، ولكن أحداً لم يتطرق إلى ماضيه النازي.

    عصبــة الأشـــداء
    Brit Habiryonim
    «عصبة الأشداء» (أي الأقوياء) (بالعبرية: «بريتهابريونيم») جماعة صهيونية مراجعة أسسها آبا أحيمئير (1898 ـ 1962) ومجموعة منالمثقفين الصهاينة مثل الشاعر أوري جرينبرج. وكان معظم مؤسسي الجمعية أعضاء فيمنظمات صهيونية عمالية ثم استقالوا منها. وقد تبنت الجماعة صياغة صهيونية لا تخفيإعجابها بالفكر النازي أو العنصرية النازية. وكما قال أحد كبار الصهاينة التصحيحيين « نحن التصحيحيين نكن الإعجاب الشديد لهتلر، فهو الذي أنقذ ألمانيا ولولاه لهلكتخلال أربعة أعوام، وسنتبعه إن هو تخلى عن معاداته لليهود ». وكانت مجلة عصبةالأشداء في فلسطين تزخر بالمقالات التي تمجد هتلر والهتلرية. وكان من بين هتافاتأعضاء العصـبة « ألمانيا لهتلر، وإيطاليا لموسوليني، وفلسطين لجابوتنسكي». كمامجَّد أعضاء الجمعية الجوانب العسكرية في تاريخ العبرانيين، فكانوا يشبهون أنفسهمبجماعة حملة الخناجر، وهم فريق من جماعة الغيورين كانت تغتال الرومان واليهود الذينيتحالفون معهم، وذلك أثناء التمرد اليهودي الأول في فلسطين بين عامي 66 و73 ميلادية (واسم الجمعية نفسه «بريت هابريونيم» هو اسم إحدى الجمعيات الإرهابية اليهودية فيتلك الفترة). وكان أتباع الجمعية يرون أن الاغتيال السياسي ليس جريمة وإنما هو فعلذو هدف ومعنى، وأن الـدم والحـديد هما الطريق الوحيد للتحرر. وكما قال أحميئير، فإن "الماشيَّح لن يأتي راكباً على حمار"، وهو ما يعني أن الماشيَّح الصهيوني سيأتيراكباً دبابة، حاملاً القنابل العنقودية! وتعود أهمية الجمعية إلى تأثيرها في حركةالتصحيحيين ككل، فقد تحولت مجلتهم (التي صدرت ابتداءً من يناير 1932) إلى لسان حالالعمال التصحيحيين، وشنت حملات شعواء على المعسكر العمالي بأسره.

    ورغم أنجابوتنسكي كان يحاول أحياناً أن يحتفظ بمسافة بينه وبين أعضاء الجمعية، إلا أنه كانيُعبِّر في خطاباته عن إعجابه بهم وتعاطفه معهم. ولم يتخذ أي إجراء تنظيمي ضدهم بلأطلق على أحيمئير (بنبرة لا تخلو من التهكم) اسم «معلمنا ومرشدنا الروحي»، كما أنالحاخام إسحق كوك دافع عنهم. وتذكر موسوعة الصهيونية وإسرائيل أن مناحيم بيجين انضمإلى الجناح الراديكالي لحركة التصحيحيين الذي كان مرتبطاً بعصبة الأشداء (لم تذكرالموسوعة في المدخل عن أحميئير أي شيء عن اتجاهاته النازية المذكورة، واكتفتبالإشارة إلى أفكاره "الراديكالية"). وقد استمرت العلاقة بين بيجين وأحميئير حتىبعد إعلان الدولة، فسمح بيجين، باعتباره رئيس حزب حيروت، بأن يكتب أحميئير فيالجريدة اليومية للحزب، إلى أن مات عام 1962.
    ألفريـد نوسـيج (1864-1943)
    Alfred Nossig
    أحد مؤسسي الحركة الصهيونية مع هرتزل، وأهمشخصية يهودية صهيونية متورطة في التعاون مع النازيين، وهو فنان وشاعر وموسيقار منأصل بولندي وخلفية ثقافية ألمانية، كانت مواهبه متعددة ومتنوعة عبَّر عنها من خلالالأدب (قصائد ومسرحيات ومقالات في النقد الأدبي) والموسيقى (لبريتو لإحدى الأوبرات) والنحت (عُرضَت تماثيله في معظم أرجاء أوربا وذاعت شهرته كنحات). وقد بدأ حياته،شأنه شأن معظم الزعماء الصهاينة، خصوصاً الذين كانوا من أصل ثقافي ألماني،بالمطالبة بالاندماج الكامل لليهود، ثم أصبح محرراً في إحدى الصحف البولندية. وفيعام 1887، نشر كتيبه محاولة لحل المسألة اليهودية (بالبولندية)، حيث اقترح إنشـاءدولة يهودية في فلسطين والدول المجاورة. وقد ترك هذا الكتيب أثراً عميقاً علىالمثقفين اليهود في أوربا وخصوصاً في جاليشيا. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح نوسيج نشيطاًفي المجال الصـهيوني فألَّف الكـتب ودبج المقالات عن موضـوع الاسـتيطان وغيره.

    وقد يتصوَّر البعض أن ثمة تناقضاً بين نزعته الاندماجية الأولى ونزعتهالصهيونية بعد ذلك. ولكن هذا النمط معروف تماماً بين مؤسسي الحركة الصهيونية، ولاسيما أصحاب الخلفية الثقافية الألمانية. فهؤلاء يهود غير يهود، بمعنى أنهم حاولواالاندماج بل الانصهار في الأغلبية لرفضـهم لهويتهـم اليهـودية (الدينية والعرْقية). ولكـن المجتـمع صــنفهم « يهوداً ». ولهذا، أخذوا يبحثون عن طريقة أخرى للتخلص مناليهود، ووجدوا ضالتهم في الحل الصهيوني، الذي يرمي إلى نقل (ترانسفير) يهود أورباخارجها، إلى أن يفرغها من يهودييها في نهاية الأمر. وهذه عملية ستقضي على الفائضالبشري وتُسهِّل اندماج القلة التي ستبقى.

    شارك نوسيج في المؤتمر الصهيونيالأول (1897)، واصطدم مع هرتزل لأسباب لا تذكرها المراجع التي عدنا إليها. ولكنهاستمر في حضور المؤتمرات الصهيونية، وصوت ضد مشروع شرق أفريقيا (باعتبار أنه مشروعبريطاني، بينما كان متحمساً للمشروع الاستعماري الألماني). ويبدو أن نوسيج كانعضواً في العصبة الديموقراطية، إذ أنه ساهم (عام 1902) مع مارتن بوبر وحاييموايزمان وليو موتسكين في تأسيس أول دار نشر صهيونية في برلين نشرت العديد من الكتب. ويُعتبَر نوسيج واضع أساس علم الإحصاء الخاص بين الجماعات اليهودية، فنشر أعمالاًبين عامي 1887 و1903 ووضع أساس إنشاء المعهد الإحصائي والسكاني (الديموجرافياليهودي. )

    وهدف الصهيونية (حسب تعريف معظم مؤسسيها) هو نقـل اليهود منأوربـا وإفراغها منهم لحل المسألة اليهودية، ونوسيج ينتمي إلى هذه المنظومة الفكريةالتوطينية (الترانسفيرية). فكان معظم فكره يدور حول تهجير اليهود، وكان هذا يأخذشكل محاولة زيادة وعيهم بهويتهم اليهودية العضوية حتى َيضمُر ويذوي إحساسهمبالانتماء إلى أوربا. وقد أنجز نوسيج ذلك من خلال أعماله الفنية مثل تماثيله: «اليهودي التائه» و«يهودا المكابي» و«الملك سليمان» و«الجبل المقدَّس» (كان نوسيجيود أن توضع على جبل الكرمل رمزاً للدولة اليهودية). كما أسس عام 1908 منظمةاستيطانية تُسمَّى إيكو AIKO للتعجيل بنقل اليهود. فهو، شأنه شأن نوردو، كان فيعجلة من أمره. ولعل طول الانتظار هو الذي دفعه إلى التعاون مع النازيين، لأنهمأيضاً ذوو نزعة توطينية ترانسفيرية. فعمل كمخبر للسلطات النازية إبان الحربالعالمية الثانية، وعيَّنه تشيرنياكوف، رئيس مجلس اليهود في وارسو إبان حكم النازي،عضواً في المجلس ورئيساً لقسم الفنون. ونظراً لمعرفته الوثيقة بأعداد اليهودوتوزعهم ومراحلهم العمرية المختلفة (بسبب دراساته التي أسلفنا الإشارة إليها)،ونظراً لرغبته العميقة في إفراغ أوربا من يهودييها، وضع نوسيج خطة متكاملة لإبادةاليهود الألمان المسنين والفقراء (غير النافعين) وتهجير الباقين أو إبادتهم. وقداكتشف أعضاء المقاومة اليهودية في جيتو وارسو تعاونه مع النازي وأنه عضو فيالجستابو، فحُكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص ونُفِّذ الحُكم في 22 فبراير 1943. وقد اختفى نوسيج تماماً من الأدبيات الصهيونية والغربية.







  10. #40
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    مردخــايرومكوفســكي (1877-1944(
    Mordechai Rumkowski
    صهيوني بولندي ورئيـس المجـلساليهـودي في جيتو لودز خـلال الحرب العالمية الثانية. وُلد في روسـيا ثم اسـتقر فيمـدينة لودز مع بداية القرن العشرين. كان عضواً في الحزب الصهيوني العمومي، وقامبتمثيله في لجنة الجماعة اليهودية في لودز. كان رومكوفسكي مؤمناً بأن التعاون معالألمان سيُعزِّز وضع اليهود، خصوصاً إذا زادت مساهمتهم وأهميتهم بالنسبة للمجهودالحربي الألماني. ولهذا عُيِّن، بعد احتلال الألمان لمدينة لودز عام 1939، رئيساًللمجلس اليهودي فيها، أي كبيراً لليهود، ومنحه المسئولون الألمان في جيتو لودز (الذي ضم 170 ألف يهودي) سلطات إدارية واسعة. وتَعزَّز موضعه القيادي بسبب مهارتهالتنظيمية، فكان مسـئولاً عن إقـامة الورش التي أمر الألمان بإنشائها لاستغلال عملاليهود، والتي بلغ عددها 120 ورشة. ومع مرور الوقت، عمل رومكوفسكي على تركيز جميعالسلطات في يده وأصبحت إدارته أكثر استبداداً. وعندما أمرت السلطات الألمانيةالجيتو بإصدار عملة نقدية خاصة به (باعتباره كياناً يهودياً مستقلاً بدلاً مناستخدام العملة البولندية أو الألمانية)، طُبعت على الأوراق المالية الجديدة صورته.

    اشترك رومكوفسكي في عمليات ترحيل ونقل يهود لودز إلى معسكرات الاعتقالالألمانية، وكان مسئولاً مع معاونيه عن تحديد من سيتم ترحيله، الأمر الذي جلب عليهكراهية كثير من سكان الجيتو. وقد ضمت قوائم المرحلين كثيراً من معارضـيه داخـلالجيتو. وخلال الـفترة بين يناير ومايو عام 1942، تم ترحيل 52 ألف يهودي من الجيتوبمعاونة رومكوفسكي الذي ظل مؤمناً بأن التعاون مع الألمان هو أفضل سبيل لتخفيف وطأةهذه المأساة. وقد قام الألمان بتصفية الجيتو في نهاية الأمر عام 1944، ورُحِّلرومكوفسكي مع أسرته إلى معسكر أوشفيتس حيث مات.

    وتُعَدُّ شخصية رومكوفسكيشخصية مثيرة للجدل في الأدبيات اليهودية التي تؤرخ لفترة الإبادة النازية، حيثيحمِّله البعض مسئولية إبادة يهود جيتو لودز. وهو يُعَدُّ مثلاً جيداً على ذلكالتعاون بين قيادات الجماعات والمجالس اليهودية من جهة والسلطات النازية من جهةأخرى.

    آدم تشـــرنـياكـوف (1880-1932(
    Adam Czerniakow
    صهيونيبولندي ورئيـس مجـلس الجماعـة اليهودية في وارسـو خلال الحرب العالمية الثانية. وأول رئيس للمجلس اليهودي في وارسو، والذي شكلته سلطات الاحتلال النازية.

    كان تشرنياكوف من النشطين في مجال شئون الجماعة اليهودية في بولندا عقبالحرب العالمية الأولى، واهتم بشكل خاص بشئون الحرفيين اليهود الذين كانوا يشكلون 40% من تعداد الجماعة، وقام بالتدريس في شبكة المدارس اليهودية المهنية في وارسو. وانتُخب في الفترة بين عامي 1927 و1934 عضواً في مجلس مدينة وارسو، كما انتُخب قبلاندلاع الحرب العالمية الثانية مباشرة عضواً في المجلس التنفيذي للجماعة اليهودية،ثم عيَّنه عمدة وارسو بعد اندلاع الحرب رئيساً لمجلس الجماعة اليهودية. وبعد احتلالالقوات الألمانية للمدينة، عينته السلطات النازية رئيساً للمجلس اليهودي، وأوكلتإليه مهمة تنظيم الجماعة اليهودية في جيتو خاص بها، وكان على اتصال وثيق بالسلطاتالنازية، خصوصاً مع قوميسار الجيتو الألماني. وقد وجه بعض أعضاء الجماعة اليهوديةانتقادات حادة للمجلس اليهودي ونشاطه وحاول بعضهم إقصاء تشرنياكوف. ويُقال إنتشرنياكوف لم يصدق، عندما بدأت عمليات ترحيل اليهود إلى معسكرات الاعتقال، أنه سيتمترحيل اليهود بالفعل. ولكنه أدرك في نهاية الأمر أبعاد المخطط، فرفض التعاون معالألمان ورفض التوقيع على أوامر الترحيل ولم يجد مخرجاً من مأزقه سوى الانتحار.

    وقد ترك تشرنياكوف يوميات دوَّن فيها جميع الأحداث الهامة التي جرت داخلالجيتو وجميع ملاحظاته ومشاهداته. وتعتبر هذه اليوميات مرجعاً مهماً لأوضاع وظروفجيتو وارسو إبان الاحتلال النازي.

    وتثير حياة تشرنياكوف قضيتين: أولهماقضية مدى مسئولية القيادات اليهودية عن نجاح النازيين في تنفيذ مخططهم. أما القضيةالثانية فهي خاصة بمدى معرفة العالم الخارجي بما كان يدور في ألمانيا من عملياتتهجير وقمع وإبادة، إذ يذهب بعض الدراسين إلى أن العالم بأسره لم يكن يعرف شيئاًعما يدور في ألمانيا النازية وعن عمليات الإبادة، ومن ثم لم يتخذ أية إجراءاتللحيلولة دون وقوع مثل هذه العمليات، بينما تصر الأدبيات الصهيونية على أن العالمترك اليهود وحدهم لمصيرهم، الأمر الذي يعني صدق المعادلة الصهيونية البسيطة: اليهودضد الأغيار. ولكن تشرنياكوف (وهو، كما بيَّنا، واحد من أهم الشخصيات القياديةاليهودية وكان يعيش داخل بولندا ويترأس الجيتو اليهودي في وارسو، وكانت تربطه علاقةيومية مع السلطات النازية) لم يكن يعرف شيئاً عن الترحيل أو عن أفران الغاز ولميصدق ما كان يحدث من حوله، وقد تعاون مع النازيين، كما تُقرِّر المراجع الصهيونية،لأنه لم يكن يدرك إطلاقاً ما كان يحدث من حوله، ولم يصل إلى مسـامعه شـيء إلا فيعام 1942، أي قرب نهاية الحرب، فكيف كان يمكن للعالم الخارجي أن يعرف عن الاعتقالوالتهجير والإبادة؟







 

صفحة 4 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثامن
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 54
    آخر مشاركة: 2010-10-31, 04:12 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  4. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الأول
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 530
    آخر مشاركة: 2010-10-24, 03:44 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML