لو سمحت أخي ذو الفقار أود أن أرد على سؤال الأخ أنور التالي
والناس اللى ماوصللهاش الاسلام حتى ولا سمعو عنه
دول هيتحاسبو ازاى وهما ماوصللهمش الدين !!
الحقيقة أن هذا السؤال لا يرد في بال حضرتك فحسب بل اعتقد انه يمر في بال أكثر الناس
أخي الفاضل من عظيم رحمة الله بعباده أنه لا يحاسب أحدا إلا بعد أن يصل إليه أمر الله وبلاغه عن طريق المرسلين ، ومن لم تبلغه الدعوة فالله لا يعذبه. :( من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) [الإسراء: 15].
والآيات في هذا المعنى كثيرة ـ وهي حاكمة بأن الله لا يدخل أحدا النار إلا بعد إرسال الرسول إليه.
:{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} النساء:165.
وقال: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ . قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} الملك:8-9.
و:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي}الأنعام:130.
و: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} طـه:134
وهذا هو المعنى الذي دلت عليه الآيات الكريمات، فالله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا إذا أرسل رسولا يهدي إلى الحق ويردع عن الضلال ، ويقيم الحجج ويمهد الشرائع ويبلغ دعوته،. ولا فرق بين زمنه صلى الله عليه وسلم والأزمنة المتتالية من بعده ، فمن لم تبلغه الدعوة ولم يسمع بالنبي صلى الله عليه وسلم سواء أكان يسكن في سيبيريا أوالأمازون مثلا فحكمه حكم أهل الفترة، وقد ورد في الحديث أنهم يمتحنون يوم القيامة.
روى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئا، ورجل أحمق ، ورجل هرم، ورجل مات في فترة ، فأما الأصم فيقول: رب قد جاء الإسلام وما أسمع شيئا، وأما الأحمق فيقول: رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا، وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني من رسول . فيأخذ مواثيقهم ليطيعوه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما".
رواه أحمد، وابن حبان، صحيح الجامع الصغير: 881
فهؤلاء الأربعة جميعهم يحتجون بالجهل، وأنهم كانوا عاجزين عن تحصيل العلم أو الوقوف عليه .. وإن كان جهل كل واحد منهم له سببه المختلف عن الآخر، إلا أن صفة الجهل مشتركة فيما بينهم لعدم تمكنهم من طلب العلم وفهمه أو إدراكه.
لذلك فالله تعالى يقبل ـ كرماً وتفضلاً منه -سبحانه وتعالى- ـ عذرهم ـ وكيف لا وهو -سبحانه وتعالى- لا أحد أحب إليه العذر من الله تعالى ـ
وقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" لا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين ".
قال ابن كثير في التفسير: إخبار عن عدله تعالى وأنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه .. إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله -عز وجل- لا يدخل النار أحداً إلا بعد إرسال الرسول إليه .
وهؤلاء يجري لهم الله جل وعلا اختباراً في عرصات يوم القيامة .. فمن كان في علم الله -عز وجل- أنه لو بلغته نذارة الرسل كان سيؤمن ويُتابع الرسل، ويعمل صالحاً، ييسر له أمره إلى النجاة، ومن ثم إلى الجنة. ومن كان في علم الله تعالى أنه لو بلغته نذارة الرسل كان سيقابلها بالرد والإعراض والجحود، ييسر له أمره إلى الهلاك والعذاب في نار جهنم .. وكل ميسر لما خلق له.
وأما من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم لم يؤمن به ، فلا عذر له ، كما في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح " والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار".
المفضلات