الحمد لله رب العالمين .. وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين .. وأشهد أن سيدنا ونبينا وعظيمنا وحبيبنا محمدا رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين
أيها السادة الأعزاء
نحن الآن في ميدان كربلاء .. الحسين الآن على فرس الجهاد .. وزينب تنظر .. وزينب الآن تنظر إلى أخيها
ورماح أربعة آلاف تصوب نحو جثمانه الطاهر
الحسين يقاتل إلى آخر رمق إلى أن سقط عن فرسه
البطل الآن مسجن ومضرج في دمائه .. البطل الآن ينام على الأرض .. وكان يومها يلبس جبة رسول الله
كان يومها يلبس أثواب جده
البطل الآن ينام على أرض كربلاء وأهل العراق لم يهتموا
زينب الآن تنظر ولا تملك من الأمر شيئا .. أخوها تتفجر الدماء من جسده لا يجد من يبل شفتيه بقطرات ماء
ولم يكتف القوم بهذا
إن اللئيم لئيم ولكن الحسين هو الحسين ما زاده الأمر إلا إيمانا وتثبيتا
إن الجواهر في التراب جواهر ***** والأسد في قفص الحديد أسود
السبع سبع وإن كلت مخالبه ***** والكلب كلب وإن قلدته الذهبا
وبين زينب والحسين خطوات لكنها لا تستطيع أن تخطوها
ماذا يريد القوم من الحسين ؟ وقد طعن مئة وثمانين طعنة ما بين ضربة سيف وطعنة برمح ورمية بسهم
ماذا يريد القوم منه وقد تمزقت ثيابه وتفجرت الدماء من جسده الشريف
فماذا يريد القوم ؟
يريدون أن يفصلوا الرأس الشريف عن الجسد .. هكذا اقتدت الأوامر العسكرية من قيادة ابن زياد .. من قيادة اللئيم
من قيادة الفاسق الفاجر
هكذا لا يكتفي الباطل إلا أن يشرب الدماء ويمتص العروق
إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا
هكذا يريد الباطل
وأقدم أحدهم على الرأس الشريف ليقطعها فارتجفت يداه ولم يقدر .. ورجع
رأس
أي رأس هذا !!!؟
رأس وضع في حجر المصطفى
رأس قبله المصطفى في فمه
رأس كان يتألق نورا ورحمة
رأس من !؟
رأس من هذه الذي تريدون أن تقطعوه
وتوافد القوم على الرأس ليفصلوها والقلوب ترتجف .. وعندئذ انبعث أشقاها رجل يسمى شمر بن ذي الجوشن
الله أعلم إن كان يهوديا أو كان كافرا .. لكنه وضع الشهادتين عنوانا زائفا
كالقبر حفته الزهور ***** وتحته عفن دفين
إذا بشمر يأتي على الرأس ويفصلها بسيفه لتحمل إلى ابن زياد في مدينة الكوفة وزينب بعينيها ترى ويداها عاجزتان
لكم الله يا آل بيت المصطفى
لكم الله
أول بيت قدم الضحايا
قدم حمزة يوم أحد .. وقدم جعفرا يوم مؤتة .. وقدم عليا في صلاة الفجر .. وقدم الحسين في كربلاء .. وقدم آل البيت الكرام في معركة كربلاء
لكم الله يا آل بيت المصطفى
فصل الرأس ولم يكتف القوم بهذا
إن اللذين فعلوا هذه الأفعال لا يمكن أن نحكم على قلوبهم إلا أنها كالحجارة .. أستغفر الله إنني أظلم الحجارة عندما أشبه هذه القلوب بها بل أشد قسوة
(( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ))...[البقرة : 74]
ولكن ماذا ؟
فصل الرأس وأسرت النساء .. وقعت زينب أسيرة مع بقية النساء والرأس محمول إلى قصر ابن زياد
رأس ابن بنت المصطفى محمول إلى قصر ابن زياد في الكوفة .. في الكوفة
إن بقصة الحسين مآسي .. هذه المآسي لا تشرحها العبارات
وأخذت زينب ومن معها إلى قصر ابن زياد يتقدمهم الرأس الشريف , فماذا عن الجسد ؟
هل تركوا الجسد هكذا ينام في ثرى كربلاء ؟
لا
لقد صدر الأمر من ابن زياد أن يداس الجسد الشريف بأقدام الخيالة
وجيء بالخيل .. وأخذت تروح وتغدو على هذا الجسد الشريف لكن هذا لا يؤثر لأن الجسد في مقعد صدق عند مليك مقتدر
(( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ . مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء . وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ . وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ . وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ . فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ . يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ . وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ . سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ . لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ . هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ )) ... [إبراهيم 42 - 52]
إن يوم كربلاء يوم لا ينسى مدى الدهر .. ديس الجسد كما يداس عرين الأسود من الثعالب
وأخذت زينب ومن معها من آل البيت أسيرة
مدارس آيات خلت من تلاوة ***** ومنزل وحي مقفر العرصات
بنات زياد في القصور مقيمة ***** وبنت رسول الله في الفلوات
وأدخل الرأس الشريف على اللئيم .. على ابن زياد .. ونظر ابن زياد إلى الرأس الشريف وقرأ : (( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ )) ... [الشورى : 30]
فرد عليه الطفل الصغير علي بن الحسن .. ابن أخ الحسين وقال له : كذبت يا فاجر (( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) ... [التغابن : 11]
وإذا بطاغية العراق ابن زياد يقول لزبانيته خذوه فاقتلوه
اقتلوا طفلا !!!!؟
اقتلوا طفلا يا فاجر !!!!!؟
إن الفسق لا يميز بين الصغار والكبار .. إنه الظلم إذا حل بأرض قوم
وإذا بزينب تهب كالأسد وتقول له : يا ابن زياد اقتلوني قبل أن تقتلوه فأنا لا أطيق أن أتحمل مصرع ابن أخي
اقتلوني قبله
وتقف زينب حاجزا حصينا بين الظالمين وبين ابن أخيها
فيعف ابن زياد
وتمر الرأس بالأمصار .. وما عاشت زينب بعد فجيعة الحسين إلا سنة واحدة قضتها في خلوة تعبد الله
قضتها صائمة قائمة حتى لقيت الله
أيها السادة الأعزاء كان يوم عاشوراء يوم نجاة ويوم تضحية وجهاد
إن الحسين رضي الله عنه بلغ من كرم أخلاقه أن جارية له دخلت ببعض عيدان الريحان فأهدتها إليه فقال لها الحسين : اذهبي فأنت حرة
فقال له الجالسون : يا ابن بنت المصطفى أتعتقها من أجل عود من الريحان ؟؟
فقال الحسين : إنني ذكرت قول الله تعالى :(( َإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا )) ...[النساء : 86]
فلم أجد أحسن من عود الريحان إلا عتقها
فتى
فتى كان عذب الروح لا من غضاضة ***** ولكن كبرا من أن يقال به كبر
فتى مات بين الطعن والضرب ميتة ***** تقوم مقام النصر لو فاته النصر
وما مات حتى مات موضع سيفه ***** من الطعن واعتلت عليه القنا السمر
تردى ثياب الموت حمرا فما دجى ***** لها الليل إلا وهي من سندس خضر
عليك سلام الله
عليك سلام الله يا حسين
عليك سلام الله وقفا فإنني ***** رأيت الكريم الحر ليس له عمر
فماذا حدث !
أما ابن زياد فقد أصيب بالصرع وكان يجري في الصحراء حتى مات وأكلته الكلاب العاوية
أما شمر الذي فصل الرأس عن الجسد فقبل أن يموت أصيب بمرض اسمه الاستسقاء .. يطلب الماء ليشرب لشدة العطش وبعد أن يشرب الإناء كله وبعد أن ينزله عن فمه يستغيث أنا عطشان فاسقوني
وأما اليزيد فقد مات مجنونا .. مات مجنونا ولم يعمر بعد الحسين إلا قليل
(( جَزَاء وِفَاقاً . إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباًً . وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً . وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً . فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً )) ...[النبأ : 26 - 30]
(( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ )) ...[إبراهيم : 42]
أما الحسين فهو في الفردوس الأعلى .. بطل الجهاد وبطل التضحية .. قام إلى إمام ظالم فأمره ونهاه .. فقتله
الحسين عقيدة وجهاد
الحسين اذا ذكرتموه فالتمسوا منه دروس الجهاد
لكن الأمة ابتليت في كل شيئ حتى في ذكرى المجاهدين .. حتى في ذكرى المجاهدين
يوم نحتفل بالحسين نحتفل به في مولده وقد اجتمع الصغار والكبار والرجال والنساء واللصوص والفسقة وتسفك دماء الأعراض ونأتي بألوان الفسق
هل هذا هو الحسين !!!؟
ناشدتكم بالله .. هل هذا هو الحسين !؟
لكن القوم أصيبوا بالإفلاس .. فتركوا الجواهر وأخذوا يجرون وراء القشور
لو قام الحسين الآن من مضجعه لحزن الحزن الشديد على حال المسلمين .. وقوم يختلفون على رأس الحسين
هل رأسه في مصر ؟
هل رأسه في الشام ؟
هل رأسه في بيت المقدس ؟
هل رأسه في العراق ؟
هل رأسه في البقيع ؟
وتقوم الدنيا ولا تقعد وماذا يعنيك من هذا السؤال ؟
هل عملت بعمل الحسين وأهل بيته ؟
هل اقتديت بالحسين وآل بيته
لا تختلفوا على الرأس وإنما اتحدوا على محبة الحسين
لا تختلفوا فإنما من كان قبلكم قد اختلفوا فهلكوا .. قبل أن نسأل هذا السؤال , هل نحن سرنا وراء الحسين في جهاده ؟
هل نحن أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر ؟
هل نحن سرنا وراء ذكريات الحسين وأهل بيته ؟ هل ربينا أولادنا على الجهاد ؟
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسد الإسلام الجزائري
: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل
ضوابط المشاركة
المفضلات