هذا رد الاستاذ و العلامة السيف البتار من منتدايات اتباع المرسلين:
الــــــــــــرد
هذه الحروف حروف مقطعة .. ومعنى مقطعة أن كل حرف ينطق بمفرده .
لأن الحروف لها أسماء ولها مسميات
فالناس حين يتكلمون ينطقون بمسمى الحروف وليس باسمه .. فعندما تقول( كتب) تنطق بمسميات الحروف . فإذا أردت أن تنطق بأسمائها تقول كاف وتاء وباء .. ولا يمكن أن ينطق بأسماء الحروف إلا من تعلم ودرس ، وأما ذلك الذي لم يتعلم فقد ينطق بمسميات الحروف ولكنه لا ينطق بأسمائها ، ولعل هذه أول ما يلفتنا .
فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ولذلك لم يكن يعرف شيئاً عن أسماء الحروف .
فإذا جاء ونطق بأسماء الحروف يكون هذا إعجاز من الله سبحانه وتعالى .. بأن القرآن موحى به إلى محمد صلى الله عليه وسلم .. ولو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم درس وتعلم لكان شيئاً عادياً أن ينطق بأسماء الحروف .
ولكن تعال إلى أي أمي لم يتعلم .. إنه يستطيع أن ينطق بمسميات الحروف .. فيقول ... الكتاب وكوب وغير ذلك .. فإذا طلبت منه أن ينطق بأسماء الحروف فإنه لا يستطيع أن يقول لك .
إن كلمة (كتاب) مكونة من الكاف والتاء والألف والباء .. وتكون هذه الحروف دالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاغ عن ربه .. وأن هذا القرآن موحى به من الله سبحانه وتعالى .
ونجد في فواتح السور التي تبدأ بأسماء الحروف . تنطق الحروف بأسمائها وتجد الكلمة نفسها في آية أخرى تنطق بمسياتها . فــ { ألم } في أول سورة البقرة نطقتها بأسماء الحروف ألف لام ميم .
بينما تنطقها بمسميات الحروف في شرح السورة في قوله تعالى :
الشَّرْح
آية رقم : 1
قرآن كريم
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
الفِيل
آية رقم : 1
قرآن كريم
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفِيلِ
ما الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ينطق { ألم } في سورة البقرة بأسماء الحروف ... وينطقها في سورتي الشرح والفيل بمسميات الحروف .
لا بد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعها من جبريل عليه السلام الذي تلاها عليه كما سمعها من ربِّ العزة جلَّ جلاله .
إذن فالقرآن أصله السماع .. لا يجوز أن تقرأه إلا بعد أن تسمعه . لتعرف أن هذه تُقرأ { ألف لام ميم } والثانية تقرأ { ألم } .. مع أن الكتابة واحدة في الاثنين ...
ولذلك لا بد أن تسمع فقيه يقرأ القرآن قبل أن تتلوه .. والذي يتعب الناس أنهم لم يجلسوا إلى فقيه ولا استمعوا إلى قارئ .. ثم بعد ذلك يريدون أن يقرأوا القرآن كأي كتاب . نقول .. لا
القرآن له تميز خاص .. إنه ليس كأي كتاب تقرؤه .. لأنه مرة يأتي باسم حرف ، ومرة يأتي بمسميات الحرف ، وأنت لا يمكن أن تعرف هذا إلا إذا استمعت لقارئ يقرأ القرآن .
وهناك سور في القرآن بدأت بحرف واحد مثل قوله تعالى :
ص
آية رقم : 1
قرآن كريم
ص وَالقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ
القَلَمُ
آية رقم : 1
قرآن كريم
ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
ونلاحظ أن الحرف ليس آية مستقلة ، بينما { ألم } في سورة البقرة آية مستقلة ، و { حم } ، و { عسق } آية مستقلة مع أنها حروف مقطعة ، وهناك سور تبدأ بآية من خمس حروف مثل { كهيعص } في سورة مريم .. وهناك سور تبدأ بأربعة حروف ، مثل { ألمص } في سورة الأعراف ، وهناك سور تبدأ بأربعة حروف وهي ليست آية مستقلة مثل { ألمر } في سورة الرعد متصلة بما بعدها .. بينما تجد سورة تبدأ بحرفين هما آية مستقلة مثل { يس } في سورة يس ، و { حم } في سورة غافر وفصلت .. و { طس } في سورة النمل ، وكلها ليست موصولة بالآية التي بعدها ,, وهذا يدلنا على أن الحروف في فواتح السور لا تسير على قاعدة محددة .
{ ألم } مكونة من ثلاث حروف تجدها في ست سور مستقلة .. فهي آية في سورة البقرة وآل عمران والعنكبوت والروم والسجدة ولقمان .
{ ألر } مكونة من ثلاث حروف ولكنها ليست آية مستقلة ، بل جزء من الآية في أربع سور هي : يونس ويوسف وهود وإبراهيم
{ ألمص} مكونة من أربعة حروف وهي آية مستقلة في سورة الأعراف
{ المر } أربعة حروف ، ولكنها ليست آية مستقلة في سورة الرعد
إذن فالمسألة ليست قانوناً يعمم ، ولكنها خصوصية في كل حرف من الحروف .
وإذا سأل أحد ما هو معنى هذه الحروف ؟ نقول له :
أن السؤال في أصله خطأ .. لأن الحروف لا يسأل عن معناها في اللغة إلا إن كان حرف معنى ...
والحروف نوعان :
أولاً : حرف مَبْـنَى : فهو حرف لا معنى له إلا للدلالة على الصوت فقط
ثانياً : حرف معنى : فهو مثل ... { في .. من .. على .. (في) تدل على الظرفية ... و(من) تدل على الأبتداء .. و(إلى) تدل على الاستعلاء .. فهذه كلها حروف معنى .
وإذا كانت الحروف في أوائل السور في القرآن قد خرجت من قاعدة الوصل لأنها مبنية على السكون .. فلا بد أن يكون لذلك حكمة .
فالكلام وسيلة إفهام وفهم بين المتكلم والسامع ، فالمتكلم هو الذي بيده البداية ، والسامع يفاجأ بالكلام لأنه لا يعلم مقدماً ماذا سيقول المتكلم ,, وقد يكون ذهن السامع مشغولاً بشيء آخر .. فلا يستوعب أول الكلمات .. ولذلك قد تنبهه بحروف أو بأصوات لا مهمة لها إلا التنبيه للكلام الذي سيأتي بعدها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حَسَنةٌ والحَسَنَةُ بعَسْر أمثالها ، لا أقول ( ألم ) حرف ، ولكن ألفٌ حرف ولام حرف وميم حرف .. رواه الترمذي في باب فضائل القرآن
ولذلك ذكرت في القرآن كحروف استقلالية لنعرف ونحن نتعبد بتلاوة القرآن الكريم أننا نأخذ حسنة على كل حرف .
وقد يضع الله سبحانه وتعالى من أسراره في هذه الحروف التي لا نفهمها ثواباً لا نعرفه ويريدنا بقراءتها أن نحصل على هذا الأجر
والحياة تقتضي منا في بعض الأحيان أن نضع كلمات لا معنى لها بالنسبة لغيرنا .. وإن كانت تمثل أشياء ضرورية بالنسبة لنا .. تماماً ككلمة السر التي تستخدمها الجيوش .. فلا معنى لها إذا سمعتها .. ولكن بالنسبة لمن وضعها يكون ثمنها الحياة أو الموت ... فخذ كلمات الله التي تفهمها بمعانيها .. وخذ الحروف التي لا تفهمها بمرادات الله فيها .
ومثلاً : نجد في القرآن الكريم { بسم الله الرحمن الرحيم } وكذا { أقرأ باسم ربك الذي خلق } فنجد أن (بسم) و ( باسم) ...
فلو كانت المسألة رتابة في كتابة القرآن لجاءت كلها على نظام واحد ... ولكنها جاءت بهذه الطريقة لتكون كتابة القرآن معجزة وألفاظه معجزة .
ونقول للسادة أصحاب العقول الذكية التي أضلتها ذكائها .. ياسادة : القرآن نزل على أمة عربية فيها المؤمن والكافر .. ومع ذلك لم نسمع ولم يدون التاريخ أن أحداً منهم طعن في هذه الحروف التي بدأت بها السور .. وهذا دليل ثابت على انهم فهموها بملكاتهم العربية .. ولو أنهم لم يفهموها لطعنوا فيها .
ونقول لكل من يدعي أن لهذه الحروف معاني وجعلها اختصار لكلمات .. نقول له : لو أن الله أراد ذلك فما المانع من أن يوردها بشكل مباشر لنفهمه جميعاً .. فلا بد أن نعرف جميعاً أن للبصر حدود .. وللأذن حدود .. وللمس والشم والتذوق حدود ، وكذلك للعقل حدود يتسع لها في المعرفة .. وحدود فوق قدرات العقل لا يصل إليها .
وفي الإيمان هناك ما يمكن فهمه وما لا يمكن فهمه .. فتحريم أكل لحم الخنزير أو شرب الخمر لا ننتظر حتى نعرف حكمته لنمتنع عنه .. ولكننا نمتنع عنه بإيمان أنه مادام الله قد حرمه فقد أصبح حراماً .
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما عرفتم من محكمه فأعملوا به ، وما لم تدركوا فآمنوا به .... الطبقات الكبرى لابن سعد
:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ
إذن فعدم فهمنا للمتشابه لا يمنع أن نستفيد من سر وضعه الله في كتابه .. ونحن نستفيد من أسرار الله في كتابه فهمناها أم لم نفهمها .
والسؤال عن سر الحروف المقطعة لفواتح السور هو سؤال خطأ .. لأنها حروف
المفضلات