تكلم الشيخ الدكتور أحمد الكبيسي في هذه الحلقة عن المتشابهات في هذه الآية التي يخاطب الله بها رسوله:
مرة يقول لرسوله الكريم :(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ثم وراءها يقول له في الزمر :(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴿11﴾ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿12﴾) أدخل (لأن) هذه جديدة غير الآيات الأخرى (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) وهذه هي أقوى الدلالات التي تترأس جميع الآيات الأخرى كما سنشرحه بعد قليل.
ثم في الأنعام (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿162﴾ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴿163﴾) هنا أول المسلمين،
وفي يونس :(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿104﴾) هذه المرة (من المؤمنين) وهذه أيضاً تعطي حلقة أو مرحلة من مراحل هذا النمو الكريم.
طبعاً لا يمكن أن نصل إلى الفروق بين هذه الاختلافات اليسيرة بين كل آية وآية من حيث كونه متشابهاً ويحتمل أكثر من معنى، فما سأقوله واحد من المعاني ، فلنعلم من الآن أن المتشابه يحتمل مائة رأي ورأي وإلى يوم القيامة سوف يبقى المتشابه يعطي عطاءً جديداً... الكلمة القرآنية في المتشابه تعطي عطاءً جديداً في كل جيل ولهذا أنت في كل جيل تكتشف أن هنالك معنى وسر من الأسرار .
ولهذا المفسرون كل واحد جاء برأي الذي يقرأها يقول لك قال فلان كذا وقال فلان كذا كأنهم خلافات وهي ليست خلافات وإنما إضافات، هذا الرأي يضاف إلى الرأي الثاني فالآية فيها معنيان جاء رأي ثالث فأصبح ثلاثة ثم أربعة وخمسة وستة تتصاعد، أي يتصاعد الفهم على وفق ما للقارئ من أرضية ثقافية من عصره ...من زمانه ...من مكتشفاته ، وكل قارئٍ في عصره بناءاً على واقعه يفهم فهماً خاصاً لكي يأتي الذي بعده يضيف على هذا الفهم فهماً آخر.
هذا في المتشابه وما من رأي يلغي الرأي الآخر. في المُحكم قد يلغي فهنالك خلاف بين الفقهاء هذا يجوز وهذا حلال وهذا حرام، هذا إلغاء للآخر لأن هذه قضية أحكام إذاً كل ما نقوله هنا واحد من الإجتهادات تضيفه ما لم تثبت بأن هذا خطأ مائة بالمائة وهذا في المتشابه لا يكون أبداً.
لكي نعرف ما الفرق بين هذه الآيات لماذا (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) (لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) لا بد أن نعرف العلاقة، الطريق إلى الله .... ما هي مراحل الوصول إلى الله؟
كلنا في الطريق إلى الله ولكن الطريق إلى الله يختلف المسافرون فيه من حيث قوتهم وشجاعتهم ووسائل سفرهم في ناس تركب حمار في ناس تركب جمل في ناس تركب سيارة وقد تركب طيارة تصل في يومين وفي ناس يذهبون مشياً الكل سيصل لكن متفاوتون في الوصول .
ما هي المراحل التي ينبغي على المسلم أن يسير فيها لكي يصل في النهاية
إلى الله عز وجل؟
هذه المراحل هي الإسلام القولي أولاً، الإيمان العام ثانياً، الإيمان الخاص ثالثاً، التقوى رابعاً، الإسلام المطلق خامساً ، وهنا لاحظ أن الطريق إلى الله يبدأ بالإسلام وينتهي بالإسلام بدايته إسلام ونهايته إسلام.
البداية إسلام بالقول قل لا إله إلا الله (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ﴿14﴾ الحجرات) يعني قلت لا إله إلا الله (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) حينئذٍ الإسلام الطريق الأول الابتدائي الذي يبدأ المسلم طريقه فيه إلى الله بشكلٍ صحيح هو الإسلام سواء كنت مسيحياً أو يهودياً أو نصرانياً أو صابئياً.
الإسلام أولاً يعني أن تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هذا عنوان الدخول إلى الطريق إلى الله، إلى الطريق الصحيح إلى الله إذا قلت هناك إله آخر، هناك بديل يقرب إلى الله زلفى أنت لست مسلماً وأنت خاطئ ولن تصل وليس هذا طريقك. من أجل هذا الطريق الأول أن تسلم بلفظك بقولك أنا أؤمن بأن الله واحد لا شريك له وهذا لا يحاسب على ما في قلبه وعلى فعله بل يحاسب على لسانه (إذا قالوها عصموا مني) إذا قال الإنسان لا إله إلا الله حينئذٍ هذا الرجل أعلن أنه موحدٌ لله عز وجل ولا يعبد إلهاً غير الله وهذه هي القضية المركزية لهذا الكون كله.
ما من نبيٍ إلا أنزل الله قل لقومك أن يعبدوا الله وحده لا شريك له هكذا هذه البداية ولا يوجد بداية غيرها. لا إله إلا الله مصدقاً بها قلبك نحن لا يعنينا أن يكون قلبك مصدقاً فيها هذه (مصدقاً بها قلبك) يوم القيامة نحن فقط إذا قلتها بلسانك أيّ واحد يقول لا إله إلا الله قد عصم دمه ونفسه وماله وأخذ كل الحقوق وأصبح واحداً من الأمة فقط بأن يقول قول (إذا قالوها) من أجل هذا (قل لا إله إلا الله) هذا هو المفتاح للطريق كله هذا هو الإسلام الأول الإسلام اللفظي أو الإسلام القولي.
المفضلات