ويمكننا أن نستخلص قاسماً مشتركاً آخر موجود بين هؤلاء ألا وهو عبادة غير الله والخروج على أوامر الله،بل إن الشيوعيين رغم ادعائهم بأنه "لا إله في الوجود"فهم يذهبون للحج والسجود والركوع أسوة بالقبوريين من الرافضة وغيرهم عند ضريح خنزيرهم لينين الذي نسأل الله أن يجحمه فيه إلى يوم الدين.
والآن كيف عالج الإسلام هذه قضية المظلومية؟
أولاً:وضع لها الوقاية والحمية،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الموجود في صحيح البخاري:" ليس منا من لطم الخدود ، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية"
وإليكم هذه الرواية الموجودة في كتب الرافضة:" قال الصادق عليه السلام (( من ضرب يده علي فخذه عند المصيبة حبط عمله )) الكافي 3\225 ذكرى الشيعة 71 الوسائل 2\ 914والكافي وحده بمثابة صحيح البخاري عندنا ولا تشبيه،وسبب تسميته بالكافي هو أنه على حد زعمهم عرض على المهدي فقال عنه كما في رواياتهم:"هذا الكتاب كافٍ لشيعتنا"
يعني كل هؤلاء الذين ذكرناهم سابقاً يفعلون أفعال الجاهلية على أقل تقدير وبشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فيهم العلمانيون وإن اشتقت العلمانية من العلم فهي جاهلية،وهنا أذكر دليلاً على ذلك من كلام الحشرة القذرة التي تسمى بنوال السعداوي،فهي ممن قال بأن الحجاب عادة جاهلية،والرد عليها أمر سهل للغاية،فالناس في الجاهلية كانوا يحجون حول الكعبة عراة كما هو مذكور في كتب التاريخ،وسبب حجهم هو أن إبليس قبحه الله لبّس عليهم بقوله:"أتحجون بالملابس التي عصيتم الله بها؟!"واليوم اختلف التلبيس والنتيجة واحدة،وأما قول نوال وغيرها بأن الحجاب أو حتى النقاب من مظاهر الفقر فالرد سهل أيضاً،قال الله تعالى:" الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"ولأي شخص لديه أدنى ذرة عقل أن يتخيل مجتمعاً يخلع نساؤه الحجاب،ومجتمعاً آخر يلتزم شرع الله،ولينظر أي المجتمعين سيندفع إلى الفواحش اندفاعاً بهيمياً والواقع يشهد بذلك وانحلال الغرب شاهد أمامنا،وكل ما أردنا قوله هو أن نوال وأمثالها غرقوا في الجاهلية وعبادة الشيطان ولا يسعنا إلا أن نسأل الله الهداية لنا وللعلمانيين الجهلانيين.
نأتي الآن إلى الدواء والعلاج الذي وضعه الوحي المنزل ،تدبروا معي هذا الحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يودع البلد التي عاش فيها 53 سنة:
"والله إني أعلم أنك خير أرض الله وأحبها إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت" .
الراوي: أبو هريرة و عبدالله بن عدي بن الحمراء المحدث: ابن عبدالبر - المصدر: التمهيد - الصفحة أو الرقم: 2/288
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فلقد أقر الإسلام المشاعر الإنسانية والحزن ولم ينكرها،لكن هو عاب أمراً آخر نراه هنا:"أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف حتى أتى به النخل ، فإذا هو بإبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم في حجر أمه ، وهو يجود بنفسه ، فذرفت عيناه صلى الله عليه وسلم ، فبكى ، فقال له عبد الرحمن : يا رسول الله تبكي ، ألم تنه عن البكاء ؟ ! فقال : إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ولعب ، ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة خمش وجوه ، وشق جيوب ، ورنة الشيطان ، وهذه رحمة ، ومن لا يرحم لا يرحم ، يا إبراهيم لولا أنه قول حق ، ووعد صادق ، وسبيل مأتية ، وأن آخرنا يلحق بأولنا لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا ، وإنا بك لمحزونون ، تبكي العين ، ويوجل القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب"
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البغوي - المصدر: شرح السنة - الصفحة أو الرقم: 3/286
خلاصة حكم المحدث: حسن
الآن هو قادم من هذا البلد،ونعلم من سيرته العطرة ما لقيه خلال 13 سنة فضلاً عن أنه يتيم لم يعرف أباه ولا أمه ،لقد وصل إلى المدينة المنورة التي يقول الله تعالى عنها:" وكأين من قرية هى أشد قوة من قريتك التي أخرجتك"ولو راجعنا سبب نزول هذه الآية لوجدناها الرواية الأولى التي ذكرناها قبل قليل ألا وهي:"والله إني أعلم أنك خير أرض الله وأحبها إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت"المهم أنه وصل إلى قرية فيها قبيلتي الأوس والخزرج،القبيلتان المعروفتان بشدة بأسهما في الحرب نتيجة للفتن التي كان يثيرها اليهود،ماذا سيفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فور وصوله؟
تعالوا بنا ننهل من معين مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال فور وصوله:"يا أيها الناس أفشوا السلام بينكم و أطعموا الطعام و صلواالأرحام و صلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام "
الراوي: عبدالله بن سلام المحدث: ابن حجر العسقلاني -
المصدر: الفتوحات الربانية - الصفحة أو الرقم: 5/278
خلاصة حكم المحدث: حسن
وتدبروا ما قاله الراوي عبد الله بن سلام رضي الله عنه قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال:" لما رأيتُ وجهه علمتُ أنّ وجهه ليس بوجهٍ كذّاب"يعني لن يقوم الحق والعدل ولن تنعم البشرية وبالراحة إلا بالصدق لا بالكذب وإن تسمى بالتقية.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفشوا السلام بينكم"أي أن الإنسانية لن تنعم بالحضارة والتقدم إلا بالأمن و السلام وحفظ الدماء والأموال والأعراض.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"أطعموا الطعام"ولم يقل طعامكم وأراضيكم ليست لكم بل هي للفقراء والفلاحين،بل أطعموا الطعام حتى تفشوا المودة بينكم وينكسر الحاجز بين الأغنياء والفقراء دون التعدي على ملكية الغير.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا الأرحام"يعني تعزيز وتمتين وتمكين الروابط الأسرية.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"صلوا بالليل والناس نيام"يعني كل ما سبق على صعيد الحياة الدنيا ولا تنسوا بأنكم بحاجة للروحانيات والتثبيت من رب البريات فاستعينوا بقيام الليل والتضرع إلى الله وحده لا شريك له.
وأما مكافأة من يقوم بكل هذه الأعمال فهي:"تدخلوا الجنة بسلام"والراوي عبد الله بن سلام رضي الله عنه وأرضاه كان وقتها حبراً يهودياً كما هو معروف،لما سئم من كذب قومه وتدليسهم وعرف أن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس بالكذاب،ولما سمع هذه العبارات التي أجزم والله أعلم بأنه فهمها كما فهمناها الآن،دخل في الإسلام وربحنا صحابياً جليلاً ولله الحمد من قبل ومن بعد.
هذا هو نبينا عليه الصلاة والسلام،لم يشق جيباً ولم يلطم وجهاً وحاشاه،لم يأمر بسب ولعن أبي جهل وأبي لهب على المنابر،لكنه قال عبارة واحدة هي ومضة نور من مشكاة نبوته صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وأمهات المؤمنين،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،وسلم تسليماً كثيراً.
وما كان من صواب وسداد وتوفيق فبفضل من الله وحده لا شريك له،وما كان من خطأ أو تقصير أو نسيان فمني ومن الشيطان،والله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه براء
وجزاكم الله خيراً على المتابعة الطيبة وحياكم الله.
المفضلات