مذهب السلف أسلم , ومذهب الخلف أعلم وأحكم
, قال الباجوري في حاشيته على " جوهرة التوحيد :
[وطريقة الخلف أعلم وأحكم ، لما فيها من مزيد الإيضاح ، والرد على الخصوم ، وهي الأرجح ، ولذلك قدمها ا
ا لمصنف ، وطريقة السلف أسلم لما فيها من السلامة من تعيين معنى قد يكون غير مراد له تعالى !] فالسبب مزيد الإيضاح , نظرا لما جد وطرأ على المسلمين من المقالات التى لم تكن فى أيام الصحابة رضوان الله عليهم , وترى هؤلاء يبحثون عن كل كلمة قالها أحد لإبطال هذه المقولة , حتى ولو كانت هذه الكلمة مجانبة للصواب ,
-ولمزيد من توضيح هذه الكلمة فى الجوهرة يقول الشيخ الدكتور نوح علي سلمان القضاه, في كتاب المختصر المفيد في شرح جوهرة التوحيد:
...[ وخلاصة القول : ان السلف والخلف متفقون على تنزيه الله تعالى عن المشابهة لخلقه , لكن السلف يرون التنزيه مع تفويض المعنى المراد من الايات ( التي توهم التشبيه ) الى الله تعالى , والخلف يرون ان التنزيه يقتضي حمل الايات التي توهم التشبيه على معنىً لا تشبيه فيه , ولنا ان ناخذ بمذهب السلف ولنا ان ناخذ بمذهب الخلف , لكن قالوا : مذهب السلف اسلم ومذهب الخلف احكم , ووجه السلامة في مذهب السلف انك اذا عينت معنى للاية - كما هو مذهب الخلف - قد تكون مخطئا , لانه معنى غير قطعي وبهذا تعرض نفسك للمسؤولية امام الله تعالى , ووجه الاحكام في مذهب الخلف انه اقوى في الرد على اصحاب الزيغ الذين يريدون اثارة الفتنة من البحث في المتشابه ليؤيدوا مذاهبهم ...... والكل يريد التنزيه فلا داعي لاثارة الخلاف والعداوة بين المسلمين وهم يواجهون الملاحدة والجاحدين , ويجب الاهتمام بالمعنى الذي سيق من اجله النص والعمل بموجبه فقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ينزل ربنا كل ليلة الى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الاخير ويقول : من يدعوني فاستجيب له , من يسالني فاعطيه , من يستغفرني فاغفر له ) متفق عليه , المراد بالحديث الحث على الاستيقاظ في الثلث الاخير من الليل واشتغال بالدعاء والاستغفار كما قال الله تعالى [ وبالاسحار هم يستغفرون ] فالاشتغال بمعنى النزول مع الغفلة عن قيام هذه الساعات المباركة انحراف عن التوجيه النبوي وطلب للفتنة . وهكذا فليتفطن المؤمن لما يبعثه على العمل الصالح لا لما يفتح باب الجدل .]
ومن حسب أنّ المذهبين أى مذهب السلف ومذهب الخلف ( الأسلم والأحكم )متناقضان فواهم، ولا يفقه شيئا , ولم يقل أحد بذلك من العلماء الراسخين , بل هما متكاملان، ومؤدّاهما واحد.
- وأصل هذه الأقوال والإتهامات للأشاعرة عموما أو من يقول بهذه المقولة , أصل هذه الإتهامات كلام ابن تيمية , وهم على خطاه سائرون , بلا عقل ولا تفكير , ولا تمحيص حتى لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ,
يقول ابن تيمية فى مجموع الفتاوى ج4 ص 156 وما بعدها [ أليس هذا صريحا أن السلف كانوا ضالين عن التوحيد والتنزيه وعلمه المتأخرون ؟ وهذا فاسد بضرورة العلم الصحيح والدين المتين , وأيضا فقد ينصر المتكلمون أقوال السلف تارة , وأقوال المتكلمين تارة , كما يفعله غير واحد مثل أبى المعالى الجوينى وأبى حامد الغزالى والرازى وغيرهم ,ولازم المذهب الذى ينصرونه تارة أنه هو المعتمد ,فلا يثبتون على دين واحد ,وتغلب عليهم الشكوك , وهذا عادة الله فيمن أعرض عن الكتاب والسنة ] –لاحظ قوله [ فلا يثبتون على دين واحد ] ما معنى هذا القول ؟ الجوينى والغزالى والرازى وغيرهم ينتقلون من دين الى دين , أليس هذا كفرا صريحا أن ينتقلوا من دين الى دين ؟ أليس هذا تكفيرا منه لهم ؟
- ولاحظ قوله [ وهذا عادة الله فيمن أعرض عن الكتاب والسنة ] هل أعرضوا أيضا عن الكتاب والسنة ؟ ما كل هذه الإتهامات ؟ وما كل هذا الحقد ؟
-ثم يقول [وتارة يجعلون إخوانهم المتأخرين أحذق وأعلم من السلف ويقولون طريقة السلف أسلم وطريقة هؤلاء أعلم وأحكم فيصفون إخوانهم بالفضيلة في العلم والبيان والتحقيق والعرفان والسلف بالنقص في ذلك والتقصير فيه أو الخطأ والجهل وغايتهم عندهم أن يقيموا أعذارهم في التقصير والتفريط .
ولا ريب أن هذا شعبة من الرفض فإنه وإن لم يكن تكفيرا للسلف كما يقوله من يقوله من الرافضة والخوارج ولا تفسيقا لهم كما يقوله من يقوله من المعتزلة والزيدية وغيرهم كان تجهيلا لهم وتخطئة وتضليلا ونسبة لهم إلى الذنوب والمعاصي , وإن لم يكن فسقا فزعما أن أهل القرون المفضولة في الشريعة أعلم وأفضل من أهل القرون الفاضلة .]-رفض وتجهيل وتفسيق وتضليل –ونسبة الى الذنوب والمعاصى ,
ونفس الكلمات يرددها أتباعه ومقدسوه الى الآن , ولذلك لا تجد أحدا منهم يتكلم كلمة واحدة فى العقيدة الا ويقول بكل فخر واعتزاز [ قال شيخ الاسلام ابن تيمية ] وكأنه نبى مرسل ,وهل نسب هذه الكلمات الى السلف أحد من الأشاعرة أو غيرهم من علماء المسلمين ؟ أم هى افتراضات والزامات من وهم ابن تيمية ؟
واليهم هذه الأدلة التى يجب مناقشتها والرد عليها بانصاف وتجرد ,
[ فرب مبلغ أوعى من سامع ]
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: ( ألا فليبلغ الشاهد الغائب فرب مُبَلغ أوعى من سامع )، وقال: ( رحم الله امرأً سمع مقالتي، فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ).
قال صاحب سبل السلام عند شرحه لحديث [ من أدرك من الصبح ركعة --]
{وأما قوله والسجدة إنما هي الركعة فهو محتمل أنه من كلام الراوي وليس بحجة وقولهم تفسير الراوي مقدم كلام أغلبي وإلا فحديث[ فرب مبلغ أوعى من سامع ]وفي لفظ[ أفقه] يدل على أنه يأتي بعد السلف من هو أفقه منهم }
-قال صاحب شرح رياض الصالحين [فرب مبلغ أوعى من سامع لأنه ربما يكون الإنسان يسمع الحديث ويبلغه ويكون المبلغ أوعى من السامع يعني أفقه وأفهم وأشد عملا من الإنسان الذي سمعه وأداه وهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم معلوم تجد مثلا من العلماء من هو راوية يروي الحديث يحفظه ويؤديه لكنه لا يعرف معناه فيبلغه إلى شخص آخر من العلماء يعرف المعنى ويفهمه ويستنتج من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أحكاما كثيرة فينفع الناس وقد سبق أن مثل الأول كمثل الأرض التي أمسكت الماء فروي الناس وارتووا لكنها لا تنبت وأما الأرض الرياض التي أنبتت هم الفقهاء الذين عرفوا الأحاديث وفقهوها واستنتجوا منها الأحكام الشرعية]
-قال صاحب فيض القدير [رحم الله امرءا سمع منا حديثا فوعاه ثم بلغه] أي أداه من غير زيادة ولا نقص فمن زاد أو نقص فهو مغير لا مبدل [من هو أوعى منه] أي أعظم تذكرا يقال وعى يعي عيا إذا حفظ كلاما بقلبه ودام على حفظه ولم ينسه زاد في رواية[ فرب مبلغ أوعى من سامع ]أي لما رزق من جودة الفهم وكمال العلم والمعرفة وخص مبلغ السنة بالدعاء بالرحمة لكونه سعى في إحياء السنة ونشر العلم وفيه وجوب تبليغ العلم وهو الميثاق المأخوذ على العلماء (لتبيننه للناس ولا تكتمونه) قال البعض : فيه أنه يجئ آخر الزمان من يفوق من قبله في الفهم ونازعه ابن جماعة.]
-قال ابن حجر فى فتح البارى –باب الخطبة أيام منى [والمبلغ بفتح اللام أي رب شخص بلغه كلامي فكان أحفظ له وأفهم لمعناه من الذي نقله له قال المهلب فيه أنه يأتي في آخر الزمان من يكون له من الفهم في العلم ما ليس لمن تقدمه إلا أن ذلك يكون في الأقل لأن رب موضوعة للتقليل قلت هي في الأصل كذلك إلا أنها استعملت في التكثير بحيث غلبت على الاستعمال الأول لكن يؤيد أن التقليل هنا مراد أنه وقع في رواية أخرى تقدمت في العلم بلفظ عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه وفي الحديث دلالة على جواز تحمل الحديث لمن لم يفهم معناه ولا فقهه إذا ضبط ما يحدث به ويجوز وصفه بكونه من أهل العلم بذلك وفي الحديث من الفوائد أيضا وجوب تبليغ العلم على الكفاية وقد يتعين في حق بعض الناس ]
-قَالَ - صلى الله عليه وسلم -:[ مَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ، أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلأ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِىَ قِيعَانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِى دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ - ]
قال النووى فى شرح مسلم [.فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر فيحيى بعد أن كان ميتا وينبت الكلأ فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها وكذا النوع الأول من الناس يبلغه الهدى , والعلم فيحفظه فيحيا قلبه ويعمل به ويعلمه غيره فينتفع وينفع والنوع الثاني من الأرض مالا تقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة وهي امساك الماء لغيرها فينتفع بها الناس والدواب وكذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة ولا رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني والأحكام وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم أهل للنفع والانتفاع فيأخذه منهم فينتفع به فهؤلاء نفعوا بما بلغهم والنوع الثالث من الأرض السباخ التي لا تنبت ونحوها فهي لا تنتفع بالماء ولا تمسكه لينتفع بها غيرها وكذا النوع الثالث من الناس ليست لهم قلوب حافظة ولا أفهام واعية فاذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ولا يحفظونه لنفع غيرهم والله أعلم ]
-ولم يخصص الرسول صلى الله عليه وسلم عصرا دون عصر ,
وهناك شروح كثيرة لهذا الحديث فى كتب السنة توضح المقصود
فهل من منصف ؟
المفضلات