أخي الكريم سأكتب لك رد سريع في عجالة نظراً لإصابتي بوعكة صحية هذه الأيام
بدايةً أقول أن الحوار بهذه الطريقة العشوائية لا أحبذّه فمشاركتك السابقة تضمنت نقولات لا علاقة لها بالموضوع و حيدة عن الإجابة المباشرة و كل هذا لا يعد مشجعاً للسير في حوار علمي منهجي .
على أي حال أبدأ التعليق سريعاً على مشاركتك السابقة محاولاً طرح الموضوع بطريقة أكثر تنظيماً أتمنى منك أن تساعدني في ضبطها في مشاركاتك القادمة لتعم الفائدة الجميع .
قولي السابق (( بغض النظر عن مصطلحات أهل الكلام التي تستخدمها فأنت هنا تعترف أن صفة الكلام صفة مختلفة عن صفة العلم و هو المطلوب ، أما كونهما يندرجان تحت قسم الحكم العقلي و ينتميان إلى صفات المعاني فهذا خارج عن نطاق السؤال فأنا لم أسألك عن هذا أصلاً و إن كنت أتمنى أن توضح لنا ماذا تقصد بالحكم العقلي هنا ؟؟؟ ))
تقول رداً عليه (( نعم هناك اختلاف ، فالله عز و جل يوصف بكونه عليما و بكونه متكلما باتفاق أهل العلم ، فصفة الكلام تتعلق بالنهي و الأمر و الخبر ، أما صفة العلم فتتعلق بجميع المعلومات ما كان منها واجبا و جائزا و مستحيلا ، فيعلمها الله على ما هي عليه من الحالات جليّها و خفيّها أو بعبارة أخرى إن علم الله يتعلق بالموجودات و المعدومات . و أما مجال الاشتراك بين الصفتين فكونهما يتعلقان بالمعلومات ، فالكلام الالهي يندرج ضمن الخبر سواء كان طلبيا أو خبريا غير أنه يتعلق بالموجود في حين يتعلق العلم بجميع الموجودات و المعدومات . أما كيف يندرجان ضمن الحكم العقلي ، فلكونهما يتعلقان بالمعلومات.))
جيد أنك اعترفت بأن صفة الكلام غير صفة العلم و عليه على أي أساس كنت تقول أن صفة الكلام من صفة العلم فترد الكلام إلى العلم ؟؟؟ بينما هنا نراك تقر أن كلا الصفتين تشتركان في التعلق أي تتعلقان بالواجب و الممكن و المستحيل .
في نهاية مشاركتي السابقة سألتك سؤال حول مسألة التعلق هذه و لكنك لغاية اللحظة لا تجيب و بالتالي أكرره لك مجدداً ليفهم المتابع المصطلحات الكلامية التي تستخدمها في توضيح فكرتك .
((لم تخبرنا ما معنى التعلق الذي تقصده ؟؟ ))
تقول عند تعليقك على تعريفي لصفة الكلام (( عندما نعرّف حد الشيء لا بد أن نخصصه بمعنى حتى لا يشكل علينا فيتداخل مع مفاهيم أخرى ، و هذا ما كنت أقصده ، أما كونه صفة لذات الله فلا يختلف حولها أحد من المسلمين . ))
أولاً : تعريفي كان شاملاً و ليست مشكلتي أنك تريد تعريف معين لصفة الكلام .
ثانياً : يبدو أنك نسيت المعتزلة و الجهمية الذين كانوا يقولون أن القرآن مخلوق و ينكرون الكلام صفة لذات الله .
تقول عند تعليقك على مسألة الحرف و الصوت (( لا خلاف في إثبات لفظ الكلام لله سبحانه ، أما معنى ذلك على وجه الحقيقة فهنا مدار الخلاف ، فلم يرد في القرآن و لا في الحديث النبوي بصريح العبارة أن الله يتكلم بصوت و حرف ، و كل ما هنالك ورود لفظ التكلم و لفظ القول و ما يمكن أن يترادف مع ذلك . أما حين نحملها على معنى المشافهة ، أي أن الله يتكلم بصوت و حرف ، فذلك تأويل لمتشابه لا يليق بذات الله ، لأنك ههنا تثبت معنى مشتركا بين الله و البشر ، و الله تعالى يقول :" ليس كمثله شيء " ، و يقول أيضا :" و لم يكن له كفؤا أحد " . فوجه الشبه ههنا في لفظ الكلام هو الصوت و الحرف ، فهل يعقل - يا أخي أبا جاسم - أن نثبت لله صفة للمخلوق أو أن نثبت للمخلوق صفة للخالق ، هذا مستحيل))
الزعم بأن كلام الله بحرف و صوت يستلزم التشبيه و اثبات معنى مشتركاً بين الله البشر و أن هذا اثبات يستلزم اثبات صفة الخالق للمخلوق زعم ٌباطل متهافت فهناك قاعدة جليلة تقول
(( الاشتراك في الأسماء و الصفات لا يلزم منه تماثل المسميات و الموصوفات )) و قد دل على هذه القاعدة الشرع و العقل فأنت يا أخي الشهاب سميع بصير و الله سبحانه سميع بصير فهل ننفي السمع و البصر عنه سبحانه لأننا اشتركنا معه في مسمّى السمع و البصر ؟؟؟ هل يقول بهذا عاقل ؟؟؟
أنت لديك قدرة و الله سبحانه لدية قدرة فهل مجرد الاشتراك في مسمّى القدرة يستلزم التماثل لتنفي الصفة الثابتة له سبحانه بالأدلة الصريحة ؟؟؟؟
أخي الكريم يجب أن تعلم أن لكل شئ عند الوصف ما يخصه فالله سبحانه نثبت له الصفات على الوجه اللائق بجلاله فصفاته تخصه و نثبت للإنسان صفاته على الوجه الذي يخصه و يليق به فمثلاً صفة الحياة للإنسان يسبقها العدم و يلحقها الفناء بينما حياة الله ليست كحياة المخلوقين و لا وجه للمقارنة هنا فحياته سبحانه لا يسبقها عدم و لا يلحقها فناء مع أن الله و البشر اشتركا في مسمى الحياة .
الخلاصة أن الاشتراك في مسمى الحرف و الصوت لا يستلزم التماثل الذي يذهب بنا إلى نفيهما .
أكمل لاحقاً إن شاء الله
المفضلات