559 " ما بلغ أن تؤدى زكاته , فزكي فليس بكنز " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 94 :
أخرجه أبو داود ( 1564 ) من طريق عتاب بن بشير عن ثابت ابن عجلان عن عطاء عن
# أم سلمة # قالت : " كنت ألبس أوضاحا من ذهب , فقلت : يا رسول الله أكنز هو ?
فقال ... " فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف , فيه ثلاث علل : الأولى : الانقطاع بين عطاء - و هو
ابن أبي رباح - و أم سلمة , فإنه لم يسمع منها كما قال أحمد و ابن المديني .
الثانية : ثابت بن عجلان فإنه مختلف فيه و قد أورده العقيلي في " الضعفاء "
( ص 63 ) و قال : " حدثنا عبد الله بن أحمد قال : سألت أبي عن ثابت بن عجلان ?
قال : كان يكون بالباب و الأبواب . قلت : هو ثقة ? فسكت كأنه حسن أمره " .
و قال الذهبي في " الميزان " : " وثقه ابن معين و قال أحمد : أنا متوقف فيه .
و قال أبو حاتم : صالح و ذكره ابن عدي ( ق 46 / 2 ) و ساق له ثلاثة أحاديث
غريبة . و ذكره العقيلي في " الضعفاء " و قال : " لا يتابع في حديثه " . فمما
أنكر عليه حديث عتاب بن بشير ... ( قلت : فذكره ) . قال الحافظ عبد الحق : ثابت
لا يحتج به , فناقشه على قوله أبو الحسن ابن القطان و قال : قول العقيلي أيضا
فيه تحامل عليه , فقال : إنما يمر ( ! ) بهذا من لا يعرف بالثقة مطلقا , فأما
من عرف بها فانفراده لا يضره إلا أن كثر ذلك منه . قلت : أما من عرف بأنه ثقة
فنعم و أما من وثق ( و ) مثل الإمام أحمد يتوقف فيه و سئل أبو حاتم ? فقال :
صالح الحديث فلا نرقيه إلى رتبة الثقة , فتفرد هذا يعد منكرا , فرجح قول
العقيلي و عبد الحق " .
قلت : هذا رأي الذهبي في الخلاف المذكور و خالفه الحافظ ابن حجر فانتصر لابن
القطان , فقال في " التهذيب " : " و صدق فإن مثل هذا لا يضره إلا مخالفة الثقات
لا غير , فيكون حديثه حينئذ شاذا " .
قلت : و أنا أرى أن الصواب مع الحافظ رحمه الله لأن توقف أحمد في ثابت ليس
مثلما لو كان ضعفه , فلو أنه ضعفه لم يضر فيه مع توثيق من وثقه لأنه جرح غير
مفسر , فهو غير معتبر فكيف و هو لم يصرح بتضعيفه و كأنه لهذا رمز السيوطي لحسنه
في " الجامع الصغير " و قال شارحه المناوي : " قال ابن عبد البر : في سنده مقال
قال الزين العراقي في " شرح الترمذي " : إسناده جيد رجاله رجال البخاري و فيه
ثابت ابن عجلان ... و قد أحسن المصنف حيث اقتصر على تحسينه قال ابن القطان :
و للحديث إسناد إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صحيح .
قلت : و قد صرفهم جميعا الاختلاف في ثابت عن الانتباه للعلة الحقيقية في
الإسناد ألا و هي الانقطاع .
الثالثة على أني أرى أنه لو ذهب ذاهب إلى إعلاله بعتاب بن بشير بدل ثابت بن
عجلان لم يكن قد أبعد عن الصواب , فإنه دونه في الثقة كما يتبين ذلك بالرجوع
إلى ترجمتيهما من " التهذيب " . و حسبك دليلا على ذلك قول الحافظ في عتاب :
" صدوق يخطىء " و في ثابت : " صدوق " !
و جملة القول أن هذا الإسناد ضعيف لانقطاعه و سوء حفظ عتاب . إلا أن المرفوع
منه يشهد له حديث خالد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال : " خرجت مع عبد الله بن
عمر فلحقه أعرابي فقال له : قول الله : *( و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا
ينفقونها في سبيل الله )* ? قال له ابن عمر : من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له
إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهورا للأموال . ثم
التفت , فقال : ما أبالي لو كان لي أحد ذهبا أعلم عدده و أزكيه و أعمل فيه
بطاعة الله عز وجل " . أخرجه ابن ماجه ( 1787 ) و البيهقي ( 4 / 82 ) من طريق
ابن شهاب حدثني خالد بن أسلم به . و علقه البخاري ( 3 / 250 ) مختصرا .
و إسناده صحيح . و هو و إن كان موقوفا فهو في حكم المرفوع لأنه في أسباب النزول
و ذلك لا يكون إلا بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم و حديث ابن عمر هذا هام
جدا في تفسير آية الإنفاق هذه فإن ظاهرها وجوب إنفاق جميع ما عند المسلم من
الذهب و الفضة و قد أخذ بهذا الظاهر بعض الأحزاب الإسلامية في العصر الحاضر
و لم يلتفتوا إلى هذا الحديث المبين للمراد منها و أنها كانت قبل فرض الزكاة
المطهرة للأموال , فلما نزلت قيدت الآية و بينت أن المقصود منها إنفاق الجزء
المفروض على الأموال من الزكاة
و على ذلك دلت سائر الأحاديث التي وردت في الترهيب من منع الزكاة و كذلك سيرة
السلف الصالح فإن من المقطوع به أن عثمان و عبد الرحمن بن عوف و غيرهما من
أغنياء الصحابة لم ينفقوا أموالهم كلها بل ماتوا و قد خلفوا لورثتهم أموالا
طائلة كما هو مذكور في كتب السيرة و التراجم .
و جملة القول أن الحديث بهذا الشاهد حسن أو صحيح . و الله أعلم .
و قد روى مالك ( 1 / 256 / 1 ) عن عبد الله بن دينار أنه قال : سمعت عبد الله
بن عمر و هو يسأل عن الكنز ما هو ? فقال : " هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة
" . و إسناده صحيح غاية .
المفضلات