401 - " إذا صمتم فاستاكوا بالغداة و لا تستاكوا بالعشي ، فإنه ليس من صائم تيبس
شفتاه بالعشي إلا كانت نورا بين عينيه يوم القيامة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 577 ) :
ضعيف .
أخرجه الطبراني ( 1 / 184 / 2 ) و الدارقطني ( ص 249 ) و عنه البيهقي ( 4 / 274
) من طريق كيسان أبي عمر القصار عن يزيد بن بلال عن علي موقوفا .
ثم أخرجوه من هذا الطريق عن عمرو بن عبد الرحمن عن خباب عن النبي صلى الله عليه
وسلم مثله ، و ضعفه الدارقطني و تبعه البيهقي فقالا :
كيسان أبو عمر ليس بالقوي ، و من بينه و بين علي غير معروف .
و أقرهما ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ( ق 69 / 2 ) .
و في " المجمع " ( 3 / 164 - 165 ) :
رواه الطبراني في الكبير ، و رفعه عن خباب و لم يرفعه عن علي و فيه كيسان
أبو عمر وثقه ابن حبان و ضعفه غيره .
و نقل المناوي في " الفيض " عن العراقي أنه قال في " شرح الترمذي " :
حديث ضعيف جدا ، و عن " تخريج الهداية " : فيه كيسان القعاب ، كذا ضعيف جدا ،
و قال ابن حجر : فيه كيسان ضعيف عندهم ، و أما قول العزيزي في " شرح الجامع
الصغير " ( 1 / 129 ) ، و هو حديث ضعيف منجبر ، فهو وهم منه إذ لا جابر له ،
و لم يدع ذلك غيره بل و قد روى ما يعارضه و هو :
(1/478)
________________________________________
402 - " كان يستاك آخر النهار و هو صائم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 578 ) :
باطل .
أخرجه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " عن أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني عن
شجاع بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا .
و أعله ابن حبان بابن ميسرة و قال : لا يحتج به ، و رفعه باطل ، و الصحيح عن
ابن عمر من فعله و أقره الزيلعي في " نصب الراية " ( 2 / 460 ) ، و يغني عن هذا
الحديث في مشروعية السواك للصائم في أي وقت شاء أول النهار أو آخره عموم قوله
صلى الله عليه وسلم : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " .
متفق عليه ، و هو مخرج في " الإرواء " ( رقم 70 ) و ما أحسن ما روى الطبراني (
20 / 70 / 133 ) و في " مسند الشاميين " ( 2250 ) بإسناد يحتمل التحسين عن عبد
الرحمن بن غنم قال :
سألت معاذ بن جبل أأتسوك و أنا صائم ؟ قال : نعم ، قلت : أي النهار أتسوك ؟ قال
: أي النهار شئت غدوة أو عشية ، قلت : إن الناس يكرهونه عشية و يقولون إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : " لخلوف الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ؟ "
فقال : سبحان الله لقد أمرهم بالسواك و هو يعلم أنه لا بد أن يكون بفي الصائم
خلوف و إن استاك ، و ما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا ، ما في ذلك
من الخير شيء ، بل فيه شر ، إلا من ابتلي ببلاء لا يجد منه بدا .
قلت : و الغبار في سبيل الله أيضا كذلك إنما يؤجر من اضطر إليه و لا يجد عنه
محيصا ؟ قال : نعم ، فأما من ألقى نفسه في البلاء عمدا فما له في ذلك من أجر .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 193 ) :
إسناده جيد ، ثم قال الزيلعي :
و يدخل فيه أيضا من تكلف الدوران ، و كثرة المشي إلى المساجد بالنسبة إلى قوله
صلى الله عليه وسلم : " و كثرة الخطا إلى المساجد " و من يصنع في طلوع الشيب في
شعره بالنسبه إلى قوله صلى الله عليه وسلم : " من شاب شيبة في الإسلام " إنما
يؤجر عليهما من بلى بهما .
(1/479)
________________________________________
403 - " نزل آدم الهند و استوحش ، فنزل جبريل فنادى بالأذان الله أكبر الله أكبر ،
أشهد أن لا إله إلا الله ، مرتين ، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين ، قال آدم :
من محمد ؟ قال : آخر ولدك من الأنبياء صلى الله عليه وسلم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 579 ) :
ضعيف .
رواه ابن عساكر ( 2 / 323 / 2 ) عن محمد بن عبد الله بن سليمان أخبرنا علي بن
بهرام الكوفي أخبرنا عبد الملك بن أبي كريمة عن عمرو بن قيس عن عطاء عن أبي
هريرة مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف علي بن بهرام لم أعرفه و قد ذكره الحافظ في الرواة عن
أبي كريمة هذا و سماه علي بن يزيد بن بهرام ، ثم وجدته في تاريخ بغداد و جعل
يزيد جده فقال ( 11 / 353 ) :
علي بن بهرام بن يزيد أبو حجية المزني العطار ، من أهل إفريقية انتقل إلى
العراق فسكنه إلى حين وفاته ، و حدث ببغداد عن عبد الملك بن أبي كريمة الأنصاري
روى عنه أحمد بن يحيى الأودي و موسى بن إسحاق الأنصاري و عليك الرازي و الحسن
ابن الطيب الشجاعي ، ثم ساق له حديثين و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
و محمد بن عبد الله بن سليمان هما اثنان أحدهما كوفي قال ابن منده : مجهول
و الآخر خراساني اتهمه الذهبي بحديث موضوع ، و الظاهر هنا أنه الأول ، و هذا
الحديث مع ضعفه أقوى من الحديث المتقدم بلفظ :
" لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال الله :
يا آدم و كيف عرفت محمدا و لم أخلقه بعد ؟ ... " الحديث رقم ( 25 ) و هو صريح
في أن آدم عليه السلام كان يعرف النبي صلى الله عليه وسلم و هو في الجنة قبل
هبوطه إلى الأرض ، و هذا صريح في أن آدم عليه السلام لم يعرف محمدا صلى الله
عليه وسلم حتى بعد نزوله إلى الأرض ، و لذلك سأل جبريل : و من محمد ؟ فهذا من
أدلة بطلان ذلك الحديث كما سبق بيانه عند تحقيق الكلام على وضعه فتذكر أو راجع
إن شئت ، و أنا لا أجيز لنفسي الاحتجاج بمثل هذا الحديث كما هو ظاهر و لكن
التحقيق العلمي يسمح برد الحديث الواهي بالحديث الضعيف ما دام ضعفه أقل منه كما
لا يخفى على من مارس هذا العلم الشريف .
(1/480)
________________________________________
404 - " نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 581 ) :
ضعيف .
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 7 / 425 ) و أبو داود ( 1 / 382 ) و ابن
ماجه ( 1 / 528 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 112 ) و العقيلي في
" الضعفاء " ( 106 ) و الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 38 / 2 ) و الحاكم ( 1
/ 434 ) و البيهقي ( 4 / 284 ) من طريق حوشب بن عقيل عن مهدي الهجري عن عكرمة
عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال الحاكم : صحيح على شرط البخاري و وافقه الذهبي
. قلت : و هذا من أوهامهما الفاحشة فإن حوشب بن عقيل و شيخه مهدي الهجري لم
يخرج لهما البخاري ، بل إن الهجري مجهول كما قال ابن حزم في " المحلى " ( 7 /
18 ) و أقره الذهبي في " الميزان " و ذكر عن أبي حاتم نحوه ، و في " التهذيب "
عن ابن معين مثله ، فأنى للحديث الصحة و فيه هذا الرجل المجهول ؟ و لذلك ضعف
هذا الحديث ابن حزم فقال : لا يحتج بمثله و كذلك ضعفه ابن القيم في " الزاد " (
1 / 16 و 237 ) .
و توثيق ابن حبان ( 7 / 501 ) إياه مما لا يعتد به كما نبهت عليه مرارا ، و كذا
تصحيح ابن خزيمة لحديثه لا يعتد به لأنه متساهل فيه ، و لذلك لم يعتمد الحافظ
على توثيقهما إياه فقال في ترجمة الهجري هذا مقبول يعني عند المتابعة ، و إلا
فهو لين الحديث ، و بما أنه تفرد بهذا الحديث فهو عنده لين .
فإن قيل قد روى الطبراني عن عائشة مثل هذا الحديث فهل يتقوى به ؟
قلت : لا لأن في إسناده إبراهيم بن محمد الأسلمي و هو ضعيف جدا ، فمثله لا
يتقوى به فقال الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 105 / 1 من زوائده ) : حدثنا
إبراهيم هو ابن ( بياض في الأصل ) حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن شروس حدثنا
إبراهيم بن محمد الأسلمي عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن عائشة مرفوعا به
و قال : لم يروه عن صفوان إلا إبراهيم .
قلت : و هو متروك كما قال الحافظ في " التقريب " و ابن شروس لم أعرفه ، ثم
رأيته في " الجرح و التعديل " ( 8 / 8 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا فهو
مجهول .
و أما ما في " المجمع " ( 3 / 189 ) : رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه محمد
بن أبي يحيى و فيه كلام كثير و قد وثق قلت : فالظاهر أنه سقط من قلم الناسخ اسم
إبراهيم بن فإنه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ، و قد كذبه مالك و
القطان و ابن معين و ضعفه الجمهور فمثله لا يستشهد به و لا كرامة .
و إبراهيم شيخ الطبراني الذي ترك الهيثمي بعده بياضا هو ابن محمد بن سبرة
الصنعاني ففي ترجمته أورده الطبراني في " أوسطه " ( 1 / 128 / 1 - 130 / 1 - 2
رقم 2513 ) ، أورده ابن ناصر الدين و غيره و لم يذكروا فيه شيئا .
نقول : هذا بيانا لحقيقة هذا الحديث و لكي لا يغتر به جاهل فيحرم به صيام يوم
عرفة على الحاج تمسكا بظاهر النهى ، و إلا فالأحب إلينا أن يفطر الحاج هذا
اليوم لأنه أقوى له على أداء النسك ، و لأنه هو الثابت عنه صلى الله عليه وسلم
من فعله في حجة الوداع ، انظر رسالتنا " حجة النبي صلى الله عليه وسلم " ،
و إليه يشير كلام أحمد رحمه الله فقد قال ابنه عبد الله في مسائله ( ص 166 -
مخطوط ) : سألت أبي عن الرجل يصوم تطوعا في السفر فهل يأثم لقول رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " ليس من البر الصوم في السفر " ؟ فقال : إن صام في سفر صوم
فريضة أجزأه و لا يعجبني أن يصوم تطوعا و لا فريضة في سفر :
ثم رأيت الحديث رواه الدولابي ( 1 / 133 ) عن ابن عمر موقوفا عليه و سنده حسن .
و روى ابن سعد ( 7 / 125 ) و أبو مسلم الكجي في " جزء الأنصاري " ( 6 / 1 ) عن
عمر نحوه ، و في سنده ضعيف .
(1/481)
________________________________________
405 - " من صلى الصبح ثم قرأ *( قل هو الله أحد )* مائة مرة قبل أن يتكلم ، فكلما قرأ
*( قل هو الله أحد )* غفر له ذنب سنة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 583 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني ( 22 / 96 / 232 ) و كذا الحاكم ( 3 / 570 ) و ابن عساكر ( 19 /
196 / 2 ) من طريق محمد بن عبد الرحمن القشيري حدثتني أسماء بنت واثلة بن
الأسقع قالت : كان أبي إذا صلى الصبح جلس مستقبل القبلة لا يتكلم حتى تطلع
الشمس فربما كلمته في الحاجة فلا يكلمني فقلت ما هذا ؟ فقال : فذكره .
قلت : سكت عليه الحاكم ، و بيض له الذهبي ، و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 /
109 ) بعد أن عزاه للطبراني : و فيه محمد بن عبد الرحمن القشيري و هو متروك .
قلت : بل هو كذاب كما قال الأزدي ، و قال ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 325 ) :
" سألت أبي عنه ؟ فقال : متروك الحديث ، كان يكذب و يفتعل الحديث .
(1/482)
________________________________________
406 - " من كبر تكبيرة عند غروب الشمس على ساحل البحر رافعا بها صوته أعطاه الله من
الأجر بعدد كل قطرة فى البحر عشر حسنات ، و محا عنه عشر سيئات ، و رفع له عشر
درجات ما بين درجتين مسيرة مائة عام بالفرس المسرع " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 584 ) :
موضوع .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 122 ) و أبو نعيم ( 3 / 125 ) و الحاكم ( 3 /
587 ) من طريق إبراهيم بن زكريا العبدسي حدثنا فديك بن سليمان قال : حدثنا
خليفة بن حميد عن إياس بن معاوية عن أبيه عن جده مرفوعا .
و قال أبو نعيم :
غريب من حديث إياس و لم يروه عنه إلا خليفة تفرد به عنه فديك .
و سكت عنه الحاكم و قال الذهبي في " تلخيصه " :
قلت : هذا منكر جدا ، و خليفة لا يدرى من هو ، و في إسناده إليه من يتهم .
قلت : يشير إلى العبدسي هذا قال فيه ابن عدي :
حدث بالبواطيل ، و قال ابن حبان : يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة .
و قال الذهبي في ترجمة خليفة هذا من الميزان :
فيه جهالة ، و خبره ساقط ، ثم ساق هذا الحديث من رواية العقيلي ، و نقل الحافظ
في " اللسان " : كلام الذهبي في " التلخيص " و أقره عليه ، و قد ذهل الهيثمي عن
المتهم المشار إليه في كلام الذهبي فاقتصر في إعلاله في " المجمع " ( 5 / 288 )
بكلام الذهبي المذكور في ترجمة خليفة ، و ذلك قصور لا يخفى .
ثم رأيت ابن عراق قد أورد الحديث في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار
الشنيعة الموضوعة " ( 288 / 2 ) فأصاب .
(1/483)
________________________________________
407 - " من كانت له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن و ضرائهن و سرائهن أدخله الله الجنة
بفضل رحمته إياهن ، فقال رجل : أو اثنتان يا رسول الله ؟ قال : أو اثنتان ،
فقال رجل : أو واحدة يا رسول الله ؟ قال : أو واحدة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 585 ) :
ضعيف بهذا اللفظ .
أخرجه الحاكم ( 4 / 177 ) و أحمد ( 2 / 335 ) من طريق ابن جريج عن أبي الزبير
عن عمر بن نبهان عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال الحاكم :
صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي و أقره المنذري في " الترغيب " ( 3 / 85 ) .
و أقول : كلا : فإن ابن جريج و أبا الزبير مدلسان و قد عنعناه ، و عمر بن نبهان
فيه جهالة كما قال الذهبي نفسه في " الميزان " فأنى له الصحة ؟ !
و يغني عن هذا حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا بلفظ :
" من كان له ثلاث بنات يؤويهن و يكفيهن و يرحمهن فقد وجبت له الجنة البتة ،
فقال رجل من بعض القوم : و اثنتين يا رسول الله ؟ قال : و اثنتين " .
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( ص 14 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 14
) من طريقين عن محمد بن المنكدر عنه ، فهذا إسناد صحيح .
(1/484)
________________________________________
408 - " أحب الأسماء إلى الله ما تعبد به " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 586 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 59 / 2 ) و " الأوسط " ( 1 / 40 / 1
/ 685 ) عن معلل بن نفيل الحراني عن محمد بن محصن عن سفيان عن منصور عن إبراهيم
عن علقمة عن ابن مسعود قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمي
الرجل عبده أو ولده حارثا أو مرة أو وليدا أو حكما أو أبا الحكم أو أفلح أو
نجيحا أو يسارا و قال : " أحب الأسماء إلى الله عز وجل ما تعبد به و أصدق
الأسماء همام " و السياق " للأوسط " و قال : لم يروه عن سفيان إلا محمد ، قال
الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 51 ) بعد أن عزاه للمعجمين و فيه محمد بن محصن
العكاشي و هو متروك .
قلت : بل هو كذاب كما قال ابن معين ، و قال الدارقطني يضع الحديث .
و الحديث ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الشيرازي في " الألقاب "
و الطبراني و أعله الشارح المناوي بكلام الهيثمي السابق ثم قال :
و قال في " الفتح " : في إسناده ضعف ، و لم يرمز له المؤلف هنا بشيء ، و وهم من
زعم أنه رمز له بالضعف و لكنه جزم بضعفه في الدرر " .
قلت : و الاقتصار على تضعيفه قصور مع كونه من رواية هذا الكذاب ، إلا أن يقال
أن الضعيف من أقسامه الموضوع كما تقرر في " المصطلح " فلا منافاة .
و انظر الحديث الآتي بعد حديثين .
(1/485)
________________________________________
409 - " من عشق و كتم و عف فمات فهو شهيد " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 587 ) :
موضوع .
رواه ابن حبان في " المجروحين " ( 1 / 349 ) و الخطيب في " تاريخه " ( 5 / 156
، 262 ، 6 / 50 - 51 ، 71 / 298 ، 13 /0 184 ) و الثعالبي في " حديثه ( 129 / 1
) و أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني "
( 281 / 2 ) و السلفي في " الطيوريات " ( 24 / 2 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق
" ( 12 / 263 / 2 ) و ابن الجوزي في " مشيخته " : الشيخ الثامن و السبعون من
طرق عن سويد بن سعيد الحدثاني حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد
عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف و له علتان :
الأولى : ضعف أبي يحيى القتات و اسمه زاذان و قيل غير ذلك ، قال الحافظ في
" التقريب " : لين الحديث .
الأخرى : ضعف سويد بن سعيد ، قال الحافظ : صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن
ما ليس من حديثه ، و أفحش فيه ابن معين القول .
قلت : و قد تكلم فيه ابن معين من أجل هذا الحديث كما يأتي ، و اتفق الأئمة
المتقدمون على تضعيف هذا الحديث ، فقال ابن الملقن في " الخلاصة " ( 54 / 2 ) :
و أعله الأئمة ، قال ابن عدي و الحاكم و البيهقي و ابن طاهر و غيرهم هو أحد ما
أنكر على سويد بن سعيد قال يحيى بن معين : لو كان لي فرس و رمح لكنت أغزوه .
و لهذا قال الحافظ ابن حجر في " بذل الماعون " ( 45 / 2 ) :
و في سنده مقال ، و ذهب بعض المتأخرين إلى تقوية الحديث بمجيئه من طريق آخر ،
فقال الزركشي في " اللآليء المنثورة في الأحاديث المشهورة " ( رقم 166 ـ نسختي
) : و هذا الحديث أنكره يحيى بن معين و غيره على سويد بن سعيد ، لكن لم يتفرد
به ، فقد رواه الزبير بن بكار فقال : حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز بن
الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ، و هو إسناد صحيح .
قال الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " : ( 420 ـ طبع الخانجي ) بعد أن ساق
هذه الطريق : و ينظر هل هذه هي الطريق التي أورده الخرائطي منها ، فإن تكن هي
فقد قال العراقي : في سندها نظر ، و من طريق الزبير أخرجه الديلمي في مسنده ،
و لكن وقع عنده عن عبد الله بن عبد الملك بن الماجشون لا كما هنا .
قلت : أما طريق الخرائطي فلم يسقها السخاوي ، و قد أوردها العلامة المحقق ابن
القيم و تكلم عليها فقال في كتاب " الداء و الدواء " ( ص 353 - 354 ) :
أما حديث ابن الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن
ابن عباس مرفوعا ، فكذب على ابن الماجشون ، فإنه لم يحدث بهذا ، و لا حدث به
عنه الزبير ابن بكار ، و إنما هذا من تركيب بعض الوضاعين ، و يا سبحان الله كيف
يحتمل هذا الإسناد مثل هذا المتن فقبح الله الوضاعين .
و قد ذكره أبو الفرج بن الجوزي من حديث محمد بن جعفر بن سهل : حدثنا يعقوب بن
عيسى من ولد عبد الرحمن بن عوف عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا ، و هذا غلط
قبيح فإن محمد بن جعفر هذا هو الخرائطي ، و وفاته سنة سبع و عشرين و ثلاث مئة ،
فمحال أن يدرك شيخه يعقوب ، ابن أبي نجيح و لا سيما و قد رواه في كتابه "
الاعتلال " عن يعقوب هذا عن الزبير عن عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح
، و الخرائطي هذا مشهور بالضعف في الرواية ، ذكره أبو الفرج في كتاب " الضعفاء
" .
قلت : أما الخرائطي فلا أعرف أحدا من المتقدمين رماه بشيء من الضعف و لهذا لم
يورده الذهبي في " ميزان الاعتدال " ، و لا استدركه عليه الحافظ ابن حجر في
" لسان الميزان " ، و قد ترجمه الخطيب في تاريخه ( 2 / 139 - 140 ) ثم السمعاني
في " الأنساب " ثم ابن الأثير في " اللباب " فلم يجرحه أحد منهم ، بل ترجمه
الحافظ ابن عساكر في تاريخه ( 15 / 93 / 1 - 2 ) و روى عن أبي نصر ابن ماكولا
أنه قال فيه : كان من الأعيان الثقات .
فأنا في شك كبير من صحة ما ذكره أبو الفرج من ضعف الخرائطي ، بل هو ثقة حجة .
والله أعلم .
ثم طبع كتاب " الضعفاء " لابن الجوزي فلم أجد فيه محمد بن جعفر الخرائطي و إنما
ذكر آخرين ( 3 / 46 ـ 47 ) ليسا من طبقة الخرائطي و هما من رجال ابن أبي حاتم (
3 / 2 / 222 / 1224 و 1226 ) فتبين أن الوهم من ابن القيم و الله أعلم . فلعل
علة هذا الإسناد من يعقوب بن عيسى شيخ الخرائطي ، فإنى لم أجد له ترجمة ، و من
طبقته يعقوب بن عيسى بن ماهان أبو يوسف المؤدب ترجمه الخطيب ( 14 / 271 - 272 )
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و لكنه لم يذكر أنه من ولد عبد الرحمن بن عوف
، و الله أعلم ، و هو من شيوخ أحمد في المسند قال الحافظ في " التعجيل " قال
أبو زرعة ابن شيخنا لا أعرفه ، و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 286 ) لكن
وقع فيه يعقوب بن يوسف بن ماهان ثم وجدت الحافظ ابن حجر قد تكلم على الحديث في
" التلخيص الحبير " ( 5 / 273 )
و أعله من الطريق الأولى بنحو ما نقلناه عن " الخلاصة " و أعل الطريق الثانية
من رواية يعقوب عن ابن أبي نجيح بأن يعقوب ضعفه أحمد بن حنبل ، ثم قال :
و رواه الخطيب من طريق الزبير بن بكار ، و هذه الطريق غلط فيها بعض الرواة
فأدخل إسنادا في إسناد ، و خلاصة القول : إن هذا الطريق ضعيف أيضا لضعف يعقوب
هذا و اضطرابه في روايته فمرة يقول : عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعا ، فيرسله
و لا يذكر الواسطة بينه و بين ابن أبي نجيح ، و مرة يقول عن الزبير عن
عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس فيسنده و يوصله
.
قال ابن القيم : و كلام حفاظ الإسلام في إنكار هذا الحديث هو الميزان و إليهم
يرجع في هذا الشأن ، و لم يصححه و لم يحسنه أحد يعول في علم الحديث عليه ، و
يرجع في التصحيح إليه ، و لا من عادته التسامح و التساهل ، فإنه لم يصف نفسه له
، و يكفي أن ابن طاهر الذي يتساهل في أحاديث التصوف و يروي منها الغث
و السمين قد أنكره و شهد ببطلانه .
نعم ابن عباس لا ينكر ذلك عنه ، و قد ذكر أبو محمد بن حزم عنه أنه سئل عن الميت
عشقا فقال : قتيل الهوي لا عقل له و لا قدر ، و رفع إليه بعرفات شاب قد صار
كالفرخ فقال : ما شأنه ؟ قالوا : العشق ، فجعل عامة يومه يستعيذ من العشق .
فهذا نفس ما روى عنه في ذلك .
و مما يوضح ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عد الشهداء في الصحيح ، فذكر
المقتول في الجهاد و الحرق و الغرق ، و المبطون ، و النفساء يقتلها ولدها ، و
صاحب ذات الجنب ، و لم يذكر منهم من يقتله العشق ، و حسب قتيل العشق أن يصح له
هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما على أنه لا يدخل الجنة حتى يصبر لله ، و
يعف لله و يكتم لله ، لكن العاشق إذا صبر و عف و كتم مع قدرته على معشوقه و آثر
محبته لله و خوفه و رضاه فهو من أحق من دخل تحت قوله تعالى *( و أما من خاف
مقام ربه و نهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى )* و تحت قوله تعالى *( و
لمن خاف مقام ربه جنتان )* .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الخطيب عن عائشة و عن
ابن عباس ، و هذا يوهم أن له طريقين أحدهما عن عائشة و الآخر عن ابن عباس ،
و الحقيقة أنه طريق واحد ، وهم في سنده بعض الضعفاء فصيره من مسند عائشة ،
و إنما هو من مسند ابن عباس كما تقدم ، فقد أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 12 /
479 ) من طريق أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي : حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن
مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به ، و قال :
رواه غير واحد عن سويد عن علي بن مسهر عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس
و هو المحفوظ ، و كذا قال في " المؤتلف " أيضا كما في " اللسان " و أشار إلى أن
الخطأ في هذا الإسناد من الطوسي هذا ، قال الدارقطني : ليس بالقوي ، يأتي
بالمعضلات .
قلت : فهذا الإسناد منكر لمخالفة الطوسي لرواية الثقات الذين أسندوه عن سويد
بسنده عن ابن عباس ، فلا يجوز الاستكثار بهذا الإسناد و التقوي به لظهور خطئه
و رجوعه في الحقيقة إلى الإسناد الأول ، و قد قال ابن القيم في " الداء و
الدواء " ( ص 353 ) بعد أن ساق رواية الخطيب هذه :
فهذا من أبين الخطأ ، و لا يحمل هشام عن أبيه عن عائشة مثل هذا عند من شم أدنى
رائحة الحديث ، و نحن نشهد بالله أن عائشة ما حدثت بهذا عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قط ، و لا حدث به عروة عنها و لا حدث به هشام قط .
و خلاصة القول أن الحديث ضعيف الإسناد من الطريقين ، و قد أنكره العلامة ابن
القيم من حيث معناه أيضا و حكم بوضعه كما رأيت ، و قد أوضح ذلك في كتابه " زاد
المعاد " أحسن توضيح فقال ( 3 / 306 - 307 ) :
و لا تغتر بالحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ساقه من
الطريقين ثم قال ، فإن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و لا
يجوز أن يكون من كلامه ، فإن الشهادة درجة عالية عند الله مقرونة بدرجة
الصديقية و لها أعمال و أحوال هي شروط في حصولها و هي نوعان عامة و خاصة ،
فالخاصة الشهادة في سبيل الله و العامة خمس مذكورة في الصحيح ليس العشق واحدا
منها ،
و كيف يكون العشق الذي هو شرك المحبة و فراغ عن الله و تمليك القلب و الروح
و الحب لغيره تنال به درجة الشهادة ! ؟ هذا من المحال ، فإن إفساد عشق الصور
للقلب فوق كل إفساد بل هو خمر الروح الذي يسكرها و يصدها عن ذكر الله و حبه ،
و التلذذ بمناجاته و الأنس به ، و يوجب عبودية القلب لغيره ، فإن قلب العاشق
متعبد لمعشوقه بل العشق لب العبودية ، فإنها كمال الذل و الحب و الخضوع
و التعظيم فكيف يكون تعبد القلب لغير الله مما تنال به درجة أفاضل الموحدين
و ساداتهم و خواص الأولياء ! ؟ فلو كان إسناد هذا الحديث كالشمس كان غلطا
و وهما ، و لا يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ العشق من حديث صحيح
البتة ، ثم إن العشق منه حلال و منه حرام ، فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم
أنه يحكم على كل عاشق يكتم و يعف بأنه شهيد ! ؟ أفترى من يعشق امرأة غيره أو
يعشق المردان و البغايا ينال بعشقه درجة الشهداء ! ؟ و هل هذا إلا خلاف المعلوم
من دينه صلى الله عليه وسلم ؟ كيف و العشق مرض من الأمراض التي جعل الله سبحانه
لها من الأدوية شرعا و قدرا ، و التداوي منه إما واجب إن كان عشقا حراما ،
و إما مستحب ، و أنت إذا تأملت الأمراض و الآفات التي حكم رسول الله صلى الله
عليه وسلم لأصحابها بالشهادة وجدتها من الأمراض التي لا علاج لها ، كالمطعون
و المبطون و المجنون و الحرق و الغرق ، و منها المرأة يقتلها ولدها في بطنها ،
فإن هذه بلايا من الله لا صنع للعبد فيها و لا علاج لها ، و ليست أسبابها محرمة
و لا يترتب عليها من فساد القلب و تعبده لغير الله ما يترتب على العشق ، فإن لم
يكف هذا في إبطال نسبة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلد
أئمة الحديث العالمين به و بعلله فإنه لا يحفظ عن إمام واحد منهم قط أنه شهد له
بصحة ، بل و لا بحسن ، كيف و قد أنكروا على سويد هذا الحديث و رموه لأجله
بالعظائم و استحل بعضهم غزوه لأجله .
و خلاصة الكلام أن الحديث ضعيف الإسناد موضوع المتن كما جزم بذلك العلامة ابن
القيم في المصدرين السابقين ، و كذا في رسالة " المنار " له أيضا ( ص 63 ) و
مثله في " روضة المحبين " و الله أعلم .
(1/486)
________________________________________
410 - " التراب ربيع الصبيان " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 594 ) :
موضوع .
رواه الطبراني في " الكبير " ( 5775 ) و ابن عدي ( 311 / 1 ) عن محمد بن مخلد
الحمصي حدثنا مالك بن أنس عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال : مر النبي صلى الله
عليه وسلم بالصبيان و هم يلعبون بالتراب فنهاهم عمر بن الخطاب فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : دعهم يا عمر فإن التراب ... و قال ابن عدي :
و هذا حديث منكر بهذا الإسناد ، و محمد بن مخلد هذا يحدث عن مالك و غيره
بالبواطيل .
قلت : و عد الذهبي هذا الحديث من أباطيله ، و ساق له حديثا آخر قال فيه :
و هو كذب ظاهر ، سيأتي تخريجه برقم ( 1252 ) و الحديث عزاه الهيثمي في " المجمع
" ( 8 / 159 ) للطبراني
و قال : و فيه محمد بن مخلد الرعيني و هو متهم بهذا الحديث و غيره .
قال السخاوي ( ص 74 ) :
و رواه القضاعي من حديث مالك بن سعيد عن مالك عن نافع عن ابن عمر به ، و قال
الخطيب : إن المتن لا يصح . قلت : و إسناده عند القضاعي في " مسند الشهاب " (
18 / 1 ) هكذا : أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين قال : أخبرنا
جدي علي بن الحسين بن بندار قال : أخبرنا علي بن عبد الحميد الغضائرى قال :
أخبرنا محمد بن يوسف الفريابي بمكة قال : أخبرنا مالك بن سعيد به .
قلت : الغضائري هذا ترجمه السمعاني في " الأنساب " و قال : و كان من الصالحين
الزهاد الثقات و من فوقه ثقات معروفون من رجال التهذيب ، و أما أبو القاسم
و جده علي بن الحسين بن بندار فلم أجد من ترجمهما ، و في " الميزان "
و " اللسان " : علي بن الحسن بن بندار الإستراباذي عن خيثمة الأطرابلسي اتهمه
محمد بن طاهر .
قلت : فيحتمل أن يكون هو هذا ، فإنه من هذه الطبقة ، و عليه تحرف اسم أبيه
الحسن بـ الحسين في " المسند " ، و الله أعلم .
(1/487)
*****************************************
يتبع ان شاء الله ..
المفضلات