الجذور الوثنية للديانة المسيحية

[يوسفوس فلافيوس]

تــنـــصـّـــر ؟؟؟ عـدوّ عـدوّي صـديـقـي .

كانت الأقاليم الشرقية في زمن قسطنطين الأغنى و الأكثر كثافة سكانية بما لا يقاس في كل العالم الروماني . و كانت بعض مدنها ــ برغامون , أزمير , أنطاكية .. إلخ ــ قائمة منذ اكثر من الف سنة و كانت قد تراكمت فيها ثروات واسعة من التجارة الدولية فيما كانت مراكز العبادة مبجلة . كان الذهب الروماني يعبر من خلال مدنها العديدة إلى الشرق في مبادلة تجارية مع بضائع مستوردة من الهند و بلاد فارس و شبه الجزيرة العربية . و مع تدفق تلك البضائع الغريبة المستوردة جاءت " ديانات أسرار " غامضة لتدغدغ و تسحر شهيّة الرومان .

على النقيض من ذلك , كانت الأقاليم الغربية التي يحكمها قسطنطين الآن مستعمرة حديثا نسبيا و أقل تقدما و تطورا . كانت مدنها " بلدات جديدة " , فيما الدواخل لا زالت بربرية . و خلال عقود المحنة من القرن الثالث حمل الكثير من سكان تلك الأقاليم عبيدا من قبل الغزات الجرمان و تم حرق مدنهم . و كانت مقاطعة بريطانيا و جزء من شمال بلاد الغال قد إنفصلت بالفعل عن الإمبراطورية و كانت قد حكمت من قبل أباطرتها الخاصين
( كراسيوس , أليكتوس ) بمساعدة المرتزقة الفرنكيين ( 286 ــ 297 ) .

لم يكن لدى قسطنطين قاعدة سلطة في الشرق يستطيع منها إعتلاء العرش ــــ لكنه كان في نيقوميديا سنة 303 عندما قرر ديوقليتيان تطهير الدولة الرومانية من العناصر المسيحية الخائنة وغير الموالية . و كان ايضا قد خدم تحت أمرة غاليريوس في منطقة الدانوب و شهد بعينه كيف كان غاليريوس المؤيد ــ الذي عين وريثا و خصما ــ يحمل إحتقارا و أزدراء لعبادة يسوع .

أعلن الأمير الطموح و عديم الرحمة على الفور من قاعدته في تيريير أنه " حامي المسيحيين " . و لكن ليس حفنة المسيحيين في الغرب الذين كانوا في بال قسطنطين ِـــ فلم يكن هناك , على كل حال , أي إضطهاد في الغرب ـــ و لكن كان في باله التجمع العديد والأكبر بكثير في الشرق . كان المسيحيون في الشرق يشكلون أقلية ضئيلة بالنسبة لعدد السكان الإجمالي ( ربما حوالي 2 % ) لكنهم كانوا قوة منظمة من المتعصبين , و كانوا يشغلون العديد من المناصب المهمة في الإدارة , بل و بعضهم يشغل حتى منصبا في البلاط الإمبراطوري .

بالـدفـاع عـن قـضـيـّة الـمـسـيـحـيـيـن وضـع قـسـطـنـطـيـن نـفـسـه عـلـى رأس "طـابـور خـامـس " فـي الشـرق , على رأس دولـة داخـل دولـة .

.

[عماد الدين]

موضوعك الأجمل + الأروع + المفيد

قرأت أول مداخلتين منه وأن شاء الله سأكمل الباقى ليلاً

بارك الله فيك :) وجعله الله للنصارى منظور لاولياء دينهم المقزز

[يوسفوس فلافيوس]

الأخ الكريم
شكرا لكلمتك المشجعة , فهي تزيل الشعور بالتعب ( و الملل ) .
و يسرني ان تكون من متتبعي ما اكتب
كل الود و الإحترام

[ذو الفقار]

لا نمل من متابعة ما يخط قلمك أخي الحبيب في هذا الموضوع الشيق والموسوعي

تابع جزاك الله عنا كل خير

[يوسفوس فلافيوس]

تــلــك الــحـــدّوتــة الــرائــعــة

إحترم قسطنطين في البداية نظام الحكم الرباعي الذي ضمن الإستقرار للأمبراطورية على مدى جيل كامل و لكن غاليريوس نفسه مات سنة 311 , و رأى قسطنطين أن الفرصة قد سنحت له .
في ربيع سنة 312 تحرك قسطنطين في أول حروبه الأهلية ضد صهره ماكسينتيوس المنكوب لكي يضمن السيطرة على إيطاليا و أفريقيا , و أباد أثناء هذا التحرك جيشا رومانيا بالكامل تقريبا بالقرب من مدينة تورين , و جيشا آخر في ضواحي رواما .

تكرر هراء إلى درجة الغثيان حول تلك الحرب , وهو تلك الحدّوتة عن " الكتابة فوق الشمس " التي بلـّغت قسطنطين بقدره القدسي . تقول الحدّوتة في أسوأ أشكالها أن جملة " بهذه العلامة سوف تقهر " و بجانبها علامة الصليب كانت مرئية للجيش بكامله . ربما كانت الكلمات لاتينية ‘In Hoc Signo Victor Seris’ في تشكيلة غيوم غامضة فريدة من نوعها في تاريخ علم الأرصاد الجوية .
و من جهة أخرى , قال أكثر من مؤلف ( مثلا , س .أنغوس , ديانات الأسرار . ص 23 Angus, The Mystery Religions, p236) إن الجملة كانت يونانية
('En Touto Nika'),مما يعني أنها كانت ستصبح غير واضحة للسواد الأعظم من كتلة الجيش . و إذن , مرة أخرى , ربما كانت باللغتين اللاتينية و اليونانية و مرئية بالكامل للجميع في جبهة سحابة ركامية !!

مع ذلك ,عند الحفر تحت هذه الحدّوتة نكتشف أن الرؤية في الواقع هي حلم حكاه قسطنطين بعد ذلك بعدة سنوات لسكرتيره لكتنتيوس ( عن موت المضطهدين الفصل 44, On the Death of the Persecutors, chapter xliv; ANF. vii, 318.)
ثم نمّقت هذه الحدّوتة و زخرفت بواسطة " وزير دعاية " الإمبراطور , الأسقف إيوسيبيوس في كتاب حياة قسطنطين ( Life of Constantine 1.xxvi-xxxi) . بل و إن ظهور " علامة الصليب " هي زيادة تمت إضافتها بعد ذلك بوقت طويل ( لأن الصليب لم يكن رمزا مسيحيا في زمن المعركة ـــ و لن يكون رمزا مسيحيا حتى القرن السادس !! ) . إن أي علامة دالة على حسن الطالع في ذاك الزمن كان يمكن ان تكون تشي ــ رهو Chi-Rho, وهي على نحو غامض تحتوي على الحرفين الأولين من كملة خريستوس Christos اليونانية التي تعني " محظوظ أو ميمون " و كذلك من كلمة كرونوس Chronosإله الزمن وفي نفس الوقت تضمين شعبي للربة ميثرا !

ربما ما هو اهم حول " أصل " هذه الأسطورة الخرافية هو ان " الحظ السحري " كان قد دخل لغة المسيحيين . لم يكن قسطنطين بحاجة إلى ان يكون مسيحيا , يكفي التضرع إلى رموزها للفوز بالرعاية الإلهية . و لكن هل تضرع قسطنطين فعلا و ابتهل للرموز المسيحية ؟؟
العملات المعدنية التي أصدرها بمناسبة إحتفاله بالنصر لا نرى فيها سوى الشمس القاهرة Sol Invictus , و قوس النصر الذي يخلد المناسبة و هو لا يزال قائما يشير فقط إلى الآلهة . و في الحقيقة لم يكن قسطنطين رجلا تقيا أورعا على وجه الخصوص . و من المشهور عنه أنه اجل تعميده إلى وقت إحتضاره على فراش الموت لخوف ان يرتكب إثما ــ و هو سبب وجيه : فمن بين قتلاه الكثر كانت زوجته الأولى فاوستا التي أمر بطبخها حية في الماء المغلي , و إبنه الأكبر كريسبوس الذي قتله خنقا .

[ساجدة لله]

موضوع رااااااااائع يا أخ يوسفوس فلافيوس

بجد موسوعة ممتازة أخي ومعلومات قيمة جداً

بارك الله فيك وتقبل منك

[دنجل الدلنجاوي]

الزميل المحترم يوسفوس فلافيوس
تحية طيبة , و بعد :
حيث انني من المتابعين " المدققين " لما تقدمه لنا عبر هذا المنتدى الكريم , و حيث ان الموضوع دسم للغاية , و يحتاج في بعض نقاطه إلى مستو ثقافي معين , لذا رأيت أن اتقدم بهذه الملاحظة , لتوضيح ما قد يبدو مبهما على القاريء غير المتمرس في الفقرة التالية :

إن أي علامة دالة على حسن الطالع في ذاك الزمن كان يمكن ان تكون تشي ــ رهو Chi-Rho, وهي على نحو غامض تحتوي على الحرفين الأولين من كملة خريستوس Christos اليونانية التي تعني " محظوظ أو ميمون " و كذلك من كلمة كرونوس Chronosإله الزمن وفي نفس الوقت تضمين شعبي للربة ميثرا !

حسنا الرمز أو علامة حسن الطالع هي تركيبة مدمجة من الحرفين اليونانيين ( الإغريقيين ) Chi = x و Rho = P الحرف الثاني رهو يشبه البي المشدّدة اللاتينية لكنه ينطق رو , اما الحرف الأول فينطق خي ... من هنا يلفظ إسم إله الزمن خرونوس في لغته اليونانية الأصلية ( و ليس كرونوس ,) , و هذا الرمز XP المدغمتين لا زال يستخدم حتى الآن للفائل الحسن






مع الشكر و التحية

[يوسفوس فلافيوس]

جزيل الشكر للإخوة و الأخوات على مداخلاتهم
و يسعدني جدا ان اعلم ان هناك مدققين ...
الأخ دنجل .. كلامك سليم تشي رهو , هي حرفيا خي رو XP ,
لقد قابلتني فعلا معضلة شرح الحرفين , لكنني رأيت في النهاية و ضعهما كما ينطقان بالإنجليزية نظرا لأرتباط كثير من المصطلحات المعروفة لدينا في العربية بطريقة النطق الإنجليزية , فمثلا
جهاز ضبط الوقت = كرونوميتر = Chronometer و مصطلح مزمن = Chronical فنحن ننطق المصطلحين كرونوميتر و كرونيكال , و لا نقول خرونوميتر , و لا خرونيكال .

و لك مني جزيل الشكر

[يوسفوس فلافيوس]

هــوامــش
------------------------------

الأكــثــر رعــايــة

"لم يجعل قسطنطين الديانة المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية , كما يقال عنه في الغالب .
ما فعله هو جعل الكنيسة المسيحية الأكثر رعاية و أكبر متلقّ لمصادر الإحسان الإمبراطوري اللامحدودة "

( ريتشارد فليتشر , تنصير اوربا , ص 19)
- Richard Fletcher, The Conversion of Europe, p19.



Chi - Rho تشي ـ رهو من القرن الثالث قبل الميلاد في عملة معدنيّة مصرية !

بين ساقـيّ الصّـقر !
قطعة نقود أصدرها بطليموس الثالث (" المحسن " ) 246 ــ 221 ق . م .
(( دقق النظر بين ساقي الصقر ))





فقط , لم يستطع الحصول على متخصصين

" سقط فن النحت إلى الحضيض , إلى درجة ان قسطنطين لم يستطع إيجاد نحات واحد قادر على تزيين قوس نصره في كل أرجاء الإمبراطورية , ففضل بدلا من ذلك سرقة قوس نصر تراجان البالغ من العمر 200 سنة "
– Evelyn Waugh



قــوس قـسـطـنـطـيـن ( روما 315 )



كان في الواقع قوس نصر الإمبراطور هدريان اصلا . و لكي يجعل قسطنطين قوس النصر خاصا به إستبدل بعض اللوحات لتخليد نصره على ماكسينتيوس .
لكن هذا النصب يظهر في الواقع جنود فرس ساقطين في ميدان المعركة , كما تظهر ايضا لوحة للإله الشمس ابولّـو
تفصيل من قوس قسطنطين

هل تصدق ذلك ـــ الإله الشمس يقود عربته عبر السماء !!



لا صـلـيـب هـنـا !!


شاهد قبر مسيحي من القرن السادس , لا صليب هنا , و لكن يظهر الرمز تشي رهو Chi-Rho
( متحف بون ,Rheinisches Landesmuseum, Bonn )

[عادل محمد]

يوسفوس فلافيوس
*****
جزاك الله خيرا اخي وبارك الله فيك
يثبت ويرفع لمحركات البحث