حدود الموسوعة
الحديث عن إنجازات الموسوعة أمرسنتركه للمفكرين والنقاد والقراء. ومع هذا، قد يكون من المفيد أن نشير إلى ما تحاولالموسوعة إنجازه وما لم تحاوله، حتى يستطيع القارئ تحديد مستوى توقعاته منها وحتىتمكن محاكمتها من هذا المنظور وداخل الحدود التي وضعتها لنفسها.
1 ـالموسوعة ليست موسوعة معلوماتية، ومن ثم فهي لا تهدف إلى حشد أكبر قدر ممكن منالمعلومات. ورغم أنها تقدِّم قدراً كبيراً من المعلومات يفوق أحياناً ما يُقدَّم فيالموسوعات المعلوماتية، إلا أن كم المعلومات ليس همها الأساسي، كما أنها لا تزعمأنها ستقدِّم للقارئ " آخر ما تم التوصل إليه " في حقل الدراسات التي تُعنَىباليهودية والصهيونية والجماعات اليهودية مع أن مؤلفها قد استفاد بكل ما أتيح له مندراسات، ومن ذلك أحدثها.
كما أنها لا تحاول أن تقدِّم عرضاً تاريخياًللظواهر التي تناولتها، رغم تأكيدها البُعد التاريخي، ورغم رفضها أن تُنزَع الظواهرمن سياقها التاريخي. وهي لا تزعم لنفسها الشمول. فعلى سبيل المثال لم تضم الموسوعةكل الأعلام اليهود، وإنما حاولت تقديم أهمهم مع التركيز على الجوانب النماذجية منحياتهم. كما أن بعض الشخصيات الهامشية (من منظور النماذج السائدة) تم التركيز عليهابسبب أهميتها النماذجية. وحينما تعاملنا مع النظام السياسي الإسرائيلي، لم نقمبتغطيته تغطية شاملة بكل عناصرة، بل ركزنا وحسب على بعض الموضوعات الأساسية.
2 ـ الموسوعة، قبل كل شيء، دعوة إلى إعادة التفكير في طرق التفكير حتىنُحسِّن من أدائنا التنظيري والتفسيري الذي يجعلنا ندرك الواقع بشكل أكثر تركيباًدون الاستنامة للمقولات الاختزالية العامة الجاهزة. وتطرح الموسوعة فكرة النماذجالتحليلية باعتبارها طريقة أكثر كفاءة من الطرق الأخرى في عملية رصد الواقع ودراستهوفي تنظيم المعلومات وتصنيفها وفي كيفية استخلاص النتائج والتعميمات منها، أي أنالموسوعة لا ترفض المعلومات ولا تبدأ من العدم (فهذا مستحيل) وإنما ترى ضرورة البحثعن المعلومات والتعامل معها شريطة عدم الاستسلام لها وتَوهُّم أن المعلومات هيالمعرفة. ولو لم تكن المعلومات أساسية لاكتفى المؤلف منطقياً بالمجلد الأول الذييوضح فيه نماذجه التحليلية.
المفضلات