|
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
الشبهة المائة خمسة و خمسون (155):
- تروى كتب الأحاديث أن الناس كانوا يبعثون إلى نبيكم بالهدايا فى يوم عائشة, لعلمهم بحبه لها, فغارت بعض نسائه من ذلك, فأرسلن له أم سلمة نائبة عنهن, لتكلمه فى ذلك, فقال لها: ((لا تؤذينى فى عائشة, فإن الوحى لم يأتنى وأنا فى ثوب امرأة إلا عائشة)) وهذا يثبت أنه كان يرتدى ثوبها, ويأتيه الوحى وهو على ذلك, رغم أنكم تقولون إنه نهى عن تشبُّه الرجال بالنساء.
الرد:
- إن قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فى ثوب عائشة)) لا يعنى أنه كان يأتيه الوحى وهو لابس ثوبها, كما ظن السائل بفهمه السطحى, ولكن هذا يُعتبر من التعبير المجازى, فحينما ذكر الله سبحانه وتعالى قول فرعون: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:71] هل يعنى ذلك أن فرعون صلبهم داخل النخل, أم أنه صلبهم عليه؟ وحين قال سبحانه وتعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} [البقرة:187] فهل معنى ذلك أن المرأة لباس لزوجها, وهو لباس لها, بهذا المعنى السطحى, أم أن معنى (اللباس) فى الآية الستر والعفة, وغير ذلك مما يكون من ستر المرأة لزوجها, وستره لها؟ وهناك حديث آخر يوضح معنى هذا الحديث, وهو قول السيدة عائشة رضى الله عنها: كان الناس يتحرُّون بهداياهم يوم عائشة, قالت: فاجتمع صواحباتى إلى أم سلمة, فقلن: يا أم سلمة.. إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة, وإنا نريد الخير كما تريد عائشة, فقولى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر الناس يُهدون إليه أينما كان, فذكرت ذلك أم سلمة, فأعرض عنها, ثم عاد إليها, فأعادت الكلام, فقالت: يا رسول الله إن صواحباتى قد ذكرن أن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة, فَأْمُر الناس يُهدون أينما كنتَ, فلما كانت الثالثة قالت ذلك, قال: ((يا أم سلمة لا تؤذينى فى عائشة, فإنه ما أنزل علىَّ الوحى وأنا فى لحاف امرأة منكن غيرها)) [صحيح البخارى] واللحاف هو الغطاء, ولا يخفى على أحد معرفته. وبهذا يتضح أن الحديث الذى ذُكِرَ فى السؤال, معناه أن الوحى لم ينزل عليه إلا فى بيتها, أو وهو بجانبها, وذلك لفضلها, وفضل أبيها, رضى الله عنهما. وقد ذكرنا أن الكتاب المقدس قال عن المسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - إنه خلع المنشفة التى كان متَّزراً بها, ومسح بها أرجل تلاميذه, وذلك فى الرد على الشبهة رقم (142), والله أعلم.
الشبهة المائة ستة و خمسون (156):
- يقول القرآن: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً{73} وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً} [الإسراء:73-74] إن هذا اعتراف بأن نبيكم كاد يُفتَن.
الرد:
- إن هذا إن كان يعنى شيئاً, فإنما يعنى فى المقام الأول أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صادق فيما بلغ عن ربه جل وعلا, لأنه لو تكلف القرآن, أو أخفى شيئاً منه, لَمَا ذكر هذه الآية. ومما قيل فى سبب نزولها, إن وَفْدَ ثقيف قالوا للرسول - صلى الله عليه وسلم -: أجِّلنا سنة حتى نقبض ما يُهدَى لآلهتنا من الأصنام, فإذا قبضنا ذلك كسرناها وأسلمنا, فهَمَّ - صلى الله عليه وسلم - بقبول ذلك, فنزلت الآية. فقوله تعالى: {لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ} أى هممت أو قاربت أن تميل لقبول ما عرضوه عليك, لولا تثبيت الله لك, ولو فعلت ذلك {إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً} [الإسراء:75] ومعلوم من اللغة العربية أن (الهمَّ) معناه مقاربة فعل الشىء, أى أنه لم يقع, ولكن صاحبه نوى على فعله, وهذا فى حد ذاته لا يعتبر معصية ولا يؤاخَذ المرء عليه إلا إذا فعله, وذلك لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله تجاوز لأمتى عمّا حدَّثت به أنفسها, ما لم تتكلم به, أو تعمل به)) [صحيح الجامع:1730] بل إن المرء إذا هَمَّ بسيئة ولم يعملها - خوفاً من الله جل وعلا - كُتِبَت له حسنة كاملة, كما جاء فى الحديث الصحيح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -, والله أعلم.
الشبهة المائة سبعة و خمسون (157):
- لقد حاول نبيكم الانتحار بعدما رأى جبريل فى غار حراء.
الرد:
- إن ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - من أنه حاول الانتحار بعدما رأى جبريل - عليه السلام - فى غار حراء, فهى روايات غير صحيحة, وإلا- فما الذى منعه من الانتحار؟ ولو صحَّت هذه الروايات - جدلاً - فهى لا تعدو كونها خاطرة من شدة خوفه على نفسه أن يكون قد أصابه مس من الشيطان أو الجنون, وكان أبغض شىء إليه أن يُصاب فى عقله, فقد كان جالساً وحده فى الغار, فظهر له جبريل - عليه السلام - على هيئته التى خلقه الله عليها, وله ستمائة جناح تملأ الأفق, فكان منظراً مُرَوِّعاً, وخصوصاً أنه أتاه فى ظلام الليالى الأخيرة من رمضان. ثم إنه لا يُؤاخَذ على ذلك لسببين: الأول: أنه لم يكن حينها مُكَلَّفاًً. الثانى: أن الإنسان لا يؤاخَذ بما حدثته به نفسه, كما ورد فى الحديث الذى ذكرناه فى الرد على الشبهة السابقة.
وقد ورد فى الكتاب المقدس أن شاول - وهو أحد أنبيائكم - مات منتحراً: فقال شاول لحامل سلاحِهِ اسْتَلَّ سيفَكَ واطْعَنِّى به لئلا يأتى هؤلاء الغُلْف ويطعنونى ويقبِّحونى. فلم يشأ حامل سلاحه لأنه خاف جداً. فأخذ شاول السيف وسقط عليه. ولَمّا رأى حامل سلاحِهِ أنه قد مات شاول سقط هو أيضاً على سيفِهِ ومات معه. (صموئيل الأول31: 4-5) مع أن طريقة الانتحار هذه تتناقض مع الطريقة التى جاءت فى الرد على الشبهة رقم (313) والدليل على نبوَّة شاول ما يلى:
وكان عندما جاء الروح من قِبَل الله على شاول (صموئيل الأول16: 23) فخلع هو أيضاً ثيابه وتنبّأ هو أيضاً أمام صموئيل وانطرح عرياناً ذلك النهار كله وكل الليل. لذلك يقولون أشاول أيضاً بين الأنبياء (صموئيل الأول19: 24) ونحن نتساءل.. هل بداية النبوة عندكم بالتعرِّى؟ إن هذا هو التجنِّى!, والله أعلم.
ان شاء الله
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
الشبهة المائة ثمانية و خمسون (158):
- إن نبيكم كان يستقبل ضيوفه وهو لابس ثوب عائشة.
الرد:
- لقد جاء فى صحيح الإمام مسلم, رحمه الله: حدثنا عبد الملك بن شعيب ابن الليث بن سعد حدثنى أبى عن جدى حدثنى عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن يحيى ابن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبى وعثمان حدَّثاه أن أبا بكر استأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على فراشه لابس مِرط عائشة, فأذن لأبى بكر وهو كذلك, فقضى إليه حاجته ثم انصرف, ثم استأذن عمر, فأذن له وهو على تلك الحال, فقضى إليه حاجته ثم انصرف, قال عثمان ثم استأذنتُ عليه, فجلس وقال لعائشة: ((اجمعى عليكِ ثيابك)) فقضيتُ إليه حاجتى ثم انصرفت, فقالت عائشة: يا رسول الله مالى لم أركَ فزعتَ لأبى بكر وعمر كما فزعتَ لعثمان؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن عثمان رجل حَيِىّ, وإنى خشيت إن أَذِنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلىَّ فى حاجته)) لقد ظن السائل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان لابساً مِرط عائشة - رضى الله عنها - بمعنى أنه كان لابساً ثوبها, أو بالمعنى الحالى (فستانها) فلما حضر سيدنا عثمان - رضي الله عنه - أعطى المِرط لعائشة, وقال لها: ((اجمعى عليك ثيابك)) أى أنها كانت بغير ثياب حين دخل سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر - رضى الله عنهما - ولَمّا دخل سيدنا عثمان خلع المِرط (أى تعرَّى) ثم أعطاه إياها لترتديه. إن رَكاكَة هذا الفهم السقيم لا يليق بالأطفال, فضلاً عن الكبار, وقد ورد هذا الحديث فى صحيح مسلم أيضاً بطريقة أخرى وهى أن السيدة عائشة (رضى الله عنها) قالت: كان رسول الله مضطجعاً فى بيتى, كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه, فاستأذن أبو بكر فأََذِن له وهو على تلك الحال, فتحدث ثم استأذن عمر, فأَذِن له وهو كذلك فتحدث, ثم استأذن عثمان, فجلس رسول الله وسَوَّى ثيابه, فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له, ولم تُبالِهِ, ثم دخل عمر فلم تهتش له, ولم تبالِه, ثم دخل عثمان فجلست وسوَّيت ثيابك, فقال: ((ألا أستحى من رجل تستحى منه الملائكة؟))
إن المِرط ليس فستاناً ولا ثوباً، المِرط هو كساء من صوف أو خَز أو كِتان, يضعه الرجل عليه كما تضعه المرأة، ويلتحف به الرجل والمرأة على السواء، كما ورد فى سنن الترمذى - رحمه الله - عن السيدة عائشة قالت: (خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة, وعليه مِرط من شعر أسود) [قال الترمذى: حديث حسن غريب صحيح] والعرب تقول: (لابس) لمن وضع الشىء عليه, أو جلس عليه, كما ورد فى الحديث: (جالس على حصير بَلِىَ من طول ما لُبِسَ) أى أن الحصير تلف من كثرة جلوسه عليه. فمعنى كلمة (لبس) أعَم فى لغة العرب من معناها فى اللهجات العامية، فهى تشمل فى اللغة العربية وضع الرداء أو اللحاف على الجسد، وتشمل الجلوس على الحصير, أو أى سجاد, وهو ما فعله النبى - صلى الله عليه وسلم - من أنه كان ملتحفاً بالمِرط (أى بالكساء)
والقصة واضحة, لا إشكال فيها, إذ كانت السيدة عائشة فى ناحية البيت, مرتدية حجابها، والنبى - صلى الله عليه وسلم - مضطجع وعليه لحافها، فدخل سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر - رضى الله عنهما - والنبى - صلى الله عليه وسلم - على هذا الحال، والسيدة عائشة على حجابها، ثم لَمّا دخل سيدنا عثمان - رضي الله عنه - وهو شديد الحياء, خشى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يراه مضطجعاً ملتحفاً, فيمتنع من قول حاجته، كمن يدخل على رجل نائم على سريره, ومغطى بغطائه, فيتحرج من ذلك, ويشعر أنه قد أقلق صاحب البيت, فيعتذر ولا يذكر حاجته, فأراد النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يُظهر له أنه فى وضع استعداد لمقابلة الضيوف, وأنه ليس نائماً, وأمر زوجته ألا تكتفى بالحجاب, ولكن تجمع عليها ثيابها أكثر, حتى تبدو هى أيضاً فى حال استقبال, كَمَن تسوِّى ثيابها إذا دخل ضيف, حتى لا تبدو غير مُهَندَمة.
أما ماجاء فى الرواية الأخرى, من أنه كان كاشفاً فخذه, فإن النبى - صلى الله عليه وسلم - بشر كسائر البشر، ومن طبيعة البشر أنهم يُسقِطون بعض الكُلْفة أمام خاصتهم, بما لايفعلونه أمام غيرهم، والنبى - صلى الله عليه وسلم - كان يرى فى سيدنا عثمان حياءً شديداً، فهو يستحى أن يراه فى مثل هذا الحال، فخاف النبى - صلى الله عليه وسلم - أن تمنعه رؤيته على هذا الحال أن يذكر حاجته، فجلس وتهيأ له بما يناسب طبيعته - رضي الله عنه - ثم قال: ((إن هذا الرجل تستحى منه الملائكة)) وكأن النبى - صلى الله عليه وسلم - يقول: إننى أُقَدِّر شدة حيائه, وأستحى منه كما تستحى منه الملائكة، والله أعلم.
الشبهة المائة و الستون (160):
- تزعمون أن نبيكم كان رحيماً, فى حين أنه دعا على المريض الذى لا يستطيع أن يأكل بيمينه.
الرد:
- من رجع إلى القصة فى [صحيح مسلم] باب (آداب الطعام) يجد أن الرجل الذى قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((كُلْ بيمينك)) فرَدَّ عليه بقوله: (لا أستطيع) لم يكن مريضاً كما تقولون, ولكنه لم يمتثل لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - تكبُّراً, فكان جزاؤه أن دعا عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: ((لا استطعتَ)) فما رفعها إلى فِيه, أى أنه لم يستطع رفع يده اليمنى بعد ذلك إلى فمه. ولو كانت مريضة من الأصل, ولا يستطيع رفعها, فما فائدة دعاء الرسول إذن؟ ولقد جاء فى كتابكم المقدس الذى يقول: (الله محبة) أن معبودكم دعا على شجرة التين (التى لا ذنب لها) لأنه لم يجد بها ثمراً: وفى الصبح إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع. فنظر شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد فيها شيئاً إلا ورقاً فقط. فقال لها لا يكن منكِ ثمر بعد إلى الأبد. فيبست التينة فى الحال. (متى21: 18-19), والله أعلم.
ان شاء الله
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
الشبهة المائة واحد و الستون (161):
- إن نبيكم أصاب من خيبر حماراً, وسماه يعفور, وكان يتكلم معه, ويرسله لينادى أصحابه.
الرد:
- إليكم نص هذه القصة المؤلَّفة المفتراه على رسولنا - صلى الله عليه وسلم -:
عن أبى منظور قال: لما فتح الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - خيبراً, أصاب من سهمه أربعة أزواج من البغال, وأربعة أزواج خفاف، وعشر أواق ذهباً وفضة، وحماراً أسود, ومِكْتلاً. قال: فكلم النبى - صلى الله عليه وسلم - الحمار، فكلمه الحمار، فقال له: ما اسمك؟ قال: يزيد بن شهاب، أخرج الله من نسل جَدِّى ستين حماراً كلهم لم يركبهم إلا نبى، لم يبق من نسل جدى غيرى، ولا من الأنبياء غيرك، وكنت أتوقع أن تركبنى، قد كنت قبلك لرجل يهودى، وكنتُ أعثرُ به عمداَ، وكان يجيع بطنى, ويضرب ظهرى، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "سميتك يعفور، يا يعفور" قال: لبيك، قال: "تشتهى الإناث" قال: لا, فكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يركبه لحاجته, فإذا نزل عنه بعث به إلى باب الرجل, فيأتى الباب فيقرعه برأسه, فإذا خرج إليه صاحب الدار, أومأ إليه أن أجِب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قُبِضَ النبى - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى بئر كان لأبى التيهان, فتردَّى فيها, فصارت قبره, جزعاً منه على الرسول - صلى الله عليه وسلم -. راجع (تاريخ ابن كثير 6: 150) و(أسد الغابة ج 4 ص707) و(لسان الميزان، باب من اسمه محمد، محمد بن مزيد) و(السيرة الحلبية، غزوة خيبر(
وإليكم أقوال العلماء - رحمهم الله - فى هذه الرواية:
أولاً: أورد الامام ابن كثير فى تاريخه (6 : 150) هذه القصة, وأشار إلى أنها ضعيفة, وقد أنكرها غير واحد من الحفاظ الكبار.
ثانياً: نصَّ ابن الأثير فى (أسد الغابة ج 4 ص707) على أن القصة ضعيفة, وليست بصحيحة, وقال فى نقله عن أبى موسى عقب ذكر القصة: هذا حديث منكر جداً إسناداً ومتناً, لا أُحِلُّ لأحد أن يرويه عنى إلا مع كلامى عليه.
ثالثاً: أورد الحافظ ابن حجر العسقلانى, فى كتاب (لسان الميزان) باب (من اسمه محمد بن مزيد) هذه القصة كمثال للكذب الذى يرويه محمد بن مزيد، وأورد كلام الحافظ ابن حبان, وهذا نصه: هذا خبر لا أصل, له وإسناده ليس بشىء. وقال ابن الجوزى: لعن الله واضعه.
رابعاً: قال عنه الإمام السيوطى فى كتاب (اللآلئ المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة, الجزء الأول، كتاب المناقب): إنه (موضوع) ثم ذكر كلام ابن حِبّان, وهذا نصه: لا أصل له, وإسناده ليس بشىء, ولا يجوز الاحتجاج بمحمد بن مزيد.
إذن فالحديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, وهناك آلاف الأحاديث الموضوعة عليه, فهل نتتبّعها حديثاً حديثاً حتى نرد عن رسولنا الشبهات؟ فينبغى للمسلم ألا يُصدِّق ما صاح به كل ناعق, وعليه أن يستوثق من الأخبار, قبل أن تَجْنَح به الأفكار, لتهوى به فى النار.
وقد جاء فى الكتاب المقدس أن المسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - ركب على أتان (أنثى الحمار) وجحش ابن أتان, فى آن واحد, ونحن لا ندرى كيف فعل ذلك؟ وجاء فيه أيضاً أن الحمار نطق فمنع حماقة نبى, وأن الأتان تتكلم:
قولوا لابنة صهيون هُوَذا ملكك يأتيك وديعاً راكباً على أتان وجحش ابن أتان. فذهب التلميذان وفَعَلا كما أمرهما يسوع. وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما. (متى21: 5-7)
ولكنه حصل على توبيخ تعدِّيه إذ مَنَعَ حماقةَ النبىِّ حِمارٌ أعجمُ ناطقاً بصوت إنسان. (رسالة بطرس الثانية2: 16)
ثم اجتاز ملاك الرب أيضاً ووقف فى مكان ضيّق حيث ليس سبيل للنكوب يميناً أو شمالاً. فلما أبصرت الأتان ملاك الرب ربضت تحت بلعام. فحمى غضب بلعام وضرب الأتان بالقضيب. ففتح الرب فم الأتان فقالت لبلعام. ماذا صنعت بك حتى ضربتنى الآن ثلاث دفعات. فقال بلعام للأتان لأنك ازدريت بى. لو كان فى يدى سيف لكنت الآن قد قتلتك. فقالت الأتان لبلعام ألست أنا أتانك التى ركبت عليها منذ وجودك إلى هذا اليوم. هل تعوّدت أن أفعل بك هكذا. فقال لا (عدد22: 26-30), والله أعلم.
الشبهة المائة اثنان و ستون (162):
- لقد قتل (زيد بن ثابت) امرأةً عجوزاً قتلاً عنيفاً, لأنها كانت تعادى نبيكم, وهى (أم قرفة) فشدَّ رجليها بين بعيرين, ثم زجرهما فذهبا فقطعاها، ولم ينكر عليه نبيكم, فهل هذه هى الرحمة التى تصفونه بها؟
الرد:
- لقد جاءت الرواية فى (طبقات ابن سعد) وعنه ابن الجوزى فى كتابه (المنتظم) ومدار الرواية على محمد بن عمر الواقدى, وهو شخص متهم بالكذب لدى علماء الحديث. والقصة أوردها ابن كثير فى (البداية والنهاية) مختصرة, ولم يعلق عليها بشىء, وذكرها ابن هشام فى (السيرة) وكلاهما عن محمد بن اسحق الذى لم يذكر سند الرواية، فالحاصل أن الرواية لم تصح, فلا يجوز الاحتجاج بها.
والواقدى هو محمد بن عمر بن واقد الواقدى الأسلمى أبو عبد الله المدنى قاضى بغداد مولى عبد الله بن بُرَيْدة الأسلمى.
قال البخارى: الواقدي مَدِينِىّ سكن بغداد متروك الحديث, تركه أحمد وابن نمير وابن المبارك وإسماعيل بن زكريا (تهذيب الكمال مجلد 26 ص 185-186) وقال أحمد: هو كذاب. وقال يحيى: ضعيف, وفى موضع آخر: ليس بشىء. وقال أبو داود: أخبرنى من سمع من على بن المدينى يقول: روى الواقدى ثلاثين ألف حديث غريب. وقال أبو بكر ابن خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: لا يكتب.. حديث الواقدى ليس بشىء. وقال عبد الرحمن بن أبى حاتم: سألت عنه على بن المدينى فقال: متروك الحديث. قال النسائى فى (الضعفاء والمتروكين): المعروفون بالكذب على رسول الله أربعة, وذكر منهم الواقدى بالمدينة, ومقاتل بخراسان, ومحمد بن سعيد بالشام.
يتضح مما سبق أن هذه الرواية موضوعة. وقد ذكرنا البشاعة فى القتل والتنكيل والتمثيل بالجثث فى الكتاب المقدس, فليرجع إليها القارئ, وخصوصاً فى الرد على الشبهات رقم (81) و(112) و(128) وغير ذلك من الشبهات, والله أعلم.
الشبهة المائة ثلاثة و ستون (163):
- جاء فى (الطبقات الكبرى) لابن سعد, فى الجزء الأول, أن عبد الله ابن عبد المطلب تزوج آمنة بنت وهب أم نبيكم, وفى الوقت نفسه تزوج عبد المطلب من ابنة عمها هالة بنت وهيب, فولدت هالة بنت وهيب لعبد المطلب حمزة عم نبيكم. ثم قال فى (الجزء الثالث) باب (البدريين: طبقات البدريين من المهاجرين) إن حمزة كان مُعَلَّمَا يوم بدر بريشة نعامة... إلى أن قال: وقُتِلَ رحمه الله يوم أحد على رأس اثنين وثلاثين شهراً من الهجرة, وهو يومئذ ابن تسع وخمسين سنة, كان أسَنَّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربع سنين. إن هذا يعنى أن أم نبيكم ولدته من رجل آخر بعد أربع سنوات من زواجها بعبد الله.
الرد:
- أولاً: لقد قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: ((خرجت من لَدُنْ آدم من نكاح غير سِفاح)) [صحيح الجامع:3223]
ثانياً: إن هذا كتاب تاريخ, ونحن لا نأخذ ديننا من كتب تاريخية, بل من القرأن والسنَّة الصحيحة, وما يوافقهما.
ثالثاً: الروايتان قالهما محمد بن عمر بن واقد الواقدى الأسلمى, وقد ذكرنا من هو هذا الرجل الكذاب فى الرد على الشبهة السابقة.
وعلى هذا فالروايتان بهما ضعف, لأن الراوى متروك الحديث, ومُتَّهم فى صدقه وروايته.
لكن هناك طُرُقاً أخرى تؤكد الروايه الثانية, وهى أن سيدنا حمزة - رضي الله عنه - كان أسَنَّ من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعامين أو 4 سنوات, وهى روايات صحيحة, وأن زواج عبد المطلب كان قبل زواج ابنه عبد الله والد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأعوام كثيرة, وإن كان ميلاد سيدنا حمزة تم قبل ميلاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعامين أو بأربع سنوات. فليس شرطاً أن تكون أم سيدنا حمزة قد ولدته مباشرة بعد زواجها. وذكر البكائى عن ابن إسحاق قال: كان حمزة أسَنَّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنتين, كما ورد فى كتاب (الاستيعاب فى تمييز الأصحاب) وكون ثويبة قد أرضعته كما أرضعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهذا لا يعنى أن الرضاعة كانت فى زمن واحد, ولكن المهم أنهما رضعا من ثدى واحد.
ونحن نتساءل: لو كان هذا الادِّعاء صحيحاً – ولو على سبيل الافتراض – هل كان أعداؤه من المشركين وغيرهم سيسكتون على هذا الأمر ولا يعيِّرونه به؟ إن العرب كانوا مشهورين بمعرفة الأنساب, فلو كان فى نَسَبه أى شىء يُشينه - صلى الله عليه وسلم - لعيَّروا به أهله منذ صِغَره, وحتى لو لم يعيروهم به فى صغره مُراعاةً لِما كان بينهم من القرابة, لَعَيّروه به بعد أن أصبح نبياً حتى يصدوا الناس عنه, ولكن على العكس من ذلك فإن أبا سفيان قال عنه (كما ورد فى صحيح البخارى): هو فينا ذو نسب, وذلك عندما سأله هرقل ملك الروم عن نسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أن أبا سفيان كان حينها ما زال مشركاً. كذلك فإن الوليد بن المغيرة حين نزل فيه قول الله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم:13] أى أنه ابن زنى, لم ينفِ التهمة عن نفسه, ولم يلصقها بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو من باب الكذب والادِّعاء, ولو أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان فى نسبه أى شىء يُشينه, ما سكت عنه ذلك الكافر, وَلَشَنَّع عليه بأنه هو الذى وُلِدَ من سفاح, أليس فى هذا دليل قاطع على طهارة نسب النبى - صلى الله عليه وسلم -؟ وخصوصاً أن هذه الآية نزلت بمكة, أى قبل أن تقوى شوكة المسلمين, وقبل أن تكون لهم دولة, بل كانوا حينها مستضعفين مقهورين, والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان مضطهَداً ومطارَداً ومهددَّاً, حتى لا يقول متفلسف: ربما خاف الوليد أن يواجهه بذلك. كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعدما هاجر إلى المدينة المنورة كان له أعداء من اليهود والمنافقين, ولم يَرْمِه أحدٌ منهم بهذه التهمة الشنيعة الفاجرة.
ثم إن الكتاب المقدس جعل المسيح – على نبينا وعليه الصلاة والسلام - من نسل زنى مرتين فى (متى1: 1-17) إذ جعله من نسل فارص بن ثامار, وثامار هذه هى التى زنت مع حماها يهوذا (بزعمهم) فأنجبت له فارص وزارح, مع أن يهوذا من الأسباط أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (على نبينا وعليهم الصلاة والسلام) ثم جعله ولد زنى من ناحية أخرى, إذ جعله من نسل سيدنا سليمان - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - الذين زعموا أنه وُلِدَ من زنى والده سيدنا داود مع بثشبع امرأة أوريا الحِثِّى, وقد ذكرنا ملخص هذه القصة المزعومة على سيدنا داود - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فى الرد على الشبهة رقم (109) أما ما ورد بشأن ولادة فارص من الزنى, فهو كما يلى: فأُخبِرَت ثامار وقيل لها هُوَذا حموكِ صاعد إلى تِمنة ليجز غنمه. فخلعت عنها ثياب ترمّلها وتغطّت ببرقع وتلفَّفت وجلست فى مدخل عينايم التى على طريق تِمنة... فنظرها يهوذا وحسبها زانية... فمالَ إليها على الطريق وقال هاتى أدخل عليكِ. لأنه لم يعلم أنها كنَّته... ولما كان نحو ثلاثة أشهر أُخبِرَ يهوذا وقيل له قد زنت ثامار كنَّتك. وها هى حُبلى أيضاً من الزنا... وفى وقت ولادتها إذا فى بطنها توأمان... فدُعِىَ اسمه فارص وبعد ذلك خرج أخوه... فَدُعِىَ اسمه زارح (تكوين38: 13-30) (كنَّته) أى زوجة ابنه.
كما أن الكتاب المقدس جعله فى نصوص أخرى من نسل 4 زانيات (على حَدّ تحريفكم) وهُنَّ ثامار وبثشبع وراعوث وراحاب.
ونريد أن نسألكم.. ألستم تؤمنون مثلنا أن المسيح (على نبينا وعليه الصلاة والسلام) ليس له أب من البشر؟ إذن فلماذا نسبتموه ليوسف النجار فى أول صفحة من الإنجيل, وهو إنجيل متى؟ أليس هذا يوافق ما قاله عنه اليهود؟ ألم يكن الأجدر بكم أن تذكروا نسب أمه, بدلاً من ذكر نسب يوسف النجار؟, والله أعلم.
ان شاء الله
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
الشبهة المائة اربعة و ستون (164):
- هل من الرحمة أن يطلِّق نبيكم (سودة بنت زمعة) بعدما كبرت بها السن؟
الرد:
- إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يطلقها, ولم يصرح لها برغبته فى ذلك, ولكنها شعرت بما يدور فى خَلَدِه, لأنه كان قد كبر فى السن, ويحتاج من زوجته أن تخدمه, وتقوم على شئونه, والسيدة سودة - رضى الله عنها - كانت أسَنّ منه, وكانت امرأة عجوزاً لا تستطيع القيام بخدمته, فلو ترك ليلتها لَظَلَمَها, فماذا يفعل؟ لقد كان الحل فى هذه المشكلة باقتراح حكيم منها, إذ عرضت عليه أن يجعل ليلتها للسيدة عائشة - رضى الله عنها - لعلمها بحبه لها, فوافق - صلى الله عليه وسلم - على ذلك, ولم يطلقها, والله أعلم.
الشبهة المائة خمسة و ستون (165):
- يقول نبيكم: ((جُعِلَ رزقى تحت ظِل رُمحى, وجُعِلَ الذِلَّةُ والصَّغارُ على من خالفَ أمرى)) [صحيح البخارى] ألا يعنى هذا أن نبيكم كان محبّاً للقتل, مُبتغياً للرزق من المغانم عن طريقه؟
الرد:
- لقد أطلنا الكلام من قبل فى دفع هذه الفِرْية عن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فى الشبهة رقم (81) أما هذا الحديث فهو تشريف له - صلى الله عليه وسلم - إذ قضى معظم أيام رسالته فى الجهاد فى سبيل الله جل وعلا, وإعلاء كلمته, ورفع راية الإسلام, ونشره فى ربوع المعمورة, وقد أكرمه الله سبحانه وتعالى بأن أباح له الغنائم التى لم يُبِحْها لأحد قبله, قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطيتُ خمساً لم يُعطهنَّ أحدٌ من الأنبياء قبلى: نُصِرْتُ بالرعب مسيرة شهر, وجُعِلَت لىَ الأرض مسجداً وطهوراً, فأيُّما رجل من أمتى أدركته الصلاة فليُصَلِّ, وأُحِلَّت لىَ الغنائم, ولم تَحِلّ لأحدٍ قبلى, وأعطيتُ الشفاعة, وكان النبى يُبعَث إلى قومه خاصة, وبُعثتُ إلى الناس عامَّة)) [صحيح الجامع:1056] ورغم أن الله سبحانه وتعالى جعل له خُمْسَ الغنائم, إلا أنه كان ينفقها فى سبيل الله, ويحيا حياة الفقراء, وكان بوسعه أن يعيش عيشة الأغنياء, ولكنه آثر الآخرة على الدنيا, وآثر الباقى على الفانى, حتى إنه مات ودِرْعه مرهونة عند رجل يهودى على ثلاثين صاعاً من تمر, وكان ينام على الحصير حتى أثَّر فى جنبه - صلى الله عليه وسلم -, وكانت تمر عليه وعلى نسائه - رضى الله عنهن - ثلاثة أهلِّة فى شهرين, دون أن يوقد فى بيوته نار, وكان يربط حجرين على بطنه من الجوع, وغير ذلك من مظاهر حياة الزهد والتقشف التى يعلمها مَن دَرَس سيرته - صلى الله عليه وسلم -, فلم يكن محباً لجمع المال عن طريق القتال كما ادَّعى السائل الذى جاء فى كتابه المقدس كثير من قصص النهب والسرقة والقتل التى ذكرنا بعضها فى الإجابة عن شبهات أخرى, ونذكر منها هنا ما يلى:
وأخذوا كل الغنيمة وكل النَّهْب من الناس والبهائم وأتوا إلى موسى وألعازار الكاهن وإلى جماعة بنى إسرائيل بالسَّبْى والنهب والغنيمة (عدد31: 11-12)
وصعد داود ورجاله وغزوا الجشوريين والجرزيين والعمالقة لأن هؤلاء من قديم سكان الأرض من عند شور إلى أرض مصر. وضرب داود الأرض ولم يستبقِ رجلاً ولا امرأة وأخذ غنماً وبقراً وحميراً وجمالاً وثياباً ورجع وجاء إلى أخيش. (صموئيل الأول27: 8-9)
وكلم الرب موسى قائلاً. أحصِ النهبَ المسْبِىّ من الناس والبهائم أنت وألعازار الكاهن ورؤوس آباء الجماعة. ونصِّف النهب بين الذين باشروا القتال الخارجين إلى الحرب وبين كل الجماعة... وكان النهب فضلة الغنيمة التى اغتنمها رجال الجند من الغنم ست مئة وخمسة وسبعين ألفاً. ومن البقر اثنين وسبعين ألفاً. ومن الحمير واحداً وستين ألفاً. ومن نفوس الناس من النساء اللواتى لم يعرفن مضاجعة ذكر جميع النفوس اثنين وثلاثين ألفاً. (عدد31: 25-35)
ثم أتى بنو يعقوب على القتلى ونهبوا المدينة. لأنهم نجسوا أختهم. غنمهم وبقرهم وحميرهم وكل ما فى المدينة وما فى الحقل أخذوه. وسبوا ونهبوا كل ثروتهم وكل أطفالهم ونساءهم وكل ما فى البيوت (تكوين34: 27-29)
فذهب داود ورجاله إلى قعيلة وحارب الفلسطينيين وساق مواشيهم وضربهم ضربة عظيمة (صموئيل الأول23: 5)
إن ما ذكرناه آنفاً فهو فى (العهد القديم) أى التوراة, ثم يأتى (العهد الجديد) وهو (الإنجيل) ليُقِرّ ما فعله أنبياء العهد القديم من القتل, والنهب, وسائر مظاهر العنف, فيقول بولس: وماذا أقول أيضاً لأنه يُعْوِزنى الوقت إن أخبرتُ عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل والأنبياء الذين بالإيمان قهروا ممالك صنعوا بِرّاً نالوا مواعيد سدُّوا أفواه أُسُود أطفأوا قوة النار نَجَوْا من حَدِّ السيف تقوَّوا من ضعف صاروا أشدّاء فى الحرب هزموا جيوش غُرباء. (الرسالة إلى العبرانيين11: 32-34) ففى هذا تأييد من بولس لما فعله أنبياء العهد القديم من القتل والنهب بزعمهم, والله أعلم.
الشبهة المائة ستة و ستون (166):
- يقول نبيكم: ((أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ إن هذه تجرى حتى تنتهى إلى مستقرها تحت العرش, فتخر ساجدة, فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعى ارجعى من حيث جئتِ, فترجع فتصبح طالعة من مطلعها, ثم تجرى حتى تنتهى إلى مستقرها تحت العرش, فتخر ساجدة, فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعى ارجعى من حيث جئت, فترجع فتصبح طالعة من مطلعها, ثم تجرى لا يستنكر الناس منها شيئاً, حتى تنتهى إلى مستقرها ذاك تحت العرش, فيقال لها: ارتفعى أصبحى طالعة من مغربكِ, فتصبح طالعة من مغربها, أتدرون متى ذاكم؟ حين {لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً})) [صحيح الجامع:84] ما هذا يا مسلمون؟ أهذا يتفق مع العلم الذى تدَّعون أن دينكم يؤيده؟
الرد:
- إن هذا الحديث لا يخالف العلم كما تقولون, فهل تكلم عن شىء مغاير لتكوين الشمس, أو خواصها, أو حركتها... إلخ؟ لقد قال: إنها تجرى, وهذا ما أثبته العلم, أما كَونها تسجد تحت العرش, ويُقال لها: ((ارجعى من حيث جئتِ)) فهذا أمر غيبى, نؤمن به, ولكن لا ندرى كيفية حدوثه, فهل يوجد منكم - أو من غيركم - من يدَّعى أنه يعرف مكان العرش حتى ينكر هذا الحديث؟ ومعلوم أن الشمس لها فى كل لحظة مشرق ومغرب على أرجاء المعمورة, ومعنى ذلك أنها فى حالة سجود دائم لله سبحانه وتعالى, وهذا ما أقره القرآن الكريم فى قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18]
ولقد جاء فى كتابكم المقدس ما هو أغرب من ذلك بكثير, وخصوصاً فى (رؤيا يوحنا اللاهوتى) ومن هذه الغرائب: وظهرت آية عظيمة فى السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثنى عشر كوكباً وهى حُبلَى تصرخ متمخِّضة ومتوجِّعة لتَلِد. وظهرت آية أخرى فى السماء. هُوَذا تنِّين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان. وذنبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها إلى الأرض. والتنِّين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت. فولدت ابناً ذكراً عنيداً أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد. واختطفت ولدها إلى الله وإلى عرشه. والمرأة هربت إلى البرية حيث لهما موضع مُعَدّ من الله لكى يعولوها هناك ألفاً ومئتين وستين يوماً وحدثت حرب فى السماء. ميخائيل وملائكته حاربوا التنين وملائكته ولم يقووا فلم يوجد مكانهم بعد ذلك فى السماء. فطرح التنِّين العظيم الحيَّة القديمة الْمَدعُوّ إبليس والشيطان الذى يضل العالم كله طُرِحَ إلى الأرض وطُرِحَت معه ملائكته. وسمعت صوتاً عظيماً قائلاً فى السماء الآن صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه لأنه قد طُرِحَ المشتكى على إخوتنا الذى كان يشتكى عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً. وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت. من أجل هذا افرحى أيتها السموات والساكنون فيها. ويل لساكنى الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالماً أن له زماناً قليلاً ولما رأى التنِّين أنه طُرِحَ إلى الأرض اضطهد المرأة التى ولدت الأبن الذكر. فأُعطِيَت المرأة جناحى النسر العظيم لكى تطير إلى البرية إلى موضعها حيث تُعالُ زماناً وزمانين ونصف زمان من وجه الحيَّة. فألقت الحية من فمها وراء المرأة ماء كنهر لتجعلها تحمَل بالنهر. فأعانت الأرض المرأة وفتحت الأرض فمها وابتلعت النهر الذى ألقاه التنِّين من فمه. فغضب التنِّين على المرأة وذهب ليصنع حرباً مع باقى نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح (رؤيا يوحنا: الإصحاح12) مع العلم بأن (الخروف) عندهم يعنى (الرب) كما ذكرنا ذلك فى (صفات الرب فى الكتاب المقدس) فى الرد على الشبهة رقم (19), والله أعلم.
ان شاء الله
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
الشبهة المائة سبعة و ستون (167):
- يقول القرآن: {سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى{6} إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ} [الأعلى:6-7] وقد روى البخارى عن عائشة أنها قالت: سمع النبى قارئاً يقرأ من الليل فى المسجد فقال: ((يرحمه الله.. لقد أذكرنى كذا وكذا آية أسقطتها من سورة كذا وكذا)) وفى رواية ((أُنسيتها)) إن معنى هذا أنه يُسقِط ما يشاء من القرآن أو ينساه, فكيف تقولون: إنه بلغ القرآن كاملاً؟
الرد:
- لقد قال العلماء: إن وقوع النسيان منه - صلى الله عليه وسلم - فيما ليس هو مأمور فيه بالبلاغ (مثل الأمور العادية والحياتية) فهذا جائز مطلقاً, لِما جُبِلَ عليه من الطبيعة البشرية, أما النسيان منه فيما هو مأمور فيه بالبلاغ, فهذا جائز, ولكن بشرطين.. الشرط الأول: أن يقع منه النسيان بعد ما يقع منه تبليغه، وأما قبل تبليغه فلا يجوز عليه فيه النسيان أصلاً. والشرط الثانى: ألا يستمر على نسيانه، بل يحصل له تَذَكُّره إما بنفسه وإما بغيره. وقالوا أيضاً: إن نسيانه - صلى الله عليه وسلم - لشىء من القرآن يكون على قسمين.. أحدهما: نسيانه الذى يتذكره عن قرب، وذلك قائم بالطباع البشرية, وعليه يدل قوله - صلى الله عليه وسلم - فى حديث السهو: ((إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسَوْن)) [متفق عليه] وهذا القسم سريع الزوال، لظاهر قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] والثانى: أن يرفعه الله عن قلبه لنسخ تلاوته، وهذا القسم مُشار إليه فى قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة:106] أما قوله تعالى: {سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى} فهو وعد كريم بعدم نسيان ما يقرؤه من القرآن، إذ أن (لا) فى الآية نافية، أى أن الله أخبر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا ينسى ما أقرأه إياه. والاستثناء فى الآية بعدها مُعلَّق على مشيئة الله, فإنه إذا أراد أن ينسيه لم يعجزه ذلك، ولكنه لم يشأ, بدليل قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة:17] فالقصد هو نفى النسيان أصلاً, وجاء بالاستثناء ليبين أن هذا الأمر (وهو عدم الإنساء) ليس خارجاً عن إرادته, فإذا أراده لم يمنعه مانع, فكل شىء بيده سبحانه وتعالى. وقيل إن الحكمة فى هذا الاستثناء, أن يعلم العباد أن عدم نسيان النبى - صلى الله عليه وسلم - القرآن هو محض فضل الله وإحسانه، ولو شاء تعالى أن ينسيه لأنساه، وفى ذلك إشعار للنبى - صلى الله عليه وسلم - أنه دائماً مشمول ومُحاط بنعمة الله وعنايته، وإشعار للأمة بأن نبيهم لم يخرج عن دائرة العبودية، فلا يفتنون به كما فُتِنَ النصارى بالمسيح عليه السلام.
وللرد على أن نسيان الرسول - صلى الله عليه وسلم - للآية التى ذكَّره بها أحد أصحابه - رضوان الله عليهم - يطعن فى تمام تبليغه للقرآن, نقول وبالله التوفيق:
أولاً: إن الآيات التى أُنسيها النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكرها, كانت مكتوبة بين يديه, ولم تنزل آية عليه, إلا قام كتبة الوحى بكتابتها, وكانت محفوظة فى صدور أصحابه - رضوان الله عليهم - الذين تلقوها عنه، والذين بلغ عددهم مبلغ التواتر, وليس فى الخبر إشارة إلى أن هذه الآيات لم تكن مما كتبه كتاب الوحى, ولا ما يدل على أن أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - كانوا نسوها جميعاً حتى يُخشى عليها من الضياع.
ثانياً: إن روايات الحديث لا تفيد أن هذه الآيات التى سمعها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أحد أصحابه كانت قد مُحِيَت من ذهنه الشريف جملة, بل غاية ما تفيده أنها كانت غائبة عنه ثم ذكرها, وحضرت فى ذهنه بقراءة صاحبه, وليس غيبة الشىء عن الذهن كمحوه منه, فالنسيان هنا بسبب اشتغال الذهن بغيره, أما النسيان التام فهو مستحيل على النبى - صلى الله عليه وسلم -.
ثالثاً: إن قوله: ((أسقطتها)) مفسَّرة بقوله فى الرواية الأخرى: ((أُنْسِيتُها)) فدل على أنه أسقطها نسياناً لا عمداً, فلا محل لما أورده السائل من أنه قد يكون أسقط عمداً بعض آيات القرآن. قال النووى: (قوله: ((كنتُ أُنْسِيتُها)) دليل على جواز النسيان عليه فيما قد بلَّغه إلى الأمة) وقد ذهب البعض إلى أن ما نسيه النبى - صلى الله عليه وسلم - كان مما نسخه الله تعالى, ولم يعلم الصحابى بنسخه, ثم وقع العلم عند الصحابى بذلك. وقد قلنا فى أكثر من موضع: لو أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئاً من القرآن, أو أسقطه عمداً - كما تقولون - لكتم آيات كثيرة, مثل بعض آيات سور (عبس) وغيرها.
رابعاً: كان سيدنا جبريل - عليه السلام - يراجع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن كل عام فى رمضان لِكَيلا ينساه, وفى آخر حياته الشريفة راجعه إياه كاملاً مرتين.
خامساً: كثرة ترديد الآيات, وتلاوتها فى المناسبات, والخطب, والصلوات, ساعدت على حفظ القرآن جيداً, والعمل به, والله أعلم.
الشبهة المائة ثمانية و ستون (168):
- تزعمون أن نبيكم كانت له قوة أربعين نبياً, وأنه كسر الصخرة التى لم يقدر عليها أصحابه حين حفروا الخندق, وأنه أصاب أعين المشركين بحفنة من التراب فى غزوة بدر, وأنه كذا وأنه كذا, ما كل هذه المبالغات؟
الرد:
- إن هذه ليست مبالغات, ولكنها من المعجزات التى أيد الله بها نبيه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا حرج على فضل الله, وقد كانت له معجزات أخرى كثيرة, ذكرنا بعضاً منها فى الإجابة عن الشبهة رقم (258) وقد جاء فى كتابكم المقدس ما هو أبعد مما ذكرتموه بكثير, ومنه ما يلى:
ثم قال الرب لموسى وهَرُون خُذا مِلء أيديكما من رماد الأتون. وليُذرِّه موسى نحو السماء أمام عينى فرعون. ليصير غباراً على كل أرض مصر. فيصير على الناس وعلى البهائم دمامل طالعة ببُثُور فى كل أرض مصر. فأخذا رماد الأتون ووقفا أمام فرعون وذرّاه موسى نحو السماء. فصار دمامل بُثُور طالعة فى الناس وفى البهائم. ولم يستطع العرّافون أن يقفوا أمام موسى من أجل الدمامل. لأن الدمامل كانت فى العرّافين وفى كل المصريين. (خروج9: 8-11)
هذه أسماء الأبطال الذين لداود. يوشيب بشبث التحكمونى رئيس الثلاثة. هو هَزَّ رُمحه على ثمان مئة قتلهم دفعة واحدة. (صموئيل الثانى23: 8) هل يستطيع أحد - مهما أوتىَ من قوة - أن يقتل ثمان مائة رجل برُمحهِ دفعة واحدة؟
وهذا هو عدد الأبطال الذين لداود. يشبعام بن حكمونى رئيس الثوالث. هو هَزَّ رمحه على ثلاث مئة قتلهم دفعة واحدة. (أخبار الأيام الأول11: 11)
وكان بعده شمجر بن عناة فضرب من الفلسطينيين سِت مئة رجل بمِنساس البقر وهو أيضاً خلَّص إسرائيل (قضاة3: 31) ما هذا؟ ست مائة رجل يُقتلون بمنساس البقر (أى ذيله)؟
شمشون يضرب 1000 رجل بلحى حمار طرى, ويشق الأسد بيديه نصفين, ويربط ذيول 300 ثعلب ببعضها:
ووجد لِحَى حمار طرياً فمَدَّ يده وأخذه وضرب به ألف رجل. فقال شمشون بلحى حمار كومة كومتين. بلحى حمار قتلتُ ألف رجل. (قضاة15: 15-16) (لحى حمار) أى (فَك حمار).
فنزل شمشون وأبوه وأمه إلى تمنة وأتوا إلى كروم تمنة. وإذا بشبل أسد يزمجر للقائه. فحلَّ عليه روح الرب فشقَّه كشق الجدى وليس فى يده شىء ولم يخبر أباه وأمه بما فعل... مالَ لكى يرى رِمَّة الأسد وإذا دَبْرٌ من النحل فى جوف الأسد مع عسل. فاشتار منه على كفيه وكان يمشى ويأكل وذهب إلى أبيه وأمه وأعطاهما فأَكَلا ولم يخبرهما أنه من جوف الأسد اشتار العسل (قضاة14: 5-9) نلاحظ من هذا النَّص أن الأسد لم يتعفن بعدما شقَّه شمشون بيديه, وأن النحل اتخذت جوفه بيتاً لصنع العسل.
وذهب شمشون وأمسك ثلاث مِئة ابن آوى وأخذ مشاعل وجعل ذَنَبَا إلى ذَنَب ووضع مَشعلاً بين كل ذَنَبَيْن فى الوسط. ثم أضرم المشاعل ناراً وأطلقها بين زروع الفلسطينيين فأحرق الأكداس والزرع وكروم الزيتون (قضاة15: 4-5) (ابن آوى) هو الثعلب, والله أعلم.
الشبهة المائة تسعة و ستون (169):
- أنتم تقولون إن نبيكم جاء ذكره فى التوراة والإنجيل, وها هو الكتاب المقدس بين أيدينا, وليس فيه أى صفة من صفات نبيكم, لا تصريحاً ولا تلميحاً!
الرد:
- أنتم تقولون إن البشارة بالمسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - جاءت فى العهد القديم (التوراة) عشرات - بل مئات - المرات, فهل تستطيعون أن تأتونا ببشارة واحدة ذكرت اسمه صريحاً؟ إن البشارات التى تتحدثون عنها, لم يأتِ فيها ذكر (المسيح) أو (يسوع) ولكنكم تؤكدون أنها تعنِيه بقرائن أخرى, فكذلك نحن نؤكد أن الكتاب المقدس الذى بين أيديكم الآن ذكر سيدنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - ولكن ليس باسمه صريحاً, بل تلميحاً, أما قبل تحريفه, فقد ذُكِرَ فيه اسمه صريحاً, كما قال سيدنا عيسى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:6] وها هى بعض النصوص التى بشَّرت به - صلى الله عليه وسلم - فى الكتاب الذى بين أيديكم (بالإضافة لما ذكرناه فى الرد على الشبهة رقم 121):
أُقيمُ لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعلُ كلامى فى فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون أن الإنسان الذى لا يسمع لكلامى الذى يتكلم به باسمى أنا أطالبُه. (تثنية18: 18-19) إن هذه بشارة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وليست بالمسيح عليه السلام كما تقولون, لأنها قالت عن هذا النبى: (مثلك) أى مثل سيدنا موسى, ولو أن وجه الشبه بين موسى وعيسى أنهما نبيّان يهوديّان, لكانت تنطبق على أنبياء كثيرين ممن جاءوا بعد موسى, مثل: سليمان, وإشعياء, ودانيال, وحزقيال, وهوشع... إلى آخرهم, ولكن سيدنا محمداً هو الذى مثل سيدنا موسى, وليس المسيح.. بدليل:
إن المسيح لا يشبه موسى بمقتضى عقيدتكم, لأنكم تزعمون أن المسيح هو الإله المتجَسِّد على هيئة البشر, ولكنكم لا تقولون إن موسى كان إلهاً.
أنتم تعتقدون أن المسيح ضحَّى بنفسه من أجل خطايا البشر, ولا تعتقدون ذلك فى موسى.
كان لموسى أب وأم كما كان لمحمد - صلى الله عليه وسلم - أما المسيح فلم يكن له أب.
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى تزوَّجا وأنجبا, أما المسيح فظل عَزَباً طوال حياته قبل رفعه.
محمد وموسى – عليهما الصلاة والسلام - هاجرا بشعبيهما بسبب ما لقِياه وقومهما من أذى الكفار واضطهادهم, ولم يهاجر المسيح عليه السلام بأتباعه.
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى كانا نبيَّيْن مثلما كانا زعيمَيْن, أى أنهما كانا يحكمان شعبيهما, ولهما سلطان عليهما, بحيث يوقعان العقوبة على المخطئ, كما جاء عن موسى فى الكتاب المقدس أمره بإعدام عَبَدَة العجل (خروج32: 26-29) أما المسيح فكان نبياً فقط, ولم يحكم شعبه, بل كان يأمره بطاعة ولىّ أمره: حينئذ ذهب الفريسييون وتشاوروا لكى يصطادوه بكلمة... فقُل لنا ماذا تظن. أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا... فقال لهم أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله. (متى22: 15-21) وصرَّح بأن مملكته ليست على الأرض: أجاب يسوع مملكتى ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتى من هذا العالم لكان خُدّامى يجاهدون لكى لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتى من هنا. (يوحنا18: 36)
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى أتيا بشريعة جديدة وأحكام جديدة لشعبيهما, أما المسيح فلم يأتِ بشريعة جديدة ولا بأحكام جديدة, بل كان يؤكد لهم أنه لم يأتِ لينقض الناموس (أى التوراة) بل ليكمِّله.
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى ماتا موتة طبيعية مثل جميع البشر, أما المسيح فقد رفعه الله إليه حياً, وأنتم تعتقدون أنه صُلِبَ, ولا تعتقدون ذلك فى موسى.
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى يرقدان فى قبريهما فى الأرض, أما المسيح فأنتم تقولون إنه: منذ الآن يكون ابن الإنسان جالساً عن يمين قوة الله. (لوقا22: 69)
أنتم تعتقدون أن المسيح مكث فى قبره ثلاثة أيام ثم رُفِعَ, ولكن موسى لم يُفعَل به ذلك.
وهناك أمور أخرى - وهى الأهم - تثبت أن هذه البشارة خاصة بسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - غير كونه مثل موسى, فلم تَقُل البشارة (نبياً من أنفسهم) حتى تظنوا أن هذا النبى من بنى إسرائيل (أى من بنى يعقوب بن إسحاق - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - لأن إسرائيل هو يعقوب) ولكنها قالت: (من وسط إخوتهم) وهم العرب أبناء إسماعيل, على نبينا وعليه الصلاة والسلام. والكتاب المقدس نفسه يثبت أن أبناء إسماعيل إخوة لأبناء إسحاق: فولدت هاجر لأبرام ابناً. ودعا أبرام اسم ابنه الذى ولدته هاجر إسماعيل. (تكوين16: 15) ( أبرام معناه إبراهيم ) وأمام جميع إخوته يسكن. (تكوين16: 12) وهذه سِنو حياة إسماعيل. مئة وسبع وثلاثون سنة. وأسلم روحه ومات وانضم إلى قومه. وسكنوا من حويلة إلى شور التى أمام مصر حينما تجىء نحو أشور. أمام جميع إخوته نزل (تكوين25: 17-18)
وقد قالت البشارة: (وأجعل كلامى فى فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به) وهذا ينطبق على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه عندما جاءه جبريل - عليه السلام - فى غار حراء وقال له مرتين: {اقْرَأْ} ورد عليه - صلى الله عليه وسلم - فى كل منهما بقوله: (( ما أنا بقارئ )) فقال له فى الثالثة : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} عَلِمَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن أمر جبريل له بالقراءة هو أن يردد هذا القول خلفه, لا أن يقرأ من كتاب, وهذا ما دلَّت عليه بشارة الكتاب المقدس (وأجعل كلامى فى فمه) أى أنه ينطق بكلام الله.
ثم إن الكتاب المقدس نفسه ينفى مجىء نبى من بنى إسرائيل مثل موسى, فيقول: ولم يَقُمْ بَعْدُ نبى فى إسرائيل مثل موسى الذى عرفه الرب وجهاً لوجه (تثنية34: 10)
وهناك بشارات أخرى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فى الكتاب المقدس, ومنها: أو يُدفَع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويُقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة (إشعياء29: 12) وهذا النص واضح الدلالة على أنه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. (تثنية33: 2) (جاء الرب) أى جاء مَلاك الرب بالوحى, وهذا يعنى نبوَّة سيدنا موسى, ثم نبوة سيدنا عيسى, ثم نبوة سيدنا محمد - صلوات الله وسلامه عليهم - حسب ترتيبهم الزمنى, لأن (سيناء) هى مهبط الوحى على سيدنا موسى, و(سعير) مهبط الوحى على سيدنا عيسى, و(فاران) مهبط الوحى على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. والدليل على أن (فاران) هى (مكة المكرمة) أن الكتاب المقدس ذكر أن سيدنا إسماعيل سكن فيها: وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن فى البرية وكان ينمو رامى قوس. وسكن فى بريَّة فاران. وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر (تكوين21: 20-21) ولكنكم تغالطون أنفسكم وتقولون إن (فاران) هى (إيلات) مع أن (إيلات) لم يُبعَث فيها نبى قط. ونلاحظ أن النَّص قال: (تلألأ من جبال فاران) وقد أنزل الوحى على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو فى غار حِراء على جبل النور, وكلمة (تلألأ) أقوى من (جاء) و(أشرق) أى أن نور رسالة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أقوى من سابقتيها, وهناك دليل آخر فى هذا النَّص (أى: تثنية33: 1-2) ولكنه فى الترجمة الإنجليزية للكتاب المقدس, حيث تقول البشارة:
The LO- صلى الله عليه وسلم -D came f- صلى الله عليه وسلم -om Sinai, and - صلى الله عليه وسلم -ose up f- صلى الله عليه وسلم -om Sei- صلى الله عليه وسلم - unto them; he shined fo- صلى الله عليه وسلم -th f- صلى الله عليه وسلم -om mount Pa- صلى الله عليه وسلم -an, and he came with ten thousands of saints
أى أن الذى تلألأ من جبال فاران أتى ومعه عشرة آلاف قديس, وهى إشارة لدخول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى جبال فاران (أى جبال مكة) عام الفتح, ومعه عشرة آلاف من أصحابه الكِرام - رضوان الله عليهم - ولكنكم أخفيتم هذا النَّص من الترجمة العربية, حتى لا يكون واضح الدلالة على نبوة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبعد هذا تزعمون أنه لا يمكن التلاعب بالكتاب المقدس!
الله جاء من تِيمان والقدوس من جبل فاران. سِلاه. جلاله غطى السماوات والأرض امتلات من تسبيحه. وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. قُدّامه ذهب الوَبَأ وعند رجليه خرجت الحُمَّى. (حبقوق3: 3-5) وقد ذكرنا أن فاران هى مكة, وأظن أنه لا يتمارى اثنان فى أن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأُمَّته هم أكثر أهل الأرض تسبيحاً لله جل وعلا, ومعلوم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما هاجر إلى المدينة المنورة هو وأصحابه - رضوان الله عليهم - كان بها وباء أصاب بعضهم بالحُمَّى الشديدة, فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه عز وجل أن ينقل الوباء إلى خارج المدينة, فاستجاب الله سبحانه وتعالى لدعائه.
عن أم المؤمنين عائشة – رضى الله عنها – قالت: قَدِمنا المدينة وهى وَبِيئَة, فاشتكى أبو بكر واشتكى بلال, فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شكوى أصحابه قال: (( اللهم حَبِّب إلينا المدينة كما حبَّبت مكة أو أشد , وصَحِّحها , وبارك لنا فى صاعِها ومُدِّها , وحَوِّل حُمّاها إلى الجُحْفَة )) [صحيح مسلم] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمَهَيْعَة - وهى الجُحفة - فأوَّلْتُ أن وباء المدينة نُقِل إليها )) [صحيح البخارى]
وَحْىٌ من جهة بلاد العرب. فى الوَعْر فى بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين. هاتوا ماء لمُلاقاة العطشان يا سكان أرض تَيْماء وافُوا الهارب بخُبْزِه. فإنهم من أمام السيوف قد هربوا. من أمام السيف المسلول ومن أمام القوس المشدودة ومن أمام شدة الحرب. فإنه هكذا قال لى السيد فى مدة سنة كَسَنَة الأجير يَفنَى كل مجد قيدار وبقية عدد قِسِىّ أبطال بنى قيدار تَقِل لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم (إشعياء21: 13-17)
دعونا نسألكم: أىّ وَحْى هذا الذى جاء من جِهَة بلاد العرب إن لم يكن الوحى الذى أُنزِل على الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وهل هناك أى نبى من أنبياء بنى إسرائيل خرج من بلاد العرب؟
ربما يلتبس الأمر على البعض ويظن أن خروج أنبياء بنى إسرائيل – صلوات الله وسلامه عليهم – من أرض فلسطين يُعَد خروجاً من بلاد العرب, ولكن الحقيقة غير ذلك, فإن فلسطين وما جاورها من الدّوَل كانت – وما زالت – تُسمَّى ببلاد الشام, أما بلاد العرب فهى تُطلَق على بلاد الجزيرة العربية.
وهذا النَّص واضح الدلالة على البشارة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وهجرته إلى المدينة المنورة هروباً من اضطهاد مكة وتعذيبها له ولأصحابه - رضوان الله عليهم -, وذلك لأن ( تَيْماء ) هى أرض تقع شمال المدينة المنورة, والددانيون هم أبناء سيدنا إبراهيم – على نبينا وعليه الصلاة والسلام – بدليل ما جاء فى الكتاب المقدس نفسه:
وعاد إبراهيم فأخذ زوجة اسمها قَطُورَة. فولدت له زِمْران ويَقْشان ومَدَان ومِدْيان ويِشْباق وشُوحاً. وولد يَقْشان شَبَا ودَدَان. (تكوين25: 1-3)
أما بنى قيدار فهم أجداد العرب, من نسل سيدنا إسماعيل – على نبينا وعليه الصلاة والسلام – بدليل من الكتاب المقدس أيضاً, ألا وهو:
وهذه أسماء بنى إسماعيل بأسمائهم حسب مواليدهم. نبايوت بِكْر إسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام (تكوين25: 13)
ومجد قيدار الذى ذُكِرَ فى النَّص هو مجد قريش, لأن قريش كانت بمثابة العاصمة للجزيرة العربية, وكانت لها مكانتها العظيمة – التى لا يمارى فيها اثنان – بين قبائل العرب , وذلك – كما هو معلوم – لوجود بيت الله الحرام والكعبة المشرَّفة فيها, وقد جاء فى النَّص: (فى مدة سنة كَسَنَة الأجير يَفنَى كل مجد قيدار) وهذا ما حدث بالفعل, فقد هزم الله قريشاً فى موقعة بدر بعد عام من الهجرة, وفقدت مكانتها وهيبتها بين القبائل العربية, وقُتِلَ فيها العشرات من وُجَهاء القوم وأفضل فرسانهم, وذلك معنى: (وبقية عدد قِسِىّ أبطال بنى قيدار تَقِل)
هُوَذا عبدى الذى أعْضُدُه مُختارى الذى سُرَّت به نفسى. وضعتُ روحى عليه فيُخرِج الحق للأمم. لا يصيح ولا يَرفع ولا يُسمِع فى الشارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصِف وفتِيلَة خامدة لا يُطفِئ. إلى الأمان يُخرِج الحق. لا يَكِلّ ولا ينكسر حتى يضع الحق فى الأرض وتنتظر الجزائر شريعته (إشعياء42: 1-4) أنتم تقولون إن هذه البشارة خاصة بالمسيح – على نبينا وعليه الصلاة والسلام – ولكنكم تغالطون أنفسكم, لأنكم لا تعترفون بأن السيد المسيح عبد, بل تزعمون أنه الله أو ابن الله, كما أن البشارة تتحدث عن مجىء من يختاره الله ليُخرِج الحق للأمم, وينتظر العالم شريعته, والمسيح لم يُرسَل إلى جميع الأمم, بدليل قوله: لم أُرسَل إلا إلى خِراف بيت إسرائيل الضالَّة. (متى15: 24) أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو الذى أُرسِل لجميع الأمم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] وشريعته هى التى ستسود العالم بعِزّ عزيز أو بذُلّ ذليل, عِزّاً يُعِزُّ اللهُ به الإسلام وأهله, وذُلاً يُذِلُّ اللهُ به الشرك وأهله.
غنوا للرب أغنية جديدة تسبيحه من أقصى الأرض. أيها المنحدرون فى البحر وملؤه والجزائر وسكانها. لترفع البَرِيَّة ومُدُنها صوتها الديار التى سكنها قيدار. لتترنم سُكّان سالِع. من رؤوس الجبال ليهتفوا. ليُعطوا الرب مجداً ويُخبروا بتسبيحه فى الجزائر. (إشعياء42: 10-12) وقد ذكرنا أن أهل قيدار هم أهل مكة, وفى مكة تُرفَع الأصوات بالتكبير والتهليل والتحميد, وخصوصاً فى الحج والعمرة والأذان والأعياد, أما من يظنون أن هذه البشارة خاصة بالمسيح عليه السلام, فنسألهم ونقول لهم: هل أتى السيد المسيح بتسبيحات جديدة, أم أن عبادته وشريعته كانت على نَهْج رسالة سيدنا موسى, على نبينا وعليهما الصلاة والسلام؟ ولو كان جاء بتسبيحات جديدة.. فهل رفع أهل قيدار أصواتهم بها؟
غنُّوا للهِ رنِّموا لاسْمِه. أعِدِّوا طريقاً للراكب فى القِفار باسمه ياهْ واهتفوا أمامه. أبو اليتامى وقاضى الأرامل اللهُ فى مَسْكَن قُدْسِه. (مزمور68: 4-5) (باسمه ياهْ) أى باسم الله, لأن كلمة (ياهْ) تعنى فى بعض نُسَخ الكتاب المقدس (الله) والرسول - صلى الله عليه وسلم - أبو اليتامى, سواء أولاده الذين كانوا من السيدة خديجة – رضى الله عنها – أو من تكفَّل برعايتهم بعد موت آبائهم, مثل أولاد زوجته أم سَلَمَة – رضى الله عنها – وأولاد سيدنا جعفر بن أبى طالب - رضي الله عنه - بعد استشهاد أبيهم فى غزوة مؤتة, كما أنه - صلى الله عليه وسلم - كانت كل زوجاته – رضى الله عنهن - أرامل, ما عدا السيدة عائشة, فهو قاضيهن, أى الذى ينصِفهن, ويقضى فى أمرهن بالحق, وقد جعل الله بيته داخل مسجده (اللهُ فى مَسْكَن قُدْسِه)
والرسول - صلى الله عليه وسلم - - بالإضافة لكفالته لليتامى – فقد أوصى بهم فى أحاديث كثيرة, منها قوله: (( أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا )) وأشار بالسَّبابة والوُسْطَى (أى أُصبعيه السبابة والوسطى) وفرَّج بينما شيئاً [صحيح البخارى] وأوصى أيضاً بالأرامل, فقال : (( الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله, أو كالذى يصوم النهار ويقوم الليل )) [صحيح البخارى]
ونحن نعلم أن اليتيم هو الذى فقد أباه, ولكن عندما يقال: (أبو اليتامى) ينصرف الذهن إلى رجل ماتت زوجته, وتركت له أولاداً, أو تكفَّل بيتامى آخرين, والأمران تحققا للرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا بالإضافة لما فى النَّص من تلميح لهجرته - صلى الله عليه وسلم - (أعِدِّوا طريقاً للراكب فى القِفار)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إن مثلى ومثل الأنبياء من قبلى, كمثل رجل بنى بيتاً, فأحسنه وأجمله, إلا موضع لَبِنَة من زاوية, فجعل الناس يطوفون به, ويعجبون له, ويقولون هلا وُضِعَت هذه اللَبِنَة, فأنا اللَبِنَة, وأنا خاتم النبيين )) [صحيح البخارى] وقد جاء فى الكتاب المقدس على لسان سيدنا داود - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - ما يوافق هذا الكلام:
الحجر الذى رفضه البنّاؤون قد صار رأس الزاوية. من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب فى أعيننا (مزمور118: 22-23) إن هذا معناه أن جميع أنبياء بنى إسرائيل - على نبينا وعليهم الصلاة والسلام - تشير إليهم الحجارة الكثيرة فى بناء بيت الرب, أما الحجر الذى هو رأس الزاوية, والذى يمسك البناء كله, فهو - وإن كان حجراً واحداً - إلا أنه هو الأهم والأعظم أثراً فى إقامة هذا البناء وتماسكه, وهو يشير بذلك إلى سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - باعتباره خاتم النبيين, وبرسالته يتم البناء ويكتمل. ولقد ظن النصارى أن هذه البشارة خاصة بالمسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فى حين أن المسيح نفسه قال:
اسمعوا مثلاً آخر. كان إنسان رب بيت غرس كَرْماً وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى بُرجاً وسَلَّمه إلى كرّامين وسافر. ولما قرب وقت الأثمار أرسل عبيده إلى الكرّامين ليأخذ أثماره. فأخذ الكرّامون عبيده وجلدوا بعضاً وقتلوا بعضاً ورجموا بعضاً. ثم أرسل أيضاً عبيداً آخرين أكثر من الأولين. ففعلوا بهم كذلك. فأخيراً أرسل إليهم ابنه قائلاً يهابون ابنى. وأما الكرّامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث. هلمُّوا نقتله ونأخذ ميراثه. فأخذوه وأخرجوه خارج الكَرْم وقتلوه. فمتى جاء صاحب الكَرْم ماذا يفعل بأولئك الكرّامين. قالوا له. أولئك الأردياء يُهلكهم هلاكاً رَدِيّاً ويُسَلِّم الكَرْم إلى كرّامين آخرين يعطونه الأثمار فى أوقاتها. قال لهم يسوع أمَا قرأتم قط فى الكتب. الحجر الذى رفضه البنّاؤون هو قد صار رأس الزاوية. من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب فى أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله يُنزَعُ منكم ويُعطَى لأُمَّة تعمل أثماره. ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه (متى21: 33-44) فى هذ النَّص يضرب المسيح عليه السلام مثلاً – {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} - للأنبياء الذين أرسلهم الله جل وعلا لهداية خلقه, فجلدهم المكذبون بهم, وقتلوهم, ورجموهم, ثم أرسل الله إليهم المسيح, فقتلوه هو أيضاً بزعمهم (ابن الله فى الكتاب المقدس معناها المؤمن بالله, كما ورد فى الرد على الشبهة رقم 18) ثم أخبرهم المسيح أن (الملكوت) أى (النبوة) ستُنزَع منهم (أى من بنى إسرائيل) وتُعطَى لأُمَّة أخرى تقوم بحقها أفضل ممن سبقها, وأشار إلى الحجر الذى صار رأس الزاوية, والذى جاء ذكره فى بشارة سيدنا داود - وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - - والذى لا يستقيم البناء بغير وجوده, وأن (من سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه) وهذه إشارة لجهاده - صلى الله عليه وسلم - فى سبيل الله, وإلى قوة الإسلام, وأن من يعاديه سوف يسحقه الله. وقد حدث هذا عندما استطاع المسلمون الأوائل - رغم قِلَّتهم - الانتصار (بإذن الله) على أعظم قوتين فى ذلك الحين, وهما الفرس والروم.
إن تنبُّؤ المسيح بقوة النبى - صلى الله عليه وسلم - وأمته, يوافق ما جاء فى بشارة سيدنا موسى التى ذكرناها (ويكون أن الإنسان الذى لا يسمع لكلامى الذى يتكلم به باسمى أنا أطالبه) أى أن الله سبحانه وتعالى سينتقم ممن لا يطيع هذا النبى المبارك - صلى الله عليه وسلم -.
لقد تبَيَّن لنا من كلام المسيح - عليه السلام - أن عبارة (ملكوت الله) تعنى (النبوة) حتى لا يقول مجادل: إنها تعنى يوم القيامة. إذ كيف يقول عن يوم القيامة (يُنزَع منكم) ؟ ومن ثَم فإن النصوص التالية تؤكد هذا المعنى, أى أن النبوة ستصير لنبى آخر بعد المسيح عليه السلام, ألا وهو رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: جاء يسوع إلى الجليل يَكْرِز ببشارة ملكوت الله. ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل (مرقس1: 14-15) (يَكْرِز) معناها (يُبَشِّر)
فقال لهم متى صليتم فقولوا أبانا الذى فى السمَوات. ليتقدس اسمك. ليأتِ ملكوتك. (لوقا11: 2)
فصلوا أنتم هكذا. أبانا الذى فى السمَوات. ليتقدس اسمك. ليأتِ ملكوتك. (متى6: 9-10)
وقد جاءت بشارات أخرى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فى الكتاب المقدس باسم (المُعَزِّى) أو (روح الحق) أو (الروح القدس) أو(الكامل) ومنها ما يلى:
الذى لا يحبنى لا يحفظ كلامى. والكلام الذى تسمعونه ليس لى بل للآب الذى أرسلنى. بهذا كلمتكم وأنا عندكم. وأما المُعَزِّى الروح القدس الذى سيرسله الآب باسمى فهو يعلمكم كل شىء ويذكركم بكل ما قلته لكم (يوحنا14: 24-26) و(المُعَزِّى) معناه (المُواسِى) أى الذى يواسى أتباعه, ويُصبِّرهم على ما يلاقونه من الأذى. والرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذى علمنا كل شىء, حتى قال أحد اليهود لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لقد علمكم نبيكم كل شىء حتى الخِراءة (أى حتى التطهر من البراز) أما تذكيره - صلى الله عليه وسلم - بما قاله المسيح - عليه السلام - فقد جاء فى آيات كثيرة معلومة.
ومتى جاء المُعَزِّى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى. وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معى من الابتداء (يوحنا15: 26-27) والرسول - صلى الله عليه وسلم - يشهد بنبوة المسيح عليه السلام, ويشهد للحواريين أتباعه بأنهم آمنوا به ونصروه.
لكنى أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المُعَزِّى. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم... وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يُمَجِّدنى لأنه يأخذ مما لى ويخبركم. (يوحنا16: 7-14) هذا النَّص يوضح أن (المُعَزِّى) أفضل من المسيح, لأنه قال: (خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعَزِّى) ويوضح أيضاً أن (المعَزِّى) يرشدنا إلى جميع الحق, وهذا لا يحتاج لبيان من سيرته عليه الصلاة والسلام, ويوضح أيضاً أنه يخبرنا بما سيأتى, ولا شك أن الآيات والأحاديث أخبرتنا بغيبيات كثيرة, لا مجال لذكرها لكثرتها, وأخيراً يوضح النص أن (المُعَزِّى) يمجِّد المسيح, والرسول - صلى الله عليه وسلم - مجَّد جميع الأنبياء والمرسلين - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – ورغم هذا الوضوح فى مدلول النصوص, إلا أنكم تزعمون أن (المُعَزِّى) هو روح القُدُس, وهذا القول مردود عليكم, لأن روح القدس كان ملازماً للسيد المسيح عليه السلام, أما المعزى فتقول النصوص إنه سيأتى بعده, وروح القدس بالطبع ليس أفضل من المسيح, ولكن النصوص قالت إن المعزى أفضل منه, كما أن روح القدس لا يتكلم كما يتكلم المعزى, بل هو – كما فى عقيدتكم – روح المسيح التى يحيا بها.
لأننا نعلم بعض العلم ونتنبَّأ بعض التنبُّوء. ولكن متى جاء الكامل فحينئذ يُبْطَلُ ما هو بعضٌ. (الرسالة الأولى إلى كورنثوس13: 9-10) فمن هو الكامل الذى شملت رسالته كل الرسالات قبله إن لم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ ومن الذى تكون رسالته كاملة لجميع الأمم؟ ومن الذى لم تترك رسالته صغيرة ولا كبيرة إلا وتكلمت عنها؟ إن هذا النص معناه أن علم من قبله وتنبؤاتهم لم تكن كاملة, حتى يأتى - صلى الله عليه وسلم - فتكون رسالته الكاملة ناسخة لما قبلها, وهو معنى (يُبْطَلُ ما هو بعضٌ).
وهناك دلائل أخرى فى الكتاب المقدس تشير إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإلى مكة المكرمة, والمدينة المنورة, وإلى انتصاراته على أعدائه, وغير ذلك, فليرجع إليها من شاء فى مصادرها, ومنها كتاب (محاضرات فى مقارنة الأديان) للأستاذ إبراهيم خليل أحمد, وكتاب (مناظرة بين الإسلام والنصرانية) وهو عبارة عن مناقشة بين مجموعة من رجال الفكر من الديانتين, الإسلامية والنصرانية, وكتاب (إظهار الحق) لرحمة الله بن خليل الرحمن الهندى, والله أعلم.
ان شاء الله
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
الشبهة المائة تسعة و ستون (169):
- أنتم تقولون إن نبيكم جاء ذكره فى التوراة والإنجيل, وها هو الكتاب المقدس بين أيدينا, وليس فيه أى صفة من صفات نبيكم, لا تصريحاً ولا تلميحاً!
الرد:
- أنتم تقولون إن البشارة بالمسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - جاءت فى العهد القديم (التوراة) عشرات - بل مئات - المرات, فهل تستطيعون أن تأتونا ببشارة واحدة ذكرت اسمه صريحاً؟ إن البشارات التى تتحدثون عنها, لم يأتِ فيها ذكر (المسيح) أو (يسوع) ولكنكم تؤكدون أنها تعنِيه بقرائن أخرى, فكذلك نحن نؤكد أن الكتاب المقدس الذى بين أيديكم الآن ذكر سيدنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - ولكن ليس باسمه صريحاً, بل تلميحاً, أما قبل تحريفه, فقد ذُكِرَ فيه اسمه صريحاً, كما قال سيدنا عيسى: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:6] وها هى بعض النصوص التى بشَّرت به - صلى الله عليه وسلم - فى الكتاب الذى بين أيديكم (بالإضافة لما ذكرناه فى الرد على الشبهة رقم 121):
أُقيمُ لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك وأجعلُ كلامى فى فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به ويكون أن الإنسان الذى لا يسمع لكلامى الذى يتكلم به باسمى أنا أطالبُه. (تثنية18: 18-19) إن هذه بشارة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وليست بالمسيح عليه السلام كما تقولون, لأنها قالت عن هذا النبى: (مثلك) أى مثل سيدنا موسى, ولو أن وجه الشبه بين موسى وعيسى أنهما نبيّان يهوديّان, لكانت تنطبق على أنبياء كثيرين ممن جاءوا بعد موسى, مثل: سليمان, وإشعياء, ودانيال, وحزقيال, وهوشع... إلى آخرهم, ولكن سيدنا محمداً هو الذى مثل سيدنا موسى, وليس المسيح.. بدليل:
إن المسيح لا يشبه موسى بمقتضى عقيدتكم, لأنكم تزعمون أن المسيح هو الإله المتجَسِّد على هيئة البشر, ولكنكم لا تقولون إن موسى كان إلهاً.
أنتم تعتقدون أن المسيح ضحَّى بنفسه من أجل خطايا البشر, ولا تعتقدون ذلك فى موسى.
كان لموسى أب وأم كما كان لمحمد - صلى الله عليه وسلم - أما المسيح فلم يكن له أب.
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى تزوَّجا وأنجبا, أما المسيح فظل عَزَباً طوال حياته قبل رفعه.
محمد وموسى – عليهما الصلاة والسلام - هاجرا بشعبيهما بسبب ما لقِياه وقومهما من أذى الكفار واضطهادهم, ولم يهاجر المسيح عليه السلام بأتباعه.
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى كانا نبيَّيْن مثلما كانا زعيمَيْن, أى أنهما كانا يحكمان شعبيهما, ولهما سلطان عليهما, بحيث يوقعان العقوبة على المخطئ, كما جاء عن موسى فى الكتاب المقدس أمره بإعدام عَبَدَة العجل (خروج32: 26-29) أما المسيح فكان نبياً فقط, ولم يحكم شعبه, بل كان يأمره بطاعة ولىّ أمره: حينئذ ذهب الفريسييون وتشاوروا لكى يصطادوه بكلمة... فقُل لنا ماذا تظن. أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا... فقال لهم أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله. (متى22: 15-21) وصرَّح بأن مملكته ليست على الأرض: أجاب يسوع مملكتى ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتى من هذا العالم لكان خُدّامى يجاهدون لكى لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتى من هنا. (يوحنا18: 36)
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى أتيا بشريعة جديدة وأحكام جديدة لشعبيهما, أما المسيح فلم يأتِ بشريعة جديدة ولا بأحكام جديدة, بل كان يؤكد لهم أنه لم يأتِ لينقض الناموس (أى التوراة) بل ليكمِّله.
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى ماتا موتة طبيعية مثل جميع البشر, أما المسيح فقد رفعه الله إليه حياً, وأنتم تعتقدون أنه صُلِبَ, ولا تعتقدون ذلك فى موسى.
محمد - صلى الله عليه وسلم - وموسى يرقدان فى قبريهما فى الأرض, أما المسيح فأنتم تقولون إنه: منذ الآن يكون ابن الإنسان جالساً عن يمين قوة الله. (لوقا22: 69)
أنتم تعتقدون أن المسيح مكث فى قبره ثلاثة أيام ثم رُفِعَ, ولكن موسى لم يُفعَل به ذلك.
وهناك أمور أخرى - وهى الأهم - تثبت أن هذه البشارة خاصة بسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - غير كونه مثل موسى, فلم تَقُل البشارة (نبياً من أنفسهم) حتى تظنوا أن هذا النبى من بنى إسرائيل (أى من بنى يعقوب بن إسحاق - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - لأن إسرائيل هو يعقوب) ولكنها قالت: (من وسط إخوتهم) وهم العرب أبناء إسماعيل, على نبينا وعليه الصلاة والسلام. والكتاب المقدس نفسه يثبت أن أبناء إسماعيل إخوة لأبناء إسحاق: فولدت هاجر لأبرام ابناً. ودعا أبرام اسم ابنه الذى ولدته هاجر إسماعيل. (تكوين16: 15) ( أبرام معناه إبراهيم ) وأمام جميع إخوته يسكن. (تكوين16: 12) وهذه سِنو حياة إسماعيل. مئة وسبع وثلاثون سنة. وأسلم روحه ومات وانضم إلى قومه. وسكنوا من حويلة إلى شور التى أمام مصر حينما تجىء نحو أشور. أمام جميع إخوته نزل (تكوين25: 17-18)
وقد قالت البشارة: (وأجعل كلامى فى فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به) وهذا ينطبق على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه عندما جاءه جبريل - عليه السلام - فى غار حراء وقال له مرتين: {اقْرَأْ} ورد عليه - صلى الله عليه وسلم - فى كل منهما بقوله: (( ما أنا بقارئ )) فقال له فى الثالثة : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} عَلِمَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن أمر جبريل له بالقراءة هو أن يردد هذا القول خلفه, لا أن يقرأ من كتاب, وهذا ما دلَّت عليه بشارة الكتاب المقدس (وأجعل كلامى فى فمه) أى أنه ينطق بكلام الله.
ثم إن الكتاب المقدس نفسه ينفى مجىء نبى من بنى إسرائيل مثل موسى, فيقول: ولم يَقُمْ بَعْدُ نبى فى إسرائيل مثل موسى الذى عرفه الرب وجهاً لوجه (تثنية34: 10)
وهناك بشارات أخرى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فى الكتاب المقدس, ومنها: أو يُدفَع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويُقال له اقرأ هذا فيقول لا أعرف الكتابة (إشعياء29: 12) وهذا النص واضح الدلالة على أنه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. (تثنية33: 2) (جاء الرب) أى جاء مَلاك الرب بالوحى, وهذا يعنى نبوَّة سيدنا موسى, ثم نبوة سيدنا عيسى, ثم نبوة سيدنا محمد - صلوات الله وسلامه عليهم - حسب ترتيبهم الزمنى, لأن (سيناء) هى مهبط الوحى على سيدنا موسى, و(سعير) مهبط الوحى على سيدنا عيسى, و(فاران) مهبط الوحى على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. والدليل على أن (فاران) هى (مكة المكرمة) أن الكتاب المقدس ذكر أن سيدنا إسماعيل سكن فيها: وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن فى البرية وكان ينمو رامى قوس. وسكن فى بريَّة فاران. وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر (تكوين21: 20-21) ولكنكم تغالطون أنفسكم وتقولون إن (فاران) هى (إيلات) مع أن (إيلات) لم يُبعَث فيها نبى قط. ونلاحظ أن النَّص قال: (تلألأ من جبال فاران) وقد أنزل الوحى على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو فى غار حِراء على جبل النور, وكلمة (تلألأ) أقوى من (جاء) و(أشرق) أى أن نور رسالة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أقوى من سابقتيها, وهناك دليل آخر فى هذا النَّص (أى: تثنية33: 1-2) ولكنه فى الترجمة الإنجليزية للكتاب المقدس, حيث تقول البشارة:
The LO- صلى الله عليه وسلم -D came f- صلى الله عليه وسلم -om Sinai, and - صلى الله عليه وسلم -ose up f- صلى الله عليه وسلم -om Sei- صلى الله عليه وسلم - unto them; he shined fo- صلى الله عليه وسلم -th f- صلى الله عليه وسلم -om mount Pa- صلى الله عليه وسلم -an, and he came with ten thousands of saints
أى أن الذى تلألأ من جبال فاران أتى ومعه عشرة آلاف قديس, وهى إشارة لدخول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى جبال فاران (أى جبال مكة) عام الفتح, ومعه عشرة آلاف من أصحابه الكِرام - رضوان الله عليهم - ولكنكم أخفيتم هذا النَّص من الترجمة العربية, حتى لا يكون واضح الدلالة على نبوة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبعد هذا تزعمون أنه لا يمكن التلاعب بالكتاب المقدس!
الله جاء من تِيمان والقدوس من جبل فاران. سِلاه. جلاله غطى السماوات والأرض امتلات من تسبيحه. وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. قُدّامه ذهب الوَبَأ وعند رجليه خرجت الحُمَّى. (حبقوق3: 3-5) وقد ذكرنا أن فاران هى مكة, وأظن أنه لا يتمارى اثنان فى أن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأُمَّته هم أكثر أهل الأرض تسبيحاً لله جل وعلا, ومعلوم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما هاجر إلى المدينة المنورة هو وأصحابه - رضوان الله عليهم - كان بها وباء أصاب بعضهم بالحُمَّى الشديدة, فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربه عز وجل أن ينقل الوباء إلى خارج المدينة, فاستجاب الله سبحانه وتعالى لدعائه.
عن أم المؤمنين عائشة – رضى الله عنها – قالت: قَدِمنا المدينة وهى وَبِيئَة, فاشتكى أبو بكر واشتكى بلال, فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شكوى أصحابه قال: (( اللهم حَبِّب إلينا المدينة كما حبَّبت مكة أو أشد , وصَحِّحها , وبارك لنا فى صاعِها ومُدِّها , وحَوِّل حُمّاها إلى الجُحْفَة )) [صحيح مسلم] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمَهَيْعَة - وهى الجُحفة - فأوَّلْتُ أن وباء المدينة نُقِل إليها )) [صحيح البخارى]
وَحْىٌ من جهة بلاد العرب. فى الوَعْر فى بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين. هاتوا ماء لمُلاقاة العطشان يا سكان أرض تَيْماء وافُوا الهارب بخُبْزِه. فإنهم من أمام السيوف قد هربوا. من أمام السيف المسلول ومن أمام القوس المشدودة ومن أمام شدة الحرب. فإنه هكذا قال لى السيد فى مدة سنة كَسَنَة الأجير يَفنَى كل مجد قيدار وبقية عدد قِسِىّ أبطال بنى قيدار تَقِل لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم (إشعياء21: 13-17)
دعونا نسألكم: أىّ وَحْى هذا الذى جاء من جِهَة بلاد العرب إن لم يكن الوحى الذى أُنزِل على الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وهل هناك أى نبى من أنبياء بنى إسرائيل خرج من بلاد العرب؟
ربما يلتبس الأمر على البعض ويظن أن خروج أنبياء بنى إسرائيل – صلوات الله وسلامه عليهم – من أرض فلسطين يُعَد خروجاً من بلاد العرب, ولكن الحقيقة غير ذلك, فإن فلسطين وما جاورها من الدّوَل كانت – وما زالت – تُسمَّى ببلاد الشام, أما بلاد العرب فهى تُطلَق على بلاد الجزيرة العربية.
وهذا النَّص واضح الدلالة على البشارة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وهجرته إلى المدينة المنورة هروباً من اضطهاد مكة وتعذيبها له ولأصحابه - رضوان الله عليهم -, وذلك لأن ( تَيْماء ) هى أرض تقع شمال المدينة المنورة, والددانيون هم أبناء سيدنا إبراهيم – على نبينا وعليه الصلاة والسلام – بدليل ما جاء فى الكتاب المقدس نفسه:
وعاد إبراهيم فأخذ زوجة اسمها قَطُورَة. فولدت له زِمْران ويَقْشان ومَدَان ومِدْيان ويِشْباق وشُوحاً. وولد يَقْشان شَبَا ودَدَان. (تكوين25: 1-3)
أما بنى قيدار فهم أجداد العرب, من نسل سيدنا إسماعيل – على نبينا وعليه الصلاة والسلام – بدليل من الكتاب المقدس أيضاً, ألا وهو:
وهذه أسماء بنى إسماعيل بأسمائهم حسب مواليدهم. نبايوت بِكْر إسماعيل وقيدار وأدبئيل ومبسام (تكوين25: 13)
ومجد قيدار الذى ذُكِرَ فى النَّص هو مجد قريش, لأن قريش كانت بمثابة العاصمة للجزيرة العربية, وكانت لها مكانتها العظيمة – التى لا يمارى فيها اثنان – بين قبائل العرب , وذلك – كما هو معلوم – لوجود بيت الله الحرام والكعبة المشرَّفة فيها, وقد جاء فى النَّص: (فى مدة سنة كَسَنَة الأجير يَفنَى كل مجد قيدار) وهذا ما حدث بالفعل, فقد هزم الله قريشاً فى موقعة بدر بعد عام من الهجرة, وفقدت مكانتها وهيبتها بين القبائل العربية, وقُتِلَ فيها العشرات من وُجَهاء القوم وأفضل فرسانهم, وذلك معنى: (وبقية عدد قِسِىّ أبطال بنى قيدار تَقِل)
هُوَذا عبدى الذى أعْضُدُه مُختارى الذى سُرَّت به نفسى. وضعتُ روحى عليه فيُخرِج الحق للأمم. لا يصيح ولا يَرفع ولا يُسمِع فى الشارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصِف وفتِيلَة خامدة لا يُطفِئ. إلى الأمان يُخرِج الحق. لا يَكِلّ ولا ينكسر حتى يضع الحق فى الأرض وتنتظر الجزائر شريعته (إشعياء42: 1-4) أنتم تقولون إن هذه البشارة خاصة بالمسيح – على نبينا وعليه الصلاة والسلام – ولكنكم تغالطون أنفسكم, لأنكم لا تعترفون بأن السيد المسيح عبد, بل تزعمون أنه الله أو ابن الله, كما أن البشارة تتحدث عن مجىء من يختاره الله ليُخرِج الحق للأمم, وينتظر العالم شريعته, والمسيح لم يُرسَل إلى جميع الأمم, بدليل قوله: لم أُرسَل إلا إلى خِراف بيت إسرائيل الضالَّة. (متى15: 24) أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو الذى أُرسِل لجميع الأمم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107] وشريعته هى التى ستسود العالم بعِزّ عزيز أو بذُلّ ذليل, عِزّاً يُعِزُّ اللهُ به الإسلام وأهله, وذُلاً يُذِلُّ اللهُ به الشرك وأهله.
غنوا للرب أغنية جديدة تسبيحه من أقصى الأرض. أيها المنحدرون فى البحر وملؤه والجزائر وسكانها. لترفع البَرِيَّة ومُدُنها صوتها الديار التى سكنها قيدار. لتترنم سُكّان سالِع. من رؤوس الجبال ليهتفوا. ليُعطوا الرب مجداً ويُخبروا بتسبيحه فى الجزائر. (إشعياء42: 10-12) وقد ذكرنا أن أهل قيدار هم أهل مكة, وفى مكة تُرفَع الأصوات بالتكبير والتهليل والتحميد, وخصوصاً فى الحج والعمرة والأذان والأعياد, أما من يظنون أن هذه البشارة خاصة بالمسيح عليه السلام, فنسألهم ونقول لهم: هل أتى السيد المسيح بتسبيحات جديدة, أم أن عبادته وشريعته كانت على نَهْج رسالة سيدنا موسى, على نبينا وعليهما الصلاة والسلام؟ ولو كان جاء بتسبيحات جديدة.. فهل رفع أهل قيدار أصواتهم بها؟
غنُّوا للهِ رنِّموا لاسْمِه. أعِدِّوا طريقاً للراكب فى القِفار باسمه ياهْ واهتفوا أمامه. أبو اليتامى وقاضى الأرامل اللهُ فى مَسْكَن قُدْسِه. (مزمور68: 4-5) (باسمه ياهْ) أى باسم الله, لأن كلمة (ياهْ) تعنى فى بعض نُسَخ الكتاب المقدس (الله) والرسول - صلى الله عليه وسلم - أبو اليتامى, سواء أولاده الذين كانوا من السيدة خديجة – رضى الله عنها – أو من تكفَّل برعايتهم بعد موت آبائهم, مثل أولاد زوجته أم سَلَمَة – رضى الله عنها – وأولاد سيدنا جعفر بن أبى طالب - رضي الله عنه - بعد استشهاد أبيهم فى غزوة مؤتة, كما أنه - صلى الله عليه وسلم - كانت كل زوجاته – رضى الله عنهن - أرامل, ما عدا السيدة عائشة, فهو قاضيهن, أى الذى ينصِفهن, ويقضى فى أمرهن بالحق, وقد جعل الله بيته داخل مسجده (اللهُ فى مَسْكَن قُدْسِه)
والرسول - صلى الله عليه وسلم - - بالإضافة لكفالته لليتامى – فقد أوصى بهم فى أحاديث كثيرة, منها قوله: (( أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا )) وأشار بالسَّبابة والوُسْطَى (أى أُصبعيه السبابة والوسطى) وفرَّج بينما شيئاً [صحيح البخارى] وأوصى أيضاً بالأرامل, فقال : (( الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله, أو كالذى يصوم النهار ويقوم الليل )) [صحيح البخارى]
ونحن نعلم أن اليتيم هو الذى فقد أباه, ولكن عندما يقال: (أبو اليتامى) ينصرف الذهن إلى رجل ماتت زوجته, وتركت له أولاداً, أو تكفَّل بيتامى آخرين, والأمران تحققا للرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا بالإضافة لما فى النَّص من تلميح لهجرته - صلى الله عليه وسلم - (أعِدِّوا طريقاً للراكب فى القِفار)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إن مثلى ومثل الأنبياء من قبلى, كمثل رجل بنى بيتاً, فأحسنه وأجمله, إلا موضع لَبِنَة من زاوية, فجعل الناس يطوفون به, ويعجبون له, ويقولون هلا وُضِعَت هذه اللَبِنَة, فأنا اللَبِنَة, وأنا خاتم النبيين )) [صحيح البخارى] وقد جاء فى الكتاب المقدس على لسان سيدنا داود - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - ما يوافق هذا الكلام:
الحجر الذى رفضه البنّاؤون قد صار رأس الزاوية. من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب فى أعيننا (مزمور118: 22-23) إن هذا معناه أن جميع أنبياء بنى إسرائيل - على نبينا وعليهم الصلاة والسلام - تشير إليهم الحجارة الكثيرة فى بناء بيت الرب, أما الحجر الذى هو رأس الزاوية, والذى يمسك البناء كله, فهو - وإن كان حجراً واحداً - إلا أنه هو الأهم والأعظم أثراً فى إقامة هذا البناء وتماسكه, وهو يشير بذلك إلى سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - باعتباره خاتم النبيين, وبرسالته يتم البناء ويكتمل. ولقد ظن النصارى أن هذه البشارة خاصة بالمسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فى حين أن المسيح نفسه قال:
اسمعوا مثلاً آخر. كان إنسان رب بيت غرس كَرْماً وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى بُرجاً وسَلَّمه إلى كرّامين وسافر. ولما قرب وقت الأثمار أرسل عبيده إلى الكرّامين ليأخذ أثماره. فأخذ الكرّامون عبيده وجلدوا بعضاً وقتلوا بعضاً ورجموا بعضاً. ثم أرسل أيضاً عبيداً آخرين أكثر من الأولين. ففعلوا بهم كذلك. فأخيراً أرسل إليهم ابنه قائلاً يهابون ابنى. وأما الكرّامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث. هلمُّوا نقتله ونأخذ ميراثه. فأخذوه وأخرجوه خارج الكَرْم وقتلوه. فمتى جاء صاحب الكَرْم ماذا يفعل بأولئك الكرّامين. قالوا له. أولئك الأردياء يُهلكهم هلاكاً رَدِيّاً ويُسَلِّم الكَرْم إلى كرّامين آخرين يعطونه الأثمار فى أوقاتها. قال لهم يسوع أمَا قرأتم قط فى الكتب. الحجر الذى رفضه البنّاؤون هو قد صار رأس الزاوية. من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب فى أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله يُنزَعُ منكم ويُعطَى لأُمَّة تعمل أثماره. ومن سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه (متى21: 33-44) فى هذ النَّص يضرب المسيح عليه السلام مثلاً – {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} - للأنبياء الذين أرسلهم الله جل وعلا لهداية خلقه, فجلدهم المكذبون بهم, وقتلوهم, ورجموهم, ثم أرسل الله إليهم المسيح, فقتلوه هو أيضاً بزعمهم (ابن الله فى الكتاب المقدس معناها المؤمن بالله, كما ورد فى الرد على الشبهة رقم 18) ثم أخبرهم المسيح أن (الملكوت) أى (النبوة) ستُنزَع منهم (أى من بنى إسرائيل) وتُعطَى لأُمَّة أخرى تقوم بحقها أفضل ممن سبقها, وأشار إلى الحجر الذى صار رأس الزاوية, والذى جاء ذكره فى بشارة سيدنا داود - وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - - والذى لا يستقيم البناء بغير وجوده, وأن (من سقط على هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه) وهذه إشارة لجهاده - صلى الله عليه وسلم - فى سبيل الله, وإلى قوة الإسلام, وأن من يعاديه سوف يسحقه الله. وقد حدث هذا عندما استطاع المسلمون الأوائل - رغم قِلَّتهم - الانتصار (بإذن الله) على أعظم قوتين فى ذلك الحين, وهما الفرس والروم.
إن تنبُّؤ المسيح بقوة النبى - صلى الله عليه وسلم - وأمته, يوافق ما جاء فى بشارة سيدنا موسى التى ذكرناها (ويكون أن الإنسان الذى لا يسمع لكلامى الذى يتكلم به باسمى أنا أطالبه) أى أن الله سبحانه وتعالى سينتقم ممن لا يطيع هذا النبى المبارك - صلى الله عليه وسلم -.
لقد تبَيَّن لنا من كلام المسيح - عليه السلام - أن عبارة (ملكوت الله) تعنى (النبوة) حتى لا يقول مجادل: إنها تعنى يوم القيامة. إذ كيف يقول عن يوم القيامة (يُنزَع منكم) ؟ ومن ثَم فإن النصوص التالية تؤكد هذا المعنى, أى أن النبوة ستصير لنبى آخر بعد المسيح عليه السلام, ألا وهو رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: جاء يسوع إلى الجليل يَكْرِز ببشارة ملكوت الله. ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل (مرقس1: 14-15) (يَكْرِز) معناها (يُبَشِّر)
فقال لهم متى صليتم فقولوا أبانا الذى فى السمَوات. ليتقدس اسمك. ليأتِ ملكوتك. (لوقا11: 2)
فصلوا أنتم هكذا. أبانا الذى فى السمَوات. ليتقدس اسمك. ليأتِ ملكوتك. (متى6: 9-10)
وقد جاءت بشارات أخرى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فى الكتاب المقدس باسم (المُعَزِّى) أو (روح الحق) أو (الروح القدس) أو(الكامل) ومنها ما يلى:
الذى لا يحبنى لا يحفظ كلامى. والكلام الذى تسمعونه ليس لى بل للآب الذى أرسلنى. بهذا كلمتكم وأنا عندكم. وأما المُعَزِّى الروح القدس الذى سيرسله الآب باسمى فهو يعلمكم كل شىء ويذكركم بكل ما قلته لكم (يوحنا14: 24-26) و(المُعَزِّى) معناه (المُواسِى) أى الذى يواسى أتباعه, ويُصبِّرهم على ما يلاقونه من الأذى. والرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذى علمنا كل شىء, حتى قال أحد اليهود لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لقد علمكم نبيكم كل شىء حتى الخِراءة (أى حتى التطهر من البراز) أما تذكيره - صلى الله عليه وسلم - بما قاله المسيح - عليه السلام - فقد جاء فى آيات كثيرة معلومة.
ومتى جاء المُعَزِّى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى. وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معى من الابتداء (يوحنا15: 26-27) والرسول - صلى الله عليه وسلم - يشهد بنبوة المسيح عليه السلام, ويشهد للحواريين أتباعه بأنهم آمنوا به ونصروه.
لكنى أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المُعَزِّى. ولكن إن ذهبت أرسله إليكم... وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. ذاك يُمَجِّدنى لأنه يأخذ مما لى ويخبركم. (يوحنا16: 7-14) هذا النَّص يوضح أن (المُعَزِّى) أفضل من المسيح, لأنه قال: (خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعَزِّى) ويوضح أيضاً أن (المعَزِّى) يرشدنا إلى جميع الحق, وهذا لا يحتاج لبيان من سيرته عليه الصلاة والسلام, ويوضح أيضاً أنه يخبرنا بما سيأتى, ولا شك أن الآيات والأحاديث أخبرتنا بغيبيات كثيرة, لا مجال لذكرها لكثرتها, وأخيراً يوضح النص أن (المُعَزِّى) يمجِّد المسيح, والرسول - صلى الله عليه وسلم - مجَّد جميع الأنبياء والمرسلين - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – ورغم هذا الوضوح فى مدلول النصوص, إلا أنكم تزعمون أن (المُعَزِّى) هو روح القُدُس, وهذا القول مردود عليكم, لأن روح القدس كان ملازماً للسيد المسيح عليه السلام, أما المعزى فتقول النصوص إنه سيأتى بعده, وروح القدس بالطبع ليس أفضل من المسيح, ولكن النصوص قالت إن المعزى أفضل منه, كما أن روح القدس لا يتكلم كما يتكلم المعزى, بل هو – كما فى عقيدتكم – روح المسيح التى يحيا بها.
لأننا نعلم بعض العلم ونتنبَّأ بعض التنبُّوء. ولكن متى جاء الكامل فحينئذ يُبْطَلُ ما هو بعضٌ. (الرسالة الأولى إلى كورنثوس13: 9-10) فمن هو الكامل الذى شملت رسالته كل الرسالات قبله إن لم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ ومن الذى تكون رسالته كاملة لجميع الأمم؟ ومن الذى لم تترك رسالته صغيرة ولا كبيرة إلا وتكلمت عنها؟ إن هذا النص معناه أن علم من قبله وتنبؤاتهم لم تكن كاملة, حتى يأتى - صلى الله عليه وسلم - فتكون رسالته الكاملة ناسخة لما قبلها, وهو معنى (يُبْطَلُ ما هو بعضٌ).
وهناك دلائل أخرى فى الكتاب المقدس تشير إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإلى مكة المكرمة, والمدينة المنورة, وإلى انتصاراته على أعدائه, وغير ذلك, فليرجع إليها من شاء فى مصادرها, ومنها كتاب (محاضرات فى مقارنة الأديان) للأستاذ إبراهيم خليل أحمد, وكتاب (مناظرة بين الإسلام والنصرانية) وهو عبارة عن مناقشة بين مجموعة من رجال الفكر من الديانتين, الإسلامية والنصرانية, وكتاب (إظهار الحق) لرحمة الله بن خليل الرحمن الهندى, والله أعلم.
الشبهة المائة و سبعون (170):
- إن محمداً يعترف أنه يجلد ويسب ويلعن, كما جاء فى صحيح مسلم عن أبى هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اللهم إنما محمد بشر, يغضب كما يغضب البشر, وإنى قد اتخذت عندك عهداً لن تُخْلِفَنِيه, فأيُّما مؤمن آذيتُه, أو سببتُه, أو جلدتُه, فاجعلها له كفارة وقُربَة تقربه بها إليك يوم القيامة))
الرد:
- إن هذا الكلام جاء من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قِمَّة الورع والتواضع, فإنه لم يجلد أو يسب أو يلعن أحداً, ولكنه سأل ربه إن وقع هذا الأمر منه, وهذا على سبيل التواضع, والانكسار, والخشوع لله تعالى, كما فهم ذلك علماء اللغة, وأنه يخشى الزَّلَّة وإن دَقَّت. ومُجْمَل الحديث طلب المغفرة له ولأمته فى أعظم صور الورع والخشية, وفى الحديث كمال شفقته على أمته وجميل خُلُقه, وكرم ذاته, حيث قصد مقابلة ما وقع منه بالجبر والتكريم.
وقد ذكرنا بعض ما جاء فى الكتاب المقدس من السبّ والشتم, وذلك فى الرد على الشبهة رقم (51) وجاء فيه أيضاً عن المسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - ما نصّه: وكان فِصْح اليهود قريباً فصعد يسوع إلى أورشليم. ووجد فى الهيكل الذين كانوا يبيعون بقراً وغنماً وحماماً والصيارف جلوساً. فصنع سَوْطاً من حِبال وطرد الجميع من الهيكل. الغنم والبقر وَكَبَّ دراهم الصيارف وقلب موائدهم. (يوحنا2: 13-15) أين هذا من رحمة رسولنا - صلى الله عليه وسلم - بالأعرابى الذى بالَ فى المسجد وأراد الناس أن يضربوه, فقال لهم: ((دعوه, وأهريقوا على بوله سَجْلاً من ماء, أو ذَنوباً من ماء, فإنما بُعِثتم مُيَسِّرين, ولم تُبعثوا مُعَسِّرين)) [صحيح البخارى], والله أعلم.
الشبهة المائة واحد و سبعون (171):
- إن محمداً أمر بإحراق هبّار بن الأسود ثأراً لابنته زينب, لأنه تعرض لها أثناء الهجرة, ألا كان القتل أهون من الحرق؟
الرد:
- يقول ابن عبد البر: تُوُفِّيَتْ زينب بنت الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى حياة أبيها, متأثرة بالوَقْعَة التى سقطتها من على الجمل وهى حامل, حينما عَمَدَ هبّار بن الأسود إلى نَخْس جَمَلها بالرمح, فظلت تنزف حتى أسقطت جنينها. والحقيقة التى أخفاها السائل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعدما أمر بإحراق هبّار, عَدَلَ إلى الأمر بقتله, وقال: ((إنما يُعَذِّب بالنار ربُّ النار)) [صحيح الجامع:1412] وفى الحقيقة أنه لم يحدث هذا ولا ذاك, لأن هبّاراً أسلم وحَسُنَ إسلامه, فعفا عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أنه تسبب فى قتل ابنته وجنينها. ولا أظن أن أحداً من العَوَام - فضلاً عن الملوك والحُكّام - يعفو عن رجل قتل ابنته, وجنينها فى بطنها. والمعروف عند العرب أنه من الكبائر التى لا تُغتفر, تعرُّض الرجل للمرأة بسلاح أو بغيره, فَعَفْو الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنه يدل على عظيم رأفته ورحمته, كما عفا عن وحشى بن حرب الذى قتل عمه حمزة - رضي الله عنه - مع تمكّنه من الفتك به, واكتفى بأن جعله يُغيّب عنه وجهه (أى لا يجلس أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - مباشرة).
وقد جاء فى الكتاب المقدس حرق المدُن بأكملها, كما ذكرنا ذلك فى أماكن أخرى, وجاء فيه أيضاً أن يشوع النبى أحرق رجلاً, وبنيه وبناته, وكل ما يملك, لأنه أخذ من الغنيمة غُلولاً, وقد أحرقه (بزعمهم) بعدما كَلَّمَهُ بطريقة تشعره بالأمان: فقال يشوع لعخان يا ابنى أعطِ الآن مجداً للرب إله إسرائيل واعترف له وأخبرنى الآن ماذا عَمِلْتَ. لا تُخْفِ عنى. فأجاب عخان يشوع وقال حقاً إنى قد أخطاتُ إلى الرب إله إسرائيل وصنعتُ كذا وكذا... فأخذ يشوع عخان بن زارح والفضة والرداء ولسان الذهب وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ما له وجميع إسرائيل معه وصعدوا بهم إلى وادى عخور. فقال يشوع كيف كدَّرتنا. يكدِّرك الرب فى هذا اليوم. فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة وأحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة وأقاموا فوقه رجمة حجارة عظيمة إلى هذا اليوم. فرجع الرب عن حمو غضبه. ولذلك دُعِىَ اسم ذلك المكان وادى عخور إلى هذا اليوم (يشوع7: 19-26), والله أعلم.
ان شاء الله
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
الشبهة المائة اثنان و سبعون (172):
- إن نبيكم يأمر بنقل رأس الأسود العنسى بعدما قُطِعَت من اليمن إلى المدينة ليتشفَّى فيه.
الرد:
- إن الأسود العنسى أسلم ثم ارتد, وهو من أول المرتدين الذين خرجوا على دولة الإسلام, وقاتل قبائل اليمن المسلمين, ونهب أموالهم, واستباح دماءهم, وانتهك أعراضهم, وقتل حاكم اليمن المسلم (شهر بن باذان) واغتصب امرأته, وادَّعى النبوة, وأرغم الكثيرين على اتِّباعِه, فتعاون على قتله البطل المسلم (فيروز الديلمى) بمساعدة زوجة شهر بن باذان, وزاز ابنة عم فيروز الديلمى, وفيروز ابن أخت النجاشى ملك الحبشة, وقد نجحت هذه الأسرة العريقة, التى جمعت بين الْمُلْك والدِّين, مع المخلصين من المسلمين, على قتل الأسود العنسى, أما الادِّعاء بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بنقل رأس العنسى من اليمن إلى المدينة, فهو محض افتراء, وخبر شاذ, ردَّه الحافظ ابن عبد البر فى (الاستيعاب) وكذلك الحافظ ابن حجر فى (الإصابة) ومنشأ الرد أن فى الإسناد ضمرة بن ربيعة الكذاب, الذى رفضته الثقات.
وقد جاء فى الكتاب المقدس أن المسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - قال (بزعمهم): أما أعدائى أولئك الذين لم يريدوا أن أَمْلِكَ عليهم فَأْتُوا بهم إلى هنا واذبحوهم قُدّامى (لوقا19: 27) إن هذا إن دَلَّ على شىء, فإنما يدُلُّ على أنه أراد أن يتشفَّى برؤيتهم وهم يُذبَحون, وأنه مُحِبٌّ للدماء, وإلا- فما الفرق أن يذبحوهم أمامه أو بعيداً عنه؟ ونحن نبرِّئ سيدنا عيسى وجميع الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - من هذه البشاعة, والله أعلم.
الشبهة المائة ثلاثة و سبعون (173):
- إن محمداً يزعم أن موسى أحكم وأرحم بأمته من ربه, وأنه يعلم قدراتهم أكثر منه, فها هو يقول فى حديث المعراج (كما ورد فى الصحيحين): ((ففرض الله عز وجل على أمتى خمسين صلاة, فرجعتُ بذلك حتى مررتُ على موسى, فقال: ما فرض الله لك على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة, قال: فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق, فراجعتُ فوَضَعَ شطرها, فرجعتُ إلى موسى قلت: وضعَ شطرها, فقال: راجع ربك فإن أمتك لا تطيق, فراجعتُ فوضع شطرها, فرجعتُ إليه فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك, فراجعته فقال: هى خمس وهى خمسون, لا يُبدَّل القول لَدَىَّ, فرجعتُ إلى موسى فقال: راجع ربك, فقلتُ: استحييت من ربى))
الرد:
- يزعم الناقد عدم معرفة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بصفات الله جل وعلا, وهو أعلم خلق الله بالله, وأتقاهم له, كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ أتقاكم وأعْلمَكم بالله أنا)) [صحيح البخارى] وحديث المعراج ليس فيه أى دلالة أو إشارة على أن الأنبياء أكثر معرفة بالناس من الله, حاشاه سبحانه أن يظن به أحد ذلك, وغاية ما هنالك أن الله سبحانه فرض الصلاة على النحو الأول خمسين صلاة فى اليوم والليلة, فلما مر نبينا - صلى الله عليه وسلم - على سيدنا موسى, سأله عن فريضة الله عليه فأخبره, فنصحه بأن يسأل الله التخفيف, والسؤال هنا من الأدنى للأعلى, من باب الدعاء والتذلل, لا من باب الأمر والإلزام, فإن هذا لم يَقُل به أحد, ولا يجرؤ على قوله أحد, والدليل على ذلك قول نبينا - صلى الله عليه وسلم -: ((سألتُ ربى حتى استحييتُ منه, ولكن أرضَىَ وأُسَلِّم)) [صحيح الجامع:2866] والسؤال بهذه الكيفية ليس منهيّاً عنه, ولكنه من جنس العبادة المأمور بها, كمن ينزل به بلاء فيسأل الله التخفيف, بدليل قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] ولم يَرِد أن النبى - صلى الله عليه وسلم - تطاول فى السؤال, أو تجاوز فى الحد المأذون فيه, ولم يكن منه إلا الطلب, والدعاء لله جل وعلا, حتى خفف الله عن أمَّته.
وقد جاء فى الكتاب المقدس أن سيدنا إبراهيم حاور ربه, وجعله يخفف العقوبة عن قوم سيدنا لوط - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - لعدة مرات, وأن سيدنا موسى (على نبينا وعليه الصلاة والسلام) اتهم ربه (بزعمهم) بالإساءة إلى شعبه, والأعجب من ذلك أنه - على حد قولهم - أَمَرَه بالندم والرجوع عن غضبه:
وأمّا إبراهيم فكان لم يزل قائماً أمام الرب فتقدم إبراهيم وقال أفَتُهلِك البارّ مع الأثيم. عسى أن يكون خمسون بارّاً فى المدينة. أفتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارّاً الذين فيه. حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر أن تميت البارّ مع الأثيم فيكون البارّ كالأثيم. حاشا لك. أدَيّان كل الأرض لا يصنع عدلاً. فقال الرب إن وجدتُ فى سَدُوم خمسين بارّاً فى المدينة فإنى أصفحُ عن المكان كله من أجلهم. فأجاب إبراهيم وقال إنى قد شرعتُ أكلِّم المولى وأنا تراب ورماد. ربما نقص الخمسون بارّاً خمسة. أتُهْلِكَ كل المدينة بالخمسة. فقال لا أُهْلِكُ أن وجدتُ هناك خمسة وأربعين. فعاد يكلمه أيضاً وقال عسى أن يوجد هناك أربعون. فقال لا أفعلُ من أجل الأربعين. فقال لا يسخط المولى فأتكلم. عسى أن يوجد هناك ثلاثون. فقال لا أفعلُ إن وجدتُ هناك ثلاثين. فقال إنى قد شرعتُ أكلِّم المولى. عسى أن يوجد هناك عشرون. فقال لا أُهْلِكُ من أجل العشرين. فقال لا يسخط المولى فأتكلَّمُ هذه المرة فقط. عسى أن يوجد هناك عشرة. فقال لا أُهْلِكُ من أجل العشرة. وذهب الرب عندما فرغ من الكلام مع إبراهيم ورجع إبراهيم إلى مكانه (تكوين18: 22-33)
فرجع موسى إلى الرب وقال يا سيد لماذا أسأتَ إلى هذا الشعب. لماذا أرسلتنى. فإنه منذ دَخلتُ إلى فرعون لأتكلم باسمك أساء إلى هذا الشعب. وأنت لم تخلِّص شعبك (خروج5: 22-23)
فقال موسى للرب لماذا أسأتَ إلى عبدك ولماذا لم أجدُ نعمة فى عي### حتى أنك وضعتَ ثقل جميع هذا الشعب علىَّ. (عدد11: 11)
لماذا يتكلم المصريون قائلين أخرَجَهَم بخبث ليقتلهم فى الجبال ويفنيهم عن وجه الأرض. ارجع عن حمو غضبك واندم على الشر بشعبك... فندم الرب على الشر الذى قال إنه يفعله بشعبه (خروج32: 12-14), والله أعلم.
الشبهة المائة أربعة و سبعون (174):
- إن نبيكم لا يتقى الله, بدليل قول قرآنكم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب:1]
الرد:
- إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو سيد المتقين, وسيد الأولين والآخرين, ولكن معنى الآية: حافظ واستمر على التقوى وصابر عليها, وهذا كما جاء فى قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود:112] فهل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير مستقيم؟ أم أنه أمر بالثبات على الاستقامة, والدوام عليها؟ وكقوله تعالى للمؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ} [النساء:136] وقد ذكرنا التعليق عليها فى الرد على الشبهة رقم (320) ولو كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذى ألَّف القرآن لَمَا قال الآية التى سألتم عنها وما شابهها, والله أعلم.
ان شاء الله
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
الشبهة المائة خمسة و سبعون (175):
- إن محمداً يلجأ - كحُكّام العرب الدكتاتوريين - إلى التصفية الجسدية, فقد أرسل مجموعة من القتلة المحترفين, لاغتيال سلام بن أبى الْحُقَيْق اليهودى, وكعب بن الأشرف اليهودى, الذى كان شاعراً وفارساً وسيداً فى قومه.
الرد:
- إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بقتل سَلام, إلا لأنه كان العقل المدبر فى تأليب المشركين واليهود على قتال المسلمين, وهو القائل لمشركى مكة - عُبّاد الأصنام - حينما سألوه أهُمْ أهْدَى أم محمد: (أنتم أهدى من محمد سبيلاً) مع علمه بأنهم على الباطل, وأن سيدنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - على الحق, ولذلك نزل فيه قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً} [النساء:51] أما كعب بن الأشرف, فقد نَحَى مَنْحَىً لم يتخذه أحد قبله, وهو أنه - من خِسَّته وذميم أخلاقه - هجا نساء النبى - صلى الله عليه وسلم - ونساء الصحابة - رضوان الله عليهم - بأقبح الألفاظ, أضف إلى ذلك أنه كان رأس حَرْبَة فى قتل وإيذاء المسلمين, وكان شريكاً فى تأليب المشركين على المسلمين فى غزوة أحد مع سلام بن أبى الحقيق, فكان القتل لهما جزاءً وفاقاً.
إن الذين يعيبون على رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بقتل (سلام بن الحقيق) و(كعب بن الأشرف) جاء فى كتابهم المقدس أن الذى يشتم أبويه يُقتَل, واقرأوا إن شئتم:
ومن شتم أباه أو أمه يُقتَل قتلاً. (خروج21: 17) فهل يوجد فى الإسلام مثل هذا؟ وهل الأبَوان أشد حُرْمَة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونسائه, رضى الله عنهن وأرضاهن؟, والله أعلم.
الشبهة المائة ستة و سبعون (176):
- إن الدليل على أن محمداً فرض الإسلام على القبائل العربية بالإكراه, أنه بعد موته ارتد كثير منهم, وتحرروا من الاستعباد الذى فرضه عليهم.
الرد:
- إن سبب ارتداد بعض القبائل العربية عن الإسلام لم يكن لأنهم أُجْبِرُوا على الإسلام, أو الاستعباد, ولكن ما حدث أن بعض شيوخ القبائل (مثل مسيلمة الكذاب, والأسود العنسى, وسجاح, وغيرهم) ادَّعَوْا النبوة, وأجبروا أقوامهم على ترك الإسلام, واتِّباعهم تحت وطأة الحديد والنار, ولقد كانت أقوامهم أعلم الناس بأنهم كذابون, فهم أصحاب سِيَر سيئة طيلة أعمارهم, ولا يملكون منهجاً من السماء, وقد أحلوا كل الفواحش التى حرَّمها الإسلام, وقاموا بالسلب والنهب, وتهديد القبائل المجاورة لهم, فلم يُعرَف عنهم إلا كل شر, واستغلوا وجود جيش الإسلام بقيادة أسامة - رضي الله عنه - على تخوم الروم, وموت النبى - صلى الله عليه وسلم -, فظنوا أنه لا مُؤدِّب لهم, وحسبوها فوضى, فهبَّ الخليفة الراشد أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لتأديبهم, واستأصل شأفتهم, فأمَّن بذلك قبائل العرب من شرهم, وهزمهم شر هزيمة, والله أعلم.
الشبهة المائة سبعة و سبعون (177):
- إن محمداً الرحيم يخالف الأعراف الحربية ويقتل الأسرى, واقرأوا السيرة لتعلموا أنه قتل عُقبة بن أبى مُعَيْط, وهو أسير لا يَحِلّ قتله.
الرد:
- إن عُقبة كان مشركاً شأن أهل مكة, ولكنه كان أشد الناس إيذاءً للإسلام والمسلمين, حتى إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يَسْلَم من إيذائه, فقد ألقى عليه سَلَىَ جَزور وهو يصلى (أى أحشاءها) كما جاء ذلك فى صحيح البخارى, وجاء فيه أيضاً أنه خنق الرسول - صلى الله عليه وسلم - خنقاً شديداً وهو يصلى فى حِجْر الكعبة, فدفعه عنه أبو بكر - رضي الله عنه - وهو يقول: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر:28] وكان حليف اليهود فى نقل الشبهات على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, وكان من كبار المحرِّضين على قتال المسلمين فى غزوة بدر, ووصل به إجرامه أن بصق ذات يوم على وجه الرسول - صلى الله عليه وسلم -. أما سبب قتله وهو أسير, هو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد أهدر دمه قبل غزوة بدر, لشنائعه على المسلمين المستضعفين فى مكة, فلما حضرت الغزوة, كان فى أوائل صفوف المشركين, وهو مهدور الدم سواء قبل المعركة أو بعدها, فلا حُرمة إذن لدمه, والله أعلم.
ان شاء الله
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
الشبهة المائة ثمانية و سبعون (178):
- إن محمداً لا يتورع عن قتل النساء, كما جاء فى السيرة أنه اغتال عصماء بنت مروان الخطمية, واغتال فتاتَىْ ابن خطل, وهما فرتنى وقريبة.
الرد:
- إن هذه المرأة المسَمّاة (عصماء) كانت تعيب الإسلام, وتؤذى النبى - صلى الله عليه وسلم - وتحرِّض عليه, وتؤذى من أسلم, حتى ولو كان من قبيلتها, وكانت تطرح المحايض فى مسجد بنى خطمة, فلما استفحل شرها, قتلها رجل مسلم من قومها, وهو عُمَيْر بن عدىّ الخطمى - رضي الله عنه - ولم يعارضه أحد من قبيلتها, لسوء خلقها, وقسوتها على كل من أسلم, وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعُمير حين سأله هل عليه شىء فى قتلها: ((لا ينتطح فيها عَنزان)) [سيرة ابن هشام وغيرها] أى أنه بلغ من شرها أنه لا يختلف فى وجوب قتلها أحد. أما عن فتاتَى ابن خطل.. فهاتان كانتا تُغَنِّيان بهجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, ولقد قُتِلَت إحداهما, وهربت الأخرى, ثم طُلِبَ لها الأمان, فأمَّنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأسلمت.
والذين يلومون على الرسول - صلى الله عليه وسلم - السماح بقتل هؤلاء النسوة, مع ما فَعَلْنَه من عداوة للإسلام والمسلمين - وعلى رأسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - جاء فى كتابهم المقدس الأمر بقتل من لا يمتثل لأمر الكاهن أو القاضى, ولا أقول لأمر نبيهم, بل لأمر كاهنهم أو قاضيهم, حتى لو كان ذنبه لا يستحق عقوبة القتل أصلاً, فها هو كتابهم يقول:
إذا عسر عليك أمر فى القضاء بين دم ودم أو بين دعوى ودعوى أو بين ضربة وضربة من أمور الخصومات فى أبوابك فقم واصعد إلى المكان الذى يختاره الرب إلهك. واذهب إلى الكهنة اللاويين وإلى القاضى الذى يكون فى تلك الأيام واسأل فيخبروك بأمر القضاء... والرجل الذى يعمل بطغيان فلا يسمع للكاهن الواقف هناك ليخدم الرب إلهك أو للقاضى يُقتل ذلك الرجل فتنزع الشر من إسرائيل. (تثنية17: 8-12), والله أعلم.
الشبهة المائة تسعة و سبعون (179):
- إن محمداً يمنع سكان أهل مكة الأصليين من الحج, بحجة أن المشركين نجس.
الرد:
- إن سيدنا محمداً - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع أهل مكة من الحج, إلا المشركين منهم, وذلك لعدة اعتبارات إيمانية وأخلاقية, فأما الإيمانية فلأنهم عُبّاد أصنام, يشركون بالله ما لم ينزل به سلطاناًًً, وهذا بيت الله الحرام, وقد أمر الله نبيه بما أمر به إبراهيم - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - أن يطهر بيته من هذه الأوثان, فلا مكان إذن للمشركين فيه. أما الناحية الأخلاقية فهى أنهم كانوا يطوفون بالبيت عُراة, رجالاً ونساءً. أما قول الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:28] فهى نجاسة معنوية متعلقة بقلوبهم لا بأبدانهم, لأنهم عبدوا مع الله آلهة أخرى, وليست نجاسة حِسِّيَة. ثم إن غالب أهل مكة قد أسلموا فى الفتح, إلا بضع أفراد يُعَدَّون على أصابع اليد الواحدة, فأين ما زعمه الناقد؟
إن الذين يتهمون الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالدكتاتورية فى طرده للمشركين من الجزيرة العربية, جاء فى كتابهم المقدس إبادة الشعوب المشركة بكاملها, بما فيها من بهائم لا ذنب لها, بل وحرق كل أمتعتها, فيقول:
إن سمعت عن إحدى مدنك التى يعطيك الرب إلهك لتسكن فيها قولاً قد خرج أناس بنو لئيم من وسطك وطوَّحُوا سكان مدينتهم قائلين نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفوها وفحصتَ وفتَّشتَ وسألتَ جيداً وإذا الأمر صحيح وأكيد قد عُمِلَ ذلك الرجس فى وسطك فضرباً تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف. تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك فتكون تَلاً إلى الأبد لا تُبنىَ بعد. (تثنية13: 12-16), والله أعلم.
الشبهة المائة و ثمانون (180):
- إن محمداً لم يكتفِ بالزواج من تسعة نسوة, فبعد الطواف عليهن يذهب إلى امرأة أجنبية لا تحل له - وهى أم سُلَيْم - ويقيِّل عندها, فتأخذ من عرقه وشعره وتضعه فى قارورة, كل هذا وزوجها خارج البيت. ويذهب لامرأة أخرى أجنبية عنه, وهى أم حَرام بنت مِلحان, زوجة عُبادة بن الصامت, بحجَّة مضحكة, وهى أن تُفَلِّى له رأسه, فى غيبة زوجها أيضاً, فأين كان يضع محمد رأسه حين كانت تفلِّيه هذه المرأة فى غياب زوجها؟
الرد:
- إن الذى لا تعرفه أيها المتهجِّم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أم سُلَيْم - رضى الله عنها - خالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة, كما قال ذلك ابن الجوزى, وَوَرَدَ عنه فى فتح البارى, والمنهاج شرح مسلم, فقد كانت أم سليم أخت آمنة بنت وَهْب أم الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة. أما السيدة أم حَرام بنت مِلحان - رضى الله عنها - فهى أخت أم سُلَيْم, وخالة أنس بن مالك - رضي الله عنه - أى أنها هى أيضاً خالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة, كما قال ذلك ابن وهب, فأين المرأة الأجنبية التى تتحدث عنها أيها الْمُدَّعِى؟ وأى عجب فى أن تفلِّى المرأة ابن اختها من الرضاعة, أو أن يُقيَّل عندها, أو أن تأخذ من عرقه, أو أن يدخل عليها فى غيبة زوجها, خصوصاً وأن أنس بن مالك - رضي الله عنه - كان معه - صلى الله عليه وسلم -؟
وقد أوردنا فى الرد على الشبهة رقم (418) أن الكتاب المقدس جاء فيه أن امرأة زانية قبَّلت قَدَمَى المسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - ومسحتهما بشعرها, فغفر لها, كما جاء فيه أيضاً قول المسيح (بحسب زعمهم) عن امرأة أخرى: عَمِلَت ما عندها. قد سَبَقَت ودَهَنَت بالطِّيب جسدى للتكفين. (مرقس14: 8), والله أعلم.
ان شاء الله
-
رقم العضوية : 4701
تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
المشاركات : 744
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 11
البلد : مصر بعد 25 يناير
الاهتمام : الانترنت
معدل تقييم المستوى
: 14
شبهات حاقدة حول الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
الشبهة المائة واحد و ثمانون (181):
- إن نبيكم يأمركم بالسَّب والشتم, فيقول: ((إذا رأيتم الرجل يتعزَّى بعزاء الجاهلية, فَأَعِضُّوه بِهَن أبيه ولا تكنوا)) [صحيح الجامع:567] إن معنى هذا أن تقولوا لمن يتعزى بعزاء الجاهلية: عُض ذكر أبيك, لأن ((بِهَن أبيه)) تعنى (بذَكَر أبيه).
الرد:
- لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياءً من العذراء فى خِدْرِها [صحيح الجامع:4799] وهو الذى نهى عن السب والشتم فى أحاديث كثيرة معلومة, لدرجة أنه نهى عن سَبِّ الشيطان, فقال: ((لا تسبُّوا الشيطان, وتعوَّذوا بالله من شرِّه)) [صحيح الجامع:7318] ولو أفضنا فى الكلام عن خلقه العظيم - صلى الله عليه وسلم - ما وَسِعَنا المقال. ولكن لماذا أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسَبِّ من تعزَّى بعزاء الجاهلية؟ وما هو عزاء الجاهلية الذى استحق فاعله هذا العقاب؟ لقد قال العلماء: إن عزاء الجاهلية هو أن يتفوَّه الإنسان إذا أصيب بمصيبة بأقوال لا ترضى الله جل وعلا, كأن يقول: لماذا يا رب فعلتَ بى كذا وكذا, أو كالذى ينعى حظَّه, ويقول: وامصيبتاه, واحسرتاه, واخيبتاه... إلى غير ذلك من ألفاظ التسخّط على قدر الله. وقالوا أيضاً: إن معناها التفاخر بالآباء, والأحساب, والأنساب... إلخ, كأن يتفاخر المرء بأبيه, أو عائلته, فيقول مثلاً: أبى كان غنياً, كان وزيراً, كان مديراً... إلخ, وعائلتى كانت كبيرة, وتعمل كذا وكذا, لمجرد التفاخر والتعالى على خَلْق الله. وحين يتشاجر مع غيره يستنفر قومه لقتال خَصْمه, بِغَضّ النظر عن السبب فى الخصومة, وبغضّ النظر عن تحكيم شرع الله بينهما, ومَن الظالم, ومَن المظلوم, ولكنها حَمِيَّة جاهلية, لمجرد القرابة, أو النَّسَب, أو المنفعة. وهذا - للأسف - منتشر بين كثير من المسلمين, لدرجة أن منهم من يظلم الناس ويقهرهم, اعتماداً على منصب أبيه, أو أحد أقاربه, أو سُمْعَة عائلته, أو قوة أصدقائه ومَعارِفِه. ولهذا جاء هذا التحذير الشديد من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمثل هؤلاء, ليكون رادعاً لهم عن مثل هذه الأقوال, التى لا يستحقون عليها الشتم فقط, بل ويستحقون عليها العذاب فى جهنم, قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من دعا بدعوة الجاهلية فهو من جثاء جهنم, وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم, فادعوا بدعوة الله التى سمّاكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله)) [صحيح الجامع:1724] وقال: ((ومن ادَّعى دعوى الجاهلية فهو من جِثِىّ جهنم)) قيل: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟ قال: ((وإن صام وصلى، تداعوا بدعوى الله الذى سمّاكم بها المؤمنين المسلمين عباد الله)) [صحيح ابن حِبّان]
والحديث الذى ورد فى هذه الشبهة ليس فيه تصريح بكلمة (الفَرْج) أو (الذَّكَر) وإن كان المعنى واحداً, ولكن الذين يشنِّعون على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث, جاءوا بألفاظ صريحة بدلاً من ألفاظ الحديث, ليلفتوا الأنظار إلى ما يقصدونه من الطعن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكروا مساوئ التعزِّى بعزاء الجاهلية, والتى ذكرنا بعضاً منها, ولم يذكروا أن هذه العبارة كانت شائعة على ألسنة العرب, ولم يبتدعها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من نفسه, ولم يسمح بها إلا فى هذا الموضع. فالمسلم عفيف اللسان, ولكن حين يسمع من يعترض على قدر الله, أو ينتسب إلى غير الإسلام, فله أن يَسُبّ من فعل هذا سَبّاً صريحاً, ليزجره عن قوله. فعزتنا بالإسلام وحده, ولا عِزَّة لنا بغيره, كما قال سيدنا عمر - رضي الله عنه -: (كنا أذلَّة فأعزَّنا الله بالإسلام, فإن ابتغينا العزَّة فى غيره أذلَّنا الله) ولكن ينبغى أن يكون هذا السَّبّ فى أضيق الحدود, لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الفحش والتفحُّش, فقال: ((ما كان الفُحْش فى شىء قط إلا شانه, ولا كان الحياء فى شىء قط إلا زانَه)) [صحيح الجامع:5655] وقال: ((ليس المؤمن بالطعّان, ولا اللعّان, ولا الفاحش, ولا البَذِى)) [صحيح الجامع:5381] لدرجة أنه عندما دخل عليه اليهود وقالوا له: (السّام عليك يا محمد) و(السّام) هو الموت, لم يَرُدّ عليهم إلا بقوله: ((وعليكم)) وحين ردَّت عليهم السيدة عائشة - رضى الله عنها - قال لها: ((مَهْ يا عائشة! فإن الله لا يحب الفحش والتفحش)) [صحيح مسلم] وقال لها فى رواية أخرى, فى صحيح مسلم أيضاً: ((يا عائشة لا تكونى فاحشة))
وقد قال العلماء: إن المقصود من الحديث هو الزجر الشديد عن هذه الأقوال, لأن من سمع هذا التحذير فلن يَجْرُأ على قولها, لأنه يعلم مَغبَّتها, وحينئذ لن يكون هناك سَبّ ولا شتم, وذلك كالذى يعلم أنه لو سرق لَقُطِعَت يده, فلن يُقْدِمَ على السرقة, ولن تُقْطَع يده.
وقد أوردتُّ نَصّاً من الكتاب المقدس فى الرد على الشبهة رقم (152) وقد جاءت فى هذا النَّص عبارة يعلم الله أننى استحييتُ من تفسيرها, ولكنى أجدنى الآن مضطراً لتفسيرها, ووالله لولا الدفاع عن الشبهة التى نحن بصددها ما فسّرتها, ألا وهى فى الجزء التالى من النَّص:
وعَشِقَتْ معشوقيهم الذين لحمهم كلحم الحمير ومَنِيّهم كَمَنِىّ الخيل. (حزقيال23: 20) هل تدرون ما معنى (لحمهم كلحم الحمير)؟ معناها أن الأعضاء التناسلية للرجال الذين زنت معهم (أهوليبة) كالأعضاء التناسلية للحمير, بدليل أن العبارة التى بعدها وصفت مَنِيّهم بمَنِىّ الخيل. وإذا قال مُجادِل منهم: إنها لا تعنى الأعضاء التناسلية, فأقول له: وماذا تعنى كلمة (لحمهم) قبل ذكر منيّهم؟ هل تعنى لحم أجسادهم؟ وهل تشبيه لحم الإنسان بلحم الحمير من الثناء أو المدح فى شىء؟, والله أعلم.
الشبهة المائة اثنان و ثمانون (182):
- تزعمون أن نبيكم ينهى عن الْمُثْلَة وتشويه الجثث, بينما هو يفعل ذلك فى أبشع الصور, كما جاء فى صحيح البخارى أنه سَمَلَ أعين بعض اللصوص (أى فقأها) وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف, وحرمهم من الماء, حتى ماتوا من العطش, ولم يرحمهم.
الرد:
- إن الناقد المترَحِّم على هؤلاء القتلة اللصوص المرتدِّين, الذين ارتكبوا حَدّاً من أكبر حدود الإسلام, ألا وهو حَدّ الحِرابة, فى أبشع صُوَرِه, غدر وخيانة, وقتل وسرقة (فضلاً عن الردَّة) استدل بحديث (البخارى) ولم يستدل بما جاء فى صحيح مسلم. يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: إنما سَمَلَ النبى - صلى الله عليه وسلم - أعين أولئك لأنهم سَمَلُوا أعين الرُّعاة. وجاء ذلك أيضاً فى سنن الترمذى, وسنن النسائى, والسنن الكبرى للبيهقى, والمعجم الكبير والأوسط للطبرانى, وسنن الدار قطنى.
والقصة باختصار هى أن نَفَرَاً من عُرَيْنَة وعُكْل (أسماء قبائل) جاءوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى المدينة, وأعلنوا إسلامهم, ولم يناسبهم جَوّ المدينة فمرضوا, وأصابهم الاستسقاء, فاشتكوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فبعثهم ليشربوا من ألبان إبل الصدقة وأبوالها, فَصَحُّوا (أى بَرِئُوا) ثم ارتدوا عن الإسلام, وسَمَلوا أعين الرعاة (أو الراعى) وقتلوهم, واستاقوا الإبل (أى سرقوها) وهربوا, أبَعْد ذلك تستكثرون عليهم ما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهم؟ إنها معاملة بالمثل, وتطبيق حَدّ من حدود الله, : {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} [المائدة:33] وقال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة:45] إذن فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يظلمهم, ولم يعتدِ عليهم, بل هم الذين ارتدُّوا, وقتلوا الرُّعاة, ومَثَّلوا بهم, بعدما أطعموهم وعالجوهم, وسرقوا إبل الصدقة, فكان جزاؤهم من جنس فعلهم. والذى لا يعلمه الناقد الحاقد - أو يعلمه ويخفيه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد طبَّق عليهم قانون السماء, لأنه لا يملك إلا ذلك, فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((تعافوا الحدود فيما بينكم, فما بلغنى من حد فقد وجب)) [سنن أبى داود والنسائى, صحيح الجامع:2954] أى أن الحدّ إذا وصل إلى الحاكم وجب عليه تنفيذه. ولو أنه - صلى الله عليه وسلم - صفح عنهم - فرضاً - لكان فى هذا عبث, وتضييع لحقوق العباد, وإسقاط لهيبة الدولة الإسلامية, وحاشاه أن يفعل ذلك, وهو الذى قالت عنه السيدة عائشة رضى الله عنها: (وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه, إلا أن تُنْتَهَك حُرْمَة الله) [متفق عليه] فكان انتقامه منهم لانتهاكهم حُرُمات الله, وحتى لا يَجْرُأ أحد بعدهم على مثل فعلهم. وقد جاءت فى الكتاب المقدس عقوبات شديدة وعنيفة, ذكرنا أمثلة منها فى الرد على افتراءات أخرى, ونذكر منها ها هنا:
وأخرج الشعب الذى فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد وفؤوس حديد وأمَرَّهم فى أَتُون الآجر وهكذا صنع بجميع مدن بنى عمون. ثم رجع داود وجميع الشعب الى أورشليم (صموئيل الثانى12: 31) كلمة (أتُون) معناها فُرْن.
وإذا كان على إنسان خطيَّة حقها الموت فقُتِلَ وعلقته على خشبة فلا تَبِتْ جثته على الخشبة بل تدفنه فى ذلك اليوم. لأن المعلَّق ملعون من الله. فلا تنجس أرضك التى يعطيك الرب إلهك نصيباً (تثنية21: 22-23), والله أعلم.
الشبهة المائة ثلاثة و ثمانون (183):
- يقول نبيكم: ((لولا حواء لم تَخُن أنثى زوجَها الدَّهْر)) [صحيح مسلم] كيف خانت حواء زوجها, ولم يكن هناك رجل غيره؟
الرد:
- إن الخيانة فى هذا الحديث الشريف ليست خيانة فِرَاش, أى أنها لم تكن بفعل الفاحشة, ولكنها بمعنى عدم الإخلاص لزوجها فى النصيحة, لأنها اجتهدت عليه مع إبليس ليأكل من الشجرة, فقد أغواها إبليس بالأكل من الشجرة فأكلت, ثم أقنعت زوجها فأكل هو أيضاً. والدليل على أن الخيانة لا يُقصَد بها خيانة العِرْض فقط, هو قول الله تعالى عن زوجة سيدنا نوح وسيدنا لوط, على نبينا وعليهما الصلاة والسلام: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم:10] فخيانتهما لم تكن خيانة بالمعنى المقصود فى السؤال, ولكنها كانت خيانة عقائدية. ومعلوم أن مَن أخْلَصَ فى نُصْحِهِ, وأظهر الحق, فهو أمين, وعكسه خائن, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المستشار مؤتَمَن)) [سنن أبى داود والترمذى, صحيح الجامع:6700] أى أن المستشار لابد أن يكون أميناً فى إظهار الحق لمن استشاره, وأن يتقى الله فى نصحه, وأن يكتم سِرَّه الذى ائتمنه عليه. فمثلاً: لو أراد أحد أن يسكن فى منزل تعرفه, وسألك عنه, فلابد أن توضح له مزاياه وعيوبه, ولا تخفى عنه شيئاَ لِهَوَىً فى نفسك, أو ظناً منك أنك ستقع فى معصية لو أخبرته بسوء خُلُق جيرانه, أو عدم صلاحية ذلك المسكن له... إلى غير ذلك. وكذلك لو استشارك فى الزواج من امرأة تعرفها, فلابد أن توضح له ما تعلمه من أحوالها, وأحوال أهلها, بغير توسّع فى هتك الأستار, وإشاعة الأسرار, وبغير غرض آخر فى نفسك من وراء هذا النُّصْح. وكل من لم يتقِ الله فى نصحه, أو أفشى سِرّ من ائتمنه, أو لم يخلص فى شركته مع غيره, فهو خائن, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه, فإذا خانه خرجتُ من بينهما)) [سنن أبى داود, السنن الكبرى للبيهقى, سنن الدار قطنى]
فمعنى خيانة حواء أنها قَبِلَت ما زينه الشيطان لها, ثم زينته لزوجها, وقد ورثت بناتها خيانتها جيلاً بعد جيل, فلا تكاد امرأة تسلم من خيانة زوجها بالفعل أو القول, إلا ما رَحِمَ ربى, ولا أقصد أنها تفعل الفاحشة, ولكنها خيانة من قبيل خيانة أمها. ولكن لا ينبغى للنساء أن يَتَرَخَّصْنَ بما فعلت أُمُّهُنَّ, فيتمادَيْنَ فى خيانة أزواجهن, ولكن ينبغى لهن أن يتقين الله بقدر استطاعتهن, لأن كل إنسان مسئول عن نفسه وعن رعيَّته يوم القيامة, وينبغى للرجال أن يصبروا على زوجاتهم, لما وَرِثْنَه من أُمُّهِنَّ.
ووراثة بعض الطباع والأخلاق مُشاهَدة فى واقعنا, مثلها كمثل وراثة الصفات الخِلْقية تماماً, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فجحد آدم فجحدت ذريته, ونسى آدم فنسيت ذريته, وخطِئ آدم فخطئت ذريته)) [سنن الترمذى, صحيح الجامع:5208] وقد جاء فى الكتاب المقدس أن حواء لما غَوَتْ بأكلها من الشجرة, عاقبها الله, وعاقب بناتها بالآلام فى الحمل والولادة, فيقول:
وآدم لم يَغوِ لكن المرأة أغويت فحصلت فى التعدِّى. (رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس2: 14)
وقال للمرأة تكثيراً أُكَثِّرُ أتعابَ حَبَلِك. بالوجع تلدين أولاداً. (تكوين3: 16), والله أعلم.
ان شاء الله
|
|
المفضلات