صفحة 7 من 54 الأولىالأولى ... 345678910111737 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 70 من 531
 
  1. #61
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    المركز
    كلمة «المركز» من فعل «ركز»، ويقال " ركز السهم في الأرض " بمعنى «غرزه» و«ركز الله المعادن في الأرض أو الجبال» بمعنى «أوجدها في باطنها». و«المركز» هو «المقر الثابت الذي تتشعب منه الفروع»، و«مركز الدائرة» هو نقطة داخلالدائرة، تتساوى الشعاعات الخارجة منها إلى المحيط. ونحن نستخدم كلمة «مركز» في هذهالموسوعة بمعنى: مطلق مكتف بذاته، لا يُنسَب لغيره، واجب الوجود، لا يمكن أن تقومرؤية للعالم بدونه. وفي إطار المرجعية المتجاوزة، فإن مركز الكون متجاوز للكونمنزَّه عنه، أما في إطار المرجعية المادية الكامنة فمركز الكون كامن فيه. والمركزعادةً موضع الكمون والحلول أو النقطة التي تتحقق فيها أعلى درجاته، ومن ثم فإنالعنصر (المادي) الذي يشغل المركز في المنظومات الكمونية تكون له أسبقية على بقيةالعناصر.

    المبدأ الواحد
    «المبدأ الواحد» عبارة تتواتر في هذه الموسوعةوتشير في المنظومات الحلولية الكمونية الواحدية (الروحية والمادية) إلى مصدر وحدةالكون وتماسكه وهو القوة الدافعة التي تضبط وجوده، قوة سارية في الأجسام، كامنةفيها، وتتخلل ثناياها وتضبط وجودها، قوة لا تتجزأ ولا يتجاوزها شيء ولا يعلو عليهاأحد. وهي النظام الضروري الكلي للأشياء؛ نظام ليس فوق الطبيعة وحسب، ولكنه فوقالإنسان أيضاً، لا يمنحه أو أي كائن آخر أية أهمية خاصة. هذه القوة قد يجسدهاالموجود ويصل إلى كماله الطبيعي من خلالها، ولكنها هي أيضاً قوة غير متعينة لاتكترث بالتمايز الفردي. وهذه القوة يسميها دعاة وحدة الوجود الروحية «الإله»، بينمايطلق عليها دعاة وحدة الوجود المادية «قوانين الحركة»، أو أية عبارات أخرى. وحيث إنالمبدأ الواحد كامن في الظواهر الطبيعية فنحن نشير إليه أحياناً باعتباره «المبدأالمادي الواحد». والمبدأ الواحد هو عادةً مركز النسق، وهو يأخذ أشكالاً مختلفةأهمها «الطبيعة/المادة»، وتنويعات أخرى عليها نسميها «المطلقات العلمانية».

    المعنى والهدف والغاية
    «المعنى» هو «ما يُقصَد بشيء»، و«معنى الكلام» فحواه ومضمونه وما يدل عليه القول أو اللفظ أو الرمز أو الإشـارة. ومن هنا تُستخدَمعبارة «معنى الوجود» أو «معنى الحياة»، أي أن الوجود له هدف وغاية (باليونانية: تيلوس)، و«الغائية» هي الإيمان بأن العالم له معنى وغاية (وعكسها هو «العدمية»)،وهذا ما تفترضه الديانات التوحيدية ("ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك" آل عمران 191) فإن كان للوجود معنى، فحياة كل إنسان لها معنى، ولا يمكن تصوُّر معنى لعالمتسود فيه الصدفة، وتتم عملية خلقه بالصدفة المحضة، أو تكون حركته حركة مادية آليةمثل حركات الذرة. فإذا كانت حركة الإنسان هي نفسها حركة المادة، وكانت حركة المادةحتمية وتتم خارج وعي الإنسان وخارج أية غائية إنسانية، فإن كل ما يحدث سيحدث، ولايمكن أن تنطبق عليه معايير خارجة عنه، أي أن كل الأمور تصبح نسبية بل حتمية وتتمتسوية الإنسان بالأشياء. والعلم الطبيعي الذي يتعامل مع الأشياء أو مع الإنسانبمنطق الأشياء ينتج معرفة منفصلة عن القيم الأخلاقية، بل إن تَقدُّم العلم مرتبطتمام الارتباط بانفصاله عن القيمة والغائية (إلى أن تنفصل النزعة التجريبية عنالنزعة العقلانية تماماً). ومن هنا التمييز بين «المعنوي» و«المادي»، فالمعنويمرتبط بالهدف والغاية وهما يتجاوزان المادة، أما المادي فلا هدف له ولا غاية. ونلاحِظ أنه في الحضارات المادية (سواء الوثنية القديمة أو العلمانية الحديثة) التيتعلي شأن المادة وترى أسبقيتها على الإنسان، أي ترى أسبقية المادي على المعنوي،يظهر ما يُسمَّى «أزمة المعنى» التي يعبَّر عنها بتعبيرات مثل «الاغتراب» أو «اللامعيارية (الأنومي)» و«التشيؤ» و«التسلع» وغيرها. ويعبِّر الأدب الحداثي عنأزمة المعنى التي يواجهها الإنسان الغربي.

    ويُلاحَظ أن النسبية الحديثةتأخذ شكلاً جديداً تماماً، فهي لا تنكر إمكانية الوصول إلى المعنى، وإنما تطرحإمكانية الوصول إلى معان كثيرة كلها متساوية في الشرعية. وهي تنكر من ثم فكرةالحقيقة الكلية، فالكل بطبيعته، مادياً كان أم روحياً متجاوز للأجزاء، ومن ثم يشيرإلى ما وراء الأجزاء وما وراء المادة. فوجود الكل المتجاوز للأجزاء يعني أن الأجزاءخاضعة للكل، وهي خاضعة له حسب فكرة ما ومعنى ما، لوجوس ثابت متجاوز، مطلق، وفينهاية الأمر ميتافيزيقا، أي الإله، وهنا لا يمكن الاستمرار في إنكار القصد والغايةوالمعنى وهرمية الواقع. وفكر ما بعد الحداثة هو تعبير عن هذا الاتجاه الذي يشكل فيواقع الأمر إذعاناً كاملاً لأزمة المعنى وعملية تطبيع اللامعيارية التي يواجههاالإنسان الحديث.






  2. #62
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    التجاوز والتعالى (مقابل الحلول والكمون)
    «التجاوزوالتعالي» تُترجَم بالإنجليزية بكلمة «الترانسندانس transcendence»، وهي مناللاتينية: «ترانس كنديري transcendere» من مقطعي «ترانس» بمعنى «وراء»، و«كنديري» بمعنى «يتسلق»، أي «يذهب وراء». وكلمة «تجاوز» عادةً ما توضع مقابل «كمون»، و«حلول» (وقد ترجمت الكلمة الإنجليزية إلى الكلمات العربية التالية: «صوري» - «مفارق» - «متسام» - «ترانسندنتالي» - وأحياناً «جواني»). والتعالي هو أن يعلو الشيء ويرقىحتى يصير فوق غيره؛ ولذا فهو شيء مفارق ليس فوقه شيء، وهو يجاوز كل حدٍّ معلوم أومقام معروف. والشيء المتعالي لهذا السبب يتحدى التجربة المادية والتفسير العلميالمادي. وعكس التعالي والتجاوز الحلول والكمون. بالإنجليزية «مانثيزم pantheism»،و«إمننانس immanence» (انظر الباب المعنون «الحلولية ووحدة الوجود الكمونية»).

    وفلسفة التعالي تذهب إلى القول بأن وراء الظواهر الحسية المتغيرة جواهرثابتة أو حقائق مطلقة قائمة بذاتها مجردة من شروط الزمان والمكان، وأن هناك علاقاتثابتة محيطة بالحوادث ومستقلة، أي أن النظام الطبيعي، بكل ما يتسم به من تغيُّروتعدُّد ونسبية وسيولة وراءه نظام يتسم بالوحدة والثبات والمطلقية، وثمة مركز ثابتللظواهر العارضة متجاوز لها (وهذا ما نسميه «المرجعية المتجاوزة»). ولذا، توصف أيةفلسفة تذهب إلى القول بأن في العالم ترتيباً تصاعدياً تخضع فيه الحوادث للتصوراتوالتصورات للمبادئ بأنها فلسفة متعالية (على عكس فلسفات الحلول والكمون الواحديةالتي تأخذ شكل مسطح أفقي تحوي مركزها داخلها أو تكون بغير مركز، ولا يكون فيها أعلىأو أسفل وتتسم بالواحدية).

    وفي الأنساق التوحيدية، التعالي الحق هو ارتقاءيستمر إلى غير نهاية إلى أن يصل إلى اللانهاية. والتعالي النهائي، بهذا المعنى، لايمكن أن يُرد إلى ما هو دونه لأنه لو رُد إلى ما هو دونه لفقد تجاوزه وتعاليهوتَنزُّهه، أي أن فلسفة التعالي الحقة تصل دائماً إلي أن وجود الإله يسبق كلالموجودات الأخرى، ومن ثم فهو سببها النهائي ولكنه منزه عنها وله وجود مستقل، وهومركزها وهو الغاية التي تسعى نحوها. فالله تعالى هو المتعالي والعالي والعلي وهو «الكبير المتعال» البائن عن خلقه، أي أنه مركز الكون والمدلول النهائي المتجاوزللطبيعة والتاريخ المنزه عنهما. ورغم وجود مسافة تفصل بين الكائن المتجاوز العليوعالم المادة، فإن له تجلياته في العالم المادي، فالمتجاوز والمتعالي هو اللامحدوداللامتناهي الذي يعبِّر عن وجوده داخل المحدود والمتناهي دون أن يُرد إليهما. وهذهالتجليات تشكل انقطاعاً في النظام الطبيعي ولكنها تزوِّده كذلك بقَدْر من التماسكوباتجاه متصاعد لا يمكن فهمهما أو تفسيرهما في إطار مادي محض.

    والعلمنة هيإنكار إمكانية التجاوز، فالعالم الطبيعي/المادي مكتف بذاته، يحوي داخله كل ما يلزملفهمه (مرجعية كامنة). والإنسان جزء من هذا العالم، فهو إنسان طبيعي/مادي لا يمكنهتجاوز الطبيعة/المادة ولا تجاوز ذاته (الطبيعية) أو التحكم ضد التجاوز. فالإنسانالقادر على التجاوز لا يمكن التحكم فيه تماماً، ولا يمكن تسويته بالكائنات الطبيعيةإذ يظل داخله ما يتحدى القوانين الطبيعية المادية، ومن ثم فهو غير خاضع لقوانينالمادة ولا يمكن حوسلته.

    ويُلاحَظ أن تاريخ الفلسفة الغربية الحديثة هوتاريخ تصاعُد معدلات الحلول (الكمون) والإنكار المتصاعد لأي تجاوز، ومن ثم فهوتصاعد للواحدية المادية وتصفية لثنائية المتجاوز/الكامن إلى أن نصل إلى الفكرالتفكيكي وفكر ما بعد الحداثة الذي ينكر أي تجاوز وأية مركزية لأي شيء بل ينكر فكرةالكل نفسها باعتبار أن الكل متجاوز للأجزاء.







  3. #63
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    المطلق والنسبى
    «المُطلَق» في المعجم الفلسفي (هو عكس النسبي) ويعني «التام» أو «الكامل» المتعرى عن كل قيد أوحصر أو استثناء أو شرط، والخالص من كل تعيُّن أو تحديد، الموجود في ذاته وبذاته،واجب الوجود المتجاوز للزمان والمكان حتى إن تجلى فيهما. والمطلق عادةً يتسمبالثبات والعالمية، فهو لا يرتبط بأرض معيَّنة ولا بشعب معيَّن ولا بظروف أوملابسات معيَّنة. والمُطلَق مرادف للقَبْليّ، والحقائق المطلقة هي الحقائقالقَبْلية التي لا يستمدها العقل من الإحساس والتجربة بل يستمدها من المبدأ الأولوهو أساسها النهائي. ويمكن وصف الإله الواحد المتجاوز بأنه «المُطلَق»، ويشـار إليهأحياناً بأنه «المدلول المتجـاوز»، أي أنه المدلول الذي لا يمكن أن يُنسَـب لغيرهفهو يتجاوز كل شـيء. وقد عرَّف هيجل المُطلَق بأنه «الروح» (بالألمانية: جايست Geist) ويُقال «روح العصر» (أي جوهر العصر ومطلقه) و«روح الأمة» (جوهرها ومطلقها). وتَحقُّق المطلق في التاريخ هو اتحاد الأضداد والانسجام بينها، والحقيقة المطلقة هيالنقطة التي تتلاقى عندها كل الأضداد وفروع المعرفة جميعاً من علم ودين، وهي النقطةالتي يتداخل فيها المقدَّس والزمني (فهي وحدة وجود كاملة).

    وفي مجالالمعرفة، تعبِّر المطلقية (مصدر صناعي من «المطلق») عن اللا نسبية وهي القول بإمكانالتوصل إلى الحقيقة واليقين المعرفي بسبب وجود حقائق مطلقة وراء مظاهر الطبيعةالزمنية المتغيِّرة المتجاوزة لها. والمطلقية في الأخـلاق هي الذهاب إلى أن معاييرالقيم - أخلاقيةً كانـت أم جماليةً - مطلقةٌ موضوعيةٌ خالدةٌ متجاوزةٌ للزمانوالمكان، ومن ثم يمكن إصدار أحكام أخلاقية. أما في السياسة، فهي تعني سيادة الحاكمأو الدولة بغير قيد ولا شرط. والدولة المطلقة هي الدولة التي لا تُنسب أحكامها إلىغيرها فمصلحتها مطلقة وإرادتها مطلقة وسيادتها مطلقة.

    أما «النسبي»، فهوينُسَب إلى غيره ويتوقف وجوده عليه ولا يتعيَّن إلا مقروناً به، وهو عكس المطلق،وهو مقيد وناقص ومحدود مرتبط بالزمان والمكان يتلون بهما ويتغيَّر بتغيرهما، ولذافالنسبي ليس بعالمي.

    ونحن نذهب في هذه الموسوعة إلى أنه داخل المنظوماتالتي تدور في إطار المرجعية المتجاوزة (مثل الرؤية التوحيدية) لا ينقسم العالم بشكلحاد إلى مطلق ونسبي، فالمطلق النهائي الوحيد (المطلق المطلق) هو الإله المتجاوز وهومركز النموذج والنسق والدنيا الذي يوجد خارجها، أما ما عداه فيتداخل فيه المطلقوالنسبي، فالإنسان يعيش في الطبيعة النسبية ولكنه يحوي داخله النزعة الربانية التيلا يمكن ردها إلى العالم المادي النسبي، ولذا فهو يشعر بوجود القيم المطلقة ويهتديبهديها (إن أراد). والكائنات نسبية فهي تُنسَب لغيرها، ومع هذا لها قيمة مطلقة،ولذا لا يمكن قتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق لأنها مطلقة، ومن قَتَل نفساًبغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً. وأقل المخلوقات في الكون هي من صنع الله، ولذافلها قيمتها المطلقة. وتداخل النسبي مع المطلق لا يلغي المسافة بينهما، ولذا فهمالا يمتزجان ولا يذوب الواحد في الآخر.

    ويمكننا الحديث عن النسبية الإسلاميةباعتبارها نسبية تنصرف إلى خطاب الخالق، فنحن نؤمن بأن ثمة مطلقات نهائية لا يمكنالجدال بشأنها، نؤمن بها بكل ما تحوي من عقل وغيب؛ منها ننطلق وإليها نعود، أما ماعدا ذلك فخاضع للاجتهاد والحوار.

    أما في المنظومات التي تدور في إطارالمرجعية الكامنة، كالنظم الحلولية الواحدية والمادية، فإن مركز العالم كامن فيه. ولذا، قد يتجسـد المطلق في أحد عناصر الدنيا (يتجسد فيه ولا يتبدى من خلاله) فيصبحهذا العنصر المادي أو الملموس هو المطلق والمقدَّس وأما ما عداه فمدنَّس.






  4. #64
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    وأي نموذج مهما بلغ من مادية ونسبية يحتوي على ركيزة أساسية تدَّعي لنفسهاالمطلقية والقَبْلية، ولذا فإن النماذج المعرفية العلمانية التي تدور في إطارالمرجعية المادية الكامنة تحتوي على مطلق علماني يفترض فيه أنه الركيزة الأساسيةوالمرجعية النهائية لكل الأشياء، يمنحها الوحدة والتماسك. وأهم مطلق علماني هوالطبيعة/المادة والتنويعات المختلفـة عليه مثل الدولة وحتمية التاريخ... إلخ. وكلمة «مُطلَق» هنا تكاد تكون مرادفة لكلمة «ركيزة أساسية» وكلمة «مـركز» أو «المبدأالواحد» أو «اللوجوس»، فحينما نقول: "لقد حلَّ المُطلَق في المادة"، فنحن نعني "لقدحل المركز في المادة" وأصبح كامناً فيها غير متجاوز لها.

    المركب والبسيط
    «المركب» هو الذي يشتمل على عناصر كثيرة متشابكة، ويقابله «البسيط»، وهو الذييشتمل على عناصر قليلة، وإن كانت كثيرة فهي غير متشابكة. وفي إطار المرجعية الكامنةفي الطبيعة والإنسان، يظهر الإنسان الطبيعي/المادي (الذي يُردّ إلى الطبيعة/المادة) وهو كائن يتسم بالبساطة (العضوية أو الآلية) البالغة. أما في إطار المرجعيةالمتجاوزة، يظهر الإنسان الرباني حاوياً داخله القبس الإلهي (الذي يأتيه من خارجالنسق الطبيعي ولا يمكن أن يُردَّ إليه)، ولذا فهو يحوي الأسرار واللامحدودوالمجهول والغيب، جنباً إلى جنب مع العناصر الطبيعية الأخرى، ويتشابك داخله المحدودمع اللامحدود، والمعلوم مع المجهول، والجسد مع الروح، والبراني مع الجواني، والعقلمع القلب، وعالم الشهادة مع عالم الغيب. ولذا، لا يمكن أن يُرد مثل هذا الإنسان إلىعالم الطبيعة/المادة ولا يمكن أن يُختَزل إلى صيغ مادية بسيطة، فهو قادر علىتجاوزه، إذ ثمة مسافة تفصل بينه وبينها.

    المجرد والعينى (أو المتعين(
    التجريد، في اللغة، هو «التعرية من الثياب» وهو «التشذيب»، و«جرَّد الشيء» يعني «قشَّره وأزال ما عليه»، و«جرَّد الكتاب» يعني «عراه من الضبط والزيادات»، و«جرَّدهمن ثوبه» يعني «عرَّاه»، و«جرَّد الجرادُ الأرضَ» يعني «أكل ما عليها من النبات،وأتى عليه فلم يبق منه شيء»، ويقال أيضاً «جرَّد القحطُ الأرضَ» أي «أذهب نباتها».

    التجريد، إذن، عزل صفة أو علاقة عزلاً ذهنياً، وقَصْر الاعتبار عليها،مثلما يُجرَّد امتداد الجســم من كتلته، مع أن هاتين الصفتين لا تنفكان عن الجسم فيالوجود الخارجي، فهو عملية تفكيك لظاهرة ما ثم إعادة تركيب لها بهدف عزل الصفة موضعالاهتمام.

    والهدف من التجريد توفير إمكانية النظر إلى ما يتصوَّر المرء أنهأهم سمات ظاهرة ما وحدودها في صورتها النقية البحتة (جوهرها) بدون مراعاة مختلفالتأثيرات الثانوية والجانبية والعرضية. وهي عملية تحديد وفصل، أي تعيين حدود تتممن خلالها استبعاد جزئيات وتفاصيل وصولاً إلى الظاهرة التي يحاول العقل فهمها،فالتجريد من ثم إستراتيجية تحليلية أساسية. والتجريد مسألة أساسية في عملية صياغةالنماذج وفي عملية استخدامها واكتشافها، فالتفكيك والتركيب هما في جوهرهما عمليتانتجريديتان.

    ويرتبط التجريد بفكرة الكل، إذ لا يمكن الوصول إلى الكلالمتجاوز للأجزاء، والثبات الكامن وراء الصيرورة، والجوهر الكامن وراء الظواهرالمتنوعة إلا من خلال عملية تجريدية. ولذا نجد أن فلسفة ما بعد الحداثة المعاديةتعادي التجريد لأنها ترى أن فكرة الكل ملوثة بالميتافيزيقا (باعتبارها شكلاً منأشكال الثبات) ولأنها تريد أن تدفع بكل شيء إلى قبضة الصيرورة حتى يختفي الكلوالجوهر، بما في ذلك الكل والجوهر الإنساني، وتؤدي إلى موت الإنسان بعد موت الإله،بل وتزيل ظلال الإله تماماً من الكون، وتأخذ الفلسفة البنيوية موقفاً مغايراًتماماً، فهي تزيد من معدلات التجريد إلى أن تصل إلى مستويات تجريدية عالية جداً،تصل إلى عالم الذرات والأرقام مما يؤدي إلى اختفاء الكل والجوهر الإنساني، فتؤدي هيالأخرى إلى موت الإنسان.

    و«العيني» هو «الشخصي»، وهو ما يُدرَك بالحواس،ولذلك نُسب إلى العين، وهو أهم ما يميِّز أيَّ شيء نوعي أو فردي. ويُستخدم المصطلحليشير إلى حادثة مفردة أو موضوع خاص، فيمكن أن نتحدث عن تفاحة حمراء، وهذا شيءعيني، أما الفاكهة فهي شيء مجرد، أي أن المعيَّن أو المتعين أو العيني يقابل المجردأو المحسوس:

    أ ) يشير المجرد إلى كيفية من كيفيات الموجود، وإلى صفة منصفاته، أما العيني فيشير إلى الموجود بالفعل.

    ب) يشير المجرد إلى الوجودالذهني، أما العيني فيشير إلى الوجود الخارجي الحسي المتجسم.

    جـ) يشيرالمجرد إلى ما هو عام ومتكرر في الظاهرة، أما العيني فيشير إلى صفاتها النوعيةوالفردية والفريدة.
    د ) لكل ما تقدَّم، يتسم المجرد بالبساطة والوضوح ويتسمالعيني بالتركيب والإبهام.

    ومع هذا، يمكن القول بأن المجرد لا يمكن فصله عنالعيني تماماً، فلا توجد فكرة مجردة كل التجريد، ولا شيء متعيِّن كل التعيُّن. فهذهحالات افتراضية نماذجية، إذ أن وجدان الإنسان وعقله يوجدان في المنطقة التي يلتقيفيها المجرد بالمتعين. ولذا إن تحدَّث الإنسان عن تفاحة حمراء بعينها فهو لا يستطيعأن يستبعد فكرة الفاكهة المجردة، وإن تحدَّث عن الفاكهة على وجه العموم فإنهاتستدعي الثمرات المتعيِّنة المختلفة. ومع هذا، تتطلب عملية الإدراك ونحت النماذجوتشغيلها عملية تجريد (تفكيك وتركيب).






  5. #65
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    السببية الصلبة واللاسببية السائلة
    «السببية» نسبة إلى «السبب»، والسبب هو كل ما كان ذا تأثير وما يترتب عليهمسبب، وهو ما يتوقف عليه وجود شيء، وما يحتاج إليه الشيء في ماهيته أو وجوده،والسبب هو المبدأ الذي يفسر الشيء تفسيراً نظرياً. فالمقدمات الصادقة سبب صدقالنتيجة، وبعض الظواهر الطبيعية سبب ظواهر أخرى.

    والسبب عند علماء الأخلاقما يفضي إليه العقل ويبرره، وهو مرادف للحق، نقول: "فلان يبغضني بغير سبب"، أي "بغير وجه حق". والسبب تام وغير تام، فالتام هو الذي يُوجَد المسبب بوجوده، وغيرالتام هو الذي يتوقف وجود المسبب عليه، ولكن المسبب لا يوجد بوجود السبب وحده،والسبب هو المبدأ الذي يفسر الشيء تفسيراً نظرياً. و«السببي» هو المنسوب إلى «السبب»، و«السببية» هي العلاقة بين السبب والمسبب.

    والإشكاليات التي تثارحول العقل هي نفسها التي تثار حول السببية، فهل السببية شيء كامن في الأشياء نفسها،بمعنى أن السبب (شيء ما كامن في الظاهرة) هو الذي يؤدي بالفعل إلى النتيجة المادية،أم أن السببية علاقة اقتران مطرد وحسب، بمعنى أنه كلما حدث (أ) حدث (ب) دون أن تكون (أ) هي المؤدية إلى (ب) وبدون أن تكون (ب) ناتجة عن (أ) بالضرورة؟ وإن لم تكنالسببية كامنة في الأشياء نفسها - فهل هي، إذن، أمر مفطور في عقولنا من قبل قوةحاكمة للعالم، أم أننا نفرضها على الواقع فرضاً (لأنها تخدم مصالحنا).

    والنظريات المادية التي تحاول أن ترد الكون بأسره إلى مبدأ مادي واحد (أومقولات مادية) تتأرجح في معظم الأحيان بين افتراض السببية الصلبة وبين إنكارالسببية تماماً. أما السببية الصلبة، فهي الإيمان بأن لكل ظاهرة (طبيعية أم إنسانية - بسيطة أم مركبة) سبباً واضحاً ومجرداً وبأن علاقة السبب بالنتيجة علاقة حتميةبمعنى أن (أ) تؤدي دائماً وبنفس الطريقة وحتماً إلى (ب). كما أنها سببية مطلقةبمعنى أنها تغطي كل المعطيات والظواهر بشكل مطلق في كل تشابكها وتداخلها وتفاعلها. ولحظة نهاية التاريح هي لحظة إدخال كل شيء في شبكة السببية الصلبة المطلقة، وهيأيضاً لحظة الاستنارة الكاملة، حين تتم إنارة كل شيء وضمن ذلك الإنسان فيُستوعَب فيشبكة السبب ويدخل القفص الحديدي.

    والسببية الصلبة المطلقة تؤدي إلىالتفسيرية الصلبة المطلقة، بمعنى أن يحاول الإنسان التوصل إلى الصيغة/ القانونالعام الذي يفسر الكليات والجزئيات وعلاقاتها. والسببية الصلبة المطلقة تترجم نفسهاإلى صورة مجازية آلية أو صورة مجازية عضوية مصمتة لا تحتوي على أي فراغات أومسافات، ولا تتحمل أي عدم استمرار، وتلغي أي حيز بما في ذلك الحيز الإنساني. وتسودالسببية الصلبة المطلقة في عصر المادية البطولي (عصر التحديث) والثنائية الصلبةوالعقلانية المادية.

    ولكن النماذج المادية تفشل، بطبيعة الحال، في إدخالالعالم (الطبيعة والإنسان) في شبكة السببية الصلبة. كما أنه، مع تصاعد معدلاتالحلولية الكمونية الواحدية، يتراجع المركز إلى أن يختفي ويسقط كل شيء في قبضةالصيرورة ويصبح الواقع في حالة سيولة غير مفهومة، والعقل نفسه جزء من الصيرورة غيرقادر على تجاوزها، ومن ثم غير قادر على إدراك الواقع كسبب ونتيجة. وهنا، بدلاً منالسببية الصلبة المطلقة، تظهر اللاسببية السائلة واللاعقلانية المادية والماديةالجديدة (عصر ما بعد الحداثة).

    وهناك بطبيعة الحال من يحاول الحفاظ علىموقف وسط بين السببية الصلبة المطلقة واللاسببية العدمية (مثل كانط على سبيلالمثال) ولكنه موقف يستند إلى أرضية واهية، ولذا فعادةً ما تتفتَّت هذه الوسطيةوتتحول إلى حتمية واحدية صارمة (كما هو الحال في المنظومات الهيجلية) أو إلىلاسببية سائلة (كما هو الحال في النظم المعادية للهيجلية [نيتشه وغيره]).







  6. #66
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    السببية الفضفاضة
    تفترض النظم التوحيدية وجود المركز خارج العالم ولذافالعالم مترابط ومن ثم بإمكان الإنسان أن يتوصل إلى قدر معقول من المعرفة، ولكنترابط العالم ليس صلباً ولا مطلقاً ولا عضوياً مصمتاً إذ يتخلله الحيز الإنساني وهوما يسمح بوجود الأسرار والتركيب والثنائيات والانقطاع، فهو نظام يعترف بوجود قدر منالاستمرار ومن ثم بالسببية ولكنها سببية فضفاضة تؤدي فيها المقدمات إلى النتائجولكن ليس بشكل حتمي معروف مسبقاً. ولذا لا يستطيع الإنسان أن يصل إلى القانون العاموالنهائي الذي يجعله قادراً على معرفة الكون معرفة كاملة ومن ثم يمكنه إدخال كل شيءشبكة السببية الصلبة، وعلى الإنسان أن يقنع بقدر من التحكم في الكون والتوازن معه.

    الواحدية الكونية: المادية أو المثالية / الروحية
    «الواحدية» مصدرصناعي من كلمة «واحد»، وتُعبِّر عن واقع تآصل ظواهر مختلفة وعن كونها تُرَدُّ إلىأصل أو جوهـر واحد. وقد عرَّف المجمع اللغوي بالقاهرة كلمة «الواحدية» (في الفلسفة) بأنها مذهب يَرُدّ الكون كله إلى مبدأ واحد، كالروح المحض أو كالطبيعة المحضة. أما «أُحادية»، فهي من كلمة «أُحاد». وهي، في مثل «جاء الأضياف أُحادَ»، بمعنى «واحداًبعد واحد»، أي «جاء الأضياف واحداً واحـداً». فهي إذن تدل على الانفراد. ومن هنـا،فقد اسـتُخدم المصدر الصناعي «أُحادية» حديثاً للتعبير عن حالة الانفراد. وهي تعني،في التعبير الفلسفي، رد الظاهرة (وهي بطبيعتها متعددة الجوانب)، أو أية عملية، إلىأحد أوجهها دون أوجهها الأخرى. فيقال مثلاً «النظرة الأحادية»، أي النظرة التي تضعفي اعتبارها عنصراً واحداً دون عناصر أخرى في الظاهرة كان لابد من وضعها فيالاعتبار. والاختلاف كبير بين المفهومين: الواحدية والأحادية. ويمكن القول بأنالواحدية الكونية مفهوم أُنطولوجي (وجودي) ينسب الواحدية إلى الكون، بينما الأحاديةمفهوم إبستمولوجي (معرفي) يرى أن الأحادية خاصية تسم بعض طرق التعريف والتحليلوالإدراك.

    وفي هذه الموسوعة، نستخدم عبارة «واحدية كونية» للإشارة إلىالرؤية الحلولية الكونية القائلة بأن الكون بأسره يمكن أن يُردّ إلى مبدأ واحد هوالقوة الدافعة للمادة الكامنة فيها التي تتخلل ثناياها وتضبط وجودها، وهي قوة لاتتجزأ ولا يتجاوزها شيء ولا يعلو عليها أحد، وهي تشكل نظاماً ضرورياً كلياً للأشياءلا يمنح الإنسان أو أي كائن آخر أهمية خاصة أو مركزية. وهذا المبدأ الواحد هو الإلهفي وحدة الوجود الروحية وهو الطبيعة/المادة في وحدة الوجود المادية (وهذا النمطالأخير هو الأكثر شيوعاً، ولذا فنحن نخصص أحياناً ونشير إليه بأنه «الواحديةالكونية المادية» أو «الواحدية المادية» أو «الواحدية الموضوعية المادية»).

    ويمكن القول بأن ثمة أنواعاً مختلفة من الواحدية هي تعبير عن مستوياتمختلفة من الحلول. فالواحدية الكونية هي حلول الإله في الكون بأسره (وهو عادةً مايحتفظ باسمه «وحدة الوجود الروحية»). ولكن يمكن أن ينحصر الحلول في الإنسان ومن ثمتظهر «الواحدية الذاتية» التي تترجم نفسها إلى النزعة الإنسانية الهيومانيةالمتطرفة («الواحدية الإنسانية») وإلى الذاتية الفلسفية. ولكن حينما يتركز الحـلولفي جـنس بعينه (الجنس الأبيض ـ شعوب أوربا) تتحول الواحدية الذاتية إلى «واحديةإمبريالية وعنصرية». وحينما ينتقل الحلول من الإنسان إلى الطبيعة تظهر «الواحديةالطبيعية المادية» (أو «الواحدية الموضوعية المادية») ويهتز مفهوم الطبيعة البشريةإذ يظهر الإنسان الطبيعي الذي يذعن للطبيعة/المادة. وتتصاعد معدلات الحلول فتبدأالكليات في الغياب والتفكك ويغيب مفهوم الإنسانية المشتركة تماماً إلى أن نصل إلىما يمكن تسميته «الواحدية الذرية» حين ينتشر الحلول في كل أرجاء الكون وذراته فلايوجد فارق بين إنسان وحيوان، وذكر وأنثى، ومقدَّس ومدنَّس. والواحدية الذرية هيبطبيعة الحال واحدية سائلة (على عكس أشكال الواحدية الأخرى التي تتسم بالصلابة). ويُلاحَظ أن تصاعد معدلات الحلولية يعني تراجع الحيز الإنساني وضموره ثم اختفاؤهالكامل حين يتوحَّد الإله تماماً بالنظام الطبيعي ويصبح الإله هو القانون الطبيعي.







  7. #67
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    ويمكن القول بأن الواحدية الكونية هي تَوحُّد الإله بالإنسان بالطبيعة (وهذه هي الوثنية القديمة)؛ أما الواحدية المادية فهي تَوحُّد الإنسان بالطبيعة (بعد موت الإله)؛ وهذه هي العلمانية الشاملة الحديثة واللحظة الجنينية الكاملة. ورغم هذه التفرقة المبدئية، فإننا أحياناً نتحدث عن «الواحدية الكونية المادية» إذااستدعى السياق ذلك لنبيِّن الوحدة الكامنة بين وحدة الوجود الروحية ووحدة الوجودالمادية.

    ونموذج الواحدية الكونية المادية هو نموذج يدور في إطار المرجعيةالكامنة، فهو يفـترض أن مركز العالم كامن فيه. ومن ثم، فإن الكون المادي لا يشيرإلى أي شيء خارجه. فهو عالم لا ثغرات فيه ولا مساحات ولا انقطاع ولا غائيات، تمإلغاء كل الثنائيات الفضفاضة داخله (وضمنها ثنائية الخالق والمخلوق، والإنسانوالطبيعة، والخير والشر، والأعلى والأدنى)، وتم تطهيره تماماً من المطلقات والقيم،وتم اختزاله كله إلى مستوى واحد يتسـاوى فيه الإنسـان بالطبيعة هو مستوى القانونالطبيعي/المادي أو الطبيعة/المادة (المطلق العلماني النهائي). وفي مثل هذا العالمالواحدي الأملس لا يوجد مجال للوهم القائل بأن الإنسان يحوي من الأسرار ما لا يمكنالوصول إليه وأن ثمة جوانب فيه غير خاضعة لقوانين الحركة المادية. بل يمكن تطبيقالصيغ الكمية والإجراءات العقلانية الأداتية على الإنسان، كما يمكن إدارة العالمبأسره حسب هذه الصيغ. ويتحول العالم إلى واقع حسي مادي نسبي خاضع للقوانين العامةللحركة (ومن ثم قابل للقياس والتحكم الهندسي والتنميط) وإلى مادة استعمالية يمكنتوظيفها وحوسلتها.

    في هذا الإطار تصبح المعرفة مسألة تستند إلى الحواسوحسب، ويصبح العالم الطبيعي المصدر الوحيد أو الأساسي للمنظومات المعرفيةوالأخلاقية، وتُردُّ الأخلاق إلى الاعتبارات المادية (الاقتصادية والاجتماعيةوالسياسية)، وتنفصل الحقائق المادية تماماً عن القيمة، ويظهر العلم المنفصل عنالأخلاق و الغائيات الإنسانية والدينية والعاطفية والأخلاقية، وتصبح الحقائقالمادية (الصلبة أو السائلة) المتغيرة هي وحدها المرجعية المعرفية والأخلاقيةالمقبولة، وتصبح سائر الأمور (المعرفية والأخلاقية) نسبية صالحة للتوظيفوالاستخدام. بل إن هذه الرؤية الواحدية المادية، في مراحلها المتقدمة، بإنكارهـا أيثبات، ينتهي بها الأمر إلى إنكـار وجـود الماهيات والجوهر، بل الإنسانية المشتركةنفسها، باعتبارها جميعاً أشكالاً من الثبات والميتافيزيقا. عالم العلمانية الشاملةوالترشيد في الإطار المادي وهو أيضاً عالم الجماعة الوظيفية والواحدية الوظيفيةوالإنسان الوظيفي.

    ورغم أن «الواحديـة الكونيـة الماديـة» هي الأكثرشـيوعاً، إلا أننا يمكننا أيضاً الحديث عن «الواحدية المثالية» أو «الواحديةالروحيـة»، أي الإيمان بأن ثمة مبدأً واحداً في الكون تُرَدُّ إليه كل الظواهرالإنسانية والطبيعية. وهذا المبدأ قد يكون مثالياً خالصاً: الإله ـ نفس العالم (باللاتينية: أنيموس موندي animus mundi) ـ الروح (بالألمانية: جايست Geist) ـالروح الدافعة (بالفرنسية: إيلان فيتال élan vital)؛ أو قد يكون شيئاً روحياً اسماًمادياً فعلاً: روح الشعب ـ روح التاريخ ـ جدلية التاريخ ـ البقاء للأصلح ـ حبالسيطرة والبقاء ـ اللبيدو. وسواء أكان المبدأ الواحد مادياً خالصاً أو كان مثالياًأو مثالياً اسماً مادياً فعلاً، ففي إطار الواحدية يُرَدّ كل شيء إلى هذا المبدأوتذوب الأجزاء في الكل وتنتفي هويتها ويختفي التعدد ويختفي الإنسان ككيان مستقل.

    و«الواحدية» غير «التوحيد» أو «الوحدانية»، فالوحدانية والتوحيد يدوران فيإطار المرجعية المتجاوزة التي تفترض أن مركز الكون متجاوز له وأن الإله ليس كامناًفي الكون وإنما متجاوز له، فهو الواحد الأحد العلي، ولكن وحدانية الإله لا تُلغيالتعدد والتنوع والهوية المتعينة للأشياء. بل هي على العكس ضمان لها، فهو المركزالمتجاوز الذي لا يمكن أن يتوحد معه شيء. والإنسان ليس ذاتاً مطلقة لا حدود لها ولاموضوعاً مطلقاً خاضعاً تماماً للحدود، إذ يتمتع بهوية مُتعيِّنة يتضح تَعيُّنها منخلال الحدود. والإنسان ليس حراً تماماً في أفعاله، فالمركز المتجاوز يضع حدوداً علىهذه الحرية، ولكنه ليس مُسيَّراً تماماً فالمركز المتجاوز هو ضمان حريته.






  8. #68
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    الثنائية الفضفاضة (التكاملية – التفاعلية)
    «الثنائية» مصطلح يقابل «الواحدية» وهي الإيمان بوجود أكثر من مبدأ وأكثر من جوهر في العالم. وفي إطارالمرجعية الكامنة والحلولية الكمونية، فإن مركز الكون يكون كامناً فيه ويتوحدالخالق بمخلوقاته وتختفي الثنائية المبدئية، ثنائية المتجاوز المتعالي والحالّالكامن، وتختفي معها كل الثنائيات الأخرى لنصل إلى عالم الواحدية المادية والكمونالكامل.

    والثنائية الفضفاضة الحقيقية لا يمكن أن توجد إلا في إطار المرجعيةالمتجاوزة حيث يوجد هذا العالم وما يتجاوزه، فتظهر الثنائية الأساسية: الخالقوالمخلوق (أو ثنائية المتجاوز والحال الكامن) والتي تفترض أسبقية الخالق على كل ماهو مخلوق وأن الخالق لا يمكن أن يُرد إلى مخلوقاته أو يلتحم بها أو يذوب فيها. وهيثنائية فضفاضة تفاعلية (لا تعادلية)، إذ أن الإله مفارق للعالم ولكنه لم يهجره ولميتركه وشأنه (أي أنه ليس مفارقاً حتى التعطيل). والثنائية التفاعلية الفضفاضةمختلفة عن الاستقطاب (أو الثنائية الصلبة أو الاثنينية) حيث يقف كل طرف في الثنائيةمقابل الطرف الآخر. وتَنتُج عن هذه الثنائية الفضفاضة ثنائية تكاملية أخرى هيثنائية الإنسان والطبيعة (وثنائية النزعة الجنينية والنزعة الربانية) وتفترض انفصالالإنسان عن الطبيعة وأسبقيته وأفضليته عليها بسبب وجود المرجعية المتجاوزة، أيالإله الذي يسـتخلفه في الأرض، ولكنها تفترض أيضاً وجوده فيـها واعتماده عليهاواحترامه لها، فهو ليـس بمركز الكون.

    الثنائية الصلبة (الثنوية – الأثينية)
    «الثنائية الصلبة» (ويُقال لها «الثنوية» و«الاثنينية») هي غير الثنائيةالفضفاضة، فالثنائية الصلبة تفترض تساوي عنصرين تساوياً كاملاً (رغم وجود صراعبينهما) وهذا أمر غير ممكن إلا في إطار المرجعية الكامنة والحلولية الكمونية (إذ أنالمرجعية المتجاوزة تجعل مثل هذا التساوي أمراً مستحيلاً لأن وجود الإله ـ المدلولالمتجاوز ـ يعطي للعالم شكلاً هرمياً بحيث يصبح أحد عناصر الثنائية أفضل من الآخر،وإن تساويا يكون ثمة تكامل بدلاً من الصراع). وأهم أشكال الثنائية الصلبة في النظمالحلولية الكمونية الروحية ثنائية الخير والشر، حيث يتصارع إلهان: واحد هو إلهالخير والنور، والآخر هو إله الشر والظلام. وهي محاولة حلولية لتفسير وجود الشر. وعادةً ما تُحسَم قضية الشر بأن يلتحم إله الشر بإله الخير ويصبحان واحداً، كما أنالشر يُفسَّر بأنه مجرد وجه آخر للخير، أي أن الشر في جميع الحالات ليس له وجودحقيقي. أما في إطار النظم الحلولية الكمونية المادية فأهم أشكال الثنائية الصلبة هيثنائية الإنسان والطبيعة. إذ يحل الإله في الكون ثم يختفي ويصبح مركز الكون داخلهيتأله الإنسان وتتأله الطبيعة، وهذا أمر مستحيل فتأله الإنسـان يعني أنه يسـبقالطبيعة ويريد أن يهزمها ويسـخرها، وتأله الطبيعة يعني أنها تسبق الإنسان ومن ثمفإنها تستوعبه. وتُعبِّر هذه الثنائية الصلبة عن نفسها في التأرجح بين الذات وبينالموضوع، وبين الواحدية الذاتية والواحدية الموضوعية (كما هو الحال في الحالةالجنينية). والثنائية الصلبة هي في واقع الأمر شكل من أشكال الواحدية باعتبار أنالعنصرين المتصارعين لا يوجد بينهما اختلاف جوهري. وعادةً ما تُحسَم الثنائيةالصلبة باندماج العنصرين (وهو أمر متيسِّر لأنهما متساويان وتعارضهما عادةً ناجم عنأن الواحد مقلوب الآخر ولا يختلف عنه في البنية)، أو بانتصار العنصر الأقوى. وفيحالة الصراع بين الإنسان والطبيعة، فإن الطبيعة هي التي تنتصر لأنها أكثر شمولاًومادية، وينتهي الأمر بعد مرحلة أولية من الواحدية الإنسانية والتمركز حول الذاتالإنسانية إلى الواحدية الموضوعية المادية والتمركز حول الموضوع المادي.







  9. #69
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    الطبيعة البشرية
    يشير مصطلح «الطبيعة البشرية» إلى «طبيعة الإنسان»، أيجوهره وإلى السمات الأساسية التي تُميِّز الإنسان وتفصله عن غيره من الظواهرالكونية، ويرتبط بهذا المصطلح مفهوم «الإنسانية الواحدة»، ونحن نفضل استخدام مصطلح «الإنسانية المشتركة» بدلاً من ذلك.

    الإنسانية المشتركة
    يتسم الوجودالإنساني ـ في تصوُّرنا ـ بثنائية أساسية لا يمكن إلغاؤها هي صدى للثنائية الحاكمةالكبرى، ثنائية الخالق والمخلوق. وهي ثنائية الجوانب الطبيعية/المادية في الإنسانمقابل الجوانب غير المادية، أي الروحية أو الثقافية أو المعنوية. فالإله، فيتصوُّرنا، خلق العالم (الإنسان والطبيعة) ولم يحل فيه. ونتج عن هذا وجود مسافة بينالخالق ومخلوقاته، هذه المسافة هي في واقع الأمر الحيز الإنساني الذي يتحرك فيهالإنسان حراً مسئولاً ولكن داخل حدود، وهو الحيز الذي يُحقِّق (أو يُجهض) فيه جوهرهالإنساني. والمسافة هي أيضاً الحيز الطبيعي، الذي يتحرك فيه الإنسان باحترام وحذر (فهو ليس مركز الطبيعة، لأن الإله هو مركز الكون الذي وضعه في المركز واستخلفه فيالأرض، وهو ليس سيد الطبيعة، لأن الله هو مالكها الذي استأمنه عليها). ولذا فإن ثمةاحتياجات طبيعية/مادية، مثل حاجة البشر إلى الطعام والهواء والنوم والتناسل وتلبيةكل ما يتعلق بتركيبهم العضوي (بغض النظر عن أماكن إقامتهم أو نمط الحضارة الذيينتمون إليه). فالإنسان هنا هو موجود طبيعي مادي يشارك بقية الكائنات في بعضالصفات. فمن حيث هو جسم، يخضع الإنسان للقوانين الطبيعية وضرورات الحياة العضوية،إذ تسري عليه، وعلى بقية الكائنات، مجموعة من الآليات والحتميات ويدور في إطارالمثيرات والاستجابات العصبية المباشرة. فهو في هذا الجانب من وجوده، جزء عضوي لايتجزأ من عالم الطبيعة/المادة، ليس له حدود مستقلة عن حدود الكائنات الأخرى، يتحركفي الحيز الطبيعي في عالم واحدي لا يمكن تجاوزه. ولذا يمكن رصد هذا الجانب من وجودهمن خلال النماذج المُستمَدة من العلوم الطبيعية. (والفلسفات المادية، منطلقةً منمرجعيتها المادية وإيمانها بأسـبقية الطبيعة/المادة على الإنسان، تركز على هذاالجانـب من الوجود الإنسـاني وترد كل جوانبه الأخرى إليه).

    ولكن هناكجانباً آخر للوجود الإنساني متجاوز للطبيعة/المادة غير خاضع لقوانينها ومقصور علىعالم الإنسان ومرتبط بإنسانيته، وهو يُعبِّر عن نفسه من خلال مظاهر عديدة من بينهاالنشاط الحضاري للإنسان (الاجتماع الإنساني ـ الحس الخلقي ـ الحس الجمالي ـ الحسالديني).

    فالإنسان كائن صاحب إرادة حرة رغم الحدود الطبيعيـة والتاريخيةالتي تَحدُّه. وهو كائن واع بذاته وبالكون، قادر على تجاوز ذاته الطبيعية/الماديةوعالم الطبيعة/المادة. وهو عاقل قادر على استخدام عقله، ولذا فهو قادر على إعادةصياغة نفسه وبيئته حسب رؤيته. والحرية قائمة في نسيج الوجود البشري نفسه، فالإنسانله تاريخ يروي تجاوزه لذاته (وتعثُّره وفشله في محاولاته)، وهو تعبير عن إثباتهلحريته وفعله في الزمان والمكان. والإنسان كائن قادر على تطوير منظومات أخلاقية غيرنابعة من البرنامج الطبيعي/المادي الذي يحكم جسده واحتياجاته المادية وغرائزه، وهوقادر على الالتزام بها وقادر أيضاً على خرقها، وهو الكائن الوحيد الذي طوَّر نسقاًمن المعاني الداخلية والرموز التي يدرك من خلالها الواقع. وهو النوع الذي يملكذاكرة قوية ونظاماً رمزياً أصبح جزءاً أساسياً من كيانه حتى أنه يمكن القول بأنالإنسان هو الكائن الوحيد الذي لا يستجيب مباشرةً للمثيرات وإنما يستجيب لإدراكهلهذه المثيرات وما يُسقطه عليها من رموز وذكريات.







  10. #70
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    والإنسان هو النوع الوحيدالذي يتميَّز كل فرد فيه بخصوصيات لا يمكن محوها أو تجاهلها. فالأفراد ليسوا نسخاًمتطابقة يمكن صبها في قوالب جاهزة وإخضاعها جميعاً لنفس القوالب التفسيرية، فكل فردوجود غير مكتمل، مشروع يتحقق في المستقبل واستمرار للماضي، ولذا فإن زمن الإنسان هوزمن العقل والإبداع والتغيير والمأساة والملهاة والسقوط، وهو المجال الذي يرتكب فيهالإنسان الخطيئة والذنوب، وهو أيضاً المجال الذي يمكنه فيه التوبة والعودة، وهوالمجال الذي يُعبِّر فيه عن نبله وخساسته وطهره وبهيميته. فالزمان الإنساني ليس مثلالزمان الحيواني أو الطبيعي/المادي الخاضع لدورات الطبيعة الرتيبة، زمان التكراروالدوائر التي لا تنتهي و"العود الأبدي". ولكل هذا، فإن ممارسات الإنسان ليستانعكاساً بسيطاً أو مركباً لقوانين الطبيعة/المادة، فهو مختلف كيفياً وجوهرياًعنها، فهو ظاهرة متعددة الأبعاد وتبلغ الغاية في التركيب ولا يمكن اختزاله إلى بُعدواحد من أبعاده أو وظيفة واحدة من وظائفه البيولوجية أو حتى إلى كل هذه الوظائف.

    ومن المظاهر الأخرى لهذا الجانب أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يطرحتساؤلات عما يُسمَّى «العلل الأولى» (من أين جئنا؟ وأين سينتهي بنا المطاف؟ وماالهدف من وجـودنا؟). وهو لا يكتـفي أبداً بما هـو كائن وما هو مُعطَى ولا يرضى بسطحالأشياء؛ فهو دائب النظر والتدبر والبحث، يغوص وراء الظواهر ليصل للمعاني الكليةالكامنة وراءها والتي ينسبها إليها، وهو الكائن الوحيد الذي يبحث عن الغرض من وجودهفي الكون. وهذه جميعاً تساؤلات تجد أصلها في البنية النفسية والعقلية للكائن البشري (النزعة الربانية)، ولذا سُمِّي الإنسان «الحيوان الميتافيزيقي».

    ولاتُوجَد أعضاء تشريحية أو غدد أو أحماض أمينية تشكل الأساس المادي لهذا الجانبالروحي أو الرباني في وجود الإنسان وسلوكه. ولهذا، فهو يشكل ثغرة معرفية كبرى فيالنسق الطبيعي/المادي، وهو ليس جزءاً لا يتجزأ من الطبيعة وإنما هو جزء يتجزأ منها،يوجد فيها ويعيش عليها ويتصل بها وينفصل عنها. قد يقترب منها ويشاركها بعض السمات،ولكنه لا يُردُّ في كليته إليها بأية حال، فهو دائماً قادر على تجاوزها، وهو لهذامركز الكـون وسيد المخـلوقات. وهو، لهذا كله، غير قابل للرصـد من خـلال النمــاذجالمُستمَدة من العلوم الطبيعية.







 

صفحة 7 من 54 الأولىالأولى ... 345678910111737 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السادس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 61
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:20 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML