بسم الله الرحمن الرحيم..
هذه الآية في حجة الوداع..
هناك تفسيرات لهذه الآية..
فمن التفسيرات أنها تعني إتمام الدين تماماً ونزول كل الحلال والحرام ولم يتغير شيء بعدها (لم ينسخ اي من أحكامها)
دخلت على عائشة فقالت هل تقرأ سورة المائدة قلت نعم قالت فإنها آخر سورة أنزلت فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرموه
الراوي: جبير بن نفير (تابعي) المحدث: الشوكاني - المصدر: نيل الأوطار - لصفحة أو الرقم: 9/204
خلاصة حكم المحدث: رجاله رجال الصحيح
?
وتفسير ثان ، هو أن المقصود بإكمال الدين هو حج المسلمين، وأن المشركين لم يحجوا معهم ، فأصبح الإسلام هو الدين في مكة، وقد أظهره الله تعالى .
فالإسلام بني على خمس الشهادتين الصلاة والزكاة والصيام والحج ، وكان المسلمون أدوا الأربعة وبقى الحج لم يؤدوه ، فلما أدوه نزلت الآية الكريمة..
وصراحة أنا أميل للرأي الثاني ، لأنه ليس موثوقاً أن هذه الآية هي آخر ما نزل من القرآن الكريم ..
فعن سيدنا البراء في الصحيح أنه قال أن آخر ما نزل هو آية الكلالة وهي آية من آيات المواريث ،آخر سورة النساء..
عن البراء رضي الله عنه قال : آخر آية نزلت خاتمة سورة النساء : { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } .
الراوي: البراء بن عازب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 6744
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
?
وقال سيدنا ابن عباس أنها آية الربا
آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية الربا .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 4544
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وقيل كذلك أنها آية " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ....."
من كلام الشيخ محمد حسان :-
فبالتالي ، ليست الآية الكريمة آخر ما نزل من القرآن ..القول الثالث وهو الراجح:
وهو قول فريق من أهل العلم ومنهم ابن عباس رضي الله عنه
قال أصحاب هذا القول أن آخر آية نزلت قبل موته صلى الله عليه وسلم بتسع ليال هي قوله تعالى:
سورة البقرة
وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ? ثُمَّ تُوَفَّى? كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)
فما أظنه أخي الكريم أن المقصود بالإكمال هنا هو أن المسلمين أخيرا ، وبعد 23 سنة من بدء الإسلام قد حجوا وأتاح الله لهم إكمال آخر فرائض دينهم وهو الحج، وجعل مكة والبيت الحرام لهم من دون المشركين.
وقد رجح ذلك الإمام الطبري
أنقل من تفسير الطبري
وللتوسع في المعاني التي قيلت في الآية ، أنقل من أحكام القرآن لابن العربي
وقال آخرون : معنى ذلك : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، حجكم ، فأفردتم بالبلد الحرام تحجونه ، أنتم أيها المؤمنون ، دون المشركين ، لا يخالطكم في حجكم مشرك .
ذكر من قال ذلك :
11085 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن أبي غنية ، عن أبيه ، عن الحكم : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، قال : أكمل لهم دينهم : أن حجوا ولم يحج معهم مشرك .
[ ص: 520 ]
11086 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، قال : أخلص الله لهم دينهم ، ونفى المشركين عن البيت .
11087 - حدثنا أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا قيس ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، قال : تمام الحج ، ونفي المشركين عن البيت .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال : إن الله عز وجل أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ، أنه أكمل لهم يوم أنزل هذه الآية على نبيه دينهم ، بإفرادهم بالبلد الحرام وإجلائه عنه المشركين ، حتى حجه المسلمون دونهم لا يخالطهم المشركون .
فهكذا أخي الكريم ، يتضح معنى الآية الكريمة ، وقد نزل بعدها آيات قرآنية .. فهل هذه الآيات لا يحتج بها أيضا؟؟{ اليوم أكملت لكم دينكم } هو يوم عرفة ، لما ثبت في الصحاح أن يهوديا قال لعمر : لو نزلت علينا هذه الآية لاتخذنا ذلك عيدا . فقال عمر : " قد علمت في أي يوم نزلت هذه الآية ، نزلت بعرفة يوم جمعة "
. وثبت في صحيح الترمذي أن يهوديا قال لابن عباس ذلك ، فراجعه ابن عباس بمثل ما راجعه عمر . فيحتمل أن يكون اليومان قبله وبعده راجعة إليه ، ويحتمل أن يكون أياما سواها ; والظاهر أنها هي بعينها . [ ص: 40 ] المسألة الثالثة : في معنى كمال الدين وتمام النعمة فيه : وفي ذلك كلام طويل لبابه في سبعة أقوال : الأول : أنه معرفة الله ، أراد : " اليوم عرفتكم بنفسي بأسمائي وصفاتي وأفعالي فاعرفوني " .
الثاني : اليوم قبلتكم وكتبت رضائي عنكم لرضائي لدينكم ; فإن تمام الدين إنما يكون بالقبول .
الثالث : اليوم أكملت لكم دعاءكم ; أي استجبت لكم دعاءكم ، ودعاء نبيكم لكم . ثبت في الصحاح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة } .
الرابع : اليوم أظهرتكم على العدو بجمع الحرمين له أو بتعريف ذلك فيه .
الخامس : اليوم طهرت لكم الحرم عن دخول المشركين فيه معكم ، فلم يحج بعد ذلك العام مشرك ، ولا طاف بالبيت عريان ، ولا كان الناس صنفين في موقفهم ; بل وقفوا كلهم في موقف واحد .
السادس : اليوم أكملت لكم الفرائض وانقطع النسخ .
السابع : أنه بكمال الدين لم ينزل بعد هذه الآية شيء ; وذلك أن الله سبحانه لم يزل يصرف نبيه وأصحابه في درجات الإسلام ومراتبه درجة درجة حتى أكمل شرائعه ومعالمه وبلغ أقصى درجاته ، فلما أكمله تمت به النعمة ورضيه دينا ، كما هو عليه الآن ; يريد : فالزموه ولا تفارقوه ولا تغيروه ، كما فعل سواكم بدينه . المسألة الرابعة : في المختار من هذه الأقوال : كلها صحيحة ، وقد فعلها الله سبحانه فلا يختص بعضها دون بعض ; بل يقال إن جميعها مراد الله سبحانه وما تعلق بها مما كان في معناها ، إلا أن قوله : إنه لم ينزل [ ص: 41 ] بعده آية ولا ذكر بعده حكم لا يصح ; وقد ثبت عن البراء في الصحيح أن البراء قال : " آخر آية نزلت { يستفتونك } وآخر سورة نزلت " براءة " .
وفي الصحيح ، عن ابن عباس قال : " آخر آية نزلت آية الربا " . وقد روي أنها نزلت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بيسير . والذي ثبت في تاريخه حديث عمر وابن عباس في قوله : { اليوم أكملت لكم دينكم } أنه يوم عرفة ، فهذا تاريخ صحيح لا غبار عليه ، ويأتي تمامه في سورة الأنعام إن شاء الله تعالى .
أظن أنه بإيضاح معنى الآية وأنها أًصلا ليست آخر ما نزل من القرآن على الراجح ، فلم تبق هناك شبهة ، أليس كذلك أخي الكريم ؟؟
المفضلات